تفسير سورة المسد

تفسير ابن جزي

تفسير سورة سورة المسد من كتاب التسهيل لعلوم التنزيل المعروف بـتفسير ابن جزي.
لمؤلفه ابن جُزَيِّ . المتوفي سنة 741 هـ
سورة المسد
مكية، وآياتها ٥، نزلت بعد الفاتحة.
سببها أنه لما نزل قوله تعالى :﴿ وأنذر عشيرتك الأقربين ﴾ [ الشعراء : ٢١٤ ]، صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا فنادى بأعلى صوته : يا صباحاه، فاجتمعت إليه قريش، فقال لهم :" إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد "، ثم أنذرهم عموما وخصوصا، فقال له أبو لهب : تبا لك، لهذا جمعتنا ؟ فنزلت السورة.

سورة المسد
مكية وآياتها ٥ نزلت بعد الفاتحة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة أبي لهب) سببها أنه لما نزل قوله تعالى وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء: ٢١٤] صعد رسول الله ﷺ على الصفا فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه فاجتمعت إليه قريش فقال لهم:
إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ثم أنذرهم عموما وخصوصا فقال له أبو لهب: تبا لك لهذا جمعتنا»
فنزلت السورة.
تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ معنى تبت خسرت والتباب هو: الخسران، وأبو لهب هو عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم وهو عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من أشد الناس عداوة له فإن قيل: لم ذكره الله بكنيته دون اسمه؟ فالجواب من ثلاثة أوجه أحدها أن كنيته كانت أغلب عليه من اسمه كأبي بكر وغيره ويقال: أنه كني بأبي لهب لتلهب وجهه جمالا: الثاني أنه لما كان اسمه عبد العزى عدل عنه إلى الكنية: الثالث أنه لما كان من أهل النار واللهب، كنّاه أبا لهب «٢» وليناسب ذلك قوله: سيصلى نارا ذات لهب.
ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ يحتمل أن تكون ما نافية أو استفهامية يراد بها النفي، وماله هو رأس ماله وما كسب الربح. أو ماله ما ورث وما كسب هو ما اكتسبه لنفسه، وقيل: ماله جميع ماله وما كسب سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ هذا حتم عليه بدخول النار ومات بعد ذلك كافرا وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ اسم امرأته أم جميل بنت حرب بن أمية وهي أخت أبي سفيان، وفي وصفها بحمالة الحطب أربعة أقوال أحدها أنها تحمل حطبا وشوكا فتلقيه في طريق النبي ﷺ لتؤذيه. الثاني أن ذلك عبارة عن مشيها بالنميمة يقال:
فلان يحمل الحطب بين الناس أي: يوقد بينهم نار العداوة بالنمائم. الثالث أنه عبارة عن سعيها بالمضرة على المسلمين يقال: فلان يحطب على فلان إذا قصد الإضرار به: الرابع
(١). الحديث مشهور وقد رواه الطبري في تفسيره بسنده إلى ابن عباس.
(٢). لهب. قرأ ابن كثير: لهب بسكون الهاء. حمّالة الحطب: قرأها عاصم بالفتح والباقون: حمالة بالرفع.
﴿ ما أغنى عنه ماله وما كسب ﴾ يحتمل أن تكون " ما " نافية، أو استفهامية يراد بها النفي و﴿ ماله ﴾ هو رأس ماله، و﴿ ما كسب ﴾ الربح أو ﴿ ماله ﴾ ما ورث و﴿ ما كسب ﴾ هو ما اكتسبه لنفسه. وقيل :﴿ ماله ﴾ جميع ماله وما كسب.
﴿ سيصلى نارا ذات لهب ﴾ هذا حتم عليه بدخول النار، ومات بعد ذلك كافرا.
﴿ وامرأته حمالة الحطب ﴾ اسم امرأته أم جميل بنت حرب بن أمية، وهي أخت أبي سفيان وعمة معاوية، وفي وصفها بحمالة الحطب أربعة أقوال :
أحدها : أنها كانت تحمل حطبا وشوكا فتلقيه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم لتؤذيه.
الثاني : أن ذلك عبارة عن مشيها بالنميمة، يقال : فلان يحمل الحطب بين الناس، أي : يوقد بينهم نار العداوة بالنمائم.
الثالث : أنه عبارة عن سعيها بالمضرة على المسلمين ؛ يقال : فلان يحطب على فلان إذا قصد الإضرار به.
الرابع : أنه عبارة عن ذنوبها وسوء أعمالها.
أنه عبارة عن ذنوبها وسوء أعمالها
فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ الجيد: العنق والمسد الليف، وقيل: الحبل المفتول، وفي المراد به ثلاثة أقوال: الأول أنه إخبار عن حملها الحطب في الدنيا على القول الأول، وفي ذلك تحقير لها وإظهار لخساسة حالها. والآخر أنه حالها في جهنم يكون كذلك أي يكون في عنقها حبل. الثالث أنها كانت لها قلادة فاخرة، فقالت لأنفقنها على عداوة محمد، فأخبر عن قلادتها بحبل المسد على جهة التفاؤل، والذم لها بتبرجها ويحتمل قوله: وامرأته وما بعده وجوها من الإعراب يختلف الوقف باختلافها وهي: أن يكون امرأته مبتدأ وحمالة الحطب خبره، أو يكون حمالة الحطب نعت والخبر: في جيدها حبل من مسد أو يكون امرأته معطوفا على الضمير في يصلى وحمالة الحطب نعت، أو خبر ابتداء مضمر.
سورة المسد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المَسَدِ) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفاتحة)، وقد افتُتحت بوعيدِ أبي لَهَبٍ عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاءِ عليه؛ بسبب مقالته للنبي صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، وفي ذلك بيانُ خسران الكافرين، ولو كان أقرَبَ قريب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ ولذا خُتمت بوعيد زوجه؛ لأنها وافقت زوجَها، وأبغَضت النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

ترتيبها المصحفي
111
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
6
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ: {وَأَنذِرْ ‌عَشِيرَتَكَ ‌اْلْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، ورَهْطَك منهم المُخلَصِينَ؛ خرَجَ رسولُ اللهِ ﷺ حتى صَعِدَ الصَّفَا، فهتَفَ: «يا صَبَاحَاهْ»، فقالوا: مَن هذا؟ فاجتمَعوا إليه، فقال: «أرأَيْتم إن أخبَرْتُكم أنَّ خيلًا تخرُجُ مِن سَفْحِ هذا الجبَلِ، أكنتم مُصَدِّقِيَّ؟»، قالوا: ما جرَّبْنا عليك كَذِبًا، قال: «فإنِّي نذيرٌ لكم بَيْنَ يَدَيْ عذابٍ شديدٍ»، قال أبو لَهَبٍ: تبًّا لك! ما جمَعْتَنا إلا لهذا؟! ثم قامَ؛ فنزَلتْ: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]، وقد تَبَّ»؛ هكذا قرَأَها الأعمَشُ يومَئذٍ. أخرجه البخاري (٤٩٧١).

* سورةُ (المَسَدِ):

سُمِّيت سورةُ (المَسَدِ) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ (المَسَد) في خاتمتها.

* وتُسمَّى سورة {تَبَّتْ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظِ.

وعيدٌ لأبي لَهَبٍ وزوجته، ومصيرُهما (١-٥).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /437).

الحُكْمُ بخسران الكافرين، وزجرُ أبي لَهَبٍ على قوله للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، ووعيدُ امرأته على انتصارها لزوجها، وبُغْضِها للنبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ينظر: "مصاعد النظر إلى مقاصد السور" للبقاعي (3 /277)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /600).