تفسير سورة محمد

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

تفسير سورة سورة محمد من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

مختلف فيها. لمَّا أُمِر بالصبر على أذَى الكافرين الصَّادين عن سبيل الله، بين سوء عاقبتهم بقوله: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ ﴾: امتنعوا ومنعوا ﴿ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ﴾: الإيمان ﴿ أَضَلَّ ﴾: أضاع ﴿ أَعْمَٰلَهُمْ ﴾: من نهو مكارمهم، فلا يثابون بها في الآخرة ﴿ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ ﴾: خصة تعظيما، ولأنه الأصل ﴿ وَهُوَ ٱلْحَقُّ ﴾: الناسخ الذي لا ينسخ الكائن ﴿ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ﴾: سترها بإيمانهم وعملهم ﴿ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾: حالهم ﴿ ذَلِكَ ﴾: المذكور من الإضلال والتفكير والإصلاح ﴿ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْبَاطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْحَقَّ ﴾: الكائن ﴿ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ ﴾: البيان ﴿ يَضْرِبُ ﴾: يبين ﴿ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ﴾: أحوالهم ﴿ فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ ﴾: أصله: فاضربوا الرقاب ضربا، أي: اقتلوهم بهذا الطريق إن أمكن ﴿ حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ ﴾: أكثرتم قتلهم وأسرتموهم ﴿ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ ﴾: للأسرى واحفظوهم لئلا يهربوا ﴿ فَإِمَّا ﴾: تمنون ﴿ مَنًّا بَعْدُ ﴾: بلإطلاقهم مجانا، أو استرقاقهم ﴿ وَإِمَّا ﴾: تفدون ﴿ فِدَآءً ﴾: بمال أو أسرى المسلمين، فيخير بعد أسر الذكر الحر المكلف بين القتل والمن والفداء والاسترقاق، والأخير منسوخ عند الحنفية، أو مختص ببدر ﴿ حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ﴾: أثقالها التي لا تقوم إلا بها، كالسلاح، أي: تنقضي بحيث لم يبق إلا مسلم أو مسالم الأمر فيهم ﴿ ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ ﴾: لا نتقم ﴿ مِنْهُمْ ﴾: من الكفار بلا قتالكم ﴿ وَلَـٰكِن ﴾: أمركم بالقتال ﴿ لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ﴾: فيكرم المؤمن بالغنيمة أو الشهادة، ويخزي الكافرين ﴿ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ ﴾: يضيع ﴿ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ ﴾: إلى سبيل السلام ﴿ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ﴾: حالهم دائما ﴿ وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ ﴾: وقد ﴿ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾: في الدنيا ليشتاقوا إليها، أو طيبها ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ ﴾: أي: دينه ﴿ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾: على الطاعة أو الصراط ﴿ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً ﴾: نقيصة وهلاكا ﴿ لَّهُمْ ﴾: من الله ﴿ وَأَضَلَّ ﴾: ضيع ﴿ أَعْمَالَهُمْ ﴾: عطف على تعيسوا المقدر ﴿ ذَلِكَ ﴾: من التعس والإضلال ﴿ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ ﴾: القرآن ﴿ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ ﴾: كرره إشعارا بلزومه الكفر به ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ ﴾: أستأصلهم وأموالهم ﴿ وَلِلْكَافِرِينَ ﴾: أي: لهم ﴿ أَمْثَالُهَا ﴾: أي: أمثال تلك العاقبة ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ﴾: ولي ﴿ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ ﴾: لكنه مولاهم بمعنى مالكهم كما في﴿ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ ﴾[الأنعام: ٦٢] ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ ﴾: في الدنيا ﴿ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَامُ ﴾: بلا شكر وملاحظة حِلٍّ ﴿ وَٱلنَّارُ مَثْوًى ﴾: منزل ﴿ لَّهُمْ * وَكَأَيِّن ﴾: كم ﴿ مِّن ﴾: أهل ﴿ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن ﴾: أهل ﴿ قَرْيَتِكَ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ ﴾: الإسناد باعتبار السبب ﴿ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ ﴾: أي: لم يكن ﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ ﴾: حجة ﴿ مِّن رَّبِّهِ ﴾: كالقرآن ﴿ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ ﴾: جمع باعتبار المعنى ﴿ أَهْوَاءَهُمْ * مَّثَلُ ﴾: عجيب صفة ﴿ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ﴾: ها ﴿ ٱلْمُتَّقُونَ ﴾: فيما قصصنا عليك ﴿ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ ﴾: متغير ولو في بطن شاربه ﴿ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ﴾: حموضة وغيرها ﴿ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ ﴾: لذيذة ﴿ لِّلشَّارِبِينَ ﴾: طعما وريحا ﴿ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى ﴾: من كل وسخ ﴿ وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ﴾: أصناف ﴿ ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ ﴾: رضا ﴿ مِّن رَّبِّهِمْ ﴾: ذكره لإمكان سخط السيد عبده إحسانه إليه، أفمن هو خالد فيها ﴿ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً ﴾: شديد الحر ﴿ فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ * وَمِنْهُمْ ﴾: من المنافقين ﴿ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ ﴾: استهزاء ﴿ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ ﴾: علماء الصحابة ﴿ مَاذَا قَالَ ﴾: محمد ﴿ آنِفاً ﴾: الساعة القريبة أي: ما كنا ملتفتين إليه ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ ﴾: فلا تهتدي ﴿ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ ﴾: شهواتهم ﴿ وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ ﴾: الله تعالى ﴿ هُدًى ﴾: بالتوفيق ﴿ وَآتَاهُمْ ﴾: ألهمهم ﴿ تَقْوَاهُمْ ﴾: ما يتقون به ﴿ فَهَلْ ﴾: ما ﴿ يَنظُرُونَ ﴾: ينتظرون في تأخيرهم الإيمان ﴿ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ ﴾: بدل منها ﴿ بَغْتَةً فَقَدْ ﴾: أي: لأنه ﴿ جَآءَ أَشْرَاطُهَا ﴾: علامتها كبعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشق القمر ﴿ فَأَنَّىٰ ﴾: فكيف ﴿ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ﴾: الساعة ﴿ ذِكْرَٰهُمْ ﴾: اتعاظهم حين لا ينفعهم، إذا علمت حال الفريقين ﴿ فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ ﴾: مستحق للعبادة ﴿ إِلاَّ ٱللَّهُ ﴾: كما مر بيانه، أي: دم على اعتقاده ﴿ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ ﴾: من الفرطات هضما لنفسك، أو ليقتدي بك ﴿ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ ﴾: حذف المضاف وإعادة الجار مشعران بشدة احتياجهم إليه، وبتغاير جنسي الذنبين ﴿ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ ﴾: متصرفكم في الدنيا ﴿ وَمَثْوَاكُمْ ﴾: في العقبي فاتقوه
﴿ وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْلاَ ﴾: هلا ﴿ نُزِّلَتْ سُورَةٌ ﴾: في أمرنا بالجهاد ﴿ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ ﴾: غير متشابهة ﴿ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلْقِتَالُ ﴾: أمر به ﴿ رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾: المنافقين ﴿ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ ﴾: من رعبهم ﴿ نَظَرَ ٱلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ ﴾: سكرات ﴿ ٱلْمَوْتِ ﴾: خوفا من القتال ﴿ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ * طَاعَةٌ ﴾: لله ﴿ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ ﴾: حسن بإجابة الأمر ﴿ فَإِذَا عَزَمَ ﴾: فرض القتال.
﴿ ٱلأَمْرُ ﴾: ذوو الأمر في الإيمان ﴿ فَلَوْ صَدَقُواْ ٱللَّهَ ﴾: في الإيمان ﴿ لَكَانَ ﴾: الصدق ﴿ خَيْراً لَّهُمْ * فَهَلْ ﴾: للتقرير ﴿ عَسَيْتُمْ ﴾: يتوقع منكم ﴿ إِن تَوَلَّيْتُمْ ﴾: عن الدين ﴿ أَن تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَتُقَطِّعُوۤاْ أَرْحَامَكُمْ ﴾: فترجعوا إلى أمر الجاهلية، أي: أنتم أحقاء به لضعف دينكم ﴿ أَوْلَـٰئِكَ ﴾: المفسدون ﴿ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ ﴾: عن الحق ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ ﴾: فيتعظوا ﴿ أَمْ ﴾: بل ﴿ عَلَىٰ قُلُوبٍ ﴾: لهم نكرها تحقيرا ﴿ أَقْفَالُهَآ ﴾: فلا يدركونه ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ ﴾: رجعوا إلى كفرهم كالمنافقين ﴿ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى ﴾: بالمعجزات ﴿ ٱلشَّيْطَانُ سَوَّلَ ﴾: سهله ﴿ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ ﴾: أَمَدّ في الآمال، ومجهولاً مفعوله ﴿ لَهُمْ * ذَلِكَ ﴾: الضلال ﴿ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ ﴾: هم الكفار الخلص ﴿ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ ٱلأَمْرِ ﴾: أي: أموركم، وهو كسر الإسلام ﴿ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ ﴾: فأفشاها ﴿ فَكَيْفَ ﴾: يحتالون ﴿ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ﴾: بمقامع كما مر ﴿ ذَلِكَ ﴾: التوفي ﴿ بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُواْ مَآ أَسْخَطَ ٱللَّهَ ﴾: من الكفر ﴿ وَكَرِهُواْ رِضْوَٰنَهُ ﴾: ما يرضيه ﴿ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ * أَمْ ﴾: بل ﴿ أَ ﴾: ﴿ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾: نفاق ﴿ أَن لَّن يُخْرِجَ ﴾: يظهر ﴿ ٱللَّهُ أَضْغَانَهُمْ ﴾: أحقادهم معكم ﴿ وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ ﴾: بأشخاصهم بدلائل ﴿ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ﴾: علامتهم، كرر لام الجواب تأكيدا ﴿ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ﴾: إمالة ﴿ ٱلْقَوْلِ ﴾: منهم إلى التعريض بتهجين المسلمين ونحوه ﴿ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ * وَ ﴾: الله ﴿ لَنَبْلُوَنَّكُمْ ﴾: لنختبركم بالتكاليف ﴿ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ﴾: علم ظهور ﴿ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ ﴾: على ما أمروا به ﴿ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ ﴾: ما نخبر به عن أعمالكم ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ ﴾: الناس ﴿ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ﴾: كقريظة والنضير ﴿ وَشَآقُّواْ ﴾: خاصموا ﴿ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً ﴾: من المضرة ﴿ وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ ﴾: الحسنة بذلك ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوۤاْ أَعْمَالَكُمْ ﴾: كهؤلاء ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ مَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ ﴾: كأصحاب القليب ﴿ فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ ﴾: أفهم جواز مغفرة جميع ذنوب من لم يمت كافرا ﴿ فَلاَ تَهِنُواْ ﴾: تضعفوا ﴿ وَ ﴾: لا ﴿ تَدْعُوۤاْ ﴾: الكفار ﴿ إِلَى ٱلسَّلْمِ ﴾: الصلح تذللا إذا لقيتموهم ﴿ وَأَنتُمُ ٱلأَعْلَوْنَ ﴾: الأغلبون ﴿ وَٱللَّهُ مَعَكُمْ ﴾: بالنصر ﴿ وَلَن يَتِرَكُمْ ﴾: بفردَكم أو يسلبكم ﴿ أَعْمَالَكُمْ ﴾: أي: عنها بتضييعها ﴿ إِنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ﴾: لاثبات لها ﴿ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ ﴾: المعاصي ﴿ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلْكُمْ ﴾: الله ﴿ أَمْوَٰلَكُمْ ﴾: كلها، بل قدر الزكاة ﴿ إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ ﴾: فيجهدكم بطلب الكل ﴿ تَبْخَلُواْ ﴾: فلا تعطوا ﴿ وَيُخْرِجْ ﴾: البخل ﴿ أَضْغَانَكُمْ ﴾: عداوتكم للنبي عليه الصلاة والسلام ﴿ هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ ﴾: الموصوفون ﴿ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ﴾: طرق البر ﴿ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ﴾: ضرره عليه ﴿ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ ﴾: إليه فما أمركم به فلا حتياكم إليه ﴿ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ ﴾: عن طاعته ﴿ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ﴾: في الحديث: إنَّهم الفُرس ﴿ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم ﴾: في التوالي، بل يطيعون الله سبحانه وتعالى في كل ما أمرهم به، والله تعالى أعلم.
سورة محمد
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (مُحمَّد) أو سورة (القِتال) من السُّوَر المدنية، وقد نزلت بعد سورة (الحديد)، وحثَّتْ على الجهاد؛ لحفظِ بيضة هذا الدِّين، ولإعلاء كلمة الله بهذه الوسيلة المشروعة، وقد بيَّنتْ حقيقةَ الصراع بين الكفر والإيمان، وبين مَن يُقِيم العدلَ والطُّمأنينة ومن يُقِيم الجَوْرَ والخوف، ولا يكون ذلك إلا بما شرعه اللهُ من الوسائل.

ترتيبها المصحفي
47
نوعها
مدنية
ألفاظها
542
ترتيب نزولها
96
العد المدني الأول
39
العد المدني الأخير
39
العد البصري
40
العد الكوفي
38
العد الشامي
39

* سورة (مُحمَّد):

سُمِّيت سورة (مُحمَّد) بهذا الاسم؛ لأنَّه جاء فيها اسمُ النبي صلى الله عليه وسلم في الآية الثانية منها؛ قال تعالى: {وَاْلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ اْلصَّٰلِحَٰتِ وَءَامَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٖ وَهُوَ اْلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّـَٔاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} [محمد: 2].

* سورة (القِتال):

سُمِّيت بهذا الاسم؛ لأنه جاء فيها هذا اللفظُ؛ قال تعالى: {وَيَقُولُ اْلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٞۖ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٞ مُّحْكَمَةٞ وَذُكِرَ فِيهَا اْلْقِتَالُ رَأَيْتَ اْلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ اْلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ اْلْمَوْتِۖ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ} [محمد: 20]، ولأنها بيَّنتْ أحكامَ قتالِ الكفار ومشروعيَّتَه.

1. تعريف لطرَفَيِ الصراع، وحثُّ المؤمنين على القتال (١-٦).

2. سُنَّة الله التي لا تتبدل في المؤمنين والكافرين (٧-١٥).

3. التعريف بالمنافقين، والموازنة بينهم وبين المؤمنين (١٦-٣٠).

4. تهديد الضالِّين، ودفعُ المؤمنين لتحمُّل تكاليف الإيمان (٢٩-٣٨).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (7 /234).

مقصدُ هذه السورة هو دعوةُ المؤمنين إلى حفظِ حظيرة الدِّين؛ بإقامة الجهاد وإدامته؛ فلا بد من الاستعداد الجيد، والتضحية لنشر هذا الدِّين بكل الوسائل المشروعة المطلوبة؛ ومن ذلك: الجهاد في سبيل الله؛ دفعًا للشر، ودعوة إلى الخير، ومن ذلك: تسميتُها بسورة (القِتال).

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /487).