تفسير سورة إبراهيم

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

تفسير سورة سورة إبراهيم من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * الۤر ﴾: هذا.
﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ ﴾: بدعوتهم إلى مضمونه ﴿ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ ﴾: الضلالات.
﴿ إِلَى ٱلنُّورِ ﴾: الهدى.
﴿ بِإِذْنِ ﴾: بتوفيق.
﴿ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ﴾: بدل من: إلى النور.
﴿ ٱلْعَزِيزِ ﴾: الغالب.
﴿ ٱلْحَمِيدِ ﴾: المستحق للحمد، أفهم بتخصيص الوصفين أنه لا يذل سالكه، ولا يخيب سائله.
﴿ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾: هم.
﴿ ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ﴾: يختارون ﴿ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ ﴾: الناس ﴿ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ﴾: دينه.
﴿ وَيَبْغُونَهَا ﴾: يطلبون لها.
﴿ عِوَجاً ﴾: ليقدحوا فيه.
﴿ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ ﴾: عن الحقِّ ﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ ﴾ لُغةِ ﴿ قَوْمِهِ ﴾: الذينَ هو منهم ﴿ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾: ما أمورا فيفهموا فيترجموا لغيرهم.
﴿ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ ﴾: بعد البيان ﴿ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ ﴾: باتباعه.
﴿ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾: الغالب فيما أراد ﴿ ٱلْحَكِيمُ ﴾: فيما فعل.
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ ﴾: بأن.
﴿ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ ﴾: الضلالة ﴿ إِلَى ٱلنُّورِ ﴾: الهدى ﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ ﴾: وقائعه على الأُمَم من النعم والنق او عليهم من نحو فلق البحر ﴿ إِنَّ فِي ذٰلِكَ ﴾: التذكير.
﴿ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ ﴾: على بلائه.
﴿ شَكُورٍ ﴾: على نعمائه ﴿ وَ ﴾: اذكر.
﴿ إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ ﴾: يبغونكم.
﴿ سُوۤءَ ﴾: أفطع ﴿ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ ﴾: أفاد بالواو أن العذاب هنا غير الذبح، وهو الاستبعاد ونحوه، بخلاف البقرة والأعراف، إذ فسره به، وبالتقتيل.
﴿ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ ﴾: فسر مرَّةً ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ ﴾: أعلم.
﴿ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ ﴾: بطاعتي ﴿ لأَزِيدَنَّكُمْ ﴾: نعمتي.
﴿ وَلَئِن كَفَرْتُمْ ﴾: نعمتي.
﴿ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾: لمن كفرها.
﴿ وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ﴾ فضَررُ كُفركُم عليكم ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ ﴾: عن العالمين.
﴿ حَمِيدٌ ﴾: يستحق الحمد في ذاته ون لم يحمد ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ ﴾: من الأمم المكذبة.
﴿ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ ﴾: لكثرتهم ﴿ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ ﴾: بالمعجزات الواضحات: ﴿ فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فِيۤ أَفْوَٰهِهِمْ ﴾: أنفسهم أو أفواه الرسل، على سبيل المثال في عدم إجابتهم أو إسكاتهم أو غضوها غيظاً ﴿ وَقَالُوۤاْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ ﴾: على زعمكم.
﴿ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴾: فسر مرة.
﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي ﴾: تفرد ﴿ ٱللَّهِ ﴾: بالعبُودية.
﴿ شَكٌّ فَاطِرِ ﴾: مُبدع ﴿ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَدْعُوكُمْ ﴾: إلى عبادته ﴿ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ﴾: بعض.
﴿ ذُنُوبِكُمْ ﴾: وهو ما بينكم وبينه لا المظالم، وإنما جاء بـ ﴿ مِّن ﴾ أينما خاطب الكفرة بخلاف المؤمنين إبقاء للبعض على الاحتمال لئلا يتكلوا على مجرد الإيمان لأن المغفرة إنما جاءت في خطابهم مرتبةً على الإيمان، وفي خطاب المؤمنين مشفوعة بالطاعة وترك المعاصي، فيتناول المظالم، و جوَّز ابن الحاجب كون معنى مغفرة كل الذنوب من خواص هذه الأمة وحينئذ فلا إشكال.
﴿ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى ﴾: فلا يعاجلكم بالعقوبة.
﴿ قَالُوۤاْ إِنْ ﴾: ما.
﴿ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ ﴾ دليل ﴿ مُّبِينٍ ﴾: على فضلكم علينا.
﴿ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن ﴾: ما ﴿ نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ﴾: جنساً وصورةً ﴿ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾: كما مَنَّ علينا بالنبوة، أفهم أن النبوة عطائية.
﴿ وَمَا كَانَ لَنَآ ﴾: لا نستطيع.
﴿ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ﴾: مشيئته.
﴿ وَعلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾: فنتوكل عليه في الصبر على [معاندتكم و]معاداتكم.
﴿ وَمَا ﴾: أيُّ عذر.
﴿ لَنَآ ﴾: في.
﴿ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا ﴾: طرق الرشاد ﴿ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ ﴾: أي: ليثبتوا على توكلهم المسبب عن إيمانهم فالاول للاستحداث، والثاني للتثبيت.
﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ ﴾: لَتصْيرنَّ.
﴿ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ ﴾: إلى رسلهم.
﴿ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأَرْضَ ﴾: أرضهم ﴿ مِن بَعْدِهِمْ ذٰلِكَ ﴾: الوعد ﴿ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي ﴾: موقفه عندي في القيامة.
﴿ وَخَافَ وَعِيدِ ﴾: تخويفي.
﴿ وَٱسْتَفْتَحُواْ ﴾: طلب الرسل الفتح على أعدائهم ﴿ وَخَابَ ﴾: خسر ﴿ كُلُّ جَبَّارٍ ﴾: متكبر ﴿ عَنِيدٍ ﴾: معاند للحقِّ.
﴿ مِّن وَرَآئِهِ ﴾: قدامه.
﴿ جَهَنَّمُ ﴾ يلقى فيها ﴿ وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ ﴾: ماء يسيل من جلود أهل النار من القيح والدم أو من فروح الزناة.
﴿ يَتَجَرَّعُهُ ﴾: يتكلف جرعه ﴿ وَلاَ يَكَادُ ﴾: لا يقارب.
﴿ يُسِيغُهُ ﴾: يجوز على حلقه بسهولة ﴿ وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ ﴾: أي: أسبابه ﴿ مِن كُلِّ مَكَانٍ ﴾ من جسده.
﴿ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ﴾: ليستريح.
﴿ وَمِن وَرَآئِهِ ﴾: قدامه بعد ذلك العذاب.
﴿ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾: آخر، أي: لا نهاية لأنواع عذابه.
﴿ مَّثَلُ ﴾: صفة ﴿ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ ﴾: فيما يتلى عليكم.
﴿ أَعْمَالُهُمْ ﴾: من نحو إعتاق وصلة.
﴿ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ﴾: شديد الريح، فلا ينتفعون بأعمالهم كما لا تبقى ذرة من الرماد، وحينئذ ﴿ لاَّ يَقْدِرُونَ ﴾: في القيامة ﴿ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيْءٍ ذٰلِكَ ﴾: أي: ضلالهم مع حسبانهم أنهم على شيء.
﴿ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ ﴾: عن الحقّ ﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾: يا محمد.
﴿ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ ﴾ بمَا يحقُّ أن يخلق عليه ﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ﴾: يعدكم ﴿ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ إذْ من قدر على خلقها قدر على ذلك.
﴿ وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾: بمتعسر.
﴿ وَبَرَزُواْ ﴾: خرجوا من قبورهم، أتى بالماظي للتحقيق.
﴿ لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ ٱلضُّعَفَاءُ ﴾: الأتباع.
﴿ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ ﴾: عن عبادة الله من رؤسائهم.
﴿ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا ﴾: في الدين.
﴿ فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ ﴾: دافعون.
﴿ عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ ﴾: الرؤساء اعتذاراً.
﴿ لَوْ هَدَانَا ٱللَّهُ ﴾: طريق النجاة ﴿ لَهَدَيْنَاكُمْ ﴾: طريقها، لكن سُدَّ علينا طريقها.
﴿ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا ﴾: هما مستويان ﴿ مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ﴾: مهرب، فلا ينفع جزعكم هذا ﴿ وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ ﴾ ودخل كل منزله من الجنة أو النار، يقُولهُ خطيباً في الأشقياء: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ ﴾ بنفيها ﴿ وَعْدَ ٱلْحَقِّ ﴾: المنجز، من البعث وغيره.
﴿ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ﴾: تبين خلفه.
﴿ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ ﴾: تسلط.
﴿ إِلاَّ ﴾: لكن.
﴿ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي ﴾ جعل الدعو من جنس التسلط مبالغة فاستثنى منه.
﴿ فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ﴾: بإطاعتي ومخالفته.
﴿ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ ﴾: مغيثكم.
﴿ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ﴾: بمغيثي.
﴿ إِنِّي كَفَرْتُ ﴾: اليوم.
﴿ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ ﴾: بإشراككم إياي لله بإطاعتي.
﴿ مِن قَبْلُ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ تتمة كلامه ﴿ وَأُدْخِلَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ﴾ والمدخل الملائكة ﴿ تَحِيَّتُهُمْ ﴾: من الملائكة ﴿ فِيهَا سَلاَمٌ * أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ﴾ وضع ﴿ ٱللَّهُ ﴾ ﴿ مَثَلاً ﴾: بأن جعل.
﴿ كَلِمَةً طَيِّبَةً ﴾ التوحيد ونحوه ﴿ كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ ﴾: النخلة.
﴿ أَصْلُهَا ثَابِتٌ ﴾: في الأرض، هي قلب المؤمن ﴿ وَفَرْعُهَا ﴾: غصنها وهو صوالح أعماله.
﴿ فِي ٱلسَّمَآءِ ﴾ إليه يصعد الكلم الطيب ﴿ تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا ﴾: ثمرها وهي ثواب الله في الدارين ﴿ كُلَّ حِينٍ ﴾: دائماً.
﴿ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾: بإرادته.
﴿ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾: إذ فيه زيادة الإفهام.
﴿ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ ﴾: الشرك.
﴿ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ﴾: كالحنظلة.
﴿ ٱجْتُثَّتْ ﴾: استؤصلت.
﴿ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ ﴾: لقرب عروقها.
﴿ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ﴾: كالكفر لا أصل له ولا فرعَ ﴿ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ ﴾: الإيمان في قلوبهم كالشجرة الطيبة.
﴿ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ ﴾: يلقنهم في قبرهم جواب المنكر والنكير.
﴿ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ ﴾: فلا يلقنهم جوابهما.
﴿ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ ﴾: من التثبيت والإضلال.
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ ﴾: هم كفار قريش كبني المغيرة وبني أمية ﴿ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ ﴾: أي: شكر نعمته كمحمد وما جاء به.
﴿ كُفْراً ﴾: فسلبت عنهم وقحطوا وأسروا وقتلوا ﴿ وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ ﴾: تابعيهم.
﴿ دَارَ ٱلْبَوَارِ ﴾: الهلاك ﴿ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا ﴾: داخلين فيها.
﴿ وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ ﴾: المقر هي.
﴿ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً ﴾: أمثالاً.
﴿ لِّيُضِلُّواْ ﴾: الناس ﴿ عَن سَبِيلِهِ ﴾: دينه، واللام للعاقبة.
﴿ قُلْ تَمَتَّعُواْ ﴾: بدنياكم ﴿ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ * قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ﴾: ليقيموا أو هو جواب لقل ﴿ ٱلصَّلٰوةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ﴾: إنفاقاً.
﴿ سِرّاً وَعَلانِيَةً ﴾: والأحب إعلان الفرض وإخفاء السنة ﴿ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ ﴾ فيشتري المتروك ﴿ وَلاَ خِلاَلٌ ﴾: مودة طبيعية، لكن محبة المقتين المصلين المزكين تنفعهم.
﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ﴾: جانب ﴿ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ﴾ بإرادته ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ ﴾: لانتفاعكم.
﴿ ٱلأَنْهَارَ * وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ ﴾: دائمين في السير لمصالحنا بلا اختيار منهما كالمسخر لنا.
﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ ﴾: لسباتكم.
﴿ وَٱلنَّهَارَ ﴾: لمعاشكم.
﴿ وَآتَاكُم ﴾: أعطاكم.
﴿ مِّن ﴾: من بعض ﴿ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ﴾: فإن الموجود من كل صنف بعض ما في قدرة الله تعالى، ولكنه أصلح، والمراد السؤال الحالي أي: ما شأنه أن تسألوه لاحتياجكم.
﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا ﴾: لا تحصروها، فضلاً عن شكرها، دل على أن المفرد بالإضافة يستغرق ﴿ إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ ﴾: بترك شكرها.
﴿ كَفَّارٌ ﴾: شديد الكفران.
﴿ وَ ﴾: اذكر ﴿ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ ﴾: مكة.
﴿ ءَامِناً ﴾: ذا أمن.
﴿ وَٱجْنُبْنِي ﴾: بعدني.
﴿ وَبَنِيَّ ﴾: من صُلْبي.
﴿ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ ﴾: دعا لنفسه في مقام الخوف أو قصد به الجمع بينه وبين بنيه ليستجاب ببركته، يا ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ ﴾: الأصنام، جعل السبب مكان المسبب كسيف قاطع.
﴿ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي ﴾: ديناً.
﴿ فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾: تقدر على مغفرته، دل على إمكان مغفرة كل ذنب حتى الشرك، إلاَّ أن الوعد فرق.
﴿ رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ﴾: بعض.
﴿ ذُرِّيَّتِي ﴾: إسماعيل ﴿ بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ﴾: لعدم الماء فيها، فهذا دعاء بحصول الماء.
﴿ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ ﴾: الذي حرمت التهاون به ﴿ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ ﴾: عنده.
﴿ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً ﴾: جَمْع وفده، أو فؤاد ﴿ مِّنَ ﴾ أفئدة ﴿ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ ﴾: تسرع ﴿ إِلَيْهِمْ ﴾: شوقاً، ولو قال: أفئدة الناس لا زدحكم كلهم.
﴿ وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾: نعتمك.
﴿ رَبَّنَآ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ ﴾: فدعاؤنا إظهار لعبوديتك.
﴿ وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِن ﴾ للإستغراق ﴿ شَيْءٍ ﴾: كائنٍ ﴿ فَي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ ﴾: ستواء نسبته تعالى إلى الكل.
﴿ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى ٱلْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ ﴾: في تسع وتسعين سنة.
﴿ وَإِسْحَاقَ ﴾ في مائة واثني عشرة، دل على أن دعاءه بعد البناء وزمان الدعاء والحمد مختلف، فإن الدعاء في طفولية إسماعيل، ولم يكن إسحاق حينئذ ﴿ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ ﴾: مجيب ﴿ ٱلدُّعَآءِ * رَبِّ ٱجْعَلْنِي مُقِيمَ ﴾: مواظباً على.
﴿ ٱلصَّلاَةِ وَ ﴾: اجعل.
﴿ مِن ذُرِّيَتِي ﴾ مقيماً بعض لعلمه بكفر بعض بإعلام الله أو اسقراء عادته في الأمم.
﴿ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ ﴾ كله أو عبادتي.
﴿ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ ﴾: كانت أمه مؤمنة وأبوه مرجو الإسلام ﴿ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ٱلْحِسَابُ ﴾: استعارة من توبته.
﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ ﴾: بإمهاله الظالمين.
﴿ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ ﴾: أراد تثبيته عليه الصلاةو السلام على عقيدته، أو أراد بالغفلة تركهم سدى ﴿ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ ﴾: أي: عقوبتهم.
﴿ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ ﴾: ترتفع.
﴿ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ ﴾: لا تقر في أماكنها من هوله.
﴿ مُهْطِعِينَ ﴾: مسرعين إلى الحشر.
﴿ مُقْنِعِي ﴾: رافعي ﴿ رُءُوسِهِمْ ﴾: إلى السماء.
﴿ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ﴾: يديمون النظر بلا تحريك الأجفان.
﴿ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ ﴾: خالية عن الفهم أو كالهواء في الاضطراب.
﴿ وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ ﴾: بالشرك ﴿ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ ﴾: أمهلنا وردنا ﴿ إِلَىٰ ﴾: الدنيا إلى.
﴿ أَجَلٍ ﴾: حد من الزمان.
﴿ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ ﴾: فتقول الملائكة لهم: ﴿ أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ ﴾ حلفتهم ﴿ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ * وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ ﴾: بالكفر ﴿ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا ﴾ بينّا ﴿ لَكُمُ ٱلأَمْثَالَ ﴾: من أحوالهم وإنكم مثلهم فما اعتبرتم.
﴿ وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ ﴾: غاية لإبطال الحق.
﴿ وَعِندَ ٱللَّهِ ﴾: مكتوب.
﴿ مَكْرُهُمْ ﴾: فيجازيهم ﴿ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ ﴾: في الشدة مهيئا.
﴿ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ ﴾: على حقيقته أو مجاز عن الدين الثابت، ويفتح اللازم و " إن " مخففة.
﴿ فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ﴾: من نصرهم.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ﴾: غالب.
﴿ ذُو ٱنْتِقَامٍ ﴾: لأوليائه.
﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ ﴾: فتكون من فضة.
﴿ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ ﴾: غير السماوات فتكون من ذهب هذا قول علي - رضي الله عنه - وفي مسلم:" أن الخلق يومئذ على الصراط "قيل: هي تلك الأرض، وإنما تتغير صفتها، وقيل: تصير خبرة بيضاء يأكلها المؤمن من تحت قدمه.
﴿ وَبَرَزُواْ ﴾: من قبورهم.
﴿ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾: الغلَّات الغير المغلوب ﴿ وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ ﴾: مع مشاركيهم في العمل والعقيدة، أو شياطينهم.
﴿ فِي ٱلأَصْفَادِ ﴾: الأغلال، لمقارنتهم في الضلال ﴿ سَرَابِيلُهُم ﴾: قمصهم ﴿ مِّن قَطِرَانٍ ﴾ ما يتحلّبُ منَ الأبْهل، وهو أسود منتن يطلى به الإبل الجربى فيخرق الجلد بحدته.
﴿ وَتَغْشَىٰ ﴾: تعلو ﴿ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ * لِيَجْزِىَ ٱللَّهُ ﴾: متعلق ببرزوا ﴿ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ﴾ لأنه لا يشغله حساب عن حساب ﴿ هَـٰذَا ﴾: القرآن.
﴿ بَلاَغٌ ﴾: كفاية في الوعظ، أنزل ﴿ لِّلنَّاسِ ﴾: ليتعظوا ﴿ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ﴾: بالتأمل في الآيات.
﴿ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ ﴾: العقول السليمة فينزجروا.
سورة إبراهيم
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (إبراهيمَ) مِن السُّوَر المكية، وجاءت هذه السورةُ الكريمة على ذِكْرِ مسائل الاعتقاد، والتوحيد، وآياتِ الله عز وجل في هذا الكونِ، كما دعَتْ إلى اتباع الدِّين الخالص: {مِلَّةَ ‌إِبْرَٰهِيمَ ‌حَنِيفٗاۖ}، وقد سُمِّيتْ باسمه عليه السلام، ودعت إلى اتباع الطريق الحقِّ التي دعا إليها كلُّ الأنبياء، كما أورَدتْ ذِكْرَ الجنة والنار، وحال كلٍّ من الفريقين؛ ترغيبًا في الاتباع والطاعة، وترهيبًا عن المعصية والمخالفة، واحتوت على ذِكْرِ عظمة الله في هذا الكونِ الفسيح؛ تثبيتًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومَن والاه.

ترتيبها المصحفي
14
نوعها
مكية
ألفاظها
831
ترتيب نزولها
72
العد المدني الأول
54
العد المدني الأخير
54
العد البصري
51
العد الكوفي
52
العد الشامي
55

* قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاْلْقَوْلِ اْلثَّابِتِ فِي اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَا وَفِي اْلْأٓخِرَةِۖ} [إبراهيم: 27]:

عن البَراءِ بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «نزَلتْ في عذابِ القَبْرِ، فيقال له: مَن رَبُّك؟ فيقول: رَبِّي اللهُ، ونَبيِّي محمَّدٌ ﷺ؛ فذلك قولُهُ عز وجل: {يُثَبِّتُ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاْلْقَوْلِ اْلثَّابِتِ فِي اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَا وَفِي اْلْأٓخِرَةِۖ} [إبراهيم: 27]». أخرجه مسلم (٢٨٧١).

* سورة (إبراهيمَ):

سُمِّيتْ سورة (إبراهيمَ) بذلك؛ لأنها تحدَّثتْ - بشكل رئيسٍ - عن سيدنا (إبراهيمَ) عليه السلام، وعَلاقةِ ذلك بالتوحيد.

جاءت موضوعاتُ سورة (إبراهيم) على النحوِ الآتي:

1. منزلة القرآن الكريم، وحُجِّيته على الناس جميعًا (١-٤).

2. دعوة الرُّسل في الإخراج من الظُّلمات إلى النور (٥-٨).

3. استفتاح الرسل بالنصر على أعدائهم (للدعاة) (٩-١٨).

4. نعيم أهل الجنة، وعذاب أهل النار (١٩- ٣١).

5. عظمة الله في الكون، ونِعَمُه على خَلْقه (٣٢- ٣٤).

6. نبأ إبراهيم عليه السلام في دعوته (٣٥- ٤١).

7. صُوَر من مشاهدِ يوم القيامة (٤٢-٥٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /1).

مقصودُ سورة (إبراهيمَ) هو التوحيدُ، وبيانُ أن هذا الكتابَ غايةُ البلاغ إلى الله؛ لأنه كافل ببيان الصراط الدالِّ عليه، المؤدي إليه، وأدلُّ ما فيها على هذا المَرامِ: قصةُ (إبراهيم) عليه السلام.

أما أمرُ التوحيد في قصة (إبراهيم) عليه السلام: فواضحٌ في آيات كثيرة من القرآن، والتوحيدُ هو ملَّةُ (إبراهيمَ) عليه السلام، التي حكَم اللهُ تعالى على مَن رَغِب عنها بقوله: {وَمَن ‌يَرْغَبُ ‌عَن مِّلَّةِ إِبْرَٰهِـۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُۥۚ} [البقرة: 130]. وقال الله تعالى في هذه السُّورةِ مبينًا حِرْصَ (إبراهيمَ) عليه السلام على التوحيد: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ رَبِّ اْجْعَلْ هَٰذَا اْلْبَلَدَ ءَامِنٗا وَاْجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ اْلْأَصْنَامَ (35) ​رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرٗا مِّنَ اْلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ (36)} [إبراهيم: 35-36].

وأما أمرُ الكتاب: فلأنه من جملةِ دعائه لذريتِه الذين أسكَنهم عند البيت المُحرَّم؛ ذريةِ (إسماعيلَ) عليه السلام: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ}[سورة البقرة: 129].

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السُّور" للبقاعي (2 /198).