تفسير سورة المسد

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

تفسير سورة سورة المسد من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لما وعده النصر أخبره بكيفية انتقامه في الدارين مِنْ أَعْدَى عَدُوِّهِ فَقالَ: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * تَبَّتْ ﴾: أي: خسرت خُسراناً يؤدي إلى الهلاك ﴿ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ ﴾: أي: نفسه نظير: " ولا تلقوا بأيديكم " نزلت حين دعا صلى الله عليه وسلم قومه وأنذرهم فقال أبو لهب تبا لك ألهذا دعوتنا ": وكناه مع أنها تكرمة غالبا لاشتهاره بها، ولقبح عبد العزى، وليجانس قوله: " ذات لهب ﴿ وَتَبَّ ﴾: هو إخبار بعد الدعاء ﴿ مَآ أَغْنَىٰ ﴾: أي: دفع ﴿ عَنْهُ ﴾: عذاب الله ﴿ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴾: أي: أرباحه أو ولده، كان يقول: إن كان قول محمد حقّاً فأنا أفتدى عنه بمالي وولده، فمات بعد وقعة بدر بسبعة أيام بالعَدْسَة، وأنتن إلى ثلاثة أيام، ثم رَضَموا عليه الحجارة في أعلى مكة، وافترس أسد ولده في طريق الشام ﴿ سَيَصْلَىٰ ﴾: يدخل ﴿ نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ ﴾: عظيم ﴿ وَٱمْرَأَتُهُ ﴾: معه ﴿ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ ﴾: نصب شتما كانت تطرح الشوك في طريقه صلى الله عليه وسلم بالليل، أو تحمل الحطب لبخلها ﴿ فِي جِيدِهَا ﴾: أي: عنقها ﴿ حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ﴾: ما مُسد وفتل كما للحطابين، لكنه من الحديد في النار سبعون ذراعا كما مر.
سورة المسد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المَسَدِ) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفاتحة)، وقد افتُتحت بوعيدِ أبي لَهَبٍ عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاءِ عليه؛ بسبب مقالته للنبي صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، وفي ذلك بيانُ خسران الكافرين، ولو كان أقرَبَ قريب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ ولذا خُتمت بوعيد زوجه؛ لأنها وافقت زوجَها، وأبغَضت النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

ترتيبها المصحفي
111
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
6
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ: {وَأَنذِرْ ‌عَشِيرَتَكَ ‌اْلْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، ورَهْطَك منهم المُخلَصِينَ؛ خرَجَ رسولُ اللهِ ﷺ حتى صَعِدَ الصَّفَا، فهتَفَ: «يا صَبَاحَاهْ»، فقالوا: مَن هذا؟ فاجتمَعوا إليه، فقال: «أرأَيْتم إن أخبَرْتُكم أنَّ خيلًا تخرُجُ مِن سَفْحِ هذا الجبَلِ، أكنتم مُصَدِّقِيَّ؟»، قالوا: ما جرَّبْنا عليك كَذِبًا، قال: «فإنِّي نذيرٌ لكم بَيْنَ يَدَيْ عذابٍ شديدٍ»، قال أبو لَهَبٍ: تبًّا لك! ما جمَعْتَنا إلا لهذا؟! ثم قامَ؛ فنزَلتْ: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]، وقد تَبَّ»؛ هكذا قرَأَها الأعمَشُ يومَئذٍ. أخرجه البخاري (٤٩٧١).

* سورةُ (المَسَدِ):

سُمِّيت سورةُ (المَسَدِ) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ (المَسَد) في خاتمتها.

* وتُسمَّى سورة {تَبَّتْ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظِ.

وعيدٌ لأبي لَهَبٍ وزوجته، ومصيرُهما (١-٥).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /437).

الحُكْمُ بخسران الكافرين، وزجرُ أبي لَهَبٍ على قوله للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، ووعيدُ امرأته على انتصارها لزوجها، وبُغْضِها للنبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ينظر: "مصاعد النظر إلى مقاصد السور" للبقاعي (3 /277)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /600).