تفسير سورة الحجر

أحكام القرآن

تفسير سورة سورة الحجر من كتاب أحكام القرآن
لمؤلفه البيهقي . المتوفي سنة 458 هـ

«قَالَ: وَأَعْلَمَهُ: مَنْ عَلِمَ «١» مِنْهُمْ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِهِ فَقَالَ: (وَقالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ، حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ: مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً) إلَى قَوْلِهِ: (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا: ١٧- ٩٠- ٩٣).»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) : وَأَنْزَلَ إلَيْهِ «٢» (عَزَّ وَجَلَّ) - فِيمَا يُثَبِّتُهُ بِهِ: إذَا «٣» ضَاقَ مِنْ أَذَاهُمْ.-: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ: أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ، وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ: ١٥- ٩٧- ٩٩).»
«فَفَرَضَ عَلَيْهِ: إبْلَاغَهُمْ، وَعِبَادَتَهُ «٤». وَلَمْ يَفْرِضْ عَلَيْهِ قِتَالَهُمْ وَأَبَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ آيَةٍ: مِنْ كِتَابِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ: بِعُزْلَتِهِمْ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: (قُلْ: يَا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ: ١٠٩- ١- ٢) وَقَوْلَهُ:
(فَإِنْ تَوَلَّوْا: فَإِنَّما عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ، وَعَلَيْكُمْ [مَا حُمِّلْتُمْ] وَإِنْ «٥» تُطِيعُوهُ: تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ: ٢٤- ٥٤) وَقَوْلَهُ: (مَا «٦» عَلَى)
(١) فى الْأُم: «علمه» وَلَا فرق فى الْمَعْنى.
(٢) هَذَا غير مَوْجُود بِالْأُمِّ.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «إِذْ» وَلَعَلَّ النَّقْص من النَّاسِخ.
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «وعبادتهم» وَهُوَ تَحْرِيف خطير.
(٥) فى الْأُم: «قَرَأَ الرّبيع الْآيَة».
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ وَهُوَ الصَّوَاب. وفى الأَصْل: «وَمَا» وَالْوَاو مَكْتُوبَة بمداد مُخْتَلف: مِمَّا يدل على أَنه من تصرف النَّاسِخ: ظنا مِنْهُ أَنه أُرِيد تكْرَار الْآيَة السَّابِقَة.
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَكَانَ بَيِّنًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) - إذَا كَانَ مِنْ الصَّلَاةِ نَافِلَةٌ وَفَرْضٌ، وَكَانَ الْفَرْضُ مِنْهَا مُؤَقَّتًا- أَنْ لَا تَجْزِي عَنْهُ صَلَاةٌ، إلَّا بِأَنْ يَنْوِيَهَا مُصَلِّيًا «١» ».
وَبِهَذَا «٢» الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ «٣» ] : ١٦- ٩٨). قَالَ الشَّافِعِيُّ:
وَأُحِبُّ أَنْ يَقُولَ- حِينَ يَفْتَتِحُ [قَبْلَ أُمِّ «٤» ] الْقُرْآنِ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَأَيُّ كَلَامٍ اسْتَعَاذَ بِهِ، أَجْزَأَهُ».
وَقَالَ فِي الْإِمْلَاءِ- بِهَذَا الْإِسْنَاد: «ثمَّ يبتدىء، فَيَتَعَوَّذُ، وَيَقُولُ:
أَعُوذُ بِالسَّمِيعِ الْعَلِيمِ أَوْ يَقُولُ: أَعُوذ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ [مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ «٥»
) أَوْ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ أَنْ يَحْضُرُونِ. لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ».
قَالَ الشَّافِعِيُّ- فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ: «قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (وَلَقَدْ)
(١) هَذِه عبارَة الْأُم [ج ١ ص ٨٦]، وفى الأَصْل: «لَا يجزى عَنهُ أَن يصلى صَلَاة إِلَّا بِأَن ينويها مصليها». وَعبارَة الْأُم أسلم وأوضح.
(٢) بِالْأَصْلِ «فَلهَذَا»، وَهُوَ خطأ وَاضح.
(٣) زِيَادَة عَن الْأُم [ج ١ ص ٩٢- ٩٣].
(٤) زِيَادَة مَقْصُودَة قطعا.
(٥) زِيَادَة مَقْصُودَة قطعا.
62
(آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ: ١٥- ٨٧). وَهِيَ: أُمُّ الْقُرْآنِ:
أَوَّلُهَا: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ».
أَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ- فِي آخَرِينَ- قَالُوا: أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ ابْن يَعْقُوبَ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبِي [عَنْ «١» ] سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ [فِي قَوْلِهِ «٢» ] :(وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)، [قَالَ] :«هِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ». قَالَ أَبِي:
«وَقَرَأَهَا عَلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، حَتَّى خَتَمَهَا، ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الْآيَةُ السَّابِعَةُ. قَالَ سَعِيدٌ: وَقَرَأَهَا علىّ ابْن عَبَّاس، كَمَا قَرَأْتُهَا عَلَيْكَ، ثُمَّ قَالَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الْآيَةُ السَّابِعَةُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَذَخَرَهَا [اللَّهُ «٣» ] لَكُمْ، فَمَا أَخْرَجَهَا لِأَحَدٍ قَبْلَكُمْ».
قَالَ الشَّافِعِيُّ- فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ: «وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَفْعَلُهُ (يَعْنِي «٤» :
يفْتَتح الْقِرَاءَة بِبسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.)، وَيَقُولُ: انْتَزَعَ الشَّيْطَانُ مِنْهُمْ خَيْرَ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ. وَكَانَ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَا يَعْرِفُ خَتْمَ السُّورَةِ، حَتَّى تَنْزِلَ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ).».
(١) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا، عَن [ج ١ ص ٩٣] ومسند الشَّافِعِي بِهَامِش الْأُم.
ص ٥٣- ٥٤]
(٢) الزِّيَادَة للايضاح.
(٣) زِيَادَة للايضاح، عَن السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى [ج ٢ ص ٤٤].
(٤) الظَّاهِر: أَن هَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله.
63
سورة الحجر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الحِجْرِ) مِن السُّوَر المكية، وقد سعَتْ هذه السورةُ إلى إقامةِ الحُجَّة على الكافرين في سنَّةِ الله في إرسال الرُّسُل، الذين أوضَحوا طريق الحقِّ والهداية ودعَوْا إليه، وبيَّنُوا طريقَ الغَوايةِ وحذَّروا منه، وجاءت هذه السورةُ بأمرٍ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم بالاستمرار في طريق الدعوة، والدَّلالة على الله عز وجل؛ فالله ناصرُه وكافيه: {فَاْصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94].

ترتيبها المصحفي
15
نوعها
مكية
ألفاظها
658
ترتيب نزولها
54
العد المدني الأول
99
العد المدني الأخير
99
العد البصري
99
العد الكوفي
99
العد الشامي
99

سورةُ (الحِجْرِ):

سُمِّيتْ سورةُ (الحِجْرِ) بذلك؛ لذِكْرِ (الحِجْرِ) فيها، ولم يُذكَرْ في أيِّ سورة أخرى.

جاءت موضوعاتُ السورة على النحو الآتي:

1. سُنَّة الله تعالى في إرسال الرسل (١-١٥).

2. إقامة الحُجة على الكافرين (١٦- ٢٥).

3. بيان أصل الغَواية والهِداية (٢٦- ٤٨).

4. مَصارِعُ الغابرين (٤٩-٨٤).

5. الخطاب للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالمُضيِّ في أمرِ الدعوة (٨٥- ٩٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /93).

مِن مقاصدِ السورة: وصفُ الكتاب بأنه في الذِّروة من الجمعِ للمعاني، الموضِّحةِ للحق من غير اختلافٍ أصلًا، وأقرَبُ ما فيها وأمثَلُه وأشبَهُه بهذا المعنى: قصةُ أصحاب (الحِجْرِ).

وكذا مِن مقاصدها: تثبيتُ الرسول صلى الله عليه وسلم، وانتظارُ ساعة النَّصر، وأن يَصفَحَ عن الذين يؤذونه، ويَكِلَ أمرهم إلى الله، ويشتغِلَ بالمؤمنين، وأن اللهَ كافِيهِ أعداءَه.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /20) ، "التَّحرير والتنوير" لابن عاشور (14 /7).