تفسير سورة التغابن

تفسير غريب القرآن للكواري

تفسير سورة سورة التغابن من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري.
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ أي: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَهُمْ في أَكْمَلِ صُورَةٍ وَأَحْسَنِ تَقْوِيمٍ وَأَجْمَلِ شَكْلٍ.
﴿وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ أي: بما في قلوبكم من الأسرارِ والمعتقداتِ والأحاديثِ الخَفِيَّةِ.
﴿وَبَالَ أَمْرِهِمْ﴾ الوَبَالُ: الثِّقَلُ وَالشِّدَّةُ، وهو ما أُصِيبُوا به من عذابِ الدنيا.
﴿التَّغَابُنِ﴾ يَغْبِنُ فيه أهلُ المحشرِ بعضُهم بَعْضًا، فيَغْبِنُ فيه أهلُ الحقِّ أهلَ الباطلِ، ولا غَبْنَ أَعْظَمَ مِنْ غَبْنِ أَهْلِ الجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ.
﴿وَبِئْسَ المَصِيرُ﴾ المرجعُ والمآبُ؛ لأنها جَمَعَتْ كُلَّ بُؤْسٍ وَشِدَّةٍ وَشَقَاءٍ وَعَذَابٍ.
﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ﴾ وَهَذَا عَامٌّ لجميعِ المصائبِ في النَّفْسِ والمالِ والولدِ وَنَحْوِهِمْ.
فجميعُ ما أَصَابَ العبادَ بقضاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ قَدْ سَبَقَ ذلك عِلْم اللهِ، وَجَرَى به قَلَمُهُ، وَنَفَذَتْ مَشِيئَتُهُ، واقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ.
﴿وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا﴾ لأن الجزاءَ من جِنْسِ العَمَلِ، فَمَنْ عَفَا عَفَا اللهُ عنه، وَمَنْ صَفَحَ صَفَحَ اللهُ عنه، وَمَنْ عَامَلَ اللهَ فيما يُحِبُّ وَعَامَلَ عِبَادَهُ فيما يُحِبُّونَ وَيَنْفَعُهُمْ نَالَ مَحَبَّةَ اللهِ وَمَحَبَّةَ عِبَادِهِ وَاسْتَوْثَقَ له أَمْرُهُ.
14
سُورة الطَّلاق
سورة التغابن
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (التغابُنِ) من السُّوَر المدنية، وقد افتُتحت بتعظيم الله عزَّ وجلَّ، وجاءت مُحذِّرةً الناسَ من يوم القيامة وهولِه؛ للعودة إلى طريق النجاح؛ وهو صراط الله المستقيمُ الذي بيَّنه صلى الله عليه وسلم، و(التغابُنُ): اسمٌ من أسماء يوم القيامة.

ترتيبها المصحفي
64
نوعها
مدنية
ألفاظها
242
ترتيب نزولها
108
العد المدني الأول
18
العد المدني الأخير
18
العد البصري
18
العد الكوفي
18
العد الشامي
18

* قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَٰجِكُمْ وَأَوْلَٰدِكُمْ عَدُوّٗا لَّكُمْ فَاْحْذَرُوهُمْۚ} [التغابن: 14]:

سأل رجُلٌ ابنَ عباسٍ عن هذه الآيةِ، فقال رضي الله عنه: «هؤلاء رجالٌ أسلَموا مِن أهلِ مكَّةَ، وأرادوا أن يأتُوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأبى أزواجُهم وأولادُهم أن يَدَعوهم أن يأتوا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فلمَّا أتَوْا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رأَوْا أصحابَهم قد فَقِهوا في الدِّينِ، هَمُّوا أن يُعاقِبوهم؛ فأنزَلَ اللهُ: {يَٰٓأَيُّهَا اْلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَٰجِكُمْ وَأَوْلَٰدِكُمْ عَدُوّٗا لَّكُمْ فَاْحْذَرُوهُمْۚ} [التغابن: 14] الآيةَ». أخرجه الترمذي (٣٣١٧).

* سورة (التغابُنِ):

سُمِّيت سورة (التغابن) بهذا الاسم؛ لوقوع لفظ (التغابن) فيها؛ قال تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ اْلْجَمْعِۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ اْلتَّغَابُنِۗ وَمَن يُؤْمِنۢ بِاْللَّهِ وَيَعْمَلْ صَٰلِحٗا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّـَٔاتِهِۦ وَيُدْخِلْهُ جَنَّٰتٖ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا اْلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ اْلْفَوْزُ اْلْعَظِيمُ} [التغابن: 9].

يقول القُرْطُبيُّ: «وسُمِّي يومُ القيامة يومَ التغابن؛ لأنه غبَنَ فيه أهلُ الجنَّةِ أهلَ النار؛ أي: إن أهلَ الجنَّة أخذوا الجنَّةَ، وأخذ أهلُ النارِ النارَ، على طريقِ المبادَلة؛ فوقَع الغَبْنُ لأجلِ مبادَلتِهم الخيرَ بالشرِّ، والجيِّدَ بالرديءِ، والنعيمَ بالعذاب.

يقال: غبَنْتُ فلانًا: إذا بايَعْتَه أو شارَيْتَه، فكان النقصُ عليه، والغلَبةُ لك، وكذا أهلُ الجنَّة وأهلُ النار». "تفسير القرطبي" (18 /136).

1. الإيمان بالله تعالى (١-٤).

2. المَغْبُونون (٥-٧).

3. التغابُنُ (٨-١٠).

4. على طريق النجاح (١١-١٣).

5. فتنة الأهل والمال (١٤-١٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /191).

اشتملت سورةُ (التغابُنِ) على تنزيهِ الله عز وجل من النقائص، واتصافِه بالعدل والكمال المطلق، وأتت السورة بالمبالغة في تحذيرِ الناس من يوم القيامة الذي يَفصِل اللهُ فيه بين الخلائق؛ لإحقاق الحق؛ ففيه يُقتصُّ لكل مخلوق، وتُرَدُّ كلُّ الحقوق، و(التغابن): اسمٌ من أسماء يوم القيامة.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /90)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (28 /259).