تفسير سورة الحجر

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن

تفسير سورة سورة الحجر من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ وقالوا يا أيها الذي نُزّل عليه الذكر إنك لمجنون ﴾ [ الحجر : ٦ ].
إن قلتَ : كيف وصفوه بالجنون، مع قولهم :﴿ نُزّل عليه الذكر ﴾ أي القرآن، المستلزم ذلك لاعترافهم بنبوّته ؟   !
قلتُ : إنما قالو ذلك ( استهزاء وسخرية )، لا اعترافا، كما قال فرعون لقومه :﴿ إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ﴾ [ الشعراء : ٢٧ ].
أو فيه حذف : أي يا أيها الذي تدّعي أنك نزل عليك الذّكر.
قوله تعالى :﴿ وإنا لنحن نحي ونميت ونحن الوارثون ﴾ [ الشعراء : ٢٣ ].
إن قلتَ : كيف قال ذلك، والوارث من يتجدّد له الملك، بعد فناء المورِّث، والله تعالى لم يتجدّد له ملك، لأنه لم يزل مالكا للعالم ؟   !
قلتَ : الوارث لغة هو الباقي بعد فناء غيره، وإن لم يتجدّد له ملك، فمعنى الآية : ونحن الباقون بعد فناء الخلائق، أو إنّ الخلائق لما كانوا يعتقدون أنهم مالكون، ويسمون بذلك أيضا مجازا ثم ماتوا، خلُصت الأملاك كلّها لله تعالى، عن ذلك التعلق، فبهذا الاعتبار سُمّي ( وارثا ).
ونظير ذلك قوله تعالى :﴿ لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ﴾ [ غافر : ١٦ ]، والملك له أزليّ وأبديّ.
قوله تعالى :﴿ وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين ﴾ [ الحجر : ٣٥ ].
قال ذلك هنا بتعريف الجنس، ليناسب ما قبله من التعبير بالجنس، في قوله تعالى ﴿ ولقد خلقنا الإنسان ﴾ [ الحجر : ٢٦ ] ﴿ والجان خلقناه ﴾ [ الحجر : ٢٧ ] ﴿ فسجد الملائكة ﴾ [ الحجر : ٣٠ ].
وقال في ( ص ) :﴿ وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين ﴾ [ ص : ٧٨ ]. بالإضافة، ليناسب ما قبله من قوله :﴿ ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ ﴾ ؟ [ ص : ٧٥ ].
قوله تعالى :﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غلّ إخوانا على سرر متقابلين ﴾ [ الحجر : ٤٧ ].
قاله هنا بزيادة " إخوانا " لأنه نزل في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقاله في غير هذه السورة( ١ ) بدونهم، لأنه نزل في عامّة المؤمنين.
١ - كما في قوله تعالى: ﴿ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار﴾ آية (٤٣)..
قوله تعالى :﴿ إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون ﴾ [ الحجر : ٥٢ ].
حذف منه قبل " قال " اختصاراً، قوله في هود ﴿ قال سلام ﴾ وفي هود( ١ ) ﴿ قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة ﴾ [ هود : ٦٩، ٧٠ ] فحُذف للدلالة عليه.
١ - في مخطوطة الجامعة وكذلك في المصوّرة بعض غموض في العبارة، وما أثبتناه أوضح، وهي عبارة الكرماني ويقتضيها السياق..
قوله تعالى :﴿ قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم ﴾ [ الحجر : ٥٣ ].
" لا توجل " أي لا تخف، وبه عبّر في هود( ١ ) توسعة في التعبير عن الشيء الواحد بمتساويين، وخصّ ما هنا بالأول موافقته قوله :﴿ إنا منكم وجلون ﴾ [ الحجر : ٥٢ ] وما في هود بالثاني لموافقته قولَه : " خيفة ".
١ - في هود: ﴿فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط﴾ آية (٧٠)..
قوله تعالى :﴿ إلا امرأته قدّرنا إنها لمن الغابرين ﴾ [ الحجر : ٦٠ ].
إسناد التقدير إلى الملائكة مجاز، إذ المقدّر حقيقة هو الله تعالى، وهذا كما يقول خواصّ الملك : دبّرنا كذا، وأمرنا بكذا، والمدبّر، والآمر هو الملك، وفي ذلك إظهار لمزيد قربهم بالملك.
قوله تعالى :﴿ إن في ذلك لآيات للمتوسّمين وإنها لبسبيل مقيم إن في ذلك لآية للمؤمنين ﴾ [ الحجر : ٧٥-٧٧ ].
إن قلتَ : كيف جمع الآية أولا، ووحّدها ثانيا، والقصة واحدة ؟   !
قلت : جمع أولا باعتبار تعدّد ما قصّ من حديث لوط، وضيف إبراهيم، وتعرّض أهل لوط لهم، وما كان من إهلاكهم، وقلب المدينة على من فيها، وإمطار الحجارة على من غاب عنها.
ووحّد( ١ ) ثانيا : باعتبار وحدة قرية قوم لوط، المشار إليها بقوله :﴿ وإنها لبسبيل مقيم ﴾.
١ - في المصوّرة ووجدها ثانيا، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه كما في مخطوطة الجامعة..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧٥:قوله تعالى :﴿ إن في ذلك لآيات للمتوسّمين وإنها لبسبيل مقيم إن في ذلك لآية للمؤمنين ﴾ [ الحجر : ٧٥-٧٧ ].
إن قلتَ : كيف جمع الآية أولا، ووحّدها ثانيا، والقصة واحدة ؟   !
قلت : جمع أولا باعتبار تعدّد ما قصّ من حديث لوط، وضيف إبراهيم، وتعرّض أهل لوط لهم، وما كان من إهلاكهم، وقلب المدينة على من فيها، وإمطار الحجارة على من غاب عنها.
ووحّد( ١ ) ثانيا : باعتبار وحدة قرية قوم لوط، المشار إليها بقوله :﴿ وإنها لبسبيل مقيم ﴾.
١ - في المصوّرة ووجدها ثانيا، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه كما في مخطوطة الجامعة..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧٥:قوله تعالى :﴿ إن في ذلك لآيات للمتوسّمين وإنها لبسبيل مقيم إن في ذلك لآية للمؤمنين ﴾ [ الحجر : ٧٥-٧٧ ].
إن قلتَ : كيف جمع الآية أولا، ووحّدها ثانيا، والقصة واحدة ؟   !
قلت : جمع أولا باعتبار تعدّد ما قصّ من حديث لوط، وضيف إبراهيم، وتعرّض أهل لوط لهم، وما كان من إهلاكهم، وقلب المدينة على من فيها، وإمطار الحجارة على من غاب عنها.
ووحّد( ١ ) ثانيا : باعتبار وحدة قرية قوم لوط، المشار إليها بقوله :﴿ وإنها لبسبيل مقيم ﴾.
١ - في المصوّرة ووجدها ثانيا، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه كما في مخطوطة الجامعة..

قوله تعالى :﴿ ولقد كذّب أصحاب الحجر المرسلين ﴾ [ الحجر : ٨٠ ].
" الحجر " اسم واديهم أو مدينتهم.
فإن قلتَ : أصحابُه وهم قوم صالح، إنما كذّبوا صالحا، لأنه المرسل إليهم، لا المرسلين كلّهم ؟   !
قلتُ : من كذّب رسولا واحدا، كذّب جميع الرسل، لاتفاقهم في دعوة الناس إلى توحيد الله تعالى.
قوله تعالى :﴿ فوربّك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ﴾ الحجر : ٩٢، ٩٣ ].
إن قلتَ : كيف قال ذلك هنا، وقال في الرحمن :﴿ فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان ﴾ ؟ [ الرحمن : ٣٩ ].
قلتُ : لأن في يوم القيامة مواقف، ففي بعضها يُسألون، وتقدّم نظيره في هود.
أو لأن المراد هنا أنهم يُسألون سؤال توبيخ، وهو : لم فعلتم، أو نحوه ؟ وثم لا يُسألون سؤال استعلام واستخبار.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٩٢:قوله تعالى :﴿ فوربّك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ﴾ الحجر : ٩٢، ٩٣ ].
إن قلتَ : كيف قال ذلك هنا، وقال في الرحمن :﴿ فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان ﴾ ؟ [ الرحمن : ٣٩ ].
قلتُ : لأن في يوم القيامة مواقف، ففي بعضها يُسألون، وتقدّم نظيره في هود.
أو لأن المراد هنا أنهم يُسألون سؤال توبيخ، وهو : لم فعلتم، أو نحوه ؟ وثم لا يُسألون سؤال استعلام واستخبار.

سورة الحجر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الحِجْرِ) مِن السُّوَر المكية، وقد سعَتْ هذه السورةُ إلى إقامةِ الحُجَّة على الكافرين في سنَّةِ الله في إرسال الرُّسُل، الذين أوضَحوا طريق الحقِّ والهداية ودعَوْا إليه، وبيَّنُوا طريقَ الغَوايةِ وحذَّروا منه، وجاءت هذه السورةُ بأمرٍ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم بالاستمرار في طريق الدعوة، والدَّلالة على الله عز وجل؛ فالله ناصرُه وكافيه: {فَاْصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94].

ترتيبها المصحفي
15
نوعها
مكية
ألفاظها
658
ترتيب نزولها
54
العد المدني الأول
99
العد المدني الأخير
99
العد البصري
99
العد الكوفي
99
العد الشامي
99

سورةُ (الحِجْرِ):

سُمِّيتْ سورةُ (الحِجْرِ) بذلك؛ لذِكْرِ (الحِجْرِ) فيها، ولم يُذكَرْ في أيِّ سورة أخرى.

جاءت موضوعاتُ السورة على النحو الآتي:

1. سُنَّة الله تعالى في إرسال الرسل (١-١٥).

2. إقامة الحُجة على الكافرين (١٦- ٢٥).

3. بيان أصل الغَواية والهِداية (٢٦- ٤٨).

4. مَصارِعُ الغابرين (٤٩-٨٤).

5. الخطاب للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالمُضيِّ في أمرِ الدعوة (٨٥- ٩٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /93).

مِن مقاصدِ السورة: وصفُ الكتاب بأنه في الذِّروة من الجمعِ للمعاني، الموضِّحةِ للحق من غير اختلافٍ أصلًا، وأقرَبُ ما فيها وأمثَلُه وأشبَهُه بهذا المعنى: قصةُ أصحاب (الحِجْرِ).

وكذا مِن مقاصدها: تثبيتُ الرسول صلى الله عليه وسلم، وانتظارُ ساعة النَّصر، وأن يَصفَحَ عن الذين يؤذونه، ويَكِلَ أمرهم إلى الله، ويشتغِلَ بالمؤمنين، وأن اللهَ كافِيهِ أعداءَه.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /20) ، "التَّحرير والتنوير" لابن عاشور (14 /7).