تفسير سورة النّور

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

تفسير سورة سورة النور من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لَمَّا ذكر قاطعَ الأنساب في الآخة بقولهِ:﴿ فَإِذَا نُفِخَ ﴾]المؤمنون: ١٠١[ ثم ذكر أهواله، أتبعه بقاطع النسب في الدنيا وأحكامه فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ ﴾: هذه ﴿ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا ﴾: وفرضنا أحكامها، وشدد مبالغة ﴿ وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾: تتعظون ﴿ ٱلزَّانِيَةُ ﴾: قدمها لأنها أصا الفجور وزناها أفحش ﴿ وَٱلزَّانِي ﴾: الغير المحصنن حكمهما فيما يتلى عليكم ﴿ فَٱجْلِدُواْ ﴾: اضربوا ﴿ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ ﴾: ضربة ثم يغرب عامل، والمحصن يرجم والرقيق على نصف الحر ولا يرجم كل ذلك بالسنة، والمحصن هو الحر البالغ العاقل المصيب بنكاح الصحيح، ولا يشترط الإسلام خلافا للحنفية لرجمه صلّ الله عليه وسلم اليهوديين، وفي الجلد إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتجاوز الألم إلى اللحم على طريق الإدماج في إشارة النص ﴿ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ ﴾: رقة القلب ﴿ فِي دِينِ ٱللَّهِ ﴾: بترك شيء من حده ﴿ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ﴾: فإن المؤمن صلب من دينه ﴿ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا ﴾: جلدهما ﴿ طَآئِفَةٌ ﴾: هي فرقة يمكن حَفها حول شيء من الطوف، وأقلها ثلاثةٌ ﴿ طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: للعبرة والتخجيل أو الدعاء بالغفران ﴿ ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ﴾: بَيَّن بالأُلى أنه لا يرغب في العفائف بل فيهما، وبالثانية أنهما لا ترغب فيهما بل الفسقة، فحصل التقابل ﴿ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ ﴾: النكاح ﴿ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: نسخه،﴿ وأنكحوا الأيامى ﴾]النور: ٣٢[ وبعض السلف على بقاء بطلانه، وبعض على بقاء تحريمه، ويردهما الحديث وعن مالك كراهته بشرط الشهرة به ﴿ وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ﴾: يقذفون بالزنا ﴿ ٱلْمُحْصَنَاتِ ﴾: المسلمات الحرائر العاقلات: البالغات العفيفات، خصهن بخصوص الواقعة ﴿ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ ﴾: على رؤيتهم بما رموا ﴿ فَٱجْلِدُوهُمْ ﴾: كلا منهم ﴿ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ﴾: ضربة أخف من ضرب الزنا ﴿ وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً ﴾: في شيء ﴿ أَبَداً ﴾: ولو قبل الجلد ﴿ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ ﴾: والقاذف بغير ما ذكر يعزز ﴿ إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ ﴾: القذف ﴿ وَأَصْلَحُواْ ﴾: عملهم ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ ﴾: لهم ﴿ رَّحِيمٌ ﴾: بهم الاستثناء راجع إلى الكل، ومن التوبة الاستسلام للحد والاستحلال، فلا يلزم سقوط الحد ﴿ وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ﴾: بالزنا ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ ﴾: عليه ﴿ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ ﴾: فعليهم شهادة ﴿ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ ﴾: فيه ﴿ وَ ﴾: الشهادة ﴿ ٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ ﴾: فيه، وحينئذ يسقط حده ويتفارقان فسخاً عند الشافعي وبتفريق الحاكم طلاقا عند الحنفية ﴿ وَيَدْرَؤُاْ ﴾: يدفع ﴿ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ ﴾: الحد ﴿ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ ﴾: الزوج ﴿ لَمِنَ ٱلْكَاذِبِينَ ﴾: فيه ﴿ وَٱلْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَآ إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ ﴾: فيه، خصت بالغضب لأنها أصل الفجور ﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ﴾: لعاجلكم بالعقوبة ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ ﴾: في أم المؤمنين مع صفوان رضي الله عنه إذ باعدت في غزوة بني المصطلق لقضاء الحاجة وانقطع عقدها فمكثت تلتمسه فرجعت وقد رحلوا وحملوا هَوْدجها على أنها فيه، فمر صفوان السهمي فأناخ لها بعيرة وساقة حتى أتاهم بعد ما نزلوا والإفك أشد الكذب ﴿ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ ﴾: هي من عشرة إلى أربعين ﴿ لاَ تَحْسَبُوهُ ﴾: إفكهم ﴿ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾: لثوابكم ونزول ثماني عشرة آية ببراءتكم ﴿ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ ﴾: جزاء ﴿ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ ﴾: مُعظمَهُ ﴿ مِّنْهُمْ ﴾: ابن أُبّي لعنه الله ﴿ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾: في الدارين ﴿ لَّوْلاۤ ﴾: هلا ﴿ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ﴾: أيها المؤمنون ﴿ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ ﴾: أي: بعضهم ببعض ﴿ خَيْراً وَقَالُواْ هَـٰذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ ﴾: وقالوا ﴿ لَّوْلاَ جَآءُوا ﴾: العصبة ﴿ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُواْ بِالشُّهَدَآءِ فَأُوْلَـٰئِكَ عِندَ ٱللَّهِ ﴾: أي: في حكمه ﴿ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ * وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ ﴾: عاجلا ﴿ مَآ أَفَضْتُمْ ﴾: خضتم ﴿ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ ﴾: يأخذه بعضكم من بعض ﴿ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ ﴾: بلا فكر ﴿ مَّا لَّيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً ﴾: بلا تبعة ﴿ وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٌ ﴾: وزرا ﴿ وَلَوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا سُبْحَانَكَ ﴾: للتعجب، أو تنزيهك عن كون حبيبك كشخانا، فإنه لا يجوز للتنفير، بخلاف كفرها ﴿ هَـٰذَا بُهْتَانٌ ﴾: كذب ﴿ عَظِيمٌ * يَعِظُكُمُ ٱللَّهُ ﴾: كراهة ﴿ أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ ﴾: فاتعظوا ﴿ وَيُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلآيَاتِ ﴾: لتتعظوا ﴿ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ ﴾: بالأحوال ﴿ حَكِيمٌ ﴾: في تدبيره ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ﴾: تنتشر ﴿ ٱلْفَاحِشَةُ ﴾: باللسان ﴿ فِي ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي ٱلدُّنْيَا ﴾: بالحدود ﴿ وَٱلآخِرَةِ ﴾: بالنار، دل على أن الرّضا بالفسق وإرادته فسق ﴿ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ﴾: سرائركم ﴿ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾: فعاقبوهم في الدنيا بحكم الظاهر ﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾: لعاجلكم بالعقوبة
﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ ﴾: وساوسة ﴿ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ ﴾: فهو غاوٍ ﴿ لشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ ﴾: ما أفرط قبحة ﴿ وَٱلْمُنْكَرِ ﴾: ما أنكره الشرع ﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ﴾: بتوفيق التوبة وشرع الحدود ﴿ مَا زَكَىٰ ﴾: ما طهر من الذنب ﴿ مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي ﴾: يطهر ﴿ مَن يَشَآءُ ﴾: بتوفيق التوبة ﴿ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ ﴾: لأقوالكم ﴿ عَلِيمٌ ﴾: بنياتكم ﴿ وَلاَ يَأْتَلِ ﴾: لا يحلف ﴿ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ ﴾: دنيا ﴿ وَٱلسَّعَةِ ﴾: مالا ﴿ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ﴾: كالصديق رضي الله تعالى عنه، حلف أن لا ينفق على ابن خالته مسطح من فقراء المهاجرين لدخوله في الإفك، وكان ينفق عليه قبل ﴿ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ ﴾: بالإغماض عنهم.
﴿ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾: فقال الصديق: بلى أحبه وحلف أن لا ينزع نفقته منه أبداً ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ﴾: العفائف ﴿ ٱلْغَافِلاَتِ ﴾: عما قذفن به ﴿ ٱلْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ ﴾: إن لم يتوبوا، وقيل: مخصوص في زوجاته عليه الصلاة والسلام ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾: خصهن لأن قذفهن أشنع ولخصوص المادة ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾: قولا وفعلا ﴿ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ﴾: جزاءهم ﴿ ٱلْحَقَّ ﴾: الواجب عليهم ﴿ وَيَعْلَمُونَ ﴾: عيانا ﴿ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ﴾: العدل ﴿ ٱلْمُبِينُ ﴾: ]ذُو الحق البيّن[ النساء أو الكلمات ﴿ ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ ﴾: كعائشة ﴿ لِلطَّيِّبِينَ ﴾: كمحمد عليه الصلاة والسلام ﴿ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ ﴾: قالت عائشة رضي الله عنها: " ولقدر خلقت طيبة عند طيب ووعدت مغفرة ورزقا كريما " ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ﴾: النبي وعائشة وصفوان ﴿ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ﴾: الخبيثون ﴿ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾: في الجنة ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ﴾: التي تسكنونها ﴿ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ ﴾: وتستأذنوا ﴿ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا ﴾: بقوله: السَّلام عليكم أدخل؟ ثلاثَ مرَّاتٍ، فإن لم يُؤْذن لهُ فليرجع ولو من بيت أُمّهِ ﴿ ذٰلِكُمْ ﴾: الاستئناس مع السلام ﴿ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾: هناء لكم ﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَآ ﴾: في البيوت ﴿ أَحَداً ﴾: يأذن لكم ﴿ فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ ﴾: فإنه تصرف فيها بلا إذن صاحبها ﴿ وَإِن قِيلَ لَكُمْ ٱرْجِعُواْ فَٱرْجِعُواْ ﴾: ولا تلحُّوا ﴿ هُوَ أَزْكَىٰ ﴾: اطهر ﴿ لَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾: فيجازيكم ﴿ لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ ﴾: منفعة ﴿ لَّكُمْ ﴾: كالربط والخانات ﴿ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴾: من قصدقكم بدخول بيوتهم ﴿ قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ ﴾: كما مر في﴿ قُل لِّعِبَادِيَ ﴾]ابراهيم: ٣١[ ﴿ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ﴾: عما يحرم فيهما، أفهم بـ ﴿ مِنْ ﴾: أن أمر النظر أوسع، وقدم النظر لأنه بريد الزنا ﴿ ذٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾: فليحذروا ﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾: كما مر ﴿ وَلاَ يُبْدِينَ ﴾: يظهرن ﴿ زِينَتَهُنَّ ﴾: كالخلخال فكيف بمواضعها ﴿ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾: عند المهنة كالخاتم والثوب أو الوجه والكفان ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ ﴾: جمع الخمار المقنعة ﴿ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ﴾: لستر العُنُق والصَّدر ﴿ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ﴾: المخفية ﴿ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِيۤ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ ﴾: أي: المؤمنات لا الكافرات ترك العم والخال لأنهما في معنى الإخوان إشارة على أولوية التستر منهما مخافة وصفها إياهما لأبنائهما ولا كذلك أبو بعولتهن لمكان الولد ﴿ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ﴾: ولو عبدا ﴿ أَوِ ٱلتَّابِعِينَ ﴾: لفضل طعام ﴿ غَيْرِ أُوْلِي ٱلإِرْبَةِ ﴾: الحاجة إلى النساء ﴿ مِنَ ٱلرِّجَالِ ﴾: بأن لا ينتشر ذكرهم كالفاني والممسوح، قيل: وكذا المجنون والأحمق وفي الخصى والمجبوب خلاف ﴿ أَوِ ﴾: جنس ﴿ ٱلطِّفْلِ ٱلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ ﴾: يطلعوا ﴿ عَلَىٰ عَوْرَاتِ ٱلنِّسَآءِ ﴾: لا يعرفون ما العورة، والطفل من لم يراهق الحلم ﴿ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ ﴾: الأرض ﴿ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ﴾: من تقعقع الخلخال وفي معناه: تطيبهن في الخروج فإنه يورث ميلهم ﴿ وَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً ﴾: من فرطاتكم ﴿ أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾: هذه أكثر الآي ضميرا لجمعها خمسة وعشرين ضميرا ﴿ وَأَنْكِحُواْ ﴾: ندبا أيها السادة والأولياء ﴿ ٱلأَيَامَىٰ ﴾: جمع أيم، العُزَّب ذكراً أو أنثى ﴿ مِنْكُمْ ﴾: من أحراركم ﴿ وَٱلصَّالِحِينَ ﴾: للنكاح ﴿ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ ﴾: أفهم عدم أستبدادهم بالنكاح ﴿ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ ٱللَّهُ ﴾: بالتزوج ﴿ مِن فَضْلِهِ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ ﴾: لخلقه ﴿ عَلِيمٌ ﴾: بهم، ووعده الغنى مشروط بالمشيئة لقوله:﴿ فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ﴾]التوبة: ٢٨[ إلى آخره، فلا ينافي: ﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ ﴾: ليجتهد في العفة عن الحرام ﴿ ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً ﴾: أي: أسبابه ﴿ حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ ﴾: فينكحون ﴿ وَٱلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ ﴾: الكتابة ﴿ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ﴾: أمانة وقدرة نجومها ﴿ وَآتُوهُمْ ﴾: أيها السادة وجوبا ﴿ مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ آتَاكُمْ ﴾: ما يعنيهم على أدائها ولو بحط أقل متمول منها ﴿ وَلاَ تُكْرِهُواْ ﴾: كابن أبي ﴿ فَتَيَاتِكُمْ ﴾: إماءكم ﴿ عَلَى ٱلْبِغَآءِ ﴾: الزنا ﴿ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ﴾: تعففا لا مفهوم له لأنهشرط للإكراة إذ لا يوجد بدونه أو شرط للنهي ويرتفع بارتفاع المهني عنه لأن الإكراه ممتع وقت عدم إرادة التحصين، وأشار بإن إلى ندرة الإدارة ﴿ لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُنَّ ﴾: عليه ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ ﴾: لهن ﴿ رَّحِيمٌ ﴾: بهن، لعل الإكراه كان دون الحد الشرعي أولهم وبهم بعد التوبة ﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ ﴾: فيها الأحكام وبالكسر أي: للأحكام ﴿ وَمَثَلاً ﴾: كقصة أم المؤمنين مِّنَ جنس امثال: كمريم ﴿ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ﴾: الصائرين إلى التقوى
﴿ ٱللَّهُ نُورُ ﴾: هو الظاهر بنفسه المظهر لغيره، أي: موجد أي: منور ﴿ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾: خصهما لما مر ﴿ مَثَلُ ﴾: صفة ﴿ نُورِهِ ﴾: العجيبة في قلب المؤمن وإضافته كوجود زيد، وقراءة أبي مثل نور المؤمن، قيل: إشارة إلى مثل القرآن، وقيل: مثل القوة العاقلة ﴿ كَمِشْكَاةٍ ﴾: كصفة كوة إشارة ألى فم المؤمن ولسانه على الأول أو القوة الحساسة على الثاني، إذ محلها ككوة وجهها غلى الظاهر لا تدرك غير المحسوس وتضيء بالمعقولات ﴿ فِيهَا مِصْبَاحٌ ﴾: كالقرآن أو القوة العاقلة المضيئة بإدراك المعارف ﴿ ٱلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ﴾: كقلب المؤمن أو القوة الخيالية لَقبُولها صور المحسوسات من الجوانب وضبطها للأنوار العقلية ﴿ ٱلزُّجَاجَةُ ﴾: لإضاءتها بما تشتمل عليه من أنوار القرآن أو الأنوار العقلية ﴿ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ﴾: يضئ كالدرة وبالهمزة دافع للظلمات ﴿ يُوقَدُ ﴾: الزجاجية وبالياء: المِصْبَاح ﴿ مِن ﴾: زيت ﴿ شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ ﴾: كالوحى أو المفكرة المؤلفة للمعقولات لإنتاج المجهولات المؤدية إلى ثمرات غير متناهية ﴿ زَيْتُونَةٍ ﴾: بدل منها أي: مثمرة للزيت الذي هو مَادَّة المصابيح ﴿ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ ﴾: مصونة من الحر والبرد المفرطين، فزيتها أضوأ إشارة غلى وقوعها بين الصور والمعاني لعلاقتهما مع الجانبين أو المراد ليست من زيتونة الدنيا التي إما شرقية وإما غريبة وحينئذ تأويلها ظاهر ﴿ يَكَادُ زَيْتُهَا ﴾: لفرط صفائها ﴿ يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ﴾: كحجة القرآن تتضح وإن لم يقرأ وكالقوة القدسية المدركة لأسرار الملكوت تكاد تضيء بالمعارف بلا تعلم وتفكر ﴿ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ﴾: لتضاعف نور المصباح بصفاء الزيت وزهرة القنديل وضبط المشكاة لأشعته كنور القرآن والدلائل العقلية والبصيرة وعلى الثاني واضح ﴿ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ ﴾: هذا ﴿ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ ﴾: يبين ﴿ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ﴾: تقريبا لأفهامهم ﴿ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ ﴾: ومنه ضرب الأمثال في متعلق يسبح " أو كمشكاة " ﴿ فِي بُيُوتٍ ﴾: هي المساجد، إذ مصابيحها أعظم أو تمثيل لأبدان المؤمنين ﴿ أَذِنَ ﴾: أمر ﴿ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ ﴾: قدرا بتطهيرها عما لا يليق بها ﴿ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ ﴾: ينزهه أو يصلي ﴿ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ ﴾: الصبح ﴿ وَٱلآصَالِ ﴾: العصر ﴿ رِجَالٌ ﴾: فاعل يسبح إن بني للفاعل وإلا فجواب مقدر ﴿ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ ﴾: معاملة للربح ﴿ وَلاَ بَيْعٌ ﴾: عمم بعدما خصص مبالغة ﴿ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَ ﴾: عن ﴿ إِقَامِ ﴾: إقامة ﴿ ٱلصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ ﴾: ومع ذلك ﴿ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ ﴾: تضطرب ﴿ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ ﴾: خوفا وهو القيامة ﴿ لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ ﴾: جزاء ﴿ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ ﴾: ما لم يخطر ببالهم ﴿ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ ﴾: في الآخرة لكونها لاغية غير نافعة بخلاف حسبانهم ﴿ كَسَرَابٍ ﴾: هو شُعاع يتكيف فيتسرب ويجرى كالماء ﴿ بِقِيعَةٍ ﴾: أراضٍ مستوية، جمع قاع ﴿ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ ﴾: العطشان ﴿ مَآءً ﴾: خص العطشان، لتشبيه الكافر به في شدة الحاجة إليه ﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً ﴾: مما ظنه ﴿ وَوَجَدَ ٱللَّهَ ﴾: أي: عقابه ﴿ عِندَهُ فَوَفَّـٰهُ حِسَابَهُ ﴾: مجازاته ﴿ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ﴾: كما مر ﴿ أَوْ ﴾: أعمالهم في الدنيا لخلوها عن نور الحق ﴿ كَظُلُمَاتٍ ﴾: كظلمة حال اعتقاده ومصيره إلى ظلمة النار ﴿ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ ﴾: عميق ﴿ يَغْشَاهُ ﴾: يعلو البحر ﴿ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ ﴾: أي: أمواج متراكمة ﴿ مِّن فَوْقِهِ ﴾: أي: الموج الأخير ﴿ سَحَابٌ ﴾: مظلم، هذه ﴿ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَآ أَخْرَجَ ﴾: الناظر ﴿ يَدَهُ ﴾: فيها ﴿ لَمْ يَكَدْ ﴾: لم يقرب أن ﴿ يَرَاهَا ﴾: لتكاثف الظلمات فضلاً عن رؤيته ﴿ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً ﴾: أي: لم يهده ﴿ فَمَا لَهُ مِن نُورٍ ﴾: أي: لم يهتد ﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾: تعلم علما كالمشاهدة ﴿ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾: حالا أو مقالا غلب فيه ذوي العقول ﴿ وَٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ ﴾: باسطات أجنحتهن، خصها لأنها حينئذ ليست فيهما ﴿ كُلٌّ ﴾: منهم ﴿ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ ﴾: دعاءه ﴿ وَتَسْبِيحَهُ ﴾: أو الصلاة للبشر، والتسبيح لغيره إلهاما أو علم الله ﴿ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ * وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ ﴾: مرجع الكل ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزْجِي ﴾: يسوق قليلا قليلا ﴿ سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ ﴾: يجمع ﴿ بَيْنَهُ ﴾: بين قطعه ﴿ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً ﴾: متراكما بعضه فوق بعض ﴿ فَتَرَى ٱلْوَدْقَ ﴾: المطر ﴿ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ ﴾: فَتَسوقه لانْعِصارها بالتَّراكم ﴿ وَيُنَزِّلُ مِنَ ﴾: جانب ﴿ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٍ ﴾: غيم كالجبال ﴿ فِيهَا مِن بَرَدٍ ﴾: بردا ﴿ فَيُصِيبُ بِهِ ﴾: بالبرد ﴿ مَن يَشَآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ ﴾: هذا لا ينافي قول القائل بأن أبخرته بلغت الطبقة الباردة من الهواء، وقوي بردها تصير سحابا، فإن لم يشتد البرد تقاطر المطر، وإن اشتد فإن وصل إلى الأجزاء البخارية قبل اجتماعها ينزل ثلجا، وإلا فبرداً وأنه قد يبرد الهواء مفرطا فينعقد سحابا ينزل منه المطر أو الثلج، لكن ابن عباس: أن في السماء جبال برد ينزل منه، وكأنه نظر إلى ظاهر الآية فأول بما أولت به ﴿ يَكَادُ سَنَا ﴾: ضوء ﴿ بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِٱلأَبْصَارِ ﴾: فسبحان من يخرج الماء والنار والنور والظلمة من شيء واحد ﴿ يُقَلِّبُ ٱللَّهُ ﴾: يصرفه اختلافاً وتعاقُباً ﴿ ٱللَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ ﴾: التقليب ﴿ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ ﴾: البصائر ﴿ وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ ﴾: أي: غالبا أو كما مر في الأنبياء، وخصها بالذكر لأنها أعجب ﴿ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي ﴾: يزحف كالمشي ﴿ عَلَىٰ بَطْنِهِ ﴾: كالحية، ذكر الضمير تغليبا للعقلاء، وأتى بـ ﴿ مَّن ﴾: ليوافق التفصيل الجملة، وقدم ما هو أدل على القدرة ﴿ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ﴾: ولو كان له أكثر فإنه غنما يعتمد على أربع ﴿ يَخْلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ ﴾: كما مر ﴿ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ ﴾: هدايته ﴿ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾: الإسلام ﴿ وَيَقُولُونَ ﴾: المنافقون ﴿ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ﴾: لهما ﴿ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ ﴾: عن الطاعة ﴿ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ ﴾: الاعتراف ﴿ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ ﴾: الفريق ﴿ بِٱلْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ ﴾: ذكره تعظيما ﴿ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ ﴾: إن كان الحق عليهم مخافة الحكم بالحق كمنافق خاصم يهوديا فدعاه اليهودي إلى النبي، وهو دعاه إلى كعب بن الأشراف ﴿ وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ﴾: مناقدين لعلمهم أنه يحكم لهم ﴿ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾: كفر ﴿ أَمِ ٱرْتَابُوۤاْ ﴾: في نبوتك ﴿ أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ ﴾: في الحكم، لا ﴿ بَلْ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ ﴾: إضراب عن التقسيم ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ﴾: لهم أو عليهم ﴿ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ ﴾: الناجون
﴿ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ ٱللَّهَ ﴾: بسوالف ذنوبه ﴿ وَيَتَّقْهِ ﴾: فيما بقي ﴿ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُون ﴾: الظافرون ببغيتهم، ثم رجع إلى حال المنافقين فقال: ﴿ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ ﴾: أي: أغلظ ﴿ أَيْمَانِهِمْ ﴾: كما مر ﴿ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ ﴾: بالجهاد ﴿ لَيَخْرُجُنَّ قُل لاَّ تُقْسِمُواْ ﴾: كذبا، طاعتكم ﴿ طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ ﴾: أنها قول بلا عمل ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾: يتولوا ﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ ﴾: على الرسول ﴿ مَا حُمِّلَ ﴾: من التبليغ ﴿ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ ﴾: من القبول ﴿ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ﴾: التبليغ ﴿ ٱلْمُبِينُ ﴾: الموضح ﴿ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: بلا من الكفار ﴿ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾: كبنى إسرائيل بدلا من الجبابرة ﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ ﴾: بالأحكام ﴿ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ ﴾: من أعدائهم ﴿ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ﴾: استئناف كتعليل ﴿ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ ﴾: الإنعام به ﴿ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ ﴾: الكاملون في الفسق، أول من كفر به قتله عثمان رضي الله عنه ﴿ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّـلاَةَ ﴾: عطف على أطيعوا الله ﴿ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ ﴾: كرره تأكيدا أو ليعلق به ﴿ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون ﴾: راجين الرحمة ﴿ لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مُعْجِزِينَ ﴾: لنا في إدراكهم ﴿ فِي ٱلأَرْضِ وَمَأْوَٰهُمُ ٱلنَّارُ وَلَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ ﴾: النار ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ ٱلَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ ﴾: أرقَّاءُكم ﴿ وَ ﴾: الأحرار ﴿ ٱلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ ٱلْحُلُمَ ﴾: البلوغ ﴿ مِنكُمْ ﴾: هذا أمر للأولياء بتأديبهم ﴿ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ﴾: في ثلاثة أوقات ﴿ مِّن قَبْلِ صَـلَٰوةِ ٱلْفَجْر ﴾: وقت طرح ثياب النوم ﴿ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَـٰبَكُمْ ﴾: للقيلولة ﴿ مِّنَ ٱلظَّهِيرَةِ ﴾: بيان للحين ﴿ وَمِن بَعْدِ صَلَٰوةِ ٱلْعِشَآءِ ﴾: وقت طرح الثياب اليقظة، هي ﴿ ثَلاَثُ ﴾: أوقات ﴿ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ ﴾: اختلالات لستركم، ونصب بدلا من ثلاث ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ﴾: بعد الثلاثة في ترك الاستئذان، وهذا لا ينافي الاستئذان فينسخها، هم ﴿ طَوَٰفُونَ عَلَيْكُمْ ﴾: للخدمة ﴿ بَعْضُكُمْ ﴾: طائف ﴿ عَلَىٰ بَعْضٍ ﴾: في الحوائج فيغتفر فيهم مالا يغتفر في غيرهم ﴿ كَذَلِكَ ﴾: التبيين ﴿ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأَيَـٰتِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ ﴾: بأحوالكم ﴿ حَكِيمٌ ﴾: فيما أمركم ﴿ وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ﴾: أيها الأحرار ﴿ ٱلْحُلُمَ ﴾: البلوغ ﴿ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ ﴾: كل الأوقات، ولو على الأبوين ﴿ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ ﴾: بلغوا ﴿ مِن قَبْلِهِمْ ﴾: أي: الرجال الأحرار ﴿ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾: كرره تأكيدا ﴿ وَ ﴾: العجائز ﴿ ٱلْقَوَاعِدُ ﴾: عن الحيض والحبل ﴿ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً ﴾: لكبرهن ﴿ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ ﴾: في ﴿ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ ﴾: الظاهرة كالجلباب ﴿ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ﴾: أي: مظهراتها ﴿ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ ﴾: فلا يضعنها ﴿ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ ﴾: لمقالتهن للرجال ﴿ عِلِيمٌ ﴾: بنياتهن ﴿ لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ ﴾: في مؤاكلة مقابليهم، أو في أكلهم من بيت من يدفع إليهم مفتاح عند خروجه غلى الغزو ويبيحه لهم أو في إجابة من يدعوهم إلى بيت أقاربهم المذكورين ليطعموهم ﴿ وَلاَ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ ﴾: التي فيها عيالكم، فدخل بيت الأولاد، وورد: " أنتَ ومَالك لأبيكَ " ﴿ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَٰنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَٰمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَٰلِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَٰلَٰتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَّفَاتِحهُ ﴾: أي: خزنتموه لغيركم كالراعي والناظور مما يحفظانه أو بيوت المماليك وهو القيم من مال اليتيم بشروطه ﴿ أَوْ ﴾: بيوت ﴿ صَدِيقِكُمْ ﴾: من صدقكم في مودته ولو في غيبة هؤلاء بشرط العلم برضاهم ولو بقرينه فما دل على عدم قطع سارق مال المحرم ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً ﴾: مجتمعين ﴿ أَوْ أَشْتَاتاً ﴾: متفرقين، كانوا يتحرجون من أكل الرجل وحده ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً ﴾: منها ﴿ فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ ﴾: أي: أهلها الذين هم منكم دينا أو بيوتا خالية تقول: السلام علينا الخ ﴿ تَحِيَّةً ﴾: مشروعة ﴿ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُبَٰرَكَةً طَيِّبَةً ﴾: تطيب للمستمع ﴿ كَذَٰلِكَ ﴾: التبيين ﴿ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ ﴾: معالم دينكم ﴿ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾: تفهمونه ﴿ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾: من صميم قلوبهم ﴿ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ ﴾: مع الرسول ﴿ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ ﴾: كالجمعة والعيد والشورى والحرب ﴿ لَّمْ يَذْهَبُواْ ﴾: عن محضره ﴿ حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ ﴾: فيإذن لهم ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾: من صميم قلوبهم ﴿ فَإِذَا ٱسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ ﴾: أمرهم ﴿ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ ﴾: دل على أن بعض الاحكام مفوض إلى رأيه ﴿ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمُ ٱللَّهَ ﴾: إذ ربما يستأذنوا تقديما للدنيا ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ ﴾: لهم ﴿ رَّحِيمٌ ﴾: بهم ﴿ لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً ﴾: في تجويز الماهلة في الجواب ولو في الصلاة، ولا تنادوا باسمه الشريف بل بلقبه المنيف ﴿ قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ ﴾: ينصرفون عن الجماعة قليلا قليلا خفية ﴿ لِوَاذاً ﴾: ملاوذين يستتر بعضهم ببعض من محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ ﴾: يُعْرضون ﴿ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ﴾: في الدنيا ﴿ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾: في الآخرة، دَلَّ على أن الأمر للوجوب لأنَّ مخالفته مقتضية لأحد العذابين ﴿ أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ ﴾: من الإيمان والنفاق، وأفاد بـ ﴿ قَدْ ﴾: تأكيد الوعيد ﴿ وَ ﴾: يعلم ﴿ يَوْمَ يُرْجَعُونَ ﴾: المنافقون ﴿ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ ﴾: بالجزاء ﴿ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمُ ﴾: ومنه اعمالهم - والله أعلمُ بالصّواب وإلْيِه المرجعُ والمآب.
سورة النور
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (النُّور) مِن السُّوَر المدنيَّة، فرَضها الله عز وجل لِما تضمَّنته من أحكامٍ شرعية بالغة الأهمية؛ ففيها حدُّ الزِّنا، والأحكامُ المتعلقة به، وفيها ذِكْرُ حادثةِ (الإفك)، وتبرئةِ السيدة عائشة رضي الله عنها من هذه الكبيرةِ، ومِن عقوبتها، وقد نزَلتْ تبرئتُها من عندِ الله عز وجل من السماء، مبيِّنةً أن شَرَفَ النبي صلى الله عليه وسلم محفوظٌ بحفظِ الله له، وقد تَبِعَ ذِكْرَ هذه القصة مقاصدُ وأحكامٌ كثيرة؛ من فرضِ الحجاب، وغيرِ ذلك من الأحكام المتعلقة بالنساء؛ لذا كان السلفُ يحرصون على أن تتعلم نساؤُهم سورةَ (النُّور).

ترتيبها المصحفي
24
نوعها
مدنية
ألفاظها
1319
ترتيب نزولها
102
العد المدني الأول
62
العد المدني الأخير
62
العد البصري
64
العد الكوفي
64
العد الشامي
64

* قوله تعالى: {اْلزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةٗ وَاْلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٞۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى اْلْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3]:

عن عبدِ اللهِ بن عمرٍو رضي الله عنهما، قال: «كان رجُلٌ يقالُ له: مَرْثَدُ بنُ أبي مَرْثَدٍ، وكان رجُلًا يَحمِلُ الأَسْرى مِن مكَّةَ حتى يأتيَ بهم المدينةَ، قال: وكانت امرأةٌ بَغِيٌّ بمكَّةَ يقالُ لها : عَنَاقٌ، وكانت صديقةً له، وإنَّه كان وعَدَ رجُلًا مِن أُسارى مكَّةَ يَحمِلُه، قال: فجِئْتُ حتى انتهَيْتُ إلى ظِلِّ حائطٍ مِن حوائطِ مكَّةَ في ليلةٍ مُقمِرةٍ، قال: فجاءت عَنَاقٌ، فأبصَرتْ سوادَ ظِلِّي بجَنْبِ الحائطِ، فلمَّا انتهَتْ إليَّ عرَفتْ، فقالت: مَرْثَدٌ؟ فقلتُ: مَرْثَدٌ، قالت: مرحبًا وأهلًا، هلُمَّ فَبِتْ عندنا الليلةَ، قلتُ: يا عَنَاقُ، حرَّمَ اللهُ الزِّنا! قالت: يا أهلَ الخِيامِ، هذا الرَّجُلُ يَحمِلُ أَسْراكم، قال: فتَبِعَني ثمانيةٌ، وسلَكْتُ الخَنْدَمةَ، فانتهَيْتُ إلى كهفٍ أو غارٍ، فدخَلْتُ، فجاؤوا حتى قاموا على رأسي، فبالُوا، فظَلَّ بَوْلُهم على رأسي، وأعماهم اللهُ عنِّي، قال: ثم رجَعوا، ورجَعْتُ إلى صاحبي، فحمَلْتُه، وكان رجُلًا ثقيلًا، حتى انتهَيْتُ إلى الإذخِرِ، ففكَكْتُ عنه كَبْلَه، فجعَلْتُ أحمِلُه ويُعْيِيني، حتى قَدِمْتُ المدينةَ، فأتَيْتُ رسولَ اللهِ ﷺ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أنكِحُ عَنَاقًا؟ مرَّتَينِ، فأمسَكَ رسولُ اللهِ ﷺ، فلَمْ يرُدَّ عليَّ شيئًا، حتى نزَلتِ: {اْلزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةٗ وَاْلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٞۚ} [النور: 3]، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «يا مَرْثَدُ، الزَّاني لا يَنكِحُ إلا زانيةً أو مشركةً، والزَّانيةُ لا يَنكِحُها إلا زانٍ أو مشركٌ؛ فلا تَنكِحْها»». سنن الترمذي (٣١٧٧).

* قوله تعالى: {وَاْلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَٰجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلَّآ أَنفُسُهُمْ فَشَهَٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَٰدَٰتِۭ بِاْللَّهِ إِنَّهُۥ لَمِنَ اْلصَّٰدِقِينَ} [النور: 6]:

عن سهلِ بن سعدٍ السَّاعديِّ رضي الله عنه: «أنَّ عُوَيمِرًا أتى عاصمَ بنَ عَدِيٍّ، وكان سيِّدَ بني عَجْلانَ، فقال: كيف تقولون في رجُلٍ وجَدَ مع امرأتِه رجُلًا؛ أيقتُلُه فتقتُلونه أم كيف يَصنَعُ؟ سَلْ لي رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأتى عاصمٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، فكَرِهَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المسائلَ، فسأله عُوَيمِرٌ، فقال: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَرِهَ المسائلَ وعابَها، قال عُوَيمِرٌ: واللهِ، لا أنتهي حتى أسألَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فجاء عُوَيمِرٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ، رجُلٌ وجَدَ مع امرأتِه رجُلًا؛ أيقتُلُه فتقتُلونه أم كيف يَصنَعُ؟ فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «قد أنزَلَ اللهُ القرآنَ فيك وفي صاحبتِك»، فأمَرَهما رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالمُلاعَنةِ بما سمَّى اللهُ في كتابِه، فلاعَنَها، ثم قال: يا رسولَ اللهِ، إن حبَسْتُها فقد ظلَمْتُها، فطلَّقَها، فكانت سُنَّةً لِمَن كان بعدهما في المُتلاعِنَينِ، ثم قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «انظُروا فإن جاءت به أسحَمَ، أدعَجَ العينَينِ، عظيمَ الأَلْيَتَينِ، خَدَلَّجَ الساقَينِ؛ فلا أحسَبُ عُوَيمِرًا إلا قد صدَقَ عليها، وإن جاءت به أُحَيمِرَ كأنَّه وَحَرَةٌ، فلا أحسَبُ عُوَيمِرًا إلا قد كذَبَ عليها»، فجاءت به على النَّعْتِ الذي نعَتَ به رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن تصديقِ عُوَيمِرٍ، فكان بعدُ يُنسَبُ إلى أُمِّهِ». أخرجه البخاري (٤٧٤٥).

عن سعيدِ بن جُبَيرٍ رحمه الله، قال: «سُئِلتُ عن المُتلاعِنَينِ في إمرةِ مُصعَبٍ: أيُفرَّقُ بينهما؟ قال: فما درَيْتُ ما أقولُ، فمضَيْتُ إلى منزلِ ابنِ عُمَرَ بمكَّةَ، فقلتُ للغلامِ: استأذِنْ لي، قال: إنَّه قائلٌ، فسَمِعَ صوتي، قال: ابنُ جُبَيرٍ؟ قلتُ: نَعم، قال: ادخُلْ؛ فواللهِ، ما جاء بك هذه الساعةَ إلا حاجةٌ، فدخَلْتُ، فإذا هو مُفترِشٌ بَرْذَعةً، مُتوسِّدٌ وِسادةً حَشْوُها لِيفٌ، قلتُ: أبا عبدِ الرَّحمنِ، المُتلاعِنانِ: أيُفرَّقُ بينهما؟ قال: سُبْحانَ اللهِ! نَعم، إنَّ أوَّلَ مَن سألَ عن ذلك فلانُ بنُ فلانٍ، قال: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ أنْ لو وجَدَ أحدُنا امرأتَه على فاحشةٍ، كيف يَصنَعُ: إن تكلَّمَ تكلَّمَ بأمرٍ عظيمٍ، وإن سكَتَ سكَتَ على مثلِ ذلك؟! قال: فسكَتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فلم يُجِبْهُ، فلمَّا كان بعد ذلك أتاه، فقال: إنَّ الذي سألتُك عنه قد ابتُلِيتُ به؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل هؤلاء الآياتِ في سورةِ النُّورِ: {وَاْلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَٰجَهُمْ} [النور: 6]، فتلاهُنَّ عليه، ووعَظَه، وذكَّرَه، وأخبَرَه أنَّ عذابَ الدُّنيا أهوَنُ مِن عذابِ الآخرةِ، قال : لا، والذي بعَثَك بالحقِّ ما كذَبْتُ عليها، ثم دعاها فوعَظَها وذكَّرَها، وأخبَرَها أنَّ عذابَ الدُّنيا أهوَنُ مِن عذابِ الآخرةِ، قالت: لا، والذي بعَثَك بالحقِّ إنَّه لكاذبٌ، فبدَأَ بالرَّجُلِ، فشَهِدَ أربَعَ شَهاداتٍ باللهِ إنَّه لَمِن الصادقين، والخامسةُ أنَّ لعنةَ اللهِ عليه إن كان مِن الكاذبِينَ، ثم ثنَّى بالمرأةِ، فشَهِدتْ أربَعَ شَهاداتٍ باللهِ إنَّه لَمِن الكاذبينَ، والخامسةُ أنَّ غضَبَ اللهِ عليها إن كان مِن الصادقينَ، ثم فرَّقَ بينهما». أخرجه مسلم (١٤٩٣).

- وفي هذه الآيةِ كلامٌ كثير فيما يتعلقُ بأسبابِ النزول، والاختلافِ فيها، والترجيحِ بينها، ويراجع للفائدة: "المحرر في أسباب النزول" (719)؛ فقد بحث المسألة بحثًا وافيًا، والله الموفِّق.

* قوله تعالى: {إِنَّ اْلَّذِينَ جَآءُو بِاْلْإِفْكِ عُصْبَةٞ مِّنكُمْۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّٗا لَّكُمۖ بَلْ هُوَ خَيْرٞ لَّكُمْۚ لِكُلِّ اْمْرِيٕٖ مِّنْهُم مَّا اْكْتَسَبَ مِنَ اْلْإِثْمِۚ وَاْلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُۥ مِنْهُمْ لَهُۥ عَذَابٌ عَظِيمٞ} [النور: 11]:

عن ابنِ شِهابٍ، قال: حدَّثَني عُرْوةُ بن الزُّبَيرِ، وسعيدُ بن المسيَّبِ، وعَلْقمةُ بن وقَّاصٍ، وعُبَيدُ اللهِ بن عبدِ اللهِ بن عُتْبةَ بن مسعودٍ؛ عن عائشةَ رضي الله عنها زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، حينَ قال لها أهلُ الإفكِ ما قالوا، وكلُّهم حدَّثَني طائفةً مِن حديثِها، وبعضُهم كان أوعى لحديثِها مِن بعضٍ، وأثبَتَ له اقتصاصًا، وقد وعَيْتُ عن كلِّ رجُلٍ منهم الحديثَ الذي حدَّثَني عن عائشةَ، وبعضُ حديثِهم يُصدِّقُ بعضًا، وإن كان بعضُهم أوعى له مِن بعضٍ؛ قالوا:

قالت عائشةُ أمُّ المؤمنين رضي الله عنها: «كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا أراد سَفَرًا أقرَعَ بين أزواجِه، فأيُّهنَّ خرَجَ سَهْمُها خرَجَ بها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم معه.

قالت عائشةُ: فأقرَعَ بيننا في غزوةٍ غزاها، فخرَجَ فيها سَهْمي، فخرَجْتُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بعدما أُنزِلَ الحجابُ، فكنتُ أُحمَلُ في هَوْدجي وأَنزِلُ فيه، فسِرْنا، حتى إذا فرَغَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن غزوتِه تلك وقفَلَ، دنَوْنا مِن المدينةِ قافِلينَ، آذَنَ ليلةً بالرَّحيلِ، فقُمْتُ حين آذَنوا بالرَّحيلِ، فمشَيْتُ حتى جاوَزْتُ الجيشَ، فلمَّا قضَيْتُ شأني أقبَلْتُ إلى رَحْلي، فلمَسْتُ صدري، فإذا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قد انقطَعَ، فرجَعْتُ، فالتمَسْتُ عِقْدي، فحبَسَني ابتغاؤُه، قالت: وأقبَلَ الرَّهْطُ الذين كانوا يُرحِّلوني، فاحتمَلوا هَوْدجي، فرحَلوه على بَعيري الذي كنتُ أركَبُ عليه، وهم يَحسَبون أنِّي فيه، وكان النساءُ إذ ذاك خِفافًا لم يَهبُلْنَ، ولم يَغشَهنَّ اللَّحْمُ، إنَّما يأكُلْنَ العُلْقةَ مِن الطعامِ، فلَمْ يستنكِرِ القومُ خِفَّةَ الهَوْدجِ حينَ رفَعوه وحمَلوه، وكنتُ جاريةً حديثةَ السِّنِّ، فبعَثوا الجمَلَ، فسارُوا، ووجَدتُّ عِقْدي بعدما استمَرَّ الجيشُ، فجِئْتُ مَنازِلَهم وليس بها منهم داعٍ ولا مجيبٌ، فتيمَّمْتُ منزلي الذي كنتُ به، وظنَنْتُ أنَّهم سيَفقِدوني فيَرجِعون إليَّ، فبَيْنا أنا جالسةٌ في منزلي، غلَبتْني عَيْني فنِمْتُ، وكان صَفْوانُ بنُ المُعطَّلِ السُّلَميُّ ثم الذَّكْوانيُّ مِن وراءِ الجيشِ، فأصبَحَ عند منزلي، فرأى سوادَ إنسانٍ نائمٍ، فعرَفَني حين رآني، وكان رآني قبل الحجابِ، فاستيقَظْتُ باسترجاعِه حين عرَفَني، فخمَّرْتُ وجهي بجِلْبابي، وواللهِ، ما تكلَّمْنا بكلمةٍ، ولا سَمِعْتُ منه كلمةً غيرَ استرجاعِه، وهَوَى حتى أناخَ راحلتَه، فوَطِئَ على يدِها، فقُمْتُ إليها، فرَكِبْتُها، فانطلَقَ يقُودُ بي الراحلةَ حتى أتَيْنا الجيشَ مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهيرةِ وهم نزولٌ، قالت: فهلَكَ مَن هلَكَ، وكان الذي تولَّى كِبْرَ الإفكِ عبدَ اللهِ بنَ أُبَيٍّ ابنَ سَلُولَ.

قال عُرْوةُ: أُخبِرْتُ أنَّه كان يشاعُ ويُتحدَّثُ به عنده، فيُقِرُّه ويستمِعُه ويَسْتَوْشِيهِ.

وقال عُرْوةُ أيضًا: لَمْ يُسَمَّ مِن أهلِ الإفكِ أيضًا إلا حسَّانُ بنُ ثابتٍ، ومِسطَحُ بنُ أُثَاثةَ، وحَمْنةُ بنتُ جَحْشٍ، في ناسٍ آخَرِينَ لا عِلْمَ لي بهم، غيرَ أنَّهم عُصْبةٌ؛ كما قال اللهُ تعالى، وإنَّ كُبْرَ ذلك يقالُ له: عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ.

قال عُرْوةُ: كانت عائشةُ تَكرَهُ أن يُسَبَّ عندها حسَّانُ، وتقولُ: إنَّه الذي قال:

فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي***لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

قالت عائشةُ: فقَدِمْنا المدينةَ، فاشتكَيْتُ حينَ قَدِمْتُ شهرًا، والناسُ يُفِيضون في قولِ أصحابِ الإفكِ، لا أشعُرُ بشيءٍ مِن ذلك، وهو يَرِيبُني في وجَعي أنِّي لا أعرِفُ مِن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الذي كنتُ أرى منه حين أشتكي، إنَّما يدخُلُ عليَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيُسلِّمُ، ثم يقولُ: «كيف تِيكُمْ؟»، ثم ينصرِفُ، فذلك يَرِيبُني، ولا أشعُرُ بالشرِّ، حتى خرَجْتُ حينَ نقَهْتُ، فخرَجْتُ مع أمِّ مِسطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ، وكان مُتبرَّزَنا، وكنَّا لا نخرُجُ إلا ليلًا إلى ليلٍ، وذلك قبل أن نتَّخِذَ الكُنُفَ قريبًا مِن بيوتِنا.

قالت: وأمرُنا أمرُ العرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ قِبَلَ الغائطِ، وكنَّا نتأذَّى بالكُنُفِ أن نتَّخِذَها عند بيوتِنا.

قالت: فانطلَقْتُ أنا وأمُّ مِسطَحٍ، وهي ابنةُ أبي رُهْمِ بنِ المطَّلِبِ بنِ عبدِ منافٍ، وأمُّها بنتُ صَخْرِ بنِ عامرٍ، خالةُ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُها مِسطَحُ بنُ أُثَاثةَ بنِ عَبَّادِ بنِ المطَّلِبِ، فأقبَلْتُ أنا وأمُّ مِسطَحٍ قِبَلَ بيتي حينَ فرَغْنا مِن شأنِنا، فعثَرتْ أمُّ مِسطَحٍ في مِرْطِها، فقالت: تَعِسَ مِسطَحٌ، فقلتُ لها: بئسَ ما قُلْتِ، أتسُبِّينَ رجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ فقالت: أيْ هَنْتَاهْ، ولم تَسمَعي ما قال؟ قالت: وقلتُ: ما قال؟ فأخبَرتْني بقولِ أهلِ الإفكِ، قالت: فازدَدتُّ مرَضًا على مرَضي، فلمَّا رجَعْتُ إلى بيتي، دخَلَ عليَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فسلَّمَ، ثم قال: «كيف تِيكُم؟»، فقلتُ له: أتأذَنُ لي أن آتيَ أبوَيَّ؟ قالت: وأريدُ أن أستيقِنَ الخبَرَ مِن قِبَلِهما، قالت: فأذِنَ لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

فقلتُ لأُمِّي: يا أُمَّتَاه، ماذا يَتحدَّثُ الناسُ؟ قالت: يا بُنَيَّةُ، هَوِّني عليكِ؛ فواللهِ، لقَلَّما كانت امرأةٌ قطُّ وَضِيئةٌ عند رجُلٍ يُحِبُّها، لها ضرائرُ، إلا كثَّرْنَ عليها، قالت: فقلتُ: سُبْحانَ اللهِ! أوَلَقَدْ تحدَّثَ الناسُ بهذا؟

قالت: فبكَيْتُ تلك الليلةَ حتى أصبَحْتُ، لا يَرقأُ لي دمعٌ، ولا أكتحِلُ بنَوْمٍ، ثم أصبَحْتُ أبكي.

قالت: ودعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالبٍ وأسامةَ بنَ زيدٍ حينَ استلبَثَ الوحيُ، يَسألُهما ويستشيرُهما في فِراقِ أهلِه، قالت: فأمَّا أسامةُ فأشار على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالذي يَعلَمُ مِن براءةِ أهلِه، وبالذي يَعلَمُ لهم في نفسِه، فقال أسامةُ: أهلُك، ولا نَعلَمُ إلا خيرًا، وأمَّا عليٌّ فقال: يا رسولَ اللهِ، لم يُضيِّقِ اللهُ عليك، والنساءُ سِواها كثيرٌ، وسَلِ الجاريةَ تصدُقْكَ.

قالت: فدعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرةَ، فقال: أيْ بَرِيرةُ، هل رأيتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ؟ قالت له بَرِيرةُ: والذي بعَثَك بالحقِّ، ما رأيتُ عليها أمرًا قطُّ أغمِصُهُ غيرَ أنَّها جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ، تنامُ عن عجينِ أهلِها، فتأتي الدَّاجنُ فتأكُلُه.

قالت: فقام رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن يومِه، فاستعذَرَ مِن عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ وهو على المِنبَرِ، فقال: يا معشرَ المسلمين، مَن يَعذِرُني مِن رجُلٍ قد بلَغَني عنه أذاه في أهلي؟ واللهِ، ما عَلِمْتُ على أهلي إلا خيرًا، ولقد ذكَروا رجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلا خيرًا، وما يدخُلُ على أهلي إلا معي، قالت: فقامَ سعدُ بنُ مُعاذٍ أخو بني عبدِ الأشهَلِ، فقال: أنا يا رسولَ اللهِ أعذِرُك، فإن كان مِن الأَوْسِ ضرَبْتُ عُنُقَه، وإن كان مِن إخوانِنا مِن الخَزْرَجِ أمَرْتَنا ففعَلْنا أمْرَك، قالت: فقامَ رجُلٌ مِن الخَزْرَجِ، وكانت أمُّ حسَّانَ بِنْتَ عَمِّه مِن فَخِذِه، وهو سعدُ بنُ عُبَادةَ، وهو سيِّدُ الخَزْرَجِ، قالت: وكان قَبْلَ ذلك رجُلًا صالحًا، ولكنِ احتمَلتْهُ الحَمِيَّةُ، فقال لسعدٍ: كذَبْتَ، لَعَمْرُ اللهِ لا تقتُلُه، ولا تَقدِرُ على قَتْلِه، ولو كان مِن رَهْطِك ما أحبَبْتَ أن يُقتَلَ، فقام أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ، وهو ابنُ عَمِّ سعدٍ، فقال لسعدِ بنِ عُبَادةَ: كذَبْتَ، لَعَمْرُ اللهِ لَنقتُلَنَّهُ؛ فإنَّك منافِقٌ تُجادِلُ عن المنافِقينَ، قالت: فثارَ الحيَّانِ: الأَوْسُ والخَزْرَجُ، حتى هَمُّوا أن يَقتتِلوا، ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قائمٌ على المِنبَرِ، قالت: فلم يَزَلْ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُخفِّضُهم حتى سكَتوا، وسكَتَ.

قالت: فبكَيْتُ يومي ذلك كلَّه، لا يَرقأُ لي دمعٌ، ولا أكتحِلُ بنَوْمٍ.

قالت: وأصبَحَ أبوايَ عندي، وقد بكَيْتُ ليلتَينِ ويومًا، لا يَرقأُ لي دمعٌ، ولا أكتحِلُ بنَوْمٍ، حتى إنِّي لَأظُنُّ أنَّ البكاءَ فالقٌ كبدي، فبَيْنا أبوايَ جالسانِ عندي وأنا أبكي، فاستأذَنتْ عليَّ امرأةٌ مِن الأنصارِ، فأذِنْتُ لها، فجلَستْ تبكي معي.

قالت: فبَيْنا نحن على ذلك، دخَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم علينا، فسلَّمَ، ثم جلَسَ، قالت: ولَمْ يَجلِسْ عندي منذُ قِيلَ ما قِيلَ قَبْلَها، وقد لَبِثَ شهرًا لا يوحى إليه في شأني بشيءٍ، قالت: فتشهَّدَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ جلَسَ، ثم قال: «أمَّا بعدُ، يا عائشةُ، إنَّه بلَغَني عنكِ كذا وكذا، فإن كنتِ بريئةً، فسيُبرِّئُكِ اللهُ، وإن كنتِ ألمَمْتِ بذَنْبٍ، فاستغفِري اللهَ وتُوبي إليه؛ فإنَّ العبدَ إذا اعترَفَ ثم تابَ، تابَ اللهُ عليه»، قالت: فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مقالتَه، قلَصَ دَمْعي حتى ما أُحِسُّ منه قطرةً، فقلتُ لأبي: أجِبْ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عنِّي فيما قال، فقال أبي: واللهِ، ما أدري ما أقولُ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ لأُمِّي: أجيبي رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت أُمِّي: واللهِ، ما أدري ما أقولُ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ - وأنا جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ لا أقرأُ مِن القرآنِ كثيرًا -: إنِّي واللهِ لقد عَلِمْتُ؛ لقد سَمِعْتُم هذا الحديثَ حتى استقَرَّ في أنفُسِكم، وصدَّقْتُم به، فلَئِنْ قلتُ لكم: إنِّي بريئةٌ، لا تُصدِّقوني، ولَئِنِ اعترَفْتُ لكم بأمرٍ، واللهُ يَعلَمُ أنِّي منه بريئةٌ؛ لَتُصدِّقُنِّي، فواللهِ، لا أجدُ لي ولكم مثَلًا إلا أبا يوسُفَ حينَ قال: {فَصَبْرٞ ‌جَمِيلٞۖ ‌وَاْللَّهُ اْلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، ثم تحوَّلْتُ واضطَجَعْتُ على فِراشي، واللهُ يَعلَمُ أنِّي حينئذٍ بريئةٌ، وأنَّ اللهَ مُبَرِّئي ببراءتي، ولكنْ واللهِ ما كنتُ أظُنُّ أنَّ اللهَ مُنزِلٌ في شأني وَحْيًا يُتلَى، لَشأني في نفسي كان أحقَرَ مِن أن يَتكلَّمَ اللهُ فيَّ بأمرٍ، ولكنْ كنتُ أرجو أن يَرى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبرِّئُني اللهُ بها، فواللهِ، ما رامَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَجلِسَه، ولا خرَجَ أحدٌ مِن أهلِ البيتِ حتى أُنزِلَ عليه، فأخَذَه ما كان يأخُذُه مِن البُرَحاءِ، حتى إنَّه لَيَتحدَّرُ منه مِن العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ وهو في يومٍ شاتٍ مِن ثِقَلِ القولِ الذي أُنزِلَ عليه، قالت: فسُرِّيَ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو يَضحَكُ، فكانت أوَّلَ كلمةٍ تكلَّمَ بها أن قال: «يا عائشةُ، أمَّا اللهُ فقد برَّأَكِ»، قالت: فقالت لي أُمِّي: قُومِي إليه، فقلتُ: واللهِ لا أقُومُ إليه؛ فإنِّي لا أحمَدُ إلا اللهَ عز وجل.

قالت: وأنزَلَ اللهُ تعالى: {إِنَّ اْلَّذِينَ جَآءُو بِاْلْإِفْكِ عُصْبَةٞ مِّنكُمْۚ} [النور: 11] العَشْرَ الآياتِ، ثم أنزَلَ اللهُ هذا في براءتي.

قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ - وكان يُنفِقُ على مِسطَحِ بنِ أُثَاثةَ؛ لقَرابتِه منه وفقرِه -: واللهِ، لا أُنفِقُ على مِسطَحٍ شيئًا أبدًا بعد الذي قال لعائشةَ ما قال؛ فأنزَلَ اللهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُواْ اْلْفَضْلِ مِنكُمْ} [النور: 22] إلى قولِه: {غَفُورٞ رَّحِيمٌ} [النور: 22]، قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ: بلى واللهِ إنِّي لَأُحِبُّ أن يَغفِرَ اللهُ لي، فرجَعَ إلى مِسطَحٍ النَّفقةَ التي كان يُنفِقُ عليه، وقال: واللهِ، لا أنزِعُها منه أبدًا.

قالت عائشةُ: وكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سألَ زَيْنَبَ بنتَ جَحْشٍ عن أمري، فقال لزَيْنَبَ: ماذا عَلِمْتِ أو رأَيْتِ؟ فقالت: يا رسولَ اللهِ، أَحْمي سمعي وبصَري، واللهِ، ما عَلِمْتُ إلا خيرًا، قالت عائشةُ: وهي التي كانت تُسامِيني مِن أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فعصَمَها اللهُ بالوَرَعِ، قالت: وطَفِقَتْ أختُها حَمْنةُ تُحارِبُ لها، فهلَكتْ فيمَن هلَكَ.

قال ابنُ شهابٍ: فهذا الذي بلَغَني مِن حديثِ هؤلاء الرَّهْطِ، ثم قال عُرْوةُ: قالت عائشةُ: واللهِ، إنَّ الرَّجُلَ الذي قِيلَ له ما قِيلَ ليقولُ: سُبْحانَ اللهِ! فوالذي نفسي بيدِه، ما كشَفْتُ مِن كَنَفِ أُنْثَى قطُّ، قالت: ثم قُتِلَ بعد ذلك في سبيلِ اللهِ». أخرجه البخاري (٤١٤١).

* قوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمْ عَلَى اْلْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنٗا لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَاۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اْللَّهَ مِنۢ بَعْدِ إِكْرَٰهِهِنَّ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} [النور: 33]:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «كان عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ يقولُ لجاريةٍ له: اذهَبي فابغِينا شيئًا؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَلَا تُكْرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمْ عَلَى اْلْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنٗا لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَاۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اْللَّهَ مِنۢ بَعْدِ إِكْرَٰهِهِنَّ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} [النور: 33]». أخرجه مسلم (٣٠٢٩).

* قوله تعالى: {وَعَدَ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَعَمِلُواْ اْلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي اْلْأَرْضِ كَمَا اْسْتَخْلَفَ اْلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ اْلَّذِي اْرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنٗاۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْـٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ اْلْفَٰسِقُونَ} [النور: 55]:

عن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا قَدِمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه المدينةَ، وآوَتْهم الأنصارُ؛ رمَتْهم العرَبُ عن قوسٍ واحدةٍ، كانوا لا يَبِيتون إلا بالسِّلاحِ، ولا يُصبِحون إلا فيه، فقالوا: تَرَوْنَ أنَّا نعيشُ حتى نكونَ آمِنِينَ مطمئنِّينَ لا نخافُ إلا اللهَ؛ فنزَلتْ: {وَعَدَ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَعَمِلُواْ اْلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي اْلْأَرْضِ كَمَا اْسْتَخْلَفَ اْلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ اْلَّذِي اْرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنٗاۚ} إلى {وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ} يعني: بالنِّعْمةِ، {فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ اْلْفَٰسِقُونَ} [النور: 55]». أخرجه الحاكم (3512).

* قوله تعالى: {لَّيْسَ عَلَى اْلْأَعْمَىٰ حَرَجٞ} [النور: 61]:

عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: «كان المسلمون يَرغَبون في النَّفيرِ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فيَدفَعون مفاتيحَهم إلى ضَمْنَاهم، ويقولون لهم: قد أحلَلْنا لكم أن تأكلوا ما أحبَبْتم، فكانوا يقولون: إنَّه لا يَحِلُّ لنا؛ إنَّهم أَذِنوا مِن غيرِ طِيبِ نفسٍ؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {لَّيْسَ عَلَى اْلْأَعْمَىٰ حَرَجٞ وَلَا عَلَى اْلْأَعْرَجِ حَرَجٞ وَلَا عَلَى اْلْمَرِيضِ حَرَجٞ وَلَا عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِنۢ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَٰنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَٰمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّٰتِكُمْ} [النور: 61] إلى قولِه: {أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُۥٓ} [النور: 61]». "الصحيح المسند من أسباب النزول" (170).

* سورة (النُّور):

سُمِّيتْ سورة (النُّور) بذلك؛ لذِكْرِ النُّور فيها، وقد تكرَّر فيها سبعَ مرات، وفيها آيةُ (النُّور).

* ورَد في سورة (النُّور) كثيرٌ من الأحكام؛ لذا جاء في فضلها:

عن أبي وائلٍ رحمه الله، قالَ: «قرَأَ ابنُ عباسٍ سورةَ (النُّورِ)، ثمَّ جعَلَ يُفسِّرُها، فقال رجُلٌ: لو سَمِعتْ هذا الدَّيْلَمُ، لأسلَمتْ». " فتح الباري" لابن حجر (٧‏/١٢٦).

وعن مجاهدِ بن جَبْرٍ المكِّيِّ رحمه الله، قال: «علِّموا رجالَكم سورةَ (المائدةِ)، وعلِّموا نساءَكم سورةَ (النُّورِ)». أخرجه البيهقي (٢٤٢٨).

تضمَّنتْ سورةُ (النُّور) الموضوعات الآتية:

1. الزِّنا والأحكام المتعلقة به (١-١٠).

2. حادثة (الإفك) (١١-٢٦).

3. آداب اجتماعية (٢٧-٣٤).

4. نور الإيمان، وظلام الكفر (٣٥-٤٠).

5. مِن آثار قدرة الله وعظمته (٤١-٤٦).

6. المنافقون لم ينتفعوا بآيات الله (٤٧-٥٤).

7. جزاء الطاعة في الدنيا والآخرة (٥٥-٥٧).

8. آداب الاستئذان داخل البيت (٥٨-٦٠).

9. الأكل من بيوت الأقارب (٦١).

10. أدب المؤمن مع الرسول عليه السلام (٦٢-٦٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /172).

تضمَّن اسمُ السورة مقصدَها؛ وهو أنه تعالى شامل العلمِ، اللازمِ منه تمامُ القدرة، اللازم منه إثباتُ الأمور على غاية الحِكمة، اللازم منه تأكيدُ الشَّرف للنبي صلى الله عليه وسلم، اللازم منه شَرَفُ من اختاره سبحانه لصُحْبتِه، على منازلِ قُرْبِهم منه، واختصاصهم به، اللازم منه غايةُ النزاهة والشَّرف والطهارة لأمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، التي مات صلى الله عليه وسلم وهو عنها راضٍ، ثم ماتت هي رضي الله عنها صالحةً محسنة، وهذا هو المقصود بالذات، ولكن إثباته محتاجٌ إلى تلك المقدِّمات.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /310).