تفسير سورة إبراهيم

غريب القرآن

تفسير سورة سورة إبراهيم من كتاب غريب القرآن
لمؤلفه زيد بن علي . المتوفي سنة 120 هـ

أخبرنا أَبو جعفر قالَ : حدَّثنا علي بن أحمد. قال : حدّثنا عطاء بن السائب عن أبي خالد عن زيد بن علي عليهما السَّلامُ في قولِه تعالى :
﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾ معناهُ بِنِعَمِ الله.
وقوله تعالى :﴿ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ﴾ معناهُ يُولونَكُمْ.
وقوله تعالى :﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ ﴾ معناهُ أعْلمكُمْ.
وقوله تعالى :﴿ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ ﴾ معناه عَضوا عَليها. ويقال كَفُّوا عَن قَبولِ الإِيمانِ، وَلَمْ يُؤمِنوا بهِ. ويقال إِذا أَمسَكَ ولَمْ يُجبْ رَدَّ يَدهُ فِي فَمهِ. ويقالُ : إِنَّ الرَّسُولَ إِذَا أَخْبَرَهُمْ بِرِسَالتِهِ قَالُوا لَهُ اسْكُتْ وأَشاروا بأَصَابِعِهِمْ إِلى أَفْواهِ أَنْفُسِهمْ رَدعاً لَهُ وَتَكْذِيباً. ويقالُ كانوا يَرُدُونَ القَولَ بِأَيْدِيهِمْ إِلى أَفواهِ الرُّسلِ. ويقال : ردُّوا بهِ لو قَبلوه كَانَتْ نعماً علَيهم، وأَيادِيَ مِن الله فِي أَفواهِهِم، معناه فِي ألسِنتِهِم.
وقوله تعالى :﴿ وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ معناهُ اسْتَنْصَروا. والعَنيدُ : الناكبُ عِن الحَقِّ.
وقوله تعالى :﴿ مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ ﴾ معناه من أَمامِهِمْ.
وقوله تعالى :﴿ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ ﴾ الصَّديدُ : القَيحُ والدَّمُ ويقال عُصَارةُ أَهلِ النَّارِ.
وقوله تعالى :﴿ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ ﴾ معناه مِن تَحتِ كُلِّ شَعْرةٍ وظفرٍ. ويقال : أَنواعُ العَذابِ الذي يَحدُثُ يَومَ القِيامَةِ فِي نَارِ جَهنَّمَ، وَليسَ مِنهَا نَوعٌ إِلاَّ يَاتِيهِ المَوتُ مِنهُ. لَو كَانَ يَموتُ ولَكِنهُ لاَ يَمُوت، لأَنهُ تَبارك وتَعالى لاَ يَقضِي عَلَيهم فَيَموتُوا، وَلاَ يُخَفِّفُ عَنهم من عَذَابِهَا.
وقوله تعالى :﴿ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾ يعني شَديداً.
وقوله تعالى :﴿ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ﴾ يعني شَديدَ الرِّيحِ.
وقوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَتِ وَالأَرْضَ ﴾ معناه أَلَمْ تَعلمْ، وَلَيسَ بِرؤيةِ عَينِ.
وقوله تعالى :﴿ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ ﴾ معناه بِمُعينِكُم.
وقوله تعالى :﴿ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ﴾ يعني بَرئتُ مِنكُم.
وقوله تعالى :﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً ﴾ قالَ زيد بن علي عليهما السّلامُ : هِي لاَ إله إِلاَّ الله أَصْلُهَا ثَابِتٌ فِي قَلبِ المُؤمِن. ويقالُ : النَّخلَةُ.
وقوله تعالى :﴿ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ﴾ معناه كُلُّ سِتةِ أَشهرٍ يَخرُجُ ثَمَرُها. ويقالُ الحِينُ : غُدوةٌ وعَشيةٌ.
وشَجَرةٌ خَبِيثَةٌ : هِيَ الحَنظَلُ.
وقوله تعالى :﴿ اجْتُثَّتْ ﴾ معناه اسْتُؤصِلتْ.
وقوله تعالى :﴿ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً ﴾ معناه محمدٌ صلَّى الله عَليهِ وآلهِ وسلَّم نِعمةٌ مِن الله.
وقوله تعالى :﴿ دَارَ الْبَوَارِ ﴾ معناهُ دَارَ الهَلاَكِ.
وقوله تعالى :﴿ وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً ﴾ معناهُ أَضدادٌ واحِدُهُمْ نِدٌ وَنديدٌ.
وقوله تعالى :﴿ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ ﴾ معناهُ لاَ مُصادقةٌ.
وقوله تعالى :﴿ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ﴾ معناهُ مِنْ كُلِّ مَا لَمْ تَسأَلُوهُ.
وقوله تعالى :﴿ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ ﴾ والأَفئِدةُ : الجَماعةُ ! و :﴿ تَهْوِى إِلَيْهِمْ ﴾ معناهُ قُلوبُهم تَهوِي إِلى البَيتِ.
وقوله تعالى :﴿ مُهْطِعِينَ ﴾ معناهُ يُدِيمُونَ النَّظَرَ. ويقالُ مُسرعونَ.
وقوله تعالى :﴿ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ ﴾ معناهُ رافعوا رُءُوسهم.
وقوله تعالى :﴿ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ ﴾ معناهُ مَنْحَرِفةٌ لاَ تَعي شَيئاً.
وقوله تعالى :﴿ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ ﴾ معناه السَّلاسِلُ والأَغْلاَلَ.
وقوله تعالى :﴿ سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ ﴾ معناهُ أَقمِصتُهم واحدُها سِربال. وتُقرأ من قطرٍ آن فالقَطرُ : النّحاسُ. والآنُ الذي قَدْ انْتَهَى حَرُّهُ.
سورة إبراهيم
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (إبراهيمَ) مِن السُّوَر المكية، وجاءت هذه السورةُ الكريمة على ذِكْرِ مسائل الاعتقاد، والتوحيد، وآياتِ الله عز وجل في هذا الكونِ، كما دعَتْ إلى اتباع الدِّين الخالص: {مِلَّةَ ‌إِبْرَٰهِيمَ ‌حَنِيفٗاۖ}، وقد سُمِّيتْ باسمه عليه السلام، ودعت إلى اتباع الطريق الحقِّ التي دعا إليها كلُّ الأنبياء، كما أورَدتْ ذِكْرَ الجنة والنار، وحال كلٍّ من الفريقين؛ ترغيبًا في الاتباع والطاعة، وترهيبًا عن المعصية والمخالفة، واحتوت على ذِكْرِ عظمة الله في هذا الكونِ الفسيح؛ تثبيتًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومَن والاه.

ترتيبها المصحفي
14
نوعها
مكية
ألفاظها
831
ترتيب نزولها
72
العد المدني الأول
54
العد المدني الأخير
54
العد البصري
51
العد الكوفي
52
العد الشامي
55

* قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاْلْقَوْلِ اْلثَّابِتِ فِي اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَا وَفِي اْلْأٓخِرَةِۖ} [إبراهيم: 27]:

عن البَراءِ بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «نزَلتْ في عذابِ القَبْرِ، فيقال له: مَن رَبُّك؟ فيقول: رَبِّي اللهُ، ونَبيِّي محمَّدٌ ﷺ؛ فذلك قولُهُ عز وجل: {يُثَبِّتُ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاْلْقَوْلِ اْلثَّابِتِ فِي اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَا وَفِي اْلْأٓخِرَةِۖ} [إبراهيم: 27]». أخرجه مسلم (٢٨٧١).

* سورة (إبراهيمَ):

سُمِّيتْ سورة (إبراهيمَ) بذلك؛ لأنها تحدَّثتْ - بشكل رئيسٍ - عن سيدنا (إبراهيمَ) عليه السلام، وعَلاقةِ ذلك بالتوحيد.

جاءت موضوعاتُ سورة (إبراهيم) على النحوِ الآتي:

1. منزلة القرآن الكريم، وحُجِّيته على الناس جميعًا (١-٤).

2. دعوة الرُّسل في الإخراج من الظُّلمات إلى النور (٥-٨).

3. استفتاح الرسل بالنصر على أعدائهم (للدعاة) (٩-١٨).

4. نعيم أهل الجنة، وعذاب أهل النار (١٩- ٣١).

5. عظمة الله في الكون، ونِعَمُه على خَلْقه (٣٢- ٣٤).

6. نبأ إبراهيم عليه السلام في دعوته (٣٥- ٤١).

7. صُوَر من مشاهدِ يوم القيامة (٤٢-٥٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /1).

مقصودُ سورة (إبراهيمَ) هو التوحيدُ، وبيانُ أن هذا الكتابَ غايةُ البلاغ إلى الله؛ لأنه كافل ببيان الصراط الدالِّ عليه، المؤدي إليه، وأدلُّ ما فيها على هذا المَرامِ: قصةُ (إبراهيم) عليه السلام.

أما أمرُ التوحيد في قصة (إبراهيم) عليه السلام: فواضحٌ في آيات كثيرة من القرآن، والتوحيدُ هو ملَّةُ (إبراهيمَ) عليه السلام، التي حكَم اللهُ تعالى على مَن رَغِب عنها بقوله: {وَمَن ‌يَرْغَبُ ‌عَن مِّلَّةِ إِبْرَٰهِـۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُۥۚ} [البقرة: 130]. وقال الله تعالى في هذه السُّورةِ مبينًا حِرْصَ (إبراهيمَ) عليه السلام على التوحيد: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ رَبِّ اْجْعَلْ هَٰذَا اْلْبَلَدَ ءَامِنٗا وَاْجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ اْلْأَصْنَامَ (35) ​رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرٗا مِّنَ اْلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ (36)} [إبراهيم: 35-36].

وأما أمرُ الكتاب: فلأنه من جملةِ دعائه لذريتِه الذين أسكَنهم عند البيت المُحرَّم؛ ذريةِ (إسماعيلَ) عليه السلام: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ}[سورة البقرة: 129].

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السُّور" للبقاعي (2 /198).