تفسير سورة الصافات

كتاب نزهة القلوب

تفسير سورة سورة الصافات من كتاب كتاب نزهة القلوب
لمؤلفه أبى بكر السجستاني .

﴿ ٱلصَّافَّاتِ صَفَّا ﴾: يعني الملائكة صفوفا في السماء يسبحون الله كصفوف الناس في الأرض للصلاة.
﴿ فَٱلزَّاجِرَاتِ زَجْراً ﴾: قيل الملائكة تزجر السحاب. وقيل: الزاجرات زجرا: كل ما زجر عن معصية الله عز وجل.
﴿ فَٱلتَّٰلِيَٰتِ ذِكْراً ﴾ قيل: الملائكة. وجائز أن يكون الملائكة وغيرهم ممن يتلو ذكر الله.
﴿ دُحُوراً ﴾: أي إبعادا. ﴿ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ ﴾: الخطف أخذ الشيء بسرعة واستلاب. ﴿ ثَاقِبٌ ﴾: أي مضئ وانظر ١٨ من الحجر.
﴿ فَٱسْتَفْتِهِمْ ﴾: أي سلهم ﴿ لاَّزِبٍ ﴾ ولازم ولاتب ولاصق، بمعنى واحد، والطين اللازم هو المتلزج المتماسك الذي يلزم بعضه بعضا، ومنه ضربة لازب ولازم: أي أمر يلزم.
﴿ يَسْتَسْخِرُونَ ﴾ أي يسخرون.
﴿ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ ﴾ يعني نفخة الصور. والزجرة: الصيحة بشدة وانتهار.
﴿ ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ ﴾: وقرناءهم.
﴿ مُسْتَسْلِمُونَ ﴾ أي معطون بأيديهم.
﴿ كَأْسٍ ﴾: هو إناء بما فيه من الشراب ﴿ كَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ ﴾ أي من خمر يجري من العيون.
﴿ غَوْلٌ ﴾ مذهب الشيء، يقال: الغضب غول للحلم، والحرب غول للنفوس ومنه ﴿ لاَ فِيهَا غَوْلٌ ﴾ أي لا تغتال عقولهم فتذهب بها ﴿ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ ﴾ أي قصرن أبصارهن على أزواجهن، أي حسن أبصارهن عليهم ولم يطمحن إلى غيرهم.﴿ يُنزَفُونَ ﴾ وينزفون، يقال: نزف الرجل إذا ذهب عقله، ويقال للسكران: نزيف ومنزوف، وأنزف الرجل إذا ذهب شرابه وإذا ذهب عقله أيضا، وأنشد: لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم   لبئس الندامى كنتم آل أبحرا﴿ عِينٌ ﴾ أي واسعات الأعين، الواحدة عيناء.
﴿ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ﴾ تشبه الجارية بالبيض بياضا وملاسة وصفاء لون، وهي أحسن منه، وإنما تشبه الألوان. و ﴿ مَّكْنُونٌ ﴾: مصون.
﴿ مَدِينُونَ ﴾ أي مجزيون.
﴿ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ ﴾: أي وسط الجحيم.
(محضرين) أي محضرين النار.
﴿ شَوْباً مِنْ حَمِيمٍ ﴾ أي خلطا من حميم.
﴿ أَلْفَوْاْ ﴾ وجدوا.
﴿ شِيعَتِهِ ﴾ أي أعوانه، مأخوذ من الشياع وهو الحطب الصغار الذي تشعل به النار ويعين الحطب الكبار على إيقاد النار. ويقال: الشيعة: الأتباع، من قولهم: شاعك كذا، أي اتبعك، ومنه قول الشاعر: ألا يا نخلة من ذات عرق برود الظل شاعكم السلام
﴿ فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ ﴾: أي مال إليهم في خفاء، ولا يكون الروغ إلا خفاء.
﴿ يَزِفُّونَ ﴾ أي يسرعون، يقال جاء الرجل يزف زفيف النعامة: وهو أول عدوها وآخر مشيها. ويقرأ يزفون: أي يصيرون الى الزفيف، ومنه قوله: تمنى حصين أن يسود جذاعه   فأمسى حصين قد أذل وأقهرامعناه أقهر: أي صار إلى القهر، قال أبو عمر: الجذاع هاهنا: صبيان أخيه، أراد أن يتبناهم فجاء أخوالهم فأخذوهم. ويقرأ: يزفون بالتخفيف، من وزف يزف بمعنى أسرع، ولم يعرفها الكسائي والفراء، قال الزجاج: وعرفها غيرهما.
﴿ أَسْلَمَا ﴾: استسلما لأمر الله.
﴿ ذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾: يعني كبش إبراهيم صلى الله عليه وسلم. والذبح: ما ذبح. والذبح المصدر.
﴿ إِلْ يَاسِينَ ﴾: يعني إلياس وأهل دينه، جمعهم بغير إضافة بالياء والنون على العدد، كأن كل واحد اسمه إلياس. وقال بعض العلماء: يجوز أن يكون إلياس وإلياسين بمعنى واحد، كما يقال في ميكال وميكائيل؛ ويقرأ على آل ياسين، أي على آل محمد صلى الله عليه وسلم.
﴿ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ﴾ هرب إلى السفينة.
﴿ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ ﴾ أي قارع فكان من المقروعين، أي من المقهورين.﴿ ٱلْمُدْحَضِينَ ﴾ أي المغلوبين المقروعين، وقيل المقمورين.
﴿ مُلِيمٌ ﴾ الذي أتى بما يجب أن يلام عليه.
﴿ بِٱلْعَرَآءِ ﴾ هو الفضاء الذي لا يتوارى فيه بشجر ولا غيره. ويقال العراء. وجه الأرض.
﴿ يَقْطِينٍ ﴾: كل شجر لا يقوم على ساق، مثل القرع والبطيخ ونحوهما.
(صافون) أي صفوف.
﴿ سَاحَتِهِمْ ﴾ يقال: ساحة الحي: ناحيتهم، للرحبة التي يديرون أخبيتهم حولها.
سورة الصافات
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الصَّافَّات) من السُّوَر المكِّية، افتُتِحت بإثبات وَحْدانية الله عزَّ وجلَّ، المتصفِ بكلِّ كمال، المُنزَّهِ عن كلِّ نقص، مُبدِعِ العوالِمِ السماوية، وقد تعرَّضتِ السورةُ لإثبات البعث والجزاء وقُدْرة الله تعالى من خلال ذِكْرِ قِصَص الكثير من الأنبياء، مختتمةً بنصرِ الله عزَّ وجلَّ لأوليائه بعد أن بيَّنتْ جزاءَ كلٍّ من الأبرار والكفار في الدَّارَينِ، و(الصَّافَّات) هم جموعُ الملائكة الذين يعبُدون اللهَ في صفوف.

ترتيبها المصحفي
37
نوعها
مكية
ألفاظها
865
ترتيب نزولها
56
العد المدني الأول
182
العد المدني الأخير
182
العد البصري
181
العد الكوفي
182
العد الشامي
182

* سورة (الصَّافَّات):

سُمِّيت سورةُ (الصَّافَّات) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بالقَسَمِ الإلهيِّ بهذا اللفظ، و(الصَّافَّات): هم جموعُ الملائكة الذين يعبُدون اللهَ في صفوف.

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورةَ (الصَّافَّات) في صلاة الفجر:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «إن كان رسولُ اللهِ ﷺ لَيؤُمُّنا في الفجرِ بـ: {اْلصَّٰٓفَّٰتِ}». أخرجه ابن حبان (١٨١٧).

اشتمَلتْ سورة (الصَّافَّات) على الموضوعات الآتية:

1. إعلان وَحْدانية الله تعالى (١-١٠).

2. إثبات المَعاد (١١-٢١).

3. مسؤولية المشركين في الآخرة (٢٢-٣٧).

4. جزاء الكافرين والمؤمنين (٣٨-٦١).

5. جزاء الظالمين، وألوان العذاب (٦٢-٧٤).

6. عبادُ الله المُخلَصِينَ {إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي اْلْمُحْسِنِينَ} (٧٥-١٤٨).

7. قصة نُوحٍ ودعاؤه (٧٥-٨٢).

8. قصة إبراهيمَ والذَّبح (٨٣-١١٣).

9. قصة موسى وهارون (١١٤-١٢٢).

10. قصة إلياسَ (١٢٣-١٣٢).

11. قصة لُوطٍ (١٣٣-١٣٨).

12. قصة يونُسَ (١٣٩-١٤٨).

13. مناقشة عقائدِ المشركين (١٤٩-١٧٠).

14. نصرُ جندِ الله تعالى (١٧١- ١٨٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /347).

جاءت سورةُ (الصَّافَّات) بإثبات وَحْدانية الله عزَّ وجلَّ، المستحِقِّ للعبادة، المُنزَّه عن كلِّ نقص، المتصِفِ بكلِّ كمال مطلق، المتفرِّدِ بصُنْعِ العوالِمِ السماوية وإبداعها، ويَلزم من هذا الكمال ردُّ العباد ليوم الفصل، وحسابُهم بالعدل.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /409)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (23 /81).