مكية في قول الجميع
ﰡ
أحدها : الملائكة، قاله ابن مسعود ومسروق وقتادة وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد.
الثاني : آيات القرآن، قاله الربيع.
الثالث : الأمر والنهي الذي نهى الله تعالى به عباده عن المعاصي، حكاه النقاش.
ويحتمل رابعاً : أنها قتل المشركين وسبيهم.
واختلف من قال إن الزاجرات الملائكة في تسميتها بذلك على قولين :
أحدهما : لأنها تزجر السحاب، قاله السدي.
الثاني : لأنها تزجر عن المعاصي قاله ابن عيسى.
أحدها : الملائكة تقرأ كتب الله تعالى، قاله ابن مسعود والحسن وسعيد بن جبير والسدي.
الثاني : ما يتلى في القرآن من أخبار الأمم السالفة، قاله قتادة.
الثالث : الأنبياء يتلون الذكر على قومهم، قاله ابن عيسى.
﴿ رب السموات والأرض وما بينهما ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : خالق السموات والأرض وما بينهما، قاله ابن إسحاق.
الثاني : مالك السموات والأرض وما بينهما.
الثالث : مدبر السموات والأرض وما بينهما.
﴿ ورب المشارق ﴾ [ فيه وجهان :
الأول ] : قال قتادة : ثلاثمائة وستون مشرقاً، والمغارب مثل ذلك، تطلع الشمس كل يوم من مشرق، وتغرب في مغرب، قاله السدي.
الثاني : أنها مائة وثمانون مشرقاً تطلع كل يوم في مطلع حتى تنتهي إلى آخرها ثم تعود في تلك المطالع حتى تعود إلى أولها، حكاه يحيى بن سلام، ولا يذكر المغارب لأن المشارق تدل عليها، وخص المشارق بالذكر لأن الشروق قبل الغروب.
(بينما المرء شهابٌ ثاقب | ضَرَبَ الدَّهر سناه فخمد) |
بينما المرء شهابٌ ثاقب | ضَرَبَ الدَّهر سناه فخمد |
(تعلم فإن الله زادك بسطة | وأخلاق خير كلها لك لازب) |
(ولا تحسبون الخير لا شر بعده | ولا تحسبون الشر ضربة لازب) |
إحداهما : بضم التاء، قرأ بها حمزة والكسائي، وهي قراءة ابن مسعود، ويكون التعجب مضافاً إلى الله تعالى، وإن كان لا يتعجَّبُ من شيء لأن التعجب من حدوث العلم بما لم يعلم، واللَّه تعالى عالم بالأشياء قبل كونها.
وفي تأويل ذلك على هذه القراءة وجهان :
أحدهما : يعني بل أنكرت حكاه النقاش.
الثاني : هو قول علي بن عيسى أنهم قد حلّوا محل من يتعجب منه.
والقراءة الثانية : بفتح التاء قرأ بها الباقون، وأضاف التعجب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه قال : بل عجبت يا محمد، قاله قتادة.
وفيما عجبت منه قولان :
أحدهما : من القرآن حين أعطيه، قاله قتادة.
الثاني : من الحق الذي جاءهم به فلم يقبلوه، وهو معنى قول ابن زياد.
وفي قوله ﴿ وتسخرون ﴾ وجهان :
أحدهما : من الرسول إذا دعاهم.
الثاني : من القرآن إذا تلي عليهم.
أحدهما : وإذا ذكروا بما نزل من القرآن لا ينتفعون، وهو معنى قول قتادة.
والثاني : وإذا ذكروا بمن هلك من الأمم لا يبصرون، وهو معنى ما رواه سعيد.
أحدهما : أنه انشقاق القمر، قاله الضحاك.
الثاني : ما شاهدوه من هلاك المكذبين، وهو محتمل.
وفي قوله ﴿ يستسخِرون ﴾ وجهان :
أحدهما : يستهزئون، قاله مجاهد.
الثاني : هو أن يستدعي بعضهم من بعض السخرية بها لأن الفرق بين سخر واستسخر كالفرق بين علم واستعلم.
وقيل إن ذلك في ركانة بن زيد وأبي الأشد بن كلاب.
﴿ فإذا هم ينظرون ﴾ يحتمل ثلاثة أوجه :
أحدها : البعث الذي كذبوا به.
الثاني : ينظرون سوء أعمالهم.
الثالث : ينتظرون حلول العذاب بهم، ويكون النظر بمعنى الانتظار.
(فكبا الثور في وسيل وروض | مونق النبت شامل الأزواج) |
أحدهما : يوم القضاء بين الخلائق، قاله يحيى.
الثاني : يفصل فيه بين الحق والباطل، قاله ابن عيسى.
أحدها : المكذبون بالرسل.
الثاني : هم الشُرَط، حكاه الثوري.
الثالث : هم كل من تعدى على الخالق والمخلوق.
وفي ﴿ وأزواجهم ﴾ أربعة أوجه :
أحدها : أشباههم فيحشر صاحب الزنى مع صاحب الزنى، وصاحب الخمر مع صاحب الخمر، قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
الثاني : قرناؤهم، قاله ابن عباس.
الثالث : أشياعهم ؛ قاله قتادة ومنه قول الشاعر :
فكبا الثور في وسيل وروض | مونق النبت شامل الأزواج |
﴿ وما كانوا يعبدون من دون الله ﴾ وفيهم ثلاثة أقاويل :
أحدها : إبليس، قاله ابن زياد.
الثاني : الشياطين، وهو مأثور.
الثالث : الأصنام، قاله قتادة وعكرمة.
﴿ فاهدُوهم إلى صراط الجحيم ﴾ أي طريق النار.
وفي قوله تعالى :﴿ فاهدوهم ﴾ ثلاثة أوجه :
أحدها : فدلوهم، قاله ابن.
الثاني : فوجهوهم، رواه معاوية بن صالح.
الثالث : فادعوهم، قاله السدي.
أحدها : المكذبون بالرسل.
الثاني : هم الشُرَط، حكاه الثوري.
الثالث : هم كل من تعدى على الخالق والمخلوق.
وفي ﴿ وأزواجهم ﴾ أربعة أوجه :
أحدها : أشباههم فيحشر صاحب الزنى مع صاحب الزنى، وصاحب الخمر مع صاحب الخمر، قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
الثاني : قرناؤهم، قاله ابن عباس.
الثالث : أشياعهم ؛ قاله قتادة ومنه قول الشاعر :
فكبا الثور في وسيل وروض | مونق النبت شامل الأزواج |
﴿ وما كانوا يعبدون من دون الله ﴾ وفيهم ثلاثة أقاويل :
أحدها : إبليس، قاله ابن زياد.
الثاني : الشياطين، وهو مأثور.
الثالث : الأصنام، قاله قتادة وعكرمة.
﴿ فاهدُوهم إلى صراط الجحيم ﴾ أي طريق النار.
وفي قوله تعالى :﴿ فاهدوهم ﴾ ثلاثة أوجه :
أحدها : فدلوهم، قاله ابن.
الثاني : فوجهوهم، رواه معاوية بن صالح.
الثالث : فادعوهم، قاله السدي.
﴿ إنهم مسئولون ﴾ فيه ستة أوجه :
أحدها : عن لا إله إلا الله، قاله يحيى بن سلام.
الثاني : عما دعوا إليه من بدعة، رواه أنس مرفوعاً.
الثالث : عن ولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حكاه أبو هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري.
الرابع : عن جلسائهم، قاله عثمان بن زيادة١.
الخامس : محاسبون، قاله ابن عباس.
السادس : مسئولون.
أحدها : لا ينصر بعضكم بعضاً ؛ قاله يحيى بن سلام.
الثاني : لا يمنع بعضكم بعضاً من دخول النار، قاله السدي.
الثالث : لا يتبع بعضكم بعضاً في النار يعني العابد والمعبود، قاله قتادة.
فإن قيل : فهلا كانوا مسئولين قبل قوله ﴿ فاهْدوهم. . . ﴾ الآية ؟
قيل : لأن هذا توبيخ وتقريع فكان نوعاً من العذاب فلذلك صار بعد الأمر بالعذاب.
قال مجاهد : ولا تزول من بين يدي الله تعالى قدم عبد حتى يُسأل عن خصال أربع : عمره فيهم أفناه، وجسده فيم أبلاه، وماله مم اكتسبه وفيم أنفقه، وعلمه ما عمل فيه.
(اذا ما رايةٌ رفعت لمجدٍ | تَلقاها عَرابةُ باليمين) |
أحدهما : قاله الإنس للجن، قاله قتادة.
الثاني : قاله الضعفاء للذين استكبروا، قاله ابن عباس.
وفي قوله :﴿ تأتوننا عن اليمين ﴾ ثمانية تأويلات :
أحدها : تقهروننا بالقوة، قاله ابن عباس، واليمين القوة ومنه قول الشاعر :
إذا ما رايةٌ رفعت لمجدٍ | تَلقاها عَرابةُ باليمين١ |
الثاني : يعني من قبل ميامنكم، قاله ابن خصيف.
الثالث : من قبل الخير فتصدوننا عنه وتمنعوننا منه، قاله الحسن.
الرابع : من حيث نأمنكم، قاله عكرمة.
الخامس : من قبل الدين أنه معكم، وهو معنى قول الكلبي.
السادس : من قبل النصيحة واليمين، والعرب تتيمن بما جاء عن اليمين ويجعلونه من دلائل الخير ويسمونه السانح، وتتطير بما جاء عن الشمال ويجعلونه من دلائل الشر ويسمونه البارح، وهو معنى قول عليّ بن عيسى.
السابع : من قبل الحق أنه معكم، قاله مجاهد.
الثامن : من قبل الأموال ترغبون فيها أنها تنال بما تدعون إليه فتتبعون عليه، وهو معنى قول الحسن.
(فكأن بهجتها وبهجة كأسها... نار ونور قيّدا بوعاء.)
قوله عز وجل: ﴿لا فيها غَوْلٌ﴾ فيه خمسة تأويلات: أحدها: أي ليس فيها صداع، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. الثاني: ليس فيها وجع البطن، قاله مجاهد. الثالث: ليس فيها أذى، قاله الفراء وعكرمة وهذه الثلاثة متقاربة لاشتقاق الغول من الغائلة. الرابع: ليس فيها إثم، قاله الكلبي. الخامس: أنها لا تغتال عقولهم، قاله السدي وأبو عبيدة، ومنه قول الشاعر:
(وهذا من الغيلة أن... يصرع واحد واحدا)
﴿ولا هم عنها ينزفون﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: لا تنزف العقل ولا تذهب الحلم بالسكر، قاله عطاء، ومنه قول الشاعر:
(لعمري لئن أنزفتم أو صحوتُم... لبئس الندامى كنتم آل أبجرا)
الثاني: لا يبولون، قاله ابن عباس، وحكى الضحاك عنه أنه قال: في الخمر أربع خصال: السكر والصداع والقيء والبول، فذكر الله تعالى خمر الجنة فنزهها عن هذه الخصال. الثالث: أي لا تفنى مأخوذ من نزف الركية، قاله أبو عمرو بن العلاء، ومنه قول الشاعر:
(دعيني لا أبا لك أن تطيقي | لحاك الله قد أنزفت ريقي) |
(من القاصرات الطرف لو دب مُحولٌ | من الذّرّ فوق الخد منها لأثّرا) |
(وهي بيضاء مثل لؤلؤة الغوا | ص ميزت من جوهر مكنون) |
أحدها : أنه الجاري ؛ قاله الضحاك.
الثاني : الذي لا ينقطع، حكاه جويبر.
الثالث : أنه الذي لم يعصر، قاله سعيد بن أبي عروبة.
ويحتمل رابعاً : أنه الخمر بعينه الذي لم يمزج بغيره.
وفي المعين من الماء خمسة أوجه :
أحدها : أنه الظاهر للعين، قاله الكلبي.
الثاني : ما مدّته العيون فاتصل ولم ينقطع، قاله الحسن.
الثالث : أنه الشديد الجري من قولهم أمعن في كذا إذا اشتد دخوله فيه.
الرابع : أنه الكثير مأخوذ من المعين وهو الشيء الكثير.
الخامس : أنه المنتفع به مأخوذ من الماعون، قاله الفراء.
ويحتمل أن تكون بيضاء الكأس صفراء اللون فيكون اختلاف لونهما في منظرهما، قال الشاعر :
فكأن بهجتها وبهجة كأسها | نار ونور قيّدا بوعاء. |
أحدها : أي ليس فيها صداع، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
الثاني : ليس فيها وجع البطن، قاله مجاهد١.
الثالث : ليس فيها أذى٢، قاله الفراء وعكرمة وهذه الثلاثة متقاربة لاشتقاق الغول من الغائلة.
الرابع : ليس فيها إثم ؛ قاله الكلبي.
الخامس : أنها لا تغتال عقولهم، قاله السدي وأبو عبيدة، ومنه قول الشاعر :
وهذا من الغيلة أن *** يصرع واحد واحدا
﴿ ولا هم عنها ينزفون ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : لا تنزف العقل ولا تذهب الحلم بالسكر، قاله عطاء، ومنه قول الشاعر :
لعمري لئن أنزفتم أو صحوتُم *** لبئس الندامى كنتم آل أبجرا٣
الثاني : لا يبولون، قاله ابن عباس، وحكى الضحاك عنه أنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر والصداع والقيء والبول، فذكر الله تعالى خمر الجنة فنزهها عن هذه الخصال.
الثالث : أي لا تفنى مأخوذ من نزف الركية، قاله أبو عمرو بن العلاء، ومنه قول الشاعر :
دعيني لا أبالك أن تطيقي *** لحاك الله قد أنزفت ريقي
وقد يختلف هذا التأويل باختلاف القراءة، فقرأ حمزة والكسائي ينزفون بكسر الزاي، وقرأ الباقون يُنزَفون بفتح الزاي، والفرق بينهما أن الفتح من نزف فهو منزوف إذا ذهب عقله بالسكر، والكسر من أنزف فهو منزوف٤ إذا فنيت خمره، وإنما صرف الله تعالى السكر عن أهل الجنة لئلا ينقطع عنهم التذاذ نعيمهم.
٢ في ك أذى ولا فساد..
٣ البيت للحطيئة، وقد نسبه الجوهري للأبيردي..
٤ هكذا في الأصول، والقياس أن يقال أنزف فهو منزف لأن اسم المفعول من الرباعي المزيد بالهمزة يكون على وزن مفعل..
من القاصرات الطرف لو دب مُحولٌ | من الذّرّ فوق الخد منها لأثّرا١ |
أحدهما : الحسان العيون، قاله مجاهد ومقاتل.
الثاني : العظام الأعين، قاله الأخفش وقطرب.
أحدهما : يعني اللؤلؤ في صدفه، قاله ابن عباس، ومنه قول الشاعر :
وهي١ بيضاء مثل لؤلؤة الغوا | ص ميزت من جوهر مكنون |
وفي تشبيههم٢ بالبيض المكنون أربعة أوجه :
أحدها : تشبيهاً ببيض النعام يُكنّ بالريش من الغبار والريح فهو أبيض إلى الصفرة، قاله الحسن.
الثاني : تشبيهاً ببطن البيض إذا لم تمسه يد، قاله سعيد بن جبير.
الثالث : تشبيهاً ببياض البيض حين ينزع قشره، قاله السدي.
الرابع : تشبيهاً بالسحاء٣ الذي يكون بين القشرة العليا ولباب البيض، قاله عطاء.
٢ هكذا بالأصول ولعل الصواب وتشبيههن لأن الحديث عن قاصرات الطرف..
٣ سحاة كل شيء قشره والجمع سحا مثل مهاة ومها..
﴿ إني كان لي قرين ﴾ يعني في الدنيا، وفيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه الشيطان كان يغويه فلا يطيعه، قاله مجاهد.
الثاني : شريك له كان يدعوه إلى الكفر فلا يجيبه، قاله ابن عباس.
الثالث : أنهما اللذان في سورة الكهف ﴿ واضرب لهم مثلاً رجلين ﴾ إلى آخر قصتهما، فقال المؤمن منهما في الجنة للكافر في النار.
أحدهما : لمحاسبون، قاله مجاهد وقتادة والسدي.
الثاني : لمجازون، قاله ابن عباس ومحمد بن كعب من قوله : كما تدين تدان.
أحدهما : لاستخباره عن جواز الاطلاع.
الثاني : لمعاينة القرين.
أحدهما : لتهلكني لو أطعتك، قاله السدي.
الثاني : لتباعدني من الله تعالى، قاله يحيى.
(ايقتُلني والمشرفيّ مضاجعي | ومسنونةٍ زُرقٍ كأنياب أغوال) |
(كأن الحميم على متنها | إذا اغترفته بأطساسها) |
(جُمان يجول على فضة | عَلَتْه حدائد دوّاسها) |
(أحم الله ذلك من لقاءٍ | آحاد آحاد في الشهر الحلال) |
أحدهما : أن النار تحرق الشجر فكيف ينبت فيها الشجر وهذا قول أبي جهل إنما الزقوم التمر والزبد أتزقمه فكان هذا هو الفتنة للظالمين، قاله مجاهد.
الثاني : أن شدة عذابهم بها هي الفتنة التي جعلت لهم، حكاه ابن عيسى.
أحدهما : وصفها لهم لاختلافهم فيها.
الثاني : ليعلمهم جواز بقائها في النار لأنها تنبت من النار.
قال يحيى بن سلام : وبلغني أنها في الباب السادس وأنها تحيا بلهب النار كما يحيا شجركم ببرد الماء.
قيل عن هذا أربعة أجوبة :
أحدها : أن قبح صورتها مستقر في النفوس وإن لم تشاهد فجاز أن يشبهها بذلك لاستقرار قبحها في نفوسهم كما قال امرؤ القيس :
أيقتلني والمشرفيّ مضاجعي | ومسنونةٍ زُرقٍ كأنياب أغوال١ |
الثاني : أنه أراد رأس حية تسمى عند العرب شيطاناً وهي قبيحة الرأس.
الثالث : أنه أراد شجراً يكون بين مكة واليمن يسمى رؤوس الشياطين، قاله مقاتل.
كأن الحميم على متنها *** إذا اغترفته بأطساسها
جُمان يجول على فضة *** عَلَتْه حدائد دوّاسها
ومنه سمي القريب حميماً لقربه من القلب، وسمي المحموم لقرب حرارته من الإحراق قال الشاعر :
أحم الله ذلك من لقاءٍ *** أحاد أحاد في الشهر الحلال
أي أدناه فيمزج لهم الزقوم بالحميم ليجمع لهم بين مرارة الزقوم وحرارة الحميم تغليظاً لعذابهم وتشديداً لبلائهم.
الثاني : أن منقلبهم لإلى الجحيم، قاله سفيان.
الثالث : يعني أن مرجعهم بعد أكل الزقوم إلى عذاب الجحيم، قاله ابن زياد.
الرابع : أنهم فيها كما قال الله تعالى ﴿ يطوفون بينها وبين حميم آن ﴾ ثم يرجعون إلى مواضعهم، قاله يحيى بن سلام.
أحدها : يسرعون، قاله قتادة والسدي، وقال الفراء الإهراع الإسراع في المشي برعدة.
الثاني : يستحثون من خلفهم، قاله أبو عبيدة.
الثالث : يزعجون إلى الإسراع، حكاه ابن عيسى وقاله المفضل.
(عجوز من بني حام بن نوح | كأن جبينها حجر المقام) |
﴿ من الكرب العظيم ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من غرق الطوفان، قاله السدي.
الثاني : من الأذى الذي كان ينزل من قومه، حكاه ابن عيسى.
عجوز من بني حام بن نوح | كأن جبينها حجر المقام |
أحدها : معناه أبقى الله الثناء الحسن في الآخرين، قاله قتادة.
الثاني : لسان صدق للأنبياء كلهم، قاله مجاهد.
الثالث : هو قوله سلام على نوح في العالمين، قاله الفراء.
(قال الخليط غداً تصدُّ عَنّا | أو شيعَه أفلا تشيعنا) |
أحدها : سليم من الشك ؛ قاله قتادة.
الثاني : سليم من الشرك، قاله الحسن.
الثالث : مخلص، قاله الضحاك.
الرابع : ألا يكون لعاناً، قاله عروة بن الزبير.
ويحتمل مجيئه إلى ربه وجهين :
أحدهما : عند دعائه إلى توحيده وطاعته.
الثاني : عند إلقائه في النار.
(وجاء قريع الشول قَبل إفالها | يزفّ وجاءت خَلْفه وهي زفّف) |
أحدها : أنه استدل بها على وقت حمى كانت تأتيه.
الثاني : سقيم بما في عنقي من الموت.
الثالث : سقيم بما أرى من قبح أفعالكم في عبادة غير الله.
الرابع : سقيم لشكه.
الخامس : لعلمه بأن له إلهاً خالقاً معبوداً، قاله ابن بحر.
السادس : لعلة عرضت له.
السابع : أن ملكهم أرسل إليه أن غداً عيدنا فاخرج، فنظر إلى نجم فقال : إن ذا النجم لم يطلع قط إلا طلع بسقمي، فتولوا عنه مدبرين، قاله عبد الرحمن ابن زيد. قال سعيد بن المسيب : كابد نبي الله عن دينه فقال إني سقيم. وقال سفيان : كانوا يفرون من المطعون فأراد أن يخلوا بآلهتهم فقال : إني سقيم أي طعين وهذه خطيئته التي قال اغفر لي خطيئتي يوم الدين وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" لم يكذب إبراهيم غير ثلاث : ثنتين في ذات الله عز وجل قوله إني سقيم، وقوله بل فعله كبيرهم هذا، وقوله في سارة هي أختي ".
أحدها : ذهب إليهم، قاله السدي.
الثاني : مال إليهم، قاله قتادة.
الثالث : صال عليهم، قاله الأخفش.
الرابع : أقبل عليهم، قاله الكلبي وقطرب، وهذا قريب من المعنيين المتقدمين.
﴿ فقال ألا تأكلون ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنه قال ذلك استهزاء بهم، قاله ابن زياد.
الثاني : أنه وجدهم حين خرجوا إلى عيدهم قد صنعوا لآلهتهم طعاماً لتبارك لهم فيه فلذلك قال للأصنام وإن كانت لا تعقل عنه الكلام احتجاجاً على جهل من عبدها، وتنبيهاً على عجزها، ولذلك قال :
أحدها : بيده اليمنى، قاله الضحاك، لأنها أقوى والضرب بها أشد.
الثاني : باليمين التي حلفها حين قال ﴿ وتالله لأكيدن أصنامكم ﴾ حكاه ابن عيسى.
الثالث : يعني بالقوة، وقوة النبوة أشد، قاله ثعلب.
أحدها : يخرجون، قاله ابن عباس.
الثاني : يسعون، قاله الضحاك.
الثالث : يتسللون، حكاه ابن عيسى.
الرابع : يرعدون غضباً، حكاه يحيى بن سلام.
الخامس : يختالون وهو مشي الخيلاء، وبه قال مجاهد، ومنه أخذ زفاف العروس إلى زوجها، وقال الفرزدق :
وجاء قريع الشول قَبل إفالها | يزفّ وجاءت خَلْفه وهي زفّف١ |
أحدهما : أن الله خلقكم وخلق عملكم.
الثاني : خلقكم وخلق الأصنام التي عملتموها.
﴿ فجعلناهم الأسفلين ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : الأسفلين في نار جهنم، قاله يحيى.
الثاني : الأسفلين في دحض الحجة، قال قتادة : فما ناظروه٢ بعد ذلك حتى أهلكوا.
الثالث : يعني المهلكين فإن الله تعالى عقب ذلك بهلاكهم.
الرابع : المقهورين لخلاص إبراهيم من كيدهم. قال كعب : فما انتفع بالنار يومئذٍ أحد من الناس٣ وما أحرقت منه يومئذٍ إلا وثاقه.
وروت أم سبابة الأنصارية عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثها أن " إبراهيم لما ألقي في النار كانت الدواب كلها تطفئ عنه النار إلا الوزغة فإنها كانت تنفخ عليها " فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلها.
٢ في ك فما ناظرهم الله..
٣ في ع النار..
(وتله أبو حكم للجبين | فصار إلى أمِّه الهاوية) |
(وإن بلاءهم ما قد علمتم | على الأيام إن نفع البلاءُ) |
وفي قولان :
أحدهما : أنه إسحاق، ولم يثن الله تعالى على أحد بالحلم إلا على إسحاق وإبراهيم، قاله قتادة.
الثاني : إسماعيل وبشر بنبوة إسحاق بعد ذلك، قاله عامر الشعبي. قال الكلبي وكان إسماعيل أكبر من إسحاق بثلاث عشرة٢ سنة.
٢ في الأصول بثلاثة عشر..
أحدها : يمشي مع أبيه، قاله قتادة.
الثاني : أدرك معه العمل، قاله عكرمة.
الثالث : أنه سعي العمل الذي تقوم به الحجة، قاله الحسن.
الرابع : أنه السعي في العبادة، قاله ابن زيد.
قال ابن عباس : صام وصلى، ألم تسمع الله يقول
﴿ وسعى لها سعيها ﴾
[ الإسراء : ١٩ ] قال الفراء والكلبي : وكان يومئذٍ ابن ثلاث عشرة سنة.
﴿ قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحُك ﴾ فروى سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" رؤيا الأنبياء في المنام وحي١ ".
﴿ فانظُرْ ماذا تَرَى ﴾ لم يقل له ذلك على وجه المؤامرة في أمر الله سبحانه، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه قاله إخباراً بما أمره الله تعالى به ليكون أطوع له.
الثاني : أنه قاله امتحاناً لصبره على أمر الله تعالى.
الثالث : أي ماذا تريني من صبرك أو جزعك، قاله الفراء.
﴿ قال يا أبت افْعَلْ ما تؤمرُ ﴾ الآية. فيه٢ وجهان :
أحدهما : على الذبح، قاله مقاتل.
الثاني : على القضاء، حكاه الكلبي، فوجده في الامتحان صادق الطاعة سريع الإجابة، قوي الدين.
٢ أي فيما سيصبر عليه إسماعيل عليه السلام..
أحدهما : اتفقا على أمر واحد، قاله أبو صالح.
الثاني : سلما لله تعالى الأمر، وهو قول السدي.
قال قتادة : سلم إسماعيل نفسه لله، وسلم إبراهيم ابنه لله تعالى.
﴿ وتله للجبين ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه صرعه على جبينه، قاله ابن عباس، والجبين ما عن يمين الجبهة وشمالها، قال الشاعر :
وتله أبو حكم للجبين | فصار إلى أمِّه الهاوية |
الثالث : أنه وضع جبينه على تل، قاله قطرب.
وحكى مجاهد عن إسحاق أنه قال : يا أبت اذبحني وأنا ساجد، ولا تنظر إلى وجهي فعسى أن ترحمني فلا تذبحني.
أحدها : أن الذي رآه أنه قعد منه مقعد الذابح ينتظر الأمر بإمضاء الذبح.
الثاني : أن الذي رآه أنه أمر بذبحه بشرط التمكين ولم يمكن منه لما روي أنه كان كلما اعتمد بالشفرة انقلبت وجعل على حلقه صفيحة من نحاس.
الثالث : أن الذي رآه أنه ذبحه وقد فعل ذلك وإنما وصل الله تعالى الأوداج٣ بلا فصل.
﴿ إنا كذلك نجزِي المحسنين ﴾ بالعفو عن ذبح ابنه.
وفي الذبيح٤ قولان مثل اختلافهم في الحليم الذي بشر به :
أحدهما : أنه إسحاق، قاله علي رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود وكعب الأحبار وقتادة والحسن. قال ابن جريج ذبح إبراهيم ابنه إسحاق وهو ابن سبع سنين وولدته سارة وهي بنت تسعين سنة.
وفي الموضع الذي أراد ذبحه فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : بمكة في المقام.
الثاني : في المنحر بمنى.
الثالث : بالشام، قاله ابن جريج وهو من بيت المقدس على ميلين. ولما علمت سارة ما أراد بإسحاق بقيت يومين وماتت في اليوم ( الثالث ).
القول الثاني : أنه إسماعيل، قاله ابن عباس وعبد الله بن عمر ومحمد بن كعب وسعيد بن المسيب، وأنه ذبحه٥ بمنى عند الجمار التي رمى إبليس في كل جمرة بسبع حصيات حين عارضه في ذبحه حتى جمر بين يديه أي أسرع فسميت جماراً.
وحكى سعيد بن جبير أنه ذبحه٦ على الصخرة التي بأصل ثبير بمنى.
٢ المنام ساقطة من ع..
٣ في ع الأرواح..
٤ في الأصول الذبح..
٥ أي أراد ذبحه....
٦ أي أراد ذبحه....
أحدها : أن الذي رآه أنه قعد منه مقعد الذابح ينتظر الأمر بإمضاء الذبح.
الثاني : أن الذي رآه أنه أمر بذبحه بشرط التمكين ولم يمكن منه لما روي أنه كان كلما اعتمد بالشفرة انقلبت وجعل على حلقه صفيحة من نحاس.
الثالث : أن الذي رآه أنه ذبحه وقد فعل ذلك وإنما وصل الله تعالى الأوداج٣ بلا فصل.
﴿ إنا كذلك نجزِي المحسنين ﴾ بالعفو عن ذبح ابنه.
وفي الذبيح٤ قولان مثل اختلافهم في الحليم الذي بشر به :
أحدهما : أنه إسحاق، قاله علي رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود وكعب الأحبار وقتادة والحسن. قال ابن جريج ذبح إبراهيم ابنه إسحاق وهو ابن سبع سنين وولدته سارة وهي بنت تسعين سنة.
وفي الموضع الذي أراد ذبحه فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : بمكة في المقام.
الثاني : في المنحر بمنى.
الثالث : بالشام، قاله ابن جريج وهو من بيت المقدس على ميلين. ولما علمت سارة ما أراد بإسحاق بقيت يومين وماتت في اليوم ( الثالث ).
القول الثاني : أنه إسماعيل، قاله ابن عباس وعبد الله بن عمر ومحمد بن كعب وسعيد بن المسيب، وأنه ذبحه٥ بمنى عند الجمار التي رمى إبليس في كل جمرة بسبع حصيات حين عارضه في ذبحه حتى جمر بين يديه أي أسرع فسميت جماراً.
وحكى سعيد بن جبير أنه ذبحه٦ على الصخرة التي بأصل ثبير بمنى.
٢ المنام ساقطة من ع..
٣ في ع الأرواح..
٤ في الأصول الذبح..
٥ أي أراد ذبحه....
٦ أي أراد ذبحه....
أحدهما : الاختبار العظيم، قاله ابن قتيبة.
الثاني : النعمة البينة، قاله الكلبي ومقاتل وقطرب وأنشد قول الحطيئة :
وإن بلاءهم ما قد علمتم | على الأيام إن نفع البلاءُ |
أحدها : أنه فدى بوعل أنزل عليه من ثبير، قاله ابن عباس، وحكى عنه سعيد ابن جبير أنه كبش رعي في الجنة أربعين خريفاً.
الثاني : أنه فدي بكبش من غنم الدنيا، قاله الحسن.
الثالث : أنه فدي بكبش أنزل عليه من الجنة وهو الكبش الذي قربه هابيل١ بن آدم فقبل منه. قال ابن عباس حدثني من رأى قرني الكبش الذي ذبحه إبراهيم عليه السلام معلقين بالكعبة. والذبح بالكسر هو المذبوح، والذبح بالفتح هو فعل الذبح٢.
وفي قوله :﴿ عظيم ﴾ خمسة تأويلات :
أحدها : لأنه قد رعى في الجنة، قاله ابن عباس.
الثاني : لأنه ذبح بحق، قاله الحسن.
الثالث : لأنه عظيم الشخص.
الرابع : لأنه عظيم البركة.
الخامس : لأنه متقبل، قاله مجاهد.
٢ أي المصدر.
أحدهما : الثناء الحسن، قاله قتادة.
الثاني : هو السلام على إبراهيم، قاله عكرمة.
أحدهما : بالنبوة، قاله مقاتل.
الثاني : بالنجاة من فرعون، قاله الكلبي.
﴿ ونجّيناهما ﴾ الآية. فيه قولان :
أحدهما : من الغرق.
الثاني : من الرق.
(ورأيت بعلك في الوغى | متقلداً سيفاً ورمحا) |
(يقول أهل السوق لما جينا | هذا وربِّ البيت إسرائينا) |
أحدها : يعني ربّاً، قاله عكرمة ومجاهد. قال مقاتل هي لغة أزد شنوءة. وسمع ابن عباس رجلاً من أهل اليمن يسوم ناقة بمنى فقال : من بعل هذه أي ربها، ومنه قول أبي دؤاد١ :
ورأيت بعلك في الوغى | متقلداً سيفاً ورمحا |
الثالث : أنه اسم امرأة كانوا يعبدونها، قاله ابن شجرة.
﴿ وتذرون أحْسَنَ الخالقين ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من قيل له خالق.
الثاني : أحسن الصانعين لأن الناس يصنعون ولا يخلقون.
فمن قرأ إلياس ففيه وجهان :
أحدهما : أنه جمع يدخل فيه جميع آل إلياس بمعنى أن كل واحد من أهله يسمى إلياس.
الثاني : أنه إلياس فغير بالزيادة لأن العرب تغير الأسماء الأعجمية بالزيادة كما يقولون ميكال وميكاييل وميكائين. قال الشاعر :
يقول أهل السوق لما جينا | هذا وربِّ البيت إسرائينا |
أحدهما : أنهم آل محمد صلى الله عليه وسلم، قاله ابن عباس.
الثاني : أنهم آل إلياس.
فعلى هذا في دخول الزيادة في ياسين وجهان :
أحدهما : أنها زيدت لتساوي الآي، كما قال في موضع طور سيناء، وفي موضع آخر طور سينين، فعلى هذا يكون السلام على أهله دونه وتكون الإضافة إليه تشريفاً له.
الثاني : أنها دخلت للجمع فيكون داخلاً في جملتهم ويكون السلام عليه وعليهم.
أحدها : الهالكين، قاله السّدي.
الثاني : في الباقين من الهالكين، قاله ابن زيد.
الثالث : في عذاب الله تعالى، قاله قتادة.
الرابع : في الماضيين في العذاب، حكاه مقاتل.
(قتلنا المدحضين بكل فج | فقد قرت بقتلهم العيون) |
(ورفعت رِجْلاً لا أخاف عثارها | ونبذت بالبلد العراء ثيابي) |
(أثعلبة الفوارس أو رباحاً | عدلت بهم طهية والخشابا) |
وفيما خافوا الغرق به قولان :
أحدهما : أمواج من ريح عصفت بهم قاله ابن عباس.
الثاني : من الحوت الذي عارضهم، حكاه ابن عيسى، فقالوا عند ذلك : فينا مذنب لا ننجو إلا بإلقائه، فاقترعوا فخرجت القرعة على يونس فألقوه، وهو معنى قوله تعالى :
﴿ فكان من المدحضين ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : من المقروعين، قاله ابن عباس ومجاهد.
الثاني : من المغلوبين، قاله سعيد بن جبير، ومنه قول أبي قيس :
قتلنا المدحضين بكل فجّ | فقد قرت بقتلهم العيون |
وفي قوله :﴿ وهو مليم ﴾ ثلاثة تأويلات :
أحدها : أي مسيء مذنب، قاله ابن عباس.
الثاني : يلوم نفسه على ما صنع، وهو معنى قول قتادة.
الثالث : يلام على ما صنع ؛ قاله الكلبي.
والفرق بين الملوم والمليم أن المليم إذا أتى بما يلام عليه، والملوم إذا ليم عليه.
أحدها : من القائلين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، قاله الحسن.
الثاني : من المصلين قاله ابن عباس.
الثالث : من العابدين، قاله وهب بن منبه.
الرابع : من التائبين، قاله قطرب. وقيل تاب في الرخاء فنجاه الله من البلاء.
أحدها : بعض يوم، قال الشعبي : التقمه ضحى ولفظه عشية.
الثاني : ثلاثة أيام، قاله قتادة.
الثالث : سبعة أيام، قاله جعفر.
الرابع : أربعون يوماً، قاله أبو مالك. وقيل إنه سار بيونس حتى مر به إلى الإبلة ثم عاد في دجلة إلى نينوى.
ورفعت رِجْلاً لا أخاف عثارها | ونبذت بالبلد العراء ثيابي |
أحدها : أنه القرع، قاله ابن مسعود.
الثاني : أنه كل شجرة ليس فيها ساق يبقى من الشتاء إلى الصيف، قاله سعيد بن جبير.
الثالث : أنها كل شجرة لها ورق عريض، قاله ابن عباس.
الرابع : أنه كل ما ينبسط على وجه الأرض من البطيخ والقثاء، رواه القاسم بن أبي أيوب.
الخامس : أنها شجرة سماها الله تعالى يقطيناً أظلته رواه هلال بن حيان. وهو تفعيل من قطن بالمكان أي أقام إقامة زائل لا إقامة راسخ كالنخل والزيتون. فمكث يونس تحتها يصيب منها ويستظل بها حتى تراجعت نفسه إليه، ثم يبست الشجرة فبكى حزناً عليها، فأوحى الله تعالى إليه : أتبكي على هلاك شجرة ولا تبكي على هلاك مائة ألف أو يزيدون ؟ حكاه ابن مسعود.
وحكى سعيد بن جبير أنه لما تساقط ورق الشجر عنه أفضت إليه الشمس فشكاه فأوحى الله تعالى إليه : يا يونس جزعت من حر الشمس ولم تجزع لمائة ألف أو يزيدون تابوا إليّ فتبت عليهم.
وفي قوله :﴿ أو يزيدون ﴾ : ثلاثة أوجه : أحدها : أنه للإبهام كأنه قال أرسلناه إلى أحد العددين. الثاني : أنه على شك المخاطبين. الثالث : أن معناه : بل يزيدون، قاله ابن عباس وعدد من أهل التأويل، مثله قوله :﴿ فكان قاب قوسين أو أدنى ﴾ يعنى بل، أدنى قال جرير :
أثعلبة الفوارس أو رباحاً | عدلت بهم طهية والخشابا |
واختلف من قال بهذا في قدر زيادتهم على مائة ألف على خمسة أقاويل : أحدها : يزيدون عشرين ألفاً، رواه أُبيّ بن كعب مرفوعاً. الثاني : يزيدون ثلاثين ألفاً، قاله ابن عباس. الثالث : يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً، قاله الحكم.
الرابع : بضعة وأربعين ألفاً رواه سفيان بن عبد الله البصري. الخامس : سبعين ألفاً، قاله سعيد بن جبير.
أحدها : عذر مبين، قاله قتادة. الثاني : حجة بينة، قاله ابن قتيبة. الثالث : كتاب بيّن، قاله الكلبي.
وفي تسمية الملائكة على هذا الوجه جنة ثلاثة أوجه : أحدها : أنهم بطن من بطون الملائكة يقال لهم الجنة، قاله مجاهد. الثاني : لأنهم على الجنان، قاله أبو صالح. الثالث : لاستتارهم عن العيون كالجن المستخفين.
قوله عز وجل :﴿ ولقد علمت الجنّة إنهم لمحضرون ﴾ وفي الجنة قولان : أحدهما : أنهم الملائكة، قاله السدي.
الثاني : أنهم الجن، قاله مجاهد.
وفيما علموه قولان : أحدهما : أنهم علموا أن قائل هذا القول محضرون، قاله علي بن عيسى. الثاني : علموا أنهم في أنفسهم محضرون، وهو قول من زعم أن الجنة هم الجن.
وفي قوله :﴿ محضرون ﴾ تأويلان : أحدهما : للحساب، قال مجاهد. الثاني : محضرون في النار، قاله قتادة.
(فرد بنعمته كيده... عليه وكان لها فاتناً)
﴿إلا من هو صالِ الجحيم﴾ فيه وجهان: أحدهما: إلا من سبق في علم الله تعالى أنه يصلى الجحيم، قاله ابن عباس. قوله عز وجل ﴿وما مِنّا إلا له مقامٌ معلوم﴾ فيه قولان: أحدهما: ما منا ملك إلا له في السماء مقام معلوم، قاله ابن مسعود وسعيد بن جبير. الثاني: ما حكاه قتادة قال: كان يصلي الرجال والنساء جميعاً حتى نزلت ﴿وما منا إلا له مقام معلوم﴾ قال فتقدم الرجال وتأخر النساء. ويحتمل إن لم يثبت هذا النقل. ثالثاً: وما منا يوم القيامة إلا من له فيها مقام معلوم بين يدي الله عز وجل. قوله عز وجل: ﴿وإنا لنحن الصّافون﴾ فيه قولان: أحدهما: أنهم الملائكة يقفون صفوفاً في السماء، قيل حول العرش ينتظرون ما يؤمرون به، وقيل في الصلاة مصطفين. وحكى أبو نضرة أن عمر رضي الله كان إذا قام إلى الصلاة قال: يريد، الله بكم هدى الملائكة ﴿وإنا لنحن الصافون﴾ تأخر يا فلان، ثم يتقدم فيكبر. الثاني: ما حكاه أبو مالك قال كان الناس يصلون متبددين فأنزل الله عز وجل ﴿وإنا لنحن الصافون﴾ فأمرهم النبي ﷺ أن يصطفوا. وقوله عز وجل: ﴿وإنا لنحن المسبحون﴾ فيه قولان:
فرد بنعمته كيده *** عليه وكان لها فاتناً
أي مضلا، فكانوا مضلين لمن يدعونه إلى عبادتها.
أحدهما : إلا من سبق في علم الله تعالى أنه يصلى الجحيم، قاله ابن عباس.
أحدهما : ما منا ملك إلا له في السماء مقام معلوم، قاله ابن مسعود وسعيد بن جبير.
الثاني : ما حكاه قتادة قال : كان يصلي الرجال والنساء جميعاً حتى نزلت ﴿ وما منا إلا له مقام معلوم ﴾، قال فتقدم الرجال وتأخر النساء. ويحتمل إن لم يثبت هذا النقل.
ثالثاً : وما منا يوم القيامة إلا من له فيها مقام معلوم بين يدي الله عز وجل.
أحدهما : أنهم الملائكة يقفون صفوفاً في السماء، قيل حول العرش ينتظرون ما يؤمرون به، وقيل في الصلاة مصطفين. وحكى أبو نضرة أن عمر رضي الله كان إذا قام إلى الصلاة قال : يريد الله بكم هدى الملائكة ﴿ وإنا لنحن الصافون ﴾ تأخر يا فلان، تقدم يا فلان، ثم يتقدم فيكبر.
الثاني : ما حكاه أبو مالك قال كان الناس يصلون متبددين فأنزل الله عز وجل ﴿ وإنا لنحن الصافون ﴾ فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يصطفوا.
أحدهما : المصلّون، قاله قتادة.
الثاني : المنزِّهون الله عما أضافه إليه المشركون أي فكيف لا تعبدونه ونحن نعبده.
أحدهما : سبقت بالحجج، قاله السدي.
الثاني : أنهم سينصرون. قال الحسن : لم يقتل من الرسل أصحاب الشرائع أحد قط.
أحدهما : بالحجج في الدنيا والعذاب في الآخرة، قاله السدي والكلبي.
الثاني : بالظفر إما بالإيمان أو بالانتقام، وهو معنى قول قتادة.
وفي نسخ هذه الآية قولان : أحدهما : أنها منسوخة، قاله قتادة. الثاني : أنها ثابتة.
الرابع : أعلمهم الآن فسوف يعلمونه بالعيان وهو معنى قول ثعلب.
مكية في قول جميعهم بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الصافات
سورةُ (الصَّافَّات) من السُّوَر المكِّية، افتُتِحت بإثبات وَحْدانية الله عزَّ وجلَّ، المتصفِ بكلِّ كمال، المُنزَّهِ عن كلِّ نقص، مُبدِعِ العوالِمِ السماوية، وقد تعرَّضتِ السورةُ لإثبات البعث والجزاء وقُدْرة الله تعالى من خلال ذِكْرِ قِصَص الكثير من الأنبياء، مختتمةً بنصرِ الله عزَّ وجلَّ لأوليائه بعد أن بيَّنتْ جزاءَ كلٍّ من الأبرار والكفار في الدَّارَينِ، و(الصَّافَّات) هم جموعُ الملائكة الذين يعبُدون اللهَ في صفوف.
ترتيبها المصحفي
37نوعها
مكيةألفاظها
865ترتيب نزولها
56العد المدني الأول
182العد المدني الأخير
182العد البصري
181العد الكوفي
182العد الشامي
182
* سورة (الصَّافَّات):
سُمِّيت سورةُ (الصَّافَّات) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بالقَسَمِ الإلهيِّ بهذا اللفظ، و(الصَّافَّات): هم جموعُ الملائكة الذين يعبُدون اللهَ في صفوف.
* كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورةَ (الصَّافَّات) في صلاة الفجر:
عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «إن كان رسولُ اللهِ ﷺ لَيؤُمُّنا في الفجرِ بـ: {اْلصَّٰٓفَّٰتِ}». أخرجه ابن حبان (١٨١٧).
اشتمَلتْ سورة (الصَّافَّات) على الموضوعات الآتية:
1. إعلان وَحْدانية الله تعالى (١-١٠).
2. إثبات المَعاد (١١-٢١).
3. مسؤولية المشركين في الآخرة (٢٢-٣٧).
4. جزاء الكافرين والمؤمنين (٣٨-٦١).
5. جزاء الظالمين، وألوان العذاب (٦٢-٧٤).
6. عبادُ الله المُخلَصِينَ {إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي اْلْمُحْسِنِينَ} (٧٥-١٤٨).
7. قصة نُوحٍ ودعاؤه (٧٥-٨٢).
8. قصة إبراهيمَ والذَّبح (٨٣-١١٣).
9. قصة موسى وهارون (١١٤-١٢٢).
10. قصة إلياسَ (١٢٣-١٣٢).
11. قصة لُوطٍ (١٣٣-١٣٨).
12. قصة يونُسَ (١٣٩-١٤٨).
13. مناقشة عقائدِ المشركين (١٤٩-١٧٠).
14. نصرُ جندِ الله تعالى (١٧١- ١٨٢).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /347).
جاءت سورةُ (الصَّافَّات) بإثبات وَحْدانية الله عزَّ وجلَّ، المستحِقِّ للعبادة، المُنزَّه عن كلِّ نقص، المتصِفِ بكلِّ كمال مطلق، المتفرِّدِ بصُنْعِ العوالِمِ السماوية وإبداعها، ويَلزم من هذا الكمال ردُّ العباد ليوم الفصل، وحسابُهم بالعدل.
ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /409)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (23 /81).