تفسير سورة الحديد

تفسير النسائي

تفسير سورة سورة الحديد من كتاب تفسير النسائي
لمؤلفه النسائي . المتوفي سنة 303 هـ

السُّورُ٥٨٩- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدثنا عبدُ العزيز، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا دخلَ أهلُ الجنة الجنَّة، وأهلُ النارِ النارَ، أُتي بالموتِ مُلبباً، فيوقفُ على السورِ الذي بين (أهل الجنةِ، وأهلِ النارِ) فيذبحُ ذبحاً على السورِ ثم يقالُ: يا أهل الجنةِ، خلودٌ لا موت، ويا أهل النار، خلودٌ لا موت ".- مُختصرٌ -
قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ ﴾ [١٦]٥٨٨- أخبرنا هارونُ بن سعيدٍ، قال: حدثنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عمرو [بن الحارث]، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن عون بن عبد الله [بن عتبة]، عن أبيهِ، أن ابن مسعودٍ، قال: ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا اللهُ بهذه الآيةِ { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ] إلاَّ أربعُ سنينَ.
٥٨٧- أخبرنا الحُسين بن حُريثٍ، قال: أخبرنا الفضلُ بنُ موسى، عن سفيان بن سعيدٍ، عن عطاء بن السَّائب، عن سعيد بن جُبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: كانوا مُلوكاً بعد عيسى (عليه السَّلامُ) بدَّلوا التوراة والإنجيلَ، فكان منهم مؤمنون يقرأُون التوراة والإِ(نجيلَ)، فقيل لِمُلُوكِهِمْ ما نجدُ شتماً أشدَّ من شتمٍ يشتُمُوننا هؤلاء، إنهم يقرأُون﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ ﴾[المائدة: ٤٤] هؤلاءِ الآياتِ (مع ما) يعيبونا به من أعمالنا في قراءتهم، فادعهم، فليقرؤُا كما نقرأُ، وليُؤمِنوا كما آمنَّا، فدعاهم، فجمعهم، وعرض عليهم القتل، أو يتركوا قراءةَ التوراةِ والإنجيلِ، إلا ما بدَّلوا مِنها، فقالوا: ما تريدون إلى ذلك؟ دعونا، فقالت طائفةٌ منهم: ابنوا لنا/ أُسطُوانةً، ثم ارفعونا إليها، ثم أعطونا شيئاً نرفعُ به طعامنا وشرابنا، فلا نردُ عليكم، وقالت طائفةٌ: دعونا نسيحُ في الأرض ونهيمُ ونشربُ كما يشربُ الوحشُ، فإن قدرتم علينا في أرضكم فاقتلونا، وقالت طائفةٌ: ابنوا لنا دُوراً في الفيافي، ونحتفرُ الآبار، ونحرثُ البقول، فلا نَرِدُ عليكم، ولا نمُرُّ بكم، وليس أحدٌ من القبائل إلاَّ (ولهُ) حميمٌ فيهم، ففعلوا ذلك، فأنزل اللهُ (عزَّ وَجلَّ) ﴿ [وَ]رَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ رِضْوَانِ ٱللَّهِ/ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ﴾ [٢٧] والآخرون قالوا: نَتَعَبَّدُ كما تَعَبَّدَ فُلانٌ، ونسيحُ كما ساحَ فلانٌ، ونتَّخِذُ دُوراً كما اتَّخذ فلانٌ، وهم على شِركِهِم لا علم لهم بإيمانِ (الَّذين) اقتدوا به، فلما بُعث النبيُّ صلى الله عليه وسلم ولم يبق منهم (إلا القليلُ)، انحطَّ رجلٌ من صومعتِهِ، وجاء سائحٌ من سياحتهِ، وصاحبُ الدَّيرِ من ديرهِ، فآمنوا به وصدَّقوه، فقال اللهُ عزَّ وجلَّ ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ ﴾ [٢٨]، أجْرَينِ بِإيمانِهِم بعيسى (بن مريم) (وتصديقهم) بالتوراةِ والإنجيلِ، وبإيمانهم بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وتصديقهم، قال: ﴿ [وَ]يَجْعَل (لَّكُمْ) نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾ [٢٨] القرآنُ، واتِّباعُهُمُ النبي صلى الله عليه وسلم، قال ﴿ لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ ﴾ [٢٩] الذين يَتَشَبَّهُونَ بكم ﴿ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّن فَضْلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ ﴾ [٢٩].
سورة الحديد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الحديد) من السُّوَر المدنية، وهي من السُّوَر (المسبِّحات)، التي تبدأ بالتسبيح، جاءت بالتذكيرِ بجلال الله وعظمته، وسلطانه وقوته، ومن ذلك خَلْقُه الحديدَ الذي فيه بأسٌ شديد ومنافعُ للناس؛ فهو الخالق المتصرِّف في الكون كيف شاء سبحانه وتعالى، وجاءت السورة بدلائلِ وَحْدانية الله، ووَحْدة ما دعَتْ إليه الرسالاتُ السماوية.

ترتيبها المصحفي
57
نوعها
مدنية
ألفاظها
575
ترتيب نزولها
94
العد المدني الأول
28
العد المدني الأخير
28
العد البصري
29
العد الكوفي
29
العد الشامي
28

* سورة (الحديد):

سُمِّيت سورة (الحديد) بذلك؛ لوقوعِ لفظ الحديد فيها؛ قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا اْلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اْللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِاْلْغَيْبِۚ إِنَّ اْللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ} [الحديد: 25].

1. الإيمان بالله تعالى، ودلائلُه، وآثاره (١-١٥).

2. الدعوة إلى خشيةِ الله تعالى (١٦-٢٤).

3. وَحْدة الرسالات السماوية (٢٥-٢٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /8).

يشير ابنُ عاشور إلى مقصدِ السورة فيقول: «التذكيرُ بجلال الله تعالى، وصفاتِه العظيمة، وسَعة قُدْرته وملكوته، وعموم تصرُّفه، ووجوب وجوده، وسَعة علمه.

والأمرُ بالإيمان بوجوده، وبما جاء به رسولُه صلى الله عليه وسلم، وما أُنزِلَ عليه من الآيات البيِّنات.

والتنبيه لِما في القرآن من الهَدي وسبيل النجاة.

والتذكير برحمة الله، ورأفته بخَلْقه.

والتحريض على الإنفاق في سبيل الله، وأن المالَ عرَضٌ زائل، لا يَبقَى منه لصاحبه إلا ثوابُ ما أنفَقَ منه في مرضاة الله.

والتخلُّص إلى ما أعد اللهُ للمؤمنين والمؤمنات يوم القيامة من خيرٍ، وضد ذلك للمنافقين والمنافقات». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /356).