تفسير سورة النحل

التبيان في تفسير غريب القرآن

تفسير سورة سورة النحل من كتاب التبيان في تفسير غريب القرآن
لمؤلفه ابن الهائم . المتوفي سنة 815 هـ

- " زه - " بالروح " قيل بالوحي وقيل النبوة وقيل القرآن لما فيهما من حياة الدين وحياة النفوس والإرشاد إلى أمر الله وقيل هم حفظة على الملائكة لا تراهم الملائكة كما أن الملائكة حفظة علينا لا نراهم وقيل اسم ملك وقيل هي التي تحيا بها الأجسام وقال أبو عبيدة أي مع الروح وهو جبريل عليه السلام.
" دفء " ما استدفىء به من الأكيسة والأخبية وغير ذلك.
" حين تريحون وحين تسرحون " تسرحون أي ترسلون الإبل بالغداة إلى المرعى وتريحون تردونها عشيا إلى مراحها. " بشق الأنفس " أي مشقتها - زه -
" وعلى الله قصد السبيل " بيان طريق الحكم لكم والقصد الطريق المستقيم - زه -، " ومنها جائر " ومن السبيل جائر عن الاستقامة إلى معرج وقيل منها غير ذلك.
" فيه تسيمون " ترعون إبلكم.
" رواسي أن تميد بكم " أي تتحول وقيل أي لئلا تميد بكم.
" لا جرم " يعني حقا.
" على تخوف " أي تنقص.
" يتفيأ ظلاله " يرجع من جانب إلى جانب، " داخرون " صاغرون أذلاء
" وله الدين واصبا " أي دائما.
" فإليه تجأرون " ترفعون أصواتكم بالدعاء. وأصله جؤار البقر، وهوصوته إذا رفعه لألم يلحقه.
" يدسه في التراب " بيده، أي : يدفنه حيا.
" مفرطون "، مضيعون مقصرون.
" من بين فرث ودم "، الفرث ما في الكرش من السرجين، " سائغا للشاربين "، أي : سهلا في الشراب، لا يشجى به شارب ولا يغص.
" سكرا "، أي : خمرا، ونزل هذا قبل تحريم الخمر. والسكر : الطعام، يقال : قد جعلت لك هذا سكرا، أي : طعاما، قال الشاعر :
جعلت عيب الأكرمين سكرا *** أي : طعاما.
" ذللا "، أي : منقادة بالتسخير والذلل، جمع ذلول، وهو : السهل اللين الذي ليس بصعب.
" أرذل العمر " : الهرم الذي ينقص قوته وعقله ويصيره إلى الخرف ونحوه.
" يجحدون "، ينكرون بألسنتهم ما تستيقنه نفوسهم.
" وحفدة " : الخدم، وقيل : الأختان، وقيل : الأصهار، وقيل : الأعوان، وقيل : بنو المرأة من زوجها الأول، أي : عيال بلغة قريش.
" كل على مولاه "، أي : ثقيل على وليه وقرابته.
" أثاثا "، الأثاث : متاع البيت، واحدها أثاثة.
" أكنانا "، جمع كن، وهو : ما ستر ووقى من الحر والبرد، " سرابيل تقيكم الحر "، يعني : القمص بلغة تميم، " وسرابيل تقيكم بأسكم "، يعني : الدروع بلغة كنانة - زه -
وقيل هي كل ما يلبس من ثوب أو درع فهو سربال، وخص الحر في الأول بالذكر وهي تقي البرد أيضا ؛ اكتفاء بأحد الضدين، وقيل غير ذلك.
" تبيانا "، تفعال، من البيان.
" أنكاثا "، هي جمع نكث، وهو ما نقض من غزل الشعر وغيره، " دخلا بينكم "، أي : دغلا وخيانة، " أن تكون أمة هي أربى من أمة "، أي أزيد عددا، ومن هذا سمي الربا.
" ينفد "، يفنى.
" روح القدس " : جبريل عليه السلام.
" ولا تك في ضيق "، مخفف ضيق، مثل ميت وهين ولين تخفيف ميت وهين ولين، وجائز أن يكون مصدرا كقولك : ضاق الشيء يضيق ضيقا وضيقة.
سورة النحل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (النَّحْلِ) مِن السُّوَر المكية التي بيَّنتْ عظمةَ الله عز وجل وقُدْرتَه في هذا الكون، وقد جاءت بأدلةٍ وإثباتات على وَحْدانية الله عز وجل، لا سيما بديع صُنْعِه في خَلْقِه؛ ومن ذلك: إيحاؤه للنَّحْلِ أن تصنعَ بيوتها بهذه الكيفية وهذه الطريقة، وكذا ما أودَعه اللهُ عز وجل في هذا المخلوقِ من أسرارٍ وعجائبَ تدلُّ على قدرته تعالى، وتفرُّدِه في الألوهية، وقد جاءت السورةُ على ذِكْرِ مشاهدِ يوم القيامة، وما يَتبَع ذلك اليومَ من أهوالٍ.

ترتيبها المصحفي
16
نوعها
مكية
ألفاظها
1845
ترتيب نزولها
70
العد المدني الأول
128
العد المدني الأخير
128
العد البصري
128
العد الكوفي
128
العد الشامي
128

* قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِۦۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٞ لِّلصَّٰبِرِينَ} [النحل: 126]:

عن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا كان يومُ أُحُدٍ، أُصِيبَ مِن الأنصارِ أربعةٌ وسِتُّون رجُلًا، ومِن المهاجِرِين سِتَّةٌ؛ منهم حَمْزةُ، فمثَّلوا بهم، فقالت الأنصارُ: لَئِنْ أصَبْنا منهم يومًا مِثْلَ هذا، لَنُرْبِيَنَّ عليهم، قال: فلمَّا كان يومُ فَتْحِ مكَّةَ، فأنزَلَ اللهُ تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِۦۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٞ لِّلصَّٰبِرِينَ} [النحل: 126]، فقال رجُلٌ: لا قُرَيشَ بعد اليومِ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: كُفُّوا عن القومِ إلا أربعةً»». سنن الترمذي (٣١٢٩).

سورةُ (النَّحْلِ):

سُمِّيتْ سورةُ (النَّحْلِ) بذلك؛ لذِكْرِ النَّحْلِ فيها، ولم يُذكَرْ في سورةٍ أخرى غيرِها.

اشتمَلتِ السورةُ على عدَّة موضوعات؛ بيانها كالآتي:

1. إثبات وَحْدانية الله تعالى (١-٢).

2. أدلة على وحدانيته تعالى (٣-١٦).

3. اللهُ الخالق المنعم القادر، وعَجْزُ المعبودين غيرِه (١٧- ٢١).

4. ذمُّ المتكبِّرين، ومدحُ المتقين (٢٢-٣٥).

5. عاقبة المكذِّبين بالرُّسل واليوم الآخر، وجزاء المؤمنين (٣٦- ٥٠).

6. أدلةٌ أخرى على توحيد الألوهية (٥١- ٦٤).

7. تتمة نِعَم الله الدالة على التوحيد، يَتخلَّلها ضربُ الأمثلة (٦٦-٨٣).

8. من مشاهدِ يوم القيامة (٨٤- ٨٩).

9. توجيهات حول مكارمِ الأخلاق (٩٠- ٩٧).

10. التأدُّب بآداب القرآن، وردُّ الافتراءات (٩٨- ١١١).

11. ضربُ الأمثلة (١١٢- ١١٩).

12. أهمية الدعوة، وأساليبها (١٢٠- ١٢٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /131).

دلَّ اسمُ السورة على مقصودِها؛ وهو - كما ذكَره البقاعيُّ -: "الدَّلالة على أنَّه تعالى تامُّ القدرة والعلم، فاعلٌ بالاختيار، مُنزَّه عن شوائبِ النَّقص، وأدلُّ ما فيها على هذا المعنى: أمرُ النَّحْلِ؛ لِما ذُكِر من شأنها في دقةِ الفهم؛ في ترتيبِ بيوتها على شكل التَّسديسِ ترتيبًا لا يصل إليه أكابرُ المهندسين إلا بعد تكامُلٍ كبير، وقانونٍ يَقِيسون به ذلك التَّقدير، وذلك على وجهٍ هو أنفَعُ الوجوه لها، وفي رَعْيِها، وسائر أمرها؛ من اختلافِ ألوان ما يخرُجُ منها مِن أعسالها وشموعها، وجَعْلِ الشَّمْعِ نورًا وضياءً، والعسلِ بركةً وشفاءً، مع أَكْلِها من كلِّ الثمار، النافعِ منها والضارِّ، وغير ذلك من الأسرار". "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /213-214).