تفسير سورة قريش

تفسير ابن عطية

تفسير سورة سورة قريش من كتاب المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز المعروف بـتفسير ابن عطية.
لمؤلفه ابن عطية . المتوفي سنة 542 هـ
وهي مكية بلا خلاف١.
١ في القرطبي أنها مكية في قول الجمهور، ومدنية في قول الضحاك والكلبي..

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة قريش
وهي مكية بلا خلاف.
قوله عز وجل:
[سورة قريش (١٠٦) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (٢) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (٤)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ على إفعال والهمزة الثانية ياء، وقرأ ابن عامر «لألآف» على فعال إِيلافِهِمْ على أفعال بياء في الثانية، وقرأ أبو بكر عن عاصم: بهمزتين فيهما الثانية ساكنة، قال أبو علي: وتحقيق عاصم هاتين الهمزتين لا وجه له، وقرأ أبو جعفر: «إلفهم» بلام ساكنة، وقُرَيْشٍ ولد النضر بن كنانة، والتقرش: التكسب، وتقول ألف الرجل الأمر وآلفه غيره، فالله عز وجل آلف قريشا أي جعلهم يألفون رحلتين في العام، رحلة في الشتاء وأخرى في الصيف. ويقال أيضا ألف بمعنى آلف، وأنشد أبو زيد: [الطويل]
من المؤلفات الرمل أدماء حرة شعاع الضحى في جيدها يتوضح
فألف وإلاف مصدر ألف، و «إيلاف» مصدر آلف، قال بعض الناس: كانت الرحلتان إلى الشام في التجارة، وقيل الأرباح، ومنه قول الشاعر: [الكامل]
سفرين بينهما له ولغيره سفر الشتاء ورحلة الأصياف
وقال ابن عباس: كانت رِحْلَةَ الشِّتاءِ إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى بصرى من أرض الشام. قال أبو صالح: كانتا جميعا إلى الشام، وقال ابن عباس أيضا: كانوا يرحلون في الصيف إلى الطائف حيث الماء والظل، ويرحلون في الشتاء إلى مكة للتجارة وسائر أغراضهم، فهاتان رحلتا الشتاء والصيف، قال الخليل بن أحمد فمعنى الآية: لأن فعل الله بقريش هذا ومكنهم من الفهم هذه النعمةلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ.
قال القاضي أبو محمد: وذكر البيت هنا متمكن لتقدم حمد الله في السورة التي قبل، وقال الأخفش، وغيره: لِإِيلافِ، متعلقة بقوله: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [الفيل: ٥]، أي ليفعل بقريش هذه
525
الأفاعيل الجميلة، وقال بعض المفسرين معنى الآية: أعجبوا لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، هذه الأسفار وإعراضهم عن عبادة الله، ثم أمرهم بالعبادة بعد وأعلمهم أن الله تعالى هو الذي أَطْعَمَهُمْ وَآمَنَهُمْ لا سفرهم، المعنى: فليعبدوا الذي أطعمهم بدعوة إبراهيم حيث قال: وارزقهم من الثمرات، وآمنهم بدعوته حيث قال: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً [إبراهيم: ٣٥] ولا يشتغلوا بالأسفار التي إنما هي طلب كسب وعرض دنيا، وقال النقاش: كانت لهم أربع رحل، وهذا قول مردود، وقال عكرمة: معنى الآية كما ألفوا هاتين الرحلتين لدنياهم لْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ
لآخرتهم، وقال قتادة: إنما عددت عليهم الرحلتان لأنهم كانوا يأمنون الناس في سفرتهم، والناس يغير بعضهم على بعض، ولا يمكن قبيلا من العرب أن يرحل آمنا، كما تفعل قريش، فالمعنى فليعبدوا الذي خصهم بهذه الحال فأطعمهم وآمنهم، وقوله تعالى: مِنْ جُوعٍ معناه أن أهل مكة قاطنون بواد غير ذي زرع عرضة للجوع والجدب لولا لطف الله تعالى، وأن جعلها بدعوة إبراهيم تجبى إليها ثمرات كل شيء، وقوله تعالى: مِنْ خَوْفٍ أي جعلهم لحرمة البيت مفضلين عند العرب يأمنون والناس خائفون، ولولا فضل الله تعالى في ذلك لكانوا بمدارج المخاوف. وقال ابن عباس والضحاك: مِنْ خَوْفٍ معناه من الجذام فلا ترى بمكة مجذوما.
526
سورة قريش
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (قُرَيش) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (التِّين)، وقد افتُتحت بتذكير قُرَيش بنِعَمِ الله عليهم؛ من التجارة، وجلبِ الخير لهم عن طريق رحلتَيِ الشِّتاء والصيف، وأن الله أطعَمهم بعد جوع، وأمَّنهم بعد خوف، ولَمَّ شملهم، وفي ذلك طلبٌ منهم أن يُوحِّدوا اللهَ ويُفرِدوه بالعبادة؛ لأنه - وحده - المستحِقُّ لذلك، لا أصنامُهم التي صنعوها بأيديهم.

ترتيبها المصحفي
106
نوعها
مكية
ألفاظها
17
ترتيب نزولها
29
العد المدني الأول
5
العد المدني الأخير
5
العد البصري
4
العد الكوفي
4
العد الشامي
4

* سورة (قُرَيش):

سُمِّيت سورة (قُرَيش) بهذا الاسم؛ لذِكْرِ (قُرَيش) في مطلعها؛ قال تعالى: {لِإِيلَٰفِ قُرَيْشٍ} [قريش: 1].

نِعَمُ الله على قُرَيش، ودعوتُه لعبادته (١-٤).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /369).

أمرُ قُرَيشِ بتوحيد الله عزَّ وجلَّ وحده بعدما أنعَمَ عليهم بنِعَمٍ كثيرة، وأطعمهم بعد جوعٍ، وآمَنهم بعد خوفٍ .

ينظر: "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /554).