تفسير سورة المسد

المحرر في أسباب نزول القرآن

تفسير سورة سورة المسد من كتاب المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة المعروف بـالمحرر في أسباب نزول القرآن.
لمؤلفه خالد بن سليمان المزيني .

سورة المسد
١٩٩ - قال الله تعالى: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج البخاري وأحمد ومسلم والترمذي والنَّسَائِي عن ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال لما نزلت: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) صعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الصفا فجعل ينادي: (يا بني فهر، يا بني عدي) لبطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش، فقال: (أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي) قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقاً، قال: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد) فقال أبو لهب: تباً لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا، فنزلت: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢).
1101
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه السورة. وقد ذكر جمهور المفسرين هذا الحديث وجعلوه سبب نزولها كالطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير وابن عاشور.
قال الطبري: (وقيل: إن هذه السورة نزلت في أبي لهب لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما خص بالدعوة عشيرته إذ نزل عليه: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) وجمعهم للدعاء، قال له أبو لهب: تبًا لك سائر اليوم ألهذا دعوتنا؟) اهـ.
وقال السعدي: (أبو لهب هو عم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان شديد العداوة والأذية له فلا دين له، ولا حمية للقرابة - قبحه الله، فذمه الله بهذا الذم العظيم الذي هو خزي عليه إلى يوم القيامة.
(وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) كانت أيضاً شديدة الأذية لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تتعاون هي وزوجها على الإثم والعدوان، وتُلْقي الشر وتسعى غاية ما تقدر عليه في أذية الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتجمع على ظهرها الأوزار بمنزلة من يجمع حطباً قد أعد له في عنقه حبلاً من ليف.
أو أنها تحمل في الثار الحطب على زوجها متقلدة في عنقها حبلاً من مسد، وعلى كلٍ ففي هذه السورة آية باهرة من آيات الله، فإن الله أنزل هذه السورة، وأبو لهب وامرأته لم يهلكا، وأخبر أنهما سيعذبان في النار، ولا بد ومن لازم ذلك أنهما لا يسلمان. فوقع كما أخبر عالم الغيب والشهادة) اهـ.
* النتيجة:
أن الحديث الذي معنا سبب نزول السورة الكريمة لصحة سنده، وتصريحه بالنزول، وموافقته لسياق القرآن واتفاق المفسرين عليه والله أعلم.
1102
سورة الإخلاص
1103
سورة المسد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المَسَدِ) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفاتحة)، وقد افتُتحت بوعيدِ أبي لَهَبٍ عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاءِ عليه؛ بسبب مقالته للنبي صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، وفي ذلك بيانُ خسران الكافرين، ولو كان أقرَبَ قريب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ ولذا خُتمت بوعيد زوجه؛ لأنها وافقت زوجَها، وأبغَضت النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

ترتيبها المصحفي
111
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
6
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ: {وَأَنذِرْ ‌عَشِيرَتَكَ ‌اْلْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، ورَهْطَك منهم المُخلَصِينَ؛ خرَجَ رسولُ اللهِ ﷺ حتى صَعِدَ الصَّفَا، فهتَفَ: «يا صَبَاحَاهْ»، فقالوا: مَن هذا؟ فاجتمَعوا إليه، فقال: «أرأَيْتم إن أخبَرْتُكم أنَّ خيلًا تخرُجُ مِن سَفْحِ هذا الجبَلِ، أكنتم مُصَدِّقِيَّ؟»، قالوا: ما جرَّبْنا عليك كَذِبًا، قال: «فإنِّي نذيرٌ لكم بَيْنَ يَدَيْ عذابٍ شديدٍ»، قال أبو لَهَبٍ: تبًّا لك! ما جمَعْتَنا إلا لهذا؟! ثم قامَ؛ فنزَلتْ: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]، وقد تَبَّ»؛ هكذا قرَأَها الأعمَشُ يومَئذٍ. أخرجه البخاري (٤٩٧١).

* سورةُ (المَسَدِ):

سُمِّيت سورةُ (المَسَدِ) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ (المَسَد) في خاتمتها.

* وتُسمَّى سورة {تَبَّتْ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظِ.

وعيدٌ لأبي لَهَبٍ وزوجته، ومصيرُهما (١-٥).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /437).

الحُكْمُ بخسران الكافرين، وزجرُ أبي لَهَبٍ على قوله للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، ووعيدُ امرأته على انتصارها لزوجها، وبُغْضِها للنبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ينظر: "مصاعد النظر إلى مقاصد السور" للبقاعي (3 /277)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /600).