تفسير سورة الحديد

أسباب نزول القرآن - الواحدي

تفسير سورة سورة الحديد من كتاب أسباب نزول القرآن - الواحدي
لمؤلفه .

قوله تعالى: ﴿لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ...﴾ الآية. [١٠].
روى محمد بن فُضيل، عن الكلبي: أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه. ويدل على هذا ما أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد [بن عبده] بن يحيى، قال: حدَّثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله السَّلِيطي، قال: حدَّثنا عثمان بن سليمان البغدادي، قال: حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم المخزومي، قال: حدَّثنا عمرو بن حَفْص الشَّيْباني، قال: حدَّثنا العلاء بن عمرو، قال: حدَّثنا أبو إسحاق الفَزَارِي، عن سفيان الثَّوْرِي، عن آدم بن علي، عن ابن عمر، قال:
بينا النبيُّ صلى الله عليه وسلم جالس وعنده أبو بكر الصديق، وعليه عباءة قد خلَّلها على صدره بخِلاَل، إذ نزل عليه جبريل عليه السلام فأقرأه من الله السلام وقال: يا محمد، ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلَّلها على صدره بخلال؟ فقال: يا جبريل، أنفق ماله قبل الفتح عَلَيَّ. قال: فأَقْرِئه مِنَ الله سبحانه وتعالى السلام، وقل له: يقول لك ربك: أراضٍ أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر، فقال: يا أبا بكر، هذا جبريل يُقْرِئك من الله سبحانه السلام. ويقول لك: أراضٍ أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فبكى أبو بكر وقال: على ربي أغضب؟ أنا عن ربي راضٍ، أنا عن ربي رَاضٍ.
قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ...﴾ الآية. [١٦].
قال الكلبي ومقاتل: نزلت في المنافقين بعد الهجرة بسنة، وذلك أنهم سألوا سلمان الفارسي ذاتَ يوم فقالوا: حدَّثنا عما في التوراة فإن فيها العجائب، فنزلت هذه الآية، وقال غيرهما: نزلت في المؤمنين.
أخبرنا عبد القاهر بن طاهر، قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر، قال: أخبرنا جعفر بن محمد الفِرْيابي، قال: حدَّثنا إسحاق بن رَاهَوَيْه، قال: حدَّثنا عمرو بن محمد القرشي، قال: حدَّثنا خلاد بن [مسلم] الصَّفَّار، عن عمرو بن قيس المُلاَئي، عن عمرو بن مُرَّة، عن مُصْعَب بن سعد، عن سعد، قال:
أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلاه عليهم زماناً. قالوا: يا رسول الله، لو قصصت [علينا]. فأَنزل الله تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ﴾ فتلاه عليهم زماناً، فقالوا: يا رسول الله، لو حدثتنا. فأنزل الله تعالى ﴿ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ﴾ قال: كلُّ ذلك يُؤْمَرُونَ بالقرآن. قال خلاد: وزاد فيه آخر: قالوا: يا رسول الله، لو ذكَّرْتنا. فأنزل الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ﴾.
سورة الحديد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الحديد) من السُّوَر المدنية، وهي من السُّوَر (المسبِّحات)، التي تبدأ بالتسبيح، جاءت بالتذكيرِ بجلال الله وعظمته، وسلطانه وقوته، ومن ذلك خَلْقُه الحديدَ الذي فيه بأسٌ شديد ومنافعُ للناس؛ فهو الخالق المتصرِّف في الكون كيف شاء سبحانه وتعالى، وجاءت السورة بدلائلِ وَحْدانية الله، ووَحْدة ما دعَتْ إليه الرسالاتُ السماوية.

ترتيبها المصحفي
57
نوعها
مدنية
ألفاظها
575
ترتيب نزولها
94
العد المدني الأول
28
العد المدني الأخير
28
العد البصري
29
العد الكوفي
29
العد الشامي
28

* سورة (الحديد):

سُمِّيت سورة (الحديد) بذلك؛ لوقوعِ لفظ الحديد فيها؛ قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا اْلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اْللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِاْلْغَيْبِۚ إِنَّ اْللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ} [الحديد: 25].

1. الإيمان بالله تعالى، ودلائلُه، وآثاره (١-١٥).

2. الدعوة إلى خشيةِ الله تعالى (١٦-٢٤).

3. وَحْدة الرسالات السماوية (٢٥-٢٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /8).

يشير ابنُ عاشور إلى مقصدِ السورة فيقول: «التذكيرُ بجلال الله تعالى، وصفاتِه العظيمة، وسَعة قُدْرته وملكوته، وعموم تصرُّفه، ووجوب وجوده، وسَعة علمه.

والأمرُ بالإيمان بوجوده، وبما جاء به رسولُه صلى الله عليه وسلم، وما أُنزِلَ عليه من الآيات البيِّنات.

والتنبيه لِما في القرآن من الهَدي وسبيل النجاة.

والتذكير برحمة الله، ورأفته بخَلْقه.

والتحريض على الإنفاق في سبيل الله، وأن المالَ عرَضٌ زائل، لا يَبقَى منه لصاحبه إلا ثوابُ ما أنفَقَ منه في مرضاة الله.

والتخلُّص إلى ما أعد اللهُ للمؤمنين والمؤمنات يوم القيامة من خيرٍ، وضد ذلك للمنافقين والمنافقات». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (27 /356).