تفسير سورة الصافات

الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه

تفسير سورة سورة الصافات من كتاب الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه
لمؤلفه مكي بن أبي طالب . المتوفي سنة 437 هـ

﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ قَالَ يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ ﴾

قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾، إلى تمام القصة فيالذبح:
هذه الآيةُ تدلُّ على جواز النسخ قبل فعل ما أمر به.
أمر الله إبراهيم - عليه السلام - بذبح ابنه، ثم نسخ ذلك وفداه بكبشٍقبل الذبح، ومثلُه فرضُ الصَّدَقة قبل مناجاة الرسول ثم نسخُ ذلك قبل فعلالمؤمنين لذلك. ومثلُه ما روي من فرض خمسين صلاة، ثم رُدَّت إلى خمسٍ قبل فعل الأول ومثلُه ما روي من فرض خمسين صلاة، ثم رُدَّت إلىخمسٍ قبل فعل الأول ومثلُه فرضُ ثبات الواحد من المسلمين لعشرةٍ من الكفار، ثم نسخت قبل فعله بثباتِ الواحدِ من المسلمين لاثنين من الكفار- وفيه اختلاف قد ذكر في الأنفال -.
وقال قوم: هذا كُلُّه ليس بنسخ لأنه كالبَدَاء.
قال أبو محمد: وهذا لا يجوز على الله - جلَّ ذكره - لأن البداءَظُهور رأيٍ لم يكن قبل ذلك الوقت، والله يتعالى عن ذلك لأنه عالم الغيوبقد عَلِمَ أَنه يأمرُ بهذه الأشياء ليختبرَ بها عبادَه (ويبلوَ طاعتَهُم)، وأنهيُخَفِّفُها ويَنْسَخُها قبل فِعلها تخفيفاً عنهم ورحمةً لهم لما في ذلك منصلاحِ عباده وإظهارِ قدرتِه، وتَفَضُّلِه على خلقه، فهو نسخٌ صحيحٌ غيرُبَداء.
ولو وقعَ مثلُ هذا من الآدميين لجازَ أن يكونَ (ذلك) بداءً، لو قالرجلٌ لغيره: قُمْ، ثم قال له: لا تَقُم، جاز أن يكون ذلك رأياً ظهرَ لَه بعد أمره الأول، وجاز أن يكون قد نوى ذلك قبل أَمرِه له، فلا يكون منهبَداء لِتَقَدُّم اعتقادِه لذلك، فإذا جاز أن يكونَ ذلكَ من المخلوقين غيرَ بداء، لأنه من صِفَةِ النَّقص، فاللهُ أَعظمُ وأَجلُّ من أن يلحقَه ذلك؛ إذ قد عَلِمَ ما يأمرُ به، وما يزيلُ من أمره وما (ينهى) عنه، وما يُقِرُّ الخلقَ عليه، وما ينقلُهم عنه قبل فعل الأول علماً متقدِّماً بلا نهاية.

سورة الصافات
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الصَّافَّات) من السُّوَر المكِّية، افتُتِحت بإثبات وَحْدانية الله عزَّ وجلَّ، المتصفِ بكلِّ كمال، المُنزَّهِ عن كلِّ نقص، مُبدِعِ العوالِمِ السماوية، وقد تعرَّضتِ السورةُ لإثبات البعث والجزاء وقُدْرة الله تعالى من خلال ذِكْرِ قِصَص الكثير من الأنبياء، مختتمةً بنصرِ الله عزَّ وجلَّ لأوليائه بعد أن بيَّنتْ جزاءَ كلٍّ من الأبرار والكفار في الدَّارَينِ، و(الصَّافَّات) هم جموعُ الملائكة الذين يعبُدون اللهَ في صفوف.

ترتيبها المصحفي
37
نوعها
مكية
ألفاظها
865
ترتيب نزولها
56
العد المدني الأول
182
العد المدني الأخير
182
العد البصري
181
العد الكوفي
182
العد الشامي
182

* سورة (الصَّافَّات):

سُمِّيت سورةُ (الصَّافَّات) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بالقَسَمِ الإلهيِّ بهذا اللفظ، و(الصَّافَّات): هم جموعُ الملائكة الذين يعبُدون اللهَ في صفوف.

* كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورةَ (الصَّافَّات) في صلاة الفجر:

عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: «إن كان رسولُ اللهِ ﷺ لَيؤُمُّنا في الفجرِ بـ: {اْلصَّٰٓفَّٰتِ}». أخرجه ابن حبان (١٨١٧).

اشتمَلتْ سورة (الصَّافَّات) على الموضوعات الآتية:

1. إعلان وَحْدانية الله تعالى (١-١٠).

2. إثبات المَعاد (١١-٢١).

3. مسؤولية المشركين في الآخرة (٢٢-٣٧).

4. جزاء الكافرين والمؤمنين (٣٨-٦١).

5. جزاء الظالمين، وألوان العذاب (٦٢-٧٤).

6. عبادُ الله المُخلَصِينَ {إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي اْلْمُحْسِنِينَ} (٧٥-١٤٨).

7. قصة نُوحٍ ودعاؤه (٧٥-٨٢).

8. قصة إبراهيمَ والذَّبح (٨٣-١١٣).

9. قصة موسى وهارون (١١٤-١٢٢).

10. قصة إلياسَ (١٢٣-١٣٢).

11. قصة لُوطٍ (١٣٣-١٣٨).

12. قصة يونُسَ (١٣٩-١٤٨).

13. مناقشة عقائدِ المشركين (١٤٩-١٧٠).

14. نصرُ جندِ الله تعالى (١٧١- ١٨٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (6 /347).

جاءت سورةُ (الصَّافَّات) بإثبات وَحْدانية الله عزَّ وجلَّ، المستحِقِّ للعبادة، المُنزَّه عن كلِّ نقص، المتصِفِ بكلِّ كمال مطلق، المتفرِّدِ بصُنْعِ العوالِمِ السماوية وإبداعها، ويَلزم من هذا الكمال ردُّ العباد ليوم الفصل، وحسابُهم بالعدل.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /409)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (23 /81).