تفسير سورة الحجر

معاني القرآن

تفسير سورة سورة الحجر من كتاب معاني القرآن
لمؤلفه الأخفش . المتوفي سنة 215 هـ

قال ﴿ رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ ( ٢ ) وأدخل مع " رُبَّ " ( ما ) ليتكلم بالفعل بعدها. وإن شئت جعلت ( ما ) بمنزلة " شَيْءٍ " فكأنك قلت : " وَرُبَّ شَيْءٍ [ ١٤٢ ب ] يَوَدُّ " أي : " رُبَّ وُدٍّ يَوَدُّهُ الذينَ كَفَرُوا ".
وقال ﴿ إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ ﴾ ( ١٨ ) استثناء خارج كما قال " ما أَشْتَكِي إِلاَّ خَيْراً " يريد " أَذْكُرُ خَيْراً ".
[ وقال ] ﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ ﴾ ( ٢٢ ) فجعلها على " لاقِح " كأن الرياح لَقِحَتْ لأَن فيها خيرا فقد لَقِحَت بخير. وقال بعضهم " الرِّياحُ تُلْقِْحُ السَّحابَ " فقد يدل على ذلك المعنى لأنها إذا أنشأته وفيها خير وصل ذلك إليه.
وقال ﴿ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي ﴾ ( ٣٩ ) يقول : " بإِغوائِكَ إِيّايَ " ﴿ لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ ﴾ ( ٣٩ ) على القسم كما تقول : " بِاللهِ لأَفْعَلَنَّ ".
وقال ﴿ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ﴾ ( ٤١ ) يقول : عَلَيَّ دِلاَلَتُه. نحو قول العرب " عَلَيَّ الطريقُ الليلة " أي : عليّ دِلاَلَتُه.
وقال ﴿ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ ﴾ ( ٤٤ ) لأنَّه من " جَزَّأْتُهُ " و( مِنْهُمْ ) يعني : من الناس.
وقال ﴿ قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ ﴾ ( ٥٣ ) لأنه من " وَجِلَ " " يَوْجَلُ ". وما كان على " فَعِل " ف " هو يَفْعَلُ " تظهر فيه الواو ولا تذهب كما تذهب من " يَزِنُ " لأَنَّ " وَزَنَ " " فَعَلَ " وأَمّا بنو تميم فيقولون ( تِيْجَلُ ) لأَنَّهم يقولون في " فَعِلَ " " تِفْعَل " فيكسرون التاء في " تَفْعَل " والألف من " أفْعَلُ " والنون من " تْفَعلُ " ولا يكسرون الياء لأنّ الكسر من الياء فاستثقلوا اجتماع ذلك. وقد كسروا الياء في باب " وَجِلَ " لأن الواو قد تحولت إلى الياء مع التاء والنون والألف. فلو فتحوها استنكروا الواو ولو فتحوا الياء لجاءت الواو، فكسروا الياء فقالوا " يِيجَلُ " ليكون الذي بعدها [ ١٤٣ ء ] ياء [ إذ ]* كانت الياء أخَف مع الياء من الواو مع الياء لأنه يفر إلى الياء من الواو ولا يفر إلى الواو من الياء. قال بعضهم ( يَيْجَلُ ) فقلبها ياء وترك التي قبلها مفتوحة كراهة اجتماع السكرة والياءين.
وقال ﴿ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ ﴾ ( ٥٦ ) لأنها من " قَنَطَ " " يَقْنِطُ " وقال بعضهم ( يَقْنُطُ ) مثل " يَقْتُل " و " يقنَطَ " مثل " عَلِمَ " يَعْلَمُ ".
وقال ﴿ إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ ( ٥٨ ) إِلاَّ آلَ لُوطٍ ﴾ ( ٥٩ ) استثناء من المجرمين أي : لا يدخلون في الإجرام.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٨:وقال ﴿ إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ ( ٥٨ ) إِلاَّ آلَ لُوطٍ ﴾ ( ٥٩ ) استثناء من المجرمين أي : لا يدخلون في الإجرام.
وقال ﴿ وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ ﴾ ( ٦٦ ) لأن قوله ﴿ أَنَّ دَابِرَ ﴾ بدل من ( الأمر ).
وقال ﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي ﴾ ( ٧٢ ) و( لَعَمْرُكَ ) - و الله اعلم - و " وَعَيْشِكَ " إنما يريد به العُمْر. و " العُمْرُ " و " العَمْرُ " لغتان.
وقال ﴿ عِضِين ﴾ ( ٩١ ) وهو من " الأَعْضاء " وواحِدُهُ " العِضَةُ " مثل " العِزِينَ " واحده " العِزَةُ ".
سورة الحجر
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (الحِجْرِ) مِن السُّوَر المكية، وقد سعَتْ هذه السورةُ إلى إقامةِ الحُجَّة على الكافرين في سنَّةِ الله في إرسال الرُّسُل، الذين أوضَحوا طريق الحقِّ والهداية ودعَوْا إليه، وبيَّنُوا طريقَ الغَوايةِ وحذَّروا منه، وجاءت هذه السورةُ بأمرٍ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم بالاستمرار في طريق الدعوة، والدَّلالة على الله عز وجل؛ فالله ناصرُه وكافيه: {فَاْصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94].

ترتيبها المصحفي
15
نوعها
مكية
ألفاظها
658
ترتيب نزولها
54
العد المدني الأول
99
العد المدني الأخير
99
العد البصري
99
العد الكوفي
99
العد الشامي
99

سورةُ (الحِجْرِ):

سُمِّيتْ سورةُ (الحِجْرِ) بذلك؛ لذِكْرِ (الحِجْرِ) فيها، ولم يُذكَرْ في أيِّ سورة أخرى.

جاءت موضوعاتُ السورة على النحو الآتي:

1. سُنَّة الله تعالى في إرسال الرسل (١-١٥).

2. إقامة الحُجة على الكافرين (١٦- ٢٥).

3. بيان أصل الغَواية والهِداية (٢٦- ٤٨).

4. مَصارِعُ الغابرين (٤٩-٨٤).

5. الخطاب للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالمُضيِّ في أمرِ الدعوة (٨٥- ٩٩).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /93).

مِن مقاصدِ السورة: وصفُ الكتاب بأنه في الذِّروة من الجمعِ للمعاني، الموضِّحةِ للحق من غير اختلافٍ أصلًا، وأقرَبُ ما فيها وأمثَلُه وأشبَهُه بهذا المعنى: قصةُ أصحاب (الحِجْرِ).

وكذا مِن مقاصدها: تثبيتُ الرسول صلى الله عليه وسلم، وانتظارُ ساعة النَّصر، وأن يَصفَحَ عن الذين يؤذونه، ويَكِلَ أمرهم إلى الله، ويشتغِلَ بالمؤمنين، وأن اللهَ كافِيهِ أعداءَه.

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /20) ، "التَّحرير والتنوير" لابن عاشور (14 /7).