تفسير سورة المسد

جامع البيان في تفسير القرآن

تفسير سورة سورة المسد من كتاب جامع البيان في تفسير القرآن
لمؤلفه الإيجي محيي الدين . المتوفي سنة 905 هـ
سورة اللهب١ مدنية
وهي خمس آيات.
١ أي: سورة المسد..

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ تبت ﴾ هلكت ﴿ يدا أبي لهب ﴾ : نفسه، وعادة العرب أن تجعل التعبير عن الجملة باليدين نحو : بما قدمت يداك، وقيل : المراد دنياه وأخراه ﴿ وتب ﴾ الأول : دعاء، والثاني : خبر، أي : وقد حصل الهلاك والخسران، نزلت١ لما صعد عليه السلام الصفا، فقال :" يا صباحاه "، فاجتمعت إليه قريش قال :" أرأيتكم لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أما كنتم تصدقوني ؟ " قالوا : بلى، قال :" فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد "، فقال أبو لهب : تبا لك، ألهذا دعوتنا جميعا ؟
١ أخرجه البخاري، ومسلم، وغيرهما/١٢ فتح..
﴿ ما أغنى عنه ماله ﴾ : من عذاب الله ﴿ وما كسب ﴾ : الذي كسبه، وهو ولده، فإنه قال : إن كان ما يقول ابن أخي حقا، فأنا أفتدي منه نفسي بمالي وولدي، وهو مات عليه اللعنة، وبعدما أنتن دفنه بعض السودان، وقد افترس أسد ولده في طريق الشام.
﴿ سيصلى ﴾ : سيدخل ﴿ نارا ذات لهب ﴾ : اشتعال، أي : جهنم.
﴿ وامرأته حمالة الحطب ﴾ أي : تحمل الحطب في جهنم، فتلقي زوجها ليزداد عذابه ؛ لأنها كانت عونا له في شره في الدنيا، فتكون في القيامة عونا عليه في شره وعذابه، والجملة حالية.
﴿ في جيدها ﴾ : عنقها ﴿ حبل من مسد ﴾ أي : مما مسد وفتل كالحطابين، وعن ابن عباس وغيره : سلسلة من حديد فتل وأحكم منه. وروى أنها تجمع الشوك وتطرحه ليلا في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فمعناه : وإن حالها في جهنم على الصورة التي كانت عليها في الدنيا، حين تحمل الشوك على ظهرها، وقيل معناه : إن امرأته حمالة الحطب في الدنيا في عنقها حبل من ليف، والغرض تحقيرها وتخسيس حالها، فإنها من سادة نساء قريش، فقوله :" وامرأته " الخ من عطف الجملة، ولا تكون حالية، أو هي عامة في الدنيا حمالة الحطب بين الناس لنائرة الشر، وعن بعض : إن لها قلادة فاخرة، فقالت : لأنفقها في عداوة محمد، فأعقبها الله منها حبلا في عنقها من مسد النار.
والحمد لله.
سورة المسد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المَسَدِ) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفاتحة)، وقد افتُتحت بوعيدِ أبي لَهَبٍ عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاءِ عليه؛ بسبب مقالته للنبي صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، وفي ذلك بيانُ خسران الكافرين، ولو كان أقرَبَ قريب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ ولذا خُتمت بوعيد زوجه؛ لأنها وافقت زوجَها، وأبغَضت النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

ترتيبها المصحفي
111
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
6
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ: {وَأَنذِرْ ‌عَشِيرَتَكَ ‌اْلْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، ورَهْطَك منهم المُخلَصِينَ؛ خرَجَ رسولُ اللهِ ﷺ حتى صَعِدَ الصَّفَا، فهتَفَ: «يا صَبَاحَاهْ»، فقالوا: مَن هذا؟ فاجتمَعوا إليه، فقال: «أرأَيْتم إن أخبَرْتُكم أنَّ خيلًا تخرُجُ مِن سَفْحِ هذا الجبَلِ، أكنتم مُصَدِّقِيَّ؟»، قالوا: ما جرَّبْنا عليك كَذِبًا، قال: «فإنِّي نذيرٌ لكم بَيْنَ يَدَيْ عذابٍ شديدٍ»، قال أبو لَهَبٍ: تبًّا لك! ما جمَعْتَنا إلا لهذا؟! ثم قامَ؛ فنزَلتْ: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]، وقد تَبَّ»؛ هكذا قرَأَها الأعمَشُ يومَئذٍ. أخرجه البخاري (٤٩٧١).

* سورةُ (المَسَدِ):

سُمِّيت سورةُ (المَسَدِ) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ (المَسَد) في خاتمتها.

* وتُسمَّى سورة {تَبَّتْ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظِ.

وعيدٌ لأبي لَهَبٍ وزوجته، ومصيرُهما (١-٥).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /437).

الحُكْمُ بخسران الكافرين، وزجرُ أبي لَهَبٍ على قوله للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، ووعيدُ امرأته على انتصارها لزوجها، وبُغْضِها للنبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ينظر: "مصاعد النظر إلى مقاصد السور" للبقاعي (3 /277)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /600).