تفسير سورة المنافقون

إعراب القرآن للدعاس

تفسير سورة سورة المنافقون من كتاب إعراب القرآن المعروف بـإعراب القرآن للدعاس.
لمؤلفه مجموعة من المؤلفين .

سورة المنافقون
[سورة المنافقون (٦٣) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (١)
«إِذا جاءَكَ» إذا ظرفية شرطية غير جازمة وماض ومفعوله «الْمُنافِقُونَ» فاعله والجملة في محل جر بالإضافة «قالُوا» ماض وفاعله والجملة حال «نَشْهَدُ» مضارع فاعله مستتر والجملة مقول القول «إِنَّكَ» إن واسمها «لَرَسُولُ اللَّهِ» اللام المزحلقة وخبرها المضاف إلى لفظ الجلالة والجملة الاسمية جواب نشهد لا محل لها لأنه جرى مجرى القسم. «وَاللَّهُ» الواو واو الاعتراض ولفظ الجلالة مبتدأ «يَعْلَمُ» مضارع فاعله مستتر والجملة الفعلية خبر المبتدأ والجملة الاسمية معترضة لا محل لها. «إِنَّكَ لَرَسُولُهُ» إن واسمها واللام المزحلقة «رسوله» خبرها وإن واسمها وخبرها سدت مسد مفعولي يعلم. «وَاللَّهُ» مبتدأ «يَشْهَدُ» مضارع فاعله مستتر والجملة الفعلية خبر المبتدأ والجملة الاسمية حال. «إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ» إن واسمها واللام المزحلقة «كاذبون» خبرها.
[سورة المنافقون (٦٣) : آية ٢]
اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢)
«اتَّخَذُوا» ماض وفاعله والجملة استئنافية لا محل لها «أَيْمانَهُمْ» مفعول به أول «جُنَّةً» مفعول به ثان.
«فَصَدُّوا» الفاء حرف عطف «صدوا» ماض وفاعله «عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ» متعلقان بالفعل ولفظ الجلالة مضاف إليه والجملة معطوفة على ما قبلها «إِنَّهُمْ» إن واسمها «ساءَ» ماض «ما» فاعله وجملة ساء خبر إن. «كانُوا» كان واسمها والجملة صلة ما «يَعْمَلُونَ» مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة الفعلية خبر كانوا.
[سورة المنافقون (٦٣) : آية ٣]
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (٣)
«ذلِكَ بِأَنَّهُمْ» مبتدأ والباء حرف جر وأن واسمها «آمَنُوا» ماض وفاعله وجملة آمنوا خبر أن والمصدر المؤول من أن وما بعدها في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ وجملة ذلك..
استئنافية لا محل لها. «ثُمَّ» حرف عطف «كَفَرُوا» ماض وفاعله والجملة معطوفة على ما قبلها.
«فَطُبِعَ» الفاء حرف عطف وماض مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر «عَلى قُلُوبِهِمْ» متعلقان بالفعل والجملة معطوفة على ما قبلها «فَهُمْ» مبتدأ «لا» نافية «يَفْقَهُونَ» مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة خبر المبتدأ والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها.
[سورة المنافقون (٦٣) : آية ٤]
وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤)
«وَ» الواو حرف استئناف «إِذا» ظرفية شرطية غير جازمة «رَأَيْتَهُمْ» ماض وفاعله ومفعوله والجملة في
محل جر بالإضافة «تُعْجِبُكَ» مضارع ومفعوله «أَجْسامُهُمْ» فاعله والجملة جواب الشرط لا محل لها وجملة إذا.. استئنافية لا محل لها. «وَإِنْ» الواو حرف عطف «إِنْ يَقُولُوا» إن شرطية جازمة ومضارع مجزوم لأنه فعل الشرط والواو فاعله «تَسْمَعْ» مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط والفاعل مستتر «لِقَوْلِهِمْ» متعلقان بالفعل. «كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ» كأن واسمها وخبرها «مُسَنَّدَةٌ» صفة والجملة استئنافية لا محل لها «يَحْسَبُونَ» مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة استئنافية لا محل لها «كُلَّ» مفعول به مضاف إلى صيحة «عَلَيْهِمْ» متعلقان بالفعل «هُمُ الْعَدُوُّ» مبتدأ وخبره والجملة استئنافية لا محل لها «فَاحْذَرْهُمْ» الفاء الفصيحة وأمر ومفعوله والفاعل مستتر والجملة جواب الشرط المقدر لا محل لها «قاتَلَهُمُ اللَّهُ» ماض ومفعوله ولفظ الجلالة فاعله والجملة استئنافية لا محل لها «أَنَّى» اسم استفهام حال «يُؤْفَكُونَ» مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة استئنافية لا محل لها.
[سورة المنافقون (٦٣) : آية ٥]
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٥)
«وَ» الواو عاطفة «إِذا» ظرفية شرطية غير جازمة «قِيلَ» ماض مبني للمجهول والجملة في محل جر بالإضافة «لَهُمْ» متعلقان بالفعل «تَعالَوْا» أمر مبني على حذف النون والواو فاعله والجملة مقول القول «يَسْتَغْفِرْ» مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب «لَكُمْ» متعلقان بالفعل «رَسُولُ اللَّهِ» فاعل مضاف إلى لفظ الجلالة والجملة جواب الطلب لا محل لها. «لَوَّوْا» ماض وفاعله «رُؤُسَهُمْ» مفعوله والجملة جواب إذا لا محل لها. «وَرَأَيْتَهُمْ» الواو حرف عطف وماض وفاعله ومفعوله والجملة معطوفة على ما قبلها. «يَصُدُّونَ» مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة حال «وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ» مبتدأ وخبره والجملة حال.
[سورة المنافقون (٦٣) : آية ٦]
سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٦)
«سَواءٌ» خبر مقدم «عَلَيْهِمْ» متعلقان بسواء «أَسْتَغْفَرْتَ» الهمزة للتسوية وماض وفاعله و «لَهُمْ» متعلقان بالفعل والمصدر المؤول من الهمزة وما بعدها في محل رفع مبتدأ مؤخر. «أَمْ» المعادلة «لَمْ تَسْتَغْفِرْ» مضارع مجزوم بلم فاعله مستتر «لَهُمْ» متعلقان بالفعل والجملة معطوفة على ما قبلها.
والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها. «لَنْ يَغْفِرَ» مضارع منصوب بلن «اللَّهُ» لفظ الجلالة فاعله «لَهُمْ» متعلقان بالفعل والجملة الفعلية استئنافية لا محل لها. «إِنَّ اللَّهَ» إن ولفظ الجلالة اسمها «لا يَهْدِي» لا نافية ومضارع فاعله مستتر «الْقَوْمَ» مفعول به «الْفاسِقِينَ» صفة القوم والجملة الفعلية خبر إن والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها.

[سورة المنافقون (٦٣) : آية ٧]

هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (٧)
«هُمُ الَّذِينَ» مبتدأ وخبره والجملة استئنافية لا محل لها. «يَقُولُونَ» مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة صلة. «لا تُنْفِقُوا» مضارع مجزوم بلا الناهية والواو فاعله والجملة مقول القول. «عَلى مَنْ» متعلقان بالفعل «عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ» ظرف مكان مضاف إلى رسول ولفظ الجلالة مضاف إليه. «حَتَّى» حرف غاية وجر «يَنْفَضُّوا» مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى والواو فاعله والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بحتى والجار والمجرور متعلقان بتنفقوا. والواو حالية «وَلِلَّهِ» خبر مقدم «خَزائِنُ» مبتدأ مؤخر والجملة حال «السَّماواتِ» مضاف إليه «وَالْأَرْضِ» معطوف عليها. «وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ» لكن واسمها «لا» نافية «يَفْقَهُونَ» مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة الفعلية خبر لكن والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها.
[سورة المنافقون (٦٣) : آية ٨]
يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨)
«يَقُولُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله والجملة معطوفة على ما قبلها في المعنى «لَئِنْ» اللام موطئة للقسم المحذوف «إن» شرطية جازمة «رَجَعْنا» ماض في محل جزم فعل الشرط ونا فاعله والجملة ابتدائية لا محل لها «إِلَى الْمَدِينَةِ» متعلقان بالفعل «لَيُخْرِجَنَّ» اللام واقعة في جواب القسم ومضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة «الْأَعَزُّ» فاعل «مِنْهَا» متعلقان بالفعل «الْأَذَلَّ» مفعول به والجملة جواب القسم لا محل لها. «وَ» الواو حالية «لِلَّهِ» خبر مقدم «الْعِزَّةُ» مبتدأ مؤخر والجملة حال «وَلِرَسُولِهِ» معطوف على لله «وَلِلْمُؤْمِنِينَ» معطوف على لله. «وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ» لكن واسمها «لا» نافية «يَعْلَمُونَ» مضارع وفاعله والجملة الفعلية خبر لكن والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها.
[سورة المنافقون (٦٣) : آية ٩]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٩)
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ» منادى نكرة مقصودة وها للتنبيه «الَّذِينَ» بدل والجملة ابتدائية لا محل لها «آمَنُوا» ماض وفاعله والجملة صلة الذين «لا تُلْهِكُمْ» مضارع مجزوم بلا الناهية والكاف مفعول به «أَمْوالُكُمْ» فاعل «وَلا أَوْلادُكُمْ» معطوف على ما قبله والجملة ابتدائية أيضا لا محل لها. «عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ» متعلقان بالفعل ولفظ الجلالة مضاف إليه. «وَ» الواو حرف استئناف «مَنْ يَفْعَلْ» من اسم شرط جازم مبتدأ ومضارع مجزوم لأنه فعل الشرط «ذلِكَ» مفعول به «فَأُولئِكَ» الفاء واقعة في جواب الشرط «أولئك» مبتدأ «هُمُ» ضمير فصل «الْخاسِرُونَ» خبر أولئك والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط وجملتا الشرط والجواب خبر من. وجملة من يفعل.. استئنافية لا محل لها.

[سورة المنافقون (٦٣) : آية ١٠]

وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠)
«وَأَنْفِقُوا» أمر وفاعله والجملة معطوفة على ما قبلها «مِنْ ما» متعلقان بالفعل «رَزَقْناكُمْ» ماض وفاعله ومفعوله والجملة صلة ما «مِنْ قَبْلِ» متعلقان بأنفقوا «أَنْ يَأْتِيَ» مضارع منصوب بأن «أَحَدَكُمُ» مفعول به «الْمَوْتُ» فاعل والمصدر المؤول من أن وما بعدها في محل جر بالإضافة «فَيَقُولَ» الفاء حرف عطف ومضارع معطوف على يأتي منصوب مثله وفاعله مستتر «رَبِّ» منادى مضاف «لَوْلا» حرف تحضيض بمعنى هلا «أَخَّرْتَنِي» ماض وفاعله ومفعوله «إِلى أَجَلٍ» متعلقان بالفعل «قَرِيبٍ» صفة أجل والجملة الفعلية مقول القول. «فَأَصَّدَّقَ» الفاء للسببية ومضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء والفاعل مستتر والمصدر المؤول من أن والفعل معطوف بالفاء على مصدر مؤول سابق «وَأَكُنْ» الواو حرف عطف ومضارع ناقص مجزوم بعطفه على محل فأصدق واسمه مستتر «مِنَ الصَّالِحِينَ» خبره.
[سورة المنافقون (٦٣) : آية ١١]
وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١١)
«وَلَنْ يُؤَخِّرَ» الواو حرف استئناف ومضارع منصوب بلن «اللَّهُ» لفظ الجلالة فاعل «نَفْساً» مفعول به والجملة استئنافية لا محل لها «إِذا جاءَ أَجَلُها» ظرف زمان وماض وفاعله والجملة في محل جر بالإضافة «وَاللَّهُ خَبِيرٌ» مبتدأ وخبره والجملة حال «بِما» متعلقان بخبير «تَعْمَلُونَ» مضارع وفاعله والجملة صلة.
سورة المنافقون
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المنافقون) من السُّوَر المدنية، نزلت بعد سورة (الحجِّ)، وقد تناولت موضوعًا يمسُّ صُلْبَ الإيمان؛ وهو موافقةُ الظاهر للباطن، وحذَّرت من النفاق والمنافقين؛ لأنهم أضرُّ على الإسلام من غيرهم، وجاءت بتوجيهاتٍ جليلة للتَّحصين من النفاق.

ترتيبها المصحفي
63
نوعها
مدنية
ألفاظها
181
ترتيب نزولها
104
العد المدني الأول
11
العد المدني الأخير
11
العد البصري
11
العد الكوفي
11
العد الشامي
11

* جاء في سبب نزول سورة (المنافقون):

عن زيدِ بن أرقَمَ رضي الله عنه، قال: «كنتُ في غزاةٍ، فسَمِعْتُ عبدَ اللهِ بنَ أُبَيٍّ يقولُ: لا تُنفِقوا على مَن عندَ رسولِ اللهِ حتى يَنفضُّوا مِن حولِه، ولَئِنْ رجَعْنا مِن عندِه لَيُخرِجَنَّ الأعَزُّ منها الأذَلَّ، فذكَرْتُ ذلك لِعَمِّي أو لِعُمَرَ، فذكَرَه للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فدعَاني، فحدَّثْتُه، فأرسَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ وأصحابِه، فحلَفوا ما قالوا، فكذَّبَني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وصدَّقَه، فأصابني هَمٌّ لم يُصِبْني مثلُه قطُّ، فجلَسْتُ في البيتِ، فقال لي عَمِّي: ما أرَدتَّ إلى أنْ كذَّبَك رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ومقَتَك؟ فأنزَلَ اللهُ تعالى: {إِذَا جَآءَكَ اْلْمُنَٰفِقُونَ}، فبعَثَ إليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقرَأَ، فقال: «إنَّ اللهَ قد صدَّقَك يا زيدُ»». أخرجه البخاري (4900).

ورواه التِّرْمِذيُّ مطولًا، ولفظه:

عن زيدِ بن أرقَمَ رضي الله عنه، قال: «غزَوْنا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وكان معنا أُناسٌ مِن الأعرابِ، فكنَّا نبتدِرُ الماءَ، وكان الأعرابُ يَسبِقونا إليه، فسبَقَ أعرابيٌّ أصحابَه، فيَسبِقُ الأعرابيُّ فيَملأُ الحوضَ، ويَجعَلُ حَوْلَه حجارةً، ويَجعَلُ النِّطْعَ عليه حتى يَجيءَ أصحابُه، قال: فأتى رجُلٌ مِن الأنصارِ أعرابيًّا، فأرخى زِمامَ ناقتِه لتَشرَبَ، فأبى أن يدَعَه، فانتزَعَ قِباضَ الماءِ، فرفَعَ الأعرابيُّ خشَبةً فضرَبَ بها رأسَ الأنصاريِّ فشَجَّه، فأتى عبدَ اللهِ بنَ أُبَيٍّ رأسَ المنافقين فأخبَرَه، وكان مِن أصحابِه، فغَضِبَ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ، ثم قال: {لَا تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اْللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْۗ} [المنافقون: 7]؛ يَعني: الأعرابَ، وكانوا يحضُرون رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عند الطَّعامِ، فقال عبدُ اللهِ: إذا انفَضُّوا مِن عندِ مُحمَّدٍ فَأْتُوا مُحمَّدًا بالطَّعامِ، فليأكُلْ هو ومَن عندَه، ثم قال لأصحابِه: لَئِنْ رجَعْتم إلى المدينةِ لَيُخرِجَنَّ الأعَزُّ منها الأذَلَّ، قال زيدٌ: وأنا رِدْفُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: فسَمِعْتُ عبدَ اللهِ بنَ أُبَيٍّ، فأخبَرْتُ عَمِّي، فانطلَقَ فأخبَرَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأرسَلَ إليه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فحلَفَ وجحَدَ، قال: فصدَّقَه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وكذَّبني، قال: فجاءَ عَمِّي إليَّ، فقال: ما أرَدتَّ إلا أنْ مقَتَك رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وكذَّبَك والمسلمون، قال: فوقَعَ عليَّ مِن الهمِّ ما لم يقَعْ على أحدٍ، قال: فبَيْنما أنا أسيرُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ قد خفَقْتُ برأسي مِن الهمِّ، إذ أتاني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فعرَكَ أُذُني، وضَحِكَ في وجهي، فما كان يسُرُّني أنَّ لي بها الخُلْدَ في الدُّنيا، ثم إنَّ أبا بكرٍ لَحِقَني فقال: ما قال لك رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قلتُ: ما قال لي شيئًا، إلا أنَّه عرَكَ أُذُني، وضَحِكَ في وجهي، فقال: أبشِرْ، ثم لَحِقَني عُمَرُ، فقلتُ له مثلَ قولي لأبي بكرٍ، فلمَّا أصبَحْنا قرَأَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سورةَ المنافقين». "سنن الترمذي" (3313).

* سورة (المنافقون):

سُمِّيت سورة (المنافقون) بهذا الاسم؛ لأنَّها تناولت مواقفَ المنافقين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرت صفاتِهم.

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة (المنافقون) في صلاة الجمعة:

عن عُبَيدِ اللهِ بن أبي رافعٍ، قال: «استخلَفَ مَرْوانُ أبا هُرَيرةَ على المدينةِ، وخرَجَ إلى مكَّةَ، فصلَّى بنا أبو هُرَيرةَ يومَ الجمعةِ، فقرَأَ سورةَ الجمعةِ، وفي السَّجْدةِ الثانيةِ: {إِذَا جَآءَكَ اْلْمُنَٰفِقُونَ}، قال عُبَيدُ اللهِ: فأدرَكْتُ أبا هُرَيرةَ، فقلتُ: تَقرأُ بسُورتَينِ كان عليٌّ يَقرؤُهما بالكوفةِ؟ فقال أبو هُرَيرةَ: إنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يَقرأُ بهما». أخرجه مسلم (877).

1. النفاق والمنافقون (١-٨).

2. توجيهاتٌ للتحصين من النفاق (٩-١١).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /171).

مقصدُ هذه السورة عظيم جدًّا؛ وهو التحذيرُ من النفاق وأهله، ومطالبة المؤمنين بصدقِ الأقوال والأفعال، والحرص على مطابقة الظاهر للباطن.

يقول البِقاعيُّ: «مقصودها: كمالُ التحذير مما يَثلِمُ الإيمانَ من الأعمال الباطنة، والترهيب مما يَقدَح في الإسلام من الأحوال الظاهرة؛ بمخالفة الفعلِ للقول؛ فإنه نفاقٌ في الجملة، فيوشك أن يجُرَّ إلى كمال النفاق، فيُخرِج من الدِّين، ويُدخِل الهاوية.

وتسميتها بالمنافقين واضحةٌ في ذلك». "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /87).