بسم الله الرحمان الرحيم :
﴿ لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ ﴾*﴿ إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴾*﴿ فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ﴾*﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴾.
ﰡ
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ لإِيلافِ قريشٍ ﴾ أي : فلتعبد قريش رب هذا البيت لأجل إيلافهم الرحلتين، وكانت لقريش رحلتان، يرحلون في الشتاء إلى اليمن، وفي الصيف إلى الشام، فيمتارون ويتّجرون، وكانوا في رحلتهم آمنين ؛ لأنهم أهل حرم الله وولاة بيته العزيز، فلا يُتَعرّض لهم، والناس بين مختطف ومنهوب. و( الإيلاف ) : مصدر، من قولهم : ألفت المكان إيلافاً وإلافاً وإلفاً. وقريش : ولد النضر بن كنانة، وقيل : ولد فهر بن مالك، سُمُّوا بتصغير القِرْش، وهو دابة عظيمة في البَحر، تعبث بالسفن فلا تطاق إلا بالنار، والتصغير للتفخيم، سُمُّوا بذلك لشدتهم ومنعتهم تشبيهاً بها. وقيل : مِن القَرْش، وهو الجمع والكسب ؛ لأنهم كانوا كسّابين بتجارتهم وضربهم في البلاد.
ثم قال تعالى :﴿ وآمنهم من خوف ﴾ أي : من خوف عظيم، وهو خوف أصحاب الفيل، أو : من خوف الناس في أسفارهم، أو : من القحط في بلدهم. وقيل : كان أصابتهم شدة حتى أكلوا الجِيَف والعظام المحرقة، فرفعه الله عنهم بدعوته صلى الله عليه وسلم، فهذا معنى :﴿ أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ﴾، وقيل : الجذام، فلا يصيبهم ببلدهم، وذلك بدعاء إبراهيم عليه السلام بقوله :﴿ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً ﴾ [ البقرة : ١٢٦ ] الآية.