تفسير سورة الحديد

تفسير الإمام مالك

تفسير سورة سورة الحديد من كتاب تفسير الإمام مالك
لمؤلفه مالك بن أنس . المتوفي سنة 179 هـ

الآية الأولى : قوله تعالى :﴿ هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ﴾ [ الحديد : ٣ ].
٨٦٢- ابن العربي : قال ابن القاسم : قال مالك : لا يحد ولا يشبه. ١
قال ابن وهب : سمعت مالكا يقول : من قرأ ﴿ يد الله ﴾ وأشار إلى يده، وقرأ ﴿ عنين الله ﴾، وأشار إلى ذلك العضو منه، يقطع تغليظا عليه في تقديس الله وتنزيهه عما أشبه إليه، وشبهه بنفسه، فتعدم نفسه وجارحته التي شبهها بالله.
١ - أحكام القرآن لابن العربي: ٤/١٧٤٠. وعقب عليه ابن العربي قائلا: "وهذه غاية في التوحيد لم يسبق إليها مالكا موحد".
قال القاضي عياض في الموافقات: "كان مالك بن أنس يقول: "لا أحب الكلام إلا فيما تحته عمل". فأما الكلام في الدين وفي الله عز وجل فالسكوت أحب إلي، لأني رأيت أهل بلدنا ينهون عن الكلام في الدين إلا فيما تحته عمل": ٢/٣٣٢. وساق تعقيبا لابن عبد البر على قول مالك: قال: قال ابن عبد البر: قد بين مالك رحمه الله أن الكلام فيما تحته عمل هو مباح عنده وعند أهل بلده- يعني العلماء منهم-، وأخبر أن الكلام في الدين نحو القول في صفات الله وأسمائه، وضرب مثلا نحو رأي جهم والقدر- قال- والذي قاله مالك عليه جماعة الفقهاء قديما وحديثا من أهل الحديث والفتوى، وإنما خالف في ذلك أهل البدع: وأما الجماعة فعلى ما قال مالك رحمه الله إلا أن يضطر أحد إلى الكلام، فلا يسعه السكوت وإذا طمع في رد وصرف صاحبه عن مذهبه وخشي ضلالة عامة، أو نحو هذا"..

الآية الثانية : قوله تعالى :﴿ لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير ﴾ [ الحديد : ١٠ ].
٨٦٣- ابن العربي : روى أشهب عن مالك قال : ينبغي أن يقوم أهل الفضل والعزم. وقد قال الله تعالى :﴿ لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى ﴾. ١
١ - أحكام القرآن لابن العربي: ٤/١٧٤١ وينظر الجامع: ١٧/٢٤٠..
الآية الثالثة : قوله تعالى :﴿ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون ﴾ [ الحديد : ١٦ ].
٨٦٤- القرطبي : ذكر ابن المبارك، أخبرنا مالك بن أنس، قال : بلغني أن عيسى عليه السلام قال لقومه : لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله تعالى فتقسو قلوبكم، فإن القلب بعيد من الله ولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب وانظروا فيها- أو قال : في ذنوبكم – كأنكم عبيد، فإنما الناس رجلان معافى ومبتلى فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية. ١
١ - الجامع: ١٧/ ٢٥٠ وزاد القرطبي: وهذه الآية: ﴿ألم يان للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله﴾ "كانت سبب سبب توبة الفضيل بن عياض وابن المبارك رحمهما الله تعالى"..
الآية الرابعة : قوله تعالى :﴿ وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ﴾ [ الحديد : ٢١ ].
٨٦٥- ابن رشد : قال مالك : قال لعمر بن الخطاب رجل : يقول الله عز وجل :﴿ وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ﴾ فأين تكون النار ؟ فسكت عنه شيئا ثم قال له : أرأيت إذا جاء الليل أين يكون النهار ؟ وإذا جاء النهار أين يكون الليل ؟ فقال : الله أعلم، فقال عمر : هو ذلك. ١
١ - البيان والتحصيل: ١٨/ ٣٩٦..
سورة الحديد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الحديد) من السُّوَر المدنية، وهي من السُّوَر (المسبِّحات)، التي تبدأ بالتسبيح، جاءت بالتذكيرِ بجلال الله وعظمته، وسلطانه وقوته، ومن ذلك خَلْقُه الحديدَ الذي فيه بأسٌ شديد ومنافعُ للناس؛ فهو الخالق المتصرِّف في الكون كيف شاء سبحانه وتعالى، وجاءت السورة بدلائلِ وَحْدانية الله، ووَحْدة ما دعَتْ إليه الرسالاتُ السماوية.

ترتيبها المصحفي
57
نوعها
مدنية
ألفاظها
575
ترتيب نزولها
94
العد المدني الأول
28
العد المدني الأخير
28
العد البصري
29
العد الكوفي
29
العد الشامي
28

* سورة (الحديد):

سُمِّيت سورة (الحديد) بذلك؛ لوقوعِ لفظ الحديد فيها؛ قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا اْلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اْللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِاْلْغَيْبِۚ إِنَّ اْللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ} [الحديد: 25].

1. الإيمان بالله تعالى، ودلائلُه، وآثاره (١-١٥).

2. الدعوة إلى خشيةِ الله تعالى (١٦-٢٤).

3. وَحْدة الرسالات السماوية (٢٥-٢٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /8).

يشير ابنُ عاشور إلى مقصدِ السورة فيقول: «التذكيرُ بجلال الله تعالى، وصفاتِه العظيمة، وسَعة قُدْرته وملكوته، وعموم تصرُّفه، ووجوب وجوده، وسَعة علمه.

والأمرُ بالإيمان بوجوده، وبما جاء به رسولُه صلى الله عليه وسلم، وما أُنزِلَ عليه من الآيات البيِّنات.

والتنبيه لِما في القرآن من الهَدي وسبيل النجاة.

والتذكير برحمة الله، ورأفته بخَلْقه.

والتحريض على الإنفاق في سبيل الله، وأن المالَ عرَضٌ زائل، لا يَبقَى منه لصاحبه إلا ثوابُ ما أنفَقَ منه في مرضاة الله.

والتخلُّص إلى ما أعد اللهُ للمؤمنين والمؤمنات يوم القيامة من خيرٍ، وضد ذلك للمنافقين والمنافقات». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /356).