تفسير سورة المسد

التفسير الواضح

تفسير سورة سورة المسد من كتاب التفسير الواضح
لمؤلفه محمد محمود حجازي .

سورة المسد
مكية. وآياتها خمس آيات. وفيها ذم أبى لهب وامرأته حمالة الحطب.
[سورة المسد (١١١) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤)
فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)
المفردات:
تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ التباب: الهلاك والخسران، والمراد: خسر وهلك أبو لهب. سَيَصْلى: سيجد حرها ويذوق لهبها. حَمَّالَةَ الْحَطَبِ: هل الحطب على حقيقته؟ وكانت أروى بنت حرب بن أمية أخت أبى سفيان وزوج أبى لهب تحمل الحطب حقيقة، أم كانت امرأة تسعى بين الناس بالوقيعة والفساد، وهذه الجملة جاءت كناية عن ذلك. مَسَدٍ المسد: الحبل المفتول فتلا شديدا.
المعنى:
روى أن النبي صلّى الله عليه وسلّم حينما أمر بالجهر والتبليغ العلنى للناس خاصة المقربين من أهله وقف على البطحاء فنادى: «يا صباحاه» فاجتمعت إليه قريش، فقال: أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أكنتم مصدقون؟ قالوا: نعم، قال: فإنى نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: تبا لك ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ
916
هلك أبو لهب وخسر خسرانا شديدا، وهذا دعاء عليه، وقد هلك وخسر بالفعل بدليل قوله تعالى ثانيا: وَتَبَّ ما أغنى عن أبى لهب ماله، ولا نفعه كسبه وعمله، ولم ينفعه شيء من ذلك في تثبيط دعوة النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد كان أبو لهب عم النبي صلّى الله عليه وسلّم واسمه عبد العزى، وكان من ألد أعدائه، يسير وراء النبي فإذا قال شيئا كذبه، ولهذا ذكر الله جزاءه فقال: سيصلى نارا لا يعرف قدرها ولا وصفها إلا خالقها، نارا ذات لهب، سيصلى هو وامرأته أذم حمالة الحطب.
روى أنها كانت تضع الشوك في طريق رسول الله بعد جمعه لهذا السبب، وقيل: إنها كانت تسعى جاهدة في إيقاع العداوة بين النبي والناس، وتحمل حطب نار الفتنة، وتوقد بينهم نار العداوة، وقد زاد سبحانه في تبشيع صورتها بقوله: في جيدها حبل من مسد، وقد كان لها قلادة حلفت لتبيعنها في الإنفاق ضد رسول الله، فأعقبها الله بدلها حبلا في جيدها: حبلا محكما ليوضع في عنقها، وهي في نار جهنم، وقيل: إن المعنى على تحقيرها وتصويرها بصورة الحاطبات الممتهنات إذلالا لكبريائها هي وزوجها.
917
سورة المسد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المَسَدِ) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفاتحة)، وقد افتُتحت بوعيدِ أبي لَهَبٍ عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاءِ عليه؛ بسبب مقالته للنبي صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، وفي ذلك بيانُ خسران الكافرين، ولو كان أقرَبَ قريب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ ولذا خُتمت بوعيد زوجه؛ لأنها وافقت زوجَها، وأبغَضت النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

ترتيبها المصحفي
111
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
6
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ: {وَأَنذِرْ ‌عَشِيرَتَكَ ‌اْلْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، ورَهْطَك منهم المُخلَصِينَ؛ خرَجَ رسولُ اللهِ ﷺ حتى صَعِدَ الصَّفَا، فهتَفَ: «يا صَبَاحَاهْ»، فقالوا: مَن هذا؟ فاجتمَعوا إليه، فقال: «أرأَيْتم إن أخبَرْتُكم أنَّ خيلًا تخرُجُ مِن سَفْحِ هذا الجبَلِ، أكنتم مُصَدِّقِيَّ؟»، قالوا: ما جرَّبْنا عليك كَذِبًا، قال: «فإنِّي نذيرٌ لكم بَيْنَ يَدَيْ عذابٍ شديدٍ»، قال أبو لَهَبٍ: تبًّا لك! ما جمَعْتَنا إلا لهذا؟! ثم قامَ؛ فنزَلتْ: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]، وقد تَبَّ»؛ هكذا قرَأَها الأعمَشُ يومَئذٍ. أخرجه البخاري (٤٩٧١).

* سورةُ (المَسَدِ):

سُمِّيت سورةُ (المَسَدِ) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ (المَسَد) في خاتمتها.

* وتُسمَّى سورة {تَبَّتْ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظِ.

وعيدٌ لأبي لَهَبٍ وزوجته، ومصيرُهما (١-٥).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /437).

الحُكْمُ بخسران الكافرين، وزجرُ أبي لَهَبٍ على قوله للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، ووعيدُ امرأته على انتصارها لزوجها، وبُغْضِها للنبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ينظر: "مصاعد النظر إلى مقاصد السور" للبقاعي (3 /277)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /600).