بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الحديد وهي مكية في قول الكلبي وجماعة. وقال بعضهم : إنها مدنية. وعن سعيد بن جبير أنه قال : اسم الله الأعظم في ست آيات من أول سورة الحديد. وعن أبي التياح أنه قال : من أراد أن يعرف كيف وصف الجبار نفسه فليقرأ ست آيات من أول سورة الحديد. والله أعلم.ﰡ
وَقَوله: ﴿وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم﴾ أَي: الْغَالِب الْحَكِيم فِي أمره.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَهُوَ على كل شَيْء قدير﴾ أَي: قَادر.
وَقَوله: ﴿وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن﴾ أَي: الظَّاهِر بالدلائل والآيات، وَالْبَاطِن لِأَنَّهُ لَا يرى بالأبصار، وَلَا يدْرك بالحواس. وَقيل: الظَّاهِر هُوَ الْغَالِب؛ وَهَذَا يحْكى عَن ابْن عَبَّاس. وَالْبَاطِن المحتجب عَن خلقه. (وَعَن) بَعضهم: الْعَالم بِمَا ظهر وَمَا بطن.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم﴾ أَي: عَالم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش﴾ قد بَينا. وَعَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: خلق الْعَرْش من نوره. وَعَن بَعضهم: هُوَ ياقوتة حَمْرَاء. وَسمي الْعَرْش عرشا لارتفاعه.
وَقَوله: ﴿يعلم مَا يلج فِي الأَرْض﴾ أَي: يدْخل فِيهَا من مطر وَحب وميت.
وَقَوله: ﴿وَمَا يخرج مِنْهَا﴾ أَي: يدْخل فِيهَا منطر وَحب وميت
وَقَوله تَعَالَى ﴿وَمَا يخرج مِنْهَا﴾ أى من نَبَات وشجرة وَنَحْوه.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَمَا ينزل من السَّمَاء﴾ أَي: من الْمَطَر والرزق وَالْمَلَائِكَة.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَمَا يعرج فِيهَا﴾ أَي: من الْمَلَائِكَة وأعمال بني آدم.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ مَعكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُم﴾ أَي: بِعِلْمِهِ وَقدرته، ذكره ابْن عَبَّاس وَغَيره. وَقَالَ الْحسن: هُوَ مَعكُمْ بِلَا كَيفَ.
وَقَوله: ﴿أَيْنَمَا كُنْتُم﴾ أَي: حَيْثُمَا كُنْتُم.
وَقَوله: ﴿وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير﴾ أَي: خَبِير.
وَقَوله: ﴿ويولج النَّهَار فِي اللَّيْل﴾ أَي: ينقص من النَّهَار، وَيزِيد فِي اللَّيْل.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ عليم بِذَات الصُّدُور﴾ أَي: بِمَا فِيهَا.
وَقَوله: ﴿فَالَّذِينَ آمنُوا مِنْكُم وأنفقوا لَهُم أجر كَبِير﴾ أَي: عَظِيم.
وَقَوله: ﴿وَإِن الله بكم لرءوف رَحِيم﴾ قد بَينا.
وَقَوله: ﴿وَللَّه مِيرَاث السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ هُوَ إِشَارَة إِلَى مَا بَينا من قبل.
وَقَوله: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل الْفَتْح وَقَاتل﴾ أَي: لَا يَسْتَوِي من أنْفق وَقَاتل قبل فتح مَكَّة، وَمن أنْفق وَقَاتل بعد فتح مَكَّة. وَإِنَّمَا لم يستويا؛ لِأَن أَصْحَاب النَّبِي نالهم من التَّعَب وَالْمَشَقَّة وَالْمَكْرُوه والشدة قبل الْفَتْح مَا لم ينلهم بعده. وَذكر الْكَلْبِيّ أَن الْآيَة نزلت فِي أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَقد ورد فِي بعض المسانيد عَن ابْن عمر " أَن النَّبِي كَانَ جَالِسا وَعِنْده أَبُو بكر الصّديق، وَعَلِيهِ عباءة قد خللها فِي صَدره؛ فجَاء جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ للنَّبِي: يَقُول الله تَعَالَى: سلم على أبي بكر، وَقل لَهُ: أراض أَنْت عني فِي فقرك أم ساخط؟ فَقَالَ النَّبِي لأبي بكر: هَذَا جِبْرِيل يُقْرِئك من رَبك السَّلَام، وَيَقُول كَذَا، فَبكى أَبُو بكر وَقَالَ: بل أَنا رَاض عَن رَبِّي، بل أَنا رَاض عَن رَبِّي ".
وَذكر النقاش أَن الْآيَة نزلت فِي عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ قد جهز جَيش الْعسرَة، وَأعْطى سَبْعمِائة وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا، وَأعْطى سبعين فرسا، وَكَانَ أَعْطَاهَا بآلاتها.
وَفِي رِوَايَة: جَاءَ بِخَمْسَة آلَاف دِينَار وصبها بَين يَدي النَّبِي، فَجعل النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يقلبها بِيَدِهِ وَيَقُول: " مَا ضرّ عُثْمَان مَا يفعل بعد هَذَا ".
وَقَوله: ﴿أُولَئِكَ أعظم دَرَجَة من الَّذين أَنْفقُوا من بعد وقاتلوا﴾ قد بَينا الْمَعْنى فِي ذَلِك.
وَقَوله: ﴿وكلا وعد الله الْحسنى﴾ أَي: الْجنَّة.
وَقَوله: ﴿وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير﴾ أَي: عَالم، وَالْمعْنَى: أَن الله تَعَالَى وعد جَمِيع الْمُتَّقِينَ الْجنَّة، وَإِن تفاضلوا فِي الدرجَة.
وَعَن بَعضهم: أَنه لما نزلت هَذِه الْآيَة جَاءَ الْيَهُود إِلَى النَّبِي، وَقَالُوا: أفقير رَبنَا فيستقرضنا؟ فَأنْزل الله تَعَالَى قَوْله: ﴿لقد سمع الله قَول الَّذين قَالُوا إِن الله فَقير وَنحن أَغْنِيَاء﴾.
وَقَالَ الزّجاج: الْعَرَب تَقول لكل من كل فعل فعلا حسنا: قد أقْرض، قَالَ الشَّاعِر:
(وَإِذا جوزيت قرضا فاقضه | إِنَّمَا يَجْزِي الْفَتى لَيْسَ الْإِبِل) |
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فيضاعفه لَهُ﴾ قرئَ بِرَفْع الْفَاء ونصبها، فبالرفع هُوَ مَعْطُوف على قَوْله: ﴿يقْرض﴾ وَبِالنَّصبِ يكون على جَوَاب الِاسْتِفْهَام بِالْفَاءِ.
وَقَوله: ﴿وَله أجر كريم﴾ أَي: حسن.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وبأيمانهم﴾ أَي: النُّور بأيمانهم.
وَقَوله: ﴿بشراكم الْيَوْم﴾ أَي: بشارتكم الْيَوْم ﴿جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار﴾.
وَقَوله: ﴿خَالِدين فِيهَا ذَلِك هُوَ الْفَوْز الْعَظِيم﴾ أَي: النجَاة [الْعَظِيمَة].
قَالَ الشَّاعِر:
(أَبَا هِنْد فَلَا تعجل علينا | وأنظرنا نخبرك اليقينا) |
(كَأَن بِلَاد الله وَهِي عريضة | على الْخَائِف الْمَطْلُوب كفة حابل) |
وَقَوله: ﴿ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء وَالله ذُو الْفضل الْعَظِيم﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿إِلَّا فِي كتاب﴾ قد ثَبت أَن النَّبِي قَالَ: " لما خلق الله الْقَلَم قَالَ لَهُ: اكْتُبْ. قَالَ: وَمَا أكتب؟ قَالَ: اكْتُبْ مَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ". وَالْكتاب هُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ.
وَقَوله: ﴿من قبل أَن نبرأها﴾ أَي: من قبل أَن نخلقها. وَالْكِتَابَة يجوز أَن ترجع إِلَى النقوش، وَيجوز أَن نرْجِع إِلَى الْمُصِيبَة.
وَقَوله: ﴿إِن ذَلِك على الله يسير﴾ أَي: هَين.
وَقَوله: ﴿وَلَا تفرحوا بِمَا آتَاكُم﴾ أَي: لَا تبطروا وَلَا تأشروا. وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا من أحد إِلَّا ويحزن، وَلَكِن المُرَاد بِالْآيَةِ هُوَ أَن نشكر عِنْد النِّعْمَة، وَنَصْبِر عِنْد الْمُصِيبَة. وَعَن بَعضهم مَعْنَاهُ: لَا يُجَاوز مَا حَده الله تَعَالَى يَعْنِي: لَا يجزع عِنْد الْمُصِيبَة جزعا يُخرجهُ إِلَى ترك الرِّضَا، وَلَا يفرح عِنْد النِّعْمَة فَرحا يُخرجهُ عَن طَاعَة الله، أَو يمْسِكهَا عَن حُقُوقهَا، وَلَكِن إِذا علم أَن الْكل بِقَضَاء الله وَقدره، وَأَن مَا أخطأه لم يكن ليصيبه، وَمَا أَصَابَهُ لم لكم يكن ليخطئه، هان عَلَيْهِ مَا فَاتَ، وَلم يفرح بِمَا أصَاب. وَعَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه قَالَ: إِذا اسْتَأْثر الله عَلَيْك بِشَيْء [مَا فاتك] ذَلِك عَن ترك ذكره.
وَمن الْمَعْرُوف قَول النَّبِي " لله مَا أَخذ، وَللَّه مَا أعْطى ".
وَقَوله: ﴿وَالله لَا يحب كل مختال فخور﴾ أَي: متكبر منان بِمَا أعْطى.
وَفِي الْآيَة قَول آخر ذكره السدى وَغَيره: أَن الْآيَة فِي الْيَهُود؛ وبخلهم هُوَ كتمان صفة الرَّسُول، وَأمرهمْ بالبخل أَمرهم بِالْكِتْمَانِ.
وَقَوله: ﴿وَمن يتول فَإِن الله هُوَ الْغَنِيّ الحميد﴾ أَي: الْغَنِيّ عَن طَاعَة خلقه، الحميد فِي فعاله. وَقيل: الْغَنِيّ عَن صدقَات الْخلق، الحميد فِي إفضاله عَلَيْهِم.
وَعَن سعيد بن جُبَير قَالَ: يَبْخلُونَ أَي: لَا يتصدقون، ويأمرون النَّاس بالبخل، أَي:
وَقَوله: ﴿وَالْمِيزَان﴾ قَالَ قَتَادَة: الْعدْل. وَقَالَ الْكَلْبِيّ: الْمِيزَان الْمَعْرُوف الَّذِي توزن بِهِ الْأَشْيَاء. وَمَعْنَاهُ: وَضعنَا الْمِيزَان، وعَلى القَوْل الأول مَعْنَاهُ: أمرنَا بِالْعَدْلِ.
وَقَوله: ﴿ليقوم النَّاس بِالْقِسْطِ﴾ أَي: بِالْعَدْلِ فِي الْمِيزَان.
وَقَوله: ﴿وأنزلنا الْحَدِيد فِيهِ بَأْس شَدِيد﴾ قَوْله: ﴿أنزلنَا الْحَدِيد﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن مَعْنَاهُ: وخلقنا الْحَدِيد وأحدثناه.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن المُرَاد بِهِ هُوَ الْإِنْزَال من السَّمَاء حَقِيقَة، " وَأَن الله تَعَالَى لما أنزل آدم إِلَى الأَرْض أنزل مَعَه العلاة والكلبتين والميقعة " وَهِي المطرقة وَقيل: أنزل مَعَه الْحجر الْأسود وعصا مُوسَى من آس الْجنَّة وَمَا ذكرنَا من الْحَدِيد.
وَقَوله: ﴿فِيهِ بَأْس شَدِيد﴾ أَي: هُوَ سلَاح وجنة. فالسلاح يُقَاتل بِهِ، وَالْجنَّة يتقى
وَقَوله ﴿مَنَافِع للنَّاس﴾ هِيَ مَا يتَّخذ من الْآلَات من الْحَدِيد مثل الفأس والقدوم والمنشار والمسلة والإبرة وَنَحْوهَا بهَا.
وَقَوله: ﴿وليعلم الله من ينصره وَرُسُله بِالْغَيْبِ﴾ ذكر هَاهُنَا هَذَا؛ لِأَن نصْرَة الله تَعَالَى ونصرة رسله بِالْقِتَالِ، والقتال بآلات الْحَدِيد، وَإِنَّمَا قَالَ: ﴿بِالْغَيْبِ﴾ لِأَن كل مَا يَفْعَله الْعباد من الطَّاعَات إِنَّمَا يَفْعَلُونَهُ بِالْغَيْبِ، على مَا قَالَ الله تَعَالَى: ﴿الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ﴾.
وَقَوله: ﴿إِن الله قوي عَزِيز﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿وقفينا بِعِيسَى ابْن مَرْيَم وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيل﴾ أَي: أعطيناه الْإِنْجِيل جملَة.
وَقَوله: ﴿وَجَعَلنَا فِي قُلُوب الَّذين اتَّبعُوهُ رأفة وَرَحْمَة﴾ الرأفة: أَشد الرَّحْمَة، وَالْمرَاد بهؤلاء: هم الَّذين بقوا على دين الْحق، وَلم يُغيرُوا وَلم يبدلوا بعد عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام.
وَقَوله: ﴿ورهبانية ابتدعوها﴾ أَي: وابتدعوها رَهْبَانِيَّة من تِلْقَاء أنفسهم، والرهبانية هِيَ مَا ابتدعوها من السياحة فِي البراري (والمفاوز). قيل: هُوَ التفرد فِي الديار والصوامع لِلْعِبَادَةِ. وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " لَا رَهْبَانِيَّة فِي الْإِسْلَام ". وَفِي رِوَايَة قَالَ: " رَهْبَانِيَّة أمتِي الْجِهَاد فِي سَبِيل الله ". وَفِي الْأَخْبَار: أَن سَبَب ابتداعهم الرهبانية أَن الْمُلُوك بعد عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام بدلُوا دين عِيسَى، وَقتلُوا الْعباد والأخيار من بني إِسْرَائِيل حِين دعوهم إِلَى الْحق؛ فَقَالَ الأخيار فِيمَا بَينهم وهم الَّذين بقوا إِنَّهُم وَإِن قتلونا لَا يسعنا الْمقَام فِيمَا بَينهم وَالسُّكُوت، فلحق بَعضهم بالبراري وساحوا، وَبنى بَعضهم الصوامع وتفردوا فِيهَا لِلْعِبَادَةِ، فَكَانَ أصل الرهبانية بِهَذَا السَّبَب.
وَقَوله: ﴿مَا كتبناها عَلَيْهِم﴾ أَي: مَا فرضناها عَلَيْهِم.
وَقَوله: ﴿إِلَّا ابْتِغَاء رضوَان الله﴾ انتصب لمَحْذُوف، والمحذوف: مَا ابتدعوها إِلَّا ابْتِغَاء رضوَان الله.
وَقَوله: ﴿فَمَا رعوها حق رعايتها﴾ أَي: مَا قَامُوا كَمَا يجب الْقِيَامَة بهَا.
وَقَوله: ﴿فآتينا الَّذين آمنُوا مِنْهُم أجرهم﴾ أَي: ثوابهم، وهم الَّذين آمنُوا بِمُحَمد بعد أَن ترهبوا.
وَقَوله: ﴿وَكثير مِنْهُم فَاسِقُونَ﴾ أَي: الَّذين بقوا على الْكفْر.
وَقَوله: ﴿وَيجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ﴾ هُوَ النُّور الَّذِي بَينا من قبل يضيئهم على الصِّرَاط. وَقيل: هُوَ نور الْإِسْلَام.
وَقَوله: ﴿تمشون بِهِ﴾ أَي: تسلكون طَرِيق الْإِسْلَام بنوره.
وَقَوله: ﴿وَيغْفر لكم وَالله غَفُور رَحِيم﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
(وَلَا ألزم الْبيض أَن لَا تسحرُوا... )
أَي: أَن تسحرُوا.
وَقَوله: ﴿أَلا يقدرُونَ على شَيْء من فضل الله﴾ مَعْنَاهُ: إِنَّا أعطينا مَا أعطينا من الكفلين من الرَّحْمَة للْمُؤْمِنين؛ ليعلم أهل الْكتاب أَن لَيْسَ بِأَيْدِيهِم إِيصَال فضل الله الْوَاحِد، وَيعلم الْمُؤْمِنُونَ أَن الْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء، وَهُوَ معنى قَوْله: ﴿وَأَن الْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء﴾ أَي: يُعْطِيهِ من يَشَاء، وَقيل معنى الْآيَة: ليعلم أهل الْكتاب أَن من لم يُؤمن بِمُحَمد لَيْسَ لَهُ نصيب من فضل الله يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَوله: ﴿أَلا يقدرُونَ على شَيْء من فضل الله﴾ أَي: لَا يصلونَ إِلَى شَيْء من فضل الله حِين لم يُؤمنُوا بِمُحَمد، وَالْفضل بيد الله يوصله إِلَى الْمُؤمنِينَ بِمُحَمد بمشيئته، وَالْفضل هَاهُنَا هُوَ الْجنَّة.
وَقَوله: ﴿وَالله ذُو الْفضل الْعَظِيم﴾ أَي: لَهُ الْفضل الْعَظِيم، وَهُوَ الْقَادِر على إِيصَال الْفضل الْعَظِيم يَعْنِي: إِلَى من يَشَاء من عباده وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
﴿قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا وتشتكي إِلَى الله وَالله يسمع تحاوركما إِن﴾تَفْسِير سُورَة المجادلة
وَهِي مَدَنِيَّة
سورة الحديد
سورة (الحديد) من السُّوَر المدنية، وهي من السُّوَر (المسبِّحات)، التي تبدأ بالتسبيح، جاءت بالتذكيرِ بجلال الله وعظمته، وسلطانه وقوته، ومن ذلك خَلْقُه الحديدَ الذي فيه بأسٌ شديد ومنافعُ للناس؛ فهو الخالق المتصرِّف في الكون كيف شاء سبحانه وتعالى، وجاءت السورة بدلائلِ وَحْدانية الله، ووَحْدة ما دعَتْ إليه الرسالاتُ السماوية.
ترتيبها المصحفي
57نوعها
مدنيةألفاظها
575ترتيب نزولها
94العد المدني الأول
28العد المدني الأخير
28العد البصري
29العد الكوفي
29العد الشامي
28* سورة (الحديد):
سُمِّيت سورة (الحديد) بذلك؛ لوقوعِ لفظ الحديد فيها؛ قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا اْلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اْللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِاْلْغَيْبِۚ إِنَّ اْللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ} [الحديد: 25].
1. الإيمان بالله تعالى، ودلائلُه، وآثاره (١-١٥).
2. الدعوة إلى خشيةِ الله تعالى (١٦-٢٤).
3. وَحْدة الرسالات السماوية (٢٥-٢٩).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /8).
يشير ابنُ عاشور إلى مقصدِ السورة فيقول: «التذكيرُ بجلال الله تعالى، وصفاتِه العظيمة، وسَعة قُدْرته وملكوته، وعموم تصرُّفه، ووجوب وجوده، وسَعة علمه.
والأمرُ بالإيمان بوجوده، وبما جاء به رسولُه صلى الله عليه وسلم، وما أُنزِلَ عليه من الآيات البيِّنات.
والتنبيه لِما في القرآن من الهَدي وسبيل النجاة.
والتذكير برحمة الله، ورأفته بخَلْقه.
والتحريض على الإنفاق في سبيل الله، وأن المالَ عرَضٌ زائل، لا يَبقَى منه لصاحبه إلا ثوابُ ما أنفَقَ منه في مرضاة الله.
والتخلُّص إلى ما أعد اللهُ للمؤمنين والمؤمنات يوم القيامة من خيرٍ، وضد ذلك للمنافقين والمنافقات». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /356).