تفسير سورة النحل

غريب القرآن

تفسير سورة سورة النحل من كتاب غريب القرآن
لمؤلفه زيد بن علي . المتوفي سنة 120 هـ

أَخبرنا أبو جعفر. قال : حدّثنا علي بن أحمد. قالَ : حدّثنا عطاءُ بن السائب عن أبي خالد عن زيد بن علي عليهما السلام في قوله تعالى :﴿ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ ﴾ معناه الأَحكامُ والحُدُودُ والفَرائِضُ.
وقوله تعالى :﴿ وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ ﴾ فالدِّفّ : ما استدفي به من أوبارها. ومنافع : سوى ذلك.
وقوله تعالى :﴿ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴾ فالجِمالُ : أَنْ يُقالَ لِمنْ هَذِه ؛ فيُقالُ لِفلانٍ. وحين تُريحُونَ : تَرجِعونَ بالعشي إِلى مَرَاحِهَا. وتَسرَحونَ : بالغَداةِ إِلى مَرَاعِيهَا.
وقوله تعالى :﴿ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ ﴾ معناهُ بِمَشقَّتِها.
وقوله تعالى :﴿ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ﴾ معناهُ بَيانُ الهُدى.
وقوله تعالى :﴿ فِيهِ تُسِيمُونَ ﴾ معناه تَرعَون.
وقوله تعالى :﴿ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ ﴾ معناه مَا خَلَقَ لَكُمْ.
وقوله تعالى :﴿ وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ ﴾ وهي السُّفنُ التي تَشقُّ المَاءَ شقاً ذَاهِبةً وجَائيةً.
وقوله تعالى :﴿ أَن تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ معناهُ تَمِيلُ بكُمْ.
وقوله تعالى :﴿ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾ معناه متَى يُحيَونَ.
وقوله تعالى :﴿ لاَ جَرَمَ ﴾ أي حقاً.
وقوله تعالى :﴿ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً ﴾ معناه آثامُهم.
وقوله تعالى :﴿ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ الْقَوَاعِدِ ﴾ معناه دُمَّرَ الله عليهم - والله لَيس بِزَائلٍ ولا مُنتَقلٍ.
وقوله تعالى :﴿ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ ﴾ معناه تُحارَِبُون فِيهم.
وقوله تعالى :﴿ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ ﴾ معناه صَالَحُوا وسَالَمُوا.
وقوله تعالى :﴿ وَاجْتَنِبُواْ الْطَّاغُوتَ ﴾ معناه الشَّيطانُ.
وقوله تعالى :﴿ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ ﴾ قال : الإِمامُ زيدُ بن علي عليهما السلام : نَحنُ أَهلُ الذِّكرِ. ويقالُ : أَهلُ الذِّكرِ مَن أَسلَمَ مِن أَهلِ التوراةِ والإِنجيلِ.
وقوله تعالى :﴿ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ﴾ فالزُّبرُ : الكُتبُ. واحدُها زَبورٌ.
وقوله تعالى :﴿ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ ﴾ معناهُ عَلَى تَنقّصٍ.
وقوله تعالى :﴿ وَهُمْ دَاخِرُونَ ﴾ معناه صَاغِرونَ.
وقوله تعالى :﴿ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً ﴾ يعني دائماً.
وقوله تعالى :﴿ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [ معناه ] : تَرفعُونَ أَصْوَاتكُم.
وقوله تعالى :﴿ وَهُوَ كَظِيمٌ ﴾، معناه : حَزِينٌ.
وقوله تعالى :﴿ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ ﴾ أي عَلَى هَوانٍ.
وقوله تعالى :﴿ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ ﴾، معناهُ : مَتْرُوكُونَ مَنْسِيُّونَ.
وقوله تعالى :﴿ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً ﴾، السَّكَرُ : الحَرامُ، والحَسَنُ : الرِّزقُ الحَلالُ. ويقال : السَّكَرُ : الطَّعمُ.
وقوله تعالى :﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ﴾، أي : ألْهَمَها إِلهَاماً، ولَم يُرسِلْ إِليها رَسولاً.
وقوله تعالى :﴿ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾، معناه : يَجعَلُونهُ عَرْشاً.
وقوله تعالى :﴿ بَنِينَ وَحَفَدَةً ﴾ الحَفَدةُ : الخدّامُ والأَعوانُ. ويقالُ : الأَخْتَانُ. ويقالُ : هُم بَنو المَرأةِ مِن زَوجِها الأَولِ.
وقوله تعالى :﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ﴾، يعني : ليسَ لَهُ شَيءٌ، ولاَ يَملِكُ شَيئاً.
وقوله تعالى :﴿ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ ﴾، معناهُ عِيالٌ عَليهِ.
وقوله تعالى :﴿ فِي جَوِّ السَّمَآءِ ﴾، يعني : فِي الهَواءِ.
وقوله تعالى :﴿ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ ﴾، قال زيدُ بن علي عليهما السَّلامُ : فالأَثَاثُ : المَالُ. والأَثَاثُ : المَتَاعُ. قالَ صلواتُ الله [ عليه ] وسَلامُهُ وفِي سُورة مريم ﴿ أَثَاثاً وَرِءْياً ﴾ [ مريم : ٧٤ ] فالزَّي المَنظرُ والكُسوةُ الظَّاهِرةُ.
وقوله تعالى :﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً ﴾، معناه : سِترٌ، واحدُها كِنٌّ.
وقوله تعالى :﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ﴾، معناه : قُمصاناً، ﴿ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ ﴾، معناه : دِرُوعٌ.
وقوله تعالى :﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا ﴾، يعني : محمداً صلَّى الله عليهِ وعَلَى آلهِ وسَلَّمَ.
وقوله تعالى :﴿ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ ﴾، معناهُ : قالُوا.
وقوله تعالى :﴿ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ ﴾، قالَ زيدُ بن علي عليهما السلامُ، معناهُ : عَقارِبٌ لَها أَنيابٌ كَأنيابِ النَّخلِ الطّوالِ، وهي أَفاعي النَّار !.
وقوله تعالى :﴿ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ ﴾، معناهُ : بَيانٌ.
وقوله تعالى :﴿ وَإِيتَآءِ ذِي الْقُرْبَى ﴾، يعني : إعطاءَهُم.
وقوله تعالى :﴿ قُوَّةٍ أَنكَاثاً ﴾ فالقُوةُ : الكُبَّةُ. والأَنْكَاثُ : المَنقوضةُ مِنهَا.
وقوله تعالى :﴿ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ﴾، معناهُ : فَسَادٌ.
وقوله تعالى :﴿ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ ﴾، معناه : أكثرُ.
وقوله تعالى :﴿ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾، يعني : القُنوع. ﴿ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم ﴾ : ثَوابُهم فِي الآخرةِ.
وقوله تعالى :﴿ يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ ﴾، معناه : يَعْدِلُونَ إِليهِ.
وقوله تعالى :﴿ مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً ﴾، معناه : انْبَسَطَ إِلى ذَلكَ وطابتْ بهِ نَفسُهُ.
وقوله تعالى :﴿ قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً ﴾، يعني : مكةَ.
وقوله تعالى :﴿ يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً ﴾، معناهُ : وَاسِعٌ.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً ﴾، معناهُ : مُعلمٌ للخَيرِ. قالَ زيدُ بن علي عليهما السّلامُ : كان مُؤمناً وحدهُ مُطيعاً لله، والنّاسُ كُلُّهُم كُفارٌ. وقانتٌ : معناهُ إِمامٌ مُطيعٌ.
وقوله تعالى :﴿ حَنِيفاً ﴾ مسلماً. فالحَنِيفُ : الذي يَختتنُ ويَحجُ البيتَ. وقالَ الحَنيفُ : المُخلصُ.
وقوله تعالى :﴿ اجْتَبَاهُ ﴾، يعني : اختارهُ.
وقوله تعالى :﴿ فِي ضَيْقٍ ﴾، معناه في شِدةٍ.
وقوله تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ﴾، قالَ زيدُ بن علي عليهما السَّلامُ : " اتَّقَوا مَا حَرَمَ عَليهِم فِيما افْتَرَضَ عَليهِم :. وأَحسنَوا معناه أَدَّوا الفرائضَ.
سورة النحل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (النَّحْلِ) مِن السُّوَر المكية التي بيَّنتْ عظمةَ الله عز وجل وقُدْرتَه في هذا الكون، وقد جاءت بأدلةٍ وإثباتات على وَحْدانية الله عز وجل، لا سيما بديع صُنْعِه في خَلْقِه؛ ومن ذلك: إيحاؤه للنَّحْلِ أن تصنعَ بيوتها بهذه الكيفية وهذه الطريقة، وكذا ما أودَعه اللهُ عز وجل في هذا المخلوقِ من أسرارٍ وعجائبَ تدلُّ على قدرته تعالى، وتفرُّدِه في الألوهية، وقد جاءت السورةُ على ذِكْرِ مشاهدِ يوم القيامة، وما يَتبَع ذلك اليومَ من أهوالٍ.

ترتيبها المصحفي
16
نوعها
مكية
ألفاظها
1845
ترتيب نزولها
70
العد المدني الأول
128
العد المدني الأخير
128
العد البصري
128
العد الكوفي
128
العد الشامي
128

* قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِۦۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٞ لِّلصَّٰبِرِينَ} [النحل: 126]:

عن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا كان يومُ أُحُدٍ، أُصِيبَ مِن الأنصارِ أربعةٌ وسِتُّون رجُلًا، ومِن المهاجِرِين سِتَّةٌ؛ منهم حَمْزةُ، فمثَّلوا بهم، فقالت الأنصارُ: لَئِنْ أصَبْنا منهم يومًا مِثْلَ هذا، لَنُرْبِيَنَّ عليهم، قال: فلمَّا كان يومُ فَتْحِ مكَّةَ، فأنزَلَ اللهُ تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِۦۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٞ لِّلصَّٰبِرِينَ} [النحل: 126]، فقال رجُلٌ: لا قُرَيشَ بعد اليومِ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: كُفُّوا عن القومِ إلا أربعةً»». سنن الترمذي (٣١٢٩).

سورةُ (النَّحْلِ):

سُمِّيتْ سورةُ (النَّحْلِ) بذلك؛ لذِكْرِ النَّحْلِ فيها، ولم يُذكَرْ في سورةٍ أخرى غيرِها.

اشتمَلتِ السورةُ على عدَّة موضوعات؛ بيانها كالآتي:

1. إثبات وَحْدانية الله تعالى (١-٢).

2. أدلة على وحدانيته تعالى (٣-١٦).

3. اللهُ الخالق المنعم القادر، وعَجْزُ المعبودين غيرِه (١٧- ٢١).

4. ذمُّ المتكبِّرين، ومدحُ المتقين (٢٢-٣٥).

5. عاقبة المكذِّبين بالرُّسل واليوم الآخر، وجزاء المؤمنين (٣٦- ٥٠).

6. أدلةٌ أخرى على توحيد الألوهية (٥١- ٦٤).

7. تتمة نِعَم الله الدالة على التوحيد، يَتخلَّلها ضربُ الأمثلة (٦٦-٨٣).

8. من مشاهدِ يوم القيامة (٨٤- ٨٩).

9. توجيهات حول مكارمِ الأخلاق (٩٠- ٩٧).

10. التأدُّب بآداب القرآن، وردُّ الافتراءات (٩٨- ١١١).

11. ضربُ الأمثلة (١١٢- ١١٩).

12. أهمية الدعوة، وأساليبها (١٢٠- ١٢٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /131).

دلَّ اسمُ السورة على مقصودِها؛ وهو - كما ذكَره البقاعيُّ -: "الدَّلالة على أنَّه تعالى تامُّ القدرة والعلم، فاعلٌ بالاختيار، مُنزَّه عن شوائبِ النَّقص، وأدلُّ ما فيها على هذا المعنى: أمرُ النَّحْلِ؛ لِما ذُكِر من شأنها في دقةِ الفهم؛ في ترتيبِ بيوتها على شكل التَّسديسِ ترتيبًا لا يصل إليه أكابرُ المهندسين إلا بعد تكامُلٍ كبير، وقانونٍ يَقِيسون به ذلك التَّقدير، وذلك على وجهٍ هو أنفَعُ الوجوه لها، وفي رَعْيِها، وسائر أمرها؛ من اختلافِ ألوان ما يخرُجُ منها مِن أعسالها وشموعها، وجَعْلِ الشَّمْعِ نورًا وضياءً، والعسلِ بركةً وشفاءً، مع أَكْلِها من كلِّ الثمار، النافعِ منها والضارِّ، وغير ذلك من الأسرار". "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /213-214).