تفسير سورة النحل

كتاب نزهة القلوب

تفسير سورة سورة النحل من كتاب كتاب نزهة القلوب
لمؤلفه أبى بكر السجستاني .

﴿ خَصِيمٌ ﴾ أي شديد الخصومة.
﴿ دِفْءٌ ﴾: ما استدفئ به من الأكسية والأخبية وغير ذلك.
﴿ تَسْرَحُونَ ﴾: أي ترسلون الإبل غداة إلى الرعي. و ﴿ تُرِيحُونَ ﴾: تردونها عشيا إلى مراحها.
﴿ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ ﴾ أي بمشقة الأنفس.
﴿ تُسِيمُونَ ﴾: أي ترعون إبلكم.
﴿ مَوَاخِرَ فِيهِ ﴾ أي فواعل، يقال: مخرت السفينة إذا جرت فشقت الماء بصدرها، ومنه مخر الأرض إنما هو شق الماء لها.
﴿ رَوَاسِيَ ﴾ أي ثوابت، يعني جبالا.﴿ تَمِيدَ ﴾: تحرك وتميل، وقوله تبارك اسمه ﴿ وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ أي لئلا تميد بكم.
﴿ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾ انظر آية ١٨٧ من الأعراف.
﴿ لاَ جَرَمَ أَنَّ ٱللَّهَ ﴾: بمعنى حقا.
﴿ عَدْنٍ ﴾ أي إقامة، يقال: عدن بالمكان إذا أقام به.
﴿ حَاقَ بِهِم ﴾ أي أحاط بهم، قال أبو عمر: حاق بهم: أي حق عليهم.
﴿ تَخَوُّفٍ ﴾: أي تنقص.
﴿ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ ﴾ أي ترجع من جانب إلى جانب.﴿ دَاخِرُونَ ﴾: صاغرون أذلاء.
﴿ وَاصِباً ﴾ أي دائما.
﴿ تَجْأَرُونَ ﴾ أي ترفعون أصواتكم بالدعاء.
﴿ مُّفْرَطُونَ ﴾ أي مقدمون معجلون إلى النار. وقيل مفرطون: أي متروكون منسيون في النار. ومفرطون بكسر الراء: مسرفون على أنفسهم في الذنوب. ومفرطون مضيعون: مقصرون.
﴿ فَرْثٍ وَدَمٍ ﴾ الفرث: ما كان في الكرش من السرجين.﴿ سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ ﴾: أي سهلا في الشرب لا يشجى به شاربه ولا يغص.
﴿ سَكَراً ﴾ أي طعاما. يقال قد جعلت لك هذا سكرا: أي طعاما. قال الشاعر: جعلت عيب الأكرمين سكرا   أي طعما. وقد قيل سكر أي خمرا، ونزل هذا قبل تحريم الخمر.
﴿ وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ ﴾ أي ألهمها. انظر ١١١ من المائدة.
(ذلل) جمع ذلول وهو السهل اللين الذي ليس بصعب، وقوله عز وجل: ﴿ فَٱسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً ﴾ أي منقادة بالتسخير.
﴿ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ ﴾ الهرم الذي ينقص قوته وعقله، ويصيره إلى الخرف ونحوه.
﴿ يَجْحَدُونَ ﴾ أي ينكرون بألسنتهم ما تستيقنه قلوبهم.
﴿ حَفَدَةً ﴾: أي خدما. وقيل أختانا. وقيل أصهارا. وقيل أعوانا. وقيل: بنو الرجل من نفعه منهم. وقيل: بنو المرأة من زوجها الأول.
﴿ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ ﴾ أي ثقيل على وليه وقرابته.
(أثاث): متاع البيت، واحدها أثاثة.
(أكنان): جمع كن، وهو ما ستر ووقى من الحر والبرد.﴿ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ ﴾: يعني القمص.﴿ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ ﴾ يعني الدروع.
(تبيان): أي تفعال من البيان، قال أبو محمد: ليس في الكلام مصدر على وزن تفعال مكسور التاء إلا حرفان وهما تبيان وتلقاء، فإنهما مصدران جاءا بكسر التاء، وأما الأسماء التي ليست بمصادر على هذا الوزن نحو: تميال وتجفاف وتبراك (اسم موضع) فهي مكسورة التاء، وسائر المصادر مما يجئ على هذا المثال فهو مفتوح التاء نحو تمشاء وترماء، وما أشبه ذلك.
﴿ أَنكَاثاً ﴾ جمع نكث، وهو ما نقض من غزل الشعر وغيره.﴿ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ ﴾ أي أزيد عددا، ومن هذا سمي الربا.
﴿ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ﴾: أي دغلا وخيانة.
﴿ أُمَّةً ﴾ أي جامعا للخير يقتدى به. انظر ١٣٤ من البقرة.
(حكمة) اسم للعقل، وإنما سمي حكمة لأنه يمنع صاحبه من الجهل، ومنه حكمة الدابة، لأنها ترد من غربها وإفسادها.
﴿ ضَيْقٍ ﴾ تخفيف ضيق، مثل ميت وهين ولين، تخفيف ميت وهين ولين. وجائز أن يكون مصدرا كقولك: ضاق الشيء يضيق ضيقا وضيقا وضيقة.
سورة النحل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (النَّحْلِ) مِن السُّوَر المكية التي بيَّنتْ عظمةَ الله عز وجل وقُدْرتَه في هذا الكون، وقد جاءت بأدلةٍ وإثباتات على وَحْدانية الله عز وجل، لا سيما بديع صُنْعِه في خَلْقِه؛ ومن ذلك: إيحاؤه للنَّحْلِ أن تصنعَ بيوتها بهذه الكيفية وهذه الطريقة، وكذا ما أودَعه اللهُ عز وجل في هذا المخلوقِ من أسرارٍ وعجائبَ تدلُّ على قدرته تعالى، وتفرُّدِه في الألوهية، وقد جاءت السورةُ على ذِكْرِ مشاهدِ يوم القيامة، وما يَتبَع ذلك اليومَ من أهوالٍ.

ترتيبها المصحفي
16
نوعها
مكية
ألفاظها
1845
ترتيب نزولها
70
العد المدني الأول
128
العد المدني الأخير
128
العد البصري
128
العد الكوفي
128
العد الشامي
128

* قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِۦۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٞ لِّلصَّٰبِرِينَ} [النحل: 126]:

عن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا كان يومُ أُحُدٍ، أُصِيبَ مِن الأنصارِ أربعةٌ وسِتُّون رجُلًا، ومِن المهاجِرِين سِتَّةٌ؛ منهم حَمْزةُ، فمثَّلوا بهم، فقالت الأنصارُ: لَئِنْ أصَبْنا منهم يومًا مِثْلَ هذا، لَنُرْبِيَنَّ عليهم، قال: فلمَّا كان يومُ فَتْحِ مكَّةَ، فأنزَلَ اللهُ تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِۦۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٞ لِّلصَّٰبِرِينَ} [النحل: 126]، فقال رجُلٌ: لا قُرَيشَ بعد اليومِ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: كُفُّوا عن القومِ إلا أربعةً»». سنن الترمذي (٣١٢٩).

سورةُ (النَّحْلِ):

سُمِّيتْ سورةُ (النَّحْلِ) بذلك؛ لذِكْرِ النَّحْلِ فيها، ولم يُذكَرْ في سورةٍ أخرى غيرِها.

اشتمَلتِ السورةُ على عدَّة موضوعات؛ بيانها كالآتي:

1. إثبات وَحْدانية الله تعالى (١-٢).

2. أدلة على وحدانيته تعالى (٣-١٦).

3. اللهُ الخالق المنعم القادر، وعَجْزُ المعبودين غيرِه (١٧- ٢١).

4. ذمُّ المتكبِّرين، ومدحُ المتقين (٢٢-٣٥).

5. عاقبة المكذِّبين بالرُّسل واليوم الآخر، وجزاء المؤمنين (٣٦- ٥٠).

6. أدلةٌ أخرى على توحيد الألوهية (٥١- ٦٤).

7. تتمة نِعَم الله الدالة على التوحيد، يَتخلَّلها ضربُ الأمثلة (٦٦-٨٣).

8. من مشاهدِ يوم القيامة (٨٤- ٨٩).

9. توجيهات حول مكارمِ الأخلاق (٩٠- ٩٧).

10. التأدُّب بآداب القرآن، وردُّ الافتراءات (٩٨- ١١١).

11. ضربُ الأمثلة (١١٢- ١١٩).

12. أهمية الدعوة، وأساليبها (١٢٠- ١٢٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /131).

دلَّ اسمُ السورة على مقصودِها؛ وهو - كما ذكَره البقاعيُّ -: "الدَّلالة على أنَّه تعالى تامُّ القدرة والعلم، فاعلٌ بالاختيار، مُنزَّه عن شوائبِ النَّقص، وأدلُّ ما فيها على هذا المعنى: أمرُ النَّحْلِ؛ لِما ذُكِر من شأنها في دقةِ الفهم؛ في ترتيبِ بيوتها على شكل التَّسديسِ ترتيبًا لا يصل إليه أكابرُ المهندسين إلا بعد تكامُلٍ كبير، وقانونٍ يَقِيسون به ذلك التَّقدير، وذلك على وجهٍ هو أنفَعُ الوجوه لها، وفي رَعْيِها، وسائر أمرها؛ من اختلافِ ألوان ما يخرُجُ منها مِن أعسالها وشموعها، وجَعْلِ الشَّمْعِ نورًا وضياءً، والعسلِ بركةً وشفاءً، مع أَكْلِها من كلِّ الثمار، النافعِ منها والضارِّ، وغير ذلك من الأسرار". "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /213-214).