تفسير سورة هود

التبيان في تفسير غريب القرآن

تفسير سورة سورة هود من كتاب التبيان في تفسير غريب القرآن
لمؤلفه ابن الهائم . المتوفي سنة 815 هـ

" نذير " بمعنى منذر - زه - وسبق أنه المعلم المحذر.
" يثنون صدورهم " يطوون ما فيها وقرىء تثنوني صدورهم أي
" تستتر وتقديره تفعوعل وهي للمبالغة وقيل إن قوما من المشركين قالوا إذا أغلقنا أبوابنا وأرخينا ستورنا واستغشينا بثيابنا وثنينا صدورنا على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم كيف يعلم بنا فأنبأ الله عز وجل عما كتبوه " ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون ".
" أمة معدودة " زمان محدود أي سنين معدودة بلغة أزد شنوءة.
" ليؤوس " فعول من يئست أي شديد اليأس.
" لا يبخسون " لا ينقصون.
" وأخبتوا إلى ربهم " تواضعوا وخشعوا لربهم عز وجل ويقال أخبتوا إلى ربهم اطمأنوا إليه وسكنت قلوبهم ونفوسهم إليه والخبت ما اطمأن من الأرض.
" أراذلنا " الناقصون الأقدار فينا أي سفلتنا بلغة جرهم، " بادي الرأي " مهموز أول الرأي وبادي الرأي غير مهموز ظاهر الرأي.
" تزدري أعينكم " يقال ازدراه وازدرى به إذا قصر به وزرى عليه فعله إذا عابه عليه " إجرامي " مصدر أجرمت إجراما - زه - أي أذنبت.
" وفار التنور " ارتفع من من فارت القدر تفور فورا وفؤرا وفورانا والتنور وجه الأرض وقيل طلوع الفجر وقيل أشرف موضع في الأرض وأعلى مكان فيها قال الكرماني والأكثر على أنه تنور الخبز وكان ذلك علامة لمجيء العذاب، " زوجين " صنفين.
" مجراها " إجراؤها وقرئت مجراها أي جريها، " ومرساها " أي إرساؤها أي إقرارها وقرئت أيضا مرساها أي استقرارها
" لا عاصم " لا مانع.
" ويا سماء أقلعي " أي احبسي، " وغيض الماء " أي ونقص بلغة حمير وغاض الماء نفسه نقص " الجودي " اسم جبل - زه - أي معين وحكى الماوردي أنه اسم لكل جبل.
" اعتراك بعض آلهتنا بسوء " أي عرض لك بسوء ويقال قصدك بسوء.
" عنيد " العنيد والعنود والعاند والمعاند واحد أي معارض له بالخلاف عليه والعاند الجائر وهو العادل عن الحق ويقال عرق عنود وطعنة عنود إذا خرج الدم منها على جانب.
" بعدا " هلاكا.
" واستعمركم فيها " جعلكم عمارها.
" غير تخسير " التخسير النقصان أي كلما دعوتكم إلى هدى ازددتم تكذيبا فزادت خسارتكم.
" حنيذ " مشوي في خد من الأرض بالرضف وهي الحجارة المحماة.
" نكرهم " يقال نكرهم وأنكرهم واستنكرهم بمعنى واحد، " وأوجس منهم خيفة " أي أحس وأضمر في نفسه خوفا.
" حميد مجيد " المجيد الشريف الرفيع تزيد رفعته على كل رفعة وشرفه على كل شرف من قولك أمجد الدابة علفا أي أكثر وزاد.
" الروع " الفزع.
" أواه منيب " أي رجاع تائب والأواه الدعاء إلى الله بلغة وافقت اللغة النبطية.
" سيء بهم " فعل بهم من السوء وكرههم بلغة غسان، " وضاق بهم ذرعا " أي ضاق بمكانهم صدره قال ابن عيس يقال ضاق بأمره ذرعا إذا لم يجد من المكروه سبيلا ونسب إلى الذرع على عادة العرب في وصف القادر على الشيء المتبسط فيه بالمتذرع والمتبوع وطول اليد والباع والذراع ثم " يوضع الذراع مكان ضيق الصدر، " يوم عصيب " أي شديد بلغة جرهم يقال يوم عصيب وعصبصب أي شديد.
" يهرعون إليه " أي يستحثون ويقال يهرعون يسرعون فأوقع الفعل بهم وهو لهم في المعنى كما قيل أولع فلان بكذا وزهى زيد وأرعد عمرو فجعلوا مفعولين وهم فاعلون وذلك أن المعنى إنما هو أولعه طبعه وجبله وزهاه ماله وجهله وأرعده غضبه أوجعه وأهرعه خوفه ورعبه فلهذه العلة خرج هؤلاء الأسماء مخرج المفعول بهم ونقول لا يكون الإهراع إلا إسراع المذعور وقال الكسائي والفراء لا يكون الإهراع إلا إسراعا مع رعدة.
" آوي إلى ركن شديد " أي أنضم إلى عشيرة منيعة.
" فأسر بأهلك " سربهم ليلا يقالب سرى وأسرى لغتان - زه -
وقيل إن أسرى سار في أول الليل وسرى سار في آخره نقله الماوردي وقيل أسرى سار ليلا وسرى سار نهارا حكاه الحوفي والمشهور ترادفهما.
" من سجيل " سجيل وسجين الشديد الصلب من الحجارة عن أبي عبيدة وقال غيره السجيل حجارة من طين صلب شديد وقال ابن عباس سجيل صلب منضود.
" مسومة " يعني حجارة معلمة عليها أمثال الخواتيم.
" بقية الله خير لكم " أي ما أبقى الله لكم من الحلال ولم يحرمه عليكم فيه مقنع ورضى فهو خير لكم.
" أصلاتك تأمرك " أي دينك وقيل كان شعيب كثير الصلاة فقالوا له ذلك، " لأنت الحليم الرشيد " أي الأحمق السفيه بلغة مدين.
" لا يجرمنكم شقاقي " أي عداوتي.
" ودود " الودود المحب لأوليائه.
" وارتقبوا إني معكم رقيب " انتظروا إني معكم منتظر.
" جاثمين " باركين على الركب والجثوم للناس والطير بمنزلة البروك للبعير.
" بعدت ثمود " أي هلكت يقال بعد يبعد إذا هلك وبعد يبعد من البعد.
" الورد " مصدر ورد يرد وردا والمورود اسم مفعول منه أي بئس المدخل المدخول فيه
" الرفد المرفود " الرفد العطاء والعون أي بئس عطاء المعطى ويقال بئس عون المعان.
" منها قائم وحصيد " يعني القرية التي أهلكت منها قائم اي بقيت حيطانه ومنها حصيد أي قد انمحى أثره.
" غير تتبيب " أي تخسير.
" لهم فيها زفير وشهيق " الزفير أول نهيق الحمار وشبهه والشهيق من آخره فالزفير من الصدر والشهيق من الحلق.
" غير مجذوذ " أي مقطوع يقال جددت وجذذت أي قطعت.
" ولا تركنوا إلى الذين ظلموا " أي لا تطمئنوا إليهم ولا تسكنوا إلى قولهم.
" طرفي النهار " يعني أوله وآخره، " وزلفا من الليل " أي ساعة بعد ساعة واحدتها زلفة، " ذكرى " ذكرا.
" أترفوا " نعموا وبقوا في الملك والمترف المتروك يصنع ما يشاء وإنما قيل للمنعم مترف لأنه لا يمنع من تنعمه فهو مطلق فيه.
سورة هود
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (هُودٍ) من السُّوَر المكية، وقد افتُتِحت بتعظيمِ الكتاب ووصفِه بالإحكام والتفصيل، واشتملت على حقائقِ العقيدة وأصولِ الدعوة إلى الله، مرغِّبةً ومرهِّبةً، واصفةً أهوالَ ومشاهد يوم القيامة التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ كما جاء في الأثر، وقد جاء في السورةِ كثيرٌ من قصص الأنبياء؛ تسليةً للنبي صلى الله عليه وسلم، ولأخذِ العِبَر من حال الأنبياء، ودعوتِهم مع أقوامهم.

ترتيبها المصحفي
11
نوعها
مكية
ألفاظها
1946
ترتيب نزولها
52
العد المدني الأول
122
العد المدني الأخير
121
العد البصري
121
العد الكوفي
123
العد الشامي
122

* قوله تعالى: {أَلَآ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُۚ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ اْلصُّدُورِ} [هود: 5]:

عن محمَّدِ بن عبَّادِ بن جعفرٍ: أنَّه سَمِعَ ابنَ عباسٍ يَقرأُ: {أَلَآ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} [هود: 5]، قال: سألتُه عنها، فقال: «أناسٌ كانوا يَستحيُون أن يَتخلَّوْا فيُفضُوا إلى السماءِ، وأن يُجامِعوا نساءَهم فيُفضُوا إلى السماءِ؛ فنزَلَ ذلك فيهم». أخرجه البخاري (4681).

* قوله تعالى: {وَأَقِمِ اْلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ اْلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ اْلَّيْلِۚ إِنَّ اْلْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ اْلسَّيِّـَٔاتِۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّٰكِرِينَ} [هود: 114]:

عن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه: «أنَّ رجُلًا أصابَ مِن امرأةٍ قُبْلةً، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأخبَرَه؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {أَقِمِ اْلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ اْلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ اْلَّيْلِۚ إِنَّ اْلْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ اْلسَّيِّـَٔاتِۚ} [هود: ١١٤]، فقال الرَّجُلُ: يا رسولَ اللهِ، أَلِي هذا؟ قال: «لجميعِ أُمَّتي كلِّهم»». أخرجه البخاري (526).

وفي روايةٍ عنه رضي الله عنه، قال: «جاء رجُلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي أصَبْتُ مِن امرأةٍ كلَّ شيءٍ، إلا أنِّي لم أُجامِعْها، قال: فأنزَلَ اللهُ: {أَقِمِ اْلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ اْلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ اْلَّيْلِۚ إِنَّ اْلْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ اْلسَّيِّـَٔاتِۚ} [هود: ١١٤]». أخرجه أحمد (3854).

سُمِّيتْ سورةُ (هُودٍ) بهذا الاسمِ؛ لتكرُّرِ اسمه فيها خمسَ مرَّات، ولأنَّ ما حُكِي عنه فيها أطوَلُ مما حُكِي عنه في غيرها.

جاء في فضلِ سورة (هُودٍ): أنها السُّورة التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: يا رسولَ اللهِ، قد شِبْتَ! قال: «شيَّبتْني هُودٌ وأخواتُها». أخرجه البزار (٩٢).

جاءت موضوعاتُ سورةِ (هُودٍ) على النحو الآتي:

1. حقائق العقيدة (١-٢٤).

2. أصول الدعوة الإسلامية (١-٤).

3. مشهدٌ فريد ترجُفُ له القلوب (٥-٦).

4. اضطراب نفوس الكافرين (٧-١١).

5. تسلية الرسول (١٢-١٧).

6. حال الفريقين: الكافرين، والمؤمنين (١٨-٢٤).

7. حركة حقائقِ العقيدة (٢٥-٩٩).

8. قصة نوح مع قومه (٢٥-٤٩).

9. قصة هود مع قومه (٥٠-٦٠).

10. قصة صالح مع قومه (٦١-٦٨).

11. تبشير الملائكةِ لإبراهيم عليه السلام (٦٩-٧٦).

12. إجرام قوم لوط (٧٧-٨٣).

13. قصة شُعَيب مع قومه (٨٤-٩٥).

14. مُوجَز قصة موسى مع فِرْعون (٩٦-٩٩).

15. التعقيب على حقيقة العقيدة (١٠٠-١٢٣).

16. العِبْرة فيما قص الله علينا دنيا وآخرة (١٠٠-١٠٩).

17. الاختلاف في الحق، والركون إلى الظَّلمة (١١٠- ١١٥).

18. الفتنة تعُمُّ بسكوت الصالحين (١١٦-١١٩).

19. في القصص تثبيتٌ وتسلية للقلب (١٢٠-١٢٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /445).

أشارت بدايةُ السُّورة بافتتاحها بـ(الأحرُفِ المقطَّعة: {الٓر}) إلى أن مقصدَها تعظيمُ هذا الكتاب، ووصفُ الكتاب بالإحكامِ والتفصيل، في حالتَيِ البِشارة والنِّذارة، المقتضي لوضعِ كلِّ شيء في أتَمِّ مَحالِّه، وإنفاذه - مهما أريدَ -، المُوجِب للقدرة على كل شيء، وفي ذلك تسليةُ النبي صلى الله عليه وسلم، وتثبيتٌ له على الحق: {فَاْصْبِرْۖ إِنَّ اْلْعَٰقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود: 49].

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /175).