تفسير سورة محمد

كتاب نزهة القلوب

تفسير سورة سورة محمد من كتاب كتاب نزهة القلوب
لمؤلفه أبى بكر السجستاني .

﴿ أَضَلَّ أَعْمَٰلَهُمْ ﴾: أبطل أعمالهم.
﴿ أَثْخَنتُمُوهُمْ ﴾ أكثرتم فيهم القتل.﴿ حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ﴾ أي حتى تضع أهل الحرب السلاح، أي حتى لا يبقى إلا مسلم أو مسالم. وأصل الوزر ما حمله الإنسان، فيسمى السلاح أوزارا لأنه يحمل. انظر ٣١ من الأنعام.
﴿ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾ أي عرفهم منازلهم فيها. وقيل عرفها لهم: أي طيبها لهم. يقال: طعام معرف: أي مطيب.
﴿ تَعْساً لَّهُمْ ﴾: أي عثارا لهم وسقوطا. وأصل التعس أن يخر على وجهه، والنكس أن يخر على رأسه.
﴿ مَثْوًى لَّهُمْ ﴾ أي منزل لهم.
﴿ ءَاسِنٍ ﴾ وأسن: متغير الريح والطعم.﴿ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ ﴾ أي لذيذة.
﴿ آنِفاً ﴾: أي الساعة، من قولك: استأنفت الشيء إذا ابتدأته. وقوله تعالى: ﴿ مَاذَا قَالَ آنِفاً ﴾: أي الساعة. أي في أول وقت يقرب منا.
﴿ أَشْرَاطُهَا ﴾: علاماتها، ويقال: أشرط نفسه للأمر إذا جعل نفسه علما فيه ولهذا يسمى أصحاب الشرط، للبسهم لباسا يكون علامة لهم، والشرط في البيع علامة للمتبايعين.
(أولى لهم، وأولى لك، فأولى لهم) تهديد ووعيد، أي وقد وليك شر فاحذره.
﴿ أَرْحَامَكُمْ ﴾ انظر آية ١ من النساء.
﴿ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ ﴾ يقال: تدبرت الأمر أي نظرت في عاقبته. والتدبير: هو قيس دبر الكلام بقبله لينظر هل يختلف، ثم جعل كل تمييز تدبيرا.
﴿ سَوَّلَ لَهُمْ ﴾ أي زين لهم. ﴿ أَمْلَىٰ لَهُمْ ﴾: أطال لهم المدة، مأخوذة من الملاوة وهي الحين، أي تركهم حينا، ومنه قولهم: تمليت زيدا حينا أي عشت معه حينا.
﴿ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ ﴾ أي فكيف يفعلون عند ذلك. والعرب تكتفي بكيف عن ذكر الفعل معها لكثرة ورودها.
﴿ لَحْنِ ٱلْقَوْلِ ﴾ أي فحوى القول ومعناه.
﴿ يَتِرَكُمْ ﴾: ينقصكم ويظلمكم، يقال: وترني حقي أي ظلمني، وقوله تعالى: ﴿ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ﴾ أي لن ينقصكم شيئا من ثوابكم، ويقال: وترت الرجل إذا قتلت له قتيلا أو أخذت له مالا بغير حق. وفي الحديث:" من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله ".
﴿ يُحْفِكُمْ ﴾ أي يلح عليكم، يقال: أحفى بالمسألة، وألحف وألح: بمعنى واحد.﴿ أَضْغَانَكُمْ ﴾: أحقادكم، واحدها ضغن وحقد وهو ما في القلب مستكن من العدواة.
سورة محمد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (مُحمَّد) أو سورة (القِتال) من السُّوَر المدنية، وقد نزلت بعد سورة (الحديد)، وحثَّتْ على الجهاد؛ لحفظِ بيضة هذا الدِّين، ولإعلاء كلمة الله بهذه الوسيلة المشروعة، وقد بيَّنتْ حقيقةَ الصراع بين الكفر والإيمان، وبين مَن يُقِيم العدلَ والطُّمأنينة ومن يُقِيم الجَوْرَ والخوف، ولا يكون ذلك إلا بما شرعه اللهُ من الوسائل.

ترتيبها المصحفي
47
نوعها
مدنية
ألفاظها
542
ترتيب نزولها
96
العد المدني الأول
39
العد المدني الأخير
39
العد البصري
40
العد الكوفي
38
العد الشامي
39

* سورة (مُحمَّد):

سُمِّيت سورة (مُحمَّد) بهذا الاسم؛ لأنَّه جاء فيها اسمُ النبي صلى الله عليه وسلم في الآية الثانية منها؛ قال تعالى: {وَاْلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ اْلصَّٰلِحَٰتِ وَءَامَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٖ وَهُوَ اْلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّـَٔاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} [محمد: 2].

* سورة (القِتال):

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لأنه جاء فيها هذا اللفظُ؛ قال تعالى: {وَيَقُولُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٞۖ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٞ مُّحْكَمَةٞ وَذُكِرَ فِيهَا اْلْقِتَالُ رَأَيْتَ اْلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ اْلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ اْلْمَوْتِۖ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ} [محمد: 20]، ولأنها بيَّنتْ أحكامَ قتالِ الكفار ومشروعيَّتَه.

1. تعريف لطرَفَيِ الصراع، وحثُّ المؤمنين على القتال (١-٦).

2. سُنَّة الله التي لا تتبدل في المؤمنين والكافرين (٧-١٥).

3. التعريف بالمنافقين، والموازنة بينهم وبين المؤمنين (١٦-٣٠).

4. تهديد الضالِّين، ودفعُ المؤمنين لتحمُّل تكاليف الإيمان (٢٩-٣٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /234).

مقصدُ هذه السورة هو دعوةُ المؤمنين إلى حفظِ حظيرة الدِّين؛ بإقامة الجهاد وإدامته؛ فلا بد من الاستعداد الجيد، والتضحية لنشر هذا الدِّين بكل الوسائل المشروعة المطلوبة؛ ومن ذلك: الجهاد في سبيل الله؛ دفعًا للشر، ودعوة إلى الخير، ومن ذلك: تسميتُها بسورة (القِتال).

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /487).