تفسير سورة إبراهيم

جهود القرافي في التفسير

تفسير سورة سورة إبراهيم من كتاب جهود القرافي في التفسير
لمؤلفه القرافي . المتوفي سنة 684 هـ

٧٤٥- تقديره : " ما نرسله إلا مصحوبا بلسان قومه " فالباء متصلة بالحال المحذوفة. ( الاستغناء : ٥٤٧ ).
٧٤٦- إن الحكمة في أن الله تعالى إنما يبعث رسله بألسنة قومهم ليكون ذلك أبلغ في الفهم عنه ومنه، وهو أيضا يكون أقرب ليفهم عنهم جميع مقاصدهم في الموافقة والمخالفة وإزاحة الأعذار والعلل والأجوبة عن الشبهات المعارضة وإيضاح البراهين القاطعة. فإن مقصود الرسالة في أول وهلة إنما هو البيان والإرشاد. وهو مع اتحاد اللغة أقرب، وإنما أمر جماعة من الرسل عليهم السلام بالقتال بعد اليأس من النفع بالبيان.
فإذا تقررت نبوة النبي في قومه قامت الحجة على غيرهم، فإن أقارب الإنسان ومخالطيه المطلعين على حاله والعارفين بوجوه الطعن عليه أكثر من غيرهم إذا سلموا ووافقوا، فغيرهم أولى أن يسلم ويوافق. فهذه هي الحكمة في إرسال الرسول بلسان قومه ومن قومه.
وفرق بين قوله تعالى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ﴾ وبين قوله : " وما أرسلنا من رسول إلا لقومه ". فالقول الثاني هو المفيد لاختصاص الرسالة بهم لا الأول. بل لا فرق بين قوله تعالى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ﴾ وبين قوله : " وما أرسلنا من رسول إلا مكلفا بهداية قومه "، فكما أن الثاني لا إشعار له بأنه لم يكلف بهداية غيرهم، فكذلك الأول.
فمن لم تكن لديه معرفة بدلالة الألفاظ ومواقع الخطابات سوى بين المختلفات وفرق بين المؤتلفات. ( الذخيرة : ٩/١٩٠. الأجوبة الفاخرة : ٦٩ إلى ٧١ ).
٧٤٧- أصل الأذين والأذان وما تصرف من ذلك : الإعلام. ( الفروق : ٣/٤٣ ).
٧٤٨- حصرهم الكفار في البشرية، وهم أيضا حصروا أنفسهم فيها، فهل بين الحصرين من فرق أم لا ؟ وما المستثنى وما المستثنى منه ؟.
والجواب : أن حصر الكفار لهم حصر مطلق. وتقديره : " ما أنتم مثلنا مطلقا في نفس الأمر ليس لكم مزية على ما نحن فيه "، فحصروا رسلهم في صفات البشرية المعتادة، ليمنعوهم من الاتصاف بغيرها في الواقع. وأما حصر الرسل فليس على الإطلاق، بل حصروا أنفسهم في البشرية المعتادة باعتبار ذواتهم مع قطع النظر عن تفضل الله تعالى عليهم. فهم يقولون : " أما نحن من حيث ذواتنا فليس لنا إلا البشرية الصرفة، وإنما جاءنا ما ندعيه من الرسالة من فضل ربنا لا من ذواتنا ". فلم يمنعوا في حصرهم الاتصاف بالرسالة الربانية مطلقا، بل من جهة ذواتهم خاصة، كما قال الله تعالى :﴿ إن هو إلا عبد أنعمنا عليه ﴾١، أي : " ليس له من ذاته إلا العبودية، وما زاد عن ذلك فمن إنعام الله تعالى عليه ". وأما الكفار فسلبوا في حصرهم سلبا عاما، وسلب الرسل خاص. وأما الثبوت في الكلامين فواحد، إنما افترقا من جهة السلبين. فهذا هو الفرق بين الحصرين والاستثناءين.
وأما المستثنى والمستثنى منه في الكلامين، فهو في المعنى من الأحوال والصفات، أي : " لا صفة ولا حالة لكم إلا البشرية ". وأما من حيث اللفظ فالاستثناء من الإخبار عن هذا المبتدإ المذكور بعدها، أي : جميع ما يخبر به عنه منفي إلا البشرية، فإنها ثابتة خبرا عنه. ( الاستغناء : ٢١٥- ٢١٦ ).
١ - سورة الزخرف: ٥٩..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٠:٧٤٨- حصرهم الكفار في البشرية، وهم أيضا حصروا أنفسهم فيها، فهل بين الحصرين من فرق أم لا ؟ وما المستثنى وما المستثنى منه ؟.
والجواب : أن حصر الكفار لهم حصر مطلق. وتقديره :" ما أنتم مثلنا مطلقا في نفس الأمر ليس لكم مزية على ما نحن فيه "، فحصروا رسلهم في صفات البشرية المعتادة، ليمنعوهم من الاتصاف بغيرها في الواقع. وأما حصر الرسل فليس على الإطلاق، بل حصروا أنفسهم في البشرية المعتادة باعتبار ذواتهم مع قطع النظر عن تفضل الله تعالى عليهم. فهم يقولون :" أما نحن من حيث ذواتنا فليس لنا إلا البشرية الصرفة، وإنما جاءنا ما ندعيه من الرسالة من فضل ربنا لا من ذواتنا ". فلم يمنعوا في حصرهم الاتصاف بالرسالة الربانية مطلقا، بل من جهة ذواتهم خاصة، كما قال الله تعالى :﴿ إن هو إلا عبد أنعمنا عليه ﴾١، أي :" ليس له من ذاته إلا العبودية، وما زاد عن ذلك فمن إنعام الله تعالى عليه ". وأما الكفار فسلبوا في حصرهم سلبا عاما، وسلب الرسل خاص. وأما الثبوت في الكلامين فواحد، إنما افترقا من جهة السلبين. فهذا هو الفرق بين الحصرين والاستثناءين.
وأما المستثنى والمستثنى منه في الكلامين، فهو في المعنى من الأحوال والصفات، أي :" لا صفة ولا حالة لكم إلا البشرية ". وأما من حيث اللفظ فالاستثناء من الإخبار عن هذا المبتدإ المذكور بعدها، أي : جميع ما يخبر به عنه منفي إلا البشرية، فإنها ثابتة خبرا عنه. ( الاستغناء : ٢١٥- ٢١٦ ).
١ - سورة الزخرف: ٥٩..

٧٤٩- قال أبو حنيفة وابن حنبل : الحين ستة أشهر١ لقوله تعالى :﴿ تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ﴾. وليس كما قالاه، بل النخلة تحمل ويكمل حملها في سبعة أشهر. ( الذخيرة : ٤/٤٣ ).
٧٥٠- روى ابن وهب عن مالك ترددا في الدهر : هل هو سنة أم لا ؟. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سنة، لقوله تعالى :﴿ تؤتي أكلها كل حين ﴾ إشارة إلى أن الشجرة إذا حملت في وقت لا تحمل بعد ذلك إلا في ذلك الوقت.
وهذه الإشارات كلها إلى أصل وجود الاستعمال، ولا يلزم من حصول أصل الاستعمال أن يحمل اللفظ عليه من غير قرينة صارفة، ولا يلزم من استعمال اللفظ المتواطئ في بعض أفراده مرة واحدة أو مرات أن يقال له : شرعي، ولا عرفي، بل ذلك شأن استعمال اللفظ المتواطئ ينتقل في أفراده. والمنقول في اللغة أن " الحين " اسم لجزء ما من الزمان، وإن قل فهو يصدق على القليل والكثير. ( الفروق : ٣/٨٥ ).
١ - وهو مروي أيضا عن ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير. ن: جامع البيان: ٧/٤٤١- ٤٤٢..
٧٥١- المراد به : المؤلمة. ( ٧٥١- الذخيرة : ٤/١٠٤ ).
سورة إبراهيم
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (إبراهيمَ) مِن السُّوَر المكية، وجاءت هذه السورةُ الكريمة على ذِكْرِ مسائل الاعتقاد، والتوحيد، وآياتِ الله عز وجل في هذا الكونِ، كما دعَتْ إلى اتباع الدِّين الخالص: {مِلَّةَ ‌إِبْرَٰهِيمَ ‌حَنِيفٗاۖ}، وقد سُمِّيتْ باسمه عليه السلام، ودعت إلى اتباع الطريق الحقِّ التي دعا إليها كلُّ الأنبياء، كما أورَدتْ ذِكْرَ الجنة والنار، وحال كلٍّ من الفريقين؛ ترغيبًا في الاتباع والطاعة، وترهيبًا عن المعصية والمخالفة، واحتوت على ذِكْرِ عظمة الله في هذا الكونِ الفسيح؛ تثبيتًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومَن والاه.

ترتيبها المصحفي
14
نوعها
مكية
ألفاظها
831
ترتيب نزولها
72
العد المدني الأول
54
العد المدني الأخير
54
العد البصري
51
العد الكوفي
52
العد الشامي
55

* قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاْلْقَوْلِ اْلثَّابِتِ فِي اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَا وَفِي اْلْأٓخِرَةِۖ} [إبراهيم: 27]:

عن البَراءِ بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «نزَلتْ في عذابِ القَبْرِ، فيقال له: مَن رَبُّك؟ فيقول: رَبِّي اللهُ، ونَبيِّي محمَّدٌ ﷺ؛ فذلك قولُهُ عز وجل: {يُثَبِّتُ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاْلْقَوْلِ اْلثَّابِتِ فِي اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَا وَفِي اْلْأٓخِرَةِۖ} [إبراهيم: 27]». أخرجه مسلم (٢٨٧١).

* سورة (إبراهيمَ):

سُمِّيتْ سورة (إبراهيمَ) بذلك؛ لأنها تحدَّثتْ - بشكل رئيسٍ - عن سيدنا (إبراهيمَ) عليه السلام، وعَلاقةِ ذلك بالتوحيد.

جاءت موضوعاتُ سورة (إبراهيم) على النحوِ الآتي:

1. منزلة القرآن الكريم، وحُجِّيته على الناس جميعًا (١-٤).

2. دعوة الرُّسل في الإخراج من الظُّلمات إلى النور (٥-٨).

3. استفتاح الرسل بالنصر على أعدائهم (للدعاة) (٩-١٨).

4. نعيم أهل الجنة، وعذاب أهل النار (١٩- ٣١).

5. عظمة الله في الكون، ونِعَمُه على خَلْقه (٣٢- ٣٤).

6. نبأ إبراهيم عليه السلام في دعوته (٣٥- ٤١).

7. صُوَر من مشاهدِ يوم القيامة (٤٢-٥٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /1).

مقصودُ سورة (إبراهيمَ) هو التوحيدُ، وبيانُ أن هذا الكتابَ غايةُ البلاغ إلى الله؛ لأنه كافل ببيان الصراط الدالِّ عليه، المؤدي إليه، وأدلُّ ما فيها على هذا المَرامِ: قصةُ (إبراهيم) عليه السلام.

أما أمرُ التوحيد في قصة (إبراهيم) عليه السلام: فواضحٌ في آيات كثيرة من القرآن، والتوحيدُ هو ملَّةُ (إبراهيمَ) عليه السلام، التي حكَم اللهُ تعالى على مَن رَغِب عنها بقوله: {وَمَن ‌يَرْغَبُ ‌عَن مِّلَّةِ إِبْرَٰهِـۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُۥۚ} [البقرة: 130]. وقال الله تعالى في هذه السُّورةِ مبينًا حِرْصَ (إبراهيمَ) عليه السلام على التوحيد: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ رَبِّ اْجْعَلْ هَٰذَا اْلْبَلَدَ ءَامِنٗا وَاْجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ اْلْأَصْنَامَ (35) ​رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرٗا مِّنَ اْلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ (36)} [إبراهيم: 35-36].

وأما أمرُ الكتاب: فلأنه من جملةِ دعائه لذريتِه الذين أسكَنهم عند البيت المُحرَّم؛ ذريةِ (إسماعيلَ) عليه السلام: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ}[سورة البقرة: 129].

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السُّور" للبقاعي (2 /198).