تفسير سورة القارعة

مختصر تفسير ابن كثير

تفسير سورة سورة القارعة من كتاب مختصر تفسير ابن كثير المعروف بـمختصر تفسير ابن كثير.
لمؤلفه محمد علي الصابوني .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
- ١ - الْقَارِعَةُ
- ٢ - مَا الْقَارِعَةُ
- ٣ - وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ
- ٤ - يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ
- ٥ - وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ
- ٦ - فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ
- ٧ - فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ
- ٨ - وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ
669
مَوَازِينُهُ
- ٩ - فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ
- ١٠ - وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ
- ١١ - نَارٌ حَامِيَةٌ
الْقَارِعَةُ مِنْ أَسْمَاءِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَالْحَاقَّةِ وَالطَّامَّةِ وَالصَّاخَّةِ وَالْغَاشِيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. ثُمَّ قال تعالى مُعَظِّمًا أَمْرَهَا وَمُهَوِّلًا لِشَأْنِهَا ﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ﴾؟ ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ﴾ أَيْ فِي انْتِشَارِهِمْ وَتَفَرُّقِهِمْ وَذَهَابِهِمْ وَمَجِيئِهِمْ، مِنْ حَيْرَتِهِمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ كأنهم فراش مبثوث، كما قال تعالى: ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَتَكُونُ الجبال كالعهن المنفوش﴾ يعني صَارَتْ كَأَنَّهَا الصُّوفُ الْمَنْفُوشُ الَّذِي قَدْ شَرَعَ في الذهاب والمتزق، قال مجاهد: ﴿العهن﴾ الصوف، ثم أخبر تعالى عما يؤول إِلَيْهِ عَمَلُ الْعَامِلِينَ، وَمَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ مِنَ الكرامة والإهانة بِحَسْبِ أَعْمَالِهِمْ، فَقَالَ: ﴿فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾ أي رجحت حسناته على شيئاته، ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ﴾ يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ، ﴿وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ﴾ أَيْ رَجَحَتْ سَيِّئَاتُهُ على حسناته، ﴿فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ﴾ قِيلَ: مَعْنَاهُ فَهُوَ سَاقِطٌ هَاوٍ بِأُمِّ رَأْسِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بأمه يعني (دماغه)، قَالَ قَتَادَةُ: يَهْوِي فِي النَّارِ عَلَى رَأْسِهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فَأُمُّهُ الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا وَيَصِيرُ فِي الْمَعَادِ إِلَيْهَا ﴿هَاوِيَةٌ﴾ وَهِيَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ النَّارِ، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْهَاوِيَةِ أُمُّهُ لِأَنَّهُ لَا مَأْوَى لَهُ غَيْرَهَا، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْهَاوِيَةُ النَّارُ هِيَ أُمَّهُ وَمَأْوَاهُ الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا وَيَأْوِي إِلَيْهَا، وَقَرَأَ: ﴿وَمَأْوَاهُمُ النار﴾. وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ: هِيَ النَّارُ وَهِيَ مَأْوَاهُمْ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى مُفَسِّرًا لِلْهَاوِيَةِ: ﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ﴾، روى ابن جرير عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَعْمَى قَالَ: إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ ذُهِبَ بِرُوحِهِ إِلَى أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَقُولُونَ: رَوِّحُوا أَخَاكُمْ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي غم الدنيا، قال: ويسألونه ما فعل فلان؟ فيقول: مات أو ما جَاءَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ (أخرجه ابن جرير)، وقوله تعالى: ﴿نَارٌ حَامِيَةٌ﴾ أَيْ حَارَّةٌ شَدِيدَةُ الْحَرِّ، قَوِيَّةُ اللهب والسعير، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نَارُ بَنِي آدَمَ الَّتِي تُوقِدُونَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً؟ فَقَالَ: «إِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جزءاً» (أخرجه مالك ورواه البخاري ومسلم بنحوه). وفي رواية: «كلهن مثل حرها». وروى الإمام أحمد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَضُرِبَتْ بِالْبَحْرِ مَرَّتَيْنِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا جَعَلَ اللَّهُ فِيهَا مَنْفَعَةً لِأَحَدٍ» (أخرجه الإمام أحمد). وروى الترمذي وَابْنِ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُوقِدَ عَلَى النَّارِ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى احْمَرَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ» (أخرجه الترمذي وابن ماجة). وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ: يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٌ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٌ فِي الصَّيْفِ، فَأَشُدُّ مَا تَجِدُونَ فِي الشِّتَاءِ مِنْ بَرْدِهَا، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ فِي الصَّيْفِ من حرها" (أخرجاه في الصحيحين). وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: «إِذَا اشْتَدَّ الْحُرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ».
670
- ١٠٢ - سورة التكاثر.
671
سورة القارعة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القارعة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (قُرَيش)، وقد افتُتحت بذكرِ اسم من أسماء القيامة؛ وهو (القارعة)، وسُمِّيت بذلك لأنها تَقرَع القلوبَ من هولِها، وهولِ ما يسبقها من أحداث، وقد ذكرت السورةُ الكريمة مظاهرَ هذه الأهوال، وخُتمت بجزاء الناس على أعمالهم: بالإحسان إحسانًا وجِنانًا، وبالكفر عذابًا ونيرانًا.

ترتيبها المصحفي
101
نوعها
مكية
ألفاظها
36
ترتيب نزولها
30
العد المدني الأول
10
العد المدني الأخير
10
العد البصري
8
العد الكوفي
11
العد الشامي
8

* سورة (القارعة):

سُمِّيت سورة (القارعة) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بهذا اللفظ، و(القارعة): اسمٌ من أسماء يوم القيامة، وسُمِّيت بذلك لأنها تَقرَع القلوبَ من هولها.

1. أهوال يوم القيامة (١-٥).

2. وزنُ الأعمال صالحِها وفاسدِها (٦-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /309).

إثباتُ البعث وما يصاحِبُ يومَ القيامة من أهوال، وجزاءُ الناس على أعمالهم؛ فالصالحون من أهل الجِنان، والطَّالحون من أهل النيران.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /506).