تفسير سورة القارعة

الهداية الى بلوغ النهاية

تفسير سورة سورة القارعة من كتاب الهداية الى بلوغ النهاية المعروف بـالهداية الى بلوغ النهاية.
لمؤلفه مكي بن أبي طالب . المتوفي سنة 437 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة القارعة
مكية( ١ )
١ بالإجماع، انظر: تفسير الماوردي ٤/٤٠٥ والبحر ٨/٥٠٦ وروح المعاني ٣٠/٢٨٢..

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة القارعة
مكية
قوله تعالى: ﴿القارعة * مَا القارعة﴾ إلى آخرها.
القارعة هي الساعة تقرع قلوب الناس من هولها وعظيم ما ينزل بهم من البلاء عندها، وذلك صبيحة ليلةٍ لا ليل بعدها. قال ابن عباس: القارعة: " " من أسماء يوم القيامة، عظمه الله وحذره عباده ".
وقوله: ﴿مَا القارعة﴾، " ما " استفهام فيه معنى التعظيم والتعجب من هولها، يعجب سبحانه عباده من عظم [هولها]. المعنى: أي شيء القارعة يا محمد؟! ما أعظمها وأفظعها وأهولها.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا القارعة﴾.
أي وما أشعرك يا محمد أي شيء القارعة؟! ثم بينها تعالى فقال: ﴿يَوْمَ يَكُونُ الناس كالفراش المبثوث﴾.
فالعامل في " يوم " " القارعة "، أي القارعة يومض يكون (الناس) على هذا
8409
الحال. و " القارعة " رفع بالابتداء، " وما " ابتداء ثان.
والقارعة خبر " ما "، والجملة خبر عن " القارعة " الأولى.
وقوله: ﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا القارعة﴾ " ما " ابتداء أيضاً، و " أدراك " فعل ماضي وضمير مفعول، " ما القارعة " ابتداء وخبر في موضع نصب مفعولاً ثانياً " لأدراك "، والجملة خبر " ما " الأولى.
والفَراش: (هو) ما تساقط في النار وفي السراج، ليس [بذباب] ولا بعوض.
وقال الفراء: هو غوغاء الجراد يركب بعضه بعضاص، [فكذلك] يوم القيامة يجول بعضهم في بعض.
والمبثوث: المنتشر المتفرق.
(وقيل): إنما شبههم بالفراش، لأن الفراش إذا ثار لم يأخذ جهة واحدة،
8410
بل يدخل بعضه في بعض، فشبه الناس - إذا بعثوا وفزعوا واختلف مقاصدهم من الحيرة - بالفراش، فإذا سمعوا الدّاعي استقاموا نحوه، فهم في تلك الحال مشبهون بالجراد. التي تقصد إلى ناحية في طيرانها، وهو قوله: ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ﴾ [القمر: ٧]، فهما صفتان للخلق يوم القيامة في موطنيْن: إحداهما عند. البعث، والأخرى. عند سماع النداء.
ثم قال تعالى: ﴿وَتَكُونُ الجبال كالعهن المنفوش﴾.
أي: كالصوف المنفوش.
وفي حرف عبد الله: " كالصوف "، وبه قرا ابن جبير. العهن: جمع عهنة، كصوفة وصوف. وهو عند أهل اللغة: المصبوغ من الصوف.
8411
ثم قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ﴾.
أي: فأما من [ثقل] وزنه وزن حسناته.
قال مجاهد/: ليس ثَمَّ ميزان، وإنما هو (مَثَل) ضُرِبَ. وأكثر الناس على أنّ ثَمَّ ميزاناً توزن به (أعمال) العباد كيف شاء الله وعلى ما شاء. [نقول] كما قال، ونوجب ما أَوْجَب، ونؤمن بما في كتاب الله، ولا نتقدم بين يدي الله، ولا نعترض، ولا نكيِّف ما لا علم (عندنا) منه، ولا نحدّه.
ثم قال: ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ﴾.
أي: في عيش قد رضيه في الجنة. وتقديره في العربية: فهو في عيشة ذات رضىً، على النسب.
ثم قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾.
أي: وزن حسناته.
﴿فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ﴾.
8412
أي: مأواه ومسكنه الهاوية، وهي جهنم. قيل لها الهاوية، لأنه يهوي فيها على رأسه.
قال قتادة: ﴿فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ﴾: هي النار، وهي كلمة عربية، كان الرجل إذا وقع في أمر شديد فقالوا: هو أمه.
ويروى أن الهاوية اسم للباب الأسفل من النار نعوذ بالله (منها - وهي) الدرك الأسفل، وأبوابُ جهنم سبعة، بعضها فوق بعض، أولها جهنم، والثاني: لظى، والثالث: الحطمة، والرابع: السعير، والخامس: الجحيم، والسادسُ: سقر، والسابع الهاوية. أعاذنا الله منها.
وروي أن المؤمن إذا مات ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين فيقولون: (روحوا أخاكم، فإنه كان في غم الدنيا، ويسألونه: ما فعل فلان؟ فيقول: مات، أو ما جاءكم؟ فيقولون): ذهبوا به إلى أمه الهاوية ".
8413
وإنما جعلت النار أمه، لأنها صارت مأواه كما تؤوي المرأة (ابنها، فصارت) لهم كالأم، إذ لا مأوى لهم غيرها.
وقال الخفش (سعيد): ﴿فَأُمُّهُ﴾: مستَقَرُّهُ. وقيل: أمه: أصله. وهاوية: بمعنى هالك، وأم الشيء: أصله [ومعظمه].
ثم قال تعالى: ﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ﴾.
أي: وأي شيء أشعرك يا محمد ما الهاوية؟!، ثم بيَّن فقال: ﴿نَارٌ حَامِيَةٌ﴾ أي: هي نار حامية.
8414
سورة القارعة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القارعة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (قُرَيش)، وقد افتُتحت بذكرِ اسم من أسماء القيامة؛ وهو (القارعة)، وسُمِّيت بذلك لأنها تَقرَع القلوبَ من هولِها، وهولِ ما يسبقها من أحداث، وقد ذكرت السورةُ الكريمة مظاهرَ هذه الأهوال، وخُتمت بجزاء الناس على أعمالهم: بالإحسان إحسانًا وجِنانًا، وبالكفر عذابًا ونيرانًا.

ترتيبها المصحفي
101
نوعها
مكية
ألفاظها
36
ترتيب نزولها
30
العد المدني الأول
10
العد المدني الأخير
10
العد البصري
8
العد الكوفي
11
العد الشامي
8

* سورة (القارعة):

سُمِّيت سورة (القارعة) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بهذا اللفظ، و(القارعة): اسمٌ من أسماء يوم القيامة، وسُمِّيت بذلك لأنها تَقرَع القلوبَ من هولها.

1. أهوال يوم القيامة (١-٥).

2. وزنُ الأعمال صالحِها وفاسدِها (٦-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /309).

إثباتُ البعث وما يصاحِبُ يومَ القيامة من أهوال، وجزاءُ الناس على أعمالهم؛ فالصالحون من أهل الجِنان، والطَّالحون من أهل النيران.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /506).