تفسير سورة إبراهيم

تفسير النسائي

تفسير سورة سورة إبراهيم من كتاب تفسير النسائي
لمؤلفه النسائي . المتوفي سنة 303 هـ

٢٨٠- أنا محمد بن مُسلم، قال: حدثني إسماعيل بن عُبيد ابن أبي كريمة، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أٌنيسة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، عن أُبَي بن كعب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" قام موسى يوما في قومه فذكرهم بأيَّام الله، وأيَّام الله نَعْمَاؤه ".
قوله تعالى: ﴿ وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ ﴾ [١٦-١٧]٢٨٣- أنا سويد بن نصر، أنا عبد الله، عن صفوان بن عمر عن عبيد الله بن يُسر، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ﴿ وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ ﴾ قال:" يُقرَّب إليه فيتكرهه، فإذا أدنى منه شُويَ وجْهه ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطَّع أمعاءه، حتى يخرج من دُبره، يقول الله تعالى: ﴿ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ ﴾ [محمد: ١٥] ويقول الله تعالى: ﴿ وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ ﴾ [الكهف: ٢٩] ".
قوله تعالى: ﴿ كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ ﴾ [٢٤]٢٨١- أنا علي بن حُجر، أنا إسماعيل، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عُمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" " إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المؤمن، فحدِّثوني ما هي؟ ". قال عبد الله: فوقع الناس في شجر البوادي، ووقع في نفسي أنَّها النَّخلة فاستحييت. فقالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: " هي النَّخلة " ". ٢٨٢- أنا إسحاق بن إبراهيم، أنا النضر بن شُميل، نا حماد ابن سلمة، عن شُعيب بن الحُبَاب، عن أنس بن مالك؛ قال:" أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بِقناع من بُسْر، فقرأ ﴿ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ ﴾ قال: " هي النَّخلة " ".
قوله تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ ﴾ [٢٧]٢٨٤- أنا محمد بن بشار، نا محمد، نا شعبة، عن علقمة بن مَرثد، عن سعد بن عُبيدة، عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ﴿ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾ قال:" نزلت في عذاب القبر؛ يُقال له: من ربُّك؟ فيقول: ربيَّ الله. ودين محمد صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله: ﴿ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾ ". ٢٨٥- أنا القاسم بن زكريا بن دينار، نا يحيى بن أبي بُكَير [نا] شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: ﴿ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾ قال: المخاطبة في القبر: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ﴿ وَفِي ٱلآخِرَةِ ﴾ مثل ذلك. ٢٨٦- أنا إسحاق بن منصور، أنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبيه، عن خَيثمة، عن البراء بن عازب ﴿ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾ قال: نزلت في عذاب القبر.
قوله تعالى: ﴿ وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ ﴾ [٢٨]٢٨٧- أنا محمد بن بشار، نا محمد، نا شعبة، عن القاسم ابن أبي بزَّة، عن أبي الطُّفيل، سمع عليا رضي الله عنه وسأله ابنُ الكَوَّاء عن هذه الآية: - ﴿ ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا ﴾ قال: هم كفار قريش يوم بدر. ٢٨٨- أنا قتيبة بن سعيد، عن سفيان عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس في قوله تعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ ﴾ قال: هم أهل مكة. قال سفيان: يعني كُفارهم. ٢٨٩- أنا يونس بن عبد الأعلى، نا ابن وهب، أخبرني عمرو ابن الحارث، أن بكر بن سوادة، حدثه عن عبد الرحمن بن / جُبير، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي،" أن النبي صلى الله عليه وسلم، تلا قول الله تعالى في إبراهيم ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ ﴾ الآية [إبراهيم: ٣٦].
وقال عيسى ﴿ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: ١١٨] فرفع يديه، فقال: " اللهم أمَّتي أمَّتي " وبكى صلى الله عليه وسلم، " فقال الله: يا جبريل، اذهب إلى محمد صلى الله عليه وسلم - وربُّك أعلم - فاسأله ما يُبكيه، فأتاه جبريل، فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال - وهو أعلم - فقال الله: يا جبريل، اذهب إلى محمد فقل له: إنَّا سنُرضيك في أمتك، ولا نَسُوؤك " ". ٢٩٠- أنا سويد بن نصر، أنا عبد الله، عن مَعمر، عن الزُّهري، قال أخبرني سالم بن عبد الله، عن أبيه،" أن النبي صلى الله عليه وسلم، لمَّا مرَّ بالحِجْر، قال: " لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، إلاَّ أن تكونوا باكين؛ أن يُصيبكم مثل ما أصابهم " وتقنَّع برِدائه وهو على الرَّحل ".
سورة إبراهيم
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (إبراهيمَ) مِن السُّوَر المكية، وجاءت هذه السورةُ الكريمة على ذِكْرِ مسائل الاعتقاد، والتوحيد، وآياتِ الله عز وجل في هذا الكونِ، كما دعَتْ إلى اتباع الدِّين الخالص: {مِلَّةَ ‌إِبْرَٰهِيمَ ‌حَنِيفٗاۖ}، وقد سُمِّيتْ باسمه عليه السلام، ودعت إلى اتباع الطريق الحقِّ التي دعا إليها كلُّ الأنبياء، كما أورَدتْ ذِكْرَ الجنة والنار، وحال كلٍّ من الفريقين؛ ترغيبًا في الاتباع والطاعة، وترهيبًا عن المعصية والمخالفة، واحتوت على ذِكْرِ عظمة الله في هذا الكونِ الفسيح؛ تثبيتًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومَن والاه.

ترتيبها المصحفي
14
نوعها
مكية
ألفاظها
831
ترتيب نزولها
72
العد المدني الأول
54
العد المدني الأخير
54
العد البصري
51
العد الكوفي
52
العد الشامي
55

* قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاْلْقَوْلِ اْلثَّابِتِ فِي اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَا وَفِي اْلْأٓخِرَةِۖ} [إبراهيم: 27]:

عن البَراءِ بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «نزَلتْ في عذابِ القَبْرِ، فيقال له: مَن رَبُّك؟ فيقول: رَبِّي اللهُ، ونَبيِّي محمَّدٌ ﷺ؛ فذلك قولُهُ عز وجل: {يُثَبِّتُ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاْلْقَوْلِ اْلثَّابِتِ فِي اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَا وَفِي اْلْأٓخِرَةِۖ} [إبراهيم: 27]». أخرجه مسلم (٢٨٧١).

* سورة (إبراهيمَ):

سُمِّيتْ سورة (إبراهيمَ) بذلك؛ لأنها تحدَّثتْ - بشكل رئيسٍ - عن سيدنا (إبراهيمَ) عليه السلام، وعَلاقةِ ذلك بالتوحيد.

جاءت موضوعاتُ سورة (إبراهيم) على النحوِ الآتي:

1. منزلة القرآن الكريم، وحُجِّيته على الناس جميعًا (١-٤).

2. دعوة الرُّسل في الإخراج من الظُّلمات إلى النور (٥-٨).

3. استفتاح الرسل بالنصر على أعدائهم (للدعاة) (٩-١٨).

4. نعيم أهل الجنة، وعذاب أهل النار (١٩- ٣١).

5. عظمة الله في الكون، ونِعَمُه على خَلْقه (٣٢- ٣٤).

6. نبأ إبراهيم عليه السلام في دعوته (٣٥- ٤١).

7. صُوَر من مشاهدِ يوم القيامة (٤٢-٥٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /1).

مقصودُ سورة (إبراهيمَ) هو التوحيدُ، وبيانُ أن هذا الكتابَ غايةُ البلاغ إلى الله؛ لأنه كافل ببيان الصراط الدالِّ عليه، المؤدي إليه، وأدلُّ ما فيها على هذا المَرامِ: قصةُ (إبراهيم) عليه السلام.

أما أمرُ التوحيد في قصة (إبراهيم) عليه السلام: فواضحٌ في آيات كثيرة من القرآن، والتوحيدُ هو ملَّةُ (إبراهيمَ) عليه السلام، التي حكَم اللهُ تعالى على مَن رَغِب عنها بقوله: {وَمَن ‌يَرْغَبُ ‌عَن مِّلَّةِ إِبْرَٰهِـۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُۥۚ} [البقرة: 130]. وقال الله تعالى في هذه السُّورةِ مبينًا حِرْصَ (إبراهيمَ) عليه السلام على التوحيد: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ رَبِّ اْجْعَلْ هَٰذَا اْلْبَلَدَ ءَامِنٗا وَاْجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ اْلْأَصْنَامَ (35) ​رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرٗا مِّنَ اْلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ (36)} [إبراهيم: 35-36].

وأما أمرُ الكتاب: فلأنه من جملةِ دعائه لذريتِه الذين أسكَنهم عند البيت المُحرَّم؛ ذريةِ (إسماعيلَ) عليه السلام: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ}[سورة البقرة: 129].

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السُّور" للبقاعي (2 /198).