تفسير سورة إبراهيم

كتاب نزهة القلوب

تفسير سورة سورة إبراهيم من كتاب كتاب نزهة القلوب
لمؤلفه أبى بكر السجستاني .

﴿ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلآخِرَةِ ﴾ أي يختارونها على الآخرة.
﴿ رَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَٰهِهِمْ ﴾ أي عضوا أناملهم حنقا وغيظا بما أتاهم به الرسل. كقوله عز وجل:﴿ وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ ﴾[آل عمران: ١١٩] وقيل: ردوا أيديهم في أفواههم: أومأوا إلى الرسل أن اسكتوا.
﴿ سُلْطَانٍ ﴾ أي ملكة وقدرة، وحجة أيضا.
﴿ عَنِيدٍ ﴾ وعنود وعاند ومعاند: واحد، ومعناه: معارض لك بالخلاف عليك. والعاند: الجائر العادل عن الحق، يقال عرق عنود، وطعنة عنود، إذا خرج الدم منها على جانب.
﴿ صَدِيدٍ ﴾: قيح ودم.
﴿ يُسِيغُهُ ﴾: يجيزه.
﴿ بِمُصْرِخِكُمْ ﴾ أي مغيثكم.
﴿ ٱجْتُثَّتْ ﴾: معناه استؤصلت.
(بوار): أي هلاك.
﴿ خِلاَلٌ ﴾ مخالة: أي مصادقة.
﴿ سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ ﴾ أي ذلل لكم السفن.
﴿ ٱجْنُبْنِي ﴾ وجنبني بمعنى واحد.(أصنام) جمع صنم، والصنم ما كان مصورا من حجر أو صفر أو نحو ذلك، والوثن: ما كان من غير صورة.
﴿ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ ﴾: أي تقصدهم وتهوي إليهم: تحبهم وتهواهم.
﴿ مُهْطِعِينَ ﴾ أي مسرعين في خوف، وقيل إسراع. وفي التفسير﴿ مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ ﴾[القمر: ٨] أي ناظرين قد رفعوا رءوسهم إلى الداعي ﴿ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ ﴾ أي رافعي رءوسهم. يقال: أقنع رأسه إذا نصبه لا يلتفت يمينا ولا شمالا وجعل طرفه موازيا لما بين يديه. وكذلك الإقناع في الصلاة. ﴿ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ ﴾ قيل: جوف لا عقول لها. وقيل: منخرقة لا تعي شيئا.
(أصفاد) أغلال واحدها صفد.
﴿ سَرَابِيلُهُم ﴾: أي قمصهم ﴿ قَطِرَانٍ ﴾ هو الذي تطلى به الإبل. ومعنى ﴿ سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ ﴾ أي جعل لهم القطران لباسا ليزيد في حر النار عليهم، فيكون ما يتوقى به العذاب عذابا. ويقرأ من قطران أي من نحاس قد بلغ منتهى حره.
سورة إبراهيم
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (إبراهيمَ) مِن السُّوَر المكية، وجاءت هذه السورةُ الكريمة على ذِكْرِ مسائل الاعتقاد، والتوحيد، وآياتِ الله عز وجل في هذا الكونِ، كما دعَتْ إلى اتباع الدِّين الخالص: {مِلَّةَ ‌إِبْرَٰهِيمَ ‌حَنِيفٗاۖ}، وقد سُمِّيتْ باسمه عليه السلام، ودعت إلى اتباع الطريق الحقِّ التي دعا إليها كلُّ الأنبياء، كما أورَدتْ ذِكْرَ الجنة والنار، وحال كلٍّ من الفريقين؛ ترغيبًا في الاتباع والطاعة، وترهيبًا عن المعصية والمخالفة، واحتوت على ذِكْرِ عظمة الله في هذا الكونِ الفسيح؛ تثبيتًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومَن والاه.

ترتيبها المصحفي
14
نوعها
مكية
ألفاظها
831
ترتيب نزولها
72
العد المدني الأول
54
العد المدني الأخير
54
العد البصري
51
العد الكوفي
52
العد الشامي
55

* قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاْلْقَوْلِ اْلثَّابِتِ فِي اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَا وَفِي اْلْأٓخِرَةِۖ} [إبراهيم: 27]:

عن البَراءِ بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «نزَلتْ في عذابِ القَبْرِ، فيقال له: مَن رَبُّك؟ فيقول: رَبِّي اللهُ، ونَبيِّي محمَّدٌ ﷺ؛ فذلك قولُهُ عز وجل: {يُثَبِّتُ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاْلْقَوْلِ اْلثَّابِتِ فِي اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَا وَفِي اْلْأٓخِرَةِۖ} [إبراهيم: 27]». أخرجه مسلم (٢٨٧١).

* سورة (إبراهيمَ):

سُمِّيتْ سورة (إبراهيمَ) بذلك؛ لأنها تحدَّثتْ - بشكل رئيسٍ - عن سيدنا (إبراهيمَ) عليه السلام، وعَلاقةِ ذلك بالتوحيد.

جاءت موضوعاتُ سورة (إبراهيم) على النحوِ الآتي:

1. منزلة القرآن الكريم، وحُجِّيته على الناس جميعًا (١-٤).

2. دعوة الرُّسل في الإخراج من الظُّلمات إلى النور (٥-٨).

3. استفتاح الرسل بالنصر على أعدائهم (للدعاة) (٩-١٨).

4. نعيم أهل الجنة، وعذاب أهل النار (١٩- ٣١).

5. عظمة الله في الكون، ونِعَمُه على خَلْقه (٣٢- ٣٤).

6. نبأ إبراهيم عليه السلام في دعوته (٣٥- ٤١).

7. صُوَر من مشاهدِ يوم القيامة (٤٢-٥٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /1).

مقصودُ سورة (إبراهيمَ) هو التوحيدُ، وبيانُ أن هذا الكتابَ غايةُ البلاغ إلى الله؛ لأنه كافل ببيان الصراط الدالِّ عليه، المؤدي إليه، وأدلُّ ما فيها على هذا المَرامِ: قصةُ (إبراهيم) عليه السلام.

أما أمرُ التوحيد في قصة (إبراهيم) عليه السلام: فواضحٌ في آيات كثيرة من القرآن، والتوحيدُ هو ملَّةُ (إبراهيمَ) عليه السلام، التي حكَم اللهُ تعالى على مَن رَغِب عنها بقوله: {وَمَن ‌يَرْغَبُ ‌عَن مِّلَّةِ إِبْرَٰهِـۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُۥۚ} [البقرة: 130]. وقال الله تعالى في هذه السُّورةِ مبينًا حِرْصَ (إبراهيمَ) عليه السلام على التوحيد: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ رَبِّ اْجْعَلْ هَٰذَا اْلْبَلَدَ ءَامِنٗا وَاْجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ اْلْأَصْنَامَ (35) ​رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرٗا مِّنَ اْلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ (36)} [إبراهيم: 35-36].

وأما أمرُ الكتاب: فلأنه من جملةِ دعائه لذريتِه الذين أسكَنهم عند البيت المُحرَّم؛ ذريةِ (إسماعيلَ) عليه السلام: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ}[سورة البقرة: 129].

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السُّور" للبقاعي (2 /198).