تفسير سورة المسد

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن

تفسير سورة سورة المسد من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ تبّت يدا أبي لهب وتبّ ﴾ [ المسد : ١ ]. ليس بتكرار مع ما بعده، لأنه دعاء، والثاني خبر، فقد تبّ أي خسر، وقيل :﴿ تبّت يدا أبي لهب ﴾ [ المسد : ١ ] أي عمله " وتبّ " أبو لهب.
إن قلتَ : كيف ذكره الله تعالى بكنيته، دون اسمه، وهو " عبد العُزّى " مع أن ذلك إكرام واحترام ؟
قلتُ : لأنه لم يشتهر إلا بكنيته، أو لأن ذكره باسمه خلاف الواقع حقيقة، لأنه ( عبد الله ) لا عبد العزّى، أو لأنه ذكره بكنيته، لموافقة حاله لها، فإن مصيره إلى النار ذات اللهب( ١ )، وإنما كُنّي بذلك لتلهّب وجنتيه وإشراقهما.
١ - أبو لهب: هو عم النبي صلى الله عليه وسلم، وامرأته العوراء "أم جميل"، وقد كان كلّ منهما شديد العداوة للرسول، وقد اشتهر بكنيته أكثر من اسمه العلم، ولما كان من أهل النار، ومآله النار ذات الشرر واللهب، ناسب أن يُذكر بكنيته دون اسمه، فالتكنية هنا ليست للتفخيم والتعظيم، بل هي للإهانة، والإذلال، كما يقال لأبي جهل وهو يتلقّى صنوف العذاب ﴿ذق إنك أنت العزيز الكريم﴾..
سورة المسد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المَسَدِ) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفاتحة)، وقد افتُتحت بوعيدِ أبي لَهَبٍ عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاءِ عليه؛ بسبب مقالته للنبي صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، وفي ذلك بيانُ خسران الكافرين، ولو كان أقرَبَ قريب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ ولذا خُتمت بوعيد زوجه؛ لأنها وافقت زوجَها، وأبغَضت النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

ترتيبها المصحفي
111
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
6
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ: {وَأَنذِرْ ‌عَشِيرَتَكَ ‌اْلْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، ورَهْطَك منهم المُخلَصِينَ؛ خرَجَ رسولُ اللهِ ﷺ حتى صَعِدَ الصَّفَا، فهتَفَ: «يا صَبَاحَاهْ»، فقالوا: مَن هذا؟ فاجتمَعوا إليه، فقال: «أرأَيْتم إن أخبَرْتُكم أنَّ خيلًا تخرُجُ مِن سَفْحِ هذا الجبَلِ، أكنتم مُصَدِّقِيَّ؟»، قالوا: ما جرَّبْنا عليك كَذِبًا، قال: «فإنِّي نذيرٌ لكم بَيْنَ يَدَيْ عذابٍ شديدٍ»، قال أبو لَهَبٍ: تبًّا لك! ما جمَعْتَنا إلا لهذا؟! ثم قامَ؛ فنزَلتْ: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]، وقد تَبَّ»؛ هكذا قرَأَها الأعمَشُ يومَئذٍ. أخرجه البخاري (٤٩٧١).

* سورةُ (المَسَدِ):

سُمِّيت سورةُ (المَسَدِ) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ (المَسَد) في خاتمتها.

* وتُسمَّى سورة {تَبَّتْ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظِ.

وعيدٌ لأبي لَهَبٍ وزوجته، ومصيرُهما (١-٥).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /437).

الحُكْمُ بخسران الكافرين، وزجرُ أبي لَهَبٍ على قوله للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، ووعيدُ امرأته على انتصارها لزوجها، وبُغْضِها للنبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ينظر: "مصاعد النظر إلى مقاصد السور" للبقاعي (3 /277)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /600).