ﰡ
وفي قوله ﴿ لإيلاف قريش ﴾ أربعة أقاويل :
أحدها : نعمتي على قريش، لأن نعمة الله عليهم أن ألفه لهم، قاله ابن عباس ومجاهد.
الثاني : لإيلاف الله لهم لأنه آلفهم إيلافاً، قاله الخليل بن أحمد.
الثالث : لإيلاف قريش حَرَمي وقيامهم ببيتي، وهذا معنى قول الحسن.
الرابع : لإيلاف ما ذكره من رحلة الشتاء والصيف في معايشهم، قاله مكحول.
وفي اللام التي في « لإيلاف قريش » قولان :
أحدهما : أنه صلة يرجع إلى السورة المتقدمة من قولهم ﴿ ألم تر كيف ﴾ إلى أن قال :﴿ فجعلهم كعصْف مأكولٍ ﴾ لإيلاف قريش، فصار معناه أن ما فعله بأصحاب الفيل لأجل إيلاف قريش، قاله ثعلب، وكان عمر وأبيّ بن كعب لا يفصلان بين السورتين ويقرآنهما كالسورة الواحدة، ويريان أنهما سورة واحدة، أي : ألم تر لإيلاف قريش.
الثاني : أن اللام صلة ترجع إلى ما بعدها من قوله ﴿ فَلْيَعْبُدوا رب هذا البَيْتِ ﴾ ويكون معناه لنعمتي على قريش فَلْيَعْبُدوا رَبَّ هذا البيت، قاله أهل البصرة، وقرأ عكرمة، ليألف قريش، وكان يعيب على من يقرأ « لإيلاف قريش ».
وقرأ بعض أهل مكة : إلاف قريش، واستشهد بقول أبي طالب يوصي أخاه أبا لهب برسول الله ﷺ :
فلا تَتْركْنهُ ما حَييتَ لمعظمٍ | وكن رجلاً ذا نَجدةٍ وعفافِ |
تَذودُ العِدا عن عُصْبةٍ هاشميةٍ | ألا فُهُمُ في الناس خيرُ إلافِ |
أبونا قصيٌّ كان يُدْعى مجمّعاً | به جمع اللَه القبائلَ مِن فهر |
أحدها : لتجمعهم بعد التفرق، والتقريش التجميع، ومنه قول الشاعر :
إخوةٌ قرَّشوا الذنوب علينا | في حَديثٍ مِن دَهْرِهم وقَديمِ |
الثالث : أنهم كانوا يفتشون الحاج عن ذي الخلة فيسدون خلته، والقرش : التفتيش، قال الشاعر :
أيها الشامتُ المقِّرشُ عَنّا | عند عَمرو فهل له إبْقاءُ |
هكذا في العباد حيُّ قريش | يأكلون البلادَ أكْلاً كشيشاً |
ولهم آخرَ الزمان نبيٌّ | يَكثر القتل فيهمُ والخموشا |
يملأُ الأرضَ خَيلةً ورجالاً | يحشُرون المطيَّ حشْراً كميشاً |
تأكل الغثَّ والسَمينَ ولا تت | رُكُ يوماً في جناحين ريشاً. |
وقريش هي التي تسكن البح | ر بها سميت قريش قريشاً. |
سلّطت بالعلو في لجج البحر | على سائر البحور جيوشاً. |