تفسير سورة المسد

لطائف الإشارات

تفسير سورة سورة المسد من كتاب تفسير القشيري المعروف بـلطائف الإشارات.
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ

سورة أبى لهب
قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
«بِسْمِ اللَّهِ» كلمة جبّارة للمذنبين، تجبر أعمالهم، وتحقّق آمالهم، وهي للعارفين تصغر فى أعينهم أحوالهم، وتكمّل- عن شواهدهم- امتحاءهم «١» واستئصالهم، وتحقّق لهم- بعد فنائهم عنهم- وصالهم.
قوله جل ذكره:
[سورة المسد (١١١) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤)
فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)
أي: خسرت يداه.
«ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ» ما أغنى عنه ماله ولا كسبه الخبيث- شيئا.
وقيل: «ما كَسَبَ» : ولده «٢».
قوله جل ذكره: «سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ «٣» الْحَطَبِ» يلزمها إذا دخلها فلا براح له منها. وامرأته أيضا ستصلى النار معه.
«فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ».
(١) فى ص (امتحانهم) والصواب أن تكون (امتحاءهم) أي حصول «المحو» لهم.
(٢) حين قال أبو لهب: «إن كان ما يقوله ابن أخى حقا فإنى أفدى نفسى بما لى وولدى» فنزل: «ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ».
(٣) وعلى الرفع قراءة نافع. وقرأ عاصم بالنصب على الذمّ كأنها اشتهرت بذلك- كقوله تعالى: «مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا» آية ٦١ سورة الأحزاب.
780
«مَسَدٍ» شىء مفتول، وكانت تحمل الشوك وتنقله وتبثه في طريق رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ويقال: سحقا لمن لا يعرف قدرك- يا محمد. وبعدا لمن لم يشهد ما خصصناك به من رفع محلّك، وإكبار شأنك... ومن ناصبك كيف ينفعه ماله؟ والذي أقميناه لأجلك وقد (أساء) «١» أعماله.. فإنّ إلى الهوان والخزي مآله، وإنّ على أقبح حال حال امرأته وحاله.
(١) ما بين القوسين من عندنا فهى في النسخة م مشتبهة.
781
سورة المسد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (المَسَدِ) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (الفاتحة)، وقد افتُتحت بوعيدِ أبي لَهَبٍ عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاءِ عليه؛ بسبب مقالته للنبي صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، وفي ذلك بيانُ خسران الكافرين، ولو كان أقرَبَ قريب للنبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ ولذا خُتمت بوعيد زوجه؛ لأنها وافقت زوجَها، وأبغَضت النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

ترتيبها المصحفي
111
نوعها
مكية
ألفاظها
23
ترتيب نزولها
6
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
5
العد الكوفي
5
العد الشامي
5

* قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]:

عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ: {وَأَنذِرْ ‌عَشِيرَتَكَ ‌اْلْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، ورَهْطَك منهم المُخلَصِينَ؛ خرَجَ رسولُ اللهِ ﷺ حتى صَعِدَ الصَّفَا، فهتَفَ: «يا صَبَاحَاهْ»، فقالوا: مَن هذا؟ فاجتمَعوا إليه، فقال: «أرأَيْتم إن أخبَرْتُكم أنَّ خيلًا تخرُجُ مِن سَفْحِ هذا الجبَلِ، أكنتم مُصَدِّقِيَّ؟»، قالوا: ما جرَّبْنا عليك كَذِبًا، قال: «فإنِّي نذيرٌ لكم بَيْنَ يَدَيْ عذابٍ شديدٍ»، قال أبو لَهَبٍ: تبًّا لك! ما جمَعْتَنا إلا لهذا؟! ثم قامَ؛ فنزَلتْ: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} [المسد: 1]، وقد تَبَّ»؛ هكذا قرَأَها الأعمَشُ يومَئذٍ. أخرجه البخاري (٤٩٧١).

* سورةُ (المَسَدِ):

سُمِّيت سورةُ (المَسَدِ) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ (المَسَد) في خاتمتها.

* وتُسمَّى سورة {تَبَّتْ}؛ لافتتاحها بهذا اللفظِ.

وعيدٌ لأبي لَهَبٍ وزوجته، ومصيرُهما (١-٥).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /437).

الحُكْمُ بخسران الكافرين، وزجرُ أبي لَهَبٍ على قوله للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: «تبًّا لك! ألهذا جمَعْتَنا؟!»، ووعيدُ امرأته على انتصارها لزوجها، وبُغْضِها للنبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ينظر: "مصاعد النظر إلى مقاصد السور" للبقاعي (3 /277)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /600).