تفسير سورة الحجر

أسباب نزول القرآن - الواحدي

تفسير سورة سورة الحجر من كتاب أسباب نزول القرآن - الواحدي
لمؤلفه .

قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَأْخِرِينَ﴾. [٢٤].
أخبرنا نصر بن أبي نصر الواعظ، قال: أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن محمد بن نُصَير الرَّازي، قال: أخبرنا [محمد بن أيوب الرازي، قال: أخبرنا] سعيد بن منصور قال: حدثنا نوح بن قيس الطَّاحي، قال: حدثنا عمرو بن مالك، عن أبي الجَوْزَاء، عن ابن عباس، قال:
كانت تصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم امرأة حسناء في آخر النساء، فكان بعضهم يتقدم إلى الصف الأول لئلا يراها، وكان بعضهم يكون في الصف المؤخر، فإِذا ركع قال هكذا - ونظر من تحت إبطه - فنزلت: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَأْخِرِينَ﴾.
وقال الربيع بن أنس: حرّض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصف الأول في الصلاة، فازدحم الناس عليه، وكان بنو عُذْرَة دُورُهم قاصيةٌ عن المسجد، فقالوا: نبيع دورنا ونشتري دوراً قريبة من المسجد، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم...﴾ [٤٧].
أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني محمد بن سليمان بن خالد الفحام قال: أخبرنا علي بن هاشم، عن كثير النَّوَّاء، [أنه] قال:
قلت لأبي جعفر: إن فلاناً حدثني عن علي بن الحسين رضي الله عنهما، أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ قال: والله إنها لفيهم أنزلت [وفيمن تنزل إلا فيهم؟] قلت: وأي غل هو؟ قال: غِلّ الجاهلية، إن بني تَيْم وعَدِي وبني هاشم، كان بينهم في الجاهلية [غل]، فلما أسلم هؤلاء القوم تحابوا فأخذتْ أبا بكر الخاصِرةُ، فجعل عليٌّ يسخن يده فيكمد بها خَاصِرَة أبي بكر، فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى: ﴿نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ﴾. [٤٩].
روى ابن المبارك بإسناده عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:
طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الباب الذي يدخل منه، بنو شَيْبَةَ، ونحن نضحك، فقال: ألا أراكم تضحكون! ثم أدبر حتى إذا كان عند الحِجْر رجع إلينا القَهْقَرَى، فقال: إني لما خرجت جاء جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد يقول الله تعالى عز وجل: لم تُقَنِّط عبادي؟ ﴿نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ﴾. [٨٧].
قال الحسين بن الفضل: إن سبع قوافل وافت من بُصْرَى وأذْرُعَات ليهود قُرَيْظَة والنَّضِير في يوم واحد، فيها أنواع من البَزِّ وأوعية الطِّيب والجواهر وأمتعة البحر، فقال المسلمون: لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها فأنفقناها في سبيل الله. فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال: لقد أعطيتكم سبع آيات هي خير لكم من هذه السبع القوافل. ويدل على صحة هذا قوله تعالى على أثرها: ﴿لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ﴾ الآية.
سورة الحجر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الحِجْرِ) مِن السُّوَر المكية، وقد سعَتْ هذه السورةُ إلى إقامةِ الحُجَّة على الكافرين في سنَّةِ الله في إرسال الرُّسُل، الذين أوضَحوا طريق الحقِّ والهداية ودعَوْا إليه، وبيَّنُوا طريقَ الغَوايةِ وحذَّروا منه، وجاءت هذه السورةُ بأمرٍ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم بالاستمرار في طريق الدعوة، والدَّلالة على الله عز وجل؛ فالله ناصرُه وكافيه: {فَاْصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94].

ترتيبها المصحفي
15
نوعها
مكية
ألفاظها
658
ترتيب نزولها
54
العد المدني الأول
99
العد المدني الأخير
99
العد البصري
99
العد الكوفي
99
العد الشامي
99

سورةُ (الحِجْرِ):

سُمِّيتْ سورةُ (الحِجْرِ) بذلك؛ لذِكْرِ (الحِجْرِ) فيها، ولم يُذكَرْ في أيِّ سورة أخرى.

جاءت موضوعاتُ السورة على النحو الآتي:

1. سُنَّة الله تعالى في إرسال الرسل (١-١٥).

2. إقامة الحُجة على الكافرين (١٦- ٢٥).

3. بيان أصل الغَواية والهِداية (٢٦- ٤٨).

4. مَصارِعُ الغابرين (٤٩-٨٤).

5. الخطاب للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالمُضيِّ في أمرِ الدعوة (٨٥- ٩٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /93).

مِن مقاصدِ السورة: وصفُ الكتاب بأنه في الذِّروة من الجمعِ للمعاني، الموضِّحةِ للحق من غير اختلافٍ أصلًا، وأقرَبُ ما فيها وأمثَلُه وأشبَهُه بهذا المعنى: قصةُ أصحاب (الحِجْرِ).

وكذا مِن مقاصدها: تثبيتُ الرسول صلى الله عليه وسلم، وانتظارُ ساعة النَّصر، وأن يَصفَحَ عن الذين يؤذونه، ويَكِلَ أمرهم إلى الله، ويشتغِلَ بالمؤمنين، وأن اللهَ كافِيهِ أعداءَه.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /20) ، "التَّحرير والتنوير" لابن عاشور (14 /7).