تفسير سورة النّور

تفسير القرآن

تفسير سورة سورة النور من كتاب تفسير القرآن
لمؤلفه الصنعاني . المتوفي سنة 211 هـ
سورة النور ( وهي مدنية )

بسم الله الرحمن الرحيم١
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الكلبي في قوله تعالى :﴿ ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ﴾ قال : رأفة في تعطيل الحدود عنهما.
قال عبد الرزاق : قال معمر : قال الزهري : يجتهد في حد الزنا والفرية ويخفف في حد الشراب.
قال عبد الرزاق : قال معمر : وقال قتادة : يخفف في الشراب والفرية ويجتهد٢ في الزنا.
عبد الرزاق قال : أنا الثوري عن ابن ابن نجيح عن مجاهد في قوله تعالى :﴿ ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ﴾ قال : ألا يقام٣ الحدود، وقال في قوله :﴿ طائفة من المؤمنين ﴾ قال : الطائفة رجل فما فوقه. قال عبد الرزاق : قال الثوري : وقال ابن أبي نجيح : قال عطاء : الطائفة : اثنان فصاعدا. عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ﴾ قال : نفر من المسلمين.
١ البسملة غير موجودة في النسخ..
٢ في (م) ويخفف في الزنى. وهو سهو لأنه عكس المطلوب في الآية..
٣ في (م) إلا أن تقام الحدود. والمراد بالروايتين، لابد من إقامة الحدود فلا تعطل شفقة على الزانيين..
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وقاله الزهري وقتادة قالوا : كان١ في الجاهلية بغايا معلوم ذلك منهن، فأراد ناس من المسلمين٢ نكاحهن، فأنزل الله تعالى :﴿ الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ﴾. قال عبد الرزاق : قال معمر وقال ابن أبي نجيح : أخبرني القاسم بن أبي بزة قال : كان الرجل ينكح الزانية في الجاهلية التي قد علم ذلك منها يتخذها مأكلة، فأراد ناس من المسلمين نكاحهن على تلك الجهة، فنهوا عن ذلك. عبد الرزاق قال : أنا معمر عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب قال : نسختها ﴿ وانكحوا الأيامى منكم ﴾. عبد الرزاق قال : أنا معمر عن عبد الله بن شبرمة عن سعيد بن جبير وعكرمة في قوله :﴿ الزاني لا ينكح إلا زانية ﴾ قال : هو الوطء يعني لا٣ يزني الزاني إلا بزانية. عبد الرزاق قال : أنا الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى :﴿ الزاني لا ينكح إلا زانية ﴾ قال : ليس هذا بالنكاح ولكنه الجماع، ألا يزني حين يزني إلا زان أو مشرك، يقول الزاني لا يزني إلا بزانية.
١ في (ق) كانوا في الجاهلية بغايا معلومات ذلك منهن، وما أثبتناه من (م) وهو أوضح..
٢ في (ق) المشركين. وهو سهو..
٣ في (م) يعني أن لا..
قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ﴾ قال : كان الحسن يقول : لا تقبل شهادة القاذف أبدا وتوبته فيما بينه وبين الله.
قال عبد الرزاق قال : معمر وكان شريح يقول : لا تقبل شهادته.
عبد الرزاق قال : معمر وقال : الزهري إذا جلد القاذف، فإنه١ ينبغي للإمام أن يستتيبه، قال : فإن تاب قبلت شهادته، وإلا لم تقبل. قال : وكذلك فعل عمر بن الخطاب بالذين شهدوا على المغيرة بن شعبة، فتابوا إلا أبا بكرة فكان لا تقبل شهادته. عبد الرزاق قال : أنا محمد بن مسلم عن إبراهيم بن مسيرة عن ابن المسيب قال : شهد على المغيرة بن شعبة أربعة نفر بالزنا، فنكل زياد، فحد عمر الثلاثة، ثم سألهم أن يتوبوا فتاب اثنان فقبلت شهادتهما، وأبى أبو بكرة أن يتوب. فكانت شهادته لا تقبل حتى مات، وكان قد عاد مثل النصل من العبادة. عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة عن ابن المسيب قال : تقبل شهادة القاذب إذا تاب.
١ في (م) فينبغي..
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن أيوب عن عكرمة قال : لما نزلت ﴿ والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ﴾ فقال : سعد بن عبادة : أي لكاع الآن تفخذها رجل، فنظرت حتى أيقنت، فإن١ ذهبت أجمع الشهداء لم أجمعهم حتى يقضي حاجته، وإن حدثتكم بما رأيت ضربتم ظهري ثمانين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" ألا تسمعون إلى ما يقول سيدكم ؟ قالوا : يا نبي الله لا تلمه فإنه ليس فينا أحد أشد غيرة منه، والله ما تزوج إمرأة قط إلا بكرا ولا طلق امرأة قط فاستطاع أحد منا أن يتزوجها، فقال : النبي صلى الله عليه وسلم :" لا إلا البينة التي ذكر الله " قال : فابتلي ابن عم له فجاءه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد٢ أدرك على أمرأته رجلا. فأنزل الله :﴿ والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ﴾ قال : فلما شهد أربع مرات قال : النبي صلى الله عليه وسلم :" قفوه فإنها واجبة "، ثم قال له :" إن كنت كاذبا فتب إلى الله " قال : لا والله، إني لصادق. ثم مضى على الخامسة. ثم شهدت هي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم :" قفوها فإنها واجبة " ثم قال لها :" إن كنت كاذبة فتوبي "، فسكتت ساعة ثم قالت لا أفضح له قومي سائر اليوم، ثم مضت على الخامسة٣.
معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير قال : كنا نختلف بالكوفة : فمنا من يقول : يفرق بينهما، قال : قلت٤ لابن عمر : أيفرق بين المتلاعنين ؟ فقال : فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين أخوي بني العجلان، وقال : إن أحدكما لكاذب، فهل منكما تائب ؟ فلم يتعرف واحد منهما ففرق بينهما٥. عبد الرزاق قال : أنا معمر عن أيوب عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرق بينهما، قال : الرجل للنبي : صداقي ؟ قال : النبي صلى الله عليه وسلم :" إن كنت صادقا فلها مهرها بما استحللت منها، وإن كنت كاذبا فهو أوجب له٦ ". عبد الرزاق قال : أنا معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير قال : أمرني أمير مرة أن ألاعن بين رجل وامرأته، قال : أيوب : فقلت له : كيف لاعنت بينهما ؟ قال : كما في كتاب الله.
قال : أخبرني ابن أبي يحيى عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة قالت : لما أنزل الله براءتها، جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء النفر الذين قالوا فيها ما قالوا٧. عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم حدهم. ٨
١ في (م) فإذا..
٢ كلمة (قد) من (م)..
٣ روى البخاري أجزاء من الحديث في النكاح والتوحيد والحدود، انظر ج ٨ ص ٣١ و١٧٤.
وفي تفسير سورة النور أجزاء، انظر ج ٥ ص ٤.
ورواه مسلم في اللعان ج ٤ ص ٢٠٦ مع اختلاف في الألفاظ والسياق.
والدارمي في النكاح ج ٢ ص ١٥٠ مع اختلاف في اللفظ.
والترمذي في التفسير ج ٥ ص ١٣.
وأبو داود في اللعان ج ٣ ص ١٦٤. مع اختلاف في السياق..

٤ في (م) قلت إن ابن عمر يفرق بين المتلاعنين..
٥ انظر التخريج السابق في مسلم والدارمي. ورواه البخاري في الطلاق ج ٦ ص ١٨٠..
٦ هذه الرواية تتمة للرواية السابقة. انظر البخاري ج ٦ ص ١٨١، ورواه أبو داود في اللعان ج ٣ ص ١٦٩..
٧ رواه أبو داود في الحدود ج ٦ ص ٢٨٣. والترمذي في التفسير ج ٥ ص ١٧..
٨ في (م) جلدهم..
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الزهري قال : كنت عند الوليد بن عبد الملك، فقال : الذي تولى كبره منهم علي ابن أبي طالب، قلت : لا، حدثني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود١، كلهم سمعوا عائشة تقول : الذي تولى كبره منهم عبد الله بن أبي٢. قال : فقال لي : وما كان جرمه ؟ ٣ قال : قلت : أخبرني شيخان من قومك : أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث٤ بن هشام، وأبو سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت : كان مسيئا في أمري.
١ ابن مسعود من (ق)..
٢ قول عائشة هذا جزء من حديث رواه البخاري ج ٥ ص ٥..
٣ في (م) وما كان من حديثه. ورواية الدر المنثور كالتي أثبتناها..
٤ في (ق) الحرث..
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الكلبي في قوله :﴿ إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والأخرة ﴾ قال : إنما عنى بهذه الآية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأما من رمى امرأة من المسلمين فهو فاسق كما قال الله أو يتوب.
عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى :﴿ الخبيثات للخبيثين ﴾ قال : الخبيثات من الكلام للخبيثين من الناس، والخبيثون من الناس للخبيثات من الكلام، والطيبات من الكلام للطيبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من الكلام ﴿ أولئك مبرءون مما يقولون ﴾ فمن كان طيبا فهو مبرأ من كل قول خبيث يقوله يغفره الله له، ومن كان خبيثا فهو مبرأ من كل قول صالح، قال : يرده الله عليه لا يقبله منه.
[ عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ حتى تستأنسوا ﴾ قال : تستأذنوا وتسلموا ]١.
١ هذه الرواية سقطت من (م)..
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن ابن أبي١ نجيح عن مجاهد في قوله تعالى :﴿ بيوتا غير مسكونة ﴾ قال : هي البيوت التي ينزلها السفر لا يسكنها أحد.
١ في (م) (قتادة) بدل (ابن أبي نجيح)..
عبد الرزاق قال : معمر عن قتادة في قوله :﴿ ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ﴾ قال : المسكتان١ والخاتم والكحل. قال قتادة : وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لا تحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تخرج من يدها إلا ها هنا، وقبض على نصف الذراع٢ ". عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الزهري عن رجل عن المسور بن مخرمة في قوله تعالى :﴿ ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ﴾ قال : هو القلبان٣ والخاتم والكحل. عبد الرزاق قال : أنا معمر عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص أن ابن مسعود قال : إلا ما ظهر منها :٤ الثياب، ثم قال أبو إسحاق : ألا ترى أنه يقول :﴿ خذوا زينتكم عند كل مسجد ﴾. عبد الرزاق قال : أنا ابن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله :﴿ ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ﴾ قال : هو الكف والخضاب والخاتم. عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله تعالى :﴿ ولا يبدين زينتهن ﴾ قال : يرى الشيء من دون الخمار، فأما أن تسلخه فلا. عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الكلبي في قوله تعالى :﴿ ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ﴾ أو. . . أو. . . القلادة من الزينة والدملج من الزينة والخلخال والقرط٥، كل هذا زينة، فلا بأس أن تبديه عند كل ذي محرم، فأما التجرد فإن تلك عورة فلا٦ ينبغي أن تجرد إلا عند زوجها. معمر عن قتادة ﴿ أو التابعين ﴾ قال : هو التابع لك الذي يتبعك يصيب من طعامك. عبد الرزاق قال : أنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه في قوله تعالى :﴿ وأن تصبروا خير لكم ﴾ قال :٧ عن نكاح الأمة. عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : كان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث، فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، فدخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم يوما، وهو عند أم سلمة وهو ينعت لعبد الله بن أبي أمية امرأة، فقال : إذا افتتحتم إلى الطائف غدا فإني رأيت ابنة الغيلان بن سلمة، إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" ألا أرى هذا يعلم ما ها هنا، لا يدخل هذا٨ عليكن، فحجبوه " ٩. عبد الرزاق قال : أنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه في قوله تعالى :﴿ غير أولى الإربة ﴾ قال : هو الأحمق الذي ليس له في النساء حاجة ولا أرب. قال معمر : قال الزهري : الأحمق الذي لا همة له في النساء ولا أرب.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :{ ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن قال : هو الخلخال لا تضرب١٠ المرأة برجلها ليسمع صوت خلخالها.
١ المسكتان: مفردها مسكة: السوار من العاج..
٢ رواه ابن جرير بسنده ولم أجد الرواية في كتب السنن..
٣ القلبان: مثنى قلب: وهو السوار من الفضة..
٤ كلمة (منها) من (م)..
٥ القلادة: ما يوضع في العنق.
الدملج: هو السوار.
الخلخال: ما يوضع في الرجلين.
القرط: ما يعلق في الأذن..

٦ (فلا ينبغي) من (ق)..
٧ الآية: ٢٥ من سورة النساء..
٨ في (م) لا يدخل عليكن هذا..
٩ رواه البخاري مختصرا في المغازي ج ٥ ص ١٠٢.
ومسلم بسنده عن عبد الرزاق وبألفاظه في كتاب السلام ج ٧ ص ١١..

١٠ كلمة (لا) من (ق)..
عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة في قوله :﴿ فكاتبوهم إن علمتم فيهن خيرا ﴾ قال : إن علمتم أن عندهم أمانة.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن رجل من أهل الشام أنه وجد في خزانة حمص كتابا من عمر بن الخطاب إلى عمير بن سعد١ الأنصاري، وكان عاملا له فإذا فيه : أما بعد ؛ فانه من قبلك أن٢ يفادوا أرقاءهم على مسألة الناس.
قال عبد الرزاق قال معمر : وكان قتادة يكره إذا كان العبد ليست له حرفة ولا وجه في شيء أن يكاتبه الرجل، لا يكاتبه إلا ليسأل الناس.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا قال : في قوله :﴿ وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ﴾ كان أن عليا٣ قال : يترك للمكاتب الربع. عبد الرزاق قال : أنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : يترك له من طائفة من كتابته. قال معمر، وقال الكلبي : إنما يعني بهذا الناس آتوا المكاتب من مال الله الذي آتاكم، يحضهم بذلك على الصدقة.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الزهري أن رجلا من قريش أسر يوم بدر وكان عند٤ عبد الله بن أبي سلول أسيرا، وكانت لعبد الله بن أبي جارية، يقال : لها معاذة، فكان القرشي الأسير يريدها على نفسها، وكانت مسلمة فكانت تمتنع منه لإسلامها، وكان ابن أبي يكرهها ويضربها رجاء أن تحمل للقرشي، ٥ فيطلب فداء ولده، فقال الله تعالى :﴿ ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا ﴾ قال الزهري ﴿ ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ﴾ قال : غفر لهن ما أكرهن عليه.
[ سلمة عن إبراهيم بن الحكم قال : حدثني أبي عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى :﴿ أولى الإربة ﴾ قال : الذي لا يقوم زبه ]٦.
عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال : كان لعبد الله بن أبي جارية يقال لها مسيكة، يكرهها على الزنا، فقالت : إن كان هذا خيرا لقد استكثرت منه وإن كان ذلك سوءا لقد أنى٧ لي أدعه، قال : فنزلت :﴿ ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ﴾. عبد الرزاق عن ابن عيينة عن زكريا عن الشعبي أن عبد الله بن أبي كانت عنده معاذة ومسيكة، فأرسل إحداهما تفجر فجاءت ببرد، فأرادها على آخر فأبت فنزلت لهما التوبة دونه.
[ عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله تعالى :﴿ فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ﴾ قال : غفر لهن ما أكرهن عليه ]٨.
١ في (م) سعيد. وهو تصحيف. انظر تهذيب التهذيب ج ٨ ص ١٤٤..
٢ في (م) من قبلك من الناس..
٣ (أن عليا) من (ق)..
٤ سقطت كلمة (عند) من (م)..
٥ في (م) من القرشي..
٦ هذه الرواية غير موجودة في (م)..
٧ أنى بمعنى آن وفي (م) آن لي أني أدعه..
٨ تقدمت هذه الرواية في الصفحة السابقة وهي غير موجودة في (م) في هذا المكان..
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله :﴿ كمشكاة فيها مصباح ﴾ قال : هو مثل نور الله الذي في قلب المؤمن كمشكاة، والمشكاة الكوة ﴿ فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري ﴾ كوكب مضيء فهذا مثل لهذا ضربه الله ﴿ يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية ﴾ قال معمر وقال الحسن : ليست من شجرة الدنيا ليست شرقية ولا غربية، قال معمر وقال الكلبي ﴿ لا شرقية ﴾ : لا يسترها من المشرق شيء ﴿ ولا غربية ﴾ : لا يسترها من المغرب شيء، وهو أصفى الزيت.
قال عبد الرزاق : قال معمر : وقال قتادة : هي الشجرة لا يفيء عليها ظل غرب، ضاحية للشمس، ذلك أصفى الزيت ﴿ يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور ﴾.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الحسن في قوله :﴿ في بيوت أذن الله أن ترفع ﴾ قال : هي المساجد ﴿ أذن الله أن ترفع ﴾ يقول : أن تعظم لذكره ﴿ يسبح له فيها بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ﴾ أذن الله أن تبنى ويصلى له فيها بالغدو والآصال.
عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي، قال : أدركت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم يقولون : إن المساجد بيوت الله في الأرض، فإنه حق على الله أن يكرم من زاره١ فيها.
١ في (م) أن يكرم زائره فيها..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٦:عبد الرزاق قال : أنا معمر عن الحسن في قوله :﴿ في بيوت أذن الله أن ترفع ﴾ قال : هي المساجد ﴿ أذن الله أن ترفع ﴾ يقول : أن تعظم لذكره ﴿ يسبح له فيها بالغدو والأصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ﴾ أذن الله أن تبنى ويصلى له فيها بالغدو والآصال.
عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي، قال : أدركت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم يقولون : إن المساجد بيوت الله في الأرض، فإنه حق على الله أن يكرم من زاره١ فيها.
١ في (م) أن يكرم زائره فيها..


عبد الرزاق قال : أنا جعفر بن سليمان، قال : أنا عمرو بن دينار مولى لآل الزبير عن سالم عن ابن عمر أنه كان في السوق، فأقيمت الصلاة، فأغلقوا حوانيتهم فدخلوا المسجد، فقال ابن عمر : فيهم نزلت :﴿ رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ﴾.
عبد الرزاق قال : أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ كسراب بقيعة ﴾ قال : بقيعة من الأرض، يحسبه الظمآن ماء، فهو مثل ضربه الله لعمل الكافر، يحسب أنه في شيء كما يحسب هذا السراب ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا وكذلك الكافر إذا مات لم يجد عمله شيئا، ﴿ ووجد الله عنده فوفاه حسابه ﴾.
معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ أو كظلمات في بحر لجي ﴾ قال : في بحر عميق، وهو مثل ضربه للكافر أنه يعمل في ظلمة وحيرة، قال : ظلمات بعضها فوق بعض.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ يكاد سنا برقه ﴾ قال : لمحان البرق يكاد يذهب بالأبصار.
معمر عن قتادة : أن ابن عباس قال في قوله تعالى :﴿ ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات ﴾ قال : ثلاث آيات محكمات لا يعمل١ بهن أحد، هذه الآية إحداهن، وأخرى، قال الله :﴿ يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾ فأبيتم أنتم٢ إلا فلانا وفلانا. عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : المملوكون ومن٣ لم يبلغ الحلم يستأذنوا في هذه الثلاث الساعات، صلاة العشاء التي تسمى العتمة، وقبل صلاة الفجر، ونصف النهار، فإذا بلغ الأطفال منكم الحلم، فإنهم يستأذنون على كل حال، لا يدخل الرجل على والديه إلا بإذن، قال : وذلك قوله :﴿ وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستئذنوا كما استئذن الذين من قبلهم ﴾. عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير في قوله تعالى :﴿ حتى تستأنسوا ﴾ قال : هو الاستئذان. عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن مسلم بن نذير٤ عن حذيفة أنه سئل : أيستأذن الرجل على والدته ؟ قال : نعم، إنك إن لم تفعل رأيت منها ما تكره.
١ في (م) لم يعمل..
٢ كلمة (أنتم) من(ق). والآية من سورة الحجرات رقم /١٣/ ولم يذكر في النسختين الآية الثالثة. وفي الطبري: عن عطاء... قال: ونسيت الثالثة. وفي الدر المنثور: عن ابن عباس قال: ترك الناس ثلاث آيات فلم يعملوا بهن: ﴿يا أيها الناس آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم...﴾ الآية.
الآية التي في سورة النساء: ﴿إذا حضر القسمة..﴾ الآية..
الآية التي في سورة الحجرات: ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾..

٣ في (م) ولم يبلغوا..
٤ في (م) مسلم بن يزيد. في تهذيب التهذيب: مسلم بن نذير وقيل ابن يزيد ويقال: إن يزيد جده أبو نذير انظر ج ١٠ ص ١٣٩..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٨:معمر عن قتادة : أن ابن عباس قال في قوله تعالى :﴿ ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات ﴾ قال : ثلاث آيات محكمات لا يعمل١ بهن أحد، هذه الآية إحداهن، وأخرى، قال الله :﴿ يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾ فأبيتم أنتم٢ إلا فلانا وفلانا. عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : المملوكون ومن٣ لم يبلغ الحلم يستأذنوا في هذه الثلاث الساعات، صلاة العشاء التي تسمى العتمة، وقبل صلاة الفجر، ونصف النهار، فإذا بلغ الأطفال منكم الحلم، فإنهم يستأذنون على كل حال، لا يدخل الرجل على والديه إلا بإذن، قال : وذلك قوله :﴿ وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستئذنوا كما استئذن الذين من قبلهم ﴾. عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير في قوله تعالى :﴿ حتى تستأنسوا ﴾ قال : هو الاستئذان. عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن مسلم بن نذير٤ عن حذيفة أنه سئل : أيستأذن الرجل على والدته ؟ قال : نعم، إنك إن لم تفعل رأيت منها ما تكره.
١ في (م) لم يعمل..
٢ كلمة (أنتم) من(ق). والآية من سورة الحجرات رقم /١٣/ ولم يذكر في النسختين الآية الثالثة. وفي الطبري: عن عطاء... قال: ونسيت الثالثة. وفي الدر المنثور: عن ابن عباس قال: ترك الناس ثلاث آيات فلم يعملوا بهن: ﴿يا أيها الناس آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم...﴾ الآية.
الآية التي في سورة النساء: ﴿إذا حضر القسمة..﴾ الآية..
الآية التي في سورة الحجرات: ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾..

٣ في (م) ولم يبلغوا..
٤ في (م) مسلم بن يزيد. في تهذيب التهذيب: مسلم بن نذير وقيل ابن يزيد ويقال: إن يزيد جده أبو نذير انظر ج ١٠ ص ١٣٩..

عبد الرزاق عن معمر عن الحسن١ في قوله تعالى :﴿ يضعن ثيابهن غير متبرجت بزينة ﴾ قال : هو الجلباب والمنطق، يقول : لا جناح على المرأة إذا قعدت عن النكاح أن تضع الجلباب والمنطق، وفي حرف ابن مسعود :( أن يضعن من ثيابهن ). معمر : وقال الكلبي : إن المرأة تكون قد جلّت، فيكون لها٢ العضو من أعضائها حسنا، فلا ينبغي لها أن تبدي ذلك تلتمس به الزينة. عبد الرزاق قال : أخبرني الثوري عن علقمة بن مرثد عن ذر عن أبي وائل عن ابن مسعود في قوله تعالى :﴿ أن يضعن ثيابهن ﴾ قال : هو الرداء. عبد الرزاق قال : أنا الثوري عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود٣ قال : هو الرداء. عبد الرزاق قال : أنا الثوري عن أبي حصين وسالم عن سعيد بن جبير قال : هو الرداء. عبد الرزاق قال : أنا الثوري عن معقل أو غيره عن عمرو بن ميمون قال : هو الجلباب.
١ في (م) عن قتادة..
٢ كلمة (لها) من (ق)..
٣ سقطت كلمة (ابن مسعود) من (م)..
عبد الرزاق قال : أنا معمر في قوله تعالى :﴿ ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا ﴾ قال :١ قلت للزهري : ما بال الأعمى ذكر ها هنا والأعرج والمريض ؟ قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله أن المسلمين كانوا إذا غزوا خلفوا زمناهم، وكانوا يدفعون إليهم مفاتيح أبوابهم، ويقولون : قد أحللنا٢ أن تأكلوا مما في بيوتنا، فكانوا يتحرجون من ذلك، يقولون : لا ندخلها وهم غيب، فأنزلت هذه الآية رخصة لهم.
عبد الرزاق عن معمر عن مطر الوراق قال : كنا نأخذ غداءنا وعشاءنا إلى منزل سعيد بن أبي عروبة فنأكل عنده.
عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : كان الرجل يذهب بالأعمى أو الأعرج أو المريض إلى بيت أخيه أو بيت أبيه أو بيت أخته أو عمته أو خاله أو خالته، فكان الزمنى يتحرجون من ذلك، يقولون : إنما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم ؟ فنزلت هذه الآية رخصة لهم٣.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ أو ما ملكتم مفاتحه ﴾ مما يختزن ابن آدم، ﴿ أو صديقكم ﴾ قال : إذا دخلت بيت صديقك من غير مؤامرته٤ لم يكن بذلك بأس.
قال معمر : وقال قتادة عن مكرمة قال : إذا ملك الرجل المفتاح فهو خازن، فلا بأس أن يطعم الشئ اليسير، قال معمر : ودخلت على قتادة فقلت له : اشرب من هذا الجب- لجب فيه ماء- فقال : أنت لنا صديق.
عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى :﴿ ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا ﴾ قال : كانوا إذا اجتمعوا ليأكلوا طعاما عزلوا للأعمى على حدة والأعرج على حدة والمريض على حدة، كانوا يتحرجون أن يتفضلوا عليهم، فنزلت هذه الآية رخصة لهم ﴿ ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا ﴾
قال عبد الرزاق : قال معمر : وقال قتادة نزلت :﴿ ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا ﴾ في حي من العرب كان الرجل منهم لا يأكل طعامع عبد وحده، وكان يحمله بعض يوم، حتى يجد من يأكل معه، قال معمر : وأحسبه ذكرا أنهم من بني كنانة.
عبد الرزاق عن معمر عن الزهري وقتادة في قوله تعالى :﴿ فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله ﴾ قالا : بيتك٥ إذا دخلته فقل سلام عليكم.
عبد الرزاق قال : أنا الثوري عن أبي سنان عن ماهان في قوله تعالى :﴿ فسلموا على أنفسكم ﴾ قال : إذا دخلت بيتا ليس فيه أحد فقل : سلام٦ علينا من ربنا.
عبد الرزاق قال : أخبرني الثوري عن عبد الكريم بن أبي أمية عن مجاهد قال : إذا دخلت بيتا ليس فيه أحد، فقل : بسم الله والحمد لله، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. عبد الرزاق قال : أنا معمر عن عمرو بن دينار عن ابن عباس في قوله تعالى :﴿ فسلموا على أنفسكم ﴾ قال : هو المسجد إذا دخلته فقل : سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
عبد الرزاق عن معمر والحسن والكلبي في قوله :﴿ فسلموا على أنفسكم ﴾ قال : يسلم بعضكم على بعض، كقوله :﴿ ولا تقتلوا أنفسكم ﴾.
١ كلمة قال من (م)..
٢ في (م) أجزنا لكم..
٣ كلمة (لهم) من (ق)..
٤ أي من غير انتظار أمره أو استطلاع أمره..
٥ سقطت كلمة (بيتك) من (م)..
٦ في (م) السلام..
عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله تعالى :﴿ وإذا كانوا معه على أمر جامع ﴾، قال : هو الجمعة، إذا كانوا معه فيها لم يذهبوا حتى يستأذنوه. قال معمر : وقال الكلبي : كان ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما اليوم فإن إذنه أن يأخذ بأنفه وينصرف.
عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ﴾ قال : أمرهم الله أن يفخموه١ ويشرفوه.
١ في (م) أن يفخموا ويشرفوا..
سورة النور
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (النُّور) مِن السُّوَر المدنيَّة، فرَضها الله عز وجل لِما تضمَّنته من أحكامٍ شرعية بالغة الأهمية؛ ففيها حدُّ الزِّنا، والأحكامُ المتعلقة به، وفيها ذِكْرُ حادثةِ (الإفك)، وتبرئةِ السيدة عائشة رضي الله عنها من هذه الكبيرةِ، ومِن عقوبتها، وقد نزَلتْ تبرئتُها من عندِ الله عز وجل من السماء، مبيِّنةً أن شَرَفَ النبي صلى الله عليه وسلم محفوظٌ بحفظِ الله له، وقد تَبِعَ ذِكْرَ هذه القصة مقاصدُ وأحكامٌ كثيرة؛ من فرضِ الحجاب، وغيرِ ذلك من الأحكام المتعلقة بالنساء؛ لذا كان السلفُ يحرصون على أن تتعلم نساؤُهم سورةَ (النُّور).

ترتيبها المصحفي
24
نوعها
مدنية
ألفاظها
1319
ترتيب نزولها
102
العد المدني الأول
62
العد المدني الأخير
62
العد البصري
64
العد الكوفي
64
العد الشامي
64

* قوله تعالى: {اْلزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةٗ وَاْلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٞۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى اْلْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3]:

عن عبدِ اللهِ بن عمرٍو رضي الله عنهما، قال: «كان رجُلٌ يقالُ له: مَرْثَدُ بنُ أبي مَرْثَدٍ، وكان رجُلًا يَحمِلُ الأَسْرى مِن مكَّةَ حتى يأتيَ بهم المدينةَ، قال: وكانت امرأةٌ بَغِيٌّ بمكَّةَ يقالُ لها : عَنَاقٌ، وكانت صديقةً له، وإنَّه كان وعَدَ رجُلًا مِن أُسارى مكَّةَ يَحمِلُه، قال: فجِئْتُ حتى انتهَيْتُ إلى ظِلِّ حائطٍ مِن حوائطِ مكَّةَ في ليلةٍ مُقمِرةٍ، قال: فجاءت عَنَاقٌ، فأبصَرتْ سوادَ ظِلِّي بجَنْبِ الحائطِ، فلمَّا انتهَتْ إليَّ عرَفتْ، فقالت: مَرْثَدٌ؟ فقلتُ: مَرْثَدٌ، قالت: مرحبًا وأهلًا، هلُمَّ فَبِتْ عندنا الليلةَ، قلتُ: يا عَنَاقُ، حرَّمَ اللهُ الزِّنا! قالت: يا أهلَ الخِيامِ، هذا الرَّجُلُ يَحمِلُ أَسْراكم، قال: فتَبِعَني ثمانيةٌ، وسلَكْتُ الخَنْدَمةَ، فانتهَيْتُ إلى كهفٍ أو غارٍ، فدخَلْتُ، فجاؤوا حتى قاموا على رأسي، فبالُوا، فظَلَّ بَوْلُهم على رأسي، وأعماهم اللهُ عنِّي، قال: ثم رجَعوا، ورجَعْتُ إلى صاحبي، فحمَلْتُه، وكان رجُلًا ثقيلًا، حتى انتهَيْتُ إلى الإذخِرِ، ففكَكْتُ عنه كَبْلَه، فجعَلْتُ أحمِلُه ويُعْيِيني، حتى قَدِمْتُ المدينةَ، فأتَيْتُ رسولَ اللهِ ﷺ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أنكِحُ عَنَاقًا؟ مرَّتَينِ، فأمسَكَ رسولُ اللهِ ﷺ، فلَمْ يرُدَّ عليَّ شيئًا، حتى نزَلتِ: {اْلزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةٗ وَاْلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٞۚ} [النور: 3]، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «يا مَرْثَدُ، الزَّاني لا يَنكِحُ إلا زانيةً أو مشركةً، والزَّانيةُ لا يَنكِحُها إلا زانٍ أو مشركٌ؛ فلا تَنكِحْها»». سنن الترمذي (٣١٧٧).

* قوله تعالى: {وَاْلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَٰجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلَّآ أَنفُسُهُمْ فَشَهَٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَٰدَٰتِۭ بِاْللَّهِ إِنَّهُۥ لَمِنَ اْلصَّٰدِقِينَ} [النور: 6]:

عن سهلِ بن سعدٍ السَّاعديِّ رضي الله عنه: «أنَّ عُوَيمِرًا أتى عاصمَ بنَ عَدِيٍّ، وكان سيِّدَ بني عَجْلانَ، فقال: كيف تقولون في رجُلٍ وجَدَ مع امرأتِه رجُلًا؛ أيقتُلُه فتقتُلونه أم كيف يَصنَعُ؟ سَلْ لي رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأتى عاصمٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، فكَرِهَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المسائلَ، فسأله عُوَيمِرٌ، فقال: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَرِهَ المسائلَ وعابَها، قال عُوَيمِرٌ: واللهِ، لا أنتهي حتى أسألَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فجاء عُوَيمِرٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ، رجُلٌ وجَدَ مع امرأتِه رجُلًا؛ أيقتُلُه فتقتُلونه أم كيف يَصنَعُ؟ فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «قد أنزَلَ اللهُ القرآنَ فيك وفي صاحبتِك»، فأمَرَهما رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالمُلاعَنةِ بما سمَّى اللهُ في كتابِه، فلاعَنَها، ثم قال: يا رسولَ اللهِ، إن حبَسْتُها فقد ظلَمْتُها، فطلَّقَها، فكانت سُنَّةً لِمَن كان بعدهما في المُتلاعِنَينِ، ثم قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «انظُروا فإن جاءت به أسحَمَ، أدعَجَ العينَينِ، عظيمَ الأَلْيَتَينِ، خَدَلَّجَ الساقَينِ؛ فلا أحسَبُ عُوَيمِرًا إلا قد صدَقَ عليها، وإن جاءت به أُحَيمِرَ كأنَّه وَحَرَةٌ، فلا أحسَبُ عُوَيمِرًا إلا قد كذَبَ عليها»، فجاءت به على النَّعْتِ الذي نعَتَ به رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن تصديقِ عُوَيمِرٍ، فكان بعدُ يُنسَبُ إلى أُمِّهِ». أخرجه البخاري (٤٧٤٥).

عن سعيدِ بن جُبَيرٍ رحمه الله، قال: «سُئِلتُ عن المُتلاعِنَينِ في إمرةِ مُصعَبٍ: أيُفرَّقُ بينهما؟ قال: فما درَيْتُ ما أقولُ، فمضَيْتُ إلى منزلِ ابنِ عُمَرَ بمكَّةَ، فقلتُ للغلامِ: استأذِنْ لي، قال: إنَّه قائلٌ، فسَمِعَ صوتي، قال: ابنُ جُبَيرٍ؟ قلتُ: نَعم، قال: ادخُلْ؛ فواللهِ، ما جاء بك هذه الساعةَ إلا حاجةٌ، فدخَلْتُ، فإذا هو مُفترِشٌ بَرْذَعةً، مُتوسِّدٌ وِسادةً حَشْوُها لِيفٌ، قلتُ: أبا عبدِ الرَّحمنِ، المُتلاعِنانِ: أيُفرَّقُ بينهما؟ قال: سُبْحانَ اللهِ! نَعم، إنَّ أوَّلَ مَن سألَ عن ذلك فلانُ بنُ فلانٍ، قال: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ أنْ لو وجَدَ أحدُنا امرأتَه على فاحشةٍ، كيف يَصنَعُ: إن تكلَّمَ تكلَّمَ بأمرٍ عظيمٍ، وإن سكَتَ سكَتَ على مثلِ ذلك؟! قال: فسكَتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فلم يُجِبْهُ، فلمَّا كان بعد ذلك أتاه، فقال: إنَّ الذي سألتُك عنه قد ابتُلِيتُ به؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل هؤلاء الآياتِ في سورةِ النُّورِ: {وَاْلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَٰجَهُمْ} [النور: 6]، فتلاهُنَّ عليه، ووعَظَه، وذكَّرَه، وأخبَرَه أنَّ عذابَ الدُّنيا أهوَنُ مِن عذابِ الآخرةِ، قال : لا، والذي بعَثَك بالحقِّ ما كذَبْتُ عليها، ثم دعاها فوعَظَها وذكَّرَها، وأخبَرَها أنَّ عذابَ الدُّنيا أهوَنُ مِن عذابِ الآخرةِ، قالت: لا، والذي بعَثَك بالحقِّ إنَّه لكاذبٌ، فبدَأَ بالرَّجُلِ، فشَهِدَ أربَعَ شَهاداتٍ باللهِ إنَّه لَمِن الصادقين، والخامسةُ أنَّ لعنةَ اللهِ عليه إن كان مِن الكاذبِينَ، ثم ثنَّى بالمرأةِ، فشَهِدتْ أربَعَ شَهاداتٍ باللهِ إنَّه لَمِن الكاذبينَ، والخامسةُ أنَّ غضَبَ اللهِ عليها إن كان مِن الصادقينَ، ثم فرَّقَ بينهما». أخرجه مسلم (١٤٩٣).

- وفي هذه الآيةِ كلامٌ كثير فيما يتعلقُ بأسبابِ النزول، والاختلافِ فيها، والترجيحِ بينها، ويراجع للفائدة: "المحرر في أسباب النزول" (719)؛ فقد بحث المسألة بحثًا وافيًا، والله الموفِّق.

* قوله تعالى: {إِنَّ اْلَّذِينَ جَآءُو بِاْلْإِفْكِ عُصْبَةٞ مِّنكُمْۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّٗا لَّكُمۖ بَلْ هُوَ خَيْرٞ لَّكُمْۚ لِكُلِّ اْمْرِيٕٖ مِّنْهُم مَّا اْكْتَسَبَ مِنَ اْلْإِثْمِۚ وَاْلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُۥ مِنْهُمْ لَهُۥ عَذَابٌ عَظِيمٞ} [النور: 11]:

عن ابنِ شِهابٍ، قال: حدَّثَني عُرْوةُ بن الزُّبَيرِ، وسعيدُ بن المسيَّبِ، وعَلْقمةُ بن وقَّاصٍ، وعُبَيدُ اللهِ بن عبدِ اللهِ بن عُتْبةَ بن مسعودٍ؛ عن عائشةَ رضي الله عنها زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، حينَ قال لها أهلُ الإفكِ ما قالوا، وكلُّهم حدَّثَني طائفةً مِن حديثِها، وبعضُهم كان أوعى لحديثِها مِن بعضٍ، وأثبَتَ له اقتصاصًا، وقد وعَيْتُ عن كلِّ رجُلٍ منهم الحديثَ الذي حدَّثَني عن عائشةَ، وبعضُ حديثِهم يُصدِّقُ بعضًا، وإن كان بعضُهم أوعى له مِن بعضٍ؛ قالوا:

قالت عائشةُ أمُّ المؤمنين رضي الله عنها: «كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا أراد سَفَرًا أقرَعَ بين أزواجِه، فأيُّهنَّ خرَجَ سَهْمُها خرَجَ بها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم معه.

قالت عائشةُ: فأقرَعَ بيننا في غزوةٍ غزاها، فخرَجَ فيها سَهْمي، فخرَجْتُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بعدما أُنزِلَ الحجابُ، فكنتُ أُحمَلُ في هَوْدجي وأَنزِلُ فيه، فسِرْنا، حتى إذا فرَغَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن غزوتِه تلك وقفَلَ، دنَوْنا مِن المدينةِ قافِلينَ، آذَنَ ليلةً بالرَّحيلِ، فقُمْتُ حين آذَنوا بالرَّحيلِ، فمشَيْتُ حتى جاوَزْتُ الجيشَ، فلمَّا قضَيْتُ شأني أقبَلْتُ إلى رَحْلي، فلمَسْتُ صدري، فإذا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قد انقطَعَ، فرجَعْتُ، فالتمَسْتُ عِقْدي، فحبَسَني ابتغاؤُه، قالت: وأقبَلَ الرَّهْطُ الذين كانوا يُرحِّلوني، فاحتمَلوا هَوْدجي، فرحَلوه على بَعيري الذي كنتُ أركَبُ عليه، وهم يَحسَبون أنِّي فيه، وكان النساءُ إذ ذاك خِفافًا لم يَهبُلْنَ، ولم يَغشَهنَّ اللَّحْمُ، إنَّما يأكُلْنَ العُلْقةَ مِن الطعامِ، فلَمْ يستنكِرِ القومُ خِفَّةَ الهَوْدجِ حينَ رفَعوه وحمَلوه، وكنتُ جاريةً حديثةَ السِّنِّ، فبعَثوا الجمَلَ، فسارُوا، ووجَدتُّ عِقْدي بعدما استمَرَّ الجيشُ، فجِئْتُ مَنازِلَهم وليس بها منهم داعٍ ولا مجيبٌ، فتيمَّمْتُ منزلي الذي كنتُ به، وظنَنْتُ أنَّهم سيَفقِدوني فيَرجِعون إليَّ، فبَيْنا أنا جالسةٌ في منزلي، غلَبتْني عَيْني فنِمْتُ، وكان صَفْوانُ بنُ المُعطَّلِ السُّلَميُّ ثم الذَّكْوانيُّ مِن وراءِ الجيشِ، فأصبَحَ عند منزلي، فرأى سوادَ إنسانٍ نائمٍ، فعرَفَني حين رآني، وكان رآني قبل الحجابِ، فاستيقَظْتُ باسترجاعِه حين عرَفَني، فخمَّرْتُ وجهي بجِلْبابي، وواللهِ، ما تكلَّمْنا بكلمةٍ، ولا سَمِعْتُ منه كلمةً غيرَ استرجاعِه، وهَوَى حتى أناخَ راحلتَه، فوَطِئَ على يدِها، فقُمْتُ إليها، فرَكِبْتُها، فانطلَقَ يقُودُ بي الراحلةَ حتى أتَيْنا الجيشَ مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهيرةِ وهم نزولٌ، قالت: فهلَكَ مَن هلَكَ، وكان الذي تولَّى كِبْرَ الإفكِ عبدَ اللهِ بنَ أُبَيٍّ ابنَ سَلُولَ.

قال عُرْوةُ: أُخبِرْتُ أنَّه كان يشاعُ ويُتحدَّثُ به عنده، فيُقِرُّه ويستمِعُه ويَسْتَوْشِيهِ.

وقال عُرْوةُ أيضًا: لَمْ يُسَمَّ مِن أهلِ الإفكِ أيضًا إلا حسَّانُ بنُ ثابتٍ، ومِسطَحُ بنُ أُثَاثةَ، وحَمْنةُ بنتُ جَحْشٍ، في ناسٍ آخَرِينَ لا عِلْمَ لي بهم، غيرَ أنَّهم عُصْبةٌ؛ كما قال اللهُ تعالى، وإنَّ كُبْرَ ذلك يقالُ له: عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ.

قال عُرْوةُ: كانت عائشةُ تَكرَهُ أن يُسَبَّ عندها حسَّانُ، وتقولُ: إنَّه الذي قال:

فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي***لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

قالت عائشةُ: فقَدِمْنا المدينةَ، فاشتكَيْتُ حينَ قَدِمْتُ شهرًا، والناسُ يُفِيضون في قولِ أصحابِ الإفكِ، لا أشعُرُ بشيءٍ مِن ذلك، وهو يَرِيبُني في وجَعي أنِّي لا أعرِفُ مِن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الذي كنتُ أرى منه حين أشتكي، إنَّما يدخُلُ عليَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيُسلِّمُ، ثم يقولُ: «كيف تِيكُمْ؟»، ثم ينصرِفُ، فذلك يَرِيبُني، ولا أشعُرُ بالشرِّ، حتى خرَجْتُ حينَ نقَهْتُ، فخرَجْتُ مع أمِّ مِسطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ، وكان مُتبرَّزَنا، وكنَّا لا نخرُجُ إلا ليلًا إلى ليلٍ، وذلك قبل أن نتَّخِذَ الكُنُفَ قريبًا مِن بيوتِنا.

قالت: وأمرُنا أمرُ العرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ قِبَلَ الغائطِ، وكنَّا نتأذَّى بالكُنُفِ أن نتَّخِذَها عند بيوتِنا.

قالت: فانطلَقْتُ أنا وأمُّ مِسطَحٍ، وهي ابنةُ أبي رُهْمِ بنِ المطَّلِبِ بنِ عبدِ منافٍ، وأمُّها بنتُ صَخْرِ بنِ عامرٍ، خالةُ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُها مِسطَحُ بنُ أُثَاثةَ بنِ عَبَّادِ بنِ المطَّلِبِ، فأقبَلْتُ أنا وأمُّ مِسطَحٍ قِبَلَ بيتي حينَ فرَغْنا مِن شأنِنا، فعثَرتْ أمُّ مِسطَحٍ في مِرْطِها، فقالت: تَعِسَ مِسطَحٌ، فقلتُ لها: بئسَ ما قُلْتِ، أتسُبِّينَ رجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ فقالت: أيْ هَنْتَاهْ، ولم تَسمَعي ما قال؟ قالت: وقلتُ: ما قال؟ فأخبَرتْني بقولِ أهلِ الإفكِ، قالت: فازدَدتُّ مرَضًا على مرَضي، فلمَّا رجَعْتُ إلى بيتي، دخَلَ عليَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فسلَّمَ، ثم قال: «كيف تِيكُم؟»، فقلتُ له: أتأذَنُ لي أن آتيَ أبوَيَّ؟ قالت: وأريدُ أن أستيقِنَ الخبَرَ مِن قِبَلِهما، قالت: فأذِنَ لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

فقلتُ لأُمِّي: يا أُمَّتَاه، ماذا يَتحدَّثُ الناسُ؟ قالت: يا بُنَيَّةُ، هَوِّني عليكِ؛ فواللهِ، لقَلَّما كانت امرأةٌ قطُّ وَضِيئةٌ عند رجُلٍ يُحِبُّها، لها ضرائرُ، إلا كثَّرْنَ عليها، قالت: فقلتُ: سُبْحانَ اللهِ! أوَلَقَدْ تحدَّثَ الناسُ بهذا؟

قالت: فبكَيْتُ تلك الليلةَ حتى أصبَحْتُ، لا يَرقأُ لي دمعٌ، ولا أكتحِلُ بنَوْمٍ، ثم أصبَحْتُ أبكي.

قالت: ودعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالبٍ وأسامةَ بنَ زيدٍ حينَ استلبَثَ الوحيُ، يَسألُهما ويستشيرُهما في فِراقِ أهلِه، قالت: فأمَّا أسامةُ فأشار على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالذي يَعلَمُ مِن براءةِ أهلِه، وبالذي يَعلَمُ لهم في نفسِه، فقال أسامةُ: أهلُك، ولا نَعلَمُ إلا خيرًا، وأمَّا عليٌّ فقال: يا رسولَ اللهِ، لم يُضيِّقِ اللهُ عليك، والنساءُ سِواها كثيرٌ، وسَلِ الجاريةَ تصدُقْكَ.

قالت: فدعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرةَ، فقال: أيْ بَرِيرةُ، هل رأيتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ؟ قالت له بَرِيرةُ: والذي بعَثَك بالحقِّ، ما رأيتُ عليها أمرًا قطُّ أغمِصُهُ غيرَ أنَّها جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ، تنامُ عن عجينِ أهلِها، فتأتي الدَّاجنُ فتأكُلُه.

قالت: فقام رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن يومِه، فاستعذَرَ مِن عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ وهو على المِنبَرِ، فقال: يا معشرَ المسلمين، مَن يَعذِرُني مِن رجُلٍ قد بلَغَني عنه أذاه في أهلي؟ واللهِ، ما عَلِمْتُ على أهلي إلا خيرًا، ولقد ذكَروا رجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلا خيرًا، وما يدخُلُ على أهلي إلا معي، قالت: فقامَ سعدُ بنُ مُعاذٍ أخو بني عبدِ الأشهَلِ، فقال: أنا يا رسولَ اللهِ أعذِرُك، فإن كان مِن الأَوْسِ ضرَبْتُ عُنُقَه، وإن كان مِن إخوانِنا مِن الخَزْرَجِ أمَرْتَنا ففعَلْنا أمْرَك، قالت: فقامَ رجُلٌ مِن الخَزْرَجِ، وكانت أمُّ حسَّانَ بِنْتَ عَمِّه مِن فَخِذِه، وهو سعدُ بنُ عُبَادةَ، وهو سيِّدُ الخَزْرَجِ، قالت: وكان قَبْلَ ذلك رجُلًا صالحًا، ولكنِ احتمَلتْهُ الحَمِيَّةُ، فقال لسعدٍ: كذَبْتَ، لَعَمْرُ اللهِ لا تقتُلُه، ولا تَقدِرُ على قَتْلِه، ولو كان مِن رَهْطِك ما أحبَبْتَ أن يُقتَلَ، فقام أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ، وهو ابنُ عَمِّ سعدٍ، فقال لسعدِ بنِ عُبَادةَ: كذَبْتَ، لَعَمْرُ اللهِ لَنقتُلَنَّهُ؛ فإنَّك منافِقٌ تُجادِلُ عن المنافِقينَ، قالت: فثارَ الحيَّانِ: الأَوْسُ والخَزْرَجُ، حتى هَمُّوا أن يَقتتِلوا، ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قائمٌ على المِنبَرِ، قالت: فلم يَزَلْ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُخفِّضُهم حتى سكَتوا، وسكَتَ.

قالت: فبكَيْتُ يومي ذلك كلَّه، لا يَرقأُ لي دمعٌ، ولا أكتحِلُ بنَوْمٍ.

قالت: وأصبَحَ أبوايَ عندي، وقد بكَيْتُ ليلتَينِ ويومًا، لا يَرقأُ لي دمعٌ، ولا أكتحِلُ بنَوْمٍ، حتى إنِّي لَأظُنُّ أنَّ البكاءَ فالقٌ كبدي، فبَيْنا أبوايَ جالسانِ عندي وأنا أبكي، فاستأذَنتْ عليَّ امرأةٌ مِن الأنصارِ، فأذِنْتُ لها، فجلَستْ تبكي معي.

قالت: فبَيْنا نحن على ذلك، دخَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم علينا، فسلَّمَ، ثم جلَسَ، قالت: ولَمْ يَجلِسْ عندي منذُ قِيلَ ما قِيلَ قَبْلَها، وقد لَبِثَ شهرًا لا يوحى إليه في شأني بشيءٍ، قالت: فتشهَّدَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ جلَسَ، ثم قال: «أمَّا بعدُ، يا عائشةُ، إنَّه بلَغَني عنكِ كذا وكذا، فإن كنتِ بريئةً، فسيُبرِّئُكِ اللهُ، وإن كنتِ ألمَمْتِ بذَنْبٍ، فاستغفِري اللهَ وتُوبي إليه؛ فإنَّ العبدَ إذا اعترَفَ ثم تابَ، تابَ اللهُ عليه»، قالت: فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مقالتَه، قلَصَ دَمْعي حتى ما أُحِسُّ منه قطرةً، فقلتُ لأبي: أجِبْ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عنِّي فيما قال، فقال أبي: واللهِ، ما أدري ما أقولُ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ لأُمِّي: أجيبي رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت أُمِّي: واللهِ، ما أدري ما أقولُ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ - وأنا جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ لا أقرأُ مِن القرآنِ كثيرًا -: إنِّي واللهِ لقد عَلِمْتُ؛ لقد سَمِعْتُم هذا الحديثَ حتى استقَرَّ في أنفُسِكم، وصدَّقْتُم به، فلَئِنْ قلتُ لكم: إنِّي بريئةٌ، لا تُصدِّقوني، ولَئِنِ اعترَفْتُ لكم بأمرٍ، واللهُ يَعلَمُ أنِّي منه بريئةٌ؛ لَتُصدِّقُنِّي، فواللهِ، لا أجدُ لي ولكم مثَلًا إلا أبا يوسُفَ حينَ قال: {فَصَبْرٞ ‌جَمِيلٞۖ ‌وَاْللَّهُ اْلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، ثم تحوَّلْتُ واضطَجَعْتُ على فِراشي، واللهُ يَعلَمُ أنِّي حينئذٍ بريئةٌ، وأنَّ اللهَ مُبَرِّئي ببراءتي، ولكنْ واللهِ ما كنتُ أظُنُّ أنَّ اللهَ مُنزِلٌ في شأني وَحْيًا يُتلَى، لَشأني في نفسي كان أحقَرَ مِن أن يَتكلَّمَ اللهُ فيَّ بأمرٍ، ولكنْ كنتُ أرجو أن يَرى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبرِّئُني اللهُ بها، فواللهِ، ما رامَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَجلِسَه، ولا خرَجَ أحدٌ مِن أهلِ البيتِ حتى أُنزِلَ عليه، فأخَذَه ما كان يأخُذُه مِن البُرَحاءِ، حتى إنَّه لَيَتحدَّرُ منه مِن العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ وهو في يومٍ شاتٍ مِن ثِقَلِ القولِ الذي أُنزِلَ عليه، قالت: فسُرِّيَ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو يَضحَكُ، فكانت أوَّلَ كلمةٍ تكلَّمَ بها أن قال: «يا عائشةُ، أمَّا اللهُ فقد برَّأَكِ»، قالت: فقالت لي أُمِّي: قُومِي إليه، فقلتُ: واللهِ لا أقُومُ إليه؛ فإنِّي لا أحمَدُ إلا اللهَ عز وجل.

قالت: وأنزَلَ اللهُ تعالى: {إِنَّ اْلَّذِينَ جَآءُو بِاْلْإِفْكِ عُصْبَةٞ مِّنكُمْۚ} [النور: 11] العَشْرَ الآياتِ، ثم أنزَلَ اللهُ هذا في براءتي.

قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ - وكان يُنفِقُ على مِسطَحِ بنِ أُثَاثةَ؛ لقَرابتِه منه وفقرِه -: واللهِ، لا أُنفِقُ على مِسطَحٍ شيئًا أبدًا بعد الذي قال لعائشةَ ما قال؛ فأنزَلَ اللهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُواْ اْلْفَضْلِ مِنكُمْ} [النور: 22] إلى قولِه: {غَفُورٞ رَّحِيمٌ} [النور: 22]، قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ: بلى واللهِ إنِّي لَأُحِبُّ أن يَغفِرَ اللهُ لي، فرجَعَ إلى مِسطَحٍ النَّفقةَ التي كان يُنفِقُ عليه، وقال: واللهِ، لا أنزِعُها منه أبدًا.

قالت عائشةُ: وكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سألَ زَيْنَبَ بنتَ جَحْشٍ عن أمري، فقال لزَيْنَبَ: ماذا عَلِمْتِ أو رأَيْتِ؟ فقالت: يا رسولَ اللهِ، أَحْمي سمعي وبصَري، واللهِ، ما عَلِمْتُ إلا خيرًا، قالت عائشةُ: وهي التي كانت تُسامِيني مِن أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فعصَمَها اللهُ بالوَرَعِ، قالت: وطَفِقَتْ أختُها حَمْنةُ تُحارِبُ لها، فهلَكتْ فيمَن هلَكَ.

قال ابنُ شهابٍ: فهذا الذي بلَغَني مِن حديثِ هؤلاء الرَّهْطِ، ثم قال عُرْوةُ: قالت عائشةُ: واللهِ، إنَّ الرَّجُلَ الذي قِيلَ له ما قِيلَ ليقولُ: سُبْحانَ اللهِ! فوالذي نفسي بيدِه، ما كشَفْتُ مِن كَنَفِ أُنْثَى قطُّ، قالت: ثم قُتِلَ بعد ذلك في سبيلِ اللهِ». أخرجه البخاري (٤١٤١).

* قوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمْ عَلَى اْلْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنٗا لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَاۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اْللَّهَ مِنۢ بَعْدِ إِكْرَٰهِهِنَّ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} [النور: 33]:

عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنهما، قال: «كان عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ يقولُ لجاريةٍ له: اذهَبي فابغِينا شيئًا؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {وَلَا تُكْرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمْ عَلَى اْلْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنٗا لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَاۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اْللَّهَ مِنۢ بَعْدِ إِكْرَٰهِهِنَّ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} [النور: 33]». أخرجه مسلم (٣٠٢٩).

* قوله تعالى: {وَعَدَ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَعَمِلُواْ اْلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي اْلْأَرْضِ كَمَا اْسْتَخْلَفَ اْلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ اْلَّذِي اْرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنٗاۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْـٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ اْلْفَٰسِقُونَ} [النور: 55]:

عن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه، قال: «لمَّا قَدِمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه المدينةَ، وآوَتْهم الأنصارُ؛ رمَتْهم العرَبُ عن قوسٍ واحدةٍ، كانوا لا يَبِيتون إلا بالسِّلاحِ، ولا يُصبِحون إلا فيه، فقالوا: تَرَوْنَ أنَّا نعيشُ حتى نكونَ آمِنِينَ مطمئنِّينَ لا نخافُ إلا اللهَ؛ فنزَلتْ: {وَعَدَ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَعَمِلُواْ اْلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي اْلْأَرْضِ كَمَا اْسْتَخْلَفَ اْلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ اْلَّذِي اْرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنٗاۚ} إلى {وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ} يعني: بالنِّعْمةِ، {فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ اْلْفَٰسِقُونَ} [النور: 55]». أخرجه الحاكم (3512).

* قوله تعالى: {لَّيْسَ عَلَى اْلْأَعْمَىٰ حَرَجٞ} [النور: 61]:

عن عائشةَ رضي الله عنها، قالت: «كان المسلمون يَرغَبون في النَّفيرِ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فيَدفَعون مفاتيحَهم إلى ضَمْنَاهم، ويقولون لهم: قد أحلَلْنا لكم أن تأكلوا ما أحبَبْتم، فكانوا يقولون: إنَّه لا يَحِلُّ لنا؛ إنَّهم أَذِنوا مِن غيرِ طِيبِ نفسٍ؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {لَّيْسَ عَلَى اْلْأَعْمَىٰ حَرَجٞ وَلَا عَلَى اْلْأَعْرَجِ حَرَجٞ وَلَا عَلَى اْلْمَرِيضِ حَرَجٞ وَلَا عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِنۢ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَٰنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَٰمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّٰتِكُمْ} [النور: 61] إلى قولِه: {أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُۥٓ} [النور: 61]». "الصحيح المسند من أسباب النزول" (170).

* سورة (النُّور):

سُمِّيتْ سورة (النُّور) بذلك؛ لذِكْرِ النُّور فيها، وقد تكرَّر فيها سبعَ مرات، وفيها آيةُ (النُّور).

* ورَد في سورة (النُّور) كثيرٌ من الأحكام؛ لذا جاء في فضلها:

عن أبي وائلٍ رحمه الله، قالَ: «قرَأَ ابنُ عباسٍ سورةَ (النُّورِ)، ثمَّ جعَلَ يُفسِّرُها، فقال رجُلٌ: لو سَمِعتْ هذا الدَّيْلَمُ، لأسلَمتْ». " فتح الباري" لابن حجر (٧‏/١٢٦).

وعن مجاهدِ بن جَبْرٍ المكِّيِّ رحمه الله، قال: «علِّموا رجالَكم سورةَ (المائدةِ)، وعلِّموا نساءَكم سورةَ (النُّورِ)». أخرجه البيهقي (٢٤٢٨).

تضمَّنتْ سورةُ (النُّور) الموضوعات الآتية:

1. الزِّنا والأحكام المتعلقة به (١-١٠).

2. حادثة (الإفك) (١١-٢٦).

3. آداب اجتماعية (٢٧-٣٤).

4. نور الإيمان، وظلام الكفر (٣٥-٤٠).

5. مِن آثار قدرة الله وعظمته (٤١-٤٦).

6. المنافقون لم ينتفعوا بآيات الله (٤٧-٥٤).

7. جزاء الطاعة في الدنيا والآخرة (٥٥-٥٧).

8. آداب الاستئذان داخل البيت (٥٨-٦٠).

9. الأكل من بيوت الأقارب (٦١).

10. أدب المؤمن مع الرسول عليه السلام (٦٢-٦٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (5 /172).

تضمَّن اسمُ السورة مقصدَها؛ وهو أنه تعالى شامل العلمِ، اللازمِ منه تمامُ القدرة، اللازم منه إثباتُ الأمور على غاية الحِكمة، اللازم منه تأكيدُ الشَّرف للنبي صلى الله عليه وسلم، اللازم منه شَرَفُ من اختاره سبحانه لصُحْبتِه، على منازلِ قُرْبِهم منه، واختصاصهم به، اللازم منه غايةُ النزاهة والشَّرف والطهارة لأمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، التي مات صلى الله عليه وسلم وهو عنها راضٍ، ثم ماتت هي رضي الله عنها صالحةً محسنة، وهذا هو المقصود بالذات، ولكن إثباته محتاجٌ إلى تلك المقدِّمات.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /310).