تفسير سورة سورة هود من كتاب تفسير السمعاني
المعروف بـتفسير السمعاني.
لمؤلفه
أبو المظفر السمعاني
.
المتوفي سنة 489 هـ
تفسير سورة هود
سورة هود مكية، إلا قوله تعالى :( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ) ( ١ ) إلى آخر الآية ؛ فإنها مدنية.
سورة هود مكية، إلا قوله تعالى :( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ) ( ١ ) إلى آخر الآية ؛ فإنها مدنية.
١ - هود: ١١٤..
ﰡ
قَوْله تَعَالَى: ﴿الر﴾ مَعْنَاهُ: أَنا الله أرى. وَقَوله: ﴿كتاب﴾ أَي: هَذَا كتاب.
وَقَوله: ﴿أحكمت آيَاته﴾ فِيهِ أَقْوَال:
قَالَ قَتَادَة: مَعْنَاهُ: أحكمها الله فَلَيْسَ فِيهَا اخْتِلَاف وَلَا تنَاقض.
وَالثَّانِي: أَن معنى قَوْله: (أحكمت آيَاته) يَعْنِي: هِيَ محكمَة غير مَنْسُوخَة.
وَالثَّالِث: ﴿أحكمت أياته﴾ يَعْنِي: بِالْأَمر وَالنَّهْي، والحلال وَالْحرَام.
وَقَوله: ﴿ثمَّ فصلت﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا: ثمَّ فصلت بالوعد والوعيد. وَقَالَ مُجَاهِد: فصلت أَي: فسرت وبينت. وَالثَّالِث: ثمَّ فصلت أَي: أنزلهَا الله شَيْئا فَشَيْئًا.
وَقيل: أحكمت آيَاته للمعتبرين، ثمَّ فصلت أَحْكَامه لِلْمُتقين.
وَقيل: أحكمت آيَاته للقلوب، ثمَّ فصلت أَحْكَامه على الْأَبدَان.
وَقُرِئَ فِي الشاذ: " ثمَّ فصلت " وَمَعْنَاهُ: أَنَّهَا جَاءَت.
﴿من لدن حَكِيم خَبِير﴾ أَي: من عِنْد حَكِيم خَبِير.
وَقَوله: ﴿أحكمت آيَاته﴾ فِيهِ أَقْوَال:
قَالَ قَتَادَة: مَعْنَاهُ: أحكمها الله فَلَيْسَ فِيهَا اخْتِلَاف وَلَا تنَاقض.
وَالثَّانِي: أَن معنى قَوْله: (أحكمت آيَاته) يَعْنِي: هِيَ محكمَة غير مَنْسُوخَة.
وَالثَّالِث: ﴿أحكمت أياته﴾ يَعْنِي: بِالْأَمر وَالنَّهْي، والحلال وَالْحرَام.
وَقَوله: ﴿ثمَّ فصلت﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا: ثمَّ فصلت بالوعد والوعيد. وَقَالَ مُجَاهِد: فصلت أَي: فسرت وبينت. وَالثَّالِث: ثمَّ فصلت أَي: أنزلهَا الله شَيْئا فَشَيْئًا.
وَقيل: أحكمت آيَاته للمعتبرين، ثمَّ فصلت أَحْكَامه لِلْمُتقين.
وَقيل: أحكمت آيَاته للقلوب، ثمَّ فصلت أَحْكَامه على الْأَبدَان.
وَقُرِئَ فِي الشاذ: " ثمَّ فصلت " وَمَعْنَاهُ: أَنَّهَا جَاءَت.
﴿من لدن حَكِيم خَبِير﴾ أَي: من عِنْد حَكِيم خَبِير.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَلا تعبدوا إِلَّا الله﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: بِأَن لَا تعبدوا إِلَّا الله.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَمركُم أَن لَا تعبدوا إِلَّا الله.
وَقَوله: ﴿إِنَّنِي لكم مِنْهُ نَذِير وَبشير﴾ مَعْنَاهُ: نَذِير للعاصين، وَبشير للمطيعين.
أَحدهمَا: بِأَن لَا تعبدوا إِلَّا الله.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَمركُم أَن لَا تعبدوا إِلَّا الله.
وَقَوله: ﴿إِنَّنِي لكم مِنْهُ نَذِير وَبشير﴾ مَعْنَاهُ: نَذِير للعاصين، وَبشير للمطيعين.
411
﴿إِنَّنِي لكم مِنْهُ نَذِير وَبشير (٢) وَأَن اسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يمتعكم مَتَاعا حسنا﴾
412
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَن اسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ قَالَ أهل الْمعَانِي: إِنَّمَا قدم الْمَغْفِرَة على التَّوْبَة؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمَطْلُوبَة بِالتَّوْبَةِ.
وَفِي بعض الْأَخْبَار: " مَا أصر من اسْتغْفر وَإِن عَاد سبعين مرّة ". وَفِي بعض الْأَخْبَار: " لَا صَغِيرَة مَعَ الْإِصْرَار، وَلَا كَبِيرَة مَعَ الاسْتِغْفَار ".
وَفِي الْآيَة قَول آخر: أَن معنى قَوْله: ﴿وَأَن اسْتَغْفرُوا ربكُم﴾ يَعْنِي: فِي الْمَاضِي ﴿ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ يَعْنِي: فِي المستأنف.
قَوْله: ﴿يمتعكم مَتَاعا حسنا﴾ مَعْنَاهُ: يعيشكم عَيْشًا حسنا. وَقيل: يعمركم عمرا حسنا. وَأما الْعَيْش الْحسن: قَالَ بَعضهم: هُوَ الرِّضَا بالميسور، وَالصَّبْر على (الْمُقدر). وَقيل: الْعَيْش الْحسن: هُوَ طيب النَّفس وسعة الرزق. وَيُقَال: الْعَيْش الْحسن: هُوَ الْكِفَايَة بالحلال. وَقَوله ﴿إِلَى أجل مُسَمّى﴾ أَي: إِلَى حِين الْمَوْت.
وَقَوله: ﴿وَيُؤْت كل ذِي فضل فَضله﴾ فِيهِ قَولَانِ:
وَفِي بعض الْأَخْبَار: " مَا أصر من اسْتغْفر وَإِن عَاد سبعين مرّة ". وَفِي بعض الْأَخْبَار: " لَا صَغِيرَة مَعَ الْإِصْرَار، وَلَا كَبِيرَة مَعَ الاسْتِغْفَار ".
وَفِي الْآيَة قَول آخر: أَن معنى قَوْله: ﴿وَأَن اسْتَغْفرُوا ربكُم﴾ يَعْنِي: فِي الْمَاضِي ﴿ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ يَعْنِي: فِي المستأنف.
قَوْله: ﴿يمتعكم مَتَاعا حسنا﴾ مَعْنَاهُ: يعيشكم عَيْشًا حسنا. وَقيل: يعمركم عمرا حسنا. وَأما الْعَيْش الْحسن: قَالَ بَعضهم: هُوَ الرِّضَا بالميسور، وَالصَّبْر على (الْمُقدر). وَقيل: الْعَيْش الْحسن: هُوَ طيب النَّفس وسعة الرزق. وَيُقَال: الْعَيْش الْحسن: هُوَ الْكِفَايَة بالحلال. وَقَوله ﴿إِلَى أجل مُسَمّى﴾ أَي: إِلَى حِين الْمَوْت.
وَقَوله: ﴿وَيُؤْت كل ذِي فضل فَضله﴾ فِيهِ قَولَانِ:
412
﴿إِلَى أجل مُسَمّى وَيُؤْت كل ذِي فضل فَضله وَإِن توَلّوا فَإِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم كَبِير (٣) إِلَى الله مرجعكم وَهُوَ على كل شَيْء قدير (٤) أَلا إِنَّهُم يثنون صُدُورهمْ﴾
أَحدهمَا: أَن مَعْنَاهُ يُؤْت كل ذِي عمل حسن فِي الدُّنْيَا ثَوَابه فِي الْآخِرَة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن قَوْله: ﴿يُؤْت كل ذِي فضل فَضله﴾ يَعْنِي: من عمل لله تَعَالَى وَفقه الله تَعَالَى فِيمَا يسْتَقْبل على طَاعَته ويهديه إِلَيْهَا.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: كل مَا يحْتَسب الْإِنْسَان فِيهِ من قَول أَو عمل هُوَ دَاخل فِيهَا، حَتَّى الْكَلِمَة الْوَاحِدَة يَقُولهَا.
قَوْله: (وَإِن توَلّوا) أَي: فَإِن أَعرضُوا. قَوْله: ﴿فَإِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم كَبِير﴾ أَي: يَوْم الْقِيَامَة.
أَحدهمَا: أَن مَعْنَاهُ يُؤْت كل ذِي عمل حسن فِي الدُّنْيَا ثَوَابه فِي الْآخِرَة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن قَوْله: ﴿يُؤْت كل ذِي فضل فَضله﴾ يَعْنِي: من عمل لله تَعَالَى وَفقه الله تَعَالَى فِيمَا يسْتَقْبل على طَاعَته ويهديه إِلَيْهَا.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: كل مَا يحْتَسب الْإِنْسَان فِيهِ من قَول أَو عمل هُوَ دَاخل فِيهَا، حَتَّى الْكَلِمَة الْوَاحِدَة يَقُولهَا.
قَوْله: (وَإِن توَلّوا) أَي: فَإِن أَعرضُوا. قَوْله: ﴿فَإِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم كَبِير﴾ أَي: يَوْم الْقِيَامَة.
413
ثمَّ قَالَ الله تَعَالَى: ﴿إِلَى الله مرجعكم وَهُوَ على كل شَيْء قدير﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى ﴿أَلا إِنَّهُم يثنون صُدُورهمْ ليستخفوا مِنْهُ﴾ الْآيَة، قَالَ عبد الله بن شَدَّاد: كَانَ الرجل الْكَافِر يمر بِالنَّبِيِّ فيثني صَدره، ويستغشي بِثَوْبِهِ بغضا للنَّبِي حَتَّى لَا يرَاهُ النَّبِي وَلَا يرى هُوَ النَّبِي. وَعَن بَعضهم: أَن الرجل من الْكفَّار كَانَ يدْخل بَيته ويرخي ستره، ويتغشى بِثَوْبِهِ ويحني ظَهره وَيَقُول: هَل يعلم الله مَا فِي قلبِي؟ وَعَن أبي رزين قَرِيبا من القَوْل الأول، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة.
وَمعنى قَوْله: ﴿يثنون صُدُورهمْ﴾ أَي: يعطفون ويطوون، وَمِنْه ثني الثَّوْب، قَالَ الشَّاعِر فِي التغشي:
وَقَوله: ﴿ليستخفوا مِنْهُ﴾ أَي: ليستخفوا من الله تَعَالَى. وَقيل: ليستخفوا من النَّبِي. وَفِي الشاذ أَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَرَأَ: " أَلا إِنَّهُم يثنوني صُدُورهمْ " على وزن يفعوعل، وكما يُقَال: يحلولي.
﴿أَلا حِين يستغشون ثِيَابهمْ﴾ يَعْنِي: يتغشون بثيابهم. قَوْله تَعَالَى: {يعلم مَا
وَمعنى قَوْله: ﴿يثنون صُدُورهمْ﴾ أَي: يعطفون ويطوون، وَمِنْه ثني الثَّوْب، قَالَ الشَّاعِر فِي التغشي:
(أرعى النُّجُوم وَلم أُؤمر برعيتها | وَتارَة أتغشى فضل أطمار) |
﴿أَلا حِين يستغشون ثِيَابهمْ﴾ يَعْنِي: يتغشون بثيابهم. قَوْله تَعَالَى: {يعلم مَا
413
﴿ليستخفوا مِنْهُ أَلا حِين يستغشون ثبابهم يعلم مَا يسرون وَمَا يعلنون إِنَّه عليم بِذَات الصُّدُور (٥) وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها وَيعلم مستقرها ومستودعها كل فِي كتاب مُبين (٦) وَهُوَ الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام وَكَانَ عَرْشه﴾ يسرون وَمَا يعلنون إِنَّه عليم بِذَات الصُّدُور) قَالَ الْأَزْهَرِي وَغَيره: معنى الْآيَة من أَولهَا إِلَى آخرهَا: إِن الَّذين أضمروا عَدَاوَة النَّبِي لَا يخفى علينا حَالهم. وَفِي بعض التفاسير: أَن رجلا كَانَ يبطن عَدَاوَة النَّبِي وَكَانَ يخْتَلف إِلَيْهِ وَيظْهر الْمحبَّة لَهُ، فَأنْزل الله تَعَالَى فِيهِ هَذِه الْآيَة.
414
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها﴾ الْآيَة. الدَّابَّة: كل مَا يدب على الأَرْض من الْحَيَوَانَات. وَقَوله: ﴿إِلَّا على الله رزقها﴾ أَي: إِن الله يسبب ويسهل رزقها.
قَالَ أهل الْمعَانِي: هَذَا على الْمَشِيئَة، لِأَنَّهُ قد يرْزق وَقد لَا يرْزق. وَقَوله: ﴿وَيعلم مستقرها ومستودعها﴾ فِي الْآيَة أَقْوَال:
روى مقسم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: المستقر: هُوَ الْمَكَان الَّذِي يأوي إِلَيْهِ، والمستودع: هُوَ الْمَكَان الَّذِي يدْفن فِيهِ.
وَعَن عبد الله بن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: المستقر: هُوَ أَرْحَام الْأُمَّهَات، والمستودع: هُوَ الْموضع الَّذِي يدْفن فِيهِ.
وَقَالَ بَعضهم: المستقر: هُوَ الَّذِي يسْتَقرّ عَلَيْهِ عمله، والمستودع: هُوَ الَّذِي يصير إِلَيْهِ أمره فِي الْعَاقِبَة.
وَيُقَال: المستقر: أَرْحَام الْأُمَّهَات، والمستودع: هُوَ أصلاب الْآبَاء. وَهَذَا مَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا.
وَقَوله: ﴿كل فِي كتاب مُبين﴾ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ.
قَالَ أهل الْمعَانِي: هَذَا على الْمَشِيئَة، لِأَنَّهُ قد يرْزق وَقد لَا يرْزق. وَقَوله: ﴿وَيعلم مستقرها ومستودعها﴾ فِي الْآيَة أَقْوَال:
روى مقسم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: المستقر: هُوَ الْمَكَان الَّذِي يأوي إِلَيْهِ، والمستودع: هُوَ الْمَكَان الَّذِي يدْفن فِيهِ.
وَعَن عبد الله بن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: المستقر: هُوَ أَرْحَام الْأُمَّهَات، والمستودع: هُوَ الْموضع الَّذِي يدْفن فِيهِ.
وَقَالَ بَعضهم: المستقر: هُوَ الَّذِي يسْتَقرّ عَلَيْهِ عمله، والمستودع: هُوَ الَّذِي يصير إِلَيْهِ أمره فِي الْعَاقِبَة.
وَيُقَال: المستقر: أَرْحَام الْأُمَّهَات، والمستودع: هُوَ أصلاب الْآبَاء. وَهَذَا مَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا.
وَقَوله: ﴿كل فِي كتاب مُبين﴾ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام﴾ قد بَينا من قبل.
414
﴿على المَاء ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا وَلَئِن قلت إِنَّكُم مبعوثون من بعد الْمَوْت ليَقُولن الَّذين كفرُوا إِن هَذَا إِلَّا سحر مُبين (٧) وَلَئِن أخرنا عَنْهُم الْعَذَاب إِلَى أمة مَعْدُودَة ليَقُولن مَا يحسه أَلا يَوْم يَأْتِيهم لَيْسَ مصروفا عَنْهُم وحاق بهم مَا كَانُوا بِهِ يستهزءون﴾
وَقَوله: ﴿وَكَانَ عَرْشه على المَاء﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: كَانَ الْعَرْش على المَاء، وَالْمَاء على متن الرّيح، أَي: صلب الرّيح. وروى يزِيد بن هَارُون، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن وَكِيع ابْن حدس، عَن أبي رزين الْعقيلِيّ أَنه قَالَ: " يَا رَسُول الله، أَيْن كَانَ رَبنَا قبل أَن يخلق خلقه؟ قَالَ: فِي عماء مَا فَوْقه هَوَاء وَمَا تَحْتَهُ هَوَاء، وَكَانَ عَرْشه على المَاء ". قَالَ يزِيد بن هَارُون: معنى قَوْله: " فِي عماء " أَي: لَيْسَ مَعَه غَيره. أوردهُ ابو عِيسَى فِي كِتَابه على هَذَا الْوَجْه.
قَوْله: ﴿ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا﴾ مَعْنَاهُ: ليختبركم أَيّكُم أعمل بِطَاعَة الله تَعَالَى، وأسرع إِلَى طلب مرضات الله، وَأَوْرَع عَن محارم الله، وَمَعْنَاهُ: الِابْتِلَاء من الله وَقد بَينا من قبل.
وَقَوله: ﴿وَلَئِن قلت إِنَّكُم مبعوثون من بعد الْمَوْت ليَقُولن الَّذين كفرُوا إِن هَذَا إِلَّا سحر مُبين﴾ أَي: إِلَّا خدع ظَاهر.
وَقَوله: ﴿وَكَانَ عَرْشه على المَاء﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: كَانَ الْعَرْش على المَاء، وَالْمَاء على متن الرّيح، أَي: صلب الرّيح. وروى يزِيد بن هَارُون، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن وَكِيع ابْن حدس، عَن أبي رزين الْعقيلِيّ أَنه قَالَ: " يَا رَسُول الله، أَيْن كَانَ رَبنَا قبل أَن يخلق خلقه؟ قَالَ: فِي عماء مَا فَوْقه هَوَاء وَمَا تَحْتَهُ هَوَاء، وَكَانَ عَرْشه على المَاء ". قَالَ يزِيد بن هَارُون: معنى قَوْله: " فِي عماء " أَي: لَيْسَ مَعَه غَيره. أوردهُ ابو عِيسَى فِي كِتَابه على هَذَا الْوَجْه.
قَوْله: ﴿ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا﴾ مَعْنَاهُ: ليختبركم أَيّكُم أعمل بِطَاعَة الله تَعَالَى، وأسرع إِلَى طلب مرضات الله، وَأَوْرَع عَن محارم الله، وَمَعْنَاهُ: الِابْتِلَاء من الله وَقد بَينا من قبل.
وَقَوله: ﴿وَلَئِن قلت إِنَّكُم مبعوثون من بعد الْمَوْت ليَقُولن الَّذين كفرُوا إِن هَذَا إِلَّا سحر مُبين﴾ أَي: إِلَّا خدع ظَاهر.
415
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَئِن أخرنا عَنْهُم الْعَذَاب إِلَى أمة مَعْدُودَة﴾ مَعْنَاهُ: إِلَى أجل مَعْدُودَة. قَوْله: ﴿ليَقُولن مَا يحْبسهُ﴾ مَعْنَاهُ: ليَقُولن الَّذين كفرُوا: أَي شَيْء يحْبسهُ؟ يَعْنِي: الْعَذَاب. وَقَوله: ﴿أَلا يَوْم يَأْتِيهم لَيْسَ مصروفا عَنْهُم﴾ مَعْنَاهُ: أَلا يَوْم يَأْتِيهم الْعَذَاب لَا يكون الْعَذَاب مصروفا عَنْهُم.
وَقَوله ﴿وحاق بهم مَا كَانُوا بِهِ يستهزءون﴾ مَعْنَاهُ: وَنزل بهم جَزَاء استهزائهم.
وَقَوله ﴿وحاق بهم مَا كَانُوا بِهِ يستهزءون﴾ مَعْنَاهُ: وَنزل بهم جَزَاء استهزائهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَئِن أذقنا الْإِنْسَان منا رَحْمَة﴾ الرَّحْمَة هَاهُنَا: هِيَ سَعَة الرزق.
415
( ﴿٨) وَلَئِن أذقنا الْإِنْسَان منا رَحْمَة ثمَّ نزعناها مِنْهُ إِنَّه ليئوس كفور (٩) وَلَئِن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليَقُولن ذهب السَّيِّئَات عني إِنَّه لفرح فخور (١٠) إِلَّا الَّذين صَبَرُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ لَهُم مغْفرَة وَأجر كَبِير (١١) فلعلك تَارِك بعض مَا يُوحى إِلَيْك وضائق بِهِ صدرك أَن يَقُولُوا لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ كنز أَو جَاءَ مَعَه ملك إِنَّمَا أَنْت﴾
وَقَوله: ﴿ثمَّ نزعناها مِنْهُ﴾ يَعْنِي أخذناها مِنْهُ، قَوْله: ﴿إِنَّه ليئوس كفور﴾ أَي: قنوط من رَحْمَة الله تَعَالَى، كفور بِنِعْمَة الله.
وَقَوله: ﴿ثمَّ نزعناها مِنْهُ﴾ يَعْنِي أخذناها مِنْهُ، قَوْله: ﴿إِنَّه ليئوس كفور﴾ أَي: قنوط من رَحْمَة الله تَعَالَى، كفور بِنِعْمَة الله.
416
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَئِن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليَقُولن ذهب السَّيِّئَات عني﴾ يَعْنِي: يَقُول الْإِنْسَان: ذهب السَّيِّئَات عني باستحقاقي لذَلِك، وَلَا يرَاهُ من الله تَعَالَى.
وَقَوله: ﴿إِنَّه لفرح فخور﴾ الْفَرح: لَذَّة فِي الْقلب بنيل المشتهى، وَالْفَخْر: هُوَ التطاول على النَّاس بتعديد المناقب، وَهُوَ مَنْهِيّ عَنهُ فِي الْقُرْآن فِي مواضغ كَثِيرَة.
وَقَوله: ﴿إِنَّه لفرح فخور﴾ الْفَرح: لَذَّة فِي الْقلب بنيل المشتهى، وَالْفَخْر: هُوَ التطاول على النَّاس بتعديد المناقب، وَهُوَ مَنْهِيّ عَنهُ فِي الْقُرْآن فِي مواضغ كَثِيرَة.
وَقَوله: ﴿إِلَّا الَّذين صَبَرُوا﴾ قَالَ الْفراء والزجاج: هَذَا اسْتثِْنَاء مُنْقَطع، وَمَعْنَاهُ. وَلَكِن الَّذين صَبَرُوا ﴿وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ لَهُم مغْفرَة وَأجر كَبِير﴾ مَعْنَاهُ ظَاهر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فلعلك تَارِك بعض مَا يُوحى إِلَيْك وضائق بِهِ صدرك﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: سَبَب نزُول الْآيَة: أَن الْكفَّار لما قَالُوا: يَا مُحَمَّد، أئت بقرآن غير هَذَا أَو بدله، يعنون: ائْتِ بقرآن لَيْسَ فِيهِ سبّ آلِهَتنَا - على مَا ذكرنَا فِي سُورَة يُونُس - همّ النَّبِي أَن يدع سبّ آلِهَتهم ظَاهرا، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة: ﴿فلعلك تَارِك بعض مَا يُوحى إِلَيْك﴾ يَعْنِي: سبّ الْآلهَة ظَاهرا ﴿وضائق بِهِ صدرك﴾ يَعْنِي: ولعلك يضيق صدرك ﴿أَن يَقُولُوا لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ كنز أَو جَاءَ مَعَه ملك﴾ أَي: هلاّ أنزل عَلَيْهِ كنز أوجاء مَعَه ملك. وَقَوله: ﴿إِنَّمَا أَنْت نَذِير﴾ مَعْنَاهُ: إِن عَلَيْك الْإِنْذَار والإبلاغ، وَلَيْسَ عَلَيْك أَن تَأتي بِالْآيَاتِ الَّتِي يقترحونها.
وَقَوله ﴿وَالله على كل شَيْء وَكيل﴾ أَي: حَافظ.
وَقَوله ﴿وَالله على كل شَيْء وَكيل﴾ أَي: حَافظ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم يَقُولُونَ افتراه﴾ مَعْنَاهُ: بل يَقُولُونَ: افتراه، وافتراه: اختلقه {قل
416
﴿نَذِير وَالله على كل شَيْء وَكيل (١٢) أم يَقُولُونَ افتراه قل فَأتوا بِعشر سور مثله مفتريات وَادعوا من اسْتَطَعْتُم من دون الله إِن كُنْتُم صَادِقين (١٣) فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا﴾ فَأتوا بِعشر سور مثله مفتريات) ومعني مثله: أَي: مثله فِي البلاغة.
قَالَ عَليّ بن عِيسَى النَّحْوِيّ: البلاغة على ثَلَاث مَرَاتِب: الْمرتبَة الْعليا: معْجزَة، وَالْوُسْطَى والأدنى ممكنه. وَالْقُرْآن فِي الْمرتبَة الْعليا من البلاغة.
فَإِن قيل: قد قَالَ فِي سُورَة يُونُس: ﴿فَأتوا بِسُورَة مثله﴾ وَقد عجزوا عَن أَن يَأْتُوا بِسُورَة، فَكيف يَصح أَن يَقُول لَهُم ﴿فَأتوا بِعشر سور مثله﴾، وَمَا هَذَا إِلَّا كَرجل يَقُول لغيره: أَعْطِنِي درهما، فيعجز عَنهُ فَيَقُول: أَعْطِنِي عشرَة دَرَاهِم، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: ﴿مفتريات﴾ وَهل يجوز أَن يَأْمر الله تَعَالَى أَن يَأْتُوا بالافتراء؟
الْجَواب عَنهُ: عَنهُ مِنْهُم من قَالَ: إِن سُورَة هود نزلت أَولا وَإِن كَانَت فِي التَّرْتِيب آخرا، وَأنكر الْمبرد هَذَا، وَقَالَ: لَا، بل نزلت سُورَة يُونُس أَولا. وَأجَاب عَن السُّؤَال وَقَالَ: معنى قَوْله: ﴿فَأتوا بِسُورَة مثله﴾ فِي سُورَة يُونُس يَعْنِي مثله فِي الْخَبَر عَن الْغَيْب وَالْأَحْكَام. والوعد والوعيد، فعجزوا، فَقَالَ لَهُم فِي سُورَة هود: إِن عجزتم عَن الْإِتْيَان بِسُورَة مثل الْقُرْآن فِي أخباره وَأَحْكَامه ووعده ووعيده، فَأتوا بِعشر سور مثله مفتريات يَعْنِي: مختلقات من غير خبر عَن غيب وَلَا حكم وَلَا وعد وَلَا وَعِيد، وَإِنَّمَا هِيَ مُجَرّد البلاغة. وَهَذَا جَوَاب صَحِيح.
وَأما السُّؤَال الثَّانِي فَالْجَوَاب: قُلْنَا: الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يَأْمُرهُم بالإفتراء، وَإِنَّمَا تحدى، وَمَعْنَاهُ: أَن إصراركم فِي تَكْذِيب مُحَمَّد وزعمكم أَنه افترى الْقُرْآن يُوجب عَلَيْكُم أَن تَأْتُوا بِمثلِهِ افتراء، ليظْهر كذب مُحَمَّد كَمَا زعمتموه، فَلَمَّا عجزتم دلّ أَنه صَادِق.
وَقَوله: ﴿وَادعوا من اسْتَطَعْتُم من دون الله﴾ مَعْنَاهُ: وَاسْتَعِينُوا بِمن اسْتَطَعْتُم من دون الله ﴿إِن كُنْتُم صَادِقين﴾.
قَالَ عَليّ بن عِيسَى النَّحْوِيّ: البلاغة على ثَلَاث مَرَاتِب: الْمرتبَة الْعليا: معْجزَة، وَالْوُسْطَى والأدنى ممكنه. وَالْقُرْآن فِي الْمرتبَة الْعليا من البلاغة.
فَإِن قيل: قد قَالَ فِي سُورَة يُونُس: ﴿فَأتوا بِسُورَة مثله﴾ وَقد عجزوا عَن أَن يَأْتُوا بِسُورَة، فَكيف يَصح أَن يَقُول لَهُم ﴿فَأتوا بِعشر سور مثله﴾، وَمَا هَذَا إِلَّا كَرجل يَقُول لغيره: أَعْطِنِي درهما، فيعجز عَنهُ فَيَقُول: أَعْطِنِي عشرَة دَرَاهِم، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: ﴿مفتريات﴾ وَهل يجوز أَن يَأْمر الله تَعَالَى أَن يَأْتُوا بالافتراء؟
الْجَواب عَنهُ: عَنهُ مِنْهُم من قَالَ: إِن سُورَة هود نزلت أَولا وَإِن كَانَت فِي التَّرْتِيب آخرا، وَأنكر الْمبرد هَذَا، وَقَالَ: لَا، بل نزلت سُورَة يُونُس أَولا. وَأجَاب عَن السُّؤَال وَقَالَ: معنى قَوْله: ﴿فَأتوا بِسُورَة مثله﴾ فِي سُورَة يُونُس يَعْنِي مثله فِي الْخَبَر عَن الْغَيْب وَالْأَحْكَام. والوعد والوعيد، فعجزوا، فَقَالَ لَهُم فِي سُورَة هود: إِن عجزتم عَن الْإِتْيَان بِسُورَة مثل الْقُرْآن فِي أخباره وَأَحْكَامه ووعده ووعيده، فَأتوا بِعشر سور مثله مفتريات يَعْنِي: مختلقات من غير خبر عَن غيب وَلَا حكم وَلَا وعد وَلَا وَعِيد، وَإِنَّمَا هِيَ مُجَرّد البلاغة. وَهَذَا جَوَاب صَحِيح.
وَأما السُّؤَال الثَّانِي فَالْجَوَاب: قُلْنَا: الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يَأْمُرهُم بالإفتراء، وَإِنَّمَا تحدى، وَمَعْنَاهُ: أَن إصراركم فِي تَكْذِيب مُحَمَّد وزعمكم أَنه افترى الْقُرْآن يُوجب عَلَيْكُم أَن تَأْتُوا بِمثلِهِ افتراء، ليظْهر كذب مُحَمَّد كَمَا زعمتموه، فَلَمَّا عجزتم دلّ أَنه صَادِق.
وَقَوله: ﴿وَادعوا من اسْتَطَعْتُم من دون الله﴾ مَعْنَاهُ: وَاسْتَعِينُوا بِمن اسْتَطَعْتُم من دون الله ﴿إِن كُنْتُم صَادِقين﴾.
417
﴿لكم فاعلموا أَنما أنزل بِعلم الله وَأَن لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَهَل أَنْتُم مُسلمُونَ (١٤) من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا وهم فِيهَا لَا يبخسون (١٥) أُولَئِكَ الَّذين لَيْسَ لَهُم فِي الْآخِرَة إِلَّا النَّار وحبط مَا صَنَعُوا فِيهَا وباطل مَا كَانُوا يعْملُونَ (١٦) أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه ويتلوه شَاهد مِنْهُ وَمن قبله كتاب مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَة أُولَئِكَ﴾
418
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا لكم فاعلموا أَنما أنزل بِعلم الله﴾ يجوز أَن يكون قَوْله: ﴿فاعلموا﴾ خطاب للْمُؤْمِنين، وَيجوز أَن يكون خطابا للْمُشْرِكين. وَقَوله ﴿بِعلم الله﴾ بِمَعْنى أنزلهُ وَفِيه علمه، وَهَذَا رد على الْمُعْتَزلَة حَيْثُ قَالُوا: لَا علم لله.
وَقَوله: ﴿وَأَن لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَهَل أَنْتُم مُسلمُونَ﴾ يَعْنِي: فاعلموا أَن لَا إِلَه إِلَّا هُوَ، فَهَل أَنْتُم مُسلمُونَ؟ أَي: مخلصون.
وَقَوله: ﴿وَأَن لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَهَل أَنْتُم مُسلمُونَ﴾ يَعْنِي: فاعلموا أَن لَا إِلَه إِلَّا هُوَ، فَهَل أَنْتُم مُسلمُونَ؟ أَي: مخلصون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا﴾ قَالَ الضَّحَّاك: نزلت الْآيَة فِي الْمُشْركين. وَقَالَ مُجَاهِد وَجَمَاعَة: نزلت الْآيَة فِي كل من عمل عملا وَأَرَادَ بِهِ غير الله. وَقَوله: ﴿نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا﴾ يَعْنِي: نجازيهم على أَعْمَالهم فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ بسعة الرزق وَدفع المكاره وَمَا أشبه ذَلِك. وَقَوله: ﴿وهم فِيهَا لَا يبخسون﴾ فِيهَا أَي: فِي الدُّنْيَا، لَا يبخسون يَعْنِي: لَا ينقص حظهم. ثمَّ قَالَ:
﴿أُولَئِكَ الَّذين لَيْسَ لَهُم فِي الْآخِرَة إِلَّا النَّار وحبط مَا صَنَعُوا فِيهَا﴾ وَبَطل مَا صَنَعُوا فِيهَا. وَقَوله: ﴿وباطل مَا كَانُوا يعْملُونَ﴾ أَي: وَمَا حق مَا كَانُوا يعْملُونَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه﴾ فِي الْآيَة حذف، وَمَعْنَاهُ: أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه كمن يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا. وَعَامة أهل التَّفْسِير على أَن المُرَاد بِهِ النَّبِي، وَقيل: إِن المُرَاد مِنْهُ: النَّبِي وكل مُؤمن فِي الْعَالم. وَالْأول هُوَ الصَّحِيح.
وَقَوله: ﴿على بَيِّنَة من ربه﴾ أَي: على بَيَان من ربه. وَقَوله ﴿ويتلوه شَاهد مِنْهُ﴾ فِيهِ أَقْوَال:
الأول: عَلَيْهِ أَكثر أهل التَّفْسِير: أَن المُرَاد مِنْهُ: جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - وَهَذَا قَول
وَقَوله: ﴿على بَيِّنَة من ربه﴾ أَي: على بَيَان من ربه. وَقَوله ﴿ويتلوه شَاهد مِنْهُ﴾ فِيهِ أَقْوَال:
الأول: عَلَيْهِ أَكثر أهل التَّفْسِير: أَن المُرَاد مِنْهُ: جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - وَهَذَا قَول
418
ابْن عَبَّاس، وَمُجاهد، وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر تلميذ النَّخعِيّ، وَالنَّخَعِيّ، وَغَيرهم.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن قَوْله: ﴿ويتلوه شَاهد مِنْهُ﴾ يَعْنِي: لِسَان مُحَمَّد. حكى هَذَا عَن الْحسن الْبَصْرِيّ، وَرَوَاهُ بَعضهم عَن [الْحُسَيْن] بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا.
وَالثَّالِث: أَن قَوْله ﴿ويتلوه شَاهد مِنْهُ﴾ هُوَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - رُوِيَ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: مَا من قرشي إِلَّا وَنزلت فِيهِ آيَة من الْقُرْآن، فَقيل لَهُ: وَهل نزل فِيك شَيْء؟ فَقَالَ: ﴿وتيلوه شَاهد مِنْهُ﴾.
وَالرَّابِع: ﴿ويتلوه شَاهد مِنْهُ﴾ ملك من الْمَلَائِكَة نزل يحفظه ويسدده وَيشْهد لَهُ.
وَقيل: إِن قَوْله: ﴿شَاهد مِنْهُ﴾ هُوَ الْإِنْجِيل، وَمَعْنَاهُ: يتبعهُ مُصدقا لَهُ، يَعْنِي: وَهُوَ مصدقه. وَقَوله: ﴿وَمن قبله كتاب مُوسَى إِمَامًا﴾ أَرَادَ بِهِ: التَّوْرَاة، وَقَوله ﴿إِمَامًا وَرَحْمَة﴾ يَعْنِي: كَانَت إِمَامًا وَرَحْمَة لمن اتبعها، وَهِي مصدقة لِلْقُرْآنِ، شاهدة للنَّبِي. وَقَوله: ﴿أُولَئِكَ يُؤمنُونَ بِهِ﴾ قَالَ بَعضهم: أَرَادَ بِهِ الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار. وَقَالَ بَعضهم: أَرَادَ بِهِ الَّذين أَسْلمُوا من أهل الْكتاب. وَقَوله: ﴿وَمن يكفر بِهِ﴾ يَعْنِي: بالرسول ﴿من الأخزاب﴾ وهم تحزبوا على النَّبِي أَي: تفَرقُوا من قبائلهم واجتمعوا عَلَيْهِ من قُرَيْش وَغَيرهم. وَفِي بعض التفاسير: أَنهم بَنو أُميَّة وَبَنُو الْمُغيرَة وبنوأبي طَلْحَة بن عبد الْعُزَّى، وَالْمرَاد هُوَ: الْكفَّار مِنْهُم دون الْمُسلمين.
وَالْقَوْل الثَّانِي فِي الْآيَة: أَن الْأَحْزَاب أهل الْملَل كلهَا. روى أَبُو موس الْأَشْعَرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي قَالَ: " مَا من أحد يسمع بِي فَلَا يُؤمن إِلَّا أدخلهُ الله النَّار ". قَالَ سعيد بن جُبَير: طلبت مصداق هَذَا من الْقُرْآن فَوَجَدته فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَمن يكفر بِهِ من الْأَحْزَاب فَالنَّار موعده﴾.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن قَوْله: ﴿ويتلوه شَاهد مِنْهُ﴾ يَعْنِي: لِسَان مُحَمَّد. حكى هَذَا عَن الْحسن الْبَصْرِيّ، وَرَوَاهُ بَعضهم عَن [الْحُسَيْن] بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا.
وَالثَّالِث: أَن قَوْله ﴿ويتلوه شَاهد مِنْهُ﴾ هُوَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - رُوِيَ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: مَا من قرشي إِلَّا وَنزلت فِيهِ آيَة من الْقُرْآن، فَقيل لَهُ: وَهل نزل فِيك شَيْء؟ فَقَالَ: ﴿وتيلوه شَاهد مِنْهُ﴾.
وَالرَّابِع: ﴿ويتلوه شَاهد مِنْهُ﴾ ملك من الْمَلَائِكَة نزل يحفظه ويسدده وَيشْهد لَهُ.
وَقيل: إِن قَوْله: ﴿شَاهد مِنْهُ﴾ هُوَ الْإِنْجِيل، وَمَعْنَاهُ: يتبعهُ مُصدقا لَهُ، يَعْنِي: وَهُوَ مصدقه. وَقَوله: ﴿وَمن قبله كتاب مُوسَى إِمَامًا﴾ أَرَادَ بِهِ: التَّوْرَاة، وَقَوله ﴿إِمَامًا وَرَحْمَة﴾ يَعْنِي: كَانَت إِمَامًا وَرَحْمَة لمن اتبعها، وَهِي مصدقة لِلْقُرْآنِ، شاهدة للنَّبِي. وَقَوله: ﴿أُولَئِكَ يُؤمنُونَ بِهِ﴾ قَالَ بَعضهم: أَرَادَ بِهِ الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار. وَقَالَ بَعضهم: أَرَادَ بِهِ الَّذين أَسْلمُوا من أهل الْكتاب. وَقَوله: ﴿وَمن يكفر بِهِ﴾ يَعْنِي: بالرسول ﴿من الأخزاب﴾ وهم تحزبوا على النَّبِي أَي: تفَرقُوا من قبائلهم واجتمعوا عَلَيْهِ من قُرَيْش وَغَيرهم. وَفِي بعض التفاسير: أَنهم بَنو أُميَّة وَبَنُو الْمُغيرَة وبنوأبي طَلْحَة بن عبد الْعُزَّى، وَالْمرَاد هُوَ: الْكفَّار مِنْهُم دون الْمُسلمين.
وَالْقَوْل الثَّانِي فِي الْآيَة: أَن الْأَحْزَاب أهل الْملَل كلهَا. روى أَبُو موس الْأَشْعَرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي قَالَ: " مَا من أحد يسمع بِي فَلَا يُؤمن إِلَّا أدخلهُ الله النَّار ". قَالَ سعيد بن جُبَير: طلبت مصداق هَذَا من الْقُرْآن فَوَجَدته فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَمن يكفر بِهِ من الْأَحْزَاب فَالنَّار موعده﴾.
419
﴿يُؤمنُونَ بِهِ وَمن يكفر بِهِ من الْأَحْزَاب فَالنَّار موعده فَلَا تَكُ فِي مرية مِنْهُ إِنَّه الْحق من رَبك وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يُؤمنُونَ (١٧) وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا أُولَئِكَ يعرضون على رَبهم وَيَقُول الأشهاد هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على رَبهم أَلا لعنة الله على الظَّالِمين (١٨) الَّذين يصدون عَن سَبِيل الله ويبغونها عوجا وهم بِالآخِرَة هم كافرون﴾
وَقَوله: ﴿فَلَا تَكُ فِي مرية مِنْهُ﴾ يَعْنِي: فَلَا تَكُ فِي شكّ مِنْهُ. وَقيل مَعْنَاهُ: فَلَا تَكُ فِي شَيْء مِنْهُ أَيهَا الشاك. قَوْله: ﴿إِنَّه الْحق من رَبك وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يُؤمنُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿فَلَا تَكُ فِي مرية مِنْهُ﴾ يَعْنِي: فَلَا تَكُ فِي شكّ مِنْهُ. وَقيل مَعْنَاهُ: فَلَا تَكُ فِي شَيْء مِنْهُ أَيهَا الشاك. قَوْله: ﴿إِنَّه الْحق من رَبك وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يُؤمنُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
420
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا أَو كذب بآياته﴾ مَعْنَاهُ: لَا أحد أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا. ثمَّ قَالَ: ﴿أُولَئِكَ يعرضون على رَبهم﴾ الْعرض: هُوَ إِظْهَار الشَّيْء ليرى وَيُوقف على حَاله، وَمِنْه قَوْلهم: عرض السُّلْطَان الْجند. وَقَوله: ﴿وَيَقُول الأشهاد هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على رَبهم﴾ اخْتلف القَوْل فِي الأشهاد، رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: هم الْأَنْبِيَاء والمرسلون. وَقَالَ مُجَاهِد: هم الْمَلَائِكَة. وَقَالَ بَعضهم: الْخَلَائق كلهم. وَقَوله: ﴿هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على رَبهم أَلا لعنة الله على الظَّالِمين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وروى ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي قَالَ: " يدنى الْمُؤمن ربه يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يضع كنفه عَلَيْهِ، فيقرره بذنوبه وَيَقُول: هَل تعرف كَذَا؟ فَيَقُول: أعرف. هَل تعرف كَذَا؟ فَيَقُول: أعرف. فيسأله مَا سَأَلَهُ، ثمَّ يَقُول: سترته عَلَيْك فِي الدُّنْيَا، وَأَنا أغفره لَك الْيَوْم، ثمَّ يعْطى كِتَابه بِيَمِينِهِ، وَأما الْكفَّار فينادى على رُءُوس الأشهاد: هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على رَبهم، أَلا لعنة الله على الظَّالِمين ".
وَهَذَا الحَدِيث هُوَ حَدِيث النَّجْوَى، اتَّفقُوا على صِحَّته عَن النَّبِي.
وروى ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي قَالَ: " يدنى الْمُؤمن ربه يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يضع كنفه عَلَيْهِ، فيقرره بذنوبه وَيَقُول: هَل تعرف كَذَا؟ فَيَقُول: أعرف. هَل تعرف كَذَا؟ فَيَقُول: أعرف. فيسأله مَا سَأَلَهُ، ثمَّ يَقُول: سترته عَلَيْك فِي الدُّنْيَا، وَأَنا أغفره لَك الْيَوْم، ثمَّ يعْطى كِتَابه بِيَمِينِهِ، وَأما الْكفَّار فينادى على رُءُوس الأشهاد: هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على رَبهم، أَلا لعنة الله على الظَّالِمين ".
وَهَذَا الحَدِيث هُوَ حَدِيث النَّجْوَى، اتَّفقُوا على صِحَّته عَن النَّبِي.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذين يصدون عَن سَبِيل الله﴾ مَعْنَاهُ: الَّذين يمْنَعُونَ عَن دين الله.
وَقَوله: ﴿ويبغونها عوجا﴾ يَعْنِي: وَيطْلبُونَ الأعوجاج فِي دين الله. وَقَوله {وهم
وَقَوله: ﴿ويبغونها عوجا﴾ يَعْنِي: وَيطْلبُونَ الأعوجاج فِي دين الله. وَقَوله {وهم
420
( ﴿١٩) أُولَئِكَ لم يَكُونُوا معجزين فِي الأَرْض وَمَا كَانَ لَهُم من دون الله من أَوْلِيَاء يُضَاعف لَهُم الْعَذَاب مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السّمع وَمَا كَانُوا يبصرون (٢٠) أُولَئِكَ﴾ بِالآخِرَة هم كافرون) قَالَ ثَعْلَب: تَكْرِير " هم " على طَرِيق التَّأْكِيد لدُخُول الْآخِرَة بَينهمَا.
421
قَوْله تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ لم يَكُونُوا معجزين فِي الأَرْض﴾ مَعْنَاهُ: أُولَئِكَ لم يَكُونُوا فائتين، وَقيل: أُولَئِكَ لم يَكُونُوا هاربين من عذابنا؛ فَإِن من هرب عَن الشَّيْء وَقع الْعَجز عَنهُ. وَقَوله: ﴿وَمَا كَانَ لَهُم من دون الله من أَوْلِيَاء﴾ يَعْنِي: من ناصرين وحافظين عَن عذابنا. وَقَوله: ﴿يُضَاعف لَهُم الْعَذَاب﴾ فَإِن قيل: مَا معنى تَضْعِيف الْعَذَاب وَقد قَالَ فِي مَوضِع آخر: ﴿وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يجزى إِلَّا مثلهَا﴾ ؟
الْجَواب من وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَن مضاعفة الْعَذَاب بمضاعفة الجرم.
وَالْآخر: أَن الْآيَة فِي رُؤَسَاء أهل الشّرك، وتضعيف الْعَذَاب عَلَيْهِم بتضليل الإتباع ودعائهم إيَّاهُم إِلَى شركهم.
وَقَوله: ﴿مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السّمع وَمَا كَانُوا يبصرون﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: حَال الله بَينهم وَبَين اإيمان. وَذكر الْفراء عَن بعض أهل الْمعَانِي: أَن معنى الْآيَة: يُضَاعف لَهُم الْعَذَاب بِمَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السّمع فَلَا يَسْتَمِعُون.
وَسَائِر النُّحَاة أَنْكَرُوا تَقْدِير " الْبَاء " هَاهُنَا. والاستطاعة: قُوَّة تنطاع بهَا الْجَوَارِح للْعَمَل.
وَفِي الْآيَة قَول ثَالِث: وَهُوَ أَنهم لما يسمعوا اسْتِمَاع (التفهم) وَالِانْتِفَاع بِهِ، وَلم يبصروا بصر الْحَقِيقَة؛ جعلهم كمن لَا يَسْتَطِيع السّمع وَالْبَصَر.
الْجَواب من وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَن مضاعفة الْعَذَاب بمضاعفة الجرم.
وَالْآخر: أَن الْآيَة فِي رُؤَسَاء أهل الشّرك، وتضعيف الْعَذَاب عَلَيْهِم بتضليل الإتباع ودعائهم إيَّاهُم إِلَى شركهم.
وَقَوله: ﴿مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السّمع وَمَا كَانُوا يبصرون﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: حَال الله بَينهم وَبَين اإيمان. وَذكر الْفراء عَن بعض أهل الْمعَانِي: أَن معنى الْآيَة: يُضَاعف لَهُم الْعَذَاب بِمَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السّمع فَلَا يَسْتَمِعُون.
وَسَائِر النُّحَاة أَنْكَرُوا تَقْدِير " الْبَاء " هَاهُنَا. والاستطاعة: قُوَّة تنطاع بهَا الْجَوَارِح للْعَمَل.
وَفِي الْآيَة قَول ثَالِث: وَهُوَ أَنهم لما يسمعوا اسْتِمَاع (التفهم) وَالِانْتِفَاع بِهِ، وَلم يبصروا بصر الْحَقِيقَة؛ جعلهم كمن لَا يَسْتَطِيع السّمع وَالْبَصَر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ الَّذين خسروا أنفسهم﴾ مَعْنَاهُ: غبنوا أنفسهم. وَقيل إِن
421
﴿الَّذين خسروا أنفسهم وضل عَنْهُم مَا كَانُوا يفترون (٢١) لَا جرم أَنهم فِي الْآخِرَة هم الأخسرون (٢٢) إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وأخبتوا إِلَى رَبهم أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجنَّة هم فِيهَا خَالدُونَ (٢٣) مثل الْفَرِيقَيْنِ كالأعمى والأصم والبصير والسميع هَل﴾ أعظم الخسران، خسران النَّفس، وَأعظم الرِّبْح: ربح النَّفس. وَقَوله: ﴿وضل عَنْهُم مَا كَانُوا يفترون﴾ يَعْنِي: فَاتَ عَنْهُم مَا كَانُوا يَزْعمُونَ من شَفَاعَة الْمَلَائِكَة والأصنام.
422
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَا جرم﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: لاجرم يَعْنِي: حَقًا ﴿أَنهم فِي الْآخِرَة هم الأخسرون﴾
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن قَوْله: ﴿لَا﴾ رد لما قَالُوا، وَقَوله: ﴿جرم﴾ ابْتِدَاء كَلَام، وجرم بِمَعْنى: كسب، قَالَ الشَّاعِر:
يَعْنِي: كسبتهم الْغَضَب. وَقَالَ آخر:
فَمَعْنَى الْآيَة: جرم أَي: كسب لَهُم كفرهم التباب والخسران.
أَحدهمَا: لاجرم يَعْنِي: حَقًا ﴿أَنهم فِي الْآخِرَة هم الأخسرون﴾
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن قَوْله: ﴿لَا﴾ رد لما قَالُوا، وَقَوله: ﴿جرم﴾ ابْتِدَاء كَلَام، وجرم بِمَعْنى: كسب، قَالَ الشَّاعِر:
(وَلَقَد طعنت أَبَا عُيَيْنَة طعنة | جرمت فَزَارَة بعْدهَا أَن يغضبوا) |
(نصبنا رَأسه فِي رَأس جذع | بِمَا جرمت يَدَاهُ وَمَا اعتدينا.) |
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وأخبتوا إِلَى رَبهم﴾ قَالَ مُجَاهِد: يَعْنِي: خشعوا. وَقَالَ بَعضهم: اطمأنوا. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس: خَافُوا. وَقَوله: ﴿إِلَى رَبهم﴾ أَي: لرَبهم، مثل قَوْله تَعَالَى ﴿بِأَن رَبك أوحى لَهَا﴾ أَي: إِلَيْهَا، فَكَذَلِك هَاهُنَا: إِلَى رَبهم.
وَقَوله: ﴿أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجنَّة هم فِيهَا خَالدُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجنَّة هم فِيهَا خَالدُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿مثل الْفَرِيقَيْنِ كالأعمى والأصم والبصير والسميع﴾ الْآيَة، الْفَرِيقَانِ هَاهُنَا: فريق الْكفَّار، وفريق الْمُؤمنِينَ. وَقَوله: ﴿كالأعمى والأصم﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَن " الْوَاو " صلَة، وَمَعْنَاهُ: كالأعمى الْأَصَم، كَمَا يَقُول الْقَائِل: رَأَيْت الْعَاقِل والظريف أَي: رَأَيْت الْعَاقِل الظريف.
أَحدهمَا: أَن " الْوَاو " صلَة، وَمَعْنَاهُ: كالأعمى الْأَصَم، كَمَا يَقُول الْقَائِل: رَأَيْت الْعَاقِل والظريف أَي: رَأَيْت الْعَاقِل الظريف.
422
﴿يستويان مثلا أَفلا تذكرُونَ (٢٤) وَلَقَد أرسلنَا نوحًا إِلَى قومه إِنِّي لكم نَذِير جين (٢٥) أَن لَا تعبدوا إِلَّا الله إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم أَلِيم (٢٦) فَقَالَ الْمَلأ الَّذين كفرُوا من قومه مَا نرَاك إِلَّا بشرا مثلنَا وَمَا نرَاك اتبعك إِلَّا الَّذين هم أراذلنا بَادِي الرَّأْي وَمَا﴾
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن " الْوَاو " لتعميم التَّشْبِيه، وَمَعْنَاهُ: حَال الْكَافِر كَحال الْأَعْمَى، وحاله كَحال الْأَصَم، وحاله كَحال الْأَعْمَى والأصم.
وَقَوله: ﴿والبصير والسميع﴾ الْكَلَام فِيهِ مثل هَذَا، وَالْمرَاد مِنْهُ: حَالَة الْمُؤمن. وَقَوله ﴿هَل يستويان مثلا﴾ رُوِيَ أَن الْكفَّار لما سمعُوا هَذَا قَالُوا: لَا يستويان، فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿أَفلا تذكرُونَ﴾ يَعْنِي: أَفلا تتعظون؟ !
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن " الْوَاو " لتعميم التَّشْبِيه، وَمَعْنَاهُ: حَال الْكَافِر كَحال الْأَعْمَى، وحاله كَحال الْأَصَم، وحاله كَحال الْأَعْمَى والأصم.
وَقَوله: ﴿والبصير والسميع﴾ الْكَلَام فِيهِ مثل هَذَا، وَالْمرَاد مِنْهُ: حَالَة الْمُؤمن. وَقَوله ﴿هَل يستويان مثلا﴾ رُوِيَ أَن الْكفَّار لما سمعُوا هَذَا قَالُوا: لَا يستويان، فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿أَفلا تذكرُونَ﴾ يَعْنِي: أَفلا تتعظون؟ !
423
قَوْله: ﴿وَلَقَد أرسلنَا نوحًا إِلَى قومه إِنِّي لكم نَذِير مُبين﴾ قرئَ بقراءتين؛ بِالنّصب والخفض؛ فَمَعْنَى النصب: بِأَنِّي لكم نَذِير مُبين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَلا تعبدوا إِلَّا الله﴾ مَعْنَاهُ: آمركُم أَلا تعبدوا إِلَّا الله، وَالْعِبَادَة: التَّوْحِيد، وَإِنَّمَا بَدَأَ بِالتَّوْحِيدِ لِأَنَّهُ من أهم الْأُمُور.
وَقَوله: ﴿إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم أَلِيم﴾ أَي: مؤلم، والمؤلم: الموجع.
وَقَوله: ﴿إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم أَلِيم﴾ أَي: مؤلم، والمؤلم: الموجع.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَقَالَ الْمَلأ الَّذين كفرُوا من قومه﴾ الْمَلأ هم الْأَشْرَاف والرؤساء.
وَقَوله: ﴿مَا نرَاك إِلَّا بشرا مثلنَا﴾ ظَاهر الْمَعْنى. وَقَوله: ﴿وَمَا نرَاك اتبعك إِلَّا الَّذين هم أراذلنا بَادِي الرَّأْي﴾ والأراذل: جمع الرذل، والرذل: الخسيس الدون. وَقيل: الأراذل: الأسافل، والرذل: السفلة، وَفِي السفلة أَقْوَال كَثِيرَة لأهل الْعلم.
قَالَ مَالك بن أنس: السفلة: هُوَ الَّذِي يسب أَصْحَاب النَّبِي. وروى عَن الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي أَنه قَالَ: السفلة: الَّذِي لَا دين لَهُ.
وَعَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: السفلة: الَّذِي لَا يُبَالِي مَا قَالَ وَمَا قيل لَهُ.
وَعَن ابْن الْمُبَارك قَالَ: هم الَّذين يتقلسون ويأتون أَبْوَاب الْقُضَاة يطْلبُونَ الشَّهَادَات.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السفلة: هُوَ الَّذِي يَأْكُل بِدِينِهِ، وسفلة السفلة هُوَ
وَقَوله: ﴿مَا نرَاك إِلَّا بشرا مثلنَا﴾ ظَاهر الْمَعْنى. وَقَوله: ﴿وَمَا نرَاك اتبعك إِلَّا الَّذين هم أراذلنا بَادِي الرَّأْي﴾ والأراذل: جمع الرذل، والرذل: الخسيس الدون. وَقيل: الأراذل: الأسافل، والرذل: السفلة، وَفِي السفلة أَقْوَال كَثِيرَة لأهل الْعلم.
قَالَ مَالك بن أنس: السفلة: هُوَ الَّذِي يسب أَصْحَاب النَّبِي. وروى عَن الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي أَنه قَالَ: السفلة: الَّذِي لَا دين لَهُ.
وَعَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: السفلة: الَّذِي لَا يُبَالِي مَا قَالَ وَمَا قيل لَهُ.
وَعَن ابْن الْمُبَارك قَالَ: هم الَّذين يتقلسون ويأتون أَبْوَاب الْقُضَاة يطْلبُونَ الشَّهَادَات.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السفلة: هُوَ الَّذِي يَأْكُل بِدِينِهِ، وسفلة السفلة هُوَ
423
﴿نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين (٢٧) قَالَ يَا قوم أَرَأَيْتُم إِن كنت على بَيِّنَة من رَبِّي وآتاني رَحْمَة من عِنْده فعميت عَلَيْكُم أنلزمكموها وَأَنْتُم لَهَا كَارِهُون (٢٨) وَيَا قوم لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ مَالا إِن أجري إِلَّا على الله وَمَا أَنا بطارد الَّذين آمنُوا إِنَّهُم ملاقوا﴾
الَّذِي يُسَوِّي دنيا غَيره بِدِينِهِ. وَفِي بعض الْآثَار: أَشْقَى الأشقياء من بَاعَ دينه بدنيا غَيره. وَقيل: إِن السفلة هم أَصْحَاب الصناعات الدنية مثل: الكناسين، والدباغين، والسماكين، والحجامين، والحاكة، وَغَيرهم. وَرُوِيَ أَن بعض الْعلمَاء بِبَغْدَاد سُئِلَ عَن امْرَأَة قَالَت لزَوجهَا: يَا سفلَة، فَقَالَ: إِن كنت سفلَة فَأَنت طَالِق، فَقَالَ لَهُ ذَلِك الْعَالم: مَا صناعتك؟ فَقَالَ: سماك، فَقَالَ: سفلَة وَالله سفلَة.
وَرُوِيَ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: هم الَّذين إِذا اجْتَمعُوا غلبوا، وَإِذا تفَرقُوا لم يعرفوا.
وَقَوله: ﴿بَادِي الرَّأْي﴾ قرئَ بقراءتين: بِالْهَمْز، وَترك الْهَمْز فَأَما بِالْهَمْز فَمَعْنَاه: أول الرَّأْي؛ كَأَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُم اتبعوك فِي أول الرَّأْي وَلم يتفكروا وَلَو تَفَكَّرُوا، لم يتبعوك. وَأما بَادِي الرَّأْي بترك الْهَمْز فَمَعْنَاه: ظَاهر الرَّأْي. قَالَ الزّجاج: يَعْنِي: اتبعوك ظَاهرا لَا بَاطِنا.
وَقَوله: ﴿وَمَا نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
الَّذِي يُسَوِّي دنيا غَيره بِدِينِهِ. وَفِي بعض الْآثَار: أَشْقَى الأشقياء من بَاعَ دينه بدنيا غَيره. وَقيل: إِن السفلة هم أَصْحَاب الصناعات الدنية مثل: الكناسين، والدباغين، والسماكين، والحجامين، والحاكة، وَغَيرهم. وَرُوِيَ أَن بعض الْعلمَاء بِبَغْدَاد سُئِلَ عَن امْرَأَة قَالَت لزَوجهَا: يَا سفلَة، فَقَالَ: إِن كنت سفلَة فَأَنت طَالِق، فَقَالَ لَهُ ذَلِك الْعَالم: مَا صناعتك؟ فَقَالَ: سماك، فَقَالَ: سفلَة وَالله سفلَة.
وَرُوِيَ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: هم الَّذين إِذا اجْتَمعُوا غلبوا، وَإِذا تفَرقُوا لم يعرفوا.
وَقَوله: ﴿بَادِي الرَّأْي﴾ قرئَ بقراءتين: بِالْهَمْز، وَترك الْهَمْز فَأَما بِالْهَمْز فَمَعْنَاه: أول الرَّأْي؛ كَأَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُم اتبعوك فِي أول الرَّأْي وَلم يتفكروا وَلَو تَفَكَّرُوا، لم يتبعوك. وَأما بَادِي الرَّأْي بترك الْهَمْز فَمَعْنَاه: ظَاهر الرَّأْي. قَالَ الزّجاج: يَعْنِي: اتبعوك ظَاهرا لَا بَاطِنا.
وَقَوله: ﴿وَمَا نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
424
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ يَا قوم أَرَأَيْتُم إِن كنت على بَيِّنَة من رَبِّي﴾ يَعْنِي: على بَيَان من رَبِّي. وَقَوله: ﴿وآتاني رَحْمَة من عِنْده﴾ الرَّحْمَة هَاهُنَا هِيَ النُّبُوَّة وَالْهدى. قَوْله ﴿فعميت عَلَيْكُم﴾ أَي: فخفيت عَلَيْكُم؛ لِأَن من عمي عَن الشَّيْء فقد خفى ذَلِك الشَّيْء عَلَيْهِ. وَقُرِئَ: " فعميت عَلَيْكُم " مَعْنَاهُ: فأخفيت عَلَيْكُم. وَقَوله: ﴿أنلزمكموها﴾ مَعْنَاهُ: أنلزمكم الدعْوَة ﴿وَأَنْتُم لَهَا كَارِهُون﴾ قَالَ قَتَادَة: لَو قدر الْأَنْبِيَاء أَن يلزموا قَومهمْ لألزموا [قَومهمْ] ؛ وَلَكِن لم يقدروا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَا قوم لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ مَالا إِن أجري إِلَّا على الله﴾ مَعْنَاهُ: مَا
424
﴿رَبهم وَلَكِنِّي أَرَاكُم قوما تجهلون (٢٩) وَيَا قوم من ينصرني من الله إِن طردتهم أَفلا تذكرُونَ (٣٠) وَلَا أَقُول لكم عِنْدِي خَزَائِن الله وَلَا أعلم الْغَيْب وَلَا أَقُول إِنِّي ملك وَلَا أَقُول للَّذين تزدري أعينكُم لن يُؤْتِيهم الله خيرا الله أعلم بِمَا فِي أنفسهم إِنِّي إِذا لمن الظَّالِمين (٣١) قَالُوا يَا نوح قد جادلتنا فَأَكْثَرت جدالنا فأتنا بِمَا تعدنا إِن كنت من﴾ ثوابي إِلَّا على الله. وَقَوله: ﴿وَمَا أَنا بطارد الَّذين آمنُوا﴾ فِيهِ دَلِيل أَنهم طلبُوا مِنْهُ أَن يطرد الْمُؤمنِينَ. وَقَوله: ﴿إِنَّهُم ملاقوا رَبهم﴾ يَعْنِي: إِنَّهُم صائرون إِلَى رَبهم فيجزي من طردهم. وَقَوله: ﴿وَلَكِنِّي أَرَاكُم قوم تجهلون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
425
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَا قوم من ينصرني من الله إِن طردتهم﴾ مَعْنَاهُ: من يَمْنعنِي من عَذَاب الله إِن طردتهم ﴿أَفلا تذكرُونَ﴾ أَي: أغلا تتعظون؟.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا أَقُول لكم عِنْدِي خَزَائِن الله﴾ مَعْنَاهُ: لَيْسَ عِنْدِي خَزَائِن الله فَآتي مَا تطلبون. وَقَوله: ﴿وَلَا أعلم الْغَيْب﴾ يَعْنِي: لَا أعلم الْغَيْب فأخبركم بِمَا تُرِيدُونَ. وَقَوله: ﴿وَلَا أَقُول إِنِّي ملك﴾ هَذَا جَوَاب لقَولهم: ﴿مَا نرَاك إِلَّا بشرا مثلنَا﴾. وَقَوله: ﴿وَلَا أَقُول للَّذين تزدري أعينكُم﴾ تزدري أَي: تحتقر وتستخس، هَذَا جَوَاب لقَولهم: ﴿وَمَا نرَاك اتبعك إِلَّا الَّذين هم أراذلنا بَادِي الرَّأْي﴾.
وَقَوله ﴿لن يُؤْتِيهم الله خيرا﴾ أَي: لن يُؤْتِيهم أجرا ﴿الله أعلم بِمَا فِي أنفسهم﴾. [يَعْنِي: فِي صُدُورهمْ، فِي أَن يَأْتِيهم الله خيرا]
وَقَوله: ﴿إِنِّي إِذا لمن الظَّالِمين﴾ يَعْنِي: إِنِّي إِذا لمن الظَّالِمين لَو قلت هَذَا أَو طردتهم.
وَقَوله ﴿لن يُؤْتِيهم الله خيرا﴾ أَي: لن يُؤْتِيهم أجرا ﴿الله أعلم بِمَا فِي أنفسهم﴾. [يَعْنِي: فِي صُدُورهمْ، فِي أَن يَأْتِيهم الله خيرا]
وَقَوله: ﴿إِنِّي إِذا لمن الظَّالِمين﴾ يَعْنِي: إِنِّي إِذا لمن الظَّالِمين لَو قلت هَذَا أَو طردتهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا يَا نوح قد جادلتنا فَأَكْثَرت جدالنا﴾ رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ: " فَأَكْثَرت جدالنا " بِالْفَتْح؛ والمجادلة خُصُومَة على وَجه الْمُبَالغَة، وأصل الجدل: هُوَ الفتل، وَالْعرب تسمى الصَّقْر: الأجدل؛ لِشِدَّتِهِ فِي الْجَوَارِح.
وَالْفرق بَين الْحجَّاج والمجادلة: أَن الْمَطْلُوب من الْحجَّاج ظُهُور الْحق فِي الْمَطْلُوب، وَمن المجادلة هُوَ رُجُوع الْخصم إِلَى قَوْله.
وَالْفرق بَين الْحجَّاج والمجادلة: أَن الْمَطْلُوب من الْحجَّاج ظُهُور الْحق فِي الْمَطْلُوب، وَمن المجادلة هُوَ رُجُوع الْخصم إِلَى قَوْله.
425
﴿الصَّادِقين (٣٢) قَالَ إِنَّمَا يأتيكم بِهِ الله إِن شَاءَ وَمَا أَنْتُم بمعجزين (٣٣) وَلَا ينفعكم نصحي إِن أردْت أَن أنصح لكم إِن كَانَ الله يُرِيد أَن يغويكم هُوَ ربكُم وَإِلَيْهِ ترجعون (٣٤) أم يَقُولُونَ افتراه قل إِن افتريته فعلي إجرامي وَأَنا بَرِيء مِمَّا تجرمون (٣٥) ﴾
وَالْفرق بَين المراء والمجادلة: أَن الْمَرْء مَذْمُوم؛ لِأَنَّهُ خُصُومَة بعد ظُهُور الْحق، والجدال غير مَذْمُوم، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُبَالغ فِيهِ من غير قصد طلب الْحق.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فأتنا بِمَا تعدنا إِن كنت من الصَّادِقين﴾ هَذَا دَلِيل على أَنه كَانَ وعدهم الْعَذَاب إِن لم يُؤمنُوا.
وَالْفرق بَين المراء والمجادلة: أَن الْمَرْء مَذْمُوم؛ لِأَنَّهُ خُصُومَة بعد ظُهُور الْحق، والجدال غير مَذْمُوم، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُبَالغ فِيهِ من غير قصد طلب الْحق.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فأتنا بِمَا تعدنا إِن كنت من الصَّادِقين﴾ هَذَا دَلِيل على أَنه كَانَ وعدهم الْعَذَاب إِن لم يُؤمنُوا.
426
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ إِنَّمَا يأتيكم بِهِ الله إِن شَاءَ﴾ يَعْنِي: بِالْعَذَابِ. وَقَوله: ﴿وَمَا أَنْتُم بمعجزين﴾ أَي: بفائتين وَلَا هاربين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا ينفعكم نصحي﴾ والنصح: إخلاص الْعَمَل عَن الْفساد. وَقيل: إِنَّه بَيَان مَوضِع الغي ليجتنب، وَبَيَان مَوضِع الرشد ليطلب. وَقَوله: ﴿إِن أردْت أَن أنصح لكم﴾ أَرَادَ مُوَافقَة لأمر الله. وَقَوله: ﴿إِن كَانَ الله يُرِيد أَن يغويكم﴾ أَكثر الْمُفَسّرين على أَن مَعْنَاهُ: يضلكم. وَقيل: يخلق الغي فِي قُلُوبكُمْ، والغي ضد الرشد. وَذكر مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ أَن معنى قَوْله: ﴿يغويكم﴾ : يهلككم. وَلم يرض ابْن الْأَنْبَارِي هَذَا من حَيْثُ اللُّغَة، وَقَالَ: لَا يَسْتَقِيم فِي اللُّغَة أَن يذكر الإغواء بِمَعْنى الإهلاك. وَقَالَ بَعضهم: يخيبكم من رَحمته.
وَقَوله: ﴿هُوَ ربكُم وَإِلَيْهِ ترجعون﴾ ظَاهر الْمَعْنى، وَفِي الْآيَة رد على الْقَدَرِيَّة.
وَقَوله: ﴿هُوَ ربكُم وَإِلَيْهِ ترجعون﴾ ظَاهر الْمَعْنى، وَفِي الْآيَة رد على الْقَدَرِيَّة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم يَقُولُونَ افتراه﴾ بل يَقُولُونَ: افتراه أَي: اختلقه. وَقَوله: ﴿قل إِن افتريته فعلي إجرامي﴾ قرئَ فِي الشاذ: " قعلي أجرامي " بِالْفَتْح، والأجرام: جمع الجرم، والإجرام: هُوَ كسب الذَّنب، وَمعنى الْآيَة: فعلي وبال ذَنبي وجرمي. وَقَوله: ﴿وَأَنا برِئ مِمَّا تجرمون﴾ يَعْنِي: أَنا برِئ مِمَّا تكتسبون من الذَّنب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأوحى إِلَى نوح﴾ روى الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس: أَن قوم نوح كَانُوا يضْربُونَ نوحًا حَتَّى [يسْقط]، فيلقونه فِي لبد ويلقونه فِي بَيته ويظنون أَنه قد
426
﴿وأوحي إِلَى نوح أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن فَلَا تبتئس بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦) واصنع الْفلك بأعيننا ووحينا وَلَا تخاطبني فِي الَّذين ظلمُوا إِنَّهُم مغرقون (٣٧) ﴾
مَاتَ، فَيخرج فِي الْيَوْم الثَّانِي ويدعوهم إِلَى الله؛ فَروِيَ أَن شَيخا جَاءَ يتَوَكَّأ على عَصا وَمَعَهُ ابْنه فَقَالَ: يَا بني لَا يغرنك هَذَا الشَّيْخ الْمَجْنُون، فَقَالَ: يَا ابة، أمكني من الْعَصَا، فَدفع إِلَيْهِ الْعَصَا، فَضرب نوحًا على رَأسه وشجمة شجة مُنكرَة حَتَّى سَالَتْ الدِّمَاء مِنْهُ، وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى الْإِيمَان، فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن﴾ فَحِينَئِذٍ استجار بِالدُّعَاءِ وَقَالَ: ﴿رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا﴾. وَقَوله: ﴿فَلَا تبتئس بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ قَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة: فَلَا تحزن. قَالَ أهل اللُّغَة: الابتئاس: حزن مَعَ استكانة، قَالَ الشَّاعِر:
مَاتَ، فَيخرج فِي الْيَوْم الثَّانِي ويدعوهم إِلَى الله؛ فَروِيَ أَن شَيخا جَاءَ يتَوَكَّأ على عَصا وَمَعَهُ ابْنه فَقَالَ: يَا بني لَا يغرنك هَذَا الشَّيْخ الْمَجْنُون، فَقَالَ: يَا ابة، أمكني من الْعَصَا، فَدفع إِلَيْهِ الْعَصَا، فَضرب نوحًا على رَأسه وشجمة شجة مُنكرَة حَتَّى سَالَتْ الدِّمَاء مِنْهُ، وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى الْإِيمَان، فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن﴾ فَحِينَئِذٍ استجار بِالدُّعَاءِ وَقَالَ: ﴿رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا﴾. وَقَوله: ﴿فَلَا تبتئس بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ قَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة: فَلَا تحزن. قَالَ أهل اللُّغَة: الابتئاس: حزن مَعَ استكانة، قَالَ الشَّاعِر:
(مَا يقسم الله فاقبل غير مبتئس | مِنْهُ واقعد كَرِيمًا ناعم الْبَالِي) |
(أَتَيْتُك عَارِيا خلقا ثِيَابِي | على خوف تظن بِي الظنونا) |
(إِنِّي لشيخ لَا أُطِيق العندا | وَلَا أُطِيق البكرات الشردا) |
(فأنكرتني وَمَا كَانَ الَّذِي نكرت | من الْحَوَادِث إِلَّا الشيب والصلعا) |
وَقَوله: ﴿وَامْرَأَته قَائِمَة﴾ فِي مصحف ابْن مَسْعُود: " وَامْرَأَته قَائِمَة وَهُوَ قَاعد " وَهِي سارة بنت هاران، فَيُقَال: إِن سارة كَانَت تخدمهم وَإِبْرَاهِيم يتحدث مَعَهم. وَيُقَال: إِن سارة كَانَت قَائِمَة وَرَاء السّتْر.
قَوْله: ﴿فَضَحكت﴾ الْأَكْثَرُونَ على أَن الضحك هَاهُنَا هُوَ الضحك الْمَعْرُوف، وَقَالَ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة: فَضَحكت، أَي: حَاضَت. يُقَال: ضحِكت الأرنب، إِذا حَاضَت.
قَوْله: ﴿فَضَحكت﴾ الْأَكْثَرُونَ على أَن الضحك هَاهُنَا هُوَ الضحك الْمَعْرُوف، وَقَالَ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة: فَضَحكت، أَي: حَاضَت. يُقَال: ضحِكت الأرنب، إِذا حَاضَت.
442
﴿وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب (٧١) قَالَت يَا ويلتي أألد وَأَنا عَجُوز وَهَذَا بعلي شَيخا إِن هَذَا﴾
وَأما الضحك الْمَعْرُوف فَاخْتلف القَوْل فِي أَنَّهَا لم ضحِكت؟
فالأكثرون على أَنَّهَا ضحِكت سُرُورًا بِمَا زَالَ من الْخَوْف عَنْهَا وَعَن إِبْرَاهِيم. وَقيل: بِبِشَارَة إِسْحَاق. وعَلى هَذَا القَوْل: الْآيَة على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَامْرَأَته قَائِمَة فبشرناها بِإسْحَاق وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب فَضَحكت.
وَالْقَوْل الثَّالِث: ضحِكت تَعَجبا من غَفلَة قوم لوط، وَقد نزلت الْمَلَائِكَة بعذابهم.
وَقَوله ﴿فبشرناها بِإسْحَاق﴾ ظَاهر الْمَعْنى. وَقَوله ﴿وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب﴾ أَي: من بعد إِسْحَاق يَعْقُوب. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الوراء: ولد الْوَلَد.
وَقَوله ﴿يَعْقُوب﴾ قرئَ بقراءتين: " يَعْقُوب " و " يَعْقُوب " بِالرَّفْع وَالنّصب أما الرّفْع مَعْنَاهُ: وَيحدث يَعْقُوب من بعد إِسْحَاق. وَأما النصب فَمَعْنَاه: بشرناها بِإسْحَاق وبشرناها بِيَعْقُوب. وَأنْشد الشَّاعِر فِي الوراء:
وَهَذَا شعر الْأَعْشَى.
وَأما الضحك الْمَعْرُوف فَاخْتلف القَوْل فِي أَنَّهَا لم ضحِكت؟
فالأكثرون على أَنَّهَا ضحِكت سُرُورًا بِمَا زَالَ من الْخَوْف عَنْهَا وَعَن إِبْرَاهِيم. وَقيل: بِبِشَارَة إِسْحَاق. وعَلى هَذَا القَوْل: الْآيَة على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَامْرَأَته قَائِمَة فبشرناها بِإسْحَاق وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب فَضَحكت.
وَالْقَوْل الثَّالِث: ضحِكت تَعَجبا من غَفلَة قوم لوط، وَقد نزلت الْمَلَائِكَة بعذابهم.
وَقَوله ﴿فبشرناها بِإسْحَاق﴾ ظَاهر الْمَعْنى. وَقَوله ﴿وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب﴾ أَي: من بعد إِسْحَاق يَعْقُوب. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الوراء: ولد الْوَلَد.
وَقَوله ﴿يَعْقُوب﴾ قرئَ بقراءتين: " يَعْقُوب " و " يَعْقُوب " بِالرَّفْع وَالنّصب أما الرّفْع مَعْنَاهُ: وَيحدث يَعْقُوب من بعد إِسْحَاق. وَأما النصب فَمَعْنَاه: بشرناها بِإسْحَاق وبشرناها بِيَعْقُوب. وَأنْشد الشَّاعِر فِي الوراء:
(حَلَفت فَلم أترك لنَفسك رِيبَة | وَلَيْسَ وَرَاء الله للمرء مَذْهَب) |
443
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَت يَا ويلتي أألد وانا عَجُوز وَهَذَا بعلي شَيخا﴾ قَالُوا: أصل قَوْله: ﴿يَا ويلتي﴾ : يَا ويلتي؛ إِلَّا أَن هَا هُنَا أبدل الْألف عَن الْيَاء. وَمعنى قَوْله: ﴿يَا ويلتي﴾ هَاهُنَا: اعجبا؛ وَهَذِه كلمة يَقُولهَا الْإِنْسَان عِنْد رُؤْيَة مَا يتعجب مِنْهُ، وَلَيْسَ على حَقِيقَة الدُّعَاء بِالْوَيْلِ.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿أألد وَأَنا عَجُوز﴾ اخْتلفُوا فِي سنّ إِبْرَاهِيم وَسَارة فِي ذَلِك الْوَقْت.
قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: كَانَ سنّ إِبْرَاهِيم مائَة وَعشْرين سنة، وَسن سارة تسعين سنة. وَقَالَ بَعضهم: كَانَ سنّ إِبْرَاهِيم مائَة سنة، وَسن سارة تِسْعَة وَتِسْعين سنة. وَقيل غير هَذَا، وَالله أعلم.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿أألد وَأَنا عَجُوز﴾ اخْتلفُوا فِي سنّ إِبْرَاهِيم وَسَارة فِي ذَلِك الْوَقْت.
قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: كَانَ سنّ إِبْرَاهِيم مائَة وَعشْرين سنة، وَسن سارة تسعين سنة. وَقَالَ بَعضهم: كَانَ سنّ إِبْرَاهِيم مائَة سنة، وَسن سارة تِسْعَة وَتِسْعين سنة. وَقيل غير هَذَا، وَالله أعلم.
443
﴿لشَيْء عَجِيب (٧٢) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ من أَمر الله رحمت الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت إِنَّه حميد مجيد (٧٣) فَلَمَّا ذهب عَن إِبْرَاهِيم الروع وجاءته الْبُشْرَى يجادلنا فِي قوم﴾
قَوْله تَعَالَى ﴿وَهَذَا بعلي﴾ يَعْنِي: هَذَا زَوجي ﴿شَيخا﴾ نصب على الْقطع، وَقيل: على الْحَال.
وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود: " وَهَذَا بعلي شيخ " على الْخَبَر. قَوْله تَعَالَى ﴿إِن هَذَا لشَيْء عَجِيب﴾ يَعْنِي: إِن هَذَا لشَيْء مستعجب بِخِلَاف الْعَادة.
قَوْله تَعَالَى ﴿وَهَذَا بعلي﴾ يَعْنِي: هَذَا زَوجي ﴿شَيخا﴾ نصب على الْقطع، وَقيل: على الْحَال.
وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود: " وَهَذَا بعلي شيخ " على الْخَبَر. قَوْله تَعَالَى ﴿إِن هَذَا لشَيْء عَجِيب﴾ يَعْنِي: إِن هَذَا لشَيْء مستعجب بِخِلَاف الْعَادة.
444
قَوْله: ﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ من أَمر الله﴾ مَعْنَاهُ: لَا تعجبي من أَمر الله؛ فَإِن الله إِذا أَرَادَ شَيْئا كَانَ.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت﴾ فِيهِ مَعْنيانِ:
أَحدهمَا: أَن هَذَا على معنى الدُّعَاء من الْمَلَائِكَة.
وَالْآخر: أَنه على معنى الْخَبَر، و ﴿رَحْمَة الله﴾ أَي: نعْمَة الله ﴿وَبَرَكَاته﴾ والبركات: جمع الْبركَة، وَالْبركَة: ثُبُوت الْخَيْر. وَقيل: وَبَرَكَاته: سعاداته.
وَقَوله: ﴿عَلَيْكُم أهل الْبَيْت﴾ هَذَا دَلِيل على أَن الْأزْوَاج يجوز أَن يسمين أهل الْبَيْت.
وَزَعَمت الشِّيعَة فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت﴾ أَن الْأزْوَاج لَا يدخلن فِي هَذَا. وَهَذِه الْآيَة دَلِيل على أَنَّهُنَّ يدخلن فِيهَا.
قَوْله: ﴿إِنَّه حميد مجيد﴾ الحميد: هُوَ الْمَحْمُود فِي أَفعاله، والمجيد: هُوَ الْكَرِيم، وأصل الْمجد هُوَ الرّفْعَة والشرف.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت﴾ فِيهِ مَعْنيانِ:
أَحدهمَا: أَن هَذَا على معنى الدُّعَاء من الْمَلَائِكَة.
وَالْآخر: أَنه على معنى الْخَبَر، و ﴿رَحْمَة الله﴾ أَي: نعْمَة الله ﴿وَبَرَكَاته﴾ والبركات: جمع الْبركَة، وَالْبركَة: ثُبُوت الْخَيْر. وَقيل: وَبَرَكَاته: سعاداته.
وَقَوله: ﴿عَلَيْكُم أهل الْبَيْت﴾ هَذَا دَلِيل على أَن الْأزْوَاج يجوز أَن يسمين أهل الْبَيْت.
وَزَعَمت الشِّيعَة فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت﴾ أَن الْأزْوَاج لَا يدخلن فِي هَذَا. وَهَذِه الْآيَة دَلِيل على أَنَّهُنَّ يدخلن فِيهَا.
قَوْله: ﴿إِنَّه حميد مجيد﴾ الحميد: هُوَ الْمَحْمُود فِي أَفعاله، والمجيد: هُوَ الْكَرِيم، وأصل الْمجد هُوَ الرّفْعَة والشرف.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا ذهب عَن إِبْرَاهِيم الروع﴾ قَالَ قَتَادَة: الروع: الْفَزع؛ وَأما الروع بِالرَّفْع هُوَ النَّفس، وَمِنْه قَوْله: " ألْقى روح الْقُدس فِي روعي: (أَن لن) تَمُوت
444
﴿لوط (٧٤) إِن إِبْرَاهِيم لحليم أَواه منيب (٧٥) يَا إِبْرَاهِيم أعرض عَن هَذَا إِنَّه قد جَاءَ﴾ نفس حَتَّى تستكمل رزقها، فَاتَّقُوا الله واجملوا فِي الطّلب ". وَقَوله: ﴿وجاءته الْبُشْرَى﴾ قيل: إِن الْبُشْرَى بِإسْحَاق وَيَعْقُوب. وَقيل: إِنَّهَا بإهلاك قوم لوط. وَقَوله: ﴿يجادلنا﴾ مَعْنَاهُ: جعل إِبْرَاهِيم يجادلنا، والمجادلة هَاهُنَا كَمَا قَالَ فِي سور الذاريات وَالْحجر: ﴿قَالَ فَمَا خطبكم أَيهَا المُرْسَلُونَ﴾ فَإِن قيل: كَيفَ يجوز أَن يُجَادِل إِبْرَاهِيم ربه فِي شَيْء قَضَاهُ وَأمر بِهِ؟
الْجَواب: أَن هَذِه المجادلة كَانَت مَعَ اللائكة لَا مَعَ الرب، وَإِنَّمَا قَالَ: ﴿يجادلنا﴾ على توسع الْكَلَام. وَفِي التَّفْسِير: أَن مجادلته كَانَت أَنه قَالَ للْمَلَائكَة: أَرَأَيْتُم لَو كَانَ فِي مَدَائِن قوم لوط خَمْسُونَ من الْمُؤمنِينَ أتهلكونهم؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: أَفَرَأَيْتُم إِن كَانَ فيهم أَرْبَعُونَ أتهلكونهم؟ قَالُوا: لَا، فَمَا زَالَ ينقص عشرَة عشرَة حَتَّى بلغ خَمْسَة نفر وَكَانَ عِنْد إِبْرَاهِيم أَن امْرَأَة لوط مُؤمنَة. وَكَانَت هِيَ الْخَامِسَة، وَلم يعلم أَنَّهَا كَافِرَة، فَمَا بلغ عدد الْمُؤمنِينَ خَمْسَة ﴿فِي قوم لوط﴾.
الْجَواب: أَن هَذِه المجادلة كَانَت مَعَ اللائكة لَا مَعَ الرب، وَإِنَّمَا قَالَ: ﴿يجادلنا﴾ على توسع الْكَلَام. وَفِي التَّفْسِير: أَن مجادلته كَانَت أَنه قَالَ للْمَلَائكَة: أَرَأَيْتُم لَو كَانَ فِي مَدَائِن قوم لوط خَمْسُونَ من الْمُؤمنِينَ أتهلكونهم؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: أَفَرَأَيْتُم إِن كَانَ فيهم أَرْبَعُونَ أتهلكونهم؟ قَالُوا: لَا، فَمَا زَالَ ينقص عشرَة عشرَة حَتَّى بلغ خَمْسَة نفر وَكَانَ عِنْد إِبْرَاهِيم أَن امْرَأَة لوط مُؤمنَة. وَكَانَت هِيَ الْخَامِسَة، وَلم يعلم أَنَّهَا كَافِرَة، فَمَا بلغ عدد الْمُؤمنِينَ خَمْسَة ﴿فِي قوم لوط﴾.
445
وَقَوله تَعَالَى ﴿إِن إِبْرَاهِيم لحليم أَواه منيب﴾ قد بَينا من قبل. وَرُوِيَ عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ: الْمُنِيب هُوَ الَّذِي يكون قلبه مَعَ الله تَعَالَى. وَحَقِيقَة الْإِنَابَة: هِيَ الرُّجُوع، يُقَال: نَاب وآب وأناب، إِذا رَجَعَ.
قَوْله تَعَالَى ﴿يَا إِبْرَاهِيم أعرض عَن هَذَا﴾ معنى الْآيَة: أَن الْمَلَائِكَة قَالُوا: يَا إِبْرَاهِيم أعرض عَن المجادلة.
قَوْله: ﴿إِنَّه قد جَاءَ أَمر رَبك﴾ أَي: قَضَاء رَبك وَحكم رَبك. وَقَوله: {وَإِنَّهُم
قَوْله: ﴿إِنَّه قد جَاءَ أَمر رَبك﴾ أَي: قَضَاء رَبك وَحكم رَبك. وَقَوله: {وَإِنَّهُم
445
﴿أَمر رَبك وَإِنَّهُم آتيهم عَذَاب غير مَرْدُود (٧٦) وَلما جَاءَت رسلنَا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وَقَالَ هَذَا يَوْم عصيب (٧٧) وجاءه قومه يهرعون إِلَيْهِ وَمن قبل كَانُوا﴾ آتيهم عَذَاب غير مَرْدُود) أَي: غير مَصْرُوف عَنْهُم.
446
قَوْله: ﴿لما جَاءَت رسلنَا لوطا﴾ هَؤُلَاءِ الرُّسُل هم الَّذين كَانُوا عِنْد إِبْرَاهِيم جَاءُوا لوطا على صُورَة غلْمَان مرد، حسن وُجُوههم، نظيف ثِيَابهمْ، طيب [روائحهم].
وَفِي الْقِصَّة: أَنهم لقوا لوطا وَهُوَ يحتطب واستضافوه، فَحمل الْحَطب وَتَبعهُ الْمَلَائِكَة، فَمر مَعَهم على جمَاعَة من قومه فغمزوا فِيمَا بَينهم، فَقَالَ لوط لَهُم: إِن قومِي شَرّ خلق الله، ثمَّ إِنَّه مر مَعَهم على قوم آخَرين مِنْهُم، فغمزوا - أَيْضا - فِيمَا بَينهم، فَقَالَ لوط - ثَانِيًا -: إِن قومِي شَرّ خلق الله تَعَالَى، ثمَّ إِنَّه مر مَعَهم على قوم آخَرين، فتغامزوا فِيمَا بَينهم - أَيْضا - فَقَالَ لوط - ثَالِثا -: إِن قومِي شَرّ خلق الله، وَكَانَ الله تَعَالَى قَالَ لجبريل: لَا تهلكهم حَتَّى يشْهد لوط عَلَيْهِم ثَلَاث مَرَّات، فَكَانَ كلما قَالَ لوط هَذَا القَوْل قَالَ جِبْرِيل للْمَلَائكَة الَّذين مَعَه: اشْهَدُوا.
وَقَوله: ﴿سيء بهم﴾ مَعْنَاهُ: سَاءَهُ مجيئهم. وَقَوله: ﴿وضاق بهم ذرعا﴾ يُقَال: ضَاقَ ذرعاً فلَان بِكَذَا إِذا وَقع فِي مَكْرُوه لَا يُطيق الْخَلَاص عَنهُ.
وَمعنى الْآيَة هَاهُنَا: أَنه ضَاقَ ذرعا فِي حفظهم وَمنع القَوْل مِنْهُم.
قَوْله تَعَالَى ﴿وَقَالَ هَذَا يَوْم عصيب﴾ أَي: شَدِيد. قَالَ الشَّاعِر:
أَي: شَدِيد. وَقَالَ آخر:
وَفِي الْقِصَّة: أَنهم لقوا لوطا وَهُوَ يحتطب واستضافوه، فَحمل الْحَطب وَتَبعهُ الْمَلَائِكَة، فَمر مَعَهم على جمَاعَة من قومه فغمزوا فِيمَا بَينهم، فَقَالَ لوط لَهُم: إِن قومِي شَرّ خلق الله، ثمَّ إِنَّه مر مَعَهم على قوم آخَرين مِنْهُم، فغمزوا - أَيْضا - فِيمَا بَينهم، فَقَالَ لوط - ثَانِيًا -: إِن قومِي شَرّ خلق الله تَعَالَى، ثمَّ إِنَّه مر مَعَهم على قوم آخَرين، فتغامزوا فِيمَا بَينهم - أَيْضا - فَقَالَ لوط - ثَالِثا -: إِن قومِي شَرّ خلق الله، وَكَانَ الله تَعَالَى قَالَ لجبريل: لَا تهلكهم حَتَّى يشْهد لوط عَلَيْهِم ثَلَاث مَرَّات، فَكَانَ كلما قَالَ لوط هَذَا القَوْل قَالَ جِبْرِيل للْمَلَائكَة الَّذين مَعَه: اشْهَدُوا.
وَقَوله: ﴿سيء بهم﴾ مَعْنَاهُ: سَاءَهُ مجيئهم. وَقَوله: ﴿وضاق بهم ذرعا﴾ يُقَال: ضَاقَ ذرعاً فلَان بِكَذَا إِذا وَقع فِي مَكْرُوه لَا يُطيق الْخَلَاص عَنهُ.
وَمعنى الْآيَة هَاهُنَا: أَنه ضَاقَ ذرعا فِي حفظهم وَمنع القَوْل مِنْهُم.
قَوْله تَعَالَى ﴿وَقَالَ هَذَا يَوْم عصيب﴾ أَي: شَدِيد. قَالَ الشَّاعِر:
(فَإنَّك إِن لم ترض بكر بن وَائِل | يكن لَك يَوْم بالعراق عصيب) |
(يَوْم عصيب يعصب الأبطالا | عصب القوى السّلم الطوالا) |
(عِنْد الصَّباح يحمد الْقَوْم السرى | وتنجلي عني غيابات الْكرَى) |
(ونائحة تنوح بِقطع ليل | على ميت بقارعة الصَّعِيد) |
(وَأَنا الْأَخْضَر من يعرفنِي | أَخْضَر الْجلْدَة من بَيت الْعَرَب) |
(من يساجلني يساجل ماجدا | يمْلَأ الدَّلْو إِلَى عقد الكرب) |
وَقَوله: ﴿منضود﴾ مَعْنَاهُ: يتبع بَعْضهَا بَعْضًا.
450
وَقَوله: ﴿مسومة﴾ أَي: معلمة. وَفِي الْقِصَّة: أَنه كَانَ عَلَيْهَا خطوط حمر فِي سَواد.
وَالْقَوْل الثَّانِي: " مسومة " أَي: عَلَيْهَا أَسمَاء الْقَوْم. وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ: أَنه كَانَ عَلَيْهَا شبه الخواتيم.
قَوْله: ﴿عِنْد رَبك﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿وَمَا هِيَ من الظَّالِمين بِبَعِيد﴾ يَعْنِي: من ظالمي أهل مَكَّة بِبَعِيد.
وَقد رُوِيَ فِي بعض الْآثَار: أَن على رَأس كل ظَالِم حجرا مُعَلّقا فِي السَّمَاء ينْتَظر أَمر الله تَعَالَى. وَهَذَا من الغرائب، وَالله أعلم.
وَفِي بعض الْقَصَص: أَنه كَانَ مِنْهُم رجل فِي الْحرم، فَبَقيَ الْحجر مُعَلّقا فِي السَّمَاء أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى خرج الرجل [وأصابه الْحجر]. وَرُوِيَ أَن الْحجر اتبع شرادهم ومسافريهم أَيْن كَانُوا فِي الْبِلَاد حَتَّى هَلَكُوا.
وَأورد بَعضهم أَن الله تَعَالَى أهلك مَدَائِن لوط سوى زعر، فَإِنَّهُ أبقاها للوط وَأَهله.
وَالْقَوْل الثَّانِي: " مسومة " أَي: عَلَيْهَا أَسمَاء الْقَوْم. وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ: أَنه كَانَ عَلَيْهَا شبه الخواتيم.
قَوْله: ﴿عِنْد رَبك﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿وَمَا هِيَ من الظَّالِمين بِبَعِيد﴾ يَعْنِي: من ظالمي أهل مَكَّة بِبَعِيد.
وَقد رُوِيَ فِي بعض الْآثَار: أَن على رَأس كل ظَالِم حجرا مُعَلّقا فِي السَّمَاء ينْتَظر أَمر الله تَعَالَى. وَهَذَا من الغرائب، وَالله أعلم.
وَفِي بعض الْقَصَص: أَنه كَانَ مِنْهُم رجل فِي الْحرم، فَبَقيَ الْحجر مُعَلّقا فِي السَّمَاء أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى خرج الرجل [وأصابه الْحجر]. وَرُوِيَ أَن الْحجر اتبع شرادهم ومسافريهم أَيْن كَانُوا فِي الْبِلَاد حَتَّى هَلَكُوا.
وَأورد بَعضهم أَن الله تَعَالَى أهلك مَدَائِن لوط سوى زعر، فَإِنَّهُ أبقاها للوط وَأَهله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِلَى مَدين أَخَاهُم شعيبا﴾ قد بَينا أَن الْأُخوة هَاهُنَا هِيَ الْأُخوة فِي النّسَب لَا فِي الدّين. وَقَالَ بَعضهم: إِنَّه لم يكن بَين شُعَيْب وَأهل مَدين أخوة فِي النّسَب - أَيْضا - وَكَانَ غَرِيبا فيهم، وَإِنَّمَا أَرَادَ بالأخوة المجانسة فِي البشرية. وَالصَّحِيح هُوَ الأول.
450
﴿اعبدوا الله مَا لكم من إِلَه غَيره وَلَا تنقصوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان إِنِّي أَرَاكُم بِخَير وَإِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم مُحِيط (٨٤) وَيَا قوم أَوْفوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان بِالْقِسْطِ وَلَا تبخسوا النَّاس أشياءهم وَلَا تعثوا فِي الأَرْض مفسدين (٨٥) بقيت الله خير لكم إِن كُنْتُم مُؤمنين وَمَا أَنا عَلَيْكُم بحفيظ (٨٦) قَالُوا يَا شُعَيْب أصلاتك تأمرك أَن نَتْرُك مَا﴾
وَقَوله: ﴿قَالَ يَا قوم اعبدوا الله مَا لكم من إِلَه غَيره﴾ ظَاهر الْمَعْنى. قَول: ﴿وَلَا تنقصوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان﴾ مَعْنَاهُ: وَلَا تبخسوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان. وَكَانُوا مَعَ شركهم يُطَفِّفُونَ فِي الْمِكْيَال وَالْمِيزَان. وَرُوِيَ عَن عبد الله بن عمر أَنه كَانَ إِذا مر بِالسوقِ قَالَ: أَيهَا الباعة، أَوْفوا الْكَيْل وأوفوا الْوَزْن، وَقد سَمِعْتُمْ مَا فعل الله بِقوم شُعَيْب.
وَعَن ابْن عَبَّاس قريب من هَذَا.
وَقَوله: ﴿إِنِّي أَرَاكُم بِخَير﴾ قَالَ مُجَاهِد: أَي: بخصب وسعة.
وَقَوله: ﴿وَإِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم مُحِيط﴾ أَي: مُحِيط بكم فيهلككم.
وَقَوله: ﴿قَالَ يَا قوم اعبدوا الله مَا لكم من إِلَه غَيره﴾ ظَاهر الْمَعْنى. قَول: ﴿وَلَا تنقصوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان﴾ مَعْنَاهُ: وَلَا تبخسوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان. وَكَانُوا مَعَ شركهم يُطَفِّفُونَ فِي الْمِكْيَال وَالْمِيزَان. وَرُوِيَ عَن عبد الله بن عمر أَنه كَانَ إِذا مر بِالسوقِ قَالَ: أَيهَا الباعة، أَوْفوا الْكَيْل وأوفوا الْوَزْن، وَقد سَمِعْتُمْ مَا فعل الله بِقوم شُعَيْب.
وَعَن ابْن عَبَّاس قريب من هَذَا.
وَقَوله: ﴿إِنِّي أَرَاكُم بِخَير﴾ قَالَ مُجَاهِد: أَي: بخصب وسعة.
وَقَوله: ﴿وَإِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم مُحِيط﴾ أَي: مُحِيط بكم فيهلككم.
451
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَا قوم أَوْفوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان بِالْقِسْطِ﴾ أَي: بِالْعَدْلِ.
وَقيل: تَقْوِيم لِسَان الْمِيزَان. وَقَوله: ﴿وَلَا تبخسوا النَّاس أشياءهم﴾ أَي: لَا تنقصوا النَّاس أشياءهم. وَقَوله: ﴿وَلَا تعثوا فِي الأَرْض مفسدين﴾.
وَقيل: تَقْوِيم لِسَان الْمِيزَان. وَقَوله: ﴿وَلَا تبخسوا النَّاس أشياءهم﴾ أَي: لَا تنقصوا النَّاس أشياءهم. وَقَوله: ﴿وَلَا تعثوا فِي الأَرْض مفسدين﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿بَقِيَّة الله خير لكم إِن كُنْتُم مُؤمنين﴾ مَعْنَاهُ: مَا أبقى الله لكم من الْحَلَال خير مِمَّا تأخذون بالبخس فِي الْمِكْيَال وَالْمِيزَان. وَقيل: بَقِيَّة الله: طَاعَة الله. وَقَوله: ﴿إِن كُنْتُم مُؤمنين﴾ أَي: إِن كُنْتُم مُؤمنين أَن مَا عنْدكُمْ من رزق الله تَعَالَى وعطائه.
قَوْله: ﴿وَمَا أَنا عَلَيْكُم بحفيظ﴾ قيل مَعْنَاهُ: لم أُؤمر بقتالكم. وَقيل: مَا أَنا عَلَيْكُم بحفيظ أَي: بوكيل.
قَوْله: ﴿وَمَا أَنا عَلَيْكُم بحفيظ﴾ قيل مَعْنَاهُ: لم أُؤمر بقتالكم. وَقيل: مَا أَنا عَلَيْكُم بحفيظ أَي: بوكيل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْب أصلاتك تأمرك أَن نَتْرُك﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: أدينك يَأْمُرك؟، وَالثَّانِي: أقرآنك يَأْمُرك أَن نَتْرُك {مَا يعبد آبَاؤُنَا أَو أَن
أَحدهمَا: أدينك يَأْمُرك؟، وَالثَّانِي: أقرآنك يَأْمُرك أَن نَتْرُك {مَا يعبد آبَاؤُنَا أَو أَن
451
﴿يعبد آبَاؤُنَا أَو أَن نَفْعل فِي أَمْوَالنَا مَا نشَاء إِنَّك لأَنْت الْحَلِيم الرشيد (٨٧) قَالَ يَا قوم أَرَأَيْتُم إِن كنت على بَيِّنَة من رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رزقا حسنا وَمَا أُرِيد أَن أخالفكم إِلَى مَا أنهاكم عَنهُ إِن أُرِيد إِلَّا الْإِصْلَاح مَا اسْتَطَعْت وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب (٨٨) وَيَا قوم لَا يجرمنكم شقاقي أَن يُصِيبكُم مثل مَا أصَاب قوم نوح أَو قوم﴾ نَفْعل فِي أَمْوَالنَا مَا نشَاء) يَعْنِي: من النُّقْصَان وَالزِّيَادَة: وَقيل: من قرض الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير، وَكَانَ قد نَهَاهُم عَن ذَلِك، وَزعم أَنه محرم عَلَيْهِم.
وَقَوله: ﴿إِنَّك لأَنْت الْحَلِيم الرشيد﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: إِنَّك لأَنْت الْحَلِيم الرشيد فِي زعمك؛ قَالُوا ذَلِك استهزاء.
وَالثَّانِي مَعْنَاهُ: إِنَّك لأَنْت السَّفِيه الأحمق.
وَقَوله: ﴿إِنَّك لأَنْت الْحَلِيم الرشيد﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: إِنَّك لأَنْت الْحَلِيم الرشيد فِي زعمك؛ قَالُوا ذَلِك استهزاء.
وَالثَّانِي مَعْنَاهُ: إِنَّك لأَنْت السَّفِيه الأحمق.
452
وَقَوله تَعَالَى: ﴿قَالَ يَا قوم أَرَأَيْتُم إِن كنت على بَيِّنَة من رَبِّي﴾ مَعْنَاهُ: على بَيَان من رَبِّي.
وَقَوله: ﴿وَرَزَقَنِي مِنْهُ رزقا حسنا﴾ مَعْنَاهُ: رزقا حَلَالا. وَفِي الْقِصَّة: أَن شعيبا كَانَ كثير المَال. وَقيل: الرزق الْحسن هَاهُنَا: هُوَ النُّبُوَّة.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَمَا أُرِيد أَن أخالفكم إِلَى مَا أنهاكم عَنهُ﴾ مَعْنَاهُ: مَا أُرِيد أَن آمركُم بِشَيْء وأعمل خِلَافه.
وَقَوله: ﴿إِن أُرِيد إِلَّا الْإِصْلَاح مَا اسْتَطَعْت﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه﴾ دَلِيل على أَن الطَّاعَة لَا يُؤْتى بهَا إِلَّا بِتَوْفِيق الله، والتوفيق من الله: هُوَ التسهيل والتيسير والمعونة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿عَلَيْهِ توكلت﴾ أَي: عَلَيْهِ اعتمدت.
وَقَوله: ﴿وَإِلَيْهِ أنيب﴾ مَعْنَاهُ: إِلَيْهِ أرجع.
وَقَوله: ﴿وَرَزَقَنِي مِنْهُ رزقا حسنا﴾ مَعْنَاهُ: رزقا حَلَالا. وَفِي الْقِصَّة: أَن شعيبا كَانَ كثير المَال. وَقيل: الرزق الْحسن هَاهُنَا: هُوَ النُّبُوَّة.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَمَا أُرِيد أَن أخالفكم إِلَى مَا أنهاكم عَنهُ﴾ مَعْنَاهُ: مَا أُرِيد أَن آمركُم بِشَيْء وأعمل خِلَافه.
وَقَوله: ﴿إِن أُرِيد إِلَّا الْإِصْلَاح مَا اسْتَطَعْت﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه﴾ دَلِيل على أَن الطَّاعَة لَا يُؤْتى بهَا إِلَّا بِتَوْفِيق الله، والتوفيق من الله: هُوَ التسهيل والتيسير والمعونة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿عَلَيْهِ توكلت﴾ أَي: عَلَيْهِ اعتمدت.
وَقَوله: ﴿وَإِلَيْهِ أنيب﴾ مَعْنَاهُ: إِلَيْهِ أرجع.
قَوْله: ﴿وَيَا قوم لَا يجرمنكم شقاقي﴾ مَعْنَاهُ: لَا يكسبنكم وَلَا يحملنكم شقاقي أَي: خلافي على فعل ﴿أَن يُصِيبكُم﴾ فيصيبكم ﴿مثل مَا أصَاب قوم نوح﴾ من
452
﴿هود أَو قوم صَالح وَمَا قوم لوط مِنْكُم بِبَعِيد (٨٩) وَاسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِن رَبِّي رَحِيم ودود (٩٠) قَالُوا يَا شُعَيْب مَا نفقه كثيرا مِمَّا تَقول وَإِنَّا لنراك فِينَا ضَعِيفا﴾ الْغَرق ﴿أَو قوم هود﴾ من الرّيح ﴿أَو قوم صَالح﴾ من الصَّيْحَة الصعقة. وَقَوله ﴿وَمَا قوم لوط مِنْكُم بِبَعِيد﴾ قيل: إِنَّهُم كَانُوا جيران قوم لوط فِي الديار، وَكَانَت مدائنهم قَرِيبا بَعْضهَا من بعض.
453
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَاسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ قد بَينا الْمَعْنى. وَقَوله: ﴿إِن رَبِّي رَحِيم ودود﴾ فِي الْوَدُود مَعْنيانِ:
أَحدهمَا: أَن الْوَدُود هُوَ الْمُحب لِعِبَادِهِ.
وَالثَّانِي: أَو الْوَدُود بِمَعْنى المودود أَي: يُحِبهُ الْعباد لفضله وإحسانه.
وَفِي الْخَبَر الْمَعْرُوف أَن النَّبِي قَالَ: " أَحبُّوا الله بِمَا يغذوكم بِهِ مِنْهُ نعمه، وأحبوني بحب الله، وأحبوا أهل بَيْتِي لحبي ".
وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي قَالَ: " كَانَ شُعَيْب خطيب الْأَنْبِيَاء ".
أَحدهمَا: أَن الْوَدُود هُوَ الْمُحب لِعِبَادِهِ.
وَالثَّانِي: أَو الْوَدُود بِمَعْنى المودود أَي: يُحِبهُ الْعباد لفضله وإحسانه.
وَفِي الْخَبَر الْمَعْرُوف أَن النَّبِي قَالَ: " أَحبُّوا الله بِمَا يغذوكم بِهِ مِنْهُ نعمه، وأحبوني بحب الله، وأحبوا أهل بَيْتِي لحبي ".
وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي قَالَ: " كَانَ شُعَيْب خطيب الْأَنْبِيَاء ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْب مَا نفقه كثيرا مِمَّا تَقول﴾ مَعْنَاهُ: مَا نفهم كثيرا مِمَّا تَقول. وَقَوله: ﴿وَإِنَّا لنراك فِينَا ضَعِيفا﴾ فِي الضَّعِيف أَقْوَال، أَكثر الْمُفَسّرين أَن الضَّعِيف هَاهُنَا: هُوَ ضَرِير بالبصر. وَيُقَال: إِنَّه لُغَة حمير.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الضَّعِيف هُوَ الضَّعِيف فِي الْبدن.
وَالثَّالِث: أَنه قَلِيل الأتباع.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الضَّعِيف هُوَ الضَّعِيف فِي الْبدن.
وَالثَّالِث: أَنه قَلِيل الأتباع.
453
﴿وَلَوْلَا رهطك لرجمناك وَمَا أَنْت علينا بعزيز (٩١) قَالَ يَا قوم أرهطي أعز عَلَيْكُم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إِن رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيط (٩٢) وَيَا قوم اعْمَلُوا على﴾
وَقَوله: ﴿وَلَوْلَا رهطك لرجمناك﴾ أَي: وَلَوْلَا عشيرتك لرجمناك، وَالرَّجم أقبح القتلات. وَقَوله: ﴿وَمَا أَنْت علينا بعزيز﴾ يَعْنِي: مَا أَنْت عندنَا بعزيز، وَإِنَّمَا نَتْرُكك لمَكَان رهطك.
وَقَوله: ﴿وَلَوْلَا رهطك لرجمناك﴾ أَي: وَلَوْلَا عشيرتك لرجمناك، وَالرَّجم أقبح القتلات. وَقَوله: ﴿وَمَا أَنْت علينا بعزيز﴾ يَعْنِي: مَا أَنْت عندنَا بعزيز، وَإِنَّمَا نَتْرُكك لمَكَان رهطك.
454
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ يَا قوم أرهطي أعز عَلَيْكُم من الله﴾ مَعْنَاهُ: أمكان رهطي عنْدكُمْ أهيب وَأَمْنَع من الله تَعَالَى؟ وَحَقِيقَة الْمَعْنى: أَنكُمْ تركْتُم قَتْلِي بمَكَان رهطي فَأولى أَن تحفظوني فِي الله تَعَالَى.
وَقَوله: ﴿واتخذتموه وراءكم ظهريا﴾ مَعْنَاهُ: وألقيتم أَمر الله تَعَالَى وَرَاء ظهوركم. يُقَال: فلَان جعل كَذَا مِنْهُ ظهريا أَي: أَلْقَاهُ وَرَاء ظَهره.
وَقَوله: ﴿إِن رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيط﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَذكر الْأَزْهَرِي فِي تَقْدِير الْآيَة وَمَعْنَاهَا قَالَ: إِنَّكُم تَزْعُمُونَ أَنكُمْ تتركون قَتْلِي لكرامة رهطي، فَأولى أَن تكرموا أَمر الله وتتبعوه؛ وَحَقِيقَة الْمَعْنى: هُوَ الْإِنْكَار على من اتَّقى النَّاس وَلم يتق الله. قَالَ: وَقَوله: ﴿واتخذتموه وراءكم ظهريا﴾ تَقول الْعَرَب: فلَان جعل كَذَا بِظهْر إِذا تَركه وَلم يلْتَفت إِلَيْهِ. قَالَ الشَّاعِر:
وَقَوله: ﴿واتخذتموه وراءكم ظهريا﴾ مَعْنَاهُ: وألقيتم أَمر الله تَعَالَى وَرَاء ظهوركم. يُقَال: فلَان جعل كَذَا مِنْهُ ظهريا أَي: أَلْقَاهُ وَرَاء ظَهره.
وَقَوله: ﴿إِن رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيط﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَذكر الْأَزْهَرِي فِي تَقْدِير الْآيَة وَمَعْنَاهَا قَالَ: إِنَّكُم تَزْعُمُونَ أَنكُمْ تتركون قَتْلِي لكرامة رهطي، فَأولى أَن تكرموا أَمر الله وتتبعوه؛ وَحَقِيقَة الْمَعْنى: هُوَ الْإِنْكَار على من اتَّقى النَّاس وَلم يتق الله. قَالَ: وَقَوله: ﴿واتخذتموه وراءكم ظهريا﴾ تَقول الْعَرَب: فلَان جعل كَذَا بِظهْر إِذا تَركه وَلم يلْتَفت إِلَيْهِ. قَالَ الشَّاعِر:
(تَمِيم بن قيس لَا تكونن حَاجَتي | بِظهْر فَلَا يعيا على جوابها) |
(فدع عَنْك نهبا صِيحَ فِي حجراته | وَلَكِن حَدِيثا مَا حَدِيث الرَّوَاحِل) |
وَيُقَال: إِن الصَّيْحَة هَاهُنَا صَيْحَة جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - صَاح بهم صَيْحَة وَاحِدَة فماتوا عَن آخِرهم، فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿فَأَصْبحُوا فِي دِيَارهمْ جاثمين﴾ أَي: ميتين خامدين، لَا يتحركون.
قَوْله: ﴿كَأَن لم يغنوا فِيهَا﴾ مَعْنَاهُ: كَأَن لم يَكُونُوا يُقِيمُونَ فِيهَا منعمين مسرورين.
وَقَوله: ﴿أَلا بعدا لمدين كَمَا بَعدت ثَمُود﴾ مَعْنَاهُ: أَلا خيبة وهلاكا لمدين كَمَا خابت وَهَلَكت ثَمُود.
وَقَوله: ﴿أَلا بعدا لمدين كَمَا بَعدت ثَمُود﴾ مَعْنَاهُ: أَلا خيبة وهلاكا لمدين كَمَا خابت وَهَلَكت ثَمُود.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد أرسلنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وسلطان مُبين﴾ مَعْنَاهُ: بِآيَاتِنَا التسع، وسلطان مُبين أَي: حجَّة بَيِّنَة، وكل سُلْطَان ذكر فِي الْقُرْآن فَهُوَ بِمَعْنى الْحجَّة. وَقيل:
455
﴿فِرْعَوْن وملئه فاتبعوا أَمر فِرْعَوْن وَمَا أَمر فِرْعَوْن برشيد (٩٧) يقدم قومه يَوْم الْقِيَامَة فأوردهم النَّار وَبئسَ الْورْد المورود (٩٨) وأتبعوا فِي هَذِه لعنة وَيَوْم الْقِيَامَة بئس الرفد المرفود (٩٩) ذَلِك من أنباء الْقرى نَقصه عَلَيْك مِنْهَا قَائِم وحصيد (١٠٠) وَمَا﴾
السُّلْطَان مَأْخُوذ من السليط، وَهُوَ الزَّيْت الَّذِي يستضاء بِهِ.
السُّلْطَان مَأْخُوذ من السليط، وَهُوَ الزَّيْت الَّذِي يستضاء بِهِ.
456
قَوْله: ﴿إِلَى فِرْعَوْن وملئه﴾ وملأه مَعْلُوم. قَوْله: ﴿فاتبعوا أَمر فِرْعَوْن وَمَا أَمر فِرْعَوْن برشيد﴾ مَعْنَاهُ: اتبعُوا أَمر فِرْعَوْن فِي اتِّخَاذه إِلَهًا وَترك الْإِيمَان بمُوسَى ﴿وَمَا أَمر فِرْعَوْن برشيد﴾ أَي: بمرشد إِلَى خير وَصَلَاح.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يقدم قومه يَوْم الْقِيَامَة﴾ مَعْنَاهُ: يتَقَدَّم قومه يَوْم الْقِيَامَة ﴿فأوردهم النَّار﴾ فأدخلهم النَّار. ﴿وَبئسَ الْورْد المورود﴾ مَعْنَاهُ: بئس الدَّاخِل وَبئسَ الْمدْخل.
وَفِي بعض المسانيد: عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي قَالَ: " إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمع الله الْخَلَائق فِي صَعِيد وَاحِد، ثمَّ يرفع لكل قوم آلِهَتهم الَّتِي كَانُوا يعبدونها من دون الله، فيوردونهم النَّار، وَيبقى الْمُؤْمِنُونَ، فَيَقُول الله عز وَعلا لَهُم: مَاذَا تنتظرون؟ فَيَقُولُونَ: نَنْتَظِر رَبًّا كُنَّا نعبده بِالْغَيْبِ، فَيَقُول لَهُم: هَل تعرفونه؟ فَيَقُولُونَ: إِن شَاءَ عرفنَا نَفسه. قَالَ: فيتجلى لَهُم، فَيَخِرُّونَ لَهُ سجدا، فَيَقُول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: يَا أهل التَّوْحِيد، ارْفَعُوا رءوسكم؛ فقد أوجبت لكم الْجنَّة، وَجعلت مَكَان كل وَاحِد مِنْكُم يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا ".
وَفِي بعض المسانيد: عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي قَالَ: " إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمع الله الْخَلَائق فِي صَعِيد وَاحِد، ثمَّ يرفع لكل قوم آلِهَتهم الَّتِي كَانُوا يعبدونها من دون الله، فيوردونهم النَّار، وَيبقى الْمُؤْمِنُونَ، فَيَقُول الله عز وَعلا لَهُم: مَاذَا تنتظرون؟ فَيَقُولُونَ: نَنْتَظِر رَبًّا كُنَّا نعبده بِالْغَيْبِ، فَيَقُول لَهُم: هَل تعرفونه؟ فَيَقُولُونَ: إِن شَاءَ عرفنَا نَفسه. قَالَ: فيتجلى لَهُم، فَيَخِرُّونَ لَهُ سجدا، فَيَقُول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: يَا أهل التَّوْحِيد، ارْفَعُوا رءوسكم؛ فقد أوجبت لكم الْجنَّة، وَجعلت مَكَان كل وَاحِد مِنْكُم يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا ".
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وأتبعوا فِي هَذِه لعنة﴾ مَعْنَاهُ: فِي الدُّنْيَا لعنة بِعَذَاب التَّفْرِيق ﴿وَيَوْم الْقِيَامَة﴾ لعنة بِعَذَاب النَّار. وَقَوله: ﴿بئس الرفد المرفود﴾ يَعْنِي: بئست اللَّعْنَة بعد اللَّعْنَة. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَي: بئس العون (المعان)، وَمَعْنَاهُ هَاهُنَا: أَن اللَّعْنَة جعلت لَهُم فِي مَوضِع المعونة. وَقيل: بئس الْعَطاء الْمُعْطِي.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ذَلِك من أنباء الْقرى نَقصه عَلَيْك﴾ مَعْنَاهُ: من أَخْبَار الْقرى نَقصه
456
﴿ظلمناهم وَلَكِن ظلمُوا أنفسهم فَمَا أغنت عَنْهُم آلِهَتهم الَّتِي يدعونَ من دون الله من شَيْء لما جَاءَ أَمر رَبك وَمَا زادوهم غير تتبيب (١٠١) وَكَذَلِكَ أَخذ رَبك إِذا أَخذ الْقرى وَهِي ظالمة إِن أَخذه أَلِيم شَدِيد (١٠٢) إِن فِي ذَلِك لآيَة لمن خَافَ عَذَاب الْآخِرَة ذَلِك يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس وَذَلِكَ يَوْم مشهود (١٠٣) وَمَا نؤخره إِلَّا لأجل مَعْدُود (١٠٤) يَوْم﴾ عَلَيْك ﴿مِنْهَا قَائِم وحصيد﴾ أَي: مِنْهَا معمور وخراب. وَقيل مَعْنَاهُ: مِنْهَا قَائِم أَي: بقيت الْحِيطَان، وَسَقَطت السقوف. وَمِنْهَا حصيد: أَي: انمحى أَثَره.
457
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا ظلمناهم وَلَكِن ظلمُوا أنفسهم﴾ قد بَيناهُ من قبل. وَقَوله: ﴿فَمَا أغنت عَنْهُم آلِهَتهم الَّتِي يدعونَ من دون الله من شَيْء لما جَاءَ أَمر بك﴾ يَعْنِي: بِالْعَذَابِ. وَقَوله: ﴿وَمَا زادوهم غير تتبيب﴾ أَي: غي تخسير. وَقيل: غير تدمير.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ أَخذ رَبك إِذْ أَخذ الْقرى وَهِي ظالمة﴾ وَجه التَّشْبِيه أَن أَخذه هَؤُلَاءِ فِي حَال الظُّلم والشرك كأخذه أهل الْقرى حِين كَانُوا فِي مثل حَالهم من الظُّلم والشرك. وَقَوله: ﴿إِن أَخذه أَلِيم شَدِيد﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " إِن الله بمهل الظَّالِم - أَو يملي الظَّالِم - حَتَّى إِذا أَخذه لم يفلته " ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ أَخذ رَبك إِذا أَخذ الْقرى وَهِي ظالمة﴾ وَالْخَبَر فِي " الصَّحِيحَيْنِ " بِرِوَايَة أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " إِن الله بمهل الظَّالِم - أَو يملي الظَّالِم - حَتَّى إِذا أَخذه لم يفلته " ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ أَخذ رَبك إِذا أَخذ الْقرى وَهِي ظالمة﴾ وَالْخَبَر فِي " الصَّحِيحَيْنِ " بِرِوَايَة أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَة﴾ مَعْنَاهُ: لعبرة ﴿لمن خَافَ عَذَاب الْآخِرَة﴾ ظَاهر الْمَعْنى ﴿ذَلِك يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس﴾ يَعْنِي: يَوْم الْقِيَامَة يجمع الله فِيهِ الْأَوَّلين والآخرين ﴿وَذَلِكَ يَوْم مشهود﴾ يَعْنِي: يشهده جَمِيع الْخلق. وَقيل: أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا نؤخره إِلَّا لأجل مَعْدُود﴾ يَعْنِي: إِلَّا لوقت مَعْلُوم عِنْد الله لَا
457
﴿يَأْتِ لَا تكلم نفس إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمنهمْ شقي وَسَعِيد (١٠٥) ﴾ عِنْد النَّاس.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ: مُدَّة الدُّنْيَا سَبْعَة آلَاف سنة، لَا يدْرِي أحدكُم مَا مضى مِنْهَا وَكم بَقِي.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ: مُدَّة الدُّنْيَا سَبْعَة آلَاف سنة، لَا يدْرِي أحدكُم مَا مضى مِنْهَا وَكم بَقِي.
458
وَقَوله: ﴿يَوْم يَأْتِ﴾ وَقُرِئَ: " يَوْم يَأْتِي " بِالْيَاءِ. وَحكى الْخَلِيل وسيبويه أَن الْعَرَب تَقول: لَا أدر، أَي: لَا أَدْرِي. وَذكر الْفراء أَن الْعَرَب تجتزيء بالكسرة عَن الْيَاء بعْدهَا. وَقَوله: ﴿لَا تكلم نفس إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ فِي الْآيَة سُؤال مَعْرُوف وَهُوَ: أَن الله تَعَالَى قد قَالَ فِي (مَوضِع) آخر: ﴿وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون﴾ وَقَالَ هَاهُنَا: ﴿لَا تكلم نفس إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ فَكيف وَجه التَّوْفِيق بَينهمَا؟
الْجَواب: قد ذكرنَا أَن فِي الْقِيَامَة مَوَاقِف؛ فَفِي موقف يَتَكَلَّمُونَ ويتساءلون، وَفِي مَوضِع يسكتون وَلَا يَتَكَلَّمُونَ، وَفِي موقف يخْتم على أَفْوَاههم وتتكلم جوارحهم، وَقيل غير هَذَا، وَقد بَينا.
وَقَوله: ﴿فَمنهمْ شقي وَسَعِيد﴾ الشقاوة: قُوَّة أَسبَاب الْبلَاء، والسعادة: قُوَّة أَسبَاب النِّعْمَة. وَمعنى الْآيَة هَاهُنَا عِنْد أهل السّنة: فَمنهمْ شقي سبقت لَهُ الشقاوة، وَمِنْهُم سعيد سبقت لَهُ السَّعَادَة.
وَفِي الْأَخْبَار المسندة: أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف لما حَضرته الْوَفَاة أُغمي عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاق قَالَ: أَتَانِي ملكان فظان غليظان وجراني وَقَالا: تعال نحاكمك إِلَى الْعَزِيز الْأمين، قَالَ: فلقيهما ملك وَقَالَ: أَيْن تريدان بِهِ؟ قَالَا: نحاكمه إِلَى الْعَزِيز الْأمين، فَقَالَ لَهما: خليا عَنهُ، فَإِنَّهُ مِمَّن سبقت لَهُ السَّعَادَة فِي الذّكر الأول.
الْجَواب: قد ذكرنَا أَن فِي الْقِيَامَة مَوَاقِف؛ فَفِي موقف يَتَكَلَّمُونَ ويتساءلون، وَفِي مَوضِع يسكتون وَلَا يَتَكَلَّمُونَ، وَفِي موقف يخْتم على أَفْوَاههم وتتكلم جوارحهم، وَقيل غير هَذَا، وَقد بَينا.
وَقَوله: ﴿فَمنهمْ شقي وَسَعِيد﴾ الشقاوة: قُوَّة أَسبَاب الْبلَاء، والسعادة: قُوَّة أَسبَاب النِّعْمَة. وَمعنى الْآيَة هَاهُنَا عِنْد أهل السّنة: فَمنهمْ شقي سبقت لَهُ الشقاوة، وَمِنْهُم سعيد سبقت لَهُ السَّعَادَة.
وَفِي الْأَخْبَار المسندة: أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف لما حَضرته الْوَفَاة أُغمي عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاق قَالَ: أَتَانِي ملكان فظان غليظان وجراني وَقَالا: تعال نحاكمك إِلَى الْعَزِيز الْأمين، قَالَ: فلقيهما ملك وَقَالَ: أَيْن تريدان بِهِ؟ قَالَا: نحاكمه إِلَى الْعَزِيز الْأمين، فَقَالَ لَهما: خليا عَنهُ، فَإِنَّهُ مِمَّن سبقت لَهُ السَّعَادَة فِي الذّكر الأول.
458
﴿فَأَما الَّذين شَقوا فَفِي النَّار لَهُم فِيهَا زفير وشهيق (١٠٦) ﴾
وَقد صَحَّ عَن النَّبِي أَنه قَالَ فِي خبر ملك الْأَرْحَام: " إِنَّه إِذا كتب أَجله وَعَمله ورزقه يَقُول: يَا رب، أشقي أم سعيد؟ فَيَقُول الله تَعَالَى، وَيكْتب الْملك ". خرجه مُسلم.
وروى ابْن عمر عَن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - " أَنه لما نزل قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمنهمْ شقي وَسَعِيد﴾ قَالَ عمر: يَا رَسُول الله: فيمَ الْعَمَل؟ أنعمل فِي أَمر قد فرغ مِنْهُ وَجَرت بِهِ الأقلام، أَو فِي أَمر لم يفرغ مِنْهُ؟ فَقَالَ: بل فِي أَمر قد فرغ مِنْهُ وَجَرت بِهِ الأقلام يَا عمر، وَلَكِن كل ميسر لما خلق لَهُ ". أوردهُ أَبُو عِيسَى فِي جَامعه.
وَقَالَ بَعضهم: إِن السَّعَادَة والشقاوة هَاهُنَا فِي الرزق والحرمان. وَقَالَ بَعضهم: الشقاوة: بِالْعَمَلِ السيء، والسعادة: بِالْعَمَلِ الْحسن. والمأثور الصَّحِيح هُوَ الأول.
وَقد صَحَّ عَن النَّبِي أَنه قَالَ فِي خبر ملك الْأَرْحَام: " إِنَّه إِذا كتب أَجله وَعَمله ورزقه يَقُول: يَا رب، أشقي أم سعيد؟ فَيَقُول الله تَعَالَى، وَيكْتب الْملك ". خرجه مُسلم.
وروى ابْن عمر عَن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - " أَنه لما نزل قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمنهمْ شقي وَسَعِيد﴾ قَالَ عمر: يَا رَسُول الله: فيمَ الْعَمَل؟ أنعمل فِي أَمر قد فرغ مِنْهُ وَجَرت بِهِ الأقلام، أَو فِي أَمر لم يفرغ مِنْهُ؟ فَقَالَ: بل فِي أَمر قد فرغ مِنْهُ وَجَرت بِهِ الأقلام يَا عمر، وَلَكِن كل ميسر لما خلق لَهُ ". أوردهُ أَبُو عِيسَى فِي جَامعه.
وَقَالَ بَعضهم: إِن السَّعَادَة والشقاوة هَاهُنَا فِي الرزق والحرمان. وَقَالَ بَعضهم: الشقاوة: بِالْعَمَلِ السيء، والسعادة: بِالْعَمَلِ الْحسن. والمأثور الصَّحِيح هُوَ الأول.
459
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأَما الَّذين شَقوا فَفِي النَّار لَهُم فِيهَا زفير وشهيق﴾ هَذِه الْآيَة تعد من مشكلات الْقُرْآن، وَقد أَكثر الْعلمَاء فِيهَا الْأَقْوَال، وَنَذْكُر مَا يعْتَمد عَلَيْهِ:
أما الزَّفِير: قيل: إِنَّه صَوت فِي الْحلق، والشهيق: صَوت فِي الْجوف. وَيُقَال: إِن الزَّفِير: أول نهاق الْحمير، والشهيق: آخر نهاق الْحمير.
أما الزَّفِير: قيل: إِنَّه صَوت فِي الْحلق، والشهيق: صَوت فِي الْجوف. وَيُقَال: إِن الزَّفِير: أول نهاق الْحمير، والشهيق: آخر نهاق الْحمير.
وَقَوله: ﴿خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ أما بِالْمَعْنَى الْمَأْثُور: روى الضَّحَّاك، عَن ابْن عَبَّاس: أَن الْآيَة نزلت فِي قوم من الْمُؤمنِينَ يدخلهم الله تَعَالَى النَّار، ثمَّ يخرجهم مِنْهَا إِلَى الْجنَّة، ويسمون الجهنميين. وَقد ثَبت بِرِوَايَة جَابر أَن النَّبِي
459
﴿خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبك إِن رَبك فعال لما يُرِيد (١٠٧) وَأما الَّذين سعدوا فَفِي الْجنَّة خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا﴾ قَالَ: " يخرج الله قوما من النَّار قد صَارُوا (حمما) فيدخلهم الْجنَّة ".
وَفِي الْبَاب أَخْبَار كَثِيرَة.
فعلى هَذَا القَوْل معنى الْآيَة: فَأَما الَّذين شَقوا: هَؤُلَاءِ الَّذين أدخلهم النَّار ﴿لَهُم فِيهَا زفير وشهيق﴾ ظَاهر الْمَعْنى ﴿خَالِدين فِيهَا﴾ مقيمين فِيهَا ﴿مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ عبر بِهَذَا عَن طول الْمكْث.
وَقَوله: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبك إِن رَبك فعال لما يُرِيد﴾ الِاسْتِثْنَاء وَقع على مَا بعد الْإِخْرَاج من النَّار بشفاعة الْأَنْبِيَاء وَالْمُؤمنِينَ.
وَفِي الْبَاب أَخْبَار كَثِيرَة.
فعلى هَذَا القَوْل معنى الْآيَة: فَأَما الَّذين شَقوا: هَؤُلَاءِ الَّذين أدخلهم النَّار ﴿لَهُم فِيهَا زفير وشهيق﴾ ظَاهر الْمَعْنى ﴿خَالِدين فِيهَا﴾ مقيمين فِيهَا ﴿مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ عبر بِهَذَا عَن طول الْمكْث.
وَقَوله: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبك إِن رَبك فعال لما يُرِيد﴾ الِاسْتِثْنَاء وَقع على مَا بعد الْإِخْرَاج من النَّار بشفاعة الْأَنْبِيَاء وَالْمُؤمنِينَ.
460
وَأما قَوْله: ﴿وَأما الَّذين سعدوا فَفِي الْجنَّة﴾ أَرَادَ بِهِ الْمُؤمنِينَ الَّذين أدخلهم الْجنَّة من غير أَن يدخلُوا فِي النَّار. وَقَوله: ﴿خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ أَي: مقيمين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض، كنى بِهَذَا عَن طول الْمكْث، وَالْعرب تَقول مثل هَذَا وتريد بِهِ الْأَبَد، فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: لَا آتِيك مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض يَعْنِي: لَا آتِيك أبدا، وَلَا آتِيك مَا كَانَ لله فِي الْبَحْر قَطْرَة يَعْنِي: لَا آتِيك أبدا. فَخرج هَذَا الْكَلَام على مخرج كَلَام الْعَرَب. وَقَوله: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبك﴾ الِاسْتِثْنَاء وَقع على الْمدَّة الَّتِي كَانُوا فِي النَّار قبل إدخالهم الْجنَّة.
وَفِي الْآيَة قَولَانِ آخرَانِ معروفان سوى هَذَا عِنْد أهل الْمعَانِي:
أَحدهمَا: أَن معنى قَوْله: ﴿خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ هُوَ على ظَاهره، أَي: مُدَّة بَقَاء السَّمَوَات وَالْأَرْض. وَقَوله: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبك﴾ مَعْنَاهُ: سوى مَا شَاءَ رَبك من الزِّيَادَة على مُدَّة بقائهما. وَحكى الْفراء عَن الْعَرَب أَنهم يَقُولُونَ: لَك عَليّ ألف إِلَّا الْأَلفَيْنِ يَعْنِي: سوى الْأَلفَيْنِ الَّذين تقدما.
وَفِي الْآيَة قَولَانِ آخرَانِ معروفان سوى هَذَا عِنْد أهل الْمعَانِي:
أَحدهمَا: أَن معنى قَوْله: ﴿خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ هُوَ على ظَاهره، أَي: مُدَّة بَقَاء السَّمَوَات وَالْأَرْض. وَقَوله: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبك﴾ مَعْنَاهُ: سوى مَا شَاءَ رَبك من الزِّيَادَة على مُدَّة بقائهما. وَحكى الْفراء عَن الْعَرَب أَنهم يَقُولُونَ: لَك عَليّ ألف إِلَّا الْأَلفَيْنِ يَعْنِي: سوى الْأَلفَيْنِ الَّذين تقدما.
460
﴿مَا شَاءَ رَبك عَطاء غير مجذوذ (١٠٨) فَلَا تَكُ فِي مرية مِمَّا يعبد هَؤُلَاءِ مَا يعْبدُونَ إِلَّا كَمَا يعبد آباؤهم من قبل وَإِنَّا لموفوهم نصِيبهم غير مَنْقُوص (١٠٩) وَلَقَد آتَيْنَا﴾
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن معنى قَوْله: ﴿خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ أَي: مَا دَامَ سموات الْجنَّة وأرضها. وَقَوله: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبك﴾ الِاسْتِثْنَاء وَاقِف على زمَان الْوُقُوف فِي الْقِيَامَة وَمُدَّة الْمكْث فِي الْقَبْر.
وَقيل فِي الِاسْتِثْنَاء قَول ثَالِث وَهُوَ: أَنه قَالَ: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبك﴾ مَعْنَاهُ: وَلَو شَاءَ لقطع التخليد عَلَيْهِم، وَلَكِن لَا يَشَاء، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا [يكون] لنا ان نعود فِيهَا إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين، وَلَكِن لَا يَشَاء الله. وَقَوله: {إِن رَبك فعال لما يرد﴾ يَعْنِي: لَا يمْتَنع عَلَيْهِ شَيْء، وَقَالَ فِي الْآيَة الثَّانِيَة: ﴿عَطاء غير مجذوذ﴾ غير مَقْطُوع.
وَفِي بعض التفاسير عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: يَأْتِي على جَهَنَّم زمَان لَا يبْقى فِيهَا أحد. وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَرِيبا من هَذَا.
وَمعنى هَذَا عِنْد أهل السّنة - إِن ثَبت - أَن المُرَاد مِنْهُ الْموضع الَّذِي فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ من النَّار، ثمَّ يخرجُون عَنهُ فَلَا يبْقى فِيهَا أحد، وَأما مَوَاضِع الْكفَّار فَهِيَ ممتلئة بهم أَبَد الْأَبَد على مَا نطق بِهِ الْكتاب وَالسّنة، نَعُوذ بِاللَّه من النَّار.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن معنى قَوْله: ﴿خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ أَي: مَا دَامَ سموات الْجنَّة وأرضها. وَقَوله: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبك﴾ الِاسْتِثْنَاء وَاقِف على زمَان الْوُقُوف فِي الْقِيَامَة وَمُدَّة الْمكْث فِي الْقَبْر.
وَقيل فِي الِاسْتِثْنَاء قَول ثَالِث وَهُوَ: أَنه قَالَ: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبك﴾ مَعْنَاهُ: وَلَو شَاءَ لقطع التخليد عَلَيْهِم، وَلَكِن لَا يَشَاء، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا [يكون] لنا ان نعود فِيهَا إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين، وَلَكِن لَا يَشَاء الله. وَقَوله: {إِن رَبك فعال لما يرد﴾ يَعْنِي: لَا يمْتَنع عَلَيْهِ شَيْء، وَقَالَ فِي الْآيَة الثَّانِيَة: ﴿عَطاء غير مجذوذ﴾ غير مَقْطُوع.
وَفِي بعض التفاسير عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: يَأْتِي على جَهَنَّم زمَان لَا يبْقى فِيهَا أحد. وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَرِيبا من هَذَا.
وَمعنى هَذَا عِنْد أهل السّنة - إِن ثَبت - أَن المُرَاد مِنْهُ الْموضع الَّذِي فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ من النَّار، ثمَّ يخرجُون عَنهُ فَلَا يبْقى فِيهَا أحد، وَأما مَوَاضِع الْكفَّار فَهِيَ ممتلئة بهم أَبَد الْأَبَد على مَا نطق بِهِ الْكتاب وَالسّنة، نَعُوذ بِاللَّه من النَّار.
461
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا تَكُ فِي مرية﴾ فِي شكّ ﴿مِمَّا يعبد هَؤُلَاءِ﴾ يُقَال: إِن الْخطاب مَعَه وَالْمرَاد مِنْهُ الْأمة. وَقَوله: ﴿مَا يعْبدُونَ إِلَّا كَمَا يعبد آباؤهم من قبل﴾ ظَاهر الْمَعْنى. وَقَوله: ﴿وَإِنَّا لموفوهم نصِيبهم غير مَنْقُوص﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس مَعْنَاهُ: لموفوهم نصِيبهم من الْخَيْر وَالشَّر بِلَا نُقْصَان.
461
﴿مُوسَى الْكتاب فَاخْتلف فِيهِ وَلَوْلَا كلمة سبقت من رَبك لقضي بَينهم وَإِنَّهُم لفي شكّ مِنْهُ مريب (١١٠) وَإِن كلا لما ليوفينهم رَبك أَعْمَالهم إِنَّه بِمَا يعلمُونَ خَبِير (١١١) فاستقم كَمَا أمرت وَمن تَابَ مَعَك وَلَا تطغوا إِنَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير (١١٢) ﴾
462
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب فَاخْتلف فِيهِ﴾ المُرَاد من الْآيَة: تَسْلِيَة النَّبِي، كَأَنَّهُ قَالَ: إِن اخْتلفُوا عَلَيْك وَلم يُؤمنُوا بك فقد اخْتلفُوا على مُوسَى وَلم يُؤمنُوا بِهِ. وَقَوله: ﴿وَلَوْلَا كلمة سبقت من رَبك﴾ يَعْنِي: لَوْلَا مَا سبق من حكم الله بِتَأْخِير الْعَذَاب إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. وَقَوله: ﴿لقضي بَينهم﴾ أَي: لعذبوا فِي الْحَال وأهلكوا. وَقَوله: ﴿وَإِنَّهُم لفي شكّ مِنْهُ مريب﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن كلا﴾ قرئَ: " وَإِن " و " إِن " - بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد -، أما " إِن " و " إِن " قَالُوا: هما بِمَعْنى وَاحِد، قَالَ الشَّاعِر:
((وَوجه) حسن النَّحْر... كَأَن ثدييه حقان)
مَعْنَاهُ: كَأَن ثدييه حقان.
وَقَوله: ﴿لما﴾ بِالتَّخْفِيفِ قيل: " لما " بِمَعْنى " لمن "، وَيُقَال: إِن اللَّام للقسم، كَأَن الله تَعَالَى قَالَ: وَإِن كلا لمن الله ليوفينهم رَبك أَعْمَالهم. وَأما قَوْله: " لما " بِالتَّشْدِيدِ قيل: معنى " لما " بِالتَّشْدِيدِ هُوَ مَعْنَاهَا بِالتَّخْفِيفِ. ذكره الْمَازِني.
وَقَالَ الْأَزْهَرِي: أصح الْمعَانِي أَن " لما " بِمَعْنى " إِلَّا " أَي: وَإِلَّا ليوفينهم رَبك أَعْمَالهم ﴿إِنَّه بِمَا يعْملُونَ خَبِير﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
((وَوجه) حسن النَّحْر... كَأَن ثدييه حقان)
مَعْنَاهُ: كَأَن ثدييه حقان.
وَقَوله: ﴿لما﴾ بِالتَّخْفِيفِ قيل: " لما " بِمَعْنى " لمن "، وَيُقَال: إِن اللَّام للقسم، كَأَن الله تَعَالَى قَالَ: وَإِن كلا لمن الله ليوفينهم رَبك أَعْمَالهم. وَأما قَوْله: " لما " بِالتَّشْدِيدِ قيل: معنى " لما " بِالتَّشْدِيدِ هُوَ مَعْنَاهَا بِالتَّخْفِيفِ. ذكره الْمَازِني.
وَقَالَ الْأَزْهَرِي: أصح الْمعَانِي أَن " لما " بِمَعْنى " إِلَّا " أَي: وَإِلَّا ليوفينهم رَبك أَعْمَالهم ﴿إِنَّه بِمَا يعْملُونَ خَبِير﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فاستقم كَمَا أمرت﴾ معنى الاسْتقَامَة: هُوَ المداومة على مُوجب الْأَمر وَالنَّهْي. وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي بِرِوَايَة أبي مُسلم الْخَولَانِيّ، عَن عمر بن الْخطاب - وَالصَّحِيح عَن أبي ذَر - أَنه قَالَ: " لَو صليتم حَتَّى تَكُونُوا كالحنايا، وصمتم حَتَّى تَكُونُوا كالحنائر - وَمَعْنَاهُ: كالأوتاد - ثمَّ كَانَ الِاثْنَان أحب إِلَيْكُم
462
من الْوَاحِد لم تبلغوا حد الاسْتقَامَة ". روى هَذَا الْخَبَر جمَاعَة من الزهاد؛ رَوَاهُ حَاتِم الْأَصَم، عَن شَقِيق، عَن إِبْرَاهِيم بن أدهم، عَن مَالك بن دِينَار، عَن أبي مُسلم بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَفِي الْخَبَر الْمَعْرُوف: أَن النَّبِي قَالَ: " اسْتَقِيمُوا وَلنْ تُحْصُوا، وَلنْ يحافظ على الْوضُوء إِلَّا مُؤمن ". وَعَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: الاسْتقَامَة: أَن تستقيم على الْأَمر وَالنَّهْي، وَلَا تروغ روغان الثعالب. وَهَذَا أثر مَشْهُور.
وَقد رُوِيَ غير هَذَا فِي الاسْتقَامَة، يذكر فِي موضعهَا.
وَفِي الْخَبَر الْمَعْرُوف أَيْضا: أَن النَّبِي قَالَ: " شيبتني هود " وَفِيه مَعْنيانِ:
أَحدهمَا: قَالَ هَذَا لِكَثْرَة مَا ذكر الله تَعَالَى فِي هَذِه السُّورَة من إهلاك الْقُرُون الْمَاضِيَة (و) الْأُمَم السالفة.
وَالْمعْنَى الثَّانِي: أَنه قَالَ؛ لقَوْله تَعَالَى ﴿فاستقم كَمَا أمرت﴾.
وَقَوله: ﴿وَمن تَابَ مَعَك﴾ مَعْنَاهُ: وَمن أسلم مَعَك. وَقَوله: ﴿وَلَا تطغوا﴾ فِيهِ مَعْنيانِ:
وَفِي الْخَبَر الْمَعْرُوف: أَن النَّبِي قَالَ: " اسْتَقِيمُوا وَلنْ تُحْصُوا، وَلنْ يحافظ على الْوضُوء إِلَّا مُؤمن ". وَعَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: الاسْتقَامَة: أَن تستقيم على الْأَمر وَالنَّهْي، وَلَا تروغ روغان الثعالب. وَهَذَا أثر مَشْهُور.
وَقد رُوِيَ غير هَذَا فِي الاسْتقَامَة، يذكر فِي موضعهَا.
وَفِي الْخَبَر الْمَعْرُوف أَيْضا: أَن النَّبِي قَالَ: " شيبتني هود " وَفِيه مَعْنيانِ:
أَحدهمَا: قَالَ هَذَا لِكَثْرَة مَا ذكر الله تَعَالَى فِي هَذِه السُّورَة من إهلاك الْقُرُون الْمَاضِيَة (و) الْأُمَم السالفة.
وَالْمعْنَى الثَّانِي: أَنه قَالَ؛ لقَوْله تَعَالَى ﴿فاستقم كَمَا أمرت﴾.
وَقَوله: ﴿وَمن تَابَ مَعَك﴾ مَعْنَاهُ: وَمن أسلم مَعَك. وَقَوله: ﴿وَلَا تطغوا﴾ فِيهِ مَعْنيانِ:
463
﴿وَلَا تركنوا إِلَى الَّذين ظلمُوا فتمسكم النَّار وَمَا لكم من دون الله من أَوْلِيَاء ثمَّ لَا تنْصرُونَ (١١٣) ﴾
أَحدهمَا: وَلَا تطغوا فِي الاسْتقَامَة يَعْنِي: لَا تَزِيدُوا على مَا أمرت ونهيت، فتحرموا مَا أحل الله، وتكلفوا أَنفسكُم مَا لم يشرعه الله وَلم يَفْعَله الرَّسُول وَأَصْحَابه.
وَالْمعْنَى الثَّانِي: الطغيان هُوَ البطر لزِيَادَة النِّعْمَة. وَقيل: الطغيان وَالْبَغي بِمَعْنى وَاحِد.
﴿إِنَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
أَحدهمَا: وَلَا تطغوا فِي الاسْتقَامَة يَعْنِي: لَا تَزِيدُوا على مَا أمرت ونهيت، فتحرموا مَا أحل الله، وتكلفوا أَنفسكُم مَا لم يشرعه الله وَلم يَفْعَله الرَّسُول وَأَصْحَابه.
وَالْمعْنَى الثَّانِي: الطغيان هُوَ البطر لزِيَادَة النِّعْمَة. وَقيل: الطغيان وَالْبَغي بِمَعْنى وَاحِد.
﴿إِنَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
464
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا تركنوا إِلَى الَّذين ظلمُوا فمسكم النَّار﴾ الركون: هُوَ الْمحبَّة والمودة والميل بِالْقَلْبِ. وَعَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي قَالَ: هُوَ الرِّضَا بأعمالهم. وَعَن السّديّ قَالَ: هُوَ المداهنة مَعَهم. وَعَن عِكْرِمَة قَالَ: هُوَ طاعتهم. وَقَوله: ﴿فتمسكم النَّار﴾ أَي: فتصيبكم النَّار.
وَقَوله: ﴿وَمَا لكم من دون الله من أَوْلِيَاء ثمَّ لَا تنْصرُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿وَمَا لكم من دون الله من أَوْلِيَاء ثمَّ لَا تنْصرُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار﴾ قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: طرفِي النَّهَار: الصُّبْح وَالْعصر، ﴿وَزلفًا من اللَّيْل﴾ : الْمغرب وَالْعشَاء.
وَقَالَ مُجَاهِد: طرفِي النَّهَار: الصُّبْح وَالظّهْر وَالْعصر، وَزلفًا من اللَّيْل: الْمغرب وَالْعشَاء.
وعَلى هَذَا القَوْل: الْآيَة جَامِعَة للصلوات الْخمس. وَعَن بَعضهم: طرفا النَّهَار: الصُّبْح وَالْمغْرب، وَزلفًا من اللَّيْل: الْعَتَمَة.
وَمعنى قَوْله: ﴿زلفا من اللَّيْل﴾ سَاعَات اللَّيْل. وَقيل: سَاعَة من اللَّيْل. وَقَرَأَ مُجَاهِد: " وزلفى من اللَّيْل " وَقَرَأَ ابْن مُحَيْصِن: " وَزلفًا من اللَّيْل ". وَالْمَعْرُوف: زلفا من اللَّيْل. قَالَ الشَّاعِر:
وَقَالَ مُجَاهِد: طرفِي النَّهَار: الصُّبْح وَالظّهْر وَالْعصر، وَزلفًا من اللَّيْل: الْمغرب وَالْعشَاء.
وعَلى هَذَا القَوْل: الْآيَة جَامِعَة للصلوات الْخمس. وَعَن بَعضهم: طرفا النَّهَار: الصُّبْح وَالْمغْرب، وَزلفًا من اللَّيْل: الْعَتَمَة.
وَمعنى قَوْله: ﴿زلفا من اللَّيْل﴾ سَاعَات اللَّيْل. وَقيل: سَاعَة من اللَّيْل. وَقَرَأَ مُجَاهِد: " وزلفى من اللَّيْل " وَقَرَأَ ابْن مُحَيْصِن: " وَزلفًا من اللَّيْل ". وَالْمَعْرُوف: زلفا من اللَّيْل. قَالَ الشَّاعِر:
(طي اللَّيَالِي زلفا فزلفا | سماوة الْهلَال حَتَّى احقوقفا) |