تفسير سورة سورة الحج من كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
المعروف بـالدر المصون.
لمؤلفه
السمين الحلبي
.
المتوفي سنة 756 هـ
ﰡ
قوله: ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ الساعة﴾ يجوزُ في هذا المصدرِ وجهان، أحدهما: أَنْ يكونَ مضافاً لفاعله وذلك على تقديرين. أحدُ التقديرَيْن: أَنْ يكونَ مِنْ زلزل اللازمِ بمعنى تزَلْزَلَ فالتقدير: إنَّ تَزَلْزُلَ الساعةِ. والتقديرُ الثاني: أَنْ يكونَ مِنْ زَلْزَل المتعدِّي، ويكون المفعولُ محذوفاً تقديرُه: إنَّ زِلْزالَ الساعةِ الناسَ. كذا قَدَّره أبو البقاء. وأحسنُ مِنْ هذا أن يُقَدَّرَ: إنَّ زِلْزالَ الساعةِ للأرض. يَدُلُّ عليه قولُه: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الأرض﴾ [الزلزلة: ١] ونسبة التَّزَلْزُلِ أو الزلزال إلى الساعة على سبيل المجاز.
الوجه الثاني: أن يكونَ المصدرُ مضافاً الى المفعولِ به، على طريقةِ الاتِّساع في الظرف كقوله:
٣٣٦٨ - طَبَّاخِ ساعاتِ الكرى زادَ الكَسِلْ... وقد أوضح الزمخشريُّ ذلك بقولِه: «ولا تَخْلو الساعةُ من أَنْ تكونَ
الوجه الثاني: أن يكونَ المصدرُ مضافاً الى المفعولِ به، على طريقةِ الاتِّساع في الظرف كقوله:
٣٣٦٨ - طَبَّاخِ ساعاتِ الكرى زادَ الكَسِلْ... وقد أوضح الزمخشريُّ ذلك بقولِه: «ولا تَخْلو الساعةُ من أَنْ تكونَ
221
على تقديرِ الفاعلةِ لها، كأنها هي التي تُزَلْزِلُ الأشياءَ، على المجازِ الحُكْمي، فتكونُ الزلزلة مصدراً مضافاً إلى فاعِله، أو على تقديرِ/ المفعولِ فيها على طريقةِ الاتِّساعِ في الظرفِ، وإجرائه مجرى المفعولِ به، كقولِه تعالى: ﴿بَلْ مَكْرُ اليل والنهار﴾ [سبأ: ٣٣].
222
قوله: ﴿يَوْمَ﴾ : فيه أوجهٌ، أحدُها: أَنْ يَنْتَصِبَ ب «تَذْهَلُ» ولم يذكُرِ الزمخشريُّ غيره. الثاني: أنه منصوبٌ ب «عظيم». الثالث: أنه منصوبٌ بإضمار اذكر. الرابع: أنه بدلٌ من الساعة. وإنما فُتح لأنه مبنيٌّ لإِضافتِه إلى الفعلِ. وهذا إنما يتمشى على قولِ الأخفش، وقد تَقَدَّم تحقيقُه آخرَ المائدة. الخامس: أنه بدلٌ من «زلزلة» بدلُ اشتمالٍ؛ لأنَّ كلاً من الحدثِ والزمانِ يَصْدُقُ أنه مشتملٌ على الآخر، ولا يجوزُ أَنْ ينتصِبَ ب «زلزلة» لِمَا يَلْزَمُ من الفصلِ بين المصدرِ ومعمولِه بالخبر.
قوله: ﴿تَرَوْنَهَا﴾ في هذا الضميرِ قولان، أظهرهما: أنه ضميرُ الزلزلةِ لأَنها المحدَّثُ عنها، ويؤيِّدُه أيضاً قولُه ﴿تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ﴾. والثاني: أنه ضميرُ الساعةِ. فعلى الأولِ يكونُ الذُّهولُ والوَضْعُ حقيقةً لأنه في الدنيا، وعلى الثاني يكونُ على سبيلِ التعظيم والتهويل، وأنها بهذه الحيثيةِ، إذ المرادُ بالساعةِ القيامةُ، وهو كقولِه: ﴿يَوْماً يَجْعَلُ الولدان شِيباً﴾ [المزمل: ١٧].
قوله: ﴿تَذْهَلُ﴾ في محلِّ نصب على الحال من «ها» في «تَرَوْنَها» فإنَّ الرؤيَةَ هنا بَصَريةٌ، وهذا إنما يَجِيْءُ على غيرِ الوجهِ الأولِ. وأمَّا الوجهُ الأولُ
قوله: ﴿تَرَوْنَهَا﴾ في هذا الضميرِ قولان، أظهرهما: أنه ضميرُ الزلزلةِ لأَنها المحدَّثُ عنها، ويؤيِّدُه أيضاً قولُه ﴿تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ﴾. والثاني: أنه ضميرُ الساعةِ. فعلى الأولِ يكونُ الذُّهولُ والوَضْعُ حقيقةً لأنه في الدنيا، وعلى الثاني يكونُ على سبيلِ التعظيم والتهويل، وأنها بهذه الحيثيةِ، إذ المرادُ بالساعةِ القيامةُ، وهو كقولِه: ﴿يَوْماً يَجْعَلُ الولدان شِيباً﴾ [المزمل: ١٧].
قوله: ﴿تَذْهَلُ﴾ في محلِّ نصب على الحال من «ها» في «تَرَوْنَها» فإنَّ الرؤيَةَ هنا بَصَريةٌ، وهذا إنما يَجِيْءُ على غيرِ الوجهِ الأولِ. وأمَّا الوجهُ الأولُ
222
وهو أنَّ «تَذْهَلُ» ناصِبٌ ل «يومَ تَرَوْنَها» فلا محلَّ للجملةِ من الإِعرابِ لأنها مستأنفةٌ، أو يكونُ محلُّها النصبَ على الحال من الزلزلة، أو من الضمير في «عظيم»، وإنْ كان مذكراً، لأنَّه هو الزَّلْزَلَةُ في المعنى، أو من الساعة، وإن كانت مضافاً إليها، لأنها: إمَّا فاعلٌ أو مفعولٌ كما تقدَّم. وإذا جَعَلْناها حالاً فلا بُدَّ من ضميرٍ محذوفٍ تقديرُه: تَذْهَلُ فيها.
وقرأ العامة «تَذْهَلُ» بفتح التاءِ والهاءِ، مِنْ ذَهِل عن كذا يَذْهَلُ. وقرأ ابن أبي عبلة واليماني بضم التاء وكسرِ الهاءِ ونصبِ «كل» على المفعولية، مِنْ أَذْهَلَه عن كذا يُذْهِله عَدَّاه بالهمزةِ، والذُّهولُ: الاشتغالُ عن الشيءِ. وقيل: إذا كان مع دَهْشَة. وقيل: إذا كان ذلك لطَرَآنِ شاغِلٍ مِنْ هَمٍّ ومَرَضٍ ونحوِهما. وذُهْل بنُ شَيْبان أصلُه من هذا.
والمُرْضِعَةُ: مَنْ تَلَبَّسَتْ بالفعل، والمُرْضِعُ: مَنْ شَأْنُها أَنْ تُرْضِعَ كحائض، فإذا أريد التلبُّسُ قيل: حائِضة.
قال الزمخشري: «فإن قلتَ: لِمَ قيل مُرْضِعَة دون مُرْضع؟ قلت: المُرْضِعَةُ التي هي في حال الإِرضاعِ ملقمةٌ ثديَها الصبيَّ، والمرضعُ التي مِنْ شأنِها أَنْ تُرْضِعَ وإن لم تباشِرْ الإِرضاعَ في حالِ وَصْفِها به» والمعنى: إنَّ مِنْ شِدَّة الهَوْلِ تَذْهَلُ هذه عن ولدِها فكيف بغيرِها؟ وقال بعضُ الكوفيين: المُرْضِعَةُ تقال للأمِّ، والمُرْضِعُ تقال للمستأجَرَةِ غيرِ الأمِّ، وهذا مردودٌ بقولِ
وقرأ العامة «تَذْهَلُ» بفتح التاءِ والهاءِ، مِنْ ذَهِل عن كذا يَذْهَلُ. وقرأ ابن أبي عبلة واليماني بضم التاء وكسرِ الهاءِ ونصبِ «كل» على المفعولية، مِنْ أَذْهَلَه عن كذا يُذْهِله عَدَّاه بالهمزةِ، والذُّهولُ: الاشتغالُ عن الشيءِ. وقيل: إذا كان مع دَهْشَة. وقيل: إذا كان ذلك لطَرَآنِ شاغِلٍ مِنْ هَمٍّ ومَرَضٍ ونحوِهما. وذُهْل بنُ شَيْبان أصلُه من هذا.
والمُرْضِعَةُ: مَنْ تَلَبَّسَتْ بالفعل، والمُرْضِعُ: مَنْ شَأْنُها أَنْ تُرْضِعَ كحائض، فإذا أريد التلبُّسُ قيل: حائِضة.
قال الزمخشري: «فإن قلتَ: لِمَ قيل مُرْضِعَة دون مُرْضع؟ قلت: المُرْضِعَةُ التي هي في حال الإِرضاعِ ملقمةٌ ثديَها الصبيَّ، والمرضعُ التي مِنْ شأنِها أَنْ تُرْضِعَ وإن لم تباشِرْ الإِرضاعَ في حالِ وَصْفِها به» والمعنى: إنَّ مِنْ شِدَّة الهَوْلِ تَذْهَلُ هذه عن ولدِها فكيف بغيرِها؟ وقال بعضُ الكوفيين: المُرْضِعَةُ تقال للأمِّ، والمُرْضِعُ تقال للمستأجَرَةِ غيرِ الأمِّ، وهذا مردودٌ بقولِ
223
الشاعر:
فأَطْلَقَ المُرْضِعَةَ بالتاء على غير الأمِّ.
وقولُ العرب مُرْضِعَة يَرُدُّ أيضاً قولَ الكوفيين: إنَّ الصفاتِ المختصةَ بالمؤنثِ لا يلحقها تاءُ التأنيثِ نحو: حائِض وطالق. فالذي يُقال: إنْ قُصِد النَّسَبُ فالأمرُ على ما ذَكَروا، وإنْ قُصِد الدلالةُ على التلبُّسِ بالفعلِ وَجَبَتِ التاءُ فيقال: حائضة وطالقة وطامِثة.
قوله: ﴿عَمَّآ أَرْضَعَتْ﴾ يجوزُ في «ما» أَنْ تكونَ مصدريةً أي: عن إرْضاعِها. ولا حاجةَ إلى تقديرِ حَذْفٍ على هذا. ويجوزُ أَنْ تكونَ بمعنى الذي فلا بُدَّ من حَذْفِ عائدٍ أي: أَرْضَعَتْه. ويُقَوِّيه تعدِّي «تَضَعُ» إلى مفعولٍ دونَ مصدرٍ. والحَمْلُ بالفتحِ: ما كان في بَطْنٍ أو على رأسِ شجرة، وبالكسرِ ما كان على ظَهْرٍ.
قوله: ﴿وَتَرَى الناس سكارى﴾ العامَّةُ على فتحِ التاءِ من «ترى» على خطابِ الواحد. وقرأ زيدُ بن علي بضمِّ التاءِ وكسرِ الراءِ، على أنَّ الفاعلَ ضميرُ الزلزلةِ أو الساعةِ. وعلى هذه القراءةِ فلا بُدَّ من مفعولٍ أولَ محذوفٍ ليَتِمَّ المعنى به أي: وتُرِي الزلزلةُ أو الساعةُ الخَلْقَ الناسَ سكارى. ويؤيِّد هذا قراءةُ أبي هريرة وأبي زرعة وأبي نهيك «ترى الناس سكارى». بضمِّ التاء وفتح الراء على ما لم يُسَمَّ فاعله، ونصب «الناسَ»، بَنَوْه من المتعدِّي لثلاثةٍ: فالأولُ قام مَقامَ الفاعلِ، وهو ضميرُ الخطابِ، و «الناسَ سُكارى» هما الأولُ والثاني.
٣٣٦٩ - كمُرْضِعَةٍ أولادَ أخرى وضَيَّعَتْ | بني بطنِها هذا الضلالُ عن القصدِ |
وقولُ العرب مُرْضِعَة يَرُدُّ أيضاً قولَ الكوفيين: إنَّ الصفاتِ المختصةَ بالمؤنثِ لا يلحقها تاءُ التأنيثِ نحو: حائِض وطالق. فالذي يُقال: إنْ قُصِد النَّسَبُ فالأمرُ على ما ذَكَروا، وإنْ قُصِد الدلالةُ على التلبُّسِ بالفعلِ وَجَبَتِ التاءُ فيقال: حائضة وطالقة وطامِثة.
قوله: ﴿عَمَّآ أَرْضَعَتْ﴾ يجوزُ في «ما» أَنْ تكونَ مصدريةً أي: عن إرْضاعِها. ولا حاجةَ إلى تقديرِ حَذْفٍ على هذا. ويجوزُ أَنْ تكونَ بمعنى الذي فلا بُدَّ من حَذْفِ عائدٍ أي: أَرْضَعَتْه. ويُقَوِّيه تعدِّي «تَضَعُ» إلى مفعولٍ دونَ مصدرٍ. والحَمْلُ بالفتحِ: ما كان في بَطْنٍ أو على رأسِ شجرة، وبالكسرِ ما كان على ظَهْرٍ.
قوله: ﴿وَتَرَى الناس سكارى﴾ العامَّةُ على فتحِ التاءِ من «ترى» على خطابِ الواحد. وقرأ زيدُ بن علي بضمِّ التاءِ وكسرِ الراءِ، على أنَّ الفاعلَ ضميرُ الزلزلةِ أو الساعةِ. وعلى هذه القراءةِ فلا بُدَّ من مفعولٍ أولَ محذوفٍ ليَتِمَّ المعنى به أي: وتُرِي الزلزلةُ أو الساعةُ الخَلْقَ الناسَ سكارى. ويؤيِّد هذا قراءةُ أبي هريرة وأبي زرعة وأبي نهيك «ترى الناس سكارى». بضمِّ التاء وفتح الراء على ما لم يُسَمَّ فاعله، ونصب «الناسَ»، بَنَوْه من المتعدِّي لثلاثةٍ: فالأولُ قام مَقامَ الفاعلِ، وهو ضميرُ الخطابِ، و «الناسَ سُكارى» هما الأولُ والثاني.
224
ويجوز أن يكونَ متعدِّياً لاثنين فقط على معنى: وتُرِي الزلزلةُ أو الساعةُ/ [الناسَ] قوماً سكارى. فالناسَ هو الأول و «سكارى» هو الثاني.
وقرأ الزعفرانيُّ وعباسٌ في اختياره «وترى» كقراءة أبي هريرة إلاَّ أنهما رفعاً «الناسُ» على أنه مفعول لم يُسَمَّ فاعلُه. والتأنيثُ في الفعلِ على تأويلِهم بالجماعة.
وقرأ الأخَوان «سكرى» «وما هم بسكرى» على وزنِ وَصْفِ المؤنثةِ بذلك. واخْتُلف في ذلك: هل هو صيغةٌ جمعٍ على فَعْلَى كمَرْضى وقَتْلى، أو صفةٌ مفردةٌ اسْتُغني بها في وصفِ الجماعة؟ خلافٌ مشهورٌ تقدَّمَ الكلامُ عليه في قوله: «أسرى». وظاهرُ كلامِ سيبويه أنه جمعُ تكسيرٍ فإنه قال: «وقومٌ يقولون: سكرى، جَعَلوه مثلَ مرضى لأنهما شيئان يَدْخلان على الإِنسان، ثم جَعَلوا» روبى «مثلَ سكرى وهم المُسْتَثْقلون نَوْماً من شربِ الرائب. وقال الفارسي:» ويَصِحُّ أن يكونَ جمعَ «سَكِر» كزَمِن وزمنى. وقد حُكي «رجلٌ سَكِر» بمعنى سَكْران فيجيءُ سكرى حينئذٍ لتأنيث الجمع «. قلت: ومِنْ ورودِ» سَكِر «بمعنى سَكْران قولُه:
وقرأ الزعفرانيُّ وعباسٌ في اختياره «وترى» كقراءة أبي هريرة إلاَّ أنهما رفعاً «الناسُ» على أنه مفعول لم يُسَمَّ فاعلُه. والتأنيثُ في الفعلِ على تأويلِهم بالجماعة.
وقرأ الأخَوان «سكرى» «وما هم بسكرى» على وزنِ وَصْفِ المؤنثةِ بذلك. واخْتُلف في ذلك: هل هو صيغةٌ جمعٍ على فَعْلَى كمَرْضى وقَتْلى، أو صفةٌ مفردةٌ اسْتُغني بها في وصفِ الجماعة؟ خلافٌ مشهورٌ تقدَّمَ الكلامُ عليه في قوله: «أسرى». وظاهرُ كلامِ سيبويه أنه جمعُ تكسيرٍ فإنه قال: «وقومٌ يقولون: سكرى، جَعَلوه مثلَ مرضى لأنهما شيئان يَدْخلان على الإِنسان، ثم جَعَلوا» روبى «مثلَ سكرى وهم المُسْتَثْقلون نَوْماً من شربِ الرائب. وقال الفارسي:» ويَصِحُّ أن يكونَ جمعَ «سَكِر» كزَمِن وزمنى. وقد حُكي «رجلٌ سَكِر» بمعنى سَكْران فيجيءُ سكرى حينئذٍ لتأنيث الجمع «. قلت: ومِنْ ورودِ» سَكِر «بمعنى سَكْران قولُه:
225
٣٣٧٠ - وقد جَعَلْتُ إذا ما قُمْتُ يُثْقِلُني | ثَوْبي فأنهضُ نَهْضَ الشاربِ السَّّكِرِ |
وكنتُ أَمْشي على رِجْلين مُعْتَدِلاً | فصِرْتُ أَمْشِي على أخرى من الشَّجر |
وقرأ الباقون» سكارى «بضمِّ السين.
وقد تَقَدَّم لنا في البقرة خلافٌ: هل هذه الصيغةُ جمعُ تكسيرٍ أو اسمُ جمع؟
وقرأ أبو هريرةَ وأبو نهيك وعيسى بفتح السين فيهما، وهو جمع تكسير، واحدُه سَكْران. قال أبو حاتم: «وهي لغةُ تميم».
وقرأ الحسنُ والأعرج وأبو زرعة والأعمش «سكرى» «بسكرى» بضمِّ السين فيهما. فقال ابن جني: «هي اسمٌ مفردٌ كالبُشْرَى. بهذا أفتاني أبو علي». وقال أبو الفضل: «فُعْلَى بضمِّ الفاءِ مِنْ صفةِ الواحدةِ من الإِناثِ، لكنها لَمَّا جُعِلَتْ من صفاتِ الناس وهم جماعة، أُجْرِيَتْ الجماعة بمنزلة المؤنثِ الموحَّدِ». وقال الزمخشري: «هو غريبٌ». قلت: ولا غرابةَ؛ فإنَّ فعلى بضم الفاء كَثُر مجيئُها في أوصافِ المؤنثة نحو الربى والحبلى
226
وجَوَّز أبو البقاء فيه أن يكونَ محذوفاً مِنْ سكارى. وكان مِنْ حَقِّ هذا القارىء أَنْ يُحَرِّكَ الكافَ بالفتح إبقاءً لها على ما كانَتْ عليه. وقد رواها بعضُهم كذلك عن الحسن. وقُرِىء «ويرى الناسُ» بالياء من تحت ورفع «الناسُ».
وقرأ أبو زرعة في روايةٍ «سَكْرى» بالفتح، «بسُكْرى» بالضم. وعن ابن جبير كذلك، إلاَّ أنه حَذَف الألفَ من الأول دون الثاني.
وإثباتُ السُّكْرِ وعَدَمُه بمعنى الحقيقة والمجاز أي: وترى الناس سكرى على التشبيه، وما هم بسَكْرى على التحقيق. قال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: لِمَ قيل أولاً: تَرَوْن، ثم قيل:» ترى «على الإِفراد؟ قلت: لأنَّ الرؤيةَ أولاً عُلِّقَتْ بالزلزلة، فَجُعِل الناسُ جميعاً رائِيْنَ لها، وهي معلَّقَةٌ أخيراً بكونِ الناسِ على حالِ السُّكر، فلا بُدَّ أن يُجْعَلَ كلُّ واحدٍ منهم رائياً لسائرِهم».
وقرأ أبو زرعة في روايةٍ «سَكْرى» بالفتح، «بسُكْرى» بالضم. وعن ابن جبير كذلك، إلاَّ أنه حَذَف الألفَ من الأول دون الثاني.
وإثباتُ السُّكْرِ وعَدَمُه بمعنى الحقيقة والمجاز أي: وترى الناس سكرى على التشبيه، وما هم بسَكْرى على التحقيق. قال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: لِمَ قيل أولاً: تَرَوْن، ثم قيل:» ترى «على الإِفراد؟ قلت: لأنَّ الرؤيةَ أولاً عُلِّقَتْ بالزلزلة، فَجُعِل الناسُ جميعاً رائِيْنَ لها، وهي معلَّقَةٌ أخيراً بكونِ الناسِ على حالِ السُّكر، فلا بُدَّ أن يُجْعَلَ كلُّ واحدٍ منهم رائياً لسائرِهم».
227
و «مَنْ» في ﴿مَن يُجَادِلُ﴾ يجوزُ أَنْ تكونَ نكرةً موصوفةً، وأن تكونَ موصولةً. و ﴿فِي الله﴾ أي في صفاتِه. و ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ مفعولٌ أو حالٌ مِنْ فاعلِ «يُجادل». وقرأ زيد بن علي «وَتْبَعُ».
قوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ﴾ : قرأ العامَّةُ «كُتِبَ» مبنياً للمفعولِ وفتحَ «أنَّ» في الموضعين. وفي ذلك وجهان، أحدُهما: أنَّ الضميرَ وما في حَيِّزه في محلِّ رفعٍ لقيامِه مقامَ الفاعل. فالهاءُ في «عليه» وفي «أنه»
227
يعودان على «مَنْ» المتقدمةِ. و «مَنْ» الثانية يجوز أن تكونَ شرطيةً والفاءُ جوابُها، وأن تكونَ موصولةً، والفاءُ زائدةٌ في الخبرِ لشَبَهِ المبتدأ بالشرط. وفُتِحَتْ «أنَّ» الثانيةُ لأنها وما في حَيِّزها في محلِّ رفعٍ خبراً لمبتدأ محذوفٍ، تقديره: فشأنهُ وحالُه أنه يُضِلُّه. أو يُقَدَّر «فَأَنَّه» مبتدأ، والخبر محذوفٌ أي: فله أنَّه يَضِلُّه.
الثاني: قال الزمخشري: «ومَنْ فَتَحَ فلأنَّ الأولَ فاعلُ» كُتِب «، والثاني عَطْفٌ عليه». قال الشيخ: «وهذا لا يجوزُ؛ لأنَّك إذا جَعَلْتَ» فأنَّه «عطفاً على» أنَّه «بقيت» أنَّه «بلا استيفاءِ خبرٍ، لأنَّ» مَنْ تَوَلاَّه «» مَنْ «فيه مبتدأةٌ. فإنْ قَدَّرْتَها موصولةً فلا خبرَ لها حتى تَسْتقلَّ خبراً ل» أنه «. وإنْ جَعَلْتَها شرطيةً فلا جوابَ لها؛ إذ جُعِلَتْ» فأنَّه «عَطْفاً على» أنه «.
قلت: وقد ذَهبَ ابنُ عطية رحمه الله إلى مثلِ قولِ الزمخشري فإنه قال:» وأنَّه «في موضعِ رفعٍ على المفعولِ الذي: لم يُسَمَّ فاعلُه و» أنَّه «الثانيةُ عطفٌ على الأولى مؤكدةً مثلَها». وهذا رَدٌّ واضحٌ.
وقُرِىء «كَتَبَ» مبنياً للفاعلِ أي: كَتَبَ اللهُ. ف «أنَّ» وما في حَيِّزها في محل نصب على المفعول به، وباقي الآية على ما تقدم.
وقرأ الأعمش والجعفي عن أبي عمرو «إنه» «فإنه» بكسرِ الهمزتين. وقال ابن عطية: «وقرأ أبو عمروٍ» إنَّه «» فإنه «بالكسر فيهما»، وهذا يُوْهم أنَّه
الثاني: قال الزمخشري: «ومَنْ فَتَحَ فلأنَّ الأولَ فاعلُ» كُتِب «، والثاني عَطْفٌ عليه». قال الشيخ: «وهذا لا يجوزُ؛ لأنَّك إذا جَعَلْتَ» فأنَّه «عطفاً على» أنَّه «بقيت» أنَّه «بلا استيفاءِ خبرٍ، لأنَّ» مَنْ تَوَلاَّه «» مَنْ «فيه مبتدأةٌ. فإنْ قَدَّرْتَها موصولةً فلا خبرَ لها حتى تَسْتقلَّ خبراً ل» أنه «. وإنْ جَعَلْتَها شرطيةً فلا جوابَ لها؛ إذ جُعِلَتْ» فأنَّه «عَطْفاً على» أنه «.
قلت: وقد ذَهبَ ابنُ عطية رحمه الله إلى مثلِ قولِ الزمخشري فإنه قال:» وأنَّه «في موضعِ رفعٍ على المفعولِ الذي: لم يُسَمَّ فاعلُه و» أنَّه «الثانيةُ عطفٌ على الأولى مؤكدةً مثلَها». وهذا رَدٌّ واضحٌ.
وقُرِىء «كَتَبَ» مبنياً للفاعلِ أي: كَتَبَ اللهُ. ف «أنَّ» وما في حَيِّزها في محل نصب على المفعول به، وباقي الآية على ما تقدم.
وقرأ الأعمش والجعفي عن أبي عمرو «إنه» «فإنه» بكسرِ الهمزتين. وقال ابن عطية: «وقرأ أبو عمروٍ» إنَّه «» فإنه «بالكسر فيهما»، وهذا يُوْهم أنَّه
228
مشهورٌ عنه وليس كذلك. وفي تخريجِ هذه القراءةِ/ ثلاثةُ أوجهٍ ذكرها الزمخشري وهي: أَنْ تكونَ على حكايةِ المكتوبِ كما هو، كأنه قيل: كُتِب عليه هذا اللفظُ، كما تقول: كُتِبَ عليه: إنَّ الله هو الغني الحميد. الثاني أن يكونَ على إضمار «قيل». الثالث: أنَّ «كُتِبَ» فيه معنى قيل. قال الشيخ: أمَّا تقديرُ «قيل» يعني فيكون «عليه» في موضعِ مفعولِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه و «أنه مَنْ تولاَّه» الجملةُ مفعولٌ لم يُسَمَّ ل قيل المضمرة. وهذا ليس مذهبَ البصريين فإن الجملة عندهم لا تكون فاعلاً ولا تكون مفعولَ ما لم يُسَمَّ فاعلُه «وكأنَّ الشيخَ قد اختارَ ما بدأ به الزمخشريُّ أولاً، وفيه ما فَرَّ منه: وهو أنه أسندَ الفعلَ إلى الجملةِ فاللازمُ مُشْتَرَكٌ.
وقد تقدَّم تقريرُ مثلِ هذا في أولِ البقرة. ثم قال: «وأمَّا الثاني يعني أنه ضُمِّنَ» كُتِب «معنى القول فليس مذهبَ البصريين لأنَّه لا تُكْسَرُ» إنَّ «عندهم إلاَّ بعد القول الصريح لا ما هو بمعناه».
والضميران في «عليه» و «أنه» عائدان على «مَنْ» الأولى كما تقدَّم، وكذلك الضمائرُ في «تَوَلاَّه» و «فأنه»، والمرفوعُ في «يُضِلُّه» و «يَهْديه» ؛ لأنَّ «مَنْ» الأول هو المحدَّثُ عنه. والضميرُ المرفوعُ في «تَوَلاَّه» والمنصوبُ في «يُضِِلُُّه» و «يَهْدِيه» عائدٌ على «مَنْ» الثانيةِ. وقيل: الضميرُ في «عليه» لكلِّ
وقد تقدَّم تقريرُ مثلِ هذا في أولِ البقرة. ثم قال: «وأمَّا الثاني يعني أنه ضُمِّنَ» كُتِب «معنى القول فليس مذهبَ البصريين لأنَّه لا تُكْسَرُ» إنَّ «عندهم إلاَّ بعد القول الصريح لا ما هو بمعناه».
والضميران في «عليه» و «أنه» عائدان على «مَنْ» الأولى كما تقدَّم، وكذلك الضمائرُ في «تَوَلاَّه» و «فأنه»، والمرفوعُ في «يُضِلُّه» و «يَهْديه» ؛ لأنَّ «مَنْ» الأول هو المحدَّثُ عنه. والضميرُ المرفوعُ في «تَوَلاَّه» والمنصوبُ في «يُضِِلُُّه» و «يَهْدِيه» عائدٌ على «مَنْ» الثانيةِ. وقيل: الضميرُ في «عليه» لكلِّ
229
شيطانٍ. والضميرُ في «فأنَّه» للشأن. وقال ابن عطية: «الذي يَظْهَرُ لي أنَّ الضميرَ الأولَ في» أنَّه «يعودُ على كل شيطان، وفي» فأنَّه «يعودُ على» مَنْ «الذي هو المُتَوَلِّي».
230
قوله: ﴿مِّنَ البعث﴾ : يجوزُ أن يتعلَّق ب «ريب»، ويجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه صفةٌ ل ريب. وقرأ الحسن «البَعَث» بفتح العينِ. وهي لغة كالطَّرَدِ والجَلَب في الطَّرْد والجَلْب بالسكون. قال الشيخ: «والكوفيون إسكانُ العينِ عندهم تخفيفٌ [يقيسونه] فيما وسطَه حرفُ حلقٍ كالنَّهْرِ والنَّهَر والشّعْرِ والشَّعَر، والبَصْريون لا يقيسونه، وما وَرَدَ من ذلك هو عندهم ممَّا جاء فيه لغتان» قلت: فهذا يُوْهِمُ ظاهرُه أنَّ الأصلَ البَعَث بالفتح، وإنما خُفِّف، وليس الأمرُ كذلك، وإنما مَحَلُّ النزاع إذا سُمِع الحلقيُّ مفتوحَ العين: هل يجوزُ تسكينُه أم لا؟ لا أنه كلُّ ما جاء ساكنَ العينِ من الحَلْقِيِّها يُدَّعى أن أصلَها الفتحُ كما هو ظاهرُ عبارتِه.
قوله: ﴿مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ﴾ العامَّةُ على الجرِّ في «مُخَلَّقةٍ»، وفي «غير»، على النعت. وقرأ ابن أبي عبلة بنصبِهما على الحالِ من النكرةِ، وهو قليلٌ جداً وإن كان سيبويه قاسه.
قوله: ﴿مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ﴾ العامَّةُ على الجرِّ في «مُخَلَّقةٍ»، وفي «غير»، على النعت. وقرأ ابن أبي عبلة بنصبِهما على الحالِ من النكرةِ، وهو قليلٌ جداً وإن كان سيبويه قاسه.
230
والعَلَقَةُ: القطعةُ من الدم الجامدة. وعن بعضهم وقد سُئِل عن أصعبِ الأشياءِ فقال: «وَقْعَ الزَّلَقِ على العَلَق» أي: على دمِ القتلى في المعركة. والمُضْغَةُ: القطعةُ من اللحمِ قَدْرَ ما تُمضَغُ نحو: الغُرفة والأُكْلة بمعنى: المغروفة والمأكولة. والمُخَلَّقَةُ: المَلْساء التي لا عَيْبَ فيها مِنْ قولهم: صخرةٌ خَلْقاءُ أي: مَلْساء. وخَلَقْتُ السِّواك: سَوَّيْتُه ومَلَسْتُه. وقيل: التضعيفُ في «مُخَلَّقَة» دلالةٌ على تكثيرِ الخَلْق لأنَّ الإِنسانَ ذو أعضاءٍ متباينةٍ وخُلُقٍ متفاوتةٍ. قاله الشعبي وقتادة وأبو العالية. وهو معنى حسنٌ.
قوله: ﴿وَنُقِرُّ﴾ العامَّةُ على رفع «ونُقِرُّ» لأنه مستأنفٌ، وليس علةً لما قبلَه فينتصبَ نَسَقاً على ما تقدَّمه. وقرأ يعقوب وعاصم في روايةٍ بنصبه. قال أبو البقاء: «على أَنْ يكونَ معطوفاً في اللفظ، والمعنى مختلف؛ لأنَّ اللامَ في» لُنبِيِّنَ «للتعليل، واللامَ المقدرةَ من» نُقِرُّ «للصيرورة» وفيه نظرٌ؛ لأنَّ قولَه «معطوفاً في اللفظ» يَدْفعه قولُه: «واللامُ المقدرة» فإنَّ تقديرَ اللام يقتضي النصبَ بإضمارِ «أَنْ» بعدها لا بالعطفِ على ما قبله.
وعن عاصم أيضاً «ثم نُخْرِجَكم» بنصب الجيم. وقرأ ابن أبي عبلة «ليبيِّنَ ويَقِرُّ» بالياء من تحتُ فيهما، والفاعلُ هو اللهُ تعالى كما في قراءة النون. وقرأ يعقوب في رواية «ونَقُرُّ» بفتح النون وضم القاف ورفع الراء، مِنْ قَرَّ الماءَ
قوله: ﴿وَنُقِرُّ﴾ العامَّةُ على رفع «ونُقِرُّ» لأنه مستأنفٌ، وليس علةً لما قبلَه فينتصبَ نَسَقاً على ما تقدَّمه. وقرأ يعقوب وعاصم في روايةٍ بنصبه. قال أبو البقاء: «على أَنْ يكونَ معطوفاً في اللفظ، والمعنى مختلف؛ لأنَّ اللامَ في» لُنبِيِّنَ «للتعليل، واللامَ المقدرةَ من» نُقِرُّ «للصيرورة» وفيه نظرٌ؛ لأنَّ قولَه «معطوفاً في اللفظ» يَدْفعه قولُه: «واللامُ المقدرة» فإنَّ تقديرَ اللام يقتضي النصبَ بإضمارِ «أَنْ» بعدها لا بالعطفِ على ما قبله.
وعن عاصم أيضاً «ثم نُخْرِجَكم» بنصب الجيم. وقرأ ابن أبي عبلة «ليبيِّنَ ويَقِرُّ» بالياء من تحتُ فيهما، والفاعلُ هو اللهُ تعالى كما في قراءة النون. وقرأ يعقوب في رواية «ونَقُرُّ» بفتح النون وضم القاف ورفع الراء، مِنْ قَرَّ الماءَ
231
يَقُرُّه أي: صَبَّه. وقرأ أبو زيد النحوي «ويَقِرَّ» بفتح الياءِ من تحتُ وكسرِ القاف ونصبِ الراء أي: وَيقِرَّ الله. وهو مِنْ قرَّ الماء إذا صبَّه. وفي «الكامل» لابن جبارة «لِنُبَيِّن ونُقِرَّ ثم نُخْرِجَكم» بالنصبِ فيهنَّ يعني وبالنون في الجميع المفضل.
بالياء فيهما مع النصب: أبو حاتم، وبالياء والرفع عمر بن شبة «انتهى.
وقال الزمخشري: /» والقراءةُ بالرفع إخبارٌ بأنه تعالى يُقِرُّ في الأرحامِ ما يشاءُ أَنْ يُقِرَّه «. ثم قال:» والقراءةُ بالنصب تعليلٌ، معطوفٌ على تعليلٍ. معناه: خلقناكم مُدَرَّجين، هذا التدريجُ لغرضين، أحدهما: أن نبيِّنَ قدرتنا. والثاني: أَنْ نُقِرَّ في الأرحام مَنْ نُقِرُّ، ثم يُوْلَدوا ويَنْشَؤوا ويَبْلُغوا حَدَّ التكليفِ فأُكَلِّفَهم. ويَعْضُد هذه القراءةَ قولُه ﴿ثُمَّ لتبلغوا أَشُدَّكُمْ﴾.
قلت: تسميةُ مثلِ هذه الأفعالِ المسندة إلى الله تعالى غَرَضاً لا يجوز.
وقرأ ابن وثاب «نِشاء» بكسر النون، وهو كسرُ حرفِ المضارعة، وقد تقدَّم ذلك في أولِ هذا الموضوعِ.
قوله: ﴿طِفْلاً﴾ حالٌ مِنْ مفعول «نُخْرِجكم»، وإنما وُحِّد لأنَّه في الأصل
بالياء فيهما مع النصب: أبو حاتم، وبالياء والرفع عمر بن شبة «انتهى.
وقال الزمخشري: /» والقراءةُ بالرفع إخبارٌ بأنه تعالى يُقِرُّ في الأرحامِ ما يشاءُ أَنْ يُقِرَّه «. ثم قال:» والقراءةُ بالنصب تعليلٌ، معطوفٌ على تعليلٍ. معناه: خلقناكم مُدَرَّجين، هذا التدريجُ لغرضين، أحدهما: أن نبيِّنَ قدرتنا. والثاني: أَنْ نُقِرَّ في الأرحام مَنْ نُقِرُّ، ثم يُوْلَدوا ويَنْشَؤوا ويَبْلُغوا حَدَّ التكليفِ فأُكَلِّفَهم. ويَعْضُد هذه القراءةَ قولُه ﴿ثُمَّ لتبلغوا أَشُدَّكُمْ﴾.
قلت: تسميةُ مثلِ هذه الأفعالِ المسندة إلى الله تعالى غَرَضاً لا يجوز.
وقرأ ابن وثاب «نِشاء» بكسر النون، وهو كسرُ حرفِ المضارعة، وقد تقدَّم ذلك في أولِ هذا الموضوعِ.
قوله: ﴿طِفْلاً﴾ حالٌ مِنْ مفعول «نُخْرِجكم»، وإنما وُحِّد لأنَّه في الأصل
232
مصدرٌ كالرِّضا والعَدْل، فيَلْزَمُ الإِفرادُ والتذكيرُ، قاله المبرد: إمَّا لأنه مرادٌ به الجنسُ، وإمَّا لأن المعنى: يُخْرِجُ كلَّ واحدٍ منكم نحو: القوم يُشْبعهم رغيفٌ أي: كلُّ واحدٍ منهم. وقد يطابِقُ به ما يُراد به، فيقال: طفلان وأطفال. وفي الحديث: «سئل عن أطفال المشركين» والطِّفْلُ يُطْلَقُ على الولدِ مِنْ حين الانفصالِ إلى البلوغ. وأمَّا الطَفْل بالفتح فهو الناعم، والمرأة طَفْلة قال:
أمَّا الطَّفَل بفتح الطاءِ والفاءِ فوقتُ ما بعد العصر، مِنْ قولِهم: طَفَلَت الشمسُ إذا مالَتْ للغُروب. وأطفلتِ المرأةُ أي: صارت ذاتَ طِفْلٍ.
وقرأت فِرْقَةٌ «يَتَوَفَّى» بفتح الياء. وفيه تخريجان، أحدهما: أنَّ الفاعلَ ضميرُ الباري تعالى أي: يَتَوَفَّاهُ اللهُ تعالى، كذا قدَّره الزمخشري. والثاني: أن الفاعلَ ضميرُ «مَنْ» أي: يتوفى أجلَه. وهذا القراءةُ كالتي في البقرة ﴿والذين يَتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ﴾ [الآية: ٢٣٤] أي: مدتهم.
٣٣٧١ - ولقد لَهَوْتُ بِطَفْلةٍ مَيَّالَةٍ | بَلْهاءَ تُطْلِعُني على أَسْرارِها |
وقرأت فِرْقَةٌ «يَتَوَفَّى» بفتح الياء. وفيه تخريجان، أحدهما: أنَّ الفاعلَ ضميرُ الباري تعالى أي: يَتَوَفَّاهُ اللهُ تعالى، كذا قدَّره الزمخشري. والثاني: أن الفاعلَ ضميرُ «مَنْ» أي: يتوفى أجلَه. وهذا القراءةُ كالتي في البقرة ﴿والذين يَتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ﴾ [الآية: ٢٣٤] أي: مدتهم.
233
ورُوي عن أبي عمروٍ ونافع أنهما قرآ «العُمْر» بسكون العينِ وهو تخفيفٌ قياسيُّ نحوة «عُنْق» في «عُنُق».
قوله: ﴿لِكَيْلاَ﴾ متعلقٌ ب «يُرَدُّ». وتقدَّم نظيره في النحل.
و «هامدةً» نصب على الحال لأن الرؤيةَ بصريةٌ. والهُمُود: السكونُ والخُشُوع. وهَمَدَت الأرضُ: يَبِست ودَرَسَتْ. وهَمَدَ الثوبُ: بَلِي. قال الأعشى:
والاهتزازُ: التحرُّكُ، وتُجُوِّز به هنا عن إنباتِ الأرض نباتَها بالماء. والجمهورُ على «رَبَتْ» أي: زادَت، مِنْ رَبا يَرْبُو. وقرأ أبو جعفر وعبد الله ابن جعفر وأبو عمرٍو في رواية «وَرَبَأَت» بالهمزِ أي ارتفَعَتْ. يقال: رَبَأَ بنفسه عن كذا أي: ارتفعَ عنه. ومنه الرَّبِيئَةُ وهو مَنْ يَطْلُعُ على موضعٍ عالٍ لينظر للقوم ما يأتيهم. ويقال له «رَبِيْءٌ» أيضاً قال الشاعر:
قوله: ﴿لِكَيْلاَ﴾ متعلقٌ ب «يُرَدُّ». وتقدَّم نظيره في النحل.
و «هامدةً» نصب على الحال لأن الرؤيةَ بصريةٌ. والهُمُود: السكونُ والخُشُوع. وهَمَدَت الأرضُ: يَبِست ودَرَسَتْ. وهَمَدَ الثوبُ: بَلِي. قال الأعشى:
٣٣٧٢ - قالَتْ قُتَيْلَةُ ما لجِسْمِكَ شاحباً | وأرى ثيابَكَ بالِياتٍ هُمَّدا |
٣٣٧٣ - بَعَثْنا رَبِيْئاً قبلَ ذلك مُخْمِلاً | كذئب الغضى يمشي الضَّراء ويَتَّقي |
٣٣٧٤ -...................... | ولا ذاكرَ اللهَ إلاَّ قليلا |
٣٣٧٥ - إنَّ الخليفةَ إنَّ اللهَ سَرْبلَه | سِرْبالَ مُلْكٍ به تُرْجَى الخواتيمُ |
قلت: قوله:» فإنَّه يتعيَّنُ قولُه إن الله يَفْصِل «يعني أن يكونَ خبراً. ليس كذلك لأنَّ الآيةَ محتمِلةٌ لوجهين آخرين ذكرهما الناسُ. الأول: أن يكونَ الخبرُ محذوفاً تقديرُه: يفترقون يومَ القيامة ونحُوه، والمذكورُ تفسيرٌ له. كذا ذكره أبو البقاء. والثاني: أنَّ» إنَّ «الثانيةَ تكريرٌ للأولى على سبيلِ التوكيدِ. وهذا ماشٍ على القاعدة: وهو أنَّ الحرفَ إذا كُرِّرَ توكيداً أُعِيْدَ معه ما اتَّصل به أو ضميرُ ما اتَّصل به، وهذا قد أُعِيدَ معه ما أتَّصل به أولاً: وهي الجلالةُ المعظمةُ، فلم يتعيَّنْ أَنْ يكونَ قولُه: ﴿إِنَّ الله يَفْصِلُ﴾ خبراً ل» إنَّ «الأَوْلى كما ذُكر.
وقد تقدَّم تفسيرُ ألفاظِ هذه الآيةِ، إلاَّ المجوسَ. وهم قومٌ اختلف أهلُ العلمِ فيهم فقيل: قومٌ يعبدون النارَ. وقيل: الشمسَ والقمرَ. وقيل: اعتزلوا النصارى ولَبِسوا المُسُوْح. وقيل: أَخَذوا من دين النصارى شيئاً، ومن دينِ
244
اليهودِ شيئاً، وهم القائلونَ بأنَّ للعالم أصلين: نورٌ وظلمةٌ. وقيل: هم قومٌ يستعملون النجاساتِ، والأصل: نَجوس بالنونِ فأُبْدِلَتْ ميماً.
245
قوله: ﴿وَكَثِيرٌ مِّنَ الناس﴾ : فيه أوجهٌ أحدُها: أنه مرفوعٌ بفعلٍ مضمرٍ تقديرُه: ويَسْجُدُ له كثيرٌ من الناس. وهذا عند مَنْ يمنعُ استعمالَ المشتركِ في معَنيْيه، أو الجمعَ بين الحقيقة والمجازِ، في كلمةٍ واحدةٍ؛ وذلك أنَّ السجودَ المسندَ لغيرِ العقلاءِ غيرُ السجود المسندِ للعقلاءِ، فلا يُعْطَفُ «كثيرٌ من الناس» على ما قبلَه لاختلافِ الفعلِ المسندِ إليهما في المعنى. ألا ترى أنَّ سجودَ غيرِ العقلاءِ هو الطَّواعيةُ والإِذعانُ لأمرِه، وسجودَ العقلاءِ هو هذه الكيفيةُ المخصوصةٌ.
الثاني: أنَّه معطوفٌ على ما تقدَّمه. وفي ذلك ثلاثةُ تأويلاتٍ أحدُها: أنَّ المرادَ بالسجودِ القَدْرُ المشتركُ بين الكلِّ العقلاءِ وغيرِهم وهو الخضوعُ والطواعيةُ، وهو من بابِ الاشتراكِ المعنويِّ. والتأويلُ الثاني: أنه مشتركٌ اشتراكاً لفظياً، ويجوز استعمالُ المشتركِ في معنييه. والتأويلُ الثالث: أنَّ السجودَ المسندَ للعقلاءِ حقيقةٌ ولغيرِهم مجازٌ. ويجوز الجمعُ بين الحقيقةِ والمجازِ. وهذه الأشياءُ فيها خلافٌ، لتقريرِه موضوعٌ هو أليقُ به من هذا.
الثالثُ من الأوجه المتقدمة: أن يكونَ «كثيرٌ» مرفوعاً بالابتداء. وخبرُه محذوفٌ وهو «مُثابٌ» لدلالة خبرِ مقابلِه عليه، وهو قولُه: ﴿وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العذاب﴾ كذا قَدَّره الزمخشريُّ. وقَدَّره أبو البقاء: «مُطيعون أو مُثابون أو نحوُ ذلك».
الثاني: أنَّه معطوفٌ على ما تقدَّمه. وفي ذلك ثلاثةُ تأويلاتٍ أحدُها: أنَّ المرادَ بالسجودِ القَدْرُ المشتركُ بين الكلِّ العقلاءِ وغيرِهم وهو الخضوعُ والطواعيةُ، وهو من بابِ الاشتراكِ المعنويِّ. والتأويلُ الثاني: أنه مشتركٌ اشتراكاً لفظياً، ويجوز استعمالُ المشتركِ في معنييه. والتأويلُ الثالث: أنَّ السجودَ المسندَ للعقلاءِ حقيقةٌ ولغيرِهم مجازٌ. ويجوز الجمعُ بين الحقيقةِ والمجازِ. وهذه الأشياءُ فيها خلافٌ، لتقريرِه موضوعٌ هو أليقُ به من هذا.
الثالثُ من الأوجه المتقدمة: أن يكونَ «كثيرٌ» مرفوعاً بالابتداء. وخبرُه محذوفٌ وهو «مُثابٌ» لدلالة خبرِ مقابلِه عليه، وهو قولُه: ﴿وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العذاب﴾ كذا قَدَّره الزمخشريُّ. وقَدَّره أبو البقاء: «مُطيعون أو مُثابون أو نحوُ ذلك».
245
الرابع: أَنْ يرتفعَ «كثيرٌ» على الابتداءِ أيضاً، ويكون خبرُه «من الناس» أي: من الناس الذين هم الناسُ على الحقيقةِ، وهم الصالحون والمتَّقون.
والخامسُ: أن يرتفعَ بالابتداءِ أيضاً. ويُبالَغَ في تكثير المحقوقينِ بالعذاب، فيُعطفَ «كثيرٌ» على «كثير» ثم يُخْبَرَ عنهم ب ﴿حَقَّ عَلَيْهِ العذاب﴾ ذكر ذلك الزمخشري. قال الشيخ: بعد أن حكى عن الزمخشريِّ الوجهين الآخرين قال: «وهذان التخريجان ضعيفان» ولم يُبَيِّنْ وجهَ ضعفِهما.
قلت: أمَّا أوَّلُهما فلا شكَّ في ضعفِه؛ إذ لا فائدةَ طائلةٌ في الإِخبارِ بذلك. / وأمَّا الثاني فقد يظهر: وذلك أنَّ التكريرَ يفيد التكثيرَ، وهو قريبٌ مِنْ قولِهم: «عندي ألفٌ وألفٌ»، وقوله:
وقرأ الزهري «والدَّوابُ» مخففَ الباءِ. قال أبو البقاء: «ووجهُها: أنه حَذَف الباءَ الأولى كراهيةَ التضعيفِ والجمعِ بين ساكنين». وقرأ جناح بن حبيش و «كبيرٌ» بالباء الموحدة. وقرىء «وكثيرٌ حَقَّاً» بالنصب.
والخامسُ: أن يرتفعَ بالابتداءِ أيضاً. ويُبالَغَ في تكثير المحقوقينِ بالعذاب، فيُعطفَ «كثيرٌ» على «كثير» ثم يُخْبَرَ عنهم ب ﴿حَقَّ عَلَيْهِ العذاب﴾ ذكر ذلك الزمخشري. قال الشيخ: بعد أن حكى عن الزمخشريِّ الوجهين الآخرين قال: «وهذان التخريجان ضعيفان» ولم يُبَيِّنْ وجهَ ضعفِهما.
قلت: أمَّا أوَّلُهما فلا شكَّ في ضعفِه؛ إذ لا فائدةَ طائلةٌ في الإِخبارِ بذلك. / وأمَّا الثاني فقد يظهر: وذلك أنَّ التكريرَ يفيد التكثيرَ، وهو قريبٌ مِنْ قولِهم: «عندي ألفٌ وألفٌ»، وقوله:
٣٣٧٦ - لو عُدَّ قبرٌ وقبرٌ كنتَ أَكْرَمَهم | .......................... |
246
وناصبُه محذوفٌ وهو الخبرُ، تقديرُه: وكثير حَقَّ عليه العذابُ حقاً. «والعذابُ» مرفوع بالفاعلية. وقُرِىء «حُقَّ» مبنياً للمفعولِ.
وقال ابن عطية: ﴿وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العذاب﴾ يحتمل أن يكونةَ معطوفاً على ما تقدَّم أي: وكثير حَقَّ عليه العذابُ يسجد أي كراهيةً وعلى رَغْمِه: إما بظلِّه، وإمَّا بخضوعِه عند المكاره «. قلت: فقولُه:» معطوفٌ على ما تقدَّم «يعني عطفَ الجملِ لا أنه هو وحدَه عطفٌ على ما قبله، بدليلِ أنه قَدَّره مبتدأً. وخبرُه قوله:» يَسْجد «.
قوله: ﴿وَمَن يُهِنِ الله﴾ » مَنْ «مفعولٌ مقدمٌ، وهي شرطيةٌ. جوابُها الفاءُ مع ما بعدها. والعامَّةُ على» مُكْرِمٍ «بكسرِ الراء اسمَ فاعل. وقرأ ابن أبي عبلة بفتحِها، وهو اسمُ مصدرٍ أي: فما له مِنْ إكرام.
وقال ابن عطية: ﴿وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العذاب﴾ يحتمل أن يكونةَ معطوفاً على ما تقدَّم أي: وكثير حَقَّ عليه العذابُ يسجد أي كراهيةً وعلى رَغْمِه: إما بظلِّه، وإمَّا بخضوعِه عند المكاره «. قلت: فقولُه:» معطوفٌ على ما تقدَّم «يعني عطفَ الجملِ لا أنه هو وحدَه عطفٌ على ما قبله، بدليلِ أنه قَدَّره مبتدأً. وخبرُه قوله:» يَسْجد «.
قوله: ﴿وَمَن يُهِنِ الله﴾ » مَنْ «مفعولٌ مقدمٌ، وهي شرطيةٌ. جوابُها الفاءُ مع ما بعدها. والعامَّةُ على» مُكْرِمٍ «بكسرِ الراء اسمَ فاعل. وقرأ ابن أبي عبلة بفتحِها، وهو اسمُ مصدرٍ أي: فما له مِنْ إكرام.
247
قوله: ﴿هذان خَصْمَانِ﴾ : الخَصْم في الأصل: مصدرٌ؛ ولذلك يُوحَّدُ ويذكَّرُ غالباً، وعليه قولُه تعالى: ﴿نَبَأُ الخصم إِذْ تَسَوَّرُواْ﴾ [ص: ٢١]. ويجوز أنْ يُثَنَى ويجمعَ ويؤنَّثَ، وعليه هذه الآيةُ. ولمَّا كان كلُّ خَصْمٍ فريقاً يَجْمَعُ طائفةً قال: «اختصَمُوا» بصيغةِ الجمع كقولِه: ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا﴾ [الحجرات: ٩] فالجمعُ مراعاةً للمعنى.
وقرأ ابن أبي عبلة «اختصما» مراعاةً للفظِه وهي مخالفةٌ للسَّواد. وقال
وقرأ ابن أبي عبلة «اختصما» مراعاةً للفظِه وهي مخالفةٌ للسَّواد. وقال
247
أبو البقاء: وأكثرُ الاستعمالِ توحيدُه فَمَنْ ثَنَّاه وجَمَعه حَمَله الصفات والأسماء، و «اختصموا» إنما جُمِعَ حملاً على المعنى لأنَّ كلَّ خصمٍ [فريقٌ] تحته أشخاصٌ «. وقال الزمخشري:» الخصم صفةٌ وُصِفَ بها الفوجُ أو الفريقُ فكأنه قيل: هذان فوجان أو فريقان مختصمان. وقوله: «هذان» للَّفظِ، و «اختصموا» للمعنى كقوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حتى إِذَا خَرَجُواْ﴾ [محمد: ١٦] ولو قيل: هؤلاء خصمان أو اختصما جاز أن يُراد: المؤمنون والكافرون «. قلت: إنْ عنى بقوله:» إن «خَصْماً» صفةٌ «بطريقِ الاستعمال المجازي فمُسَلَّم؛ لأنَّ المصدرَ يكثرُ الوصفُ به، وإنْ أراد أنه صفةٌ حقيقةً فَخَطَؤُه ظاهرٌ لتصريِحهم بأن نحوَ» رجلٌ خصمٌ «مثل» رجلٌ عَدْل «وقوله:» هذان للفظِ «أي: إنما أُشير إليهم إشارةُ المثنى وإنْ كان في الحقيقة المرادُ الجمعَ، باعتبار لفظِ الفوجَيْن والفريقين ونحوهما. وقوله كقولِهم: ﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ﴾ إلى آخره فيه نظرٌ؛ لأنَّ في تيك الآيةِ تقدَّمَ شيءٌ له لفظٌ ومعنىً، وهو» مَنْ «، وهنا لم يتقدَّمْ شيءٌ له لفظٌ ومعنىً. وقوله تعالى: ﴿فِي رَبِّهِمْ﴾ أي: في دين ربهم، فلا بُدَّ من حذف مضاف.
وقرأ الكسائيُّ في روايةٍ عنه» خِصمان «بكسر الخاء. وقوله: ﴿فالذين كَفَرُواْ﴾ هذه الجملةُ تفصيلٌ وبيانٌ لفصلِ الخصومة المَعْنِيِّ بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ﴾ [الآية: ١٧] قال الزمخشري. وعلى هذا فيكونُ {هذان
وقرأ الكسائيُّ في روايةٍ عنه» خِصمان «بكسر الخاء. وقوله: ﴿فالذين كَفَرُواْ﴾ هذه الجملةُ تفصيلٌ وبيانٌ لفصلِ الخصومة المَعْنِيِّ بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ﴾ [الآية: ١٧] قال الزمخشري. وعلى هذا فيكونُ {هذان
248
خَصْمَانِ} معترضاً. والجملة مِنْ» اختصموا «حاليةٌ، وليست مؤكدةً؛ لأنها أخصُّ مِنْ مطلقِ الخصومةِ المفهومةِ من» خصمان «.
وقرأ الزعفراني في اختياره» قُطِعَتْ «مخففَ الطاءِ. والقراءةُ المشهورةُ تفيدُ التكثيرَ، وهذه تحتمله.
قوله: ﴿يُصَبُّ﴾ هذه الجملةُ تحتمل أَنْ تكون خبراً ثانياً للموصول، وأن تكونَ حالاً من الضميرِ في» لهم «، وأن تكونَ مستأنفةً.
وقرأ الزعفراني في اختياره» قُطِعَتْ «مخففَ الطاءِ. والقراءةُ المشهورةُ تفيدُ التكثيرَ، وهذه تحتمله.
قوله: ﴿يُصَبُّ﴾ هذه الجملةُ تحتمل أَنْ تكون خبراً ثانياً للموصول، وأن تكونَ حالاً من الضميرِ في» لهم «، وأن تكونَ مستأنفةً.
249
قوله: ﴿يُصْهَرُ﴾ جملةٌ حاليةٌ من الحميم. والصَّهْرُ: الإِذابَةُ. يُقال: صَهَرْتُ الشحم أي: أَذَبْتُه والصُّهارة: الأَلْيَةُ المُذابة، وصَهَرَتْهُ الشمسُ: أذابَتْه بحرارتها قال:
وسُمِّي الصِّهْرُ صِهْراً لامتزاجِه بأصهاره تخيُّلاً لشدةِ المخالطة. وقرأ الحسن في آخرين «يُصَهَّرُ» بفتحِ الصادِ وتشديدِ الهاء مبالغةً وتكثيراً لذلك.
قوله: ﴿والجلود﴾ فيه وجهان، أظهرُهما: عَطْفُه على «ما» الموصولة أي: يُذابُ الذي في بطونِهم من الأمعاءِ، وتُذاب أيضاً الجلودُ أي: يُذاب ظاهرُهم وباطنُهم. والثاني: أنه مرفوعٌ بفعلٍ مقدَّرٍ أي: وتُحْرَقُ الجلودُ. قالوا: لأن
٣٣٧٧ -......................... | تَصْهَرُه الشمسُ فما يَنْصَهِرْ |
قوله: ﴿والجلود﴾ فيه وجهان، أظهرُهما: عَطْفُه على «ما» الموصولة أي: يُذابُ الذي في بطونِهم من الأمعاءِ، وتُذاب أيضاً الجلودُ أي: يُذاب ظاهرُهم وباطنُهم. والثاني: أنه مرفوعٌ بفعلٍ مقدَّرٍ أي: وتُحْرَقُ الجلودُ. قالوا: لأن
249
الجلدَ لا يُذابُ، إنما يَنْقَبِضُ وينكمشُ إذا صَلِي النارَ وهو في التقدير كقوله:
[وقوله].
[وقولِه تعالى] :﴿والذين تَبَوَّءُوا الدار والإيمان﴾ [الحشر: ٩]. فإنه على تقديرِ: وسَقَيْتُها ماءً، وكَحَّلُنَ العُيونا، واعتقدوا الإِيمانَ.
٣٣٧٨ - عَلَفْتُها تِبْناً وماءً بارداً | ........................ |
٣٣٧٩ -......................... | وزَجَّجْنَ الحواجبَ والعيونا |
250
قوله: ﴿وَلَهُمْ مَّقَامِعُ﴾ : يجوزُ في هذا الضميرِ وجهان، أظهرُهما: أنه يعودُ على الذين كفروا، وفي اللام حينئذٍ قولان، أحدهما: أنها للاستحقاقِ. والثاني: أنها بمعنى «على» كقولِه: و ﴿لَهُمُ اللعنة﴾ [الرعد: ٢٥] وليس بشيءٍ. الوجه الثاني: أنَّ الضميرَ يعودُ على الزبانية أعوانِ جهَّنَم ودَلَّ عليهم سياقُ الكلامِ، وفيه بُعْدٌ. و «مِنْ حديدٍ» صفةٌ لمقامِع وهي جمعُ «مِقْمَعَه» بكسرِ الميمِ لأنَّها آلةُ القمعِ. يقال: قَمَعَه يَقْمَعُه إذا ضَرَبه بشيءٍ يَزْجُرُه به ويُذِلُّه، والمِقْمَعَةُ: المِطْرَقَةُ. وقيل: السَّوْطُ.
قوله: ﴿كُلَّمَآ أرادوا﴾ : كلَّ: نصبٌ على الظرفِ. وقد تقدَّم الكلامُ في تحقيقِها في البقرة. والعاملُ فيها هنا قوله: ﴿أُعِيدُواْ﴾. و {مِنْ
250
غَمٍّ} فيه وجهان أحدُهما: أنه بدلٌ من الضميرِ في «منها» بإعادةِ العاملِ، بدلُ اشتمالٍ كقولِه: ﴿لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ﴾ [الزخرف: ٣٣]. ولكن لا بُدَّ في بدلِ الاشتمال من رابطٍ، ولا رابطَ، فقالوا: هو مقدرٌ تقديره: مِنْ غَمِّها. والثاني: أنه مفعولٌ له، ولمَّا نَقَصَ شرطٌ من شروطِ النصبِ جُرَّ بحرفِ السَّببِ. وذلك الشرطُ: هو عدمُ اتحادِ الفاعلِ؛ فإن فاعل الخروجِ غيرُ فاعلِ الغَمِّ، فإنَّ الغَمَّ من النارِ والخروجَ من الكفار.
قوله: ﴿وَذُوقُواْ﴾ منصوبٌ بقولٍ مقدرٍ معطوفٍ على «أُعِيْدُوا» أي: وقِيل لهم: ذُوْقوا.
قوله: ﴿وَذُوقُواْ﴾ منصوبٌ بقولٍ مقدرٍ معطوفٍ على «أُعِيْدُوا» أي: وقِيل لهم: ذُوْقوا.
251
قوله: ﴿يُحَلَّوْنَ﴾ : العامَّةُ على الياءِ وفتحِ اللامِ مشددةً، مِنْ حَلاَّه يُحَلِّيه إذا ألبسَه الحُلِيَّ. وقُرِىءَ بسكون الحاءِ وفتحِ اللامِ مخففةً، وهو بمعنى الأول، كأنَّهم عَدَّوْه تارةً بالتضعيف وتارةً بالهمزةِ. قال أبو البقاء: «مِنْ قولك: أحلى أي ألبسَ الحُلِيَّ، وهو بمعنى المشدَّد».
وقرأ أبنُ عباسٍ بفتحِ الياءِ وسكونِ الحاءِ وفتحِ اللامِ مخففةً. وفيها ثلاثةُ أوجهٍ. أحدُها: أنَّه من حَلِيَتْ المرأةُ تَحْلَى فهي حالٍ. وكذلك حَلِيَ الرجلُ فهو حالٍ، إذا لَبِسا الحُلِيَّ أو صارا دونَ حُلِيّ. الثاني: أنَّه من حَلِيَ بعيني كذا يَحْلَى إذا اسْتَحْسَنْته. و «مِنْ» مزيدةٌ في قولِه ﴿مِنْ أَسَاوِرَ﴾ قال: «فيكونُ المعنى: يَسْتَحْسِنون فيها الأساور الملبوسة». ولما نقل الشيخ هذا الوجهَ عن أبي الفضل الرازي قال: «وهذا ليس بجيد لأنه جَعَلَ حَلِيَ فعلاً
وقرأ أبنُ عباسٍ بفتحِ الياءِ وسكونِ الحاءِ وفتحِ اللامِ مخففةً. وفيها ثلاثةُ أوجهٍ. أحدُها: أنَّه من حَلِيَتْ المرأةُ تَحْلَى فهي حالٍ. وكذلك حَلِيَ الرجلُ فهو حالٍ، إذا لَبِسا الحُلِيَّ أو صارا دونَ حُلِيّ. الثاني: أنَّه من حَلِيَ بعيني كذا يَحْلَى إذا اسْتَحْسَنْته. و «مِنْ» مزيدةٌ في قولِه ﴿مِنْ أَسَاوِرَ﴾ قال: «فيكونُ المعنى: يَسْتَحْسِنون فيها الأساور الملبوسة». ولما نقل الشيخ هذا الوجهَ عن أبي الفضل الرازي قال: «وهذا ليس بجيد لأنه جَعَلَ حَلِيَ فعلاً
251
متعدياً، ولذلك حَكَم بزيادةِ» مِنْ «في الواجبِ. وليس مذهبَ البصريين. وينبغي على هذا التقديرِ أَنْ لا يجوزَ؛ لأنه لا يُحْفَظُ بهذا المعنى إلاَّ لازِماً، فإنْ كان بهذا المعنى كانَتْ» مِنْ «للسببِ أي: بلباسِ أساورِ الذهبِ يَحْلَوْن بعينِ مَنْ رآهم، أي: يحلى بعضُهم بعينِ بعضٍ».
قلت: وهذا الذي نقله عن أبي الفضلِ قاله أبو البقاء، وجَوَّز في مفعولِ الفعلِ وجهاً آخرَ فقال: «ويجوزُ أن يكونَ مِنْ حَلِيَ بعيني كذا إذا حَسُن، وتكونُ» مِنْ «زائدةً أو يكونُ المفعولُ محذوفاً، و» مِنْ أساورَ «نعتٌ له». فقد حكمَ عليه بالتعدِّي ليس إلاَّ، وجَوَّز في المفعول الوجهَيْن المذكورَيْن.
الثالث: أنَّه مِنْ حَلِيَ بكذا إذا ظَفِرَ به، فيكونُ التقديرُ: يَحْلَوْن بأساورَ. ف «مِنْ» بمعنى الباء. ومِنْ مجيءِ حَلِيَ بمعنى ظَفِرَ قولُهم: لم يَحْلَ فلانٌ بطائلٍ أي: لم يظفرْ به. واعلم أنَّ حَلِي بمعنى لبس الحلية، أو بمعنى ظَفِر من مادةِ الياءِ لأنهما مِن الحِلْيَةِ. وأمَّا حَلِيَ بعيني كذا فإنه من مادة الواو لأنه من الحلاوة، وإنما قلبت الواو ياءً لانكسار ما قبلها.
قوله: ﴿مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ﴾ في «مِنْ» الأولى ثلاثةُ أوجه، أحدُها: أنها زائدةٌ، كما تقدَّم تقريره عن الرازي وأبي البقاء. وإن لم يكنْ مِنْ أصولِ البصريين. والثاني: أنَّها للتعبيضِ أي: بعض أساور. والثالث: أنها لبيانِ الجنسِ، قاله ابن عطية، وبه بدأ. وفيه نظرٌ إذ لم يتقدَّمْ شيءٌ مبهمٌ. وفي «مِنْ ذهب» لابتداءِ الغايةِ، هي نعتٌ لأساورَ كما تقدَّم.
وقرأ ابن عباس «مِنْ أَسَوِرَ» دونَ ألفٍ ولا هاءٍ، وهو محذوفٌ مِنْ «
قلت: وهذا الذي نقله عن أبي الفضلِ قاله أبو البقاء، وجَوَّز في مفعولِ الفعلِ وجهاً آخرَ فقال: «ويجوزُ أن يكونَ مِنْ حَلِيَ بعيني كذا إذا حَسُن، وتكونُ» مِنْ «زائدةً أو يكونُ المفعولُ محذوفاً، و» مِنْ أساورَ «نعتٌ له». فقد حكمَ عليه بالتعدِّي ليس إلاَّ، وجَوَّز في المفعول الوجهَيْن المذكورَيْن.
الثالث: أنَّه مِنْ حَلِيَ بكذا إذا ظَفِرَ به، فيكونُ التقديرُ: يَحْلَوْن بأساورَ. ف «مِنْ» بمعنى الباء. ومِنْ مجيءِ حَلِيَ بمعنى ظَفِرَ قولُهم: لم يَحْلَ فلانٌ بطائلٍ أي: لم يظفرْ به. واعلم أنَّ حَلِي بمعنى لبس الحلية، أو بمعنى ظَفِر من مادةِ الياءِ لأنهما مِن الحِلْيَةِ. وأمَّا حَلِيَ بعيني كذا فإنه من مادة الواو لأنه من الحلاوة، وإنما قلبت الواو ياءً لانكسار ما قبلها.
قوله: ﴿مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ﴾ في «مِنْ» الأولى ثلاثةُ أوجه، أحدُها: أنها زائدةٌ، كما تقدَّم تقريره عن الرازي وأبي البقاء. وإن لم يكنْ مِنْ أصولِ البصريين. والثاني: أنَّها للتعبيضِ أي: بعض أساور. والثالث: أنها لبيانِ الجنسِ، قاله ابن عطية، وبه بدأ. وفيه نظرٌ إذ لم يتقدَّمْ شيءٌ مبهمٌ. وفي «مِنْ ذهب» لابتداءِ الغايةِ، هي نعتٌ لأساورَ كما تقدَّم.
وقرأ ابن عباس «مِنْ أَسَوِرَ» دونَ ألفٍ ولا هاءٍ، وهو محذوفٌ مِنْ «
252
أساوِر» كما [في] جَنَدِلٍ والأصل جَنادِل، قال الشيخ: «وكان قياسه صَرْفَه؛ لأنه نَقَصَ بناؤُه فصار كجَنَدِلٍ، لكنه قَدَّر المحذوفَ موجوداً فمعنه الصرف».
قلت: فقد جعل أنَّ التنوينَ في جَنَدِلٍ المقصور مِنْ «جنادل» تنوينُ صَرْفٍ. وقد نصَّ بعض النحاة على أنه تنوينُ عوضٍ كهو في جَوارٍ وغَواشٍ وبابِهما.
قوله: ﴿وَلُؤْلُؤاً﴾ قرأ نافعٌ وعاصمٌ بالنصبِ. والباقون بالخفضِ. فأمَّا النصبُ ففيه أربعةُ أوجهٍ، أحدها: أنَّه منصوبٌ بإضمار فعلٍ تقديرُه: ويُؤْتَوْن لُؤْلؤاً. ولم يذكر الزمخشريُّ غيرَه/، وكذا أبو الفتح حَمَله على إضمار فعلٍ. الثاني: أنَّه منصوبٌ نَسَقاً على موضع «مِنْ أساور»، وهذا كتخريجِهم «وأرجُلَكُمْ» بالنصب عطفاً على محلِّ ﴿برؤوسكم﴾ [المائدة: ٦]، ولأن ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ﴾ في قوة: «يَلْبَسون أساور» فَحُمِل هذا عليه. والثالث: أنه عطفٌ على «أساور» ؛ لأنَّ «مِنْ» مزيدةٌ فيها كما تقدَّم تقريرُه. الرابع: أنه معطوفٌ على ذلك المفعولِ المحذوفِ. التقديرُ: يُحَلَّوْن فيها الملبوسَ مِنْ أساور ولؤلؤاً. ف «لؤلؤاً» عطفٌ على الملبوس.
قلت: فقد جعل أنَّ التنوينَ في جَنَدِلٍ المقصور مِنْ «جنادل» تنوينُ صَرْفٍ. وقد نصَّ بعض النحاة على أنه تنوينُ عوضٍ كهو في جَوارٍ وغَواشٍ وبابِهما.
قوله: ﴿وَلُؤْلُؤاً﴾ قرأ نافعٌ وعاصمٌ بالنصبِ. والباقون بالخفضِ. فأمَّا النصبُ ففيه أربعةُ أوجهٍ، أحدها: أنَّه منصوبٌ بإضمار فعلٍ تقديرُه: ويُؤْتَوْن لُؤْلؤاً. ولم يذكر الزمخشريُّ غيرَه/، وكذا أبو الفتح حَمَله على إضمار فعلٍ. الثاني: أنَّه منصوبٌ نَسَقاً على موضع «مِنْ أساور»، وهذا كتخريجِهم «وأرجُلَكُمْ» بالنصب عطفاً على محلِّ ﴿برؤوسكم﴾ [المائدة: ٦]، ولأن ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ﴾ في قوة: «يَلْبَسون أساور» فَحُمِل هذا عليه. والثالث: أنه عطفٌ على «أساور» ؛ لأنَّ «مِنْ» مزيدةٌ فيها كما تقدَّم تقريرُه. الرابع: أنه معطوفٌ على ذلك المفعولِ المحذوفِ. التقديرُ: يُحَلَّوْن فيها الملبوسَ مِنْ أساور ولؤلؤاً. ف «لؤلؤاً» عطفٌ على الملبوس.
253
وأمَّا الجرُّ فعلى وجهَيْن، أحدُهما: عطفُه على «أساور». والثاني: عَطْفُه على «مِنْ ذهبٍ» لأنَّ السِّوارَ يُتَّخَذُ من اللؤلؤ أيضاً، يُنْظَمُ بعضُه إلى بعضٍ. وقد منع أبو البقاء العطفَ على «ذهب» قال: «لأنَّ السِّوار لا يكونَ مِنْ لؤلؤ في العادة ويَصِحُّ أن يكونَ حُلِيّاً».
واختلف الناسُ في رَسْمِ هذه اللفظةِ في الإِمام: فنقل الأصمعيُّ أنها في الإِمام «لؤلؤ» بغير ألفٍ بعد الواو، ونقل الجحدريُّ أنها ثابتةٌ في الإِمامِ بعد الواو. وهذا الخلافُ بعينه قراءةً وتوجيهاً جارٍ في حَرْف فاطر أيضاً.
وقرأ أبو بكر في رواية المُعَلّى بن منصور عنه «لؤلوا» بهمزةٍ أولاً وواوٍ آخِراً. وفي روايةِ يحيى عنه عكسُ ذلك.
وقرأ الفياض «ولُوْلِيا» بواوٍ أولاً وياءٍ أخيراً، والأصل: لُؤْلُؤاً أبدل الهمزتينِ واوَيْن، فبقي في آخرِ الاسم واوٌ بعد ضمةٍ. فَفُعِل فيها ما فُعِل ب أَدْلٍ جمعَ دَلْو: بأنْ قُلِبَتْ الواوُ ياءً والضمةُ كسرةً.
وقرأ ابنُ عباس: «وَلِيْلِيا» يياءَيْنِ، فَعَل ما فَعَل الفياض، ثم أتبعَ الواوَ
واختلف الناسُ في رَسْمِ هذه اللفظةِ في الإِمام: فنقل الأصمعيُّ أنها في الإِمام «لؤلؤ» بغير ألفٍ بعد الواو، ونقل الجحدريُّ أنها ثابتةٌ في الإِمامِ بعد الواو. وهذا الخلافُ بعينه قراءةً وتوجيهاً جارٍ في حَرْف فاطر أيضاً.
وقرأ أبو بكر في رواية المُعَلّى بن منصور عنه «لؤلوا» بهمزةٍ أولاً وواوٍ آخِراً. وفي روايةِ يحيى عنه عكسُ ذلك.
وقرأ الفياض «ولُوْلِيا» بواوٍ أولاً وياءٍ أخيراً، والأصل: لُؤْلُؤاً أبدل الهمزتينِ واوَيْن، فبقي في آخرِ الاسم واوٌ بعد ضمةٍ. فَفُعِل فيها ما فُعِل ب أَدْلٍ جمعَ دَلْو: بأنْ قُلِبَتْ الواوُ ياءً والضمةُ كسرةً.
وقرأ ابنُ عباس: «وَلِيْلِيا» يياءَيْنِ، فَعَل ما فَعَل الفياض، ثم أتبعَ الواوَ
254
الأولى للثانيةِ في القلبِ. وقرأ طلحة «وَلُوْلٍ» بالجر عطفاً على المجرورِ قبلَه. وقد تقدم، والأصل «ولُوْلُوٍ» بواوين، ثم أُعِلَّ إعلالَ أَدْلٍ.
واللُّؤْلُؤُ: قيل: كِبارُ الجوهر وقيل صغِارُه.
واللُّؤْلُؤُ: قيل: كِبارُ الجوهر وقيل صغِارُه.
255
قوله: ﴿مِنَ القول﴾ : يجوزُ أَنْ يكونَ حالاً من «الطيِّب»، وأن يكونَ حالاً مِن الضميرِ المستكِنِّ فيه. و «مِنْ» للتبعيضِ أو للبيانِ.
قوله: ﴿وَيَصُدُّونَ﴾ : فيه ثلاثةُ أوجه، أحدها: أنه معطوفٌ على ما قبلَه. وحينئذٍ ففي عطفِه على الماضي ثلاثةُ تأويلاتٍ. أحدُها: أنَّ المضارعَ قولاً يُقْصَدُ به الدلالةُ على زمنٍ معينٍ من حالٍ، أو استقبالٍ، وإنما يُراد به مجردُ الاستمرارِ. ومثلُه ﴿الذين آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ الله﴾ [الرعد: ٢٨]. الثاني: أنه مؤولٌ بالماضي لعطفِه على الماضي. الثالث: أنه على بابِه، وأنَّ الماضي قبلَه مُؤَوَّل بالمستقبل.
الوجه الثاني: أنَّه حالٌ من فاعل «كفروا» وبه بدأ أبو البقاء. وهو فاسدٌ ظاهراً؛ لأنه مضارعٌ مثبتٌ، وما كان كذلك لا تَدْخُل عليه الواو، وما ورد منه على قِلَّتِه مؤولٌ فلا يُحْمل عليه القرآنُ، وعلى هذين القولَيْنِ فالخبرُ محذوفٌ. واختلفوا في موضعِ تقديرِه: فقدَّره ابن عطية بعد قولِه «والبادِ» أي: إن الذين كفروا خَسِروا أو هلكوا ونحو ذلك. وقدَّره الزمخشري بعد قوله {والمسجد
الوجه الثاني: أنَّه حالٌ من فاعل «كفروا» وبه بدأ أبو البقاء. وهو فاسدٌ ظاهراً؛ لأنه مضارعٌ مثبتٌ، وما كان كذلك لا تَدْخُل عليه الواو، وما ورد منه على قِلَّتِه مؤولٌ فلا يُحْمل عليه القرآنُ، وعلى هذين القولَيْنِ فالخبرُ محذوفٌ. واختلفوا في موضعِ تقديرِه: فقدَّره ابن عطية بعد قولِه «والبادِ» أي: إن الذين كفروا خَسِروا أو هلكوا ونحو ذلك. وقدَّره الزمخشري بعد قوله {والمسجد
255
الحرام} أي: إنَّ الذين كفروا نُذِيْقُهم من عذاب أليم. وإنما قَدَّره كذلك لأن قوله: ﴿نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ يَدُلُّ عليه.
إلاَّ أنَّ الشيخَ قال في تقدير الزمخشري بعد المسجد الحرام: «لا يصحُّ»، قال: «لأنَّ» الذي «صفة للمسجد الحرام، فموضعُ التقديرِ هو بعد» البادِ «يعني: أنه يلزمُ من تقديرِه الفصلُ بينَ الصفةِ والموصوفِ بأجنبيّ، وهو خبرُ» إنّ «، فيصيرُ التركيبُ هكذا: إنَّ الذين كفروا ويَصُدُّون عن سبيلِ اللهِ والمسجدِ الحرام نُذيقُهم مِنْ عذابٍ أليمٍ الذي جَعَلْناه للناس. وللزمخشريِّ أّنْ ينفصِلَ عن هذا الاعتراضِ بأن» الذي جَعَلْناه «لا نُسَلِّمُ أنَّه نعتٌ للمسجد حتى يَلْزَمَ ما ذَكَر، بل نَجْعَلُه مقطوعاً عنه نَصْباً أو رفعاً.
ثم قال الشيخ:» لكنَّ مُقَدَّرَ الزمخشريِّ أحسنُ من مقدَّرِ ابنِ عطية؛ لأنه يَدُلُّ عليه الجملةُ الشرطية بعدُ مِنْ جهة اللفظ، وابنُ عطية لَحَظَ من جهةِ المعنى؛ لأنَّ مَنْ أّذيق العذابَ خَسِر وهَلَكَ «.
الوجه الثالث: أنَّ الواوَ في» ويَصُدُّون «مزيدةٌ في خبر» إنَّ «تقديرُه: إنَّ الذين كفروا يَصُدُّون. وزيادةُ الواوِ مذهبٌ كوفي تقدَّم بُطلانُه، وقال ابنُ عطية:» وهذا مْفْسِدٌ للمعنى المقصودِ «. قلت: ولا أَدْري فسادَ المعنى من أيِّ جهة؟ ألا ترى أنه لو صُرِّح بقولِنا: إنَّ الذين كفروا يَصُدُّون لم يكنْ فيه فسادُ معنى. فالمانع إنما هو أمرٌ صناعيٌّ عند أهل البصرة لا معنويٌّ. اللهم إلاَّ أَنْ يريدَ معنىً خاصاً/ يَفْسُدُ لهذا التقديرِ فيُحتاج إلى بيانه.
إلاَّ أنَّ الشيخَ قال في تقدير الزمخشري بعد المسجد الحرام: «لا يصحُّ»، قال: «لأنَّ» الذي «صفة للمسجد الحرام، فموضعُ التقديرِ هو بعد» البادِ «يعني: أنه يلزمُ من تقديرِه الفصلُ بينَ الصفةِ والموصوفِ بأجنبيّ، وهو خبرُ» إنّ «، فيصيرُ التركيبُ هكذا: إنَّ الذين كفروا ويَصُدُّون عن سبيلِ اللهِ والمسجدِ الحرام نُذيقُهم مِنْ عذابٍ أليمٍ الذي جَعَلْناه للناس. وللزمخشريِّ أّنْ ينفصِلَ عن هذا الاعتراضِ بأن» الذي جَعَلْناه «لا نُسَلِّمُ أنَّه نعتٌ للمسجد حتى يَلْزَمَ ما ذَكَر، بل نَجْعَلُه مقطوعاً عنه نَصْباً أو رفعاً.
ثم قال الشيخ:» لكنَّ مُقَدَّرَ الزمخشريِّ أحسنُ من مقدَّرِ ابنِ عطية؛ لأنه يَدُلُّ عليه الجملةُ الشرطية بعدُ مِنْ جهة اللفظ، وابنُ عطية لَحَظَ من جهةِ المعنى؛ لأنَّ مَنْ أّذيق العذابَ خَسِر وهَلَكَ «.
الوجه الثالث: أنَّ الواوَ في» ويَصُدُّون «مزيدةٌ في خبر» إنَّ «تقديرُه: إنَّ الذين كفروا يَصُدُّون. وزيادةُ الواوِ مذهبٌ كوفي تقدَّم بُطلانُه، وقال ابنُ عطية:» وهذا مْفْسِدٌ للمعنى المقصودِ «. قلت: ولا أَدْري فسادَ المعنى من أيِّ جهة؟ ألا ترى أنه لو صُرِّح بقولِنا: إنَّ الذين كفروا يَصُدُّون لم يكنْ فيه فسادُ معنى. فالمانع إنما هو أمرٌ صناعيٌّ عند أهل البصرة لا معنويٌّ. اللهم إلاَّ أَنْ يريدَ معنىً خاصاً/ يَفْسُدُ لهذا التقديرِ فيُحتاج إلى بيانه.
256
قوله: ﴿الذي جَعَلْنَاهُ﴾ يجوزُ جَرُّه على النعتِ أو البدلِ أو البيانِ، والنصبُ بإضمار فعلٍ، والرفعُ بإضمارِ مبتدأ. و» جَعَلَ «يجوز أن يتعدى لاثنين بمعنى صَيَّر، وأَنْ يتعدَّى لواحدٍ.
والعامَّةُ على رفعِ ِ «سواءٌ» وقرأه حفصٌ عن عاصم بالنصبِ هنا وفي الجاثية: ﴿سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ﴾ [الآية: ٢١]. ووافق على الذي في الجاثيةِ الأخَوان، وسيأتي توجيهُه. فأمَّا على قراءةِ الرفع فإن قلنا: إنَّ جَعَلَ بمعنى صَيَّر كان في المفعولِ الثاني أوجهٌ، أحدها: وهو الأظهرُ أنَّ الجملةَ مِنْ قولِه ﴿سَوَآءٌ العاكف فِيهِ﴾ هي المفعولُ الثاني، ثم الأحسنُ في رفع «سواءٌ» أن يكون خبراً مقدماً، والعاكفُ والبادي مبتدأ مؤخر. وإنما وُحِّد الخبرُ وإن كان المبتدأُ اثنين؛ لأنَّ سواء في الأصل مصدرٌ وُصِفَ به. وقد تقدَّم هذا أولَ البقرة. وأجاز بعضُهم أن يكون «سواءٌ» مبتدأ، واما بعدَه الخبر. وفيه ضَعْفٌ أو مَنْعٌ من حيث الابتداءُ بالنكرة من غير مُسَوِّغٍ، ولأنه متى اجتمع معرفةٌ ونكرةٌ جُعِلت المعرفةُ المبتدأ. وعلى هذا الوجهِ أعني كونَ الجملة مفعولاً ثانياً فقولُه «للناس» يجوز فيه وجهان، أحدُهما: أن يتعلق بالجَعْل أي: جَعَلْناه لأجلِ الناسِ كذا. والثاني: أنه متعلقٌ بمحذوفٍ، على أنَّه حالٌ مِنْ مفعول «جَعَلْناه» ولم يذكر أبو البقاء فيه على هذا الوجهِ غيرَ ذلك وليس معناه متضحاً.
الوجه الثاني: أنَّ «للناس» هو المفعولُ الثاني. والجملةُ مِنْ قوله {سَوَآءٌ
والعامَّةُ على رفعِ ِ «سواءٌ» وقرأه حفصٌ عن عاصم بالنصبِ هنا وفي الجاثية: ﴿سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ﴾ [الآية: ٢١]. ووافق على الذي في الجاثيةِ الأخَوان، وسيأتي توجيهُه. فأمَّا على قراءةِ الرفع فإن قلنا: إنَّ جَعَلَ بمعنى صَيَّر كان في المفعولِ الثاني أوجهٌ، أحدها: وهو الأظهرُ أنَّ الجملةَ مِنْ قولِه ﴿سَوَآءٌ العاكف فِيهِ﴾ هي المفعولُ الثاني، ثم الأحسنُ في رفع «سواءٌ» أن يكون خبراً مقدماً، والعاكفُ والبادي مبتدأ مؤخر. وإنما وُحِّد الخبرُ وإن كان المبتدأُ اثنين؛ لأنَّ سواء في الأصل مصدرٌ وُصِفَ به. وقد تقدَّم هذا أولَ البقرة. وأجاز بعضُهم أن يكون «سواءٌ» مبتدأ، واما بعدَه الخبر. وفيه ضَعْفٌ أو مَنْعٌ من حيث الابتداءُ بالنكرة من غير مُسَوِّغٍ، ولأنه متى اجتمع معرفةٌ ونكرةٌ جُعِلت المعرفةُ المبتدأ. وعلى هذا الوجهِ أعني كونَ الجملة مفعولاً ثانياً فقولُه «للناس» يجوز فيه وجهان، أحدُهما: أن يتعلق بالجَعْل أي: جَعَلْناه لأجلِ الناسِ كذا. والثاني: أنه متعلقٌ بمحذوفٍ، على أنَّه حالٌ مِنْ مفعول «جَعَلْناه» ولم يذكر أبو البقاء فيه على هذا الوجهِ غيرَ ذلك وليس معناه متضحاً.
الوجه الثاني: أنَّ «للناس» هو المفعولُ الثاني. والجملةُ مِنْ قوله {سَوَآءٌ
257
العاكف} في محلِّ نصب على الحال: إمَّا من الموصول، وإمَّا مِنْ عائِدِه. وبهذا الوجه بدأ أبو البقاء. وفيه نظرٌ؛ لأنه جعل هذه الجملةَ التي هي محطُّ الفائدةِ فَضْلةً.
الوجه الثالث: أنَّ المفعولَ الثاني محذوفٌ، قال ابن عطية: «والمعنى: الذي جَعَلْناه للناس قِبْلةً ومتعبَّداً. فتقدير ابنِ عطية هذا مُرْشِدٌ لهذا الوجهِ. إلاَّ أن الشيخ». قال «ولا يُحتاج إلى هذا التقديرِ، إلاَّ إنْ كان أراد تفسيرَ المعنى لا الإِعراب. فيَسُوغ لأنَّ الجملةَ في موضعِ المفعولِ الثاني، فلا يُحتاج إلى هذا التقديرِ. وإنْ جَعَلْناها متعديةً لواحدٍ كان قولُه» للناس «متعلقاً بالجَعْلِ على العِلَّيَّة. وجَوَّزَ فيه أبو البقاء وجهين آخرين، أحدهما: أنه حالٌ من مفعولِ» جَعَلْناه «. والثاني: أنه مفعولٌ تعدَّى إليه بحرف الجر. وهذا الثاني لا يُتَعَقَّل، كيف يكون» للناس «مفعولاً عُدِّي إليه الفعلُ بالحرف؟ هذا ما لا يعقلُ. فإن أراد أنه مفعولٌ مِنْ أجله فهي عبارةٌ بعيدةٌ من عبارة النحاة.
وأمَّا على قراءةِ حفصٍ: فإنْ قلنا:» جَعَلَ «يتعدى لاثنين كان» سواءً «مفعولاً ثانياً. وإنْ قُلْنا يتعدَّى لواحدٍ كان حالاً من هاءِ» جَعَلْناه «وعلى التقديرين: فالعاكفُ مرفوعٌ به على الفاعليةِ؛ لأنه مصدرٌ وُصِفَ به فهو في قوةِ اسم الفاعل المشتقِّ تقديرُه: جَعَلْناه مُسْتوياً فيه العاكفُ. ويَدُلُّ عليه
الوجه الثالث: أنَّ المفعولَ الثاني محذوفٌ، قال ابن عطية: «والمعنى: الذي جَعَلْناه للناس قِبْلةً ومتعبَّداً. فتقدير ابنِ عطية هذا مُرْشِدٌ لهذا الوجهِ. إلاَّ أن الشيخ». قال «ولا يُحتاج إلى هذا التقديرِ، إلاَّ إنْ كان أراد تفسيرَ المعنى لا الإِعراب. فيَسُوغ لأنَّ الجملةَ في موضعِ المفعولِ الثاني، فلا يُحتاج إلى هذا التقديرِ. وإنْ جَعَلْناها متعديةً لواحدٍ كان قولُه» للناس «متعلقاً بالجَعْلِ على العِلَّيَّة. وجَوَّزَ فيه أبو البقاء وجهين آخرين، أحدهما: أنه حالٌ من مفعولِ» جَعَلْناه «. والثاني: أنه مفعولٌ تعدَّى إليه بحرف الجر. وهذا الثاني لا يُتَعَقَّل، كيف يكون» للناس «مفعولاً عُدِّي إليه الفعلُ بالحرف؟ هذا ما لا يعقلُ. فإن أراد أنه مفعولٌ مِنْ أجله فهي عبارةٌ بعيدةٌ من عبارة النحاة.
وأمَّا على قراءةِ حفصٍ: فإنْ قلنا:» جَعَلَ «يتعدى لاثنين كان» سواءً «مفعولاً ثانياً. وإنْ قُلْنا يتعدَّى لواحدٍ كان حالاً من هاءِ» جَعَلْناه «وعلى التقديرين: فالعاكفُ مرفوعٌ به على الفاعليةِ؛ لأنه مصدرٌ وُصِفَ به فهو في قوةِ اسم الفاعل المشتقِّ تقديرُه: جَعَلْناه مُسْتوياً فيه العاكفُ. ويَدُلُّ عليه
258
قولُهم:» مررتُ برجلٍ سواءٍ هو والعَدَمُ «. ف» هو «تأكيدٌ للضميرِ المستترِ فيه، و» العَدَمُ «نسقٌ على الضميرِ المستترِ ولذلك ارتفعَ.
ويروى: «سواءٍ والعدمُ» بدونِ تأكيدٍ وهو شاذٌّ.
وقرأ الأعمش وجماعةٌ «سَواءً» نصباً، «العاكف» جراً. وفيه وجهان، أحدهما: أنه بدلٌ من «الناس» بدلُ تفصيل. والثاني: أنه عطفٌ بيانٍ. وهذا أراد ابنُ عطية بقولِه «عَطْفاً على الناس» ويمتنع في هذه القراءةِ رفعُ «سواء» لفسادِه صناعةً ومعنىً؛ ولذلك قال أبو البقاء: «وسواءً على هذا نصبٌ لا غير».
وأثبتَ ابنُ كثير ياءَ «والبادي» وصلاً ووقفاً، وأثبتها أبو عمرو وورش وصلاً وحذفاها وقفاً. وحَذَفَها الباقون وَصْلاً ووَقْفاً وهي محذوفةٌ في الإِمام.
قوله: ﴿وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ﴾ فيه أربعةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّ مفعولَ «يُرِدْ» محذوفٌ، وقولُه: «بإلحادٍ بظلم» حالان مترادفتان. والتقديرُ: ومَنْ يُرِدْ فيه مراداً ما، عادِلاً عن القصدِ ظالماً، نُذِقْه من عذابٍ أليم. وإنما حُذِفَ ليتناولَ كلَّ متناوَلٍ. قال معناه الزمخشريُّ. والثاني: أن المفعولَ أيضاً محذوفٌ تقديرُه: ومَنْ يُرِدْ فيه تَعَدِّياً، و «بإلحادٍ» حال أي: مُلْتَبِساً بإلحادٍ. و «بظُلْمٍ» بدلٌ بإعادةِ الجارِّ. الثالث: أَنْ يكونَ «بظلمٍ» متعلقاً ب «يُرِدْ»، والباءُ للسببيةِ
ويروى: «سواءٍ والعدمُ» بدونِ تأكيدٍ وهو شاذٌّ.
وقرأ الأعمش وجماعةٌ «سَواءً» نصباً، «العاكف» جراً. وفيه وجهان، أحدهما: أنه بدلٌ من «الناس» بدلُ تفصيل. والثاني: أنه عطفٌ بيانٍ. وهذا أراد ابنُ عطية بقولِه «عَطْفاً على الناس» ويمتنع في هذه القراءةِ رفعُ «سواء» لفسادِه صناعةً ومعنىً؛ ولذلك قال أبو البقاء: «وسواءً على هذا نصبٌ لا غير».
وأثبتَ ابنُ كثير ياءَ «والبادي» وصلاً ووقفاً، وأثبتها أبو عمرو وورش وصلاً وحذفاها وقفاً. وحَذَفَها الباقون وَصْلاً ووَقْفاً وهي محذوفةٌ في الإِمام.
قوله: ﴿وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ﴾ فيه أربعةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّ مفعولَ «يُرِدْ» محذوفٌ، وقولُه: «بإلحادٍ بظلم» حالان مترادفتان. والتقديرُ: ومَنْ يُرِدْ فيه مراداً ما، عادِلاً عن القصدِ ظالماً، نُذِقْه من عذابٍ أليم. وإنما حُذِفَ ليتناولَ كلَّ متناوَلٍ. قال معناه الزمخشريُّ. والثاني: أن المفعولَ أيضاً محذوفٌ تقديرُه: ومَنْ يُرِدْ فيه تَعَدِّياً، و «بإلحادٍ» حال أي: مُلْتَبِساً بإلحادٍ. و «بظُلْمٍ» بدلٌ بإعادةِ الجارِّ. الثالث: أَنْ يكونَ «بظلمٍ» متعلقاً ب «يُرِدْ»، والباءُ للسببيةِ
259
أي بسببِ الظلم و «بإلحاد» مفعولٌ به. والباءُ مزيدةٌ فيه كقولِه: ﴿وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٥] [وقولِه:]
وإليه ذهب أبو عبيدة، وأنشد للأعشى:
أي: ضَمِنَتْ رزقَ. ويؤيِّده قراءة الحسن «ومَنْ يُرِدْ إلحادهُ بظُلْمٍ». قال الزمخشري: أراد إلحاده فيه فأضافه على الاتِّساعِ في الظرف ك ﴿مَكْرُ اليل﴾ [سبأ: ٣٣] ومعناه: ومَنْ يُرِدْ أن يُلْحِدَ فيه ظالماً. الرابع: أن يُضَمَّنَ «يُرِدْ» معنى يتلبَّس، فلذلك تعدى بالباء أي: ومَنْ يتلَبَّسْ بإلحادٍ مُرِيْداً له.
٣٣٨٠ -.......................... | ............ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَر |
٣٣٨١ - ضَمِنَتْ برزقِ عيالِنا أرماحُنا | ........................... |
260
والعامَّةُ على «يُرِدْ» بضم الياء من الإِرادة. وحكى الكسائي والفراء أنه قُرِىء «يَرِدْ» بفتح الياء. وقال الزمخشري: «من الوُرُوْد ومعناه: مَنْ أتى فيه بإلحادٍ ظالماً».
261
قوله: ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا﴾ : أي: اذكرْ حينَ. واللامُ في «لإِبراهيم» فيها ثلاثةُ أوجهٍ أحدُها: أنها للعلةِ، ويكون مفعولُ «بَوَّأْنا» محذوفاً أي: بَوَّأْنا الناسَ لأجل إبراهيم مكانَ البيت. و «بَوَّأَ» جاء متعدياً صَرِيحاً قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بني إِسْرَائِيلَ﴾ [يونس: ٩٣]، ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ الجنة غُرَفَاً﴾ [العنكبوت: ٥٨]. وقال الشاعر:
والثاني: أنها مزيدةٌ في المفعولِ به. وهو ضعيفٌ؛ لِما عَرَفْتَ أنها لا تُزاد إلاَّ إنْ تَقَدَّم المعمولُ، أو كان العاملُ فرعاً الثالث: أَنْ تكونَ مُعَدِّيَةً للفعل على أنه مُضَمَّنٌ معنى فعل يتعدَّى بها أي: هَيَّأنا له مكانَ البيتِ كقولك: هَيَّأْتُ له بيتاً، فتكونُ اللامُ مُعدِّيَةً قال معناه أبو البقاء. وقال الزمخشري: «
٣٣٨٢ - كَمْ مِنْ أَخٍ ليَ صالحٍ | بَوَّأْتُه بيَديَّ لَحْدا |
261
واذكرْ حينَ جَعَلْنا لإِبراهيمَ مكان البيت مباءة» ففسَّر المعنى بأنه ضَمَّن «بَوَّأْنا» معنى جَعَلْنا، ولا يريد تفسيرَ الإِعرابَ.
وفي ﴿مَكَانَ البيت﴾ وجهان، أظهرُهما: أنَّه مفعولٌ به. والثاني: قال أبو البقاء: «أَنْ يكونَ ظرفاً». وهو ممتنعٌ من حيث إنَّه ظرفٌ مختصٌّ فحَقُّه أن يتعدى إليه ب في.
قوله: ﴿أَن لاَّ تُشْرِكْ﴾ في «أنْ هذه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّها هي المفسَّرةُ. قال الزمخشري: بعد أَنْ ذكَرَ هذا الوجه:» فإن قلتَ: كيف يكونُ النهيُ عن الشرك والأمرِ بتطهيرِ البيتِ تفسيراً للتبوِئَةِ؟ قلت: كانت البتوئةُ مقصودةً من أجل العبادةِ، وكأنه قيل: تعبَّدْنا إبراهيمَ قُلْنا له: لا تُشْرِكْ «. قلت: يعني أبو القاسم أنَّ» أنْ «المفسرةَ لا بُدَّ أن يتقَدَّمها ما هو بمعنى القولِ لا حروفِه، ولم يتقدَّم إلاَّ التَّبْوِئَةُ وليست بمعنى القول، فضَمَّنها معنى القول، ولا يريدُ بقولِه» قلنا: لا تشرك «تفسيرَ الإِعراب بل تفسيرُ المعنى؛ لأنَّ المفسِّرةَ لا تفسِّر القولَ الصريح. وقال أبو البقاء:» تقديرُه: قائِلين له: لا تشركْ ف «أنْ» مفسرةٌ للقولِ المقدَّر «وهذا....
الثاني: أنَّها المخففةُ من الثقيلةِ، قاله ابن عطية. وفيه نظرٌ من حيث
وفي ﴿مَكَانَ البيت﴾ وجهان، أظهرُهما: أنَّه مفعولٌ به. والثاني: قال أبو البقاء: «أَنْ يكونَ ظرفاً». وهو ممتنعٌ من حيث إنَّه ظرفٌ مختصٌّ فحَقُّه أن يتعدى إليه ب في.
قوله: ﴿أَن لاَّ تُشْرِكْ﴾ في «أنْ هذه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّها هي المفسَّرةُ. قال الزمخشري: بعد أَنْ ذكَرَ هذا الوجه:» فإن قلتَ: كيف يكونُ النهيُ عن الشرك والأمرِ بتطهيرِ البيتِ تفسيراً للتبوِئَةِ؟ قلت: كانت البتوئةُ مقصودةً من أجل العبادةِ، وكأنه قيل: تعبَّدْنا إبراهيمَ قُلْنا له: لا تُشْرِكْ «. قلت: يعني أبو القاسم أنَّ» أنْ «المفسرةَ لا بُدَّ أن يتقَدَّمها ما هو بمعنى القولِ لا حروفِه، ولم يتقدَّم إلاَّ التَّبْوِئَةُ وليست بمعنى القول، فضَمَّنها معنى القول، ولا يريدُ بقولِه» قلنا: لا تشرك «تفسيرَ الإِعراب بل تفسيرُ المعنى؛ لأنَّ المفسِّرةَ لا تفسِّر القولَ الصريح. وقال أبو البقاء:» تقديرُه: قائِلين له: لا تشركْ ف «أنْ» مفسرةٌ للقولِ المقدَّر «وهذا....
الثاني: أنَّها المخففةُ من الثقيلةِ، قاله ابن عطية. وفيه نظرٌ من حيث
262
إن» أَنْ «المخففةَ لا بُدَّ أَنْ يتقدَّمَها فعلُ تحقيقٍ أو ترجيح، كحالِها إذا كانَتْ مشددة.
الثالث: أنها المصدريةُ التي تنصِبُ المضارعَ، وهي تُوْصَلُ بالماضي والمضارعِ والأمرِ، والنهي كالأمر. وعلى هذا ف» أنْ «مجرورةٌ بلام العلةِ مقدرةً أي: بَوَّأناه لئلا تشركَ. وكان من حقِّ اللفظِ على هذا الوجه أن يكون» أن لا يشرك «بياء الغَيْبةِ، وقد قُرىء بذلك. قال أبو البقاء:» وقوى ذلك قراءةُ مَنْ قرأه بالياء «يعني مِنْ تحتُ. قلت: ووجهُ قراءةِ العامَّةِ على هذا التخريج أن تكونَ من الالتفاتِ من الغيبة إلى الخطاب.
الرابع: أنها الناصبةٌ، ومجرورةٌ بلام أيضاً. إلاَّ أن اللامَ متعلقةٌ بمحذوفٍ أي: فَعَلْناه ذلك لئلا تشركَ، فجعل النهيَ صلةً لها. وقوَّى ذلك قراءةُ الياء. قاله أبو البقاء والأصلُ عدمُ التقديرِ مع عدمِ الاحتياج إليه.
وقرأ عكرمة وأبو نهيك «أن لا يُشرِك» بالياء. قال الشيخ: «على معنى: أَنْ يقولَ معنى القول الذي قيل له». وقال أبو حاتم: «ولا بُدَّ مِنْ نصبِ الكافِ على هذه القراءةِ بمعنى لئلا تشركَ». قلت: كأنه لم يظهرْ له صلةٌ «أنْ المصدرية بجملةِ النهي. فجعل» لا «نافيةً، وسلَّط» أنْ «على المضارعِ بعدها، حتى صار علةً للفعل قبله. وهذا غيرُ لازمٍ لِما تقدَّم لك من وضوحِ المعنى مع جَعْلِها ناهيةً.
الثالث: أنها المصدريةُ التي تنصِبُ المضارعَ، وهي تُوْصَلُ بالماضي والمضارعِ والأمرِ، والنهي كالأمر. وعلى هذا ف» أنْ «مجرورةٌ بلام العلةِ مقدرةً أي: بَوَّأناه لئلا تشركَ. وكان من حقِّ اللفظِ على هذا الوجه أن يكون» أن لا يشرك «بياء الغَيْبةِ، وقد قُرىء بذلك. قال أبو البقاء:» وقوى ذلك قراءةُ مَنْ قرأه بالياء «يعني مِنْ تحتُ. قلت: ووجهُ قراءةِ العامَّةِ على هذا التخريج أن تكونَ من الالتفاتِ من الغيبة إلى الخطاب.
الرابع: أنها الناصبةٌ، ومجرورةٌ بلام أيضاً. إلاَّ أن اللامَ متعلقةٌ بمحذوفٍ أي: فَعَلْناه ذلك لئلا تشركَ، فجعل النهيَ صلةً لها. وقوَّى ذلك قراءةُ الياء. قاله أبو البقاء والأصلُ عدمُ التقديرِ مع عدمِ الاحتياج إليه.
وقرأ عكرمة وأبو نهيك «أن لا يُشرِك» بالياء. قال الشيخ: «على معنى: أَنْ يقولَ معنى القول الذي قيل له». وقال أبو حاتم: «ولا بُدَّ مِنْ نصبِ الكافِ على هذه القراءةِ بمعنى لئلا تشركَ». قلت: كأنه لم يظهرْ له صلةٌ «أنْ المصدرية بجملةِ النهي. فجعل» لا «نافيةً، وسلَّط» أنْ «على المضارعِ بعدها، حتى صار علةً للفعل قبله. وهذا غيرُ لازمٍ لِما تقدَّم لك من وضوحِ المعنى مع جَعْلِها ناهيةً.
263
قوله: ﴿وَأَذِّن﴾ : قرأ العامَّةُ بتشديد الذال بمعنى نادِ. وقرأ الحسنُ وابن محيصن «آذِنْ» بالمدِّ والتخفيف بمعنى أعْلِمْ. ويُبْعِدُه قوله: ﴿فِي الناس﴾ إذ كان ينبغي أَنْ يتعدَّى بنفسِه. وقرآ أيضاً فيما نقله عنهما أبو الفتح «أَذِنَ» بالقصر وتخفيف الذال. وخرَّجها أبو الفتح وصاحب «اللوامح» على أنها عطفٌ على «بَوَّأنا» أي: واذكرْ/ إذ بَوَّأْنا وإذ أَذِنَ في الناس وهي تخريجٌ واضح. وزاد صاحب «اللوامح» فقال: «فيصيرُ في الكلام تقديمٌ وتأخيرٌ ويصير» يأتوك «جزماً على جواب الأمر الذي في» وطهِّرْ «: ونَسَب ابنُ عطية أبا الفتح في هذه القراءةِ إلى التصحيفِ فقال بعد أن حكى قراءةَ الحسنِ وابن محيصنٍ» وآذِنْ «بالمَدِّ و» تَصَحَّفَ هذا على ابن جني فإنَّه حكى عنهما «وأَذِنَ» على فعلٍ ماضٍ. وأعربَ على ذلك بأَنْ جَعَلَه عطفاً على «بَوَّأْنا».
قلت: ولم يَتَصَحَّفْ فِعْلُه، بل حكى تلك القراءةَ أبو الفضل الرازي في «اللوامح» له عنهما، وذكرها أيضاً ابنُ خالويه، ولكنه لم يَطَّلِعْ عليها فنسَب مَنْ اطَّلع إلى التصحيفِ ولو تأنَّى أصاب أو كاد.
وقرأ ابنُ أبي إسحاقَ «بالحِجِّ» بكسرِ الحاء حيث وَقَع كما قَدَّمْتُه عنه.
قوله: ﴿رِجَالاً﴾ نصبٌ على الحالِ، وهو جمعُ راجِل نحو: صاحِب
قلت: ولم يَتَصَحَّفْ فِعْلُه، بل حكى تلك القراءةَ أبو الفضل الرازي في «اللوامح» له عنهما، وذكرها أيضاً ابنُ خالويه، ولكنه لم يَطَّلِعْ عليها فنسَب مَنْ اطَّلع إلى التصحيفِ ولو تأنَّى أصاب أو كاد.
وقرأ ابنُ أبي إسحاقَ «بالحِجِّ» بكسرِ الحاء حيث وَقَع كما قَدَّمْتُه عنه.
قوله: ﴿رِجَالاً﴾ نصبٌ على الحالِ، وهو جمعُ راجِل نحو: صاحِب
264
وصِحاب وتاجِر وتِجار وقائِم وقِيام. وقرأ عكرمة والحسن وأبو مجلز «رُجَّالاً» بضمِّ الراء وتشديدِ الجيمِ. ورُوي عنهم تخفيفُها. وافقهم ابنُ أبي إسحاق على التخفيفِ وجعفر من محمد ومجاهدٌ على التشديد. ورُوِيَتْ عن ابن عباس بالألف. فالمخفف اسمُ جمعٍ كظُؤَار، والمشدَّدُ جمعُ تكسيرٍ كصائم وصُوَّام. ورُوي عن عكرمةَ أيضاً «رُجَالى» كنُعامى بألف التأنيث، وكذلك عن ابنِ عباس وعطاء، إلاَّ أنهما شدَّدا الجيمَ.
قوله: ﴿وعلى كُلِّ ضَامِرٍ﴾ نسَقٌ على «رِجالاً» فيكون حالاً أي: مُشاةً وركباناً.
قوله: ﴿يَأْتِينَ﴾ النونُ ضميرُ «كلِّ ضامِرٍ» حَمْلاً على المعنى؛ إذ المعنى: على ضوامرَ. و «يَأْتِيْنَ» صفةٌ ل «ضامِر». وأتى بضميرِ الجمعِ حَمْلاً على المعنى. وكان قد تقرَّر أولَ هذا التصنيفِ أنَّ «كل» إذا أُضِيْفَتْ إلى نكرةٍ لم يُراعَ معناها، إلاَّ في قليلٍ كقوله:
وهذه الآيةُ تَرُدُّه؛ فإنَّ «كلاً» فيها مضافةٌ لنكرةٍ وقد روعي معناها. وكان
قوله: ﴿وعلى كُلِّ ضَامِرٍ﴾ نسَقٌ على «رِجالاً» فيكون حالاً أي: مُشاةً وركباناً.
قوله: ﴿يَأْتِينَ﴾ النونُ ضميرُ «كلِّ ضامِرٍ» حَمْلاً على المعنى؛ إذ المعنى: على ضوامرَ. و «يَأْتِيْنَ» صفةٌ ل «ضامِر». وأتى بضميرِ الجمعِ حَمْلاً على المعنى. وكان قد تقرَّر أولَ هذا التصنيفِ أنَّ «كل» إذا أُضِيْفَتْ إلى نكرةٍ لم يُراعَ معناها، إلاَّ في قليلٍ كقوله:
٣٣٨٣ - جادَتْ عليه كلُّ عَيْنٍ ثَرَّةٍ | فتركْنَ كلَّ حَديقةٍ كالدِّرْهَمِ |
265
بعضُهم أجاب عن بيتِ زهير بأنه إنما جاز ذلك لأنه في جملتين، فقلت: فهذه الآيةُ جملةٌ واحدةٌ لأنَّ «يَأْتِيْنَ» صفةٌ ل «ضامِر».
وجَوَّز الشيخ أَنْ يكونَ الضميرُ يَشْمَلُ رجالاً وكل ضامر قال: «على معنى الجماعات والرفاق» قلت: فعلى هذا يجوزُ أَنْ يقالَ عنده: الرجال يَأْتِيْنَ.
ولا ينفعُه كونُه اجتمع مع الرجال هنا كلُّ ضامر فيقال: جاز ذلك لَمَّا اجتمع معه ما يجوزُ فيه ذلك؛ إذ يلزمُ منه تغليبُ غيرِ العاقلِ على العاقلِ، وهو ممنوعٌ.
وقرأ ابن مسعود والضحاك وابنُ أبي عبلة «يَأْتُونَ» تغليباً للعقلاءِ الذكورِ، وعلى هذا فيحتمل أَنْ يكونَ قولُه: ﴿وعلى كُلِّ ضَامِرٍ﴾ حالاً أيضاً. ويكون «يَأْتُون» مستأنفاً يتعلَّقُ به ﴿مِن كُلِّ فَجٍّ﴾ أي: يَأْتُوك رِجالاً وركباناً ثم قال: يأتون من كلِّ فَج، وأَنْ يتعلَّقَ بقوله: «يَأْتُون» أي: يأتون على كلِّ ضامرٍ من كلِّ فَج، و «يَأْتُون» مستأنفٌ أيضاً. ولا يجوز أن يكونَ صفةً ل «رجالاً» ول «ضامِر» لاختلافِ الموصوفِ في الإِعرابِ؛ لأنَّ أحدَهما منصوبٌ والآخَرَ مجرورٌ. لو قلت «رأيتُ زيداً ومررت بعمرٍو العاقِلَيْن» على النعتِ لم يَجُزْ، بل على القطعِ. وقد جَوَّزَ ذلك الزمخشري فقال: «وقرىء» يِأْتُون «صفةً للرجال والركبان» وهو مردودٌ بما ذكرتُه.
والضَّامِرُ: المَهْزولِ، يقال:.... والعميق: البعيدُ سُفلاً. يقال: بئر عَميق ومَعِيق، فيجوز أن يكون مقلوباً، لأنه أَقَلُّ من الأول قال:
وجَوَّز الشيخ أَنْ يكونَ الضميرُ يَشْمَلُ رجالاً وكل ضامر قال: «على معنى الجماعات والرفاق» قلت: فعلى هذا يجوزُ أَنْ يقالَ عنده: الرجال يَأْتِيْنَ.
ولا ينفعُه كونُه اجتمع مع الرجال هنا كلُّ ضامر فيقال: جاز ذلك لَمَّا اجتمع معه ما يجوزُ فيه ذلك؛ إذ يلزمُ منه تغليبُ غيرِ العاقلِ على العاقلِ، وهو ممنوعٌ.
وقرأ ابن مسعود والضحاك وابنُ أبي عبلة «يَأْتُونَ» تغليباً للعقلاءِ الذكورِ، وعلى هذا فيحتمل أَنْ يكونَ قولُه: ﴿وعلى كُلِّ ضَامِرٍ﴾ حالاً أيضاً. ويكون «يَأْتُون» مستأنفاً يتعلَّقُ به ﴿مِن كُلِّ فَجٍّ﴾ أي: يَأْتُوك رِجالاً وركباناً ثم قال: يأتون من كلِّ فَج، وأَنْ يتعلَّقَ بقوله: «يَأْتُون» أي: يأتون على كلِّ ضامرٍ من كلِّ فَج، و «يَأْتُون» مستأنفٌ أيضاً. ولا يجوز أن يكونَ صفةً ل «رجالاً» ول «ضامِر» لاختلافِ الموصوفِ في الإِعرابِ؛ لأنَّ أحدَهما منصوبٌ والآخَرَ مجرورٌ. لو قلت «رأيتُ زيداً ومررت بعمرٍو العاقِلَيْن» على النعتِ لم يَجُزْ، بل على القطعِ. وقد جَوَّزَ ذلك الزمخشري فقال: «وقرىء» يِأْتُون «صفةً للرجال والركبان» وهو مردودٌ بما ذكرتُه.
والضَّامِرُ: المَهْزولِ، يقال:.... والعميق: البعيدُ سُفلاً. يقال: بئر عَميق ومَعِيق، فيجوز أن يكون مقلوباً، لأنه أَقَلُّ من الأول قال:
266
٣٣٨٤ - إذا الخيلُ جاءت مِنْ فِجاجٍ عميقةٍ | يَمُدُّ بها في السيرِ أشعثُ شاحِبُ |
٣٣٨٥ - وقاتمِ الأعماقِ خاوي المُخْتَرَقْ... الأعماقُ هنا بفتح الهمزة جمع عُمْق، وعلى هذا فلا قلبَ في مَعِيق لأنها لغة مستقلة، وهو ظاهرُ قولِ الليث أيضاً. وقرأ ابن مسعود «فج مَعِيق» بتقديم الميم. ويقال: غَمِيق بالغين المعجمةِ أيضاً.
267
قوله: ﴿لِّيَشْهَدُواْ﴾ : يجوز في هذه اللامِ وجهان أحدهما: أن يتعلَّقَ ب «أَذِّن» أي: أَذِّن لِيَشْهدوا. والثاني: أنها متعلقةٌ ب «يأْتُوْك» وهو الأظهرُ. قال الزمخشري: «ونكَّر منافع لأنه أرادَ منافع مختصةً بهذه العبادةِ دينية ودنياوية لا تُوْجَدُ في غيرها من العبادات».
قوله: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُواْ﴾ : العامَّةُ على كسرِ اللامِ وهي لامُ الأمرِ. وقرأ نافع والكوفيون والبزي بسكونِها إجراءً للمنفصلِ مُجْرى المتصل نحو «كَتْف» وهو نظيرُ تسكينِ هاء «هو» بعد «ثُمَّ» في قراءةِ الكسائي وقالون حيث أُجْرِيَتْ «ثُمَّ» مجرى الواو والفاء.
والتَّفَثُ قيل: أصلُه مِنْ التَّفِّ وهو وَسَخُ الأظفارِ، قُلِبَت الفاءُ ثاءً ك مُغْثُور في مُغْفُور. وقيل: هو الوسخُ والقَذَرُ يقال: ما تَفَثُكَ؟ وحكى قطرب: تَفِثَ الرجلُ أي: كَثُرَ وسخُه في سَفَره. ومعنى «ليقْضُوا تَفَثَهم» : ليصنعوا ما يصنعه المُحْرِمُ مِنْ إزالةِ شعرٍ وشَعْثٍ ونحوِهما عند حِلِّه، وفي ضمن هذا قضاءُ جميعِ المناسك، إذ لا يُفعل هذا إلاَّ بعد فِعْل المناسِك كلِّها.
قوله: ﴿وَلْيُوفُواْ﴾ قرأ أبو بكر «وليُوَفُّوا» بالتشديد. والباقون بالتخفيف. وقد تقدم في البقرة أن فيه ثلاث لغاتٍ: وَفَى ووفَّى وأوفى. وقرأ
والتَّفَثُ قيل: أصلُه مِنْ التَّفِّ وهو وَسَخُ الأظفارِ، قُلِبَت الفاءُ ثاءً ك مُغْثُور في مُغْفُور. وقيل: هو الوسخُ والقَذَرُ يقال: ما تَفَثُكَ؟ وحكى قطرب: تَفِثَ الرجلُ أي: كَثُرَ وسخُه في سَفَره. ومعنى «ليقْضُوا تَفَثَهم» : ليصنعوا ما يصنعه المُحْرِمُ مِنْ إزالةِ شعرٍ وشَعْثٍ ونحوِهما عند حِلِّه، وفي ضمن هذا قضاءُ جميعِ المناسك، إذ لا يُفعل هذا إلاَّ بعد فِعْل المناسِك كلِّها.
قوله: ﴿وَلْيُوفُواْ﴾ قرأ أبو بكر «وليُوَفُّوا» بالتشديد. والباقون بالتخفيف. وقد تقدم في البقرة أن فيه ثلاث لغاتٍ: وَفَى ووفَّى وأوفى. وقرأ
268
بن ذكوان «ولِيُوْفوا» بكسر اللام، والباقون بسكونها، وكذلك هذا الخلاف جارٍ في قوله: ﴿وَلْيَطَّوَّفُواْ﴾.
269
قوله: ﴿ذلك﴾ : خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي: الأمرُ والشأنُ ذلك. قال الزمخشري: «كما يُقَدِّمُ الكاتبُ جملةً من كتابِه في بعضِ المعاني، ثم إذا أرادَ الخوضَ في معنى آخرَ قال: هذا وقد كان كذا». وقَدَّره ابنُ عطية: «فَرْضُكُمْ ذلك، أو الواجبُ ذلك». وقيل: هو مبتدأٌ خبرُه محذوفٌ. أي: ذلك الأمرُ الذي ذكرتُه. وقيل: في محلِّ نصب أي: امتثلوا ذلك. ونظيرُ هذه الإِشارةِ قولُ زهير، بعد تقدُّم جُمَل في وَصْفِ هَرِم ابن سنان:
قوله: «فهو» «هو» ضميرُ المصدرِ المفهومِ من قولِه ﴿وَمَن يُعَظِّمْ﴾ أي: وتعظيمُه حرماتِ الله خيرٌ له كقولِه تعالى: ﴿اعدلوا هُوَ أَقْرَبُ﴾ [المائدة: ٨] و «خيرٌ» هنا ظاهرُها التفضيلُ بالتأويلِ المعروفِ.
قوله: ﴿إِلاَّ مَا يتلى عَلَيْكُمْ﴾ يجوز أَنْ يكونَ استثناءً متصلاً، ويُصْرَفُ إلى ما يُحَرَّمُ مِنْ بهيمةِ الأنعام لسببٍ عارضٍ كالموت ونحوه، وأن يكونَ استثناءً منقطعاً؛ إذ ليس فيها مُحَرَّمٌ وقد تقدَّم تقريرٌ هذا الوجهِ أولَ المائدةِ.
٣٣٨٦ - هذا وليس كمَنْ يَعْيا بخُطْبَتِه | وسَطَ النَّدِيِّ إذا ما ناطقٌ نَطَقا |
قوله: ﴿إِلاَّ مَا يتلى عَلَيْكُمْ﴾ يجوز أَنْ يكونَ استثناءً متصلاً، ويُصْرَفُ إلى ما يُحَرَّمُ مِنْ بهيمةِ الأنعام لسببٍ عارضٍ كالموت ونحوه، وأن يكونَ استثناءً منقطعاً؛ إذ ليس فيها مُحَرَّمٌ وقد تقدَّم تقريرٌ هذا الوجهِ أولَ المائدةِ.
269
قوله: ﴿مِنَ الأوثان﴾ في «مِنْ» ثلاثةُ أوجهٍ، أحدها: أنها لبيانِ الجنسِ، وهو مشهورُ قول المُعْرِبين، ويَتَقَدَّرُ بقولك: الرِّجْسُ الذي هو الأوثان. وقد تقدَّم أنَّ شرطَ كونِها بيانيةً ذلك. وتجيءُ مواضعُ كثيرةٌ لا يتأتى فيها ذلك ولا بعضُه. والثاني: أنَّها لابتداءِ الغايةِ. وقد خَلَط أبو البقاء القولين فجَعَلَهما قولاً واحداً فقال: «ومِنْ لبيانِ الجنسٍ أي: اجْتَنِبوا الرجسَ من هذا القبيل، وهو بمعنى ابتداء الغاية ههنا» يعني أنه في المعنى يَؤُول إلى ذلِك، ولا يَؤُول إليه البتةَ. الثالث: أنها للتبعيض. وقد غَلَّط ابنُ عطية القائلَ بكونِها للتبعيضِ، فقال: «ومَنْ قال: إن» مِنْ «للتبعيض قَلَبَ معنى الآيةِ فأفسده» وقد يُمْكِنُ التبعيضُ فيها: بأَنْ يَعْني بالرِّجْسِ عبادة الأوثانِ. وبه قال ابنُ عباس وابنُ جريج، فكأنه قال: فاجْتَنِبوا من الأوثانِ الرِّجسَ وهو العبادةُ؛ لأنَّ المُحَرَّمَ من الأوثان إنما هو العبادةُ ألا ترى أنه قد يُتَصَوَّرُ استعمالُ الوثَنِ في بناءٍ وغيرِه ممَّا لم يُحَرِِّمِ الشرعُ استعمالَه، وللوَثَنِ جهاتٌ منها عبادتُها، وهي بعض جهاتِها. قاله الشيخ. وهو تأويلٌ بعيدٌ.
270
قوله: ﴿حُنَفَآءَ﴾ : حالٌ مِنْ فاعلِ «اجْتَنِبوا». وكذلك ﴿غَيْرَ مُشْرِكِينَ﴾ وهي حالٌ مؤكدة، إذ يلزَمُ من كونِهم حُنَفاءَ عدمُ الإِشراك.
قوله: ﴿فَتَخْطَفُهُ﴾ قرأ نافعٌ بفتحِ الخاءِ والطاء مشددةً. وأصلُها تَخْتَطِفُه فأدغم. وباقي السبعةِ «فَتَخْطَفُه» بسكون الخاء وتخفيفِ الطاء. وقرأ الحسنُ والأعمشُ وأبو رجاء بكسر التاء والخاء والطاء مع التشديد. ورُوِي عن الحسن
قوله: ﴿فَتَخْطَفُهُ﴾ قرأ نافعٌ بفتحِ الخاءِ والطاء مشددةً. وأصلُها تَخْتَطِفُه فأدغم. وباقي السبعةِ «فَتَخْطَفُه» بسكون الخاء وتخفيفِ الطاء. وقرأ الحسنُ والأعمشُ وأبو رجاء بكسر التاء والخاء والطاء مع التشديد. ورُوِي عن الحسن
270
أيضاً فتحُ الطاءِ مشددةً مع كسرِ التاءِ والخاءِ. ورُوِي عن الأعمش كقراءةِ العامَّةِ إلاَّ أنه بغير فاء: «تَخْطَفُه». وتوجيهُ هذه القراءاتِ قد تقدَّم مستوفى في أوائل البقرة عند ذِكْري القراءاتِ في قولِه تعالى: ﴿يَكَادُ البرق يَخْطَفُ﴾ [البقرة: ٢٠] فلا أُعيدها.
وقرأ أبو جعفر «الرياحُ» جمعاً. وقولِه «خَرَّ» في معنى يَخِرُّ؛ ولذلك عُطِفَ عليه المستقبلُ وهو «فَتَخْطَفُهُ»، ويجوز أن يكون على بابه، ولا يكونُ «فَتَخْطَفُه» عطفاً عليه، بل هو خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي: فهو يَخْطَفُه.
قال الزمخشري: «ويجوزُ في هذا التشبيهِ أن يكونَ من المركب والمفرَّق. فإن كان تشبيهاً مركباً فكأنه قال: مَنْ أشرك بالله فقد أهلكَ نفسَه إهلاكاً ليس بعده [هلاكٌ] : بأَنْ صَوَّر حالَه بصورةِ حالِ مَنْ خَرَّ من السماءِ فاخْتَطَفَتْه الطيرُ، فتفرَّق مِزَعاً في حَواصلِها، أو عَصَفَتْ به الريحُ حتى هَوَتْ به في بعض المطاوحِ البعيدةِ. وإن كان مُفَرَّقاً فقد شَبَّه الإِيمانَ في عُلُوِّه بالسماءَ، والذي تركَ الإِيمانَ وأشرك بالله، بالساقط من السماء، والأهواءَ التي تتوزَّعُ أفكارَه بالطير المتخطفةِ، والشيطانَ الذي يُطَوِّحُ به في وادي الضَّلالةِ بالريح التي تهوي بما عَصَفَتْ به في بعض المهاوي المُتْلِفَةِ». قلت: وهذه العبارةُ من أبي القاسم مما يُنَشِّطُك إلى تَعَلُّم عِلْمِ البيان فإنها في غاية/ البلاغة.
والأَوْثان: جمع وَثَن. والوَثَنُ يُطْلَقُ على ما صُوِّر من نحاسٍ وحديدٍ وخَشَبٍ. ويُطْلَقُ أيضاً على الصَّليب. «عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه
وقرأ أبو جعفر «الرياحُ» جمعاً. وقولِه «خَرَّ» في معنى يَخِرُّ؛ ولذلك عُطِفَ عليه المستقبلُ وهو «فَتَخْطَفُهُ»، ويجوز أن يكون على بابه، ولا يكونُ «فَتَخْطَفُه» عطفاً عليه، بل هو خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي: فهو يَخْطَفُه.
قال الزمخشري: «ويجوزُ في هذا التشبيهِ أن يكونَ من المركب والمفرَّق. فإن كان تشبيهاً مركباً فكأنه قال: مَنْ أشرك بالله فقد أهلكَ نفسَه إهلاكاً ليس بعده [هلاكٌ] : بأَنْ صَوَّر حالَه بصورةِ حالِ مَنْ خَرَّ من السماءِ فاخْتَطَفَتْه الطيرُ، فتفرَّق مِزَعاً في حَواصلِها، أو عَصَفَتْ به الريحُ حتى هَوَتْ به في بعض المطاوحِ البعيدةِ. وإن كان مُفَرَّقاً فقد شَبَّه الإِيمانَ في عُلُوِّه بالسماءَ، والذي تركَ الإِيمانَ وأشرك بالله، بالساقط من السماء، والأهواءَ التي تتوزَّعُ أفكارَه بالطير المتخطفةِ، والشيطانَ الذي يُطَوِّحُ به في وادي الضَّلالةِ بالريح التي تهوي بما عَصَفَتْ به في بعض المهاوي المُتْلِفَةِ». قلت: وهذه العبارةُ من أبي القاسم مما يُنَشِّطُك إلى تَعَلُّم عِلْمِ البيان فإنها في غاية/ البلاغة.
والأَوْثان: جمع وَثَن. والوَثَنُ يُطْلَقُ على ما صُوِّر من نحاسٍ وحديدٍ وخَشَبٍ. ويُطْلَقُ أيضاً على الصَّليب. «عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه
271
قال لعدي بن حاتم وقد رأى في عنقه صليباً: أَلْقِ هذا الوثنَ عنك» وقال الأعشى:
واشتقاقُه مِن وَثَن الشيءُ أي: أقام بمكانه وثَبَتَ فهو واثِنٌ. وأُنشد لرؤبة:
٣٣٨٨ - على أَخِلاَّء الصَّفاءِ الوُثَّنِ... أي: المقيمين على العهد. وقد تقدَّم الفرقُ بين الوَثَنِ والصنم.
والسَّحيقُ: البعيدُ. ومنه سَحَقَه اللهُ أي: أبعده. وقوله عليه السلام: «فأقولُ سُحْقاً سُحْقاً» أي: بُعْداً بُعْداً. والنَّخْلة السَّحُوقُ: الممتدةُ في السماء، من ذلك.
٣٣٨٧ - يطوفُ العبادُ بأبوابِه | كطَوْفِ النصارى ببَيْتِ الوَثَنْ |
٣٣٨٨ - على أَخِلاَّء الصَّفاءِ الوُثَّنِ... أي: المقيمين على العهد. وقد تقدَّم الفرقُ بين الوَثَنِ والصنم.
والسَّحيقُ: البعيدُ. ومنه سَحَقَه اللهُ أي: أبعده. وقوله عليه السلام: «فأقولُ سُحْقاً سُحْقاً» أي: بُعْداً بُعْداً. والنَّخْلة السَّحُوقُ: الممتدةُ في السماء، من ذلك.
272
قوله: ﴿ذلك﴾ : إعرابُه كإعرابِ «ذلك» المتقدمِ وتقدَّم تفسيرُ «الشَّعيرة» واشتقاقُها في المائدة.
272
قوله: ﴿فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القلوب﴾ في هذا الضميرِ وجهان، أحدُهما: أنه ضميرُ الشعائرِ، على حَذْفِ مضافٍ. أي: فإن تعظيمَها مِنْ تقوى القلوبِ. والثاني: أنه ضميرُ المصدرِ المفهومِ من الفعل قبلَه أي: فإنَّ التعظيمةَ مِنْ تقوى القلوب. والعائدُ على اسمِ الشرط من هذه الجملةِ الجزائيةِ مقدرٌ، تقديرُه: فإنها مِنْ تَقَوى القلوب منهم. ومَنْ جوَّز إقامةَ أل مُقام الضميرِ وهم الكوفيون أجاز ذلِك هنا، والتقدير: مِنْ تقوى قلوبِهم، كقوله: ﴿فَإِنَّ الجنة هِيَ المأوى﴾ [النازعات: ٤١] وقد تقدَّم تقريرُه. وقال الزمخشري: أي فإنَّ تعظيمَها من أفعالِ ذوي تقوى القلوبِ فحُذِفَتْ هذه المضافاتُ، ولا يَسْتقيمُ المعنى إلاَّ بتقديرِها؛ لأنه لا بُدَّ من راجعٍ من الجزاء إلى «مَنْ» لتَرْتَبِط به «قال الشيخ:» وما قَدَّره عارٍ من راجعٍ من الضميرِ من الجزاء إلى «مَنْ». ألا ترى أنَّ قولَه «فإنَّ تعظيمَها من أفعال ذوي تقوى القلوب» ليس في شيءٍ منه ضميرٌ يَرْجِعُ من الجزاء إلى «مَنْ» يربطه به. وإصلاحُه أن يقولَ: فإنَّ تعظيمَها منه، فالضميرُ في «منه» عائدٌ على «مَنْ».
والعامَّة على خفض «القلوب». وقُرىء برفعِها فاعلةً للمصدرِ قبلها وهو «تقوى».
والعامَّة على خفض «القلوب». وقُرىء برفعِها فاعلةً للمصدرِ قبلها وهو «تقوى».
273
[قوله: ﴿فِيهَا﴾ :] والضميرُ في «فيها» عائدٌ على الشعائر بمعنى الشرائع أي: لكم في التمسُّكِ بها، وقيل: عائدٌ على بهيمةِ الأنعام.
قوله: ﴿مَنسَكاً﴾ : قرأ الأخَوان هذا وما بعده «مَنْسِكاً» بالكسر، والباقون بالفتح. فقيل: هما بمعنىً واحد. والمرادُ بالمَنْسَك مكانُ النُّسُكِ أو المصدرُ. وقيل: المكسورُ مكانٌ، والمفتوحُ مصدرٌ. قال ابنُ عطية: «والكسرُ في هذا من الشاذِّ، ولا يَسُوغُ فيه القياس. ويُشْبِهُ أَنْ يكونَ الكسائيُّ سمعه من العرب». قلت: وهذا الكلامُ منه غير مَرْضِيّ: كيف يقول: ويُشْبه أَنْ يكنَ الكسائيُ سَمِعه. الكسائي يقول: قرأتُ به فكيف يحتاج إلى سماعٍ مع تمسُّكِه بأقوى السَّماعات، وهو روايتُه لذلك قرآناً متواتراً؟ وقوله: «من الشاذِّ» يعني قياساً لا استعمالاً فإنه فصيحٌ في الاستعمال؛ وذلك أنَّ فَعَل يَفْعُل بضم العين في المضارع قياسُ المَفْعَل منه: أن تُفتَحَ عينُه مطلقاً أي: سواءٌ أُريد به الزمانُ أم المكانُ أم المصدرُ. وقد شَذَّتْ ألفاظُ ضَبَطها النحاةُ في كتبهم وذكرتُها أيضاً في هذا الموضوعِ.
قوله: ﴿الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ : يجوز أن يكونَ هذا الموصولُ في موضعِ جرٍّ أو نصبٍ أو رفعٍ. فالجرُّ من ثلاثةِ أوجهٍ: النعتُ للمُخْبِتِيْن، أو البدلُ منهم، أو البيانُ لهم. والنصبُ على المدحِ. الرفعُ على إضمار «هم» وهو مدحٌ أيضاً، ويُسَمِّيه النحويون «قَطْعاً».
قوله: ﴿والمقيمي الصلاة﴾ العامَّةُ على خفضِ «الصلاةِ» بإضافةِ المقيمين إليها. وقرأ الحسن وأبو عمروٍ في روايةٍ بنَصْبِها على حذفِ النونِ تخفيفاً، كما يُحْذف التنوينُ لالتقاءِ السَاكنين. وقرأ ابنُ مسعودٍ والأعمشُ بهذا
قوله: ﴿والمقيمي الصلاة﴾ العامَّةُ على خفضِ «الصلاةِ» بإضافةِ المقيمين إليها. وقرأ الحسن وأبو عمروٍ في روايةٍ بنَصْبِها على حذفِ النونِ تخفيفاً، كما يُحْذف التنوينُ لالتقاءِ السَاكنين. وقرأ ابنُ مسعودٍ والأعمشُ بهذا
274
الأصل: «والمقيمينَ الصلاةَ» بإثباتِ النونِ، ونصبِ «الصلاة». وقرأ الضحَّاكُ «والمقيمَ الصلاةَ» بميمٍ ليس بعدها شيء. وهذه لا تخالِفُ قراءةَ العامَّةِ لفظاً، وإنما تظهرُ مخالفتُها لها وَقْفاً وخَطَّاً.
275
قوله: ﴿والبدن﴾ : العامَّةُ على نصب «البُدْنَ» على الاشتغال. ورُجِّح النصبُ وإن كان مُحْوِجاً لإِضمارٍ، على الرفع الذي لم يُحْوِجْ إليه، لتقدُّمِ جملةٍ فعليةٍ على جملةِ الاشتغالِ. وقُرِىء برفعِها على الابتداءِ، والجملةُ بعدها الخبرُ.
والعامَّةُ أيضاً على تسكينِ الدالِ. وقرأ الحسن وتُرْوى نافعٍ وشيخةِ أبي جعفر بضمِّها، وهما جمعان ل «بَدَنَة» نحو: ثَمَرةٍ وثُمُرٍ وثُمْرٍ. فالتسكينُ يحتمل أن يكونَ تخفيفاً من المضمومِ، وأَنْ يكونَ أصلاً. وقيل: البُدْنُ والبُدُنُ جمعُ بَدَن، والبَدَنُ جمعٌ لبَدَنَة نحو: خَشَبة وخَشَب، ثم يُجْمع خَشَباً على خُشُب وخُشْب. / وقيل: البُدْنُ اسمٌ مفردٌ لا جمعٌ يَعْنُون اسمَ جنسٍ. وقرأ ابنُ أبي إسحاق «البُدُنَّ» بضم الباء والدال وتشديد النون. وهي تحتمل وجهين، أحدُهما: أنَّه قرأ كالحسن، فوقَفَ على الكلمةِ وضَعَّفَ لامَها كقولِهم: «هذا فَرُخّْ» ثم أجرى الوصلَ مجرى الوقفِ في ذلك. ويُحتمل أَنْ يكونَ اسماً على فُعُل ك عُتُلّ.
وسُمِّيَت البَدَنة بَدَنةً لأنها تُبْدَنُ أي: تُسَمَّنُ. وهنل تختصُّ بالإِبل؟ الجمهورُ على ذلك. قال الزمخشري: «والبُدْنُ: جمعُ بَدَنَة سُمِّيَتْ لعِظَمِ
والعامَّةُ أيضاً على تسكينِ الدالِ. وقرأ الحسن وتُرْوى نافعٍ وشيخةِ أبي جعفر بضمِّها، وهما جمعان ل «بَدَنَة» نحو: ثَمَرةٍ وثُمُرٍ وثُمْرٍ. فالتسكينُ يحتمل أن يكونَ تخفيفاً من المضمومِ، وأَنْ يكونَ أصلاً. وقيل: البُدْنُ والبُدُنُ جمعُ بَدَن، والبَدَنُ جمعٌ لبَدَنَة نحو: خَشَبة وخَشَب، ثم يُجْمع خَشَباً على خُشُب وخُشْب. / وقيل: البُدْنُ اسمٌ مفردٌ لا جمعٌ يَعْنُون اسمَ جنسٍ. وقرأ ابنُ أبي إسحاق «البُدُنَّ» بضم الباء والدال وتشديد النون. وهي تحتمل وجهين، أحدُهما: أنَّه قرأ كالحسن، فوقَفَ على الكلمةِ وضَعَّفَ لامَها كقولِهم: «هذا فَرُخّْ» ثم أجرى الوصلَ مجرى الوقفِ في ذلك. ويُحتمل أَنْ يكونَ اسماً على فُعُل ك عُتُلّ.
وسُمِّيَت البَدَنة بَدَنةً لأنها تُبْدَنُ أي: تُسَمَّنُ. وهنل تختصُّ بالإِبل؟ الجمهورُ على ذلك. قال الزمخشري: «والبُدْنُ: جمعُ بَدَنَة سُمِّيَتْ لعِظَمِ
275
بَدَنِها، وهي الإِبِلُ خاصةً؛ لأنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ألحق البقرَ بالإِبل حين قال:» البَدَنَةُ عن سبعةٍ، والبقرة عن سبعة «فجَعَلَ البقرَ في حُكْمِ الإِبلِ، صارَت البَدَنةُ متناوَلَةً في الشريعة للجنسين عند أبي حنيفة وأصحابِه، وإلاَّ فالبُدْنُ هي الإِبلُ وعليه تَدُلُّ الآيةُ». وقيل لا تختصُّ، فقال الليث: البَدَنَةُ بالهاء تقعُ على الناقةِ والبقرة والبعير وما يجوز في الهَدْي والأضاحي، ولا تقعُ على الشاة. وقال عطاءٌ وغيرُه: ما أشعر مِنْ ناقة أو بقرةٍ. وقال آخرون: البُدْنُ يُراد به العظيمُ السِّنِّ من الإِبل والبقر. ويقال للسَّمين من الرجال. وهو اسمُ جنسٍ مفردٍ.
قوله: ﴿مِّن شَعَائِرِ الله﴾ هو المفعولُ الثاني للجَعْل بمعنى التصيير.
قوله: ﴿لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ الجملةُ حالٌ: إمَّا من «ها» «جَعَلْناها»، وإمَّا مِنْ شعائر الله. وهذان مبنيَّان على أن الضميرَ في «فيها» هل هو عائدٌ على «البُدْن» أو على شعائر؟ والأولُ قولُ الجمهورِ.
قوله: ﴿صَوَآفَّ﴾ نصبٌ على الحال أي: مُصْطَفَّةً جنبَ بعضِها إلى بعض. وقرأ أبو موسى الأشعري والحسن ومجاهد وزيد بن أسلم «صَوافي» جمعَ صافِيَة أي: خالصةً لوجهِ الله تعالى. وقرأ عمرو بن عبيد كذلك، إلاَّ أنه نَوَّنَ الياءَ
قوله: ﴿مِّن شَعَائِرِ الله﴾ هو المفعولُ الثاني للجَعْل بمعنى التصيير.
قوله: ﴿لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ الجملةُ حالٌ: إمَّا من «ها» «جَعَلْناها»، وإمَّا مِنْ شعائر الله. وهذان مبنيَّان على أن الضميرَ في «فيها» هل هو عائدٌ على «البُدْن» أو على شعائر؟ والأولُ قولُ الجمهورِ.
قوله: ﴿صَوَآفَّ﴾ نصبٌ على الحال أي: مُصْطَفَّةً جنبَ بعضِها إلى بعض. وقرأ أبو موسى الأشعري والحسن ومجاهد وزيد بن أسلم «صَوافي» جمعَ صافِيَة أي: خالصةً لوجهِ الله تعالى. وقرأ عمرو بن عبيد كذلك، إلاَّ أنه نَوَّنَ الياءَ
276
فقرأ «صَوافياً». واسْتُشْكِلَتْ من حيث إنه جمعٌ متَناهٍ. وخُرِّجَتْ على وجهين، أحدُهما: ذكره الزمخشري وهو أَنْ يكونَ التنوينُ عِوَضاً من حرفِ الإِطلاقِ عند الوقف. يعني أنه وَقَفَ على «صَوافي» بإشباع فتحةَ الياءِ فَتَوَلَّد منها أَلِفٌ يُسَمَّى حرفَ الإِطلاق، ثم عَوَّضَ عنه هذا التنوينَ، وهو الذي يُسَمِّيه أهلُ النحوِ تنوينَ الترنُّم.
والثاني: أنه جاء على لغةِ مَنْ يَصْرِفُ ما لا يَنْصَرِفُ.
وقرأ الحسنُ «صَوافٍ» بالكسرِ والتنوين. وتوجيهُها: أنه نصبها بفتحة مقدرةٍ، فصار حكمُ هذه الكلمةِ كحكمِها حالةً الرفعِ والجرِّ في حَذْفِ الياءِ وتعويض التنوينِ نحو: «هؤلاء جوارٍ»، ومررت بجوارٍ. وتقديرُ الفتحةِ في الياءِ كثيرٌ كقولهم: «أعْطِ القوسَ بارِيْها» وقولِه:
وقوله:
والثاني: أنه جاء على لغةِ مَنْ يَصْرِفُ ما لا يَنْصَرِفُ.
وقرأ الحسنُ «صَوافٍ» بالكسرِ والتنوين. وتوجيهُها: أنه نصبها بفتحة مقدرةٍ، فصار حكمُ هذه الكلمةِ كحكمِها حالةً الرفعِ والجرِّ في حَذْفِ الياءِ وتعويض التنوينِ نحو: «هؤلاء جوارٍ»، ومررت بجوارٍ. وتقديرُ الفتحةِ في الياءِ كثيرٌ كقولهم: «أعْطِ القوسَ بارِيْها» وقولِه:
٣٣٨٩ - كأنَّ أيْدِيهنَّ بالقاعِ القَرِقْ | أيديْ جوارٍ يتعاطَيْنَ الوَرِق |
٣٣٩٠ - وكَسَوْتُ عارٍ لَحْمُه.......... | ........................... |
٣٣٩١ - ألم تُكْسَفِ الشمسُ شمسُ النَّها | رِ والبدرُ للجبل الواجبِ |
278
الزمخشري: «القانِعُ: السَّائلُ. مِنْ قَنِعْتُ وكَنَعْتُ إذا خَضَعْتَ له. وسألتُه قُنُوْعاً. والمُعْتَرُّ: المعترِّضُ بغيرِ سؤالٍ، أو القانِعُ الراضي. بما عندَه، وبما يعطى، من غيرِ سؤالٍ. مِنْ قَنِعْتُ قَنَعاً وقَناعة. والمعترُّ: المتعرض بالسؤال». انتهى. وفرَّق بعضهم بين المعنيين بالمصدر فقال: قَنِعَ يَقْنَع قُنوعاً أي سأل، وقَناعة أي: تعفَّف ببُلْغَته واستغنى بها. وأنشد للشماخ:
وقال ابن قتيبة: «المُعْتَرُّ: المتعرِّضُ من غير سؤال. يُقال: عَرَّه/ واعتَرَّه وعَراه واعْتراه أي: أتاه طالباً معروفَه قال:
وقوله الآخر:
٣٣٩٢ - لَمالُ المَرْءِ يُصْلِحُه فيُغْني | مَفاقِرَه أَعَفُّ من القُنوعِ |
٣٣٩٣ - لَعَمْرُك ما المُعتَرُّ يَغْشى بلادَنا | لِنَمْنَعَه بالضائعِ المُتَهَضِّمِ |
٣٣٩٤ - سَلي الطارِقَ المعترَّ يا أمَّ مالِكٍ | إذا ما اعْتَراني بينَ قِدْري ومَجْزَري |
٣٣٩٥ -....................... | وبِئْري ذو حَفَرْتُ وذو طَوَيْتُ |
٣٣٩٦ - ألم تَسْألْ فَتُخْبِرْكَ الرُّسومُ | ......................... |
٣٣٩٧ - يَسْمُوا بناظِرَتَيْنِ تَحْسَبُ فيهما | لِما أَجالهما شعاعَ سِراج |
لَمَّا نَزَلْتُ بحُصْنِ أَزْبَرَ مُهْصِرٍ | للقِرْن أرواحَ العدا مَجَّاجِ |
فأكرٌّ أحملُ وهو يُقعي باسْته | فإذا يعودُ فراجعٌ أدراجي |
وعلمْتُ أني إنْ أَبَيْتَ نِزالَه | أني من الحَجَّاج لستُ بناجي |
قلت: أمَّا قولُه» وأيضاً فإنَّ جوابَ الاستفهامِ ينعقدُ منه مع الاستفهامِ «إلى قولِه:» إنما هو مترتِّبٌ على الإِنزال «منتزعٌ مِنْ كلامِ أبي البقاء. قال
300
أبو البقاء:» إنما رُفع الفعلُ هنا وإنْ كان قبلَه استفهامٌ لأمرين، أحدهما: أنه استفهامٌ بمعنى الخبر أي: قد رأيت، فلا يكون له جوابٌ. الثاني: أنَّ ما بعدَ الفاءِ ينتصِبُ إذا كان المستفهمُ عنه سبباً له، ورؤيته لإِنزالِ الماءِ لا يُوْجِبُ اخضرارَ الأرض، وإنما يجبُ عن الماء «وأمَّا قولُه:» وإنما عَبَّر بالمضارع «فهو معنى كلامِ الزمخشري بعينه، وإنما غَيَّر عبارتَه وأَوْسَعَها.
وقوله:» فتصبحُ «استدلَّ به بعضُهم على أن الفاءَ لا تقتضي التعقيبَ قال:» لأنَّ اخضرارَها متراخٍ عن إنزالِ الماء، هذا بالمشاهدةِ «. وقد أُجيب عن ذلك بما نقله عكرمةٌ: مِنْ أَنَّ أرضَ مكة وتهامةَ على ما ذُكر، وأنها تُمْطِرُ الليلةَ فتصبح الأرضُ غُدْوَةً خَضِرةً، فالفاءُ على بابها. قال ابن عطية:» وشاهَدْتُ هذا في السُّوس الأقصى، نَزَل المطر ليلاً بعد قَحْط، فأصبحت تلك الأرضُ الرَّمِلةُ التي تَسْفيها الرياحُ قد اخضرَّت بنباتٍ ضعيف «وقيل: تراخي كلِّ شيء بحَسَبه.
وقيل: ثَمَّ جملٌ محذوفةٌ قبل الفاءِ تقديره: فتهتَزُّ وتَرْبُو وتَنْبُتُ فتصبحُ. يبيِّنُ ذلك قولُه: ﴿فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ﴾ وهذا من الحذفِ الذي يَدُلُّ عليه فَحْوَى الكلام كقوله تعالى: ﴿فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصديق أَفْتِنَا﴾ [يوسف: ٤٥-٤٦]. إلى آخر القصة.
و «تُصْبِحُ» يجوزُ أَنْ تكونَ الناقصةَ، وأَنْ تكونَ التامَّة. و «مُخْضَرَّةً» حالٌ. قاله أبو البقاء. وفيه بُعْدٌ عن المعنى إذ يصير التقديرُ: فَتَدخُلُ الأرضُ في وقتِ الصباح على هذه الحالِ. ويجوزُ فيها أيضاً أن تكونَ على بابِها من الدلالةِ على اقترانِ مضمونِ الجملة بهذا الزمنِ الخاصِّ. وإنما خَصَّ هذا
وقوله:» فتصبحُ «استدلَّ به بعضُهم على أن الفاءَ لا تقتضي التعقيبَ قال:» لأنَّ اخضرارَها متراخٍ عن إنزالِ الماء، هذا بالمشاهدةِ «. وقد أُجيب عن ذلك بما نقله عكرمةٌ: مِنْ أَنَّ أرضَ مكة وتهامةَ على ما ذُكر، وأنها تُمْطِرُ الليلةَ فتصبح الأرضُ غُدْوَةً خَضِرةً، فالفاءُ على بابها. قال ابن عطية:» وشاهَدْتُ هذا في السُّوس الأقصى، نَزَل المطر ليلاً بعد قَحْط، فأصبحت تلك الأرضُ الرَّمِلةُ التي تَسْفيها الرياحُ قد اخضرَّت بنباتٍ ضعيف «وقيل: تراخي كلِّ شيء بحَسَبه.
وقيل: ثَمَّ جملٌ محذوفةٌ قبل الفاءِ تقديره: فتهتَزُّ وتَرْبُو وتَنْبُتُ فتصبحُ. يبيِّنُ ذلك قولُه: ﴿فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ﴾ وهذا من الحذفِ الذي يَدُلُّ عليه فَحْوَى الكلام كقوله تعالى: ﴿فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصديق أَفْتِنَا﴾ [يوسف: ٤٥-٤٦]. إلى آخر القصة.
و «تُصْبِحُ» يجوزُ أَنْ تكونَ الناقصةَ، وأَنْ تكونَ التامَّة. و «مُخْضَرَّةً» حالٌ. قاله أبو البقاء. وفيه بُعْدٌ عن المعنى إذ يصير التقديرُ: فَتَدخُلُ الأرضُ في وقتِ الصباح على هذه الحالِ. ويجوزُ فيها أيضاً أن تكونَ على بابِها من الدلالةِ على اقترانِ مضمونِ الجملة بهذا الزمنِ الخاصِّ. وإنما خَصَّ هذا
301
الوقتَ لأن الخضرةَ والبساتينَ أبهجُ ما ترى فيه. ويجوزُ أن تكونَ بمعنى تَصير.
وقرا العامَّةُ بضمِّ الميم وتشديدِ الراء اسمَ فاعلٍ، مِنْ اخْضَرَّت فهي مُخْضَرَّةٌ. والأصلُ مُخْضَرِرَة بكسر الراء الأولى، فأُدْغِمَتْ في مثلها. وقرأ بعضُهم «مَخْضَرَة» بفتح الميم وتخفيفِ الراء بزنة مَبْقَلَة ومَسْبَعَة. والمعنى: ذات خُضْرَواتٍ وذات سِباعٍ وذات بَقْلٍ.
وقرا العامَّةُ بضمِّ الميم وتشديدِ الراء اسمَ فاعلٍ، مِنْ اخْضَرَّت فهي مُخْضَرَّةٌ. والأصلُ مُخْضَرِرَة بكسر الراء الأولى، فأُدْغِمَتْ في مثلها. وقرأ بعضُهم «مَخْضَرَة» بفتح الميم وتخفيفِ الراء بزنة مَبْقَلَة ومَسْبَعَة. والمعنى: ذات خُضْرَواتٍ وذات سِباعٍ وذات بَقْلٍ.
302
قوله: ﴿والفلك﴾ : العامَّةُ على نصبِ «الفلك» وفيه وجهان، أحدهما: أنها عطفٌ على ﴿مَّا فِي الأرض﴾ أي: سَخَّر لكم ما في الأرض، وسَخَّر لكم الفلك. وأفردها بالذِّكْرِ، وإن انْدَرَجَتْ بطريقِ العمومِ تحت «ما». ومن قوله: ﴿مَّا فِي الأرض﴾ لظهورِ الامتنانِ بها ولعجيب تسخيرِها دونَ سائر المُسَخَّرات. و «تَجْري» على هذا حال. الثاني: أنها عَطْفٌ على الجلالة بتقدير: ألم تَرَ أن الفلكَ تَجْري في البحر، فتجري خبرٌ على هذا.
وضمَّ لامَ «الفُلُكَ» هنا الكسائي فيما رواه عن الحسن، وهي قراءةُ ابن مقسم. وقرأ أبو عبد الرحمن وطلحة والأعرج وأبو حيوة والزعفراني برفع «والفلكُ» على الابتداء وتجري بعده الخبر. ويجوز أن يكونَ ارتفاعُه عطفاً على محلِّ اسم «أنَّ» عند مَنْ يُجَوِّز ذلك نحو: «إنَّ زيداً وعمروٌ قائمان» وعلى هذا ف «تجري» حال أيضاً. و «بأمرِه» الباءُ/ للسببية. قوله: ﴿أَن تَقَعَ﴾ فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنها في محلِّ نصبٍ أو جرٍّ لأنها على حَذْفِ حرفِ الجرِّ تقديرُه:
وضمَّ لامَ «الفُلُكَ» هنا الكسائي فيما رواه عن الحسن، وهي قراءةُ ابن مقسم. وقرأ أبو عبد الرحمن وطلحة والأعرج وأبو حيوة والزعفراني برفع «والفلكُ» على الابتداء وتجري بعده الخبر. ويجوز أن يكونَ ارتفاعُه عطفاً على محلِّ اسم «أنَّ» عند مَنْ يُجَوِّز ذلك نحو: «إنَّ زيداً وعمروٌ قائمان» وعلى هذا ف «تجري» حال أيضاً. و «بأمرِه» الباءُ/ للسببية. قوله: ﴿أَن تَقَعَ﴾ فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنها في محلِّ نصبٍ أو جرٍّ لأنها على حَذْفِ حرفِ الجرِّ تقديرُه:
302
من أن تقعَ. الثاني: أنها في محلِّ نصبٍ فقط؛ لأنها بدلٌ من «السماء» بدلُ اشتمالٍ. أي: ويُمْسِكُ وقوعَها يَمْنَعُه. الثالث: أنها في محلِّ نصبٍ على المفعولِ مِنْ أجلِه، فالبصريون يقدِّرون: كراهَة أن تقعَ. والكوفيون: لئلا تقعَ.
قوله: ﴿إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ في هذا الجارِّ وجهان، أحدُهما: أنَّه متعلقٌ ب «تقعَ» أي: إلاَّ بإذنه فتقع. والثاني: أنَّه متعلِّقٌ بيُمْسِكُ. قال ابن عطية: «ويحتمل أَنْ يعودَ قولُه ﴿إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ على الإِمساك، لأنَّ الكلامَ يَقْتضي بغير عَمَدٍ ونحوَه، كأنه أراد: إلاَّ بإذنِه فبه يُمْسِكها» قال الشيخ: «ولو كان على ما قال لكان التركيبُ: بإذنِه، دونَ أداةِ الاستثناءِ. ويكونُ التقديرُ: ويُمْسِك السماءَ بإذنه». قلت: وهذا الاستثناءُ مُفَرَّغٌ، ولا يقعُ في موجَبٍ، لكنه لَمَّا كان الكلامُ قبلَه في قوةِ النفي ساغَ ذلك، إذ التقديرُ: لا يَتْرُكُها تقعُ إلاَّ بإذنه. والذي يظهرُ أنَّ هذه الباءَ حاليةٌ أي: إلاَّ ملتبسةً بأمرِه.
قوله: ﴿إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ في هذا الجارِّ وجهان، أحدُهما: أنَّه متعلقٌ ب «تقعَ» أي: إلاَّ بإذنه فتقع. والثاني: أنَّه متعلِّقٌ بيُمْسِكُ. قال ابن عطية: «ويحتمل أَنْ يعودَ قولُه ﴿إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ على الإِمساك، لأنَّ الكلامَ يَقْتضي بغير عَمَدٍ ونحوَه، كأنه أراد: إلاَّ بإذنِه فبه يُمْسِكها» قال الشيخ: «ولو كان على ما قال لكان التركيبُ: بإذنِه، دونَ أداةِ الاستثناءِ. ويكونُ التقديرُ: ويُمْسِك السماءَ بإذنه». قلت: وهذا الاستثناءُ مُفَرَّغٌ، ولا يقعُ في موجَبٍ، لكنه لَمَّا كان الكلامُ قبلَه في قوةِ النفي ساغَ ذلك، إذ التقديرُ: لا يَتْرُكُها تقعُ إلاَّ بإذنه. والذي يظهرُ أنَّ هذه الباءَ حاليةٌ أي: إلاَّ ملتبسةً بأمرِه.
303
قوله: ﴿هُمْ نَاسِكُوهُ﴾ : هذه الجملةُ صفةٌ ل مَنْسَكاً. وقد تقدَّم أنه يُقْرَأُ بالفتح والكسر. وتقدَّم الخلافُ فيه: هل هو مصدرٌ أو مكانٌ؟ وقال ابنُ عطية: «ناسِكوه يُعطي أنَّ المَنْسَك المصدرُ، ولو كان مكاناً لقال: ناسِكون فيه» يعني أنَّ الفعلَ لا يتعدى إلى ضمير الظرفِ إلاَّ بواسطةِ «في». وما قاله غيرُ لازمٍ؛ لأنه قد يُتَّسع في الظرف فيجري مجرى المفعولِ به، فيصِلُ الفعلُ إلى ضميرِه بنفسه، وكذا ما عَمِلَ عَمَلَ الفعل. ومن الاتِّساع في ظرفِ الزمان قوله:
303
٣٣٩٨ - ويومٍ شَهِدْنَاه سُلَيْمَى وعامراً | قليلٍ سوى الطَّعْنِ النِّهالِ نوافِلُهْ |
٣٣٩٩ - ومَشْرَبٍ أَشْرَبُه وَشِيْلِ | لا أَجِنِ الطَّعْمِ ولا وَبِيْلِ |
قوله: ﴿فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ﴾ وقُرِىء بالنون الخفيفة. وقرأ أبو مجلز: «فلا يَنْزِعُنَّك» مِنْ كذا أي: قَلَعْتُه منه. وقال الزجاج: «هو مِنْ نازَعْتُه فَنَزَعْته أنْزَعُه أي: غَلَبْتُهُ في المنازَعَة». ومجيءُ هذهِ الآيةِ كقولِه تعالى: ﴿فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا﴾ وقولهم: لا أُرَيَنَّك ههنا. وهنا جاء قولُه ﴿لِّكُلِّ أُمَّةٍ﴾ من غير واوٍ عطفٍ، بخلافِ ما تَقَدَّم مِنْ نظيرتِها فإنها بواوِ عطفٍ. قال الزمخشري: «لأنَّ» تلك «وَقَعَتْ مع ما يُدانيها ويناسِبُها من الآيِ الواردةِ في أمر النسائِكِ، فَعُطِفَتْ على أخواتها، وأمَّا هذه فواقعةٌ مع أباعدَ مِنْ معناها فلم تجد مَعْطَفاً.
304
قوله: ﴿تَعْرِفُ﴾ : العامَّةُ على «تَعْرِف» خطاباً مبنياً للفاعل. «المُنْكَرَ» مفعول به. وعيسى بن عمر «يُعْرَفُ» بالياءِ من تحتُ مبنياً
304
للمفعول، و «المنكرُ» مرفوعٌ قائمٌ مقامَ الفاعلِ. والمُنْكَرُ اسمُ مصدرٍ بمعنى الإِنكارِ. وقوله: ﴿الذين كَفَرُواْ﴾ من إقامةِ الظاهرِ مُقامَ المضمرِ للزيادةِ عليهم بذلك.
قوله: ﴿يَكَادُونَ يَسْطُونَ﴾ هذه حالٌ: إمَّا مِنَ الموصولِ، وإنْ كان مضافاً إليه، لأنَّ المضافَ جزؤُه، وإمَّا من الوجوه لأنها يُعَبَّر بها عن أصحابِها، كقوله: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ﴾ [عبس: ٤٠] ثم قال: «أولئك هم». و «يَسْطُون» ضُمِّن معنى يَبْطِشُون فيعدى تعديَته، وإلاَّ فهو متعدٍّ ب على يُقال: سَطا عليه. وأصلُه القهرُ والغَلَبَةُ. وقيل: إظهارُ ما يُهَوِّلُ للإِخافةِ. ولفلان سَطْوَةٌ أي: تَسَلُّطٌ وقهرٌ.
قوله: «النار» يُقرأ بالحركاتِ الثلاث: فالرفعُ مِنْ وجهين. أحدُهما: الرفعُ على الابتداءِ، والخبرُ الجملةُ مِنْ «وَعَدَها الله» والجملةُ لا محلَّ لها فإنها مفسِّرةٌ للشرِّ المتقدِّمِ. كأنه قيل: ما شَرٌّ من ذلك؟ فقيل: النارُ وعدها الله. والثاني: أنها خبرُ مبتدأ مضمرٍ كأنه قيل: ما شرُّ من ذلك؟ فقيل: النارُ أي: هو النارُ، وحينئذٍ يجوزُ في «وعدها الله» الرفعُ على كونِها خبراً بعد خبرٍ.
وأُجيز أن تكون بدلاً من «النار». وفيه نظرٌ: من حيث إنَّ المُبْدَلَ منه مفردٌ. وقد يُجاب عنه: بأنَّ الجملةَ في تأويلِ مفردٍ، وتكونُ بدلَ اشتمالٍ. كأنه قيل النارُ وعدها اللهُ الكفارَ. وأجيز أن تكونَ مستأنفةً لا محلَّ لها. ولا يجوزُ ِأَنْ تكونَ حالاً. قال أبو البقاء: «لأنه ليس في الجملةِ ما يَصْلُح أَنْ يَعْمَلَ في
قوله: ﴿يَكَادُونَ يَسْطُونَ﴾ هذه حالٌ: إمَّا مِنَ الموصولِ، وإنْ كان مضافاً إليه، لأنَّ المضافَ جزؤُه، وإمَّا من الوجوه لأنها يُعَبَّر بها عن أصحابِها، كقوله: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ﴾ [عبس: ٤٠] ثم قال: «أولئك هم». و «يَسْطُون» ضُمِّن معنى يَبْطِشُون فيعدى تعديَته، وإلاَّ فهو متعدٍّ ب على يُقال: سَطا عليه. وأصلُه القهرُ والغَلَبَةُ. وقيل: إظهارُ ما يُهَوِّلُ للإِخافةِ. ولفلان سَطْوَةٌ أي: تَسَلُّطٌ وقهرٌ.
قوله: «النار» يُقرأ بالحركاتِ الثلاث: فالرفعُ مِنْ وجهين. أحدُهما: الرفعُ على الابتداءِ، والخبرُ الجملةُ مِنْ «وَعَدَها الله» والجملةُ لا محلَّ لها فإنها مفسِّرةٌ للشرِّ المتقدِّمِ. كأنه قيل: ما شَرٌّ من ذلك؟ فقيل: النارُ وعدها الله. والثاني: أنها خبرُ مبتدأ مضمرٍ كأنه قيل: ما شرُّ من ذلك؟ فقيل: النارُ أي: هو النارُ، وحينئذٍ يجوزُ في «وعدها الله» الرفعُ على كونِها خبراً بعد خبرٍ.
وأُجيز أن تكون بدلاً من «النار». وفيه نظرٌ: من حيث إنَّ المُبْدَلَ منه مفردٌ. وقد يُجاب عنه: بأنَّ الجملةَ في تأويلِ مفردٍ، وتكونُ بدلَ اشتمالٍ. كأنه قيل النارُ وعدها اللهُ الكفارَ. وأجيز أن تكونَ مستأنفةً لا محلَّ لها. ولا يجوزُ ِأَنْ تكونَ حالاً. قال أبو البقاء: «لأنه ليس في الجملةِ ما يَصْلُح أَنْ يَعْمَلَ في
305
الحال». وظاهرُ نَقْلِ الشيخ عن الزمخشري أنه يُجيز كونَها حالاً فقال: «وأجاز الزمخشريُّ اَنْ تكونَ» النار «مبتدأً، و» وعدَها «خبرٌ، وأَنْ يكونَ حالاً على الإِعرابِ الأول». انتهى. والإِعرابُ الأولُ هو كونُ «النار» خبرَ مبتدأ مضمرِ. والزمخشريُّ لم يجعَلْها حالاً إلاَّ إذا نَصَبْتَ «النار» أو جَرَرْتَها بإضمار «قد» هذا نصُّه. وإنما مَنَعَ ذلك لِما تقدَّم من قولِ أبي البقاء، وهو عدمُ العاملِ.
والنَصبُ وهو قراءةُ زيدِ بن علي وابن أبي عبلة من ثلاثةِ أوجهٍ، أحدها: أنها منصوبةٌ بفعلٍ مقدرٍ يُفَسِّره الفعلُ الظاهرُ، والمسألةُ من الاشتغال. الثاني: أنها منصوبةٌ على الاختصاصِ، قاله الزمخشري. الثالث: أن ينتصبَ بإضمارِ أعني، وهو قريبٌ ممَّا قبله أو هو هو.
والجرُّ وهو قراءةُ ابن أبي إسحاق وإبراهيم بن نوح على البدل مِنْ «شر».
والضميرُ في «وعدها».
قال الشيخ: «الظاهرُ أنَّه هو المفعولُ الأولُ على أنَّه تعالى وَعَدَ النارَ بالكفار أن يُطْعِمَها إيَّاهم، ألا ترى إلى قولِه تعالى: ﴿وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ﴾ [ق: ٣٠] ويجوزُ أَنْ يكونَ الضميرُ هو المفعولَ الثاني،
والنَصبُ وهو قراءةُ زيدِ بن علي وابن أبي عبلة من ثلاثةِ أوجهٍ، أحدها: أنها منصوبةٌ بفعلٍ مقدرٍ يُفَسِّره الفعلُ الظاهرُ، والمسألةُ من الاشتغال. الثاني: أنها منصوبةٌ على الاختصاصِ، قاله الزمخشري. الثالث: أن ينتصبَ بإضمارِ أعني، وهو قريبٌ ممَّا قبله أو هو هو.
والجرُّ وهو قراءةُ ابن أبي إسحاق وإبراهيم بن نوح على البدل مِنْ «شر».
والضميرُ في «وعدها».
قال الشيخ: «الظاهرُ أنَّه هو المفعولُ الأولُ على أنَّه تعالى وَعَدَ النارَ بالكفار أن يُطْعِمَها إيَّاهم، ألا ترى إلى قولِه تعالى: ﴿وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ﴾ [ق: ٣٠] ويجوزُ أَنْ يكونَ الضميرُ هو المفعولَ الثاني،
306
و ﴿الذين كَفَرُواْ﴾ هو المفعولَ الأولَ كما قال: ﴿وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ والمنافقات والكفار نَارَ جَهَنَّمَ﴾ [التوبة: ٦٨]. قلت: ينبغي أن يتعيَّنَ هذا الثاني؛ لأنَّه متى اجتمع بعدما يتعدَّى إلى اثنين شيئان ليس ثانيهما عبارةً عن الأول، فالفاعلُ المعنويُّ رتبتُه التقديمُ وهو المفعولُ الأولُ. ونعني بالفاعلِ المعنويِّ مَنْ يتأتَّى منه فِعْلٌ. فإذا قلتَ: وَعَدْتُ زيداً ديناراً فالدينار هو المفعول؛ لأنه لا يتأتَّى من فِعْلٌ، وهو نظير:» أعطيت زيداً درهماً «ف» زيدٌ «هو الفاعلُ لأنه آخذُ للدرهم.
قوله: ﴿وَبِئْسَ المصير﴾ المخصوصُ محذوفٌ. تقديرُه: وبئس المصيرُ هي النارُ.
قوله: ﴿وَبِئْسَ المصير﴾ المخصوصُ محذوفٌ. تقديرُه: وبئس المصيرُ هي النارُ.
307
قوله: ﴿ضُرِبَ مَثَلٌ﴾ : قال الأخفش: «ليس هنا مَثَلٌ، وإنما المعنى: جَعَلَ الكفارُ للهِ مثلاً» وقال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: الذي جاء به ليس مَثَلاً فكيف سَمَّاه مَثَلاً؟ قلت: قد سُمِّيَتِ الصفةُ والقصةُ الرائعةُ المتلقَّاةُ بالاستحسانِ والاستغرابِ مثلاً؛ تشبيهاً لها ببعض الأمثالِ المسيَّرةِ لكونِها مستغربةً مستحْسنةً». وقال غيره: هو مَثَلٌ «من حيث المعنى؛ لأنه ضُرِب مثلُ مَنْ يعبد الأصنامَ بمن يعبد ما لا يخلقُ ذُباباً».
وقرأ العامَّةُ «تَدْعُون» بتاء الخطاب. والحسن ويعقوب وهارون
وقرأ العامَّةُ «تَدْعُون» بتاء الخطاب. والحسن ويعقوب وهارون
307
ومحبوب عن أبي عمرو بالياء من تحت. وهو في كلتيهما مبنيٌّ للفاعل. وموسى الأسواري واليماني: «يُدْعَوْن» بالياء مِنْ أسفلُ مبنياً للمفعول.
قوله: ﴿لَن يَخْلُقُواْ﴾ جعل الزمخشري نَفْي «لن» للتأبيد وقد تقدَّم البحث معه في ذلك. والذبابُ معروفٌ. ويُجمع على ذِبَّان وذُبَّان بكسر الذال وضمِّها وعلى ذُبّ. والمِذَبَّة ما يُطْرَدُ بها الذبابُ. وهو اسمُ جنسٍ واحدتُه ذُبابة، يقع للمذكورِ والمؤنثِ فيفرَّقُ بالوصف.
قوله: ﴿وَلَوِ اجتمعوا لَهُ﴾ قال الزمخشري: «نصبٌ على الحالِ كأنه قال: يَسْتحيل خَلْقُهم الذبابَ مشروطاً [عليهم] اجتماعُهم جميعاً لخَلْقِه وتعاونُهم عليه» وقد تقدم غيرَ مرة أنَّ هذه الواوَ عاطفةٌ هذه الجملةَ الحاليةَ على حال محذوفةٍ أي: انتفى خَلْقُهم الذبابَ على كلِّ حال، ولو في هذه الحالِ المقتضيةِ لخَلْقِهِم لأجلِ الذباب، أو لأجلِ الصنَمِ.
والسَّلْبُ: اختطافُ الشيءِ بسرعة. يُقال: سَلَبَه نِعْمَتَه. والسلَبُ: ما على القتيل. وفي الحديث: «مَنْ قتل قتيلاً فله سَلَبُه» والاستنقاذ: استفعالٌ بمعنى الإفعال يقال: أنقذه مِنْ كذا أي: أنجاه منه، وخَلَّصه. ومثله أَبَلَّ المريضُ واسْتَبَلَّ وقوله: «ضَعُفَ الطالبُ» قيل هو إخبار. وقيل: هو تعجُّبٌ والأولُ أظهرُ.
قوله: ﴿لَن يَخْلُقُواْ﴾ جعل الزمخشري نَفْي «لن» للتأبيد وقد تقدَّم البحث معه في ذلك. والذبابُ معروفٌ. ويُجمع على ذِبَّان وذُبَّان بكسر الذال وضمِّها وعلى ذُبّ. والمِذَبَّة ما يُطْرَدُ بها الذبابُ. وهو اسمُ جنسٍ واحدتُه ذُبابة، يقع للمذكورِ والمؤنثِ فيفرَّقُ بالوصف.
قوله: ﴿وَلَوِ اجتمعوا لَهُ﴾ قال الزمخشري: «نصبٌ على الحالِ كأنه قال: يَسْتحيل خَلْقُهم الذبابَ مشروطاً [عليهم] اجتماعُهم جميعاً لخَلْقِه وتعاونُهم عليه» وقد تقدم غيرَ مرة أنَّ هذه الواوَ عاطفةٌ هذه الجملةَ الحاليةَ على حال محذوفةٍ أي: انتفى خَلْقُهم الذبابَ على كلِّ حال، ولو في هذه الحالِ المقتضيةِ لخَلْقِهِم لأجلِ الذباب، أو لأجلِ الصنَمِ.
والسَّلْبُ: اختطافُ الشيءِ بسرعة. يُقال: سَلَبَه نِعْمَتَه. والسلَبُ: ما على القتيل. وفي الحديث: «مَنْ قتل قتيلاً فله سَلَبُه» والاستنقاذ: استفعالٌ بمعنى الإفعال يقال: أنقذه مِنْ كذا أي: أنجاه منه، وخَلَّصه. ومثله أَبَلَّ المريضُ واسْتَبَلَّ وقوله: «ضَعُفَ الطالبُ» قيل هو إخبار. وقيل: هو تعجُّبٌ والأولُ أظهرُ.
308
قوله: ﴿الله يَصْطَفِي مِنَ الملائكة رُسُلاً وَمِنَ الناس﴾ : قيل: تقديرُه: ومن الناسِ رسلاً. ولا حاجةَ لذلك، بل قوله ﴿وَمِنَ الناس﴾ مقدَّرُ التقديمِ أي: يصطفي من الملائكة، ومن الناس رسلاً.
قوله: ﴿حَقَّ جِهَادِهِ﴾ : يجوزُ أَنْ يكونَ منصوباً على المصدرِ. وهو واضح. وقال أبو البقاء: «ويجوزُ أَنْ يكونَ نعتاً لمصدرٍ محذوفٍ أي: جهاداً حَقَّ جهادِه» وفيه نظر من حيث إنَّ هذا معرفةٌ فكيف يُجعل صفةً لنكرةِ؟ قال الزمخشريُّ: «فإنْ قلتَ: ما وَجْهُ هذه الإِضافةِ، وكان القياسُ حَقَّ الجهادِ فيه، أو حَقَّ جهادِكم فيه. كما قال: ﴿وَجَاهِدُوا فِي الله﴾ ؟ قلت: إلإِضافةُ تكون بأدنى ملابسةٍ واختصاصٍ، فلمَّا كان الجهادُ/ مختصاً بالله من حيث إنه مفعولٌ من أجلِه ولوجهِه صحَّتْ إضافتُه إليه. ويجوز أن يُتَّسَعَ في الظرف كقولِه:
يعني بالظرفِ الجارَّ والمجرورَ، كأنه كان الأصلُ: حَقَّ جهادٍ فيه، فحذف حرفَ الجرِّ وأُضيف المصدرُ للضميرِ، وهو من باب» هو حقُّ عالم وجِدُّ عالم «أي: عالِمٌّ حقاً وعالِمٌ جدَّاً.
قوله: ﴿مِّلَّةَ أَبِيكُمْ﴾ فيه أوجهٌ أحدُها: أنها منصوبةٌ ب» اتَّبِعوا «مضمراً قاله الحوفي، وتبعه أبو البقاء. الثاني: أنها على الاختصاصِ أي: أعني بالدين
٣٤٠٠ - ويومٍ شَهِدْناه سليمى وعامِراً | ....................... |
قوله: ﴿مِّلَّةَ أَبِيكُمْ﴾ فيه أوجهٌ أحدُها: أنها منصوبةٌ ب» اتَّبِعوا «مضمراً قاله الحوفي، وتبعه أبو البقاء. الثاني: أنها على الاختصاصِ أي: أعني بالدين
309
ملةَ أبيكم. الثالث: أنها منصوبةٌ بما تقدَّمها، كأنه قال: وَسَّع دينَكم تَوْسِعَةً ملَّةِ أبيكم، ثم حُذِف المضافُ، وأُقيم المضافُ إليه مُقامَه. قاله الزمخشري. الرابع: أنه منصوبٌ ب» جَعَلها «مُقَدراً، قاله ابن عطية. الخامس: أنها منصوبةٌ على حَذْف كافِ الجرِّ أي كملَّةِ إبراهيمَ، قاله الفراء. وقال أبو البقاء قريباً منه. فإنه قال:» وقيل: تقديرُه: مثلَ ملةِ؛ لأن المعنى: سَهَّل عليكم الدينَ مثلَ ملةِ أبيكم، فَحُذِفَ المضافُ وأُقيم المضافُ إليه مُقامه «. وأَظْهَرُ هذه الثالثُ. و» إبراهيم «بدلٌ أو بيانٌ، أو منصوبٌ بأَعْني.
قوله: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ﴾ في هذا الضميرِ قولان، أحدهما: أنه عائدٌ على» إبراهيم «فإنه أقربُ مذكورٍ. إلاَّ أنَّ ابنَ عطيةَ قال:» وفي هذه اللفظةِ يعني قولَه «وفي هذا» ضَعْفُ قَوْلِ مَنْ قال: الضمير لإِبراهيم. ولا يَتَوَجَّه إلاَّ بتقديرِ محذوفٍ من الكلامِ مستأنفٍ «انتهى. ومعنى» ضَعْف قولِ مَنْ قال بذلك «أنَّ قوله» وفي هذا «عطفٌ على» مِنْ قبلُ «، و» هذا «إشارةٌ إلى القرآن المشارَ إليه إنما نزل بعد إبراهيم بمُدَدٍ طِوالٍ؛ فلذلك ضَعُفَ قولُه. وقوله:» إلاَّ بتقديرِ محذوفٍ «الذي ينبغي أَنْ يقدَّرَ: وسُمِّيْتُم في هذا القرآن المسلمين. وقال أبو البقاء:» قيل الضميرُ لإِبراهيم، فعلى هذا الوجهِ يكونُ قولُه «وفي
قوله: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ﴾ في هذا الضميرِ قولان، أحدهما: أنه عائدٌ على» إبراهيم «فإنه أقربُ مذكورٍ. إلاَّ أنَّ ابنَ عطيةَ قال:» وفي هذه اللفظةِ يعني قولَه «وفي هذا» ضَعْفُ قَوْلِ مَنْ قال: الضمير لإِبراهيم. ولا يَتَوَجَّه إلاَّ بتقديرِ محذوفٍ من الكلامِ مستأنفٍ «انتهى. ومعنى» ضَعْف قولِ مَنْ قال بذلك «أنَّ قوله» وفي هذا «عطفٌ على» مِنْ قبلُ «، و» هذا «إشارةٌ إلى القرآن المشارَ إليه إنما نزل بعد إبراهيم بمُدَدٍ طِوالٍ؛ فلذلك ضَعُفَ قولُه. وقوله:» إلاَّ بتقديرِ محذوفٍ «الذي ينبغي أَنْ يقدَّرَ: وسُمِّيْتُم في هذا القرآن المسلمين. وقال أبو البقاء:» قيل الضميرُ لإِبراهيم، فعلى هذا الوجهِ يكونُ قولُه «وفي
310
هذا» أي: وفي هذا القرآن سببُ تسميتِهم «. والثاني: أنه عائدٌ على اللهِ تعالى ويَدُلُّ له قراءةُ أُبَيّ:» الله سَمَّاكم «بصريح الجلالةِ أي: سَمَّاكم في الكتبِ السالفةِ وفي هذا القرآنِ الكريمِ أيضاً.
قوله: ﴿لِيَكُونَ الرسول﴾ متعلقٌ بسَمَّاكم.
وقوله: ﴿فَنِعْمَ المولى﴾ أي: اللهُ. وحَسَّن حذفَ المخصوصِ وقوعُ الثاني رأسَ آيةٍ وفاصلةٍ.
قوله: ﴿لِيَكُونَ الرسول﴾ متعلقٌ بسَمَّاكم.
وقوله: ﴿فَنِعْمَ المولى﴾ أي: اللهُ. وحَسَّن حذفَ المخصوصِ وقوعُ الثاني رأسَ آيةٍ وفاصلةٍ.
311