تفسير سورة القارعة

غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني

تفسير سورة سورة القارعة من كتاب غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني المعروف بـغاية الأماني في تفسير الكلام الرباني.
لمؤلفه أحمد بن إسماعيل الكَوْرَاني . المتوفي سنة 893 هـ

سُورَةُ الْقَارِعَةِ
مكية، عشر آيات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (٣) القرع؛ الضرب بشدة، والقارعة: من أسماء الساعة؛ لأنها تقرع الناس بالأهوال والأفزاع، أو تقرع أعداء اللَّه بالعذاب، أو لاصطكاك الأجرام العلوية والسفلية فيها. وقد بالغ في التهويل بإبهام أمرها مرتين. ولفظ القارعة أبلغ من الحاقة.
(يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (٤) يَوْمَ نُصب بما دلّ عليه القارعة. شبههم بالفراش في الكثرة والانتشار، مثله قوله: (كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ) وهذه أبلغ؛ لما في المثل: " أضعف من فِراَشَةٍ وأذَلّ وأجهل ".
(وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥) الصوف الملون المندوف؛ لأن الجبال بيض وحمر وغرابيب سود.
(فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) ترجحت مقادير حسناته. روى البخاري بسنده أن رسول اللَّه - ﷺ - قال: " ينشر للمؤمن صحائف سيئاته ثلاثمائة صحيفة، كل منها مد بصره، ثم
يخرج له بطاقة فيها كلمة لا إله إلا اللَّه، ويقال: احْضُرْ وَزنكَ فيقول: ماذا عسى تفعل هذه البطاقة مع تلك الصحائف؟! فتوضع البطاقة في كفه، والصحائف في أخرى، فتطيش صحائف السيئات، ولا يوازن اسم اللَّه تعالى شيء ".
((فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٧) مرضية. الإسناد مجازي، أو ذات رضى.
وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (٨) وهو الكافر الذي ليست معه كلمة الإخلاص.
(فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩) من أسماء النار؛ لأنها تهوي بالداخل فيها سبعين خريفا. وسميت " أمًّا " على التشبيه؛ لأنَّ الأمّ تأوي الولد. وعن قتادة: أمّ رأسه هاوية؛ لأنه يسقط فيها منكوساً. ويردّه قوله: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (١٠) نَارٌ حَامِيَةٌ (١١) لأنه شرع للهاوية. فإن قلت: كل نار حامية!
قلت: معناه حامية وأي حامية، كأن سائر النيران بالنسبة إليها ليست حامية. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول اللَّه - ﷺ - قال: " نَارُكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ
431
جُزءاً مِنْ نَارِ جَهَنِّمَ ". وروى الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول اللَّه - ﷺ - قال: " أُوقِدَ عَلَيها أَلف سَنَةٍ حَتَّى احْمَرَّت، ثُمَّ أُوقدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى ابْيَضَّت ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَة حَتى اسْوَدَّتْ فَهِيَ سَودَاءُ مظْلِمَة " عفانا اللَّه منها.
* * *
تمّت والحمد للَّه على الدوام، وعلى رسوله أفضل الصلاة والسلام.
* * *
432
سورة القارعة
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (القارعة) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (قُرَيش)، وقد افتُتحت بذكرِ اسم من أسماء القيامة؛ وهو (القارعة)، وسُمِّيت بذلك لأنها تَقرَع القلوبَ من هولِها، وهولِ ما يسبقها من أحداث، وقد ذكرت السورةُ الكريمة مظاهرَ هذه الأهوال، وخُتمت بجزاء الناس على أعمالهم: بالإحسان إحسانًا وجِنانًا، وبالكفر عذابًا ونيرانًا.

ترتيبها المصحفي
101
نوعها
مكية
ألفاظها
36
ترتيب نزولها
30
العد المدني الأول
10
العد المدني الأخير
10
العد البصري
8
العد الكوفي
11
العد الشامي
8

* سورة (القارعة):

سُمِّيت سورة (القارعة) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بهذا اللفظ، و(القارعة): اسمٌ من أسماء يوم القيامة، وسُمِّيت بذلك لأنها تَقرَع القلوبَ من هولها.

1. أهوال يوم القيامة (١-٥).

2. وزنُ الأعمال صالحِها وفاسدِها (٦-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /309).

إثباتُ البعث وما يصاحِبُ يومَ القيامة من أهوال، وجزاءُ الناس على أعمالهم؛ فالصالحون من أهل الجِنان، والطَّالحون من أهل النيران.

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /506).