تفسير سورة التغابن

جهود الإمام الغزالي في التفسير

تفسير سورة سورة التغابن من كتاب جهود الإمام الغزالي في التفسير
لمؤلفه أبو حامد الغزالي . المتوفي سنة 505 هـ

﴿ فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ﴾ ( ٨ )
١١٤٩- أعظم الحكمة كلام الله تعالى، ومن جملة كلامه القرآن خاصة، فتكون منزلة آيات القرآن عند عين العقل منزلة نور الشمس عند العين الظاهرة، إذ به يتم الإبصار، فبالحري أن يسمى القرآن نورا كما يسمى نور الشمس نورا، فمثال القرآن نور الشمس، ومثال العقل نور العين، وبهذا يفهم معنى قوله تعالى :﴿ فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ﴾. ( مشكاة الأنوار ضمن المجموعة رقم ٤ ص : ١٢ )
﴿ إنما أموالكم وأولادكم فتنة ﴾( ١٥ )
١١٥٠- لما نظر عليه السلام إلى ولده الحسن رضي الله عنه يتعثر في قميصه نزل عن المنبر واحتضنه ثم قال :( صدق الله ﴿ إنما أموالكم وأولادكم فتنة ﴾ إني لما رأيت ابني تعثر لم أملك نفسي أن آخذته )١ ففي ذلك عبرة لأولي الأبصار. ( الإحياء : ٤/٧٣ )
١ روى الترمذي وغيره واللفظ للترمذي قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين رضي الله عنهما، عليهما قميصان أحمران يمشيان ويتعثران، فنزل رسول الله من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال صدق الله ﴿إنما أموالكم وأولادكم فتنة﴾ نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما]] وقال الترمذي: حسن غريب. كتاب المناقب، مناقب أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب والحسين بن علي بن أبي طالب. وأخرجه أبو داود في "كتاب الصلاة" باب الإمام بقطع الخطبة لأمر يحدث ح: ١١٠٩، والنسائي في كتاب الجمعة، باب نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة وقطعه كلامه ورجوعه إليه يوم الجمعة: ٣/١٠٣. وابن ماجة في كتاب اللباس، باب لباس الأحمر للرجال: ح ٣٦٠٠. والإمام أحمد: ٥/٣٥٤ كلهم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه باختلاف يسير في اللفظ..
سورة التغابن
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التغابُنِ) من السُّوَر المدنية، وقد افتُتحت بتعظيم الله عزَّ وجلَّ، وجاءت مُحذِّرةً الناسَ من يوم القيامة وهولِه؛ للعودة إلى طريق النجاح؛ وهو صراط الله المستقيمُ الذي بيَّنه صلى الله عليه وسلم، و(التغابُنُ): اسمٌ من أسماء يوم القيامة.

ترتيبها المصحفي
64
نوعها
مدنية
ألفاظها
242
ترتيب نزولها
108
العد المدني الأول
18
العد المدني الأخير
18
العد البصري
18
العد الكوفي
18
العد الشامي
18

* قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَٰجِكُمْ وَأَوْلَٰدِكُمْ عَدُوّٗا لَّكُمْ فَاْحْذَرُوهُمْۚ} [التغابن: 14]:

سأل رجُلٌ ابنَ عباسٍ عن هذه الآيةِ، فقال رضي الله عنه: «هؤلاء رجالٌ أسلَموا مِن أهلِ مكَّةَ، وأرادوا أن يأتُوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأبى أزواجُهم وأولادُهم أن يَدَعوهم أن يأتوا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فلمَّا أتَوْا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رأَوْا أصحابَهم قد فَقِهوا في الدِّينِ، هَمُّوا أن يُعاقِبوهم؛ فأنزَلَ اللهُ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَٰجِكُمْ وَأَوْلَٰدِكُمْ عَدُوّٗا لَّكُمْ فَاْحْذَرُوهُمْۚ} [التغابن: 14] الآيةَ». أخرجه الترمذي (٣٣١٧).

* سورة (التغابُنِ):

سُمِّيت سورة (التغابن) بهذا الاسم؛ لوقوع لفظ (التغابن) فيها؛ قال تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ اْلْجَمْعِۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ اْلتَّغَابُنِۗ وَمَن يُؤْمِنۢ بِاْللَّهِ وَيَعْمَلْ صَٰلِحٗا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّـَٔاتِهِۦ وَيُدْخِلْهُ جَنَّٰتٖ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا اْلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ اْلْفَوْزُ اْلْعَظِيمُ} [التغابن: 9].

يقول القُرْطُبيُّ: «وسُمِّي يومُ القيامة يومَ التغابن؛ لأنه غبَنَ فيه أهلُ الجنَّةِ أهلَ النار؛ أي: إن أهلَ الجنَّة أخذوا الجنَّةَ، وأخذ أهلُ النارِ النارَ، على طريقِ المبادَلة؛ فوقَع الغَبْنُ لأجلِ مبادَلتِهم الخيرَ بالشرِّ، والجيِّدَ بالرديءِ، والنعيمَ بالعذاب.

يقال: غبَنْتُ فلانًا: إذا بايَعْتَه أو شارَيْتَه، فكان النقصُ عليه، والغلَبةُ لك، وكذا أهلُ الجنَّة وأهلُ النار». "تفسير القرطبي" (18 /136).

1. الإيمان بالله تعالى (١-٤).

2. المَغْبُونون (٥-٧).

3. التغابُنُ (٨-١٠).

4. على طريق النجاح (١١-١٣).

5. فتنة الأهل والمال (١٤-١٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /191).

اشتملت سورةُ (التغابُنِ) على تنزيهِ الله عز وجل من النقائص، واتصافِه بالعدل والكمال المطلق، وأتت السورة بالمبالغة في تحذيرِ الناس من يوم القيامة الذي يَفصِل اللهُ فيه بين الخلائق؛ لإحقاق الحق؛ ففيه يُقتصُّ لكل مخلوق، وتُرَدُّ كلُّ الحقوق، و(التغابن): اسمٌ من أسماء يوم القيامة.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /90)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (28 /259).