تفسير سورة محمد

أحكام القرآن

تفسير سورة سورة محمد من كتاب أحكام القرآن
لمؤلفه البيهقي . المتوفي سنة 458 هـ

قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) :«وَيُقْسَمُ «١» سَهْمُ «٢» ذِي الْقُرْبَى «٣» عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ «٤».».
وَاسْتَدَلَّ: بِحَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ-: فِي قِسْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى، بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ.- وَقَوْلُهُ:
«إنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ: شَيْءٌ وَاحِدٌ «٥».». وَهُوَ مَذْكُورٌ بِشَوَاهِدِهِ، فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِ الْمَبْسُوطِ، وَالْمَعْرِفَةِ، وَالسُّنَنِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «كُلُّ مَا حَصَلَ-: مِمَّا غُنِمَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ «٦».-:
قُسِمَ كُلُّهُ إلَّا الرِّجَالَ الْبَالِغِينَ: فَالْإِمَامُ فِيهِمْ، بِالْخِيَارِ: بَيْنَ أَنْ يُمَنَّ عَلَى مَنْ رَأَى مِنْهُمْ «٧» أَوْ يَقْتُلَ، أَوْ يُفَادِيَ، أَوْ يَسْبِيَ «٨»
(١) قَوْله: وَيقسم إِلَخ، لم يذكر فى الْأُم (ج ٤ ص ٧١) وَإِنَّمَا ذكر مَا يدل عَلَيْهِ: من حَدِيث جُبَير بن مطعم.
(٢) فى الأَصْل: «مِنْهُم»، وَهُوَ تَحْرِيف.
(٣) رَاجع مُخْتَصر الْمُزنِيّ (ج ٣ ص ١٩٣ و١٩٧- ١٩٨). [.....]
(٤) انْظُر- فى الرسَالَة (ص ٦٨- ٦٩) - كَلَامه الْمُتَعَلّق بذلك: فَإِنَّهُ جيد مُفِيد.
(٥) انْظُر الْأُم (ج ٤ ص ٧١) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٦ ص ٣٤٠- ٣٤٥ و٣٦٥).
(٦) قَالَ بعد ذَلِك- فى الْأُم (ج ٤ ص ٦٨) والمختصر (ج ٣ ص ١٨٨) -: «من شىء: قل أَو كثر، من دَار أَو أَرض، وَغير ذَلِك» زَاد فى الْأُم: «من المَال أَو سبى».
(٧) قَوْله: على من رأى مِنْهُم، غير مَوْجُود بالمختصر.
(٨) قَالَ بعد ذَلِك- فى الْأُم-: «وَإِن من أَو قتل: فَذَلِك لَهُ، وَإِن سبى، أَو فَادى:
فسبيل مَا سبي»
إِلَى آخر مَا فى الأَصْل.
158
«وَسَبِيلُ مَا سَبَى «١»، وَمَا «٢» أَخَذَ مِمَّا فَادَى-: سَبِيلُ مَا سِوَاهُ: مِنْ الْغَنِيمَةِ.».
وَاحْتَجَّ- فِي الْقَدِيمِ-: «بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا: فَضَرْبَ الرِّقابِ، حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ: فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ، وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها: ٤٧- ٨) وَذَلِكَ- فِي بَيَانِ اللُّغَةِ-:
قَبْلَ انْقِطَاعِ الْحَرْبِ.»

قَالَ: «وَكَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي أُسَارَى بَدْرٍ:
مَنَّ عَلَيْهِمْ، وَفْدَاهُمْ «٣»
: وَالْحَرْبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ قَائِمَةٌ «٤». وَعَرَضَ عَلَى ثُمَامَةَ [ابْن] «٥» أَثَالٍ [الْحَنَفِيِّ] «٦» -: وَهُوَ (يَوْمئِذٍ) وَقَوْمُهُ: أَهْلُ الْيَمَامَةِ حَرْبٌ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).-: أَنْ يُمَنَّ عَلَيْهِ «٧».». وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ «٨».
(١) كَذَا بِالْأُمِّ والمختصر وفى الأَصْل: «يسبى»، وَمَا أثبتنا أنسب
(٢) عبارَة الْمُخْتَصر: «أَو أَخذ مِنْهُم من شىء على إِطْلَاقهم- سَبِيل الْغَنِيمَة».
(٣) يُقَال: «فدَاه، وأفداه» إِذا أعْطى فداءه فأنقذه.
(٤) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٦ ص ٣٢٠- ٣٢٣) وَاخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٨٧).
(٥) الزِّيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى وَاخْتِلَاف الحَدِيث.
(٦) الزِّيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى وَاخْتِلَاف الحَدِيث.
(٧) بل وَمن عَلَيْهِ وَهُوَ مُشْرك، ثمَّ أسلم. قَالَ فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٨٧) - بعد أَن ذكر ذَلِك، وروى أَن النَّبِي فدى رجلا من عقيل أسره الصَّحَابَة، برجلَيْن من أَصْحَابه أسرتهمَا ثَقِيف وَأَنه قتل بعض الأسرى يَوْم بدر، وفادى بَعضهم بِقدر من المَال-:
«فَكَانَ- فِيمَا وصفت: من فعل رَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).-: مَا يدل على أَن للامام إِذا أسر رجلا من الْمُشْركين: أَن يقتل، أَو أَن يمن عَلَيْهِ بِلَا شىء، أَو أَن يفادى بِمَال يَأْخُذهُ مِنْهُم، أَو أَن يفادى: بِأَن يُطلق مِنْهُم، على أَن يُطلق لَهُ بعض أسرى الْمُسلمين.».
(٨) رَاجع الْأُم (ج ٤ ص ٦٩) والمختصر (ج ٣ ص ١٨٨).
159
سورة محمد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (مُحمَّد) أو سورة (القِتال) من السُّوَر المدنية، وقد نزلت بعد سورة (الحديد)، وحثَّتْ على الجهاد؛ لحفظِ بيضة هذا الدِّين، ولإعلاء كلمة الله بهذه الوسيلة المشروعة، وقد بيَّنتْ حقيقةَ الصراع بين الكفر والإيمان، وبين مَن يُقِيم العدلَ والطُّمأنينة ومن يُقِيم الجَوْرَ والخوف، ولا يكون ذلك إلا بما شرعه اللهُ من الوسائل.

ترتيبها المصحفي
47
نوعها
مدنية
ألفاظها
542
ترتيب نزولها
96
العد المدني الأول
39
العد المدني الأخير
39
العد البصري
40
العد الكوفي
38
العد الشامي
39

* سورة (مُحمَّد):

سُمِّيت سورة (مُحمَّد) بهذا الاسم؛ لأنَّه جاء فيها اسمُ النبي صلى الله عليه وسلم في الآية الثانية منها؛ قال تعالى: {وَاْلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ اْلصَّٰلِحَٰتِ وَءَامَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٖ وَهُوَ اْلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّـَٔاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} [محمد: 2].

* سورة (القِتال):

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لأنه جاء فيها هذا اللفظُ؛ قال تعالى: {وَيَقُولُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٞۖ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٞ مُّحْكَمَةٞ وَذُكِرَ فِيهَا اْلْقِتَالُ رَأَيْتَ اْلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ اْلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ اْلْمَوْتِۖ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ} [محمد: 20]، ولأنها بيَّنتْ أحكامَ قتالِ الكفار ومشروعيَّتَه.

1. تعريف لطرَفَيِ الصراع، وحثُّ المؤمنين على القتال (١-٦).

2. سُنَّة الله التي لا تتبدل في المؤمنين والكافرين (٧-١٥).

3. التعريف بالمنافقين، والموازنة بينهم وبين المؤمنين (١٦-٣٠).

4. تهديد الضالِّين، ودفعُ المؤمنين لتحمُّل تكاليف الإيمان (٢٩-٣٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /234).

مقصدُ هذه السورة هو دعوةُ المؤمنين إلى حفظِ حظيرة الدِّين؛ بإقامة الجهاد وإدامته؛ فلا بد من الاستعداد الجيد، والتضحية لنشر هذا الدِّين بكل الوسائل المشروعة المطلوبة؛ ومن ذلك: الجهاد في سبيل الله؛ دفعًا للشر، ودعوة إلى الخير، ومن ذلك: تسميتُها بسورة (القِتال).

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /487).