تفسير سورة المسد

تفسير النسفي

تفسير سورة سورة المسد من كتاب مدارك التنزيل وحقائق التأويل المعروف بـتفسير النسفي.
لمؤلفه أبو البركات النسفي . المتوفي سنة 710 هـ
سورة أبي لهب مكية، وهي خمس آيات.

تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١)
﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ﴾ التباب الهلاك ومنه قولهم أشابّة أم تابّة أي هالكة من الهرم
والمعنى هلكت يداه لأنه فيما يروى أخذ حجرا ليرمي به رسول الله ﷺ ﴿وَتَبَّ﴾ وهلك كله أو جعلت يداه هالكتين والمراد هلاك جملته كقوله بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ ومعنى وتب وكان ذلك وحصل كقوله... جزاني جزاه الله شر جزائه... جزاء الكلاب العاويات وقد فعل...
وقد دلت عليه قراءة ابن مسعود رضي الله عنه وَقَد تَبَّ روي أنه لما نزل وأنذر عشيرتك الا قربين رقى الصفا وقال يا صباحاه فاستجمع إليه الناس من كل أوب فقال عليه الصلاة والسلام يا بني عبد المطلب يا بني فهران أخبرتكم أن بسفح هذا الجبل خيلاً أكنتم مصدقي قالوا نعم قال فإني نذير لكم بين يدي الساعة فقال أبو لهب تبالك ألهذا دعوتنا فنزلت وإنما كناه
691
والتكنية تكرمة لاشتهاره بها دون الامم أو لكراهة اسمه فاسمه عبد العزى أو لأن مآله إلى نار ذات لهب فوافقت حاله كنيته أَبِى لَهَبٍ مكي
692
مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢)
﴿ما أغنى عنه ماله﴾ ماللنفي ﴿وما كسب﴾ مرفوع وما موصولة أو مصدرية أي ومكسوبه أو وكسبه أي لم ينفعه ماله الذي ورثه من ابيه والذي كسبه بنفسه أو ماله التالد والطارف وعن ابن عباس رضي الله عنهما ماكسب ولده وروي أنه كان يقول إن كان ما يقول ابن أخي حقاً فأنا أفتدي منه نفسي بمالي وولدي
سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣)
﴿سيصلى نَاراً﴾ سيدخل سيصلى البرجمي عن أبي بكر والسين للوعيد أي هو كائن لامحالة وإن تراخى وقته ﴿ذَاتَ لَهَبٍ﴾ توقد
وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤)
﴿وامرأته﴾ هي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان ﴿حَمَّالَةَ الحطب﴾ كانت تحمل حزمة من الشوك والحسك فتنثرها بالليل في طريق رسول الله ﷺ وقيل كانت تمشي بالنميمة فتشعل نار العداوة بين الناس ونصب عاصم حَمَّالَةَ الحطب على الشتم وأنا أحب هذه القراءة ولقد توسل إلى رسول الله ﷺ بجميل من أحب شتم أم جميل وعلى هذا يسوغ الوقف على امراته لأنها حَمَّالَةَ الحطب على أنها خبر وامرأته أو هي حمالة
فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)
﴿فِى جِيدِهَا حَبْلٌ مّن مَّسَدٍ﴾ حال أو خبر آخر والمسد الذي قتل من الحبال فتلاً شديداً من ليف كان أو جلدا وغيرهما والمعنى في جيدها حبل مما مسد من الحبال وأنها تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطها في جيدها كما يفعل الحطابون تحقيراً لها وتصويراً لها بصورة بعض الحطابات لتجزع من ذلك ويجزع بعلها وهما في بيت العز والشرف وفي منصب التروة والجدة والله اعلم
692
سورة الاخلاص أربع آيات مكية عند الجمهور وقيل مدنية عند أهل البصرة

بسم الله الرحمن الرحيم

693
سورة المسد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المَسَدِ) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفاتحة)، وقد افتُتحت بوعيدِ أبي لَهَبٍ عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاءِ عليه؛ بسبب مقالته للنبي صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، وفي ذلك بيانُ خسران الكافرين، ولو كان أقرَبَ قريب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ ولذا خُتمت بوعيد زوجه؛ لأنها وافقت زوجَها، وأبغَضت النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

ترتيبها المصحفي
111
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
6
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ: {وَأَنذِرْ ‌عَشِيرَتَكَ ‌اْلْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، ورَهْطَك منهم المُخلَصِينَ؛ خرَجَ رسولُ اللهِ ﷺ حتى صَعِدَ الصَّفَا، فهتَفَ: «يا صَبَاحَاهْ»، فقالوا: مَن هذا؟ فاجتمَعوا إليه، فقال: «أرأَيْتم إن أخبَرْتُكم أنَّ خيلًا تخرُجُ مِن سَفْحِ هذا الجبَلِ، أكنتم مُصَدِّقِيَّ؟»، قالوا: ما جرَّبْنا عليك كَذِبًا، قال: «فإنِّي نذيرٌ لكم بَيْنَ يَدَيْ عذابٍ شديدٍ»، قال أبو لَهَبٍ: تبًّا لك! ما جمَعْتَنا إلا لهذا؟! ثم قامَ؛ فنزَلتْ: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]، وقد تَبَّ»؛ هكذا قرَأَها الأعمَشُ يومَئذٍ. أخرجه البخاري (٤٩٧١).

* سورةُ (المَسَدِ):

سُمِّيت سورةُ (المَسَدِ) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ (المَسَد) في خاتمتها.

* وتُسمَّى سورة {تَبَّتْ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظِ.

وعيدٌ لأبي لَهَبٍ وزوجته، ومصيرُهما (١-٥).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /437).

الحُكْمُ بخسران الكافرين، وزجرُ أبي لَهَبٍ على قوله للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، ووعيدُ امرأته على انتصارها لزوجها، وبُغْضِها للنبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ينظر: "مصاعد النظر إلى مقاصد السور" للبقاعي (3 /277)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /600).