تفسير سورة المسد

أحكام القرآن

تفسير سورة سورة المسد من كتاب أحكام القرآن
لمؤلفه الجصاص . المتوفي سنة 370 هـ

قوله تعالى :﴿ ما أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴾ ؛ رُوي عن ابن عباس :" وما كسب يعني ولده "، وسمّاهم ابن عباس الكسب الخبيث. ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم :" إِنّ أَفْضَلَ ما أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ ". قال أبو بكر : هو كقوله :" أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ "، وهو يدلّ على صحة استيلاد الأب لجارية ابنه، وأنه مصدَّقٌ عليه، وتصير أم ولده. ويدل على أن الوالد لا يُقتل بولده ؛ لأنه سماه كسباً له، كما لا يُقاد لعبده الذي هو كسبه.
قوله تعالى :﴿ سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ ﴾ إحدى الدلالات على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه أخبر بأنه وامرأته سيموتان على الكفر ولا يُسْلِمَان، فوُجِدَ مُخْبَرُهُ على ما أخبر به، وقد كان هو وامرأته سمعا بهذه السورة، ولذلك قالت امرأته إن محمداً هجانا، فلو أنهما قالا : قد أسلمنا، وأظهرا ذلك وإن لم يعتقداه لكانا قد ردَّا هذا القول، ولكان المشركون يجدون متعلقاً، ولكن الله علم أنهما لا يسلمان، لا بإظهاره ولا باعتقاده، فأخبر بذلك، وكان مخبره على ما أخبر به. وهذا نظير قوله لو قال : إنكما لا تتكلمان اليوم، فلم يتكلما مع ارتفاع الموانع وصحة الآلة، فيكون ذلك من أظهر الدلالات على صحة نبوته.
وإنما ذكر الله أبا لهب بكنيته، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم باسمه، وكذلك زَيْدٌ وكل من ذكره في الكتاب فإنما ذكرهم بالاسم دون الكنية ؛ لأن أبا لهب كان اسمه عبد العُزَّى، وغير جائز تسميته بهذا الاسم، فلذلك عدل عن اسمه إلى كنيته.
سورة المسد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المَسَدِ) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفاتحة)، وقد افتُتحت بوعيدِ أبي لَهَبٍ عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاءِ عليه؛ بسبب مقالته للنبي صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، وفي ذلك بيانُ خسران الكافرين، ولو كان أقرَبَ قريب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ ولذا خُتمت بوعيد زوجه؛ لأنها وافقت زوجَها، وأبغَضت النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

ترتيبها المصحفي
111
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
6
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ: {وَأَنذِرْ ‌عَشِيرَتَكَ ‌اْلْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، ورَهْطَك منهم المُخلَصِينَ؛ خرَجَ رسولُ اللهِ ﷺ حتى صَعِدَ الصَّفَا، فهتَفَ: «يا صَبَاحَاهْ»، فقالوا: مَن هذا؟ فاجتمَعوا إليه، فقال: «أرأَيْتم إن أخبَرْتُكم أنَّ خيلًا تخرُجُ مِن سَفْحِ هذا الجبَلِ، أكنتم مُصَدِّقِيَّ؟»، قالوا: ما جرَّبْنا عليك كَذِبًا، قال: «فإنِّي نذيرٌ لكم بَيْنَ يَدَيْ عذابٍ شديدٍ»، قال أبو لَهَبٍ: تبًّا لك! ما جمَعْتَنا إلا لهذا؟! ثم قامَ؛ فنزَلتْ: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]، وقد تَبَّ»؛ هكذا قرَأَها الأعمَشُ يومَئذٍ. أخرجه البخاري (٤٩٧١).

* سورةُ (المَسَدِ):

سُمِّيت سورةُ (المَسَدِ) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ (المَسَد) في خاتمتها.

* وتُسمَّى سورة {تَبَّتْ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظِ.

وعيدٌ لأبي لَهَبٍ وزوجته، ومصيرُهما (١-٥).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /437).

الحُكْمُ بخسران الكافرين، وزجرُ أبي لَهَبٍ على قوله للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، ووعيدُ امرأته على انتصارها لزوجها، وبُغْضِها للنبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ينظر: "مصاعد النظر إلى مقاصد السور" للبقاعي (3 /277)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /600).