تفسير سورة إبراهيم

جهود الإمام الغزالي في التفسير

تفسير سورة سورة إبراهيم من كتاب جهود الإمام الغزالي في التفسير
لمؤلفه أبو حامد الغزالي . المتوفي سنة 505 هـ

﴿ الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ﴾ ( ٤ ).
٥٦٣- وصف الكفار بذلك، فمفهومه أن المومن هو الذي يتصف بنقيضه وهو أن يستحب الآخرة على الحياة الدنيا. [ الإحياء : ٤/٢٣٣ ]
﴿ لئن شكرتم لأزيدنكم ﴾ ( ٩ ).
٥٦٤- الشكر سبب الزيادة. [ نفسه : ٤/٩٣ ].
﴿ والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم ﴾ ( ١٢ ).
٥٦٥- في هذا تنبيه على أولئك القرون الطاغية كقوم يارخ ومارخ ودوح وأسر، وما أشبه ذلك. [ الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة ضمن المجموعة رقم ٦ ص : ١٢٩ ]
٥٦٦- قال أبو أمامة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى :﴿ ويسقى من ماء صديد، يتجرعه ولا يكاد يسيغه ﴾ ( ١٩ ) قال : " يقرب إليه فيتكره فإذا أدنى منه شوى وجهه فوقعت فروة١ رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره " ٢ يقول تعالى :﴿ وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ﴾٣ وقال تعالى :﴿ وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ﴾٤ فهذه طعامهم وشرابهم عند جوعهم وعطشهم. [ الإحياء : ٤/٥٦٧ ].
١ - أي جلدته: الإتحاف: ١٤/٥٥١..
٢ - أخرجه الترمذي وقال غريب..
٣ - محمد : ١٥..
٤ - الكهف : ٢٩.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٦:٥٦٦- قال أبو أمامة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى :﴿ ويسقى من ماء صديد، يتجرعه ولا يكاد يسيغه ﴾ ( ١٩ ) قال :" يقرب إليه فيتكره فإذا أدنى منه شوى وجهه فوقعت فروة١ رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره " ٢ يقول تعالى :﴿ وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ﴾٣ وقال تعالى :﴿ وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ﴾٤ فهذه طعامهم وشرابهم عند جوعهم وعطشهم. [ الإحياء : ٤/٥٦٧ ].
١ - أي جلدته: الإتحاف: ١٤/٥٥١..
٢ - أخرجه الترمذي وقال غريب..
٣ - محمد : ١٥..
٤ - الكهف : ٢٩.

﴿ سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص ﴾ ( ٢٣ ).
٥٦٧- قال زيد بن أسلم١ في قوله تعالى :﴿ سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص ﴾ قال صبروا مائة سنة ثم جزعوا مائة سنة ثم صبروا مائة سنة، ثم قالوا :﴿ سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ﴾ [ الإحياء : ٤/٥٦٨ ].
١ - هو زيد بن أسلم العدوي العمري، مولاهم أبو أسامة، أو أبو عبد الله؛ فقيه مفسر من أهل المدينة كان مع عمر بن عبد العزيز أيام خلافته، وكان ثقة كثير الحديث. له حلقة بالمسجد النبوي، وله كتاب في التفسير رواه عنه ولده عبد الرحمان. ن تهذيب التهذيب: ٣/٣٩٥ وسير أعلام النبلاء ٦/٣١٦..
٥٦٨ - شبه الله العقل بشجرة طيبة، والهوى بشجرة خبيثة. [ ميزان العمل : ٢٤٥ ].
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٤:٥٦٨ - شبه الله العقل بشجرة طيبة، والهوى بشجرة خبيثة. [ ميزان العمل : ٢٤٥ ].
﴿ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ﴾ ( ٢٩ ).
٥٦٩- قال البراء بن عازب : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبره منكسا رأسه ثم قال :( اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ) ثلاثا. ثم قال :( إن المؤمن إذا كان في قبل من الآخرة بعث الله ملائكة كأن وجوههم الشمس، معهم حنوطه وكفنه فيجلسون مد بصره، فإذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك من السماء، وفتحت أبواب السماء فليس منهما باب إلا يحب أن يدخله بروحه منه، فإذا صعد بروحه قيل : أي رب عبدك فلان، فيقول أرجعوه فأروه ما أعددت له من الكرامة فإني وعدته ﴿ منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ﴾١ وإنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين حتى يقال : يا هاذا من ربك ؟ وما دينك ؟ وما نبيك ؟، فيقول ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم. قال : فينتهرانه انتهارا شديدا. وهي آخر فرصة تعرض على الميت، فإذا قال ذلك نادى مناد أن قد صدقت وهي معنى قوله تعالى :﴿ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ﴾.. " الحديث٢. [ الإحياء : ٤/٥٣٠-٥٣١ ]
٥٧٠- التثبيت على المعرفة والإيمان، وهو الذي منه الخوف والفزع، وعليه كل البكاء والجزع، قال عز من قائل :﴿ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ﴾ [ منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين : ٣٤٨ ].
١ - طه : ٥٥..
٢ - الحديث طويل يصف حالة المومن وما أعد الله له من نعيم، وحالة الكافر وما أعد الله له من عذاب. قال الحافظ العراقي: الحديث بطوله أخرجه أبو داود والحاكم بكماله. وقال صحيح على شرط الشيخين، وضعفه ابن حبان، ورواه النسائي وابن ماجة مختصرا. ن المغني بهامش الإحياء: ٤/٥٣١..
﴿ وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ﴾ ( ٣٦ ).
٥٧١- إحصاء نعم الله على عباده خارج عن مقدور البشر [ الإحياء : ٤/١٠٤ ]
﴿ واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ﴾ ( ٣٧ ).
٥٧٢- استعاذ إبراهيم عليه السلام فقال :﴿ واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ﴾ وعنى بها هذين الحجرين : الذهب والفضة، إذ رتبة النبوة من أجل من أن يخشى عليها أن تعتقد الإلهية في شيء من هذه الحجارة، إذ قد كفي قبل النبوة مع الصغر، وإنما معنى عبادتهما حبهما والاغترار بهما والركون إليهما، قال نبينا صلى الله عليه وسلم :( تعس عبد الدينار وتعس عبد الدرهم وتعس ولا انتعش وإذا شيك فلا انتقش )١ فبين أن محبهما عابد لهما، ومن عبد حجرا فهو عابد صنم، بل كل من كان عبدا لغير الله فهو عابد صنم، أي قطعه ذلك عن الله تعالى أداء حقه، فهو كعابد صنم، وهو شرك، إلا أن الشرك شركان : شرك خفي لا يوجب الخلود في النار وقلما ينفك عنه المومنون فإنه أخفى من دبيب النمل، وشرك جلي يوجب الخلود في النار نعوذ بالله من الجميع. [ نفسه : ٣/٢٤٩ ]
٥٧٣- نهى به هذين الحجرين : الذهب والفضة، إذ رتبة النبوة أجل من يخشى فيها أن تعتقد الإلهية في شيء من الحجارة، ولهذا قال علي : يا حميراء غري غيري، ويا بويضاء غري غيري. ولهذا شبه عليه السلام طلاب الدنانير والدراهم المشغوفين بعبدة الحجارة، فقال :( تعس عبد الدراهم تعس عبد الدنانير، ولا انتعش، وإذا شيك فلا انتقش ). [ ميزان العمل : ٣٧٦ ].
١ - أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة ولم يقل : [[وانتقش]] وإنما علق آخره بلفظ [تعس وانتكس]] باب ما يتقي من فتنة المال وقوله تعالى: ﴿إنما أموالكم وأولادكم فتنة﴾ حديث رقم: ٦٤٣٥..
﴿ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ﴾ ( ٥٠ ).
٥٧٤- لا تظنن أن تلك الأرض مثل أرض الدنيا، بل لا تساويها إلا في الاسم، قال تعالى :﴿ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ﴾ قال ابن عباس : يزداد فيها وينقص وتذهب أشجارها وجبالها وأوديتها وما فيها وتمد مد الأديم العكاظي، أرض بيضاء مثل الفضة لم يسفك عليها دم ولم يعمل عليها خطيئة، والسماوات تذهب شمسها وقمرها ونجومها. [ الإحياء : ٤/٥٤٦ ].
﴿ مقرنين في الأصفاد ﴾ ( ٥١ ).
٥٧٥- الصفد : هو اقتران القدمين معا. [ نفسه : ١/١٨١ ].
سورة إبراهيم
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (إبراهيمَ) مِن السُّوَر المكية، وجاءت هذه السورةُ الكريمة على ذِكْرِ مسائل الاعتقاد، والتوحيد، وآياتِ الله عز وجل في هذا الكونِ، كما دعَتْ إلى اتباع الدِّين الخالص: {مِلَّةَ ‌إِبْرَٰهِيمَ ‌حَنِيفٗاۖ}، وقد سُمِّيتْ باسمه عليه السلام، ودعت إلى اتباع الطريق الحقِّ التي دعا إليها كلُّ الأنبياء، كما أورَدتْ ذِكْرَ الجنة والنار، وحال كلٍّ من الفريقين؛ ترغيبًا في الاتباع والطاعة، وترهيبًا عن المعصية والمخالفة، واحتوت على ذِكْرِ عظمة الله في هذا الكونِ الفسيح؛ تثبيتًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومَن والاه.

ترتيبها المصحفي
14
نوعها
مكية
ألفاظها
831
ترتيب نزولها
72
العد المدني الأول
54
العد المدني الأخير
54
العد البصري
51
العد الكوفي
52
العد الشامي
55

* قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاْلْقَوْلِ اْلثَّابِتِ فِي اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَا وَفِي اْلْأٓخِرَةِۖ} [إبراهيم: 27]:

عن البَراءِ بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «نزَلتْ في عذابِ القَبْرِ، فيقال له: مَن رَبُّك؟ فيقول: رَبِّي اللهُ، ونَبيِّي محمَّدٌ ﷺ؛ فذلك قولُهُ عز وجل: {يُثَبِّتُ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاْلْقَوْلِ اْلثَّابِتِ فِي اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَا وَفِي اْلْأٓخِرَةِۖ} [إبراهيم: 27]». أخرجه مسلم (٢٨٧١).

* سورة (إبراهيمَ):

سُمِّيتْ سورة (إبراهيمَ) بذلك؛ لأنها تحدَّثتْ - بشكل رئيسٍ - عن سيدنا (إبراهيمَ) عليه السلام، وعَلاقةِ ذلك بالتوحيد.

جاءت موضوعاتُ سورة (إبراهيم) على النحوِ الآتي:

1. منزلة القرآن الكريم، وحُجِّيته على الناس جميعًا (١-٤).

2. دعوة الرُّسل في الإخراج من الظُّلمات إلى النور (٥-٨).

3. استفتاح الرسل بالنصر على أعدائهم (للدعاة) (٩-١٨).

4. نعيم أهل الجنة، وعذاب أهل النار (١٩- ٣١).

5. عظمة الله في الكون، ونِعَمُه على خَلْقه (٣٢- ٣٤).

6. نبأ إبراهيم عليه السلام في دعوته (٣٥- ٤١).

7. صُوَر من مشاهدِ يوم القيامة (٤٢-٥٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /1).

مقصودُ سورة (إبراهيمَ) هو التوحيدُ، وبيانُ أن هذا الكتابَ غايةُ البلاغ إلى الله؛ لأنه كافل ببيان الصراط الدالِّ عليه، المؤدي إليه، وأدلُّ ما فيها على هذا المَرامِ: قصةُ (إبراهيم) عليه السلام.

أما أمرُ التوحيد في قصة (إبراهيم) عليه السلام: فواضحٌ في آيات كثيرة من القرآن، والتوحيدُ هو ملَّةُ (إبراهيمَ) عليه السلام، التي حكَم اللهُ تعالى على مَن رَغِب عنها بقوله: {وَمَن ‌يَرْغَبُ ‌عَن مِّلَّةِ إِبْرَٰهِـۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُۥۚ} [البقرة: 130]. وقال الله تعالى في هذه السُّورةِ مبينًا حِرْصَ (إبراهيمَ) عليه السلام على التوحيد: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ رَبِّ اْجْعَلْ هَٰذَا اْلْبَلَدَ ءَامِنٗا وَاْجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ اْلْأَصْنَامَ (35) ​رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرٗا مِّنَ اْلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ (36)} [إبراهيم: 35-36].

وأما أمرُ الكتاب: فلأنه من جملةِ دعائه لذريتِه الذين أسكَنهم عند البيت المُحرَّم؛ ذريةِ (إسماعيلَ) عليه السلام: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ}[سورة البقرة: 129].

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السُّور" للبقاعي (2 /198).