تفسير سورة إبراهيم

غريب القرآن لابن قتيبة

تفسير سورة سورة إبراهيم من كتاب غريب القرآن المعروف بـغريب القرآن لابن قتيبة.
لمؤلفه ابن قتيبة الدِّينَوري . المتوفي سنة 276 هـ

سورة إبراهيم
مكية كلها
٥- وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ أي بأيام النّعم.
٧- وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ مبين في سورة الأعراف.
٩- فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ قال أبو عبيدة: تكروا ما أمروا به، ولم يسلموا.
ولا أعلم أحدا قال: ردّ يده في فيه، إذا أمسك عن الشيء! والمعنى: ردّوا أيديهم في أفواههم، أي عضّوا عيها حنقا وغيظا، كما قال الشاعر:
يردّون في فيه عشر الحسود يعني: أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه العشر ونحوه قول
قد أفنى أنامله أزمه فأضحى بعضّ على الوظيفا
يقول: قد أكل أصابعه حتى أفناها بالعض، فأضحى بعضّ عليّ وظيف الذراع. وهكذا فسر هذا الحرف ابن مسعود واعتباره قوله عز وجل في موضع آخر: وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ.
١٥- وَاسْتَفْتَحُوا أي استنصروا. وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ١٦- ومِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ أي أمامه.
وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ والصديد: القيح والدم. أي يسقى الصديد مكان الماء. كأنه قال: يجعل ماؤه صديدا.
ويجوز أن يكون على التشبيه. أي يسقى ماء كأنه صديد.
١٧- وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ أي من كل مكان من جسده.
وَما هُوَ بِمَيِّتٍ.
١٨- أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ أي شديد الريح. شبه أعمالهم بذلك: لأنه يبطلها ويمحقها.
٢١- ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ أي معدل. يقال: حاص عن الحق يحيص، إذا زاغ وعدل.
٢٢- لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ أي فرغ منه، فدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار.
٢٤- أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً شهادة أن لا إله إلّا الله، كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ «١» يقال: هي النخلة. أَصْلُها ثابِتٌ في الأرض، وَفَرْعُها: أعلاها، فِي السَّماءِ.
(١)
أخرج البخاري عن ابن عمر قال: كنا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: أخبروني بشجرة تشبه أو كالرجل المسلم لا يتحات ورقها ولا ولا ولا تؤتي أكلها كل حين قال ابن عمر: فوقع في نفسي أنها النخلة، ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم فلما لم يقولوا شيئا. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «هي النخلة»، فلما قمنا قلت لعمر: يا أبتاه والله لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة فقال: ما منعك أن تكلم، قال: لم أركم تلكمون فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئا، قال عمر: لأن تكون قلتها أحب إليّ من كذا وكذا.
٢٥- تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ يقال: كلّ ستة أشهر، ويقال: كلّ سنة.
٢٦- وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ يعني: الشرك كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ قال أنس بن مالك: هي الحنظلة.
اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ أي استؤصلت وقطعت.
ما لَها مِنْ قَرارٍ أي فما لها من أصل.
فشبّه كلمة الشرك، بحنظلة قطعت: فلا أصل لها في الأرض، ولا فرع لها في السماء، ولا حمل.
٣٨- دارَ الْبَوارِ دار الهلاك. وهي: جهنم «١»
٣١- وَلا خِلالٌ مصدر «خاللت فلانا خلالا ومخالّة» والاسم الخلة، وهي: الصداقة.
٣٥- وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أي اجنبني وإيّاهم.
٣٦- رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ أي ضل بهن كثير من الناس.
٣٧- فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ أي تنزع إليهم.
٤٣- مُهْطِعِينَ أي مسرعين. يقال: أهطع البعير في سيره واستهطع، إذا أسرع.
مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ والمقنع رأسه: الذي رفعه وأقبل بطرفه على ما بين يديه. والإقناع في الصلاة هو من إتمامها.
لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ أي نظرهم إلى شيء واحد.
(١) أخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال: نزلت هذه الآية في الذين قتلوا يوم بدر. [.....]
وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ يقال: لا تعي شيئا من الخير. ونحوه قول الشاعر في وصف الظّليم:
... جؤجؤه هواء «١» أي ليس لعظمه مخّ ولا فيه شيء.
ويقال: أفئدتهم هواء منخوبة من الخوف والجبن.
٤٩- وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ أي قد قرن بعضهم إلى بعض في الأغلال واحدها: صفد.
٥٠- سَرابِيلُهُمْ أي قمصهم. واحدها: سربال. مِنْ قَطِرانٍ.
ومن قرأ: «من قطر آن» أراد: نحاسا قد بلغ منتهى حرّه. أنى فهو آن.
(١) ذكره زهير في بيت له:
كأن الرجل منها فوق صعل من الظلمان جؤجؤه هداه
والجؤجؤ: الصدر.
سورة إبراهيم
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (إبراهيمَ) مِن السُّوَر المكية، وجاءت هذه السورةُ الكريمة على ذِكْرِ مسائل الاعتقاد، والتوحيد، وآياتِ الله عز وجل في هذا الكونِ، كما دعَتْ إلى اتباع الدِّين الخالص: {مِلَّةَ ‌إِبْرَٰهِيمَ ‌حَنِيفٗاۖ}، وقد سُمِّيتْ باسمه عليه السلام، ودعت إلى اتباع الطريق الحقِّ التي دعا إليها كلُّ الأنبياء، كما أورَدتْ ذِكْرَ الجنة والنار، وحال كلٍّ من الفريقين؛ ترغيبًا في الاتباع والطاعة، وترهيبًا عن المعصية والمخالفة، واحتوت على ذِكْرِ عظمة الله في هذا الكونِ الفسيح؛ تثبيتًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومَن والاه.

ترتيبها المصحفي
14
نوعها
مكية
ألفاظها
831
ترتيب نزولها
72
العد المدني الأول
54
العد المدني الأخير
54
العد البصري
51
العد الكوفي
52
العد الشامي
55

* قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاْلْقَوْلِ اْلثَّابِتِ فِي اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَا وَفِي اْلْأٓخِرَةِۖ} [إبراهيم: 27]:

عن البَراءِ بن عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «نزَلتْ في عذابِ القَبْرِ، فيقال له: مَن رَبُّك؟ فيقول: رَبِّي اللهُ، ونَبيِّي محمَّدٌ ﷺ؛ فذلك قولُهُ عز وجل: {يُثَبِّتُ اْللَّهُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاْلْقَوْلِ اْلثَّابِتِ فِي اْلْحَيَوٰةِ اْلدُّنْيَا وَفِي اْلْأٓخِرَةِۖ} [إبراهيم: 27]». أخرجه مسلم (٢٨٧١).

* سورة (إبراهيمَ):

سُمِّيتْ سورة (إبراهيمَ) بذلك؛ لأنها تحدَّثتْ - بشكل رئيسٍ - عن سيدنا (إبراهيمَ) عليه السلام، وعَلاقةِ ذلك بالتوحيد.

جاءت موضوعاتُ سورة (إبراهيم) على النحوِ الآتي:

1. منزلة القرآن الكريم، وحُجِّيته على الناس جميعًا (١-٤).

2. دعوة الرُّسل في الإخراج من الظُّلمات إلى النور (٥-٨).

3. استفتاح الرسل بالنصر على أعدائهم (للدعاة) (٩-١٨).

4. نعيم أهل الجنة، وعذاب أهل النار (١٩- ٣١).

5. عظمة الله في الكون، ونِعَمُه على خَلْقه (٣٢- ٣٤).

6. نبأ إبراهيم عليه السلام في دعوته (٣٥- ٤١).

7. صُوَر من مشاهدِ يوم القيامة (٤٢-٥٢).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (4 /1).

مقصودُ سورة (إبراهيمَ) هو التوحيدُ، وبيانُ أن هذا الكتابَ غايةُ البلاغ إلى الله؛ لأنه كافل ببيان الصراط الدالِّ عليه، المؤدي إليه، وأدلُّ ما فيها على هذا المَرامِ: قصةُ (إبراهيم) عليه السلام.

أما أمرُ التوحيد في قصة (إبراهيم) عليه السلام: فواضحٌ في آيات كثيرة من القرآن، والتوحيدُ هو ملَّةُ (إبراهيمَ) عليه السلام، التي حكَم اللهُ تعالى على مَن رَغِب عنها بقوله: {وَمَن ‌يَرْغَبُ ‌عَن مِّلَّةِ إِبْرَٰهِـۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُۥۚ} [البقرة: 130]. وقال الله تعالى في هذه السُّورةِ مبينًا حِرْصَ (إبراهيمَ) عليه السلام على التوحيد: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ رَبِّ اْجْعَلْ هَٰذَا اْلْبَلَدَ ءَامِنٗا وَاْجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ اْلْأَصْنَامَ (35) ​رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرٗا مِّنَ اْلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ (36)} [إبراهيم: 35-36].

وأما أمرُ الكتاب: فلأنه من جملةِ دعائه لذريتِه الذين أسكَنهم عند البيت المُحرَّم؛ ذريةِ (إسماعيلَ) عليه السلام: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ}[سورة البقرة: 129].

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السُّور" للبقاعي (2 /198).