تفسير سورة الصافات

غريب القرآن لابن قتيبة

تفسير سورة سورة الصافات من كتاب غريب القرآن المعروف بـغريب القرآن لابن قتيبة.
لمؤلفه ابن قتيبة الدِّينَوري . المتوفي سنة 276 هـ

سورة الصافات
مكية كلها
٢-، ٣- قال ابن مسعود «١» : الصَّافَّاتِ صَفًّا، فَالزَّاجِراتِ زَجْراً، فَالتَّالِياتِ ذِكْراً- هم الملائكة.
٨- لا يَسَّمَّعُونَ أي لا يتسمعون. فأدغمت التاء في السين.
إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى: ملائكة الله.
٩- دُحُوراً يعني طردا. يقال: دحرته دحرا ودحورا، أي دفعته.
وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ أي دائم.
(١) هو عبد الله بن مسعود الهذلي وهو أحد القراء الأربعة ومن أهل السوابق في الإسلام ومن علماء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، هاجر الهجرتين وصلى القبلتين وشهد له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالجنة وسبب إسلامه
أنه مر عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو يرعى غنما لعقبة بن أبي معيط فأخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم منها شاة حائلا وصلبها فشرب وسقى أبا بكر، فقال له ابن مسعود: علمني من هذا القول: فمسح رأسه وقال: «إنك عليم معلم».
ومن كلامه رضي الله عنه: لا يسأل أحدكم عن نفسه إلّا القرآن، فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله وإن كان يبغض القرآن فهو يبغض الله، وقال رضي الله عنه، الذكر ينبت الإيمان في القلب كما ينبت البقل والغنى ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل، مات سنة إثنين وثلاثين عن نيف وستين سنة ودفن البقيع. (انظر شذرات الذهب ص ٣٩ ج ١).
١٠- فَأَتْبَعَهُ أي لحقه شِهابٌ ثاقِبٌ: كوكب مضيء بين.
يقال: أثقب نارك، أي أضئها. و «الثقوب» : ما تذكي به النار.
١١- فَاسْتَفْتِهِمْ أي سلهم.
مِنْ طِينٍ لازِبٍ أي لاصق لازم. والباء تبدل من الميم لقرب مخرجيهما.
١٢- بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ قال قتادة، «بل عجبت من وحي الله وكتابه، وهم يسخرون [بما جئت به] ».
١٤- وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ أي يسخرون. يقال: سخر واستسخر، كما يقال: قر واستقر. ومثله: عجب واستعجب. قال أوس بن حجر:
ومستعجب مما يرى من أناتنا ولو زبنته الحرب لم يترمرم
ويجوز أن يكون: يسألون غيرهم- من المشركين- أن يسخروا من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم. كما تقول: استعتبته: سألته العتبي.
واستوهبته: سألته الهبة. واستعفيته سألته العفو.
٢٢- احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ أي أشكالهم. تقول العرب: زوجت إبلي، إذا قرنت واحدا بآخر.
ويقال: قرناؤهم من الشياطين.
٢٨- كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ أي تخدعوننا وتفتنوننا عن طاعة الله. وقد بينت هذا في كتاب «المشكل».
٤٧- لا فِيها غَوْلٌ أي لا تغتال عقولهم، فتذهب بها. يقال:
«الخمر غول للحلم، والحرب غول للنفوس». وغالني غولا. و «الغول» البعد. وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ أي لا تذهب خمرهم وتنقطع، ولا تذهب
عقولهم. يقال: نزف الرجل، إذا ذهب عقله، وإذا نفد شرابه.
وتقرأ: يُنْزَفُونَ. من «أنزف الرجل» : إذا حان منه النزف، أو وقع النزف. كما يقال: أقطف الكرم، [إذا حان قطافه]، وأحصد الزرع [إذا حان حصاده].
٤٨- قاصِراتُ الطَّرْفِ أي قصرن أبصارهن على الأزواج ولم يطمعن إلى غيرهم، وأصل «القصر» : الحبس. عِينٌ نجل العيون، أي واسعاتها. جمع «عيناء».
٤٩- كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ العرب تشبه النساء ببيض النعام. قال امرؤ القيس:
كبكر المقانات البياض بصفرة غذاها نمير الماء غير محلل
و «المكنون» : المصون. يقال: كننت الشيء، إذا صنته، وأكننته أخفيته.
٥١- إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ أي صاحب.
٥٣- أَإِنَّا لَمَدِينُونَ أي مجزيون بأعمالنا. يقال: دنته بما صنع، أي جزيته.
٥٥- سَواءِ الْجَحِيمِ: وسطها.
٥٦- إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ أي لتهلكني. يقال: أرديت فلانا، أي أهلكته. و «الردي» : الموت والهلاك.
٥٧- لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ أي من المحضرين [في] النار.
٦٢- أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا؟ أي رزقا. ومنه «إقامة الأنزال».
و «إنزال الجنود». أرزاقها.
٦٣- إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ أي عذابا.
٦٥- طَلْعُها أي حملها. سمي طلعا لطلوعه في كل سنة.
٦٧- ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ أي خلطا من الماء الحار يشربونه عليها.
إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ أي: وجدوهم كذلك.
٧٠- فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ أي يسرعون و «الإهراع» :
الإسراع وفيه شبية بالرّعدة.
٧٨- وَتَرَكْنا عَلَيْهِ أي أبقينا عليه ذكرا حسنا فِي الْآخِرِينَ أي في الباقين من الأمم.
٨٨
و٨٩- فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ، فَقالَ: إِنِّي سَقِيمٌ مفسر في كتاب «تأويل المشكل».
٩٣- فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً أي مال عليهم يضربهم بِالْيَمِينِ و «الرواغ» منه.
٩٤- فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ أي: يسرعون إليه في المشي. يقال:
زفت النعامة.
٩٧- فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ أي في النار. و «الجحيم» : الجمر. قال عاصم بن ثابت:
وضالة مثل الجحيم الموقد أراد: سهاما مثل الجمر. ويقال: «رأيت جحمة النار» أي تلهبها، و «للنار جاحم» أي توقد وتلهب.
١٠٢- فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ أي بلغ أن ينصرف معه ويعينه، قالَ: يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ أي سأذبحك.
ولم يرد- فيما يرى أهل النظر- أنه ذبحه في المنام. ولكنه امر في المنام بذبحه فقال: إني أرى في المنام أني سأذبحك.
ومثل هذا: رجل رأى في المنام انه يؤذن- والأذان دليل الحج- فقال:
إني رأيت في المنام أني أحج، أي سأحج.
وقوله: يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ. دليل على أنه امر بذلك في المنام.
١٠٣- فَلَمَّا أَسْلَما أي استسلما لأمر الله. و «سلما» مثله وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ، أي صرعه على جبينه، فصار أحد جبينيه على الأرض. وهما جبينان والجبهة بينهما. وهي: ما أصاب الأرض في السجود.
وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ: قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا أي حققت الرؤيا أي صدقت الأمر في الرؤيا وعملت به.
١٠٦- إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ أي الاختبار العظيم.
١٠٧- وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ أي بكبش. والذبح: اسم ما ذبح.
والذبح بنصب الذال: مصدر ذبحت.
١٢٥- أَتَدْعُونَ بَعْلًا أي ربا. يقال: أنا بعل هذه الناقة، أي ربها. وبعل الدار، أي مالكها.
ويقال: بعل صنم كان لهم.
١٤٠- إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
أي السفينة المملوءة.
١٤١- فَساهَمَ
أي فقارع، فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
أي من المقروعين. يقال: أدحض الله حجته فدحضت، أي أزالها فزالت. وأصل الدحض: الزلق.
وقال ابن عيينة: فَساهَمَ
أي قامر. فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
أي المقمورين».
١٤٢- وَهُوَ مُلِيمٌ أي مذنب. يقال: ألام الرجل، إذا أذنب ذنبا يلام عليه.
١٤٣- فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ يقال: من المصلين.
١٤٥- فَنَبَذْناهُ ألقيناه بِالْعَراءِ وهي: الأرض التي لا يتواري فيها بشجر ولا غيره. وكأنه من عرى الشيء.
١٤٦- و (اليقطين) : الشجر الذي لا يقوم على ساق. مثل القرع والحنظل والبطيخ. وهو: يفعيل.
١٤٧- وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ أي ويزيدون. و «أو» معنى «الواو». على ما بينت في «تأويل المشكل».
١٤٩- فَاسْتَفْتِهِمْ أي سلهم.
١٥٦- أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ أي حجة بينة.
١٥٨-
و١٦٠- وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً يقول: جعلوا الملائكة بنات الله، وجعلوهم من الجن.
وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ يريد: الذين جعلوهم بنات الله، لَمُحْضَرُونَ النار. إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ.
١٦٢- ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ أي بمضلين.
١٦٣- إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ أي من قضي عليه أن يصلي الجحيم.
١٦٤- وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ هذا قول الملائكة.
١٦٦- وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ أي المصلون.
١٦٧- وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ يعني: اهل مكة.
١٧٠- فَكَفَرُوا بِهِ، بمحمد صلى الله عليه وعلى آله. أي كذبوا بأنه مبعوث.
سورة الصافات
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الصَّافَّات) من السُّوَر المكِّية، افتُتِحت بإثبات وَحْدانية الله عزَّ وجلَّ، المتصفِ بكلِّ كمال، المُنزَّهِ عن كلِّ نقص، مُبدِعِ العوالِمِ السماوية، وقد تعرَّضتِ السورةُ لإثبات البعث والجزاء وقُدْرة الله تعالى من خلال ذِكْرِ قِصَص الكثير من الأنبياء، مختتمةً بنصرِ الله عزَّ وجلَّ لأوليائه بعد أن بيَّنتْ جزاءَ كلٍّ من الأبرار والكفار في الدَّارَينِ، و(الصَّافَّات) هم جموعُ الملائكة الذين يعبُدون اللهَ في صفوف.

ترتيبها المصحفي
37
نوعها
مكية
ألفاظها
865
ترتيب نزولها
56
العد المدني الأول
182
العد المدني الأخير
182
العد البصري
181
العد الكوفي
182
العد الشامي
182

* سورة (الصَّافَّات):

سُمِّيت سورةُ (الصَّافَّات) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بالقَسَمِ الإلهيِّ بهذا اللفظ، و(الصَّافَّات): هم جموعُ الملائكة الذين يعبُدون اللهَ في صفوف.

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورةَ (الصَّافَّات) في صلاة الفجر:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «إن كان رسولُ اللهِ ﷺ لَيؤُمُّنا في الفجرِ بـ: {اْلصَّٰٓفَّٰتِ}». أخرجه ابن حبان (١٨١٧).

اشتمَلتْ سورة (الصَّافَّات) على الموضوعات الآتية:

1. إعلان وَحْدانية الله تعالى (١-١٠).

2. إثبات المَعاد (١١-٢١).

3. مسؤولية المشركين في الآخرة (٢٢-٣٧).

4. جزاء الكافرين والمؤمنين (٣٨-٦١).

5. جزاء الظالمين، وألوان العذاب (٦٢-٧٤).

6. عبادُ الله المُخلَصِينَ {إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي اْلْمُحْسِنِينَ} (٧٥-١٤٨).

7. قصة نُوحٍ ودعاؤه (٧٥-٨٢).

8. قصة إبراهيمَ والذَّبح (٨٣-١١٣).

9. قصة موسى وهارون (١١٤-١٢٢).

10. قصة إلياسَ (١٢٣-١٣٢).

11. قصة لُوطٍ (١٣٣-١٣٨).

12. قصة يونُسَ (١٣٩-١٤٨).

13. مناقشة عقائدِ المشركين (١٤٩-١٧٠).

14. نصرُ جندِ الله تعالى (١٧١- ١٨٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /347).

جاءت سورةُ (الصَّافَّات) بإثبات وَحْدانية الله عزَّ وجلَّ، المستحِقِّ للعبادة، المُنزَّه عن كلِّ نقص، المتصِفِ بكلِّ كمال مطلق، المتفرِّدِ بصُنْعِ العوالِمِ السماوية وإبداعها، ويَلزم من هذا الكمال ردُّ العباد ليوم الفصل، وحسابُهم بالعدل.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /409)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (23 /81).