هي مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر. قال ابن عباس وقتادة : إلا آية وهي قوله :﴿ وأقم الصلاة طرفي النهار ﴾. وأخرج النحاس في ناسخه وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة هود بمكة. وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله. وأخرج الدارمي وأبو داود في مراسيله وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر والبيهقي في الشعب عن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اقرأوا هود يوم الجمعة ". وأخرج ابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر من طريق مسروق عن أبي بكر الصديق قال : قلت : يا رسول الله لقد أسرع إليك الشيب، فقال :" شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت ". وأخرجه البزار وابن مردويه من طرق أنس عنه مرفوعاً بلفظ : قلت : يا رسول الله عجل إليك الشيب، قال :" شيبتني هود وأخواتها، والواقعة، والحاقة، وعم يتساءلون، وهل أتاك حديث الغاشية ". وأخرجه سعيد بن منصور وابن مردويه عن أنس قال : قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد عجل إليك الشيب، فقال :" شيبتني هود وأخواتها من المفصل ". وأخرج الترمذي وحسنه وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : قال أبو بكر يا رسول الله قد شبت، قال :" شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت ". وأخرج ابن عساكر من طريق عطاء عنه أن الصحابة قالوا : يا رسول الله لقد أسرع إليك الشيب، قال :" أجل شيبتني هود وأخواتها ". قال عطاء : وأخواتها : اقتربت الساعة، والمرسلات، وإذا الشمس كورت. وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي سعيد الخدري قال : قال عمر بن الخطاب : يا رسول الله أسرع إليك الشيب، قال :" شيبتني هود وأخواتها : الواقعة، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت ". وأخرج الطبراني وابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" شيبتني هود وأخواتها : الواقعة، والحاقة، وإذا الشمس كورت ". وأخرجا أيضاً عن ابن مسعود : أن أبا بكر قال : يا رسول الله ما شيبك ؟ قال :" هود والواقعة ". وفي إسناده عمرو بن ثابت وهو متروك. وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن عقبة بن عامر أن رجلاً قال : يا رسول الله قد شبت، قال :" شيبتني هود، وإذا الشمس كورت وأخواتها ". وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو يعلى والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن أبي جحيفة قال : قالوا : يا رسول الله نراك قد شبت، قال :" شيبتني هود وأخواتها ". وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أصحابه : قد أسرع إليك الشيب، قال :" شيبتني هود وأخواتها من المفصل ". وأخرج ابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" شيبتني هود وأخواتها وما فعل بالأمم قبل ".
ﰡ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة هود (١١) : الآيات ١ الى ٨]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١) أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (٢) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣) إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤)أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥) وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨)
قَوْلُهُ: الر إِنْ كَانَ مَسْرُودًا عَلَى سَبِيلِ التَّعْدِيدِ كَمَا فِي سَائِرِ فَوَاتِحِ السُّوَرِ فَلَا مَحَلَّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ اسْمًا لِلسُّورَةِ فَهُوَ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَا بَعْدَهُ، أَوْ خبر مبتدأ محذوف، وكِتابٌ يَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هَذَا كِتَابٌ: وَكَذَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الر لَا مَحَلَّ لَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الر فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ يُنَاسِبُ الْمَقَامَ نَحْوَ: اذْكُرْ، أَوِ اقْرَأْ، فَيَكُونَ كِتَابٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالْإِشَارَةُ فِي الْمُبْتَدَأِ الْمُقَدَّرِ إِمَّا إِلَى بَعْضِ الْقُرْآنِ أَوْ إِلَى مَجْمُوعِ الْقُرْآنِ، وَمَعْنَى: أُحْكِمَتْ آياتُهُ صَارَتْ مُحْكَمَةً مُتْقَنَةً لَا نَقْصَ فِيهَا وَلَا نَقْضَ لَهَا كَالْبِنَاءِ الْمُحْكَمِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: إِنَّهَا لَمْ تُنْسَخْ بِخِلَافِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ هَذَا الْوَصْفُ لِلْكِتَابِ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَهُوَ الْمُحْكَمُ الَّذِي لَمْ يُنْسَخْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ:
أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، ثُمَّ فُصِّلَتْ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَقِيلَ: أَحْكَمَهَا اللَّهُ مِنَ الْبَاطِلِ ثُمَّ فَصَّلَهَا بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَقِيلَ: أُحْكِمَتْ جُمْلَتُهُ، ثُمَّ فَصِّلَتْ آيَاتُهُ وَقِيلَ: جُمِعَتْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ثُمَّ فُصِّلَتْ بِالْوَحْيِ وَقِيلَ: أُيِّدَتْ بِالْحُجَجِ الْقَاطِعَةِ الدَّالَّةِ عَلَى كَوْنِهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَقِيلَ: مَعْنَى إِحْكَامِهَا: أَنْ لَا فَسَادَ فِيهَا، أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ أَحْكَمْتُ الدَّابَّةَ: إِذَا وَضَعْتَ عليها الحكمة لتمنعها من الجماح، وثُمَّ فُصِّلَتْ مَعْطُوفٌ عَلَى أُحْكِمَتْ، وَمَعْنَاهُ مَا تَقَدَّمَ، وَالتَّرَاخِي الْمُسْتَفَادُ مِنْ ثُمَّ إِمَّا زَمَانِيٌّ إِنْ فُسِّرَ التَّفْصِيلُ بِالتَّنْجِيمِ عَلَى حَسَبِ الْمَصَالِحِ، وَإِمَّا رُتْبِيٌّ إِنْ فُسِّرَ بِغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَالْجُمَلُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهَا صِفَةٌ لِكِتَابٍ، أو خبر لِلْمُبْتَدَأِ، أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَفِي قَوْلِهِ: مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ لَفٌّ وَنَشْرٌ، لِأَنَّ المعنى: أحكمها حكيم وفصلها خبر عالم بمواقع الأمور. قوله: أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ مَفْعُولٌ لَهُ حُذِفَ مِنْهُ اللَّامُ، كَذَا: فِي الْكَشَّافِ، وَفِيهِ: أَنَّهُ لَيْسَ بِفِعْلٍ لِفَاعِلِ الْفِعْلِ الْمُعَلَّلِ، وَقِيلَ: أَنْ، هِيَ الْمُفَسِّرَةُ لِمَا فِي التَّفْصِيلِ مِنْ مَعْنَى الْقَوْلِ وَقِيلَ:
هُوَ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ مُنْقَطِعٌ عَمَّا قَبْلَهُ، مَحْكِيًّا عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ: التَّقْدِيرُ أُحْكِمَتْ بِأَنْ
اسْتَغْفِرُوا مِنْ سَالِفِ الذُّنُوبِ ثُمَّ تُوبُوا مِنْ لَاحِقِهَا وَقِيلَ: اسْتَغْفِرُوا مِنَ الشِّرْكِ ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: ثُمَّ: هَاهُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ، أَيْ: وَتُوبُوا إِلَيْهِ، لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ هُوَ التَّوْبَةُ، وَالتَّوْبَةُ هِيَ الِاسْتِغْفَارُ وَقِيلَ:
إِنَّمَا قُدِّمُ ذِكْرُ الِاسْتِغْفَارِ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ هِيَ الْغَرَضُ الْمَطْلُوبُ، وَالتَّوْبَةُ هِيَ السَّبَبُ إِلَيْهَا، وَمَا كَانَ آخِرًا فِي الْحُصُولِ كَانَ أَوَّلًا فِي الطَّلَبِ وَقِيلَ: اسْتَغْفِرُوا فِي الصَّغَائِرِ وَتُوبُوا إِلَيْهِ فِي الْكَبَائِرِ ثُمَّ رَتَّبَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ:
يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً أَصْلُ الْإِمْتَاعِ: الْإِطَالَةُ، وَمِنْهُ أمتع الله بك فمعنى الآية: بطول نَفْعَكُمْ فِي الدُّنْيَا بِمَنَافِعَ حَسَنَةٍ مَرْضِيَّةٍ مِنْ سَعَةِ الرِّزْقِ وَرَغَدِ الْعَيْشِ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِلَى وَقْتٍ مُقَدَّرٍ عِنْدَ اللَّهِ وَهُوَ الْمَوْتُ وَقِيلَ: الْقِيَامَةُ وَقِيلَ: دُخُولُ الْجَنَّةِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَالْأَمْرُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ أَيْ: يُعْطِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فِي الطَّاعَةِ وَالْعَمَلِ فَضْلَهُ: أَيْ: جَزَاءَ فَضْلِهِ، إِمَّا فِي الدُّنْيَا، أَوْ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَالضَّمِيرُ فِي فَضْلِهِ رَاجِعٌ إِلَى كُلِّ ذِي فَضْلٍ وَقِيلَ: رَاجِعٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى مَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ يُعْطِي كُلَّ مَنْ فُضِّلَتْ حَسَنَاتُهُ فَضْلَهُ الَّذِي يَتَفَضَّلُ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ. ثُمَّ تَوَعَّدَهُمْ عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ فَقَالَ: وَإِنْ تَوَلَّوْا أَيْ: تَتَوَلَّوْا وَتُعْرِضُوا عَنِ الْإِخْلَاصِ فِي الْعِبَادَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَوَصَفَهُ بِالْكِبَرِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ وَقِيلَ: الْيَوْمُ الْكَبِيرُ: يَوْمُ بَدْرٍ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ عَذَابَ الْيَوْمِ الْكَبِيرِ بِقَوْلِهِ: إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ أَيْ: رُجُوعُكُمْ إِلَيْهِ بِالْمَوْتِ، ثُمَّ الْبَعْثِ، ثُمَّ الْجَزَاءِ، لَا إِلَى غَيْرِهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ: عَذَابُكُمْ عَلَى عَدَمِ الِامْتِثَالِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا.
ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَنَّ هَذَا الْإِنْذَارَ، وَالتَّحْذِيرَ، وَالتَّوَعُّدَ لَمْ يَنْجَعْ فِيهِمْ، وَلَا لَانَتْ لَهُ قُلُوبُهُمْ، بَلْ هُمْ مُصِرُّونَ عَلَى الْعِنَادِ، مُصَمِّمُونَ عَلَى الْكُفْرِ، فَقَالَ مُصَدِّرًا لِهَذَا الْإِخْبَارِ بِكَلِمَةِ التَّنْبِيهِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّعَجُّبِ مِنْ حَالِهِمْ، وَأَنَّهُ أَمْرٌ يَنْبَغِي أَنْ يَتَنَبَّهَ لَهُ الْعُقَلَاءُ وَيَفْهَمُوهُ: أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ يُقَالُ: ثَنَى صَدْرَهُ عَنِ الشَّيْءِ:
إِذَا ازْوَرَّ عَنْهُ وَانْحَرَفَ مِنْهُ، فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ كِنَايَةٌ عَنِ الْإِعْرَاضِ لِأَنَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنِ الشَّيْءِ ثَنَى عَنْهُ صَدْرَهُ وَطَوَى عَنْهُ كَشْحَهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ: يَعْطِفُونَ صُدُورَهُمْ عَلَى مَا فِيهَا مِنَ الْكُفْرِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْحَقِّ، فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ كِنَايَةٌ عَنِ الْإِخْفَاءِ لِمَا يَعْتَقِدُونَهُ مِنَ الْكُفْرِ كَمَا كَانَ دَأْبُ الْمُنَافِقِينَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَوْلَى، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ:
لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَيْ: لِيَسْتَخْفُوا مِنَ اللَّهِ فَلَا يُطْلِعُ عَلَيْهِ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، أَوْ: لِيَسْتَخْفُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ كَرَّرَ كَلِمَةَ التَّنْبِيهِ مُبَيِّنًا لِلْوَقْتِ الَّذِي يَثْنُونَ فِيهِ صُدُورَهُمْ فَقَالَ: أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي الْأَعْرَافِ، قِيلَ: وَالْمُرَادُ بِالْأَيَّامِ الْأَوْقَاتُ، أَيْ: فِي سِتَّةِ أَوْقَاتٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ «١» وَقِيلَ: مِقْدَارُ سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَيَّامِ هُنَا: الْأَيَّامَ الْمَعْرُوفَةَ، وَهِيَ الْمُقَابِلَةُ لِلَّيَالِي، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ لَا أَرْضٌ وَلَا سَمَاءٌ، وَلَيْسَ الْيَوْمُ إِلَّا عِبَارَةً عَنْ مُدَّةِ كَوْنِ الشَّمْسِ فَوْقَ الْأَرْضِ، وَكَانَ خلق السموات فِي يَوْمَيْنِ، وَالْأَرَضِينَ فِي يَوْمَيْنِ، وَمَا عَلَيْهِمَا مِنْ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْجَمَادِ فِي يَوْمَيْنِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي حم السَّجْدَةِ. قَوْلُهُ: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ أَيْ: كَانَ قَبْلَ خَلْقِهِمَا عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَفِيهِ بَيَانُ تَقَدُّمِ خَلْقِ العرش والماء على السموات وَالْأَرَضِينَ.
قَوْلُهُ: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِخَلَقَ، أَيْ: خَلَقَ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ لِيَبْتَلِيَ عِبَادَهُ بِالِاعْتِبَارِ، وَالتَّفَكُّرِ، وَالِاسْتِدْلَالِ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ، وعلى البعث والجزاء، أيهم أحسن عملا فيما أمر به ونهي عنه، فيجازي
أَحَاطَ بِهِمُ الْعَذَابُ الَّذِي كَانُوا يَسْتَعْجِلُونَهُ استهزاء منهم، ووضع يستهزئون مَكَانَ يَسْتَعْجِلُونَ، لِأَنَّ اسْتِعْجَالَهُمْ كَانَ اسْتِهْزَاءً مِنْهُمْ، وَعَبَّرَ بِلَفْظِ الْمَاضِي تَنْبِيهًا عَلَى تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ، فَكَأَنَّهُ قَدْ حَاقَ بِهِمْ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زيد قَرَأَ: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ قَالَ: هِيَ كُلُّهَا مَحْكَمَةٌ يَعْنِي سُورَةَ هُودٍ ثُمَّ فُصِّلَتْ قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَكَمَ فِيهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ خَالَفَهُ، وَقَرَأَ: مِثْلَ الْفَرِيقَيْنِ الْآيَةَ كُلَّهَا، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْمَ نُوحٍ ثُمَّ هُودٍ، فَكَانَ هَذَا تَفْصِيلُ ذَلِكَ، وَكَانَ أَوَّلُهُ مُحْكَمًا قَالَ: وَكَانَ أَبِي يَقُولُ ذَلِكَ، يَعْنِي زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ:
كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ قَالَ: أُحْكِمَتْ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَفُصِّلَتْ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ عَنْ مُجَاهِدٍ فُصِّلَتْ قَالَ: فُسِّرَتْ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ أَيْضًا عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: أَحْكَمَهَا اللَّهُ مِنَ الْبَاطِلِ ثُمَّ فَصَّلَهَا بِعِلْمِهِ، فَبَيَّنَ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ وَطَاعَتَهُ وَمَعْصِيَتَهُ، وَفِي قَوْلِهِ: مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ يَعْنِي مِنْ عِنْدِ حَكِيمٍ، وَفِي قَوْلِهِ: يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً قَالَ: فَأَنْتُمْ فِي ذَلِكَ الْمَتَاعِ فَخُذُوهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَمَعْرِفَةِ حَقِّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ مُنْعِمٌ يُحِبُّ الشَّاكِرِينَ وَأَهْلُ الشُّكْرِ فِي مَزِيدٍ مِنَ اللَّهِ، وَذَلِكَ قَضَاؤُهُ الَّذِي قَضَاهُ وَفِي قَوْلِهِ: إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى يَعْنِي الْمَوْتَ، وَفِي قَوْلِهِ: يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ أَيْ: فِي الْآخِرَةِ. وأخرج هؤلاء
يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فِي الْإِسْلَامِ فَضْلَ الدَّرَجَاتِ فِي الْآخِرَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ:
وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ قَالَ: مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ، وَمَنْ عَمِلَ حَسَنَةً كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، فَإِنْ عُوقِبَ بِالسَّيِّئَةِ الَّتِي عَمِلَهَا فِي الدُّنْيَا بَقِيَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَإِنْ لَمْ يُعَاقَبْ بِهَا فِي الدُّنْيَا أُخِذَ مِنَ الْحَسَنَاتِ الْعَشْرِ وَاحِدَةٌ وَبَقِيَتْ لَهُ تِسْعُ حَسَنَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: هَلَكَ مَنْ غَلَبَ آحَادُهُ أَعْشَارَهُ «١».
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ الْآيَةَ قَالَ: كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ. قَالَ الْبُخَارِيُّ:
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْتَغْشُونَ يغطون رؤوسهم. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، يَعْنِي بِهِ: الشَّكَّ فِي اللَّهِ وَعَمَلَ السَّيِّئَاتِ. وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمَا أَيْ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ إِذَا قَالُوا شَيْئًا أَوْ عَمِلُوهُ، فَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ بِذَلِكَ، فَأَعْلَمَهُمْ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ عِنْدَ مَنَامِهِمْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ مِنَ الْقَوْلِ وَما يُعْلِنُونَ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ فِي قَوْلِهِ: أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ قَالَ: كَانَ الْمُنَافِقُونَ إِذَا مَرَّ أَحَدُهُمْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ ثَنَى صَدْرَهُ وَتَغَشَّى ثَوْبَهُ لِكَيْلَا يَرَاهُ، فَنَزَلَتْ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ قَالَ: فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فِي أَجْوَافِ بُيُوتِهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي رَزِينٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: كَانَ أَحَدُهُمْ يَحْنِي ظَهْرَهُ وَيَسْتَغْشِي بِثَوْبِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قال:
كانوا يحنون صُدُورَهُمْ لِكَيْلَا يَسْمَعُوا كِتَابَ اللَّهِ. قَالَ تَعَالَى: أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَذَلِكَ أَخْفَى مَا يَكُونُ ابْنُ آدَمَ إِذَا أَحَنَى ظَهْرَهُ وَاسْتَغْشَى بِثَوْبِهِ وَأَضْمَرَ هَمَّهُ فِي نَفْسِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي الْآيَةِ: يَكْتُمُونَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ مَا عَمِلُوا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَما مِنْ دَابَّةٍ الْآيَةَ قَالَ: يَعْنِي كل دابة. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَما مِنْ دَابَّةٍ الْآيَةَ قَالَ: يَعْنِي مَا جَاءَهَا مِنْ رِزْقٍ فَمِنَ اللَّهِ، وَرُبَّمَا لَمْ يَرْزُقْهَا حَتَّى تَمُوتَ جُوعًا، وَلَكِنْ ما كان لها من رزق فَمِنَ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها قَالَ: حَيْثُ تَأْوِي، وَمُسْتَوْدَعَها قَالَ: حَيْثُ تَمُوتُ. وَأَخْرَجَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها قَالَ: يَأْتِيهَا رِزْقُهَا حَيْثُ كَانَتْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مُسْتَقَرَّهَا فِي الْأَرْحَامِ وَمُسْتَوْدَعَهَا حَيْثُ تَمُوتُ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّفْسِيرَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
وقوله :﴿ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ ﴾ معطوف على ﴿ استغفروا ﴾، وقدم الإرشاد إلى الاستغفار على التوبة، لكونه وسيلة إليها. وقيل : إن التوبة من متممات الاستغفار ؛ وقيل معنى استغفروا : توبوا. ومعنى توبوا : أخلصوا التوبة واستقيموا عليها. وقيل : استغفروا من سالف الذنوب، ثم توبوا من لاحقها. وقيل : استغفروا من الشرك، ثم ارجعوا إليه بالطاعة. قال الفراء : ثم هاهنا بمعنى الواو : أي وتوبوا إليه، لأن الاستغفار هو : التوبة، والتوبة هي : الاستغفار ؛ وقيل : إنما قدم ذكر الاستغفار لأن المغفرة هي الغرض المطلوب، والتوبة. هي : السبب إليها، وما كان آخراً في الحصول، كان أوّلاً في الطلب. وقيل : استغفروا في الصغائر، وتوبوا إليه في الكبائر ؛ ثم رتب على ما تقدّم أمرين الأول :﴿ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا ﴾ أصل الإمتاع : الإطالة، ومنه أمتع الله بك ؛ فمعنى الآية : يطول نفعكم في الدنيا بمنافع حسنة مرضية من سعة الرزق ورغد العيش ﴿ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ إلى وقت مقدّر عند الله، وهو : الموت ؛ وقيل : القيامة ؛ وقيل : دخول الجنة ؛ والأوّل : أولى. والأمر الثاني قوله :﴿ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ أي : يعط كل ذي فضل في الطاعة والعمل فضله : أي جزاء فضله، إما في الدنيا، أو في الآخرة، أو فيهما جميعاً، والضمير في فضله راجع إلى كل ذي فضل. وقيل : راجع إلى الله سبحانه على معنى أن الله يعطي كل من فضلت حسناته فضله الذي يتفضل به على عباده. ثم توعدهم على مخالفة الأمر فقال :﴿ وَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ أي : تتولوا وتعرضوا عن الإخلاص في العبادة، والاستغفار، والتوبة ﴿ فَإِنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴾ وهو : يوم القيامة، ووصفه بالكبر، لما فيه من الأهوال. وقيل : اليوم الكبير يوم بدر.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
والوجه الثاني أولى، ويؤيده قوله :﴿ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ ﴾ أي : ليستخفوا من الله، فلا يطلع عليه رسوله والمؤمنين، أو ليستخفوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ثم كرّر كلمة التنبيه مبيناً للوقت الذي يثنون فيه صدورهم، فقال :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ أي : يستخفون في وقت استغشاء الثياب، وهو التغطي بها، وقد كانوا يقولون : إذا أغلقنا أبوابنا، واستغشينا ثيابنا، وثنينا صدورنا على عداوة محمد فمن يعلم بنا ؟ وقيل : معنى حين يستغشون : حين يأوون إلى فراشهم، ويتدثرون بثيابهم. وقيل : إنه حقيقة : وذلك أن بعض الكفار كان إذا مرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثنى صدره، وولى ظهره، واستغشى ثيابه، لئلا يسمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجملة :﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ مستأنفة لبيان أنه لا فائدة لهم في الاستخفاء ؛ لأن الله سبحانه يعلم ما يسرّونه في أنفسهم، أو في ذات بينهم وما يظهرونه ؛ فالظاهر والباطن عنده سواء، والسرّ والجهر سيان، وجملة :﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور ﴾ تعليل لما قبلها وتقرير له، وذات الصدور هي : الضمائر التي تشتمل عليها الصدور. وقيل : هي القلوب، والمعنى : إنه عليم بجميع الضمائر، أو عليم بالقلوب وأحوالها في الإسرار والإظهار، فلا يخفى عليه شيء من ذلك.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
قوله :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ اللام متعلقة بخلق : أي خلق هذه المخلوقات ليبتلي عباده بالاعتبار والتفكر والاستدلال، على كمال قدرته، وعلى البعث والجزاء أيهم أحسن عملاً من غيره، ويدخل في العمل الاعتقاد، لأنه من أعمال القلب. وقيل : المراد بالأحسن عملاً : الأتمّ عقلاً، وقيل : الأزهد في الدنيا. وقيل : الأكثر شكراً، وقيل : الأتقى لله. قوله :﴿ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الموت لَيَقُولَنَّ الذين كَفَرُواْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْر مُبِين ﴾ ثم لما كان الابتلاء يتضمن حديث البعث أتبع ذلك بذكره، والمعنى : لئن قلت لهم يا محمد على ما توجبه قضية الابتلاء، إنكم مبعوثون من بعد الموت، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، ليقولن الذين كفروا من الناس إن هذا الذي تقوله يا محمد إلا باطل كبطلان السحر، وخدع كخدعه. ويجوز أن تكون الإشارة بهذا إلى القرآن ؛ لأنه المشتمل على الإخبار بالبعث. وقرأ حمزة والكسائي «إِنْ هذا إِلاَّ ساحر » يعنون النبي صلى الله عليه وسلم، وكسرت إنّ من قوله :﴿ إِنَّكُمْ ﴾ لأنها بعد القول. وحكى سيبويه الفتح على تضمين قلت معنى : ذكرت، أو على أن بمعنى علّ : أي ولئن قلت لعلكم مبعوثون، على أن الرجاء باعتبار حال المخاطبين : أي توقعوا ذلك، ولا تبتوا القول بإنكاره.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
وأخرج البخاري وغيره، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ الآية قال : كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. قال البخاري، وعن ابن عباس :﴿ يَسْتَغْشُونَ ﴾ يغطون رؤوسهم.
وروى البخاري أيضاً عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، يعني به الشك في الله، وعمل السيئات، وكذا روي عن مجاهد والحسن وغيرهما : أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئاً أو عملوه، فيظنون أنهم يستخفون من الله بذلك، فأعلمهم سبحانه أنه حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ من القول ﴿ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، في قوله :﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ ﴾ قال : كان المنافقون إذا مرّ أحدهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى ثوبه، لكيلا يراه، فنزلت. وأخرج ابن جرير، عن الحسن، في قوله :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ ﴾ قال : في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي رزين في الآية قال : كان أحدهم يحني ظهره ويستغشى بثوبه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في الآية قال : كانوا يخفون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله، قال تعالى :﴿ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ ﴾ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا أحنى ظهره، واستغشى بثوبه، وأضمر همه في نفسه، فإن الله لا يخفى عليه ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال في الآية : يكتمون ما في قلوبهم ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا مِن دَابَّةٍ ﴾ الآية قال : يعني ما جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً، ولكن ما كان لها من رزق لها فمن الله. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : حيث تأوي، ومستودعها قال : حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه ﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا ﴾ قال : يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، قال : مستقرّها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. ويؤيد هذا التفسير الذي ذكره ابن مسعود ما أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة، حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة : هذا ما استودعتني». وأخرج عبد الرزاق في المصنف، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس، أنه سئل عن قوله :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء ﴾ على أيّ شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح. وقد وردت أحاديث كثيرة في صفة العرش، وفي كيفية خلق السموات والأرض ليس هذا موضع ذكرها. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم في التاريخ، وابن مردويه، عن ابن عمر، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ فقيل : ما معنى ذلك يا رسول الله ؟ قال :«ليبلوكم أيكم أحسن عقلاً»، ثم قال :«وأحسنكم عقلاً أورعكم عن محارم الله، وأعملكم بطاعة الله» وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : إنكم أتمّ عقلاً. وأخرج أيضاً عن سفيان قال : أزهدكم في الدنيا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : لما نزلت ﴿ اقترب لِلنَّاسِ حسابهم ﴾ قال ناس : إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلاً ثم عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل الله :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ فقال ناس من أهل الضلال : هذا أمر الله قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم، مكر السوء، فأنزل الله هذه الآية :﴿ وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ ﴾ قال : إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ﴾ يعني أهل النفاق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ يقول : وقع بهم العذاب الذي استهزأوا به.
وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ الْمَاءُ؟ قَالَ: عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ. وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ في صفة العرش وفي كيفية خلق السموات وَالْأَرْضِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْحَاكِمُ فِي التَّارِيخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فقال: مَا مَعْنَى ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَقْلًا، ثُمَّ قَالَ: وَأَحْسَنُكُمْ عَقْلًا أَوْرَعُكُمْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَأَعْمَلُكُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ». وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَيُّكُمْ أَتَمُّ عَقْلًا. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: أَزْهَدُكُمْ فِي الدُّنْيَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لما نزلت اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ قَالَ نَاسٌ: إِنِ السَّاعَةَ قَدِ اقْتَرَبَتْ فَتَنَاهَوْا، فَتَنَاهَى الْقَوْمُ قَلِيلًا ثُمَّ عَادُوا إِلَى أَعْمَالِهِمْ أَعْمَالِ السُّوءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ «١» فَقَالَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالِ: هَذَا أَمْرُ اللَّهِ قَدْ أَتَى، فَتَنَاهَى الْقَوْمُ ثُمَّ عَادُوا إِلَى مَكْرِهِمْ مَكْرِ السَّوْءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:
إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ قَالَ: إِلَى أَجَلٍ مَعْدُودٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ يَعْنِي: أَهْلَ النِّفَاقِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ يَقُولُ: وَقَعَ بِهِمُ الْعَذَابُ الَّذِي اسْتَهْزَءُوا بِهِ.
[سورة هود (١١) : الآيات ٩ الى ١٧]
وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١) فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٣)
فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لَا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٦) أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (١٧)
ظُهُورُ أَثَرِ الْإِضْرَارِ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِهِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ إِنْ أَذَاقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْعَبْدَ نَعْمَاءَهُ مِنَ الصِّحَّةِ، وَالسَّلَامَةِ، وَالْغِنَى، بَعْدَ أَنْ كَانَ فِي ضُرٍّ مِنْ فَقْرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ، لَمْ يُقَابِلْ ذَلِكَ بِمَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الشُّكْرِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، بَلْ يَقُولُ: ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ، أَيْ: الْمَصَائِبُ الَّتِي سَاءَتْهُ مِنَ الضُّرِّ وَالْفَقْرِ وَالْخَوْفِ وَالْمَرَضِ عَنْهُ، وَزَالَ أَثَرُهَا غَيْرَ شَاكِرٍ لِلَّهِ، وَلَا مُثْنٍ عَلَيْهِ بِنِعَمِهِ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ أَيْ: كَثِيرُ الْفَرَحِ بَطَرًا وَأَشَرًا، كَثِيرُ الْفَخْرِ عَلَى النَّاسِ وَالتَّطَاوُلِ عَلَيْهِمْ بِمَا يَتَفَضَّلُ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنَ النِّعَمِ، وَفِي التَّعْبِيرِ عَنْ مُلَابَسَةِ الضرّ له: مُنَاسَبَةٌ لِلتَّعْبِيرِ فِي جَانِبِ النَّعْمَاءِ بِالْإِذَاقَةِ، فَإِنَّ كِلَاهُمَا لِأَدْنَى مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمُلَاقَاةِ، كَمَا تَقَدَّمَ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا فَإِنَّ عَادَتَهُمْ الصَّبْرُ عِنْدَ نُزُولِ الْمِحَنِ، وَالشُّكْرُ عِنْدَ حُصُولِ الْمِنَنِ. قَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ، أَيْ:
وَلَكِنِ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي حَالَتَيِ النِّعْمَةِ وَالْمِحْنَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ لَئِنْ أَذَقْنَاهُ، أَيْ:
مِنَ الْإِنْسَانِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ بِمَعْنَى النَّاسِ، وَالنَّاسُ يَشْمَلُ الْكَافِرَ وَالْمُؤْمِنَ، فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:
أُولئِكَ إِلَى الْمَوْصُولِ، بِاعْتِبَارِ اتِّصَافِهِ بِالصَّبْرِ وَعَمَلِ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لِذُنُوبِهِمْ وَأَجْرٌ يُؤْجَرُونَ بِهِ لِأَعْمَالِهِمُ الحسنة كَبِيرٌ متناه في الكبر. ثم سلا اللَّهُ سُبْحَانَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:
فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ أَيْ: فَلَعَلَّكَ لِعِظَمِ مَا تَرَاهُ مِنْهُمْ مِنَ الْكُفْرِ والتكذيب، واقتراح الآيات التي يقترحونها عَلَى حَسَبِ هَوَاهُمْ وَتَعَنُّتِهِمْ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِمَّا أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ وَأَمَرَكَ بِتَبْلِيغِهِ، مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ سَمَاعُهُ أَوْ يَسْتَشِقُّونَ الْعَمَلَ بِهِ، كَسَبِّ آلِهَتِهِمْ، وَأَمْرِهِمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ. قِيلَ: وَهَذَا الْكَلَامُ خَارِجٌ مَخْرَجَ الِاسْتِفْهَامِ، أَيْ: هَلْ أَنْتَ تَارِكٌ؟ وَقِيلَ: هُوَ فِي مَعْنَى النَّفْيِ مَعَ الِاسْتِبْعَادِ أَيْ: لَا يَكُونُ مِنْكَ ذَلِكَ، بَلْ تُبَلِّغُهُمْ جَمِيعَ مَا أَنْزَلَ الله عليك، أحبوا ذلك أم كرهوه، شاؤوا أَمْ أَبَوْا وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَارِكٌ، وَالضَّمِيرُ فِي: بِهِ، رَاجِعٌ إِلَى: مَا، أَوْ: إِلَى بَعْضَ، وَعَبَّرَ بِضَائِقٍ دُونَ ضَيِّقٍ: لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ فِيهِ مَعْنَى الْحُدُوثِ وَالْعُرُوضِ، وَالصِّفَةُ الْمُشَبَّهَةُ فِيهَا مَعْنَى اللُّزُومِ أَنْ يَقُولُوا أَيْ: كَرَاهَةَ أَنْ يَقُولُوا، أَوْ مَخَافَةَ أَنْ يَقُولُوا، أَوْ لِئَلَّا يَقُولُوا: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَيْ: هَلَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَيْ: مَالٌ مَكْنُوزٌ مَخْزُونٌ يَنْتَفِعُ بِهِ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ يُصَدِّقُهُ وَيُبَيِّنُ لَنَا صِحَّةَ رِسَالَتِهِ ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ: أَنَّ حَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم مقصور
قَوْلُهُ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أَمْ: هِيَ الْمُنْقَطِعَةُ الَّتِي بِمَعْنَى بَلْ وَالْهَمْزَةُ، وَأَضْرَبَ عَمَّا تَقَدَّمَ مِنْ تَهَاوُنِهِمْ بِالْوَحْيِ، وَعَدَمِ قُنُوعِهِمْ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَشَرَعَ فِي ذِكْرِ ارْتِكَابِهِمْ لِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ افْتِرَاؤُهُمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ افْتَرَاهُ، وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ، وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي افْتَرَاهُ: لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وَالْبَارِزُ: إِلَى مَا يُوحَى. ثُمَّ أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُجِيبَ عَلَيْهِمْ بِمَا يُقْطِعَهُمْ، وَيُبَيِّنُ كَذِبَهُمْ، وَيُظْهِرُ بِهِ عَجْزَهُمْ، فَقَالَ: قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ أَيْ: مُمَاثَلَةٍ لَهُ فِي الْبَلَاغَةِ، وَحُسْنِ النَّظْمِ، وَجَزَالَةِ اللَّفْظِ، وَفَخَامَةِ الْمَعَانِي، وَوَصْفِ السُّوَرِ بِمَا يُوصَفُ بِهِ الْمُفْرَدُ، فقال: مثله، وَلَمْ يَقُلْ: أَمْثَالَهُ، لِأَنَّ الْمُرَادَ مُمَاثَلَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السُّوَرِ، أَوْ لِقَصْدِ الْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ الشَّبَهِ، وَمَدَارُهُ الْمُمَاثَلَةُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْبَلَاغَةُ الْبَالِغَةُ إِلَى حَدِّ الْإِعْجَازِ، وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُطَابَقَةَ فِي الْجَمْعِ وَالتَّثْنِيَةِ وَالْإِفْرَادِ شَرْطٌ، ثُمَّ وَصَفَ السُّوَرَ بِصِفَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ: مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا لِلِاسْتِظْهَارِ عَلَى الْمُعَارَضَةِ بِالْعَشْرِ السُّوَرِ مَنِ اسْتَطَعْتُمْ دُعَاءَهُ وَقَدَرْتُمْ عَلَى الِاسْتِعَانَةِ بِهِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ، وَمِمَّنْ تَعْبُدُونَهُ وَتَجْعَلُونَهُ شَرِيكًا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ. وَقَوْلُهُ: مِنْ دُونِ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِادْعُوا أَيِ: ادْعُوَا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مُتَجَاوِزِينَ اللَّهَ تَعَالَى: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فيما تزعمون من افترائي له فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ أَيْ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا مَا طَلَبْتَهُ مِنْهُمْ وَتَحَدَّيْتَهُمْ بِهِ مِنَ الْإِتْيَانِ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ، وَلَا اسْتَجَابُوا إِلَى الْمُعَارَضَةِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُمْ، وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي لَكُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، أَوْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ، وَجَمَعَ تَعْظِيمًا وَتَفْخِيمًا فَاعْلَمُوا أَمَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، أَوْ لِلرَّسُولِ وَحْدَهُ، عَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي سَلَفَ قَرِيبًا. وَمَعْنَى أَمْرِهِمْ بِالْعِلْمِ: أَمْرُهُمْ بِالثَّبَاتِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُمْ عَالِمُونَ بِذَلِكَ مِنْ قَبْلِ عَجْزِ الْكُفَّارِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ بِالْعِلْمِ: الْأَمْرُ بِالِازْدِيَادِ مِنْهُ إِلَى حَدٍّ لَا يَشُوبُهُ شَكٌّ، وَلَا تُخَالِطُهُ شُبْهَةٌ، وَهُوَ عِلْمُ الْيَقِينِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَمَعْنَى أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ أُنْزِلَ مُتَلَبِّسًا بِعِلْمِ اللَّهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ، الَّذِي لَا تَطَّلِعُ عَلَى كُنْهِهِ الْعُقُولُ، وَلَا تَسْتَوْضِحُ مَعْنَاهُ الْأَفْهَامُ، لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِعْجَازِ الْخَارِجِ عَنْ طَوْقِ الْبَشَرِ وَأَنْ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ أَيْ: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُتَفَرِّدُ بِالْأُلُوهِيَّةِ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا يَقْدِرُ غَيْرُهُ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. ثُمَّ خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أَيْ: ثَابِتُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ، مخلصون له، مزادون مِنَ الطَّاعَاتِ، لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَكُمْ بِعَجْزِ الْكُفَّارِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ عَشْرِ سُوَرٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ طُمَأْنِينَةٌ فَوْقَ مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ وَبَصِيرَةٌ زَائِدَةٌ، وَإِنَّ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلِ هَذَا، فَإِنَّ الثُّبُوتَ عَلَيْهِ وَزِيَادَةَ الْبَصِيرَةِ فِيهِ وَالطُّمَأْنِينَةَ بِهِ مَطْلُوبٌ مِنْكُمْ. وَقِيلَ: إِنَّ الضَّمِيرَ فِي فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِلْمَوْصُولِ فِي مَنِ اسْتَطَعْتُمْ، وَضَمِيرُ لَكُمْ: لِلْكُفَّارِ الَّذِينَ تَحَدَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ ضَمِيرُ: فَاعْلَمُوا، وَالْمَعْنَى: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِبْ لَكُمْ مَنْ دَعَوْتُمُوهُمْ لِلْمُعَاضَدَةِ وَالْمُنَاصَرَةِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِنْ سَائِرِ الْكُفَّارِ وَمَنْ يَعْبُدُونَهُمْ، وَيَزْعُمُونَ: أَنَّهُمْ يَضُرُّونَ وَيَنْفَعُونَ، فَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى هَذَا الرَّسُولِ خَارِجٌ عَنْ قُدْرَةِ غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِعْجَازِ الَّذِي تَتَقَاصَرُ دُونَهُ قُوَّةُ الْمَخْلُوقِينَ، وَأَنَّهُ أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا تُحِيطُ بِهِ الْعُقُولُ وَلَا
إِنَّ عَدَمَ اسْتِجَابَةِ مَنْ دَعَوْهُمْ وَاسْتَعَانُوا بِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْآلِهَةِ مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى نَصْرِهِمْ وَمُعَاضِدَتِهِمْ وَمُبَالَغَتِهِمْ فِي عَدَمِ إِيمَانِهِمْ وَاسْتِمْرَارِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ يُفِيدُ حُصُولَ الْعِلْمِ لِهَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ بِأَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الْإِلَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَذَلِكَ يُوجِبُ دُخُولَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَ التَّحَدِّي لِلْكُفَّارِ بِمُعَارَضَةِ الْقُرْآنِ، فَتَارَةً وَقَعَ بِمَجْمُوعِ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَبِعَشْرِ سُوَرٍ كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ أَوَّلُ عَقْدٍ مِنَ الْعُقُودِ، وَبِسُورَةٍ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَذَلِكَ لِأَنَّ السُّورَةَ أَقَلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ تَوَعَّدَ مَنْ كَانَ مَقْصُورَ الْهِمَّةِ عَلَى الدُّنْيَا، لَا يَطْلُبُ غَيْرَهَا، وَلَا يُرِيدُ سِوَاهَا، فَقَالَ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها «١» قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّ: كَانَ هَذِهِ، زَائِدَةٌ، وَلِهَذَا جُزِمَ الْجَوَابُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَنْ كانَ فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ بِالشَّرْطِ، وَجَوَابُهُ نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَيْ مَنْ يَكُنْ يُرِيدُ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ الضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ وَاخْتَارَهُ النَّحَّاسُ بِدَلِيلِ الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَقِيلَ: الْآيَةُ وَارِدَةٌ فِي النَّاسِ عَلَى الْعُمُومِ كَافِرِهِمْ وَمُسْلِمِهِمْ. وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ كَانَ يُرِيدُ بِعَمَلِهِ حَظَّ الدُّنْيَا يُكَافَأُ بِذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِزِينَتِهَا: مَا يُزَيِّنُهَا وَيُحَسِّنُهَا مِنَ الصِّحَّةِ وَالْأَمْنِ وَالسِّعَةِ فِي الرِّزْقِ وَارْتِفَاعِ الْحَظِّ وَنَفَاذِ الْقَوْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَإِدْخَالُ كانَ فِي الْآيَةِ يُفِيدُ أَنَّهُمْ مُسْتَمِرُّونَ عَلَى إِرَادَةِ الدُّنْيَا بِأَعْمَالِهِمْ لَا يَكَادُونَ يُرِيدُونَ الْآخِرَةَ، وَلِهَذَا قِيلَ: إِنَّهُمْ مَعَ إِعْطَائِهِمْ حُظُوظَ الدُّنْيَا يُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهُمْ جَرَّدُوا قَصْدَهُمْ إِلَى الدُّنْيَا، وَلَمْ يَعْمَلُوا لِلْآخِرَةِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها أَنَّ مَنْ أَرَادَ بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا حَصَلَ لَهُ الْجَزَاءُ الدُّنْيَوِيُّ وَلَا مَحَالَةَ، وَلَكِنَّ الْوَاقِعَ فِي الْخَارِجِ يُخَالِفُ ذَلِكَ، فَلَيْسَ كُلُّ مُتَمَنٍّ يَنَالُ مِنَ الدُّنْيَا أُمْنِيَّتَهُ، وَإِنْ عَمِلَ لَهَا وَأَرَادَهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُطْلَقَةٌ، وَكَذَلِكَ الْآيَةُ الَّتِي في الشورى: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها «٢»، وكذلك وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها «٣» قَيَّدَتْهَا وَفَسَّرَتْهَا الَّتِي فِي سُبْحَانَ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها مَا نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ «٤» قَوْلُهُ: وَهُمْ فِيها لَا يُبْخَسُونَ أَيْ: وَهَؤُلَاءِ الْمُرِيدُونَ بِأَعْمَالِهِمُ الدُّنْيَا هُمْ فِيهَا: أَيْ فِي الدُّنْيَا لَا يُبْخَسُونَ أَيْ: لَا يُنْقَصُونَ مِنْ جَزَائِهِمْ فِيهَا بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ لَهَا، وَذَلِكَ فِي الْغَالِبِ وَلَيْسَ بِمُطَّرِدٍ، بَلْ إِنْ قَضَتْ بِهِ مَشِيئَتُهُ سُبْحَانَهُ، وَرَجَّحَتْهُ حِكْمَتُهُ الْبَالِغَةُ.
وَقَالَ الْقَاضِي: مَعْنَى الْآيَةِ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ بِعَمَلِ الْخَيْرِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ وَافِيَةً كَامِلَةً، مِنْ غَيْرِ بَخْسٍ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ مَا يَنَالُونَ مِنَ الصِّحَّةِ وَالْكَفَافِ وَسَائِرِ اللَّذَّاتِ وَالْمَنَافِعِ، فَخَصَّ الْجَزَاءَ بِمِثْلِ مَا ذَكَرَهُ، وَهُوَ حَاصِلٌ لِكُلِّ عَامِلٍ لِلدُّنْيَا وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا يَسِيرًا. قَوْلُهُ: أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ
(٢). الشورى: ٢٠.
(٣). آل عمران: ١٤٥.
(٤). الإسراء: ١٨.
أَفَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَيَانٌ مِنَ اللَّهِ وَمُعْجِزَةٌ كَالْقُرْآنِ وَمَعَهُ شَاهِدٌ كَجِبْرِيلَ، وَقَدْ بَشَّرَتْ بِهِ الْكُتُبُ السَّالِفَةُ، كَمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا. وَمَعْنَى الْبَيِّنَةِ: الْبُرْهَانُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْحَقِّ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ رَاجِعٌ إِلَى الْبَيِّنَةِ بِاعْتِبَارِ تَأْوِيلِهَا بِالْبُرْهَانِ، وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ: رَاجِعٌ إِلَى الْقُرْآنِ، لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي قَوْلِهِ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أَوْ رَاجَعٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَالْمَعْنَى: وَيَتْلُو الْبُرْهَانَ الَّذِي هُوَ الْبَيِّنَةُ شَاهِدٌ يَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ مِنَ الْقُرْآنِ، أَوْ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَالشَّاهِدُ: هُوَ الْإِعْجَازُ الْكَائِنُ فِي الْقُرْآنِ، أَوِ الْمُعْجِزَاتُ الَّتِي ظَهَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الشَّوَاهِدِ التَّابِعَةِ لِلْقُرْآنِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ:
الْإِنْجِيلُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَهُوَ يَتْلُو الْقُرْآنَ فِي التَّصْدِيقِ، وَالْهَاءُ فِي مِنْهُ: لِلَّهِ عَزَّ وجلّ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ ربه: هم مؤمنوا أَهْلِ الْكِتَابِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَضْرَابِهِ. قَوْلُهُ: وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى مَعْطُوفٌ عَلَى شَاهِدٌ، وَالتَّقْدِيرُ: وَيَتْلُو الشَّاهِدَ شَاهِدٌ آخَرُ مِنْ قَبْلِهِ هُوَ كِتَابُ مُوسَى، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا فِي النُّزُولِ فَهُوَ يَتْلُو الشَّاهِدَ فِي الشَّهَادَةِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الشَّاهِدَ عَلَى كِتَابِ مُوسَى مَعَ كَوْنِهِ مُتَأَخِّرًا فِي الْوُجُودِ لِكَوْنِهِ وَصْفًا لَازِمًا غَيْرَ مُفَارِقٍ، فَكَانَ أَغْرَقَ فِي الْوَصْفِيَّةِ من كتاب موسى. ومعنى شهادة مُوسَى، وَهُوَ التَّوْرَاةُ أَنَّهُ بَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْمَعْنَى وَيَتْلُوهُ مِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى لأن النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ مَوْصُوفٌ فِي كِتَابِ مُوسَى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ. وَحَكَى أَبُو حَاتِمٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَرَأَ: وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى بِالنَّصْبِ. وَحَكَاهُ الَمَهَدَوِيُّ عَنِ الْكَلْبِيِّ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى الْهَاءِ فِي يَتْلُوهُ.
وَالْمَعْنَى: وَيَتْلُو كِتَابَ مُوسَى جِبْرِيلُ، وَانْتِصَابُ إِمَامًا وَرَحْمَةً عَلَى الْحَالِ. وَالْإِمَامُ: هُوَ الَّذِي يُؤْتَمُّ بِهِ فِي الدِّينِ وَيُقْتَدَى بِهِ، وَالرَّحْمَةُ: النِّعْمَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى مَنْ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُوَافِقَةِ لِحُكْمِ الْقُرْآنِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ أُولئِكَ إِلَى الْمُتَّصِفِينَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ الْفَاضِلَةِ، وَهُوَ الْكَوْنُ عَلَى الْبَيِّنَةِ مِنَ اللَّهِ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ يُؤْمِنُونَ بِهِ أَيْ: يُصَدِّقُونَ بالنبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ أَوْ بِالْقُرْآنِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ أَيْ: بِالنَّبِيِّ أَوْ بِالْقُرْآنِ. وَالْأَحْزَابُ: الْمُتَحَزِّبُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ، أَوِ: الْمُتَحَزِّبُونَ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ أَيْ: هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَا
أَوْرَدْتُمُوهَا حِيَاضَ الْمَوْتِ ضَاحِيَةً | فَالنَّارُ مَوْعِدُهَا وَالْمَوْتُ لَاقِيهَا |
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ قَالَ: لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: أَخْبِرْنَا عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا إِلَى قَوْلِهِ: وَباطِلٌ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ قَالَ: وَيْحَكَ، ذَاكَ مِنْ كَانَ يُرِيدُ الدُّنْيَا لَا يُرِيدُ الْآخِرَةَ. وَأَخْرَجَ النَّحَّاسُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا أَيْ: ثَوَابَهَا وَزِينَتَها مَالَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ نُوَفِّرْ لَهُمْ بِالصِّحَّةِ وَالسُّرُورِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ وَهُمْ فِيها لَا يُبْخَسُونَ لَا يُنْقَصُونَ، ثُمَّ نَسَخَهَا: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ «١» الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا الْتِمَاسَ الدُّنْيَا: صَوْمًا أَوْ صَلَاةً أَوْ تَهَجُّدًا بِاللَّيْلِ لَا يَعْمَلُهُ إِلَّا الْتِمَاسَ الدُّنْيَا، يَقُولُ اللَّهُ: أُوَ فِّيهِ الَّذِي الْتَمَسَ فِي الدُّنْيَا وَحَبِطَ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ، وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ قَالَ: طَيِّبَاتِهُمْ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيها قَالَ: حَبِطَ مَا عَمِلُوا مِنْ خَيْرٍ، وَبَطَلَ فِي الْآخِرَةِ لَيْسَ لَهُمْ فِيهَا جَزَاءٌ. وَأَخْرُجُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الرِّيَاءِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ، عَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: مَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا نَزَلَ فِيهِ طَائِفَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا نَزَلْ فِيكَ؟ قَالَ: أَمَّا تَقْرَأُ سُورَةَ هُودٍ أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّهِ وَأَنَا شَاهِدٌ مِنْهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَنَا، وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ «عَلِيٌّ».
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ قَالَ: ذَاكَ محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ أَنَّكَ أَنْتَ التَّالِي، قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي أَنَا هُوَ، وَلَكِنَّهُ لسان محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الشَّاهِدَ جِبْرِيلُ وَوَافَقَهُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
قيل : وهذا الكلام خارج مخرج الاستفهام : أي هل أنت تارك ؟ وقيل : هو في معنى النفي مع الاستبعاد : أي لا يكون منك ذلك، بل تبلغهم جميع ما أنزل الله عليك، أحبوا ذلك أم كرهوه، شاءوا أم أبوا ﴿ وَضَائِق بِهِ صَدْرُكَ ﴾ معطوف على تارك، والضمير في به راجع إلى ما أو إلى بعض، وعبر بضائق دون ضيق لأن اسم الفاعل فيه معنى الحدوث والعروض والصفة المشبهة فيها معنى اللزوم ﴿ أَن يَقُولُواْ ﴾ أي : كراهة أن يقولوا، أو مخافة أن يقولوا أو لئلا يقولوا ﴿ لَوْلاَ أُنُزِلَ عَلَيْهِ كَنز ﴾ أي : هلا أنزل عليه كنز : أي مال مكنوز مخزون ينتفع به ﴿ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَك ﴾ يصدّقه ويبين لنا صحة رسالته. ثم بيّن سبحانه أن حاله صلى الله عليه وسلم مقصور على النذارة، فقال :﴿ إِنَّمَا أَنتَ نَذِير ﴾ ليس عليك إلا الإنذار بما أوحي إليك، وليس عليك حصول مطلوبهم وإيجاد مقترحاتهم ﴿ والله على كُلّ شَيْء وَكِيل ﴾ يحفظ ما يقولون، وهو فاعل بهم ما يجب أن يفعل.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
ومعنى أمرهم بالعلم، أمرهم بالثبات عليه ؛ لأنهم عالمون بذلك من قبل عجز الكفار عن الإتيان بعشر سور مثله، أو المراد بالأمر بالعلم : الأمر بالازدياد منه، إلى حدّ لا يشوبه شك، ولا تخالطه شبهة، وهو علم اليقين. والأوّل : أولى. ومعنى :﴿ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ الله ﴾ أنه أنزل متلبساً بعلم الله المختص به، الذي لا تطلع على كنهه العقول، ولا تستوضح معناه الأفهام، لما اشتمل عليه من الإعجاز الخارج عن طوق البشر ﴿ وَأَن لا إله إِلاَّ هُوَ ﴾ أي : واعلموا أن الله هو المتفرد بالألوهية لا شريك له، ولا يقدره غيره على ما يقدر عليه. ثم ختم الآية بقوله :﴿ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ أي : ثابتون على الإسلام، مخلصون له، مزدادون من الطاعات، لأنه قد حصل لكم بعجز الكفار عن الإتيان بمثل عشر سور من هذا الكتاب طمأنينة فوق ما كنتم عليه، وبصيرة زائدة، وإن كنتم مسلمين من قبل هذا فإن الثبوت عليه وزيادة البصيرة فيه والطمأنينة به مطلوب منكم. وقيل : إن الضمير في ﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ ﴾ للموصول في ﴿ من استطعتم ﴾، وضمير لكم للكفار، الذين تحدّاهم رسول الله، وكذلك ضمير فاعلموا والمعنى : فإن لم يستجب لكم من دعوتموهم للمعاضدة والمناصرة على الإتيان بعشر سور من سائر الكفار ومن يعبدونهم، ويزعمون أنهم يضرّون وينفعون، فاعلموا أن هذا القرآن الذي أنزله الله على هذا الرسول، خارج عن قدرة غيره سبحانه وتعالى، لما اشتمل عليه من الإعجاز الذي تتقاصر دونه قوّة المخلوقين، وأنه أنزل بعلم الله الذي لا تحيط به العقول، ولا تبلغه الأفهام، واعلموا أنه المنفرد بالألوهية لا شريك له، فهل أنتم بعد هذا مسلمون ؟ أي : داخلون في الإسلام، متبعون لأحكامه، مقتدون بشرائعه. وهذا الوجه أقوى من الوجه الأوّل من جهة، وأضعف منه من جهة، فأما جهة قوّته. فلانتساق الضمائر وتناسبها، وعدم احتياج بعضها إلى تأويل، وأما ضعفه، فَلِما في ترتيب الأمر بالعلم على عدم الاستجابة ممن دعوهم واستعانوا بهم من الخفاء واحتياجه إلى تكلف، وهو أن يقال : إن عدم استجابة من دعوهم واستعانوا بهم من الكفار والآلهة مع حرصهم على نصرهم، ومعاضدتهم، ومبالغتهم في عدم إيمانهم واستمرارهم على الكفر، يفيد حصول العلم لهؤلاء الكفار، بأن هذا القرآن من عند الله، وأن الله سبحانه هو الإله وحده لا شريك له، وذلك يوجب دخولهم في الإسلام، واعلم أنه قد اختلف التحدّي للكفار بمعارضة القرآن، فتارة وقع بمجموع القرآن، كقوله :﴿ قُل لَّئِنِ اجتمعت الإنس والجن على أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هذا القرءان لاَ يَأْتُونَ ﴾ وبعشر سور كما في هذه الآية، وذلك لأن العشرة أوّل عقد من العقود، وبسورة منه كما تقدّم، وذلك لأن السورة أقلّ طائفة منه.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
قوله :﴿ أُوْلَئِكَ الذين لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخرة إِلاَّ النار ﴾ الإشارة إلى المريدين المذكورين، ولا بدّ من تقييد هذا بأنهم لم يريدوا الآخرة بشيء من الأعمال المعتدّ بها، الموجبة للجزاء الحسن في الدار الآخرة، أو تكون الآية خاصة بالكفار، كما تقدّم ﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ ﴾ أي : ظهر في الدار الآخرة حبوط ما صنعوه من الأعمال التي كانت صورتها صورة الطاعات الموجبة للجزاء الأخروي، لولا أنهم أفسدوها بفساد مقاصدهم، وعدم الخلوص، وإرادة ما عند الله في دار الجزاء، بل قصروا ذلك على الدنيا وزينتها ؛ ثم حكم سبحانه ببطلان عملهم فقال :﴿ وباطل مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ أي : أنه كان عملهم في نفسه باطلاً غير معتدّ به، لأنه لم يعمل لوجه صحيح يوجب الجزاء، ويترتب عليه ما يترتب على العمل الصحيح.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
قوله :﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ معطوف على شاهد. والتقدير : ويتلو الشاهد شاهد آخر من قبله هو كتاب موسى، فهو وإن كان متقدّماً في النزول، فهو يتلو الشاهد في الشهادة، وإنما قدم الشاهد على كتاب موسى، مع كونه متأخراً في الوجود، لكونه وصفاً لازماً غير مفارق، فكان أغرق في الوصفية من كتاب موسى. ومعنى شهادة كتاب موسى، وهو التوراة أنه بشّر بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأخبر بأنه رسول من الله. قال الزجاج : والمعنى ويتلوه من قبله كتاب موسى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم موصوف في كتاب موسى، يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل. وحكى أبو حاتم، عن بعضهم، أنه قرأ :﴿ ومن قبله كتاب موسى ﴾ بالنصب، وحكاه المهدوي، عن الكلبي، فيكون معطوفاً على الهاء في يتلوه. والمعنى : ويتلو كتاب موسى جبريل، وانتصاب إماماً ورحمة على الحال. والإمام : هو الذي يؤتمّ به في الدين ويقتدى به، والرحمة : النعمة العظيمة التي أنعم الله بها على من أنزله عليهم، وعلى من بعدهم باعتبار ما اشتمل عليه من الأحكام الشرعية الموافقة لحكم القرآن، والإشارة بقوله :﴿ أولئك ﴾ إلى المتصفين بتلك الصفة الفاضلة، وهو الكون على البينة من الله. واسم الإشارة مبتدأ وخبره ﴿ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ أي : يصدّقونه بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، أو بالقرآن ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ أي : بالنبيّ أو بالقرآن. والأحزاب المتحزّبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكة وغيرهم، أو المتحزّبون من أهل الأديان كلها ﴿ فالنار مَوْعِدُهُ ﴾ أي : هو من أهل النار لا محالة، وفي جعل النار موعداً إشعار بأن فيها ما لا يحيط به الوصف من أفانين العذاب، ومثله قول حسان :
أوردتموها حياض الموت صاحية | فالنار موعدها والموت لاقيها |
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، في قوله :﴿ نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾ قال : طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، نحوه. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا ﴾ قال : حبط ما عملوا من خير، وبطل في الآخرة، ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في الآية، قال : هم أهل الرياء.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن عليّ بن أبي طالب، قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل : ما نزل فيك ؟ قال : أما تقرأ سورة هود ﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ منْهُ ﴾ رسول الله صلى الله عليه وسلم بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه من وجه آخر عنه، قال : قال رسول الله :«أفمن كان على بينة من ربه : أنا، ويتلوه شاهد منه : عليّ» وأخرج أبو الشيخ، عن أبي العالية، في قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ من ربّهِ ﴾ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم، نحوه. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، عن محمد بن عليّ بن أبي طالب، قال : قلت لأبي : إن الناس يزعمون في قول الله سبحانه :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ أنك أنت التالي، قال : وددت أني أنا هو، ولكنه لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الشاهد جبريل ووافقه سعيد بن جبير. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس، قال : جبريل فهو شاهد من الله بالذي يتلوه من كتاب الله الذي أنزل على محمد ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله التوراة على لسان موسى، كما تلا القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن الحسن بن عليّ، في قوله :﴿ وَيَتْلُوهُ شَاهِد منْهُ ﴾ قال : محمد هو الشاهد من الله. وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم ﴿ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى ﴾ قال : ومن قبله جاء الكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ، عن قتادة، قال :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ قال: من اليهود والنّصارى.
[سورة هود (١١) : الآيات ١٨ الى ٢٤]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (١٩) أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ مَا كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠) أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٤)
قَوْلُهُ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَيْ: لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِنْهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمُ افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا بِقَوْلِهِمْ لِأَصْنَامِهِمْ: هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ، وَقَوْلِهِمْ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَأَضَافُوا كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَاللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْتَضِي إِلَّا نَفْيَ وُجُودِ مَنْ هُوَ أَظْلَمُ مِنْهُمْ كَمَا يُفِيدُهُ الِاسْتِفْهَامُ الْإِنْكَارِيُّ، فَالْمَقَامُ يُفِيدُ نَفْيَ الْمُسَاوِي لَهُمْ فِي الظُّلْمِ. فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا: لَا أَحَدَ مِثْلَهُمْ فِي الظُّلْمِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُوجَدَ مَنْ هُوَ أَظْلَمُ مِنْهُمْ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: أُولَئِكَ، إِلَى الْمَوْصُوفِينَ بِالظُّلْمِ الْمُتَبَالِغِ، وَهُوَ: مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ: يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ فَيُحَاسِبُهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ، أَوِ الْمُرَادُ بِعَرْضِهِمْ: عَرْضُ أَعْمَالِهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ الْأَشْهَادُ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ الْحَفَظَةُ، وَقِيلَ: الْمُرْسَلُونَ، وَقِيلَ: الْمَلَائِكَةُ وَالْمُرْسَلُونَ وَالْعُلَمَاءُ الذي بَلَّغُوا مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِإِبْلَاغِهِ، وَقِيلَ: جَمِيعُ الْخَلَائِقِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْأَشْهَادُ عِنْدَ الْعَرْضِ: هَؤُلَاءِ الْمُعْرَضُونَ أَوِ الْمَعْرُوضَةُ أَعْمَالِهِمُ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ بِمَا نَسَبُوهُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِمَا كَذَبُوا بِهِ كَأَنَّهُ كَانَ أَمْرًا مَعْلُومًا عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ. قَوْلُهُ: أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ هَذَا مِنْ تَمَامِ كَلَامِ الْأَشْهَادِ، أَيْ: يَقُولُونَ:
هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ، وَيَقُولُونَ: أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِالِافْتِرَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ قاله بعد ما قَالَ الْأَشْهَادُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ. وَالْأَشْهَادُ: جَمْعُ شَهِيدٍ، وَرَجَّحَهُ أَبُو عَلِيٍّ بِكَثْرَةِ وُرُودِ شَهِيدٍ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ: وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً «١». فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً وقيل: هو جمع شاهد، كأصحاب وصاحب،
وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ: أَنَّهُمْ جَعَلُوا آلِهَتَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ، فَمَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ، فَكَيْفَ يَنْفَعُونَهُمْ فَيَجْلِبُونَ لَهُمْ نَفْعًا أَوْ يَدْفَعُونَ عَنْهُمْ ضَرَرًا؟ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا هِيَ الْمَدِّيَّةُ «١». وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مُدَّةَ اسْتِطَاعَتِهِمُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ لِأَنَّ اللَّهَ أَضَلَّهُمْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لبغضهم النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَعَدَاوَتِهِمْ لَهُ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَسْمَعُوا مِنْهُ وَلَا يَفْهَمُوا عَنْهُ. قَالَ النَّحَّاسُ: هَذَا مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، يُقَالُ فُلَانٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى فُلَانٍ: إِذَا كَانَ ثَقِيلًا عَلَيْهِ أُولئِكَ
الْمُتَّصِفُونَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ
بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ. وَالْمَعْنَى: اشْتَرَوْا عِبَادَةَ الْآلِهَةِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ فَكَانَ خُسْرَانُهُمْ فِي تِجَارَتِهِمْ أَعْظَمَ خُسْرَانٍ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ
أَيْ: ذَهَبَ وَضَاعَ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ مِنَ الْآلِهَةِ الَّتِي يَدَّعُونَ أَنَّهَا تَشْفَعُ لَهُمْ، وَلَمْ يَبْقَ بِأَيْدِيهِمْ إِلَّا الْخُسْرَانُ، قَوْلُهُ: لَا جَرَمَ قَالَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ:
لَا جَرَمَ بِمَعْنَى: حَقٍّ، فَهِيَ عِنْدَهُمَا بِمَنْزِلَةِ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَبِهِ قَالَ الْفَرَّاءُ. وَرُوِيَ عَنِ الْخَلِيلِ وَالْفَرَّاءِ:
أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ لَا بُدَّ وَلَا مَحَالَةَ، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا حَتَّى صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ حَقًّا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: إِنَّ جَرَمَ بِمَعْنَى:
كَسَبَ، أَيْ: كَسَبَ ذَلِكَ الْفِعْلُ لَهُمُ الْخُسْرَانَ، وَفَاعِلُ كَسَبَ مُضْمَرٌ، وَأَنَّ مَنْصُوبَةٌ بِجَرَمَ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ:
وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا نُقِلَ فِي هَذِهِ اللُّغَةِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: مَعْنَى لَا جَرَمَ: لَا صَدَّ، وَلَا مَنْعَ عَنْ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ: إِنَّ مَعْنَى لَا جرم لا قطعه قَاطِعٌ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ قَالُوا: وَالْجَرْمُ، الْقَطْعُ، وَقَدْ جَرَمَ النَّخْلَ وَاجْتَرَمَهُ: أَيْ: قطعه، وفي هذه الآية بيان أنهم
وَهُوَ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الْوَاسِعَةُ، فَيُنَاسِبُ مَعْنَى الْخُشُوعِ وَالِاطْمِئْنَانِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِلَى رَبِّهِمْ، وَلِرَبِّهِمْ وَاحِدٌ أُولئِكَ الْمَوْصُوفُونَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ الصَّالِحَةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ. قَوْلُهُ: مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ضَرَبَ لِلْفَرِيقَيْنِ مَثَلًا، وَهُوَ تَشْبِيهُ فَرِيقِ الْكَافِرِينَ بِالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ، وَتَشْبِيهُ فَرِيقِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ، عَلَى أَنَّ كُلَّ فَرِيقٍ شُبِّهَ بِشَيْئَيْنِ، أَوْ شُبِّهَ بِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، فَالْكَافِرُ شُبِّهَ بِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْعَمَى وَالصَّمَمِ، وَالْمُؤْمِنُ شُبِّهَ بِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الواو في وَالْأَصَمِّ وفي وَالسَّمِيعِ بعطف الصِّفَةِ عَلَى الصِّفَةِ، كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
إِلَى الْمَلِكِ الْقَرِمِ وَابْنِ الْهُمَامِ...
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ هَلْ يَسْتَوِيانِ لِلْإِنْكَارِ: يَعْنِي الْفَرِيقَيْنِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ:
أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَانْتِصَابُ مَثَلًا عَلَى التَّمْيِيزِ مِنْ فَاعِلِ يَسْتَوِيَانِ، أَيْ: هَلْ يَسْتَوِيَانِ حَالًا وَصِفَةً أَفَلا تَذَكَّرُونَ فِي عَدَمِ اسْتِوَائِهِمَا وَفِيمَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّفَاوُتِ الظَّاهِرِ الَّذِي لا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ تَذَكُّرٌ، وَعِنْدَهُ تَفَكُّرٌ وَتَأَمُّلٌ، وَالْهَمْزَةُ لِإِنْكَارِ عَدَمِ التَّذَكُّرِ وَاسْتِبْعَادِ صُدُورِهِ عَنِ الْمُخَاطَبِينَ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ أَظْلَمُ قَالَ: الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ فَيَسْأَلُهُمْ عَنْ أَعْمَالِهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ الَّذِينَ كَانُوا يَحْفَظُونَ أَعْمَالَهُمْ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ شَهِدُوا بِهِ عَلَيْهِمْ يوم القيامة. وأخرج ابن جرير عن مجاهد قَالَ:
الْأَشْهَادُ: الْمَلَائِكَةُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ حَتَّى يضع عليه كَنَفَهُ وَيَسْتُرَهُ مِنَ النَّاسِ وَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، وَيَقُولُ لَهُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: رَبِّ أَعْرِفُ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ قَالَ: فَإِنِّي سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ. وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ». وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: هُوَ مُحَمَّدٌ، يَعْنِي: سَبِيلَ اللَّهِ، صَدَّتْ قُرَيْشٌ عَنْهُ النَّاسَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَبْغُونَها عِوَجاً يَعْنِي يَرْجُونَ بِمَكَّةَ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ الْآيَةَ قَالَ: أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ حَالَ بَيْنَ أَهْلِ الشِّرْكِ وَبَيْنَ طَاعَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ قَالَ: مَا كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ قَالَ:
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
وقرأ ابن كثير، وابن عامر، ويزيد ويعقوب ﴿ يضعّف ﴾ مشدّداً ﴿ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع ﴾ أي : أفرطوا في إعراضهم عن الحق، وبغضهم له، حتى كأنهم لا يقدرون على السمع ولا يقدرون على الإبصار، لفرط تعاميهم عن الصواب. ويجوز أن يراد بقوله :﴿ وَمَا كَانَ لَهُمْ مّن دُونِ الله مِنْ أَوْلِيَاء ﴾ أنهم جعلوا آلهتهم أولياء من دون الله، ولا ينفعهم ذلك، فما كان هؤلاء الأولياء يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون، فكيف ينفعونهم فيجلبون لهم نفعاً أو يدفعون عنهم ضرراً، ويجوز أن تكون «ما » هي المدية. والمعنى : أنه يضاعف لهم العذاب مدّة استطاعتهم السمع والبصر. قال الفراء : ما كانوا يستطيعون السمع، لأن الله أضلهم في اللوح المحفوظ. وقال الزجاج : لبغضهم النبي صلى الله عليه وسلم. وعداوتهم له لا يستطيعون أن يسمعوا منه ولا يفهموا عنه.
قال النحاس : هذا معروف في كلام العرب، يقال : فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان : إذا كان ثقيلاً عليه
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
إلى الملك القرم وابن الهمام ***. . .
والاستفهام في قوله :﴿ هَلْ يَسْتَوِيَانِ ﴾ للإنكار : يعني الفريقين، وهذه الجملة مقرّرة لما تقدّم من قوله :﴿ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ مّن رَبّهِ ﴾ وانتصاب مثلاً على التمييز من فاعل يستويان : أي هل يستويان حالاً وصفة ﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ في عدم استوائهما، وفيما بينهما من التفاوت الظاهر الذي يخفى على من له تذكر، وعنده تفكر وتأمل، والهمزة لإنكار عدم التذكر واستبعاد صدوره عن المخاطبين.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
[سورة هود (١١) : الآيات ٢٥ الى ٣٤]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (٢٧) قالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ (٢٨) وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (٢٩)
وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣٠) وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٣١) قالُوا يَا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣٢) قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٣٣) وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣٤)
لِمَا أَوْرَدَ سُبْحَانَهُ عَلَى الْكُفَّارِ الْمُعَاصِرِينَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْوَاعَ الدَّلَائِلِ الَّتِي هِيَ أَوْضَحُ مِنَ الشَّمْسِ، أَكَدَّ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْقَصَصِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّفَنُّنِ فِي الْكَلَامِ، وَنَقْلِهِ مِنْ أُسْلُوبٍ إِلَى أُسْلُوبٍ لِتَكُونَ الْمَوْعِظَةُ أَظْهَرَ وَالْحُجَّةُ أَبْيَنَ، وَالْقَبُولُ أَتَمَّ، فَقَالَ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى تَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ أَيْ: أَرْسَلْنَاهُ بِأَنِّي أَيْ: أَرْسَلْنَاهُ مُتَلَبِّسًا بِذَلِكَ الْكَلَامِ، وَهُوَ أَنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ عَلَى إِرَادَةِ الْقَوْلِ: أَيْ قَائِلًا إِنِّي لَكُمْ، وَالْوَاوُ فِي وَلَقَدْ: لِلِابْتِدَاءِ، وَاللَّامُ هِيَ الْمُوَطِّئَةُ لِلْقَسَمِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى النِّذَارَةِ دُونَ الْبِشَارَةِ، لِأَنَّ دَعْوَتَهُ كَانَتْ لِمُجَرَّدِ الْإِنْذَارِ، أَوْ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَعْمَلُوا بِمَا بَشَّرَهُمْ بِهِ، وَجُمْلَةُ: أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ بَدَلٌ مِنْ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أَيْ: أَرْسَلْنَاهُ بِأَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، أَوْ تَكُونُ أَنْ مُفَسِّرَةً مُتَعَلِّقَةً بِأَرْسَلْنَا، أَوْ بِنَذِيرٍ، أَوْ بِمُبِينٍ، وَجُمْلَةُ: إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ تَعْلِيلِيَّةٌ. وَالْمَعْنَى: نَهَيْتُكُمْ عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ لِأَنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ، وَفِيهَا تَحْقِيقٌ لِمَعْنَى الْإِنْذَارِ، وَالْيَوْمُ الْأَلِيمُ: هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، أَوْ يَوْمُ الطُّوفَانِ وَوَصْفُهُ بِالْأَلِيمِ مِنْ بَابِ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ مُبَالَغَةً. ثُمَّ ذكر ما أجاب
قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الرَّحْمَةُ هِيَ الْبَيِّنَةُ نَفْسُهَا، وَالْأَوْلَى تَفْسِيرُ الرَّحْمَةِ بِغَيْرِ مَا فُسِّرَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ، وَالْإِفْرَادُ فِي فَعُمِّيَتْ عَلَى إِرَادَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، أَوْ عَلَى إِرَادَةِ الْبَيِّنَةِ، لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَظْهَرُ لِمَنْ تَفَكَّرَ وَتَخْفَى عَلَى مَنْ لَمْ يَتَفَكَّرْ، وَمَعْنَى عَمِيَتْ: خَفِيَتْ وَقِيلَ: الرَّحْمَةُ: هِيَ عَلَى الْخَلْقِ، وَقِيلَ: هِيَ الْهِدَايَةُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْبُرْهَانِ، وَقِيلَ: الْإِيمَانُ، يُقَالُ عَمِيتُ عَنْ كَذَا، وَعَمِيَ عَلَيَّ كَذَا: إِذَا لَمْ أَفْهَمْهُ. قِيلَ: وَهُوَ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ، لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَوِ الرَّحْمَةَ لَا تَعْمَى، وَإِنَّمَا يُعْمَى عَنْهَا فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: أَدْخَلَتْ الْقَلَنْسُوَةُ رَأْسِي. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ فَعُمِّيَتْ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، أَيْ: فَعَمَّاهَا اللَّهُ عَلَيْكُمْ، وَفِي
فَالْيَوْمَ أَشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ | إِثْمًا مِنَ اللَّهِ وَلَا وَاغِلِ «١» |
أَفَلا تَذَكَّرُونَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: أَتَسْتَمِرُّونَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْجَهْلِ بِمَا ذُكِرَ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ مَا يَنْبَغِي تَذَكُّرُهُ وَتَتَفَكَّرُونَ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفُوا مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَأِ، وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الصَّوَابِ؟
قَوْلُهُ: وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ كَمَا لَا يَطْلُبُ مِنْهُمْ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، كَذَلِكَ لَا يَدَّعِي أَنَّ عِنْدَهُ خَزَائِنَ اللَّهِ حَتَّى يَسْتَدِلُّوا بِعَدَمِهَا عَلَى كَذِبِهِ، كَمَا قَالُوا: وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ وَالْمُرَادُ بِخَزَائِنِ اللَّهِ: خَزَائِنُ رِزْقِهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ أَيْ: وَلَا أَدَّعِي أَنِّي أَعْلَمُ بِغَيْبِ اللَّهِ، بَلْ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ: إِلَّا أَنِّي نَذِيرٌ مُبِينٌ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ حَتَّى تَقُولُوا مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا. وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا مَنْ قَالَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ أَفْضَلُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْأَدِلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُخْتَلِفَةٌ، وَلَيْسَ لِطَالِبِ الْحَقِّ إِلَى تَحْقِيقِهَا حَاجَةٌ، فَلَيْسَتْ مِمَّا كَلَّفَنَا اللَّهُ بِعِلْمِهِ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ
يباعده الصّديق وتزدريه | حليلته وَيَنْهَرُهُ الصَّغِيرُ |
فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا «١» وَهُوَ غَيْرُ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ رَبُّكُمْ فَإِلَيْهِ الْإِغْوَاءُ وَإِلَيْهِ الْهِدَايَةُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فَيُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ قَالَ: فِيمَا ظَهَرَ لَنَا. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَطَاءٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي قَالَ: قَدْ عَرَفْتُهَا وَعَرَفْتُ بِهَا أَمْرَهُ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ قَالَ: الإسلام والهدى والإيمان والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير،
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
والمعنى : في ظاهر الرأي من غير تعمق، يقال بدا يبدو : إذا ظهر. قال الأزهري : معناه فيما يبدو لنا من الرأي. والوجه الثالث : من جهات قدحهم في نبوّته ﴿ وَمَا نرى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ ﴾ خاطبوه في الوجهين الأولين، منفرداً وفي هذا الوجه خاطبوه مع متبعيه أي : ما نرى لك ولمن اتبعك من الأراذل علينا من فضل يتميزون به، وتستحقون ما تدّعونه، ثم أضربوا عن الثلاثة المطاعن، وانتقلوا إلى ظنهم المجرّد عن البرهان الذي لا مستند له إلا مجرد العصبية، والحسد، واستبقاء ما هم فيه من الرياسة الدنيوية، فقالوا :﴿ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذبين ﴾ فيما تدّعونه، ويجوز أن يكون هذا خطاباً للأراذل وحدهم، والأوّل : أولى ؛ لأن الكلام مع نوح لا معهم إلا بطريق التبعية له.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
فاليوم أشرب غير مستحقب | إثماً من الله ولا واغل |
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ أخبتوا ﴾ قال : خافوا. وأخرج ابن جرير، عنه، قال : الإخبات : الإنابة. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ، قال الإخبات : الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال : اطمأنوا. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال : الكافر ﴿ والبصير والسميع ﴾ قال : المؤمن.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
يباعده الصديق وتزدريه | خليلته وينهره الصغير |
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
وأخرج أبو الشيخ، عن عطاء، مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ مّن ربّي ﴾ قال : قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِه ﴾ قال : الإسلام الهدى والإيمان، والحكم والنبوّة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله :﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾ قال : أما والله لو استطاع نبيّ الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ «أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، عن أبي العالية، قال في قراءة أبيّ :«أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون». وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن أبيّ بن كعب، أنه قرأ :«أنلزمكموها من شطر قلوبنا».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الذين آمَنُواْ ﴾، قال : قالوا له : يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأرض سواء، وفي قوله :﴿ إِنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ ﴾ قال : فيسألهم عن أعمالهم ﴿ وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله ﴾ التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما دعوتكم لتتبعوني عليها، لا أعطيكم بملكه لي عليها ﴿ وَلا أَعْلَمُ الغيب ﴾ لا أقول : اتبعوني على علمي بالغيب ﴿ وَلا أَقُولُ إِنّي مَلَك ﴾ نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد ﴿ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ ﴾. قال : حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السدي، في قوله :﴿ لَن يُؤْتِيَهُمُ الله خَيْرًا ﴾ قال : يعني : إيماناً. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ﴾ قال : تكذيباً بالعذاب، وأنه باطل.
[سورة هود (١١) : الآيات ٣٥ الى ٤٤]
أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥) وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٣٧) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ (٣٨) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٩)
حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (٤٠) وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ (٤٢) قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لَا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (٤٣) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٤)
قَوْلُهُ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ أَنْكَرَ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ قَوْلَهُمْ: إِنَّ مَا أُوحِيَ إِلَى نُوحٍ مُفْتَرًى، فَقَالَ: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُجِيبَ بِكَلَامٍ مُنْصِفٍ، فَقَالَ: قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، مَصْدَرُ أَجْرَمَ، أَيْ: فِعْلُ مَا يُوجِبُ الْإِثْمَ، وَجَرَمَ وَأَجْرَمَ بِمَعْنًى، قَالَهُ النَّحَّاسُ، وَالْمَعْنَى:
فَعَلَيَّ إِثْمِي أَوْ جَزَاءُ كَسْبِي. وَمَنْ قَرَأَ بِفَتْحِ الهمزة، قال: هو جمع جرم ذكره النحاس أيضا وَأَنَا بَرِيءٌ
أَيْ: مِنْ إِجْرَامِكُمْ بِسَبَبِ مَا تَنْسُبُونَهُ إِلَيَّ مِنَ الِافْتِرَاءِ، قِيلَ: وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ:
لَكِنْ مَا افْتَرَيْتُهُ، فَالْإِجْرَامُ وَعِقَابُهُ لَيْسَ إِلَّا عَلَيْكُمْ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقِيلَ: إِنَّهَا حِكَايَةٌ عَنْ نُوحٍ وَمَا قَالَهُ لِقَوْمِهِ، وَقِيلَ: هِيَ حِكَايَةٌ عَنِ الْمُحَاوَرَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ نَبِيِّنَا محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَكُفَّارِ مَكَّةَ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّ الْكَلَامَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا مَعَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
قَوْلُهُ: وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ: فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِتَقْدِيرِ الْبَاءِ، أَيْ: بِأَنَّهُ، وَفِي الْكَلَامِ تَأْيِيسٌ لَهُ مِنْ إِيمَانِهِمْ، وَأَنَّهُمْ مُسْتَمِرُّونَ عَلَى كُفْرِهِمْ، مُصَمِّمُونَ عَلَيْهِ، لَا يُؤْمِنُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ قَدْ سَبَقَ إِيمَانُهُ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ الْبُؤْسُ: الْحُزْنُ، أَيْ: فَلَا تَحْزَنْ، وَالْبَائِسُ: الْمُسْتَكِينُ، فَنَهَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ أَنْ يَحْزَنَ حُزْنَ مُسْتَكِينٍ لِأَنَّ الِابْتِئَاسَ حُزْنٌ فِي اسْتِكَانَةٍ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَكَمْ مِنْ خَلِيلٍ أَوْ حَمِيمٍ رُزِئْتُهُ | فَلَمْ أَبْتَئِسْ وَالرُّزْءُ فِيهِ جَلِيلُ |
بِمَرْأًى مِنَّا، وَالْمُرَادُ: بِحِرَاسَتِنَا لَكَ، وَحِفْظِنَا لَكَ، وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْأَعْيُنِ لِأَنَّهَا آلَةُ الرُّؤْيَةِ، وَالرُّؤْيَةُ هِيَ الَّتِي تَكُونُ بِهَا الْحِرَاسَةُ وَالْحِفْظُ فِي الْغَالِبِ، وَجَمَعَ الْأَعْيُنَ لِلتَّعْظِيمِ لَا لِلتَّكْثِيرِ وَقِيلَ الْمَعْنَى: بِأَعْيُنِنا أَيْ:
بِأَعْيُنِ مَلَائِكَتِنَا الَّذِينَ جَعَلْنَاهُمْ عُيُونًا عَلَى حِفْظِكَ وَقِيلَ: بِأَعْيُنِنا بِعِلْمِنَا وَقِيلَ: بِأَمْرِنَا. وَمَعْنَى بِوَحْيِنَا: بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنْ كَيْفِيَّةِ صَنْعَتِهَا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيْ: لَا تَطْلُبُ إِمْهَالَهُمْ، فَقَدْ حَانَ وَقْتُ الِانْتِقَامِ مِنْهُمْ، وَجُمْلَةُ إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ لِلتَّعْلِيلِ، أَيْ: لَا تَطْلُبُ مِنَّا إِمْهَالَهُمْ، فَإِنَّهُ مَحْكُومٌ مِنَّا عَلَيْهِمْ بِالْغَرَقِ وَقَدْ مَضَى بِهِ الْقَضَاءُ فَلَا سَبِيلَ إِلَى دَفْعِهِ وَلَا تَأْخِيرِهِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي تَعْجِيلِ عِقَابِهِمْ فَإِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ فِي الْوَقْتِ الْمَضْرُوبِ لِذَلِكَ، لَا يَتَأَخَّرُ إِغْرَاقُهُمْ عَنْهُ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالَّذِينِ ظَلَمُوا: امْرَأَتُهُ وَابْنُهُ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ أَيْ: وَطَفِقَ يَصْنَعُ الْفُلْكَ، أَوْ وَأَخَذَ يَصْنَعُ الْفُلْكَ وَقِيلَ: هُوَ حِكَايَةُ حَالٍ مَاضِيَةٍ لِاسْتِحْضَارِ الصُّورَةِ، وَجُمْلَةُ: وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ أَيْ: اسْتَهْزَءُوا بِهِ لِعَمَلِهِ السَّفِينَةَ. قَالَ الْأَخْفَشُ وَالْكِسَائِيُّ: يُقَالُ سَخِرَتْ بِهِ وَمِنْهُ. وَفِي وَجْهِ سُخْرِيَتِهِمْ مِنْهُ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَهُ يَعْمَلُ السَّفِينَةَ، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ! صِرْتَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ نَجَّارًا. وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ لَمَّا شَاهَدُوهُ يَعْمَلُ السَّفِينَةَ، وَكَانُوا لَا يَعْرِفُونَهَا قَبْلَ ذَلِكَ، قَالُوا: يا نوح ما تصنع بها؟ قَالَ: أَمْشِي بِهَا عَلَى الْمَاءِ فَعَجِبُوا مِنْ قَوْلِهِ، وَسَخِرُوا بِهِ. ثُمَّ أَجَابَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ وَهَذَا الْكَلَامُ مُسْتَأْنَفٌ عَلَى تَقْدِيرِ سُؤَالٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَاذَا قَالَ لَهُمْ؟ وَالْمَعْنَى: إِنْ تسخروا منا بسبب عملنا للسفينة اليوم نَسْخَرُ مِنْكُمْ غَدًا عِنْدَ الْغَرَقِ. وَمَعْنَى السُّخْرِيَةِ هُنَا: الِاسْتِجْهَالُ، أَيْ: إِنْ تَسْتَجْهِلُونَا فَإِنَّا نَسْتَجْهِلُكُمْ كَمَا تَسْتَجْهِلُونَ، وَاسْتِجْهَالُهُ لَهُمْ بِاعْتِبَارِ إِظْهَارِهِ لَهُمْ وَمُشَافَهَتِهِمْ، وَإِلَّا فَهُمْ عِنْدَهُ جُهَّالٌ قَبْلَ هَذَا وَبَعْدَهُ، وَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ كَما تَسْخَرُونَ لِمُجَرَّدِ التَّحَقُّقِ وَالْوُقُوعِ، أَوِ التَّجَدُّدِ وَالتَّكَرُّرِ،
الْعَذَابُ الَّذِي يُخْزِي صَاحِبَهُ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ الْعَارُ. قَوْلُهُ حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ حَتَّى هِيَ الِابْتِدَائِيَّةُ دَخَلَتْ عَلَى الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ وَجُعِلَتْ غَايَةً لِقَوْلِهِ: وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا.
والتنور اختلف في تفسيرها على أقوال: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا وَجْهُ الْأَرْضِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي وَجْهَ الْأَرْضِ تَنُّورًا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ عُيَيْنَةَ. الثَّانِي: أَنَّهُ تَنُّورُ الخبز الذي يخبزون فِيهِ، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطِيَّةُ وَالْحَسَنُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا. الثَّالِثُ: أَنَّهُ مَوْضِعُ اجْتِمَاعِ الْمَاءِ فِي السَّفِينَةِ، رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ، مِنْ قَوْلِهِمْ تَنُّورُ الْفَجْرِ، رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. الْخَامِسُ: أَنَّهُ مَسْجِدُ الْكُوفَةِ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا وَمُجَاهِدٍ قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ نَاحِيَةُ التَّنُّورِ بِالْكُوفَةِ. السَّادِسُ: أَنَّهُ أَعَالِي الْأَرْضِ وَالْمَوَاضِعُ الْمُرْتَفِعَةُ، قَالَهُ قَتَادَةُ. السَّابِعُ: أَنَّهُ الْعَيْنُ الَّتِي بِالْجَزِيرَةِ الْمُسَمَّاةِ عَيْنَ الْوَرْدَةِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عِكْرِمَةَ.
الثَّامِنُ أَنَّهُ مَوْضِعٌ بِالْهِنْدِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ تَنَّوُرُ آدَمَ بِالْهِنْدِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ لَيْسَتْ بِمُتَنَاقِضَةٍ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ جَاءَ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، قَالَ: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ- وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً «١» فَهَذِهِ الْأَقْوَالُ تَجْتَمِعُ فِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَامَةً، هَكَذَا قَالَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْقَوْلَ الرَّابِعَ يُنَافِي هَذَا الْجَمْعَ، وَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ التَّفْسِيرُ بِنَبْعِ الْمَاءِ. إِلَّا إِذَا كَانَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ الْعَلَامَةِ كَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا.
وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ الْفَوْرَ: الْغَلَيَانُ، وَالتَّنُّورَ: اسْمٌ عجمي عرّبته العرب وقيل معنى فار التَّنُّورُ: التَّمْثِيلُ بِحُضُورِ الْعَذَابِ، كَقَوْلِهِمْ: حَمِيَ الْوَطِيسُ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرْبُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَرَكْتُمْ قِدْرَكُمْ لَا شَيْءَ فِيهَا | وَقِدْرُ الْقَوْمِ حَامِيَةٌ تَفُورُ |
قَوْلُهُ: قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ أَيْ: قُلْنَا يَا نُوحُ احْمِلْ فِي السَّفِينَةِ مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ مِمَّا فِي الْأَرْضِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ اثْنَيْنِ ذَكَرًا وَأُنْثَى. وَقَرَأَ حَفْصٌ: مِنْ كُلٍّ بِتَنْوِينِ كُلٍّ أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ زَوْجَيْنِ وَالزَّوْجَانِ: لِلِاثْنَيْنِ الذين لَا يَسْتَغْنِي أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ، وَيُطْلَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ، كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ:
زَوْجٌ وَلِلْمَرْأَةِ زَوْجٌ، وَيُطْلَقُ الزَّوْجُ عَلَى الِاثْنَيْنِ إِذَا اسْتُعْمِلَ مُقَابِلًا لِلْفَرْدِ، وَيُطْلَقُ الزَّوْجُ عَلَى الضرب والصنف،
وَكُلُّ ضَرْبٍ مِنَ الدِّيبَاجِ يلبسه | أبو قدامة محبوّ بِذَاكَ مَعَا |
وَاحْمِلْ فِي السَّفِينَةِ مَنْ آمَنَ مِنْ قَوْمِكَ، وَأَفْرَدَ الْأَهْلَ مِنْهُمْ لِمَزِيدِ الْعِنَايَةِ بِهِمْ، أَوْ لِلِاسْتِثْنَاءِ مِنْهُمْ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ.
ثُمَّ وَصَفَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قِلَّةَ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ نُوحٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ كَفَرَ بِهِ فَقَالَ: وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ قِيلَ:
هُمْ ثمانون إنسانا منهم: ثلاثة من بنيه، وهم سَامٌ، وَحَامٌ، وَيَافِثُ، وَزَوْجَاتُهُمْ، وَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ السَّفِينَةِ بَنَوْا قَرْيَةً يُقَالُ لَهَا: قَرْيَةُ الثَّمَانِينَ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ بِنَاحِيَةِ الْمَوْصِلِ وَقِيلَ: كَانُوا عَشَرَةً، وَقِيلَ: سَبْعَةً، وَقِيلَ:
كَانُوا اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: وَقالَ ارْكَبُوا فِيها الْقَائِلُ نُوحٌ، وَقِيلَ: اللَّهُ سُبْحَانَهُ.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِقَوْلِهِ: إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَالرُّكُوبُ: الْعُلُوُّ عَلَى ظَهْرِ الشَّيْءِ حَقِيقَةً، نَحْوَ رَكِبَ الدَّابَّةَ، أَوْ مَجَازًا، نَحْوَ رَكِبَهُ الدَّيْنُ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، أَيِ: ارْكَبُوا الْمَاءَ فِي السَّفِينَةِ فَلَا يَرِدُ: أَنَّ رَكِبَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَقِيلَ: إِنَّ الْفَائِدَةَ فِي زِيَادَةِ فِي أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَكُونُوا فِي جَوْفِ السَّفِينَةِ لَا عَلَى ظَهْرِهَا وَقِيلَ: إِنَّهَا زِيدَتْ لِرِعَايَةِ جَانِبِ الْمَحَلِّيَّةِ فِي السَّفِينَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ «٢»، وقوله: حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ «٣» قِيلَ: وَلَعَلَّ نُوحًا قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ بَعْدَ إِدْخَالِ مَا أُمِرَ بِحَمْلِهِ مِنَ الْأَزْوَاجِ، كَأَنَّهُ قِيلَ:
فَحَمَلَ الْأَزْوَاجَ وَأَدْخَلَهَا فِي الْفُلْكِ وَقَالَ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ أَمَرَ بِالرُّكُوبِ كُلَّ مَنْ أُمِرَ بِحَمْلِهِ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَالْأَهْلِ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَفْهَمَ خِطَابَهُ مَنْ لَا يَعْقِلُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ، أَوْ يَكُونَ هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ التَّغْلِيبِ. قَوْلُهُ: بِسْمِ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ باركبوا، أَوْ حَالٌ مِنْ فَاعِلِهِ، أَيْ: مُسَمِّينَ اللَّهَ، أَوْ قَائِلِينَ: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها قَرَأَ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ: بِضَمِّ الْمِيمِ فِيهِمَا إِلَّا مَنْ شَذَّ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُمَا اسْمَا زَمَانٍ، وَهُمَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، أَيْ: وَقْتَ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا مَصْدَرَيْنِ، أَيْ: وَقْتَ إِجْرَائِهَا وَإِرْسَائِهَا. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ: مَجْراها بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَمُرْسَاهَا بِضَمِّهَا، وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ: بِفَتْحِهَا فِيهِمَا. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ جُنْدُبٍ، وَعَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ، وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ: مُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا عَلَى أَنَّهُمَا وَصْفَانِ لِلَّهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا فِي مَوْضِعِ رفع بإضمار مبتدأ: أي هو مجراها وَمُرْسِيهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ لِلذُّنُوبِ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ، وَمِنْ رَحْمَتِهِ إِنْجَاءُ هَذِهِ الطَّائِفَةِ تَفَضُّلًا مِنْهُ لِبَقَاءِ هَذَا الْجِنْسِ الْحَيَوَانِيِّ، وَعَدَمِ اسْتِئْصَالِهِ بِالْغَرَقِ. قَوْلُهُ: وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ
(٢). العنكبوت: ٦٥.
(٣). الكهف: ٧١.
مِثْلَ ماءٍ دافِقٍ «٢» - وعِيشَةٍ راضِيَةٍ «٣» وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
دَعِ الْمَكَارِمَ لَا تَنْهَضْ لِبُغْيَتِهَا | وَاقْعُدْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الْكَاسِي |
(٢). الطارق: ٦.
(٣). الحاقة: ٢١.
وَالْمَعْنَى: أَمَرَ السَّمَاءَ بِإِمْسَاكِ الْمَاءِ عَنِ الْإِرْسَالِ، وَقَدَّمَ نِدَاءَ الْأَرْضِ عَلَى السَّمَاءِ لِكَوْنِ ابْتِدَاءِ الطُّوفَانِ مِنْهَا وَغِيضَ الْماءُ: أَيْ نَقَصَ، يُقَالُ غَاضَ الْمَاءُ وَغُضْتُهُ أَنَا وَقُضِيَ الْأَمْرُ أَيْ: أُحْكِمَ وَفُرِغَ مِنْهُ، يَعْنِي:
أَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمَ نُوحٍ عَلَى تَمَامٍ وَإِحْكَامٍ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ أَيِ: اسْتَقَرَّتِ السَّفِينَةُ عَلَى الْجَبَلِ الْمَعْرُوفِ بِالْجُودِيِّ، وَهُوَ جَبَلٌ بِقُرْبِ الْمَوْصِلِ وَقِيلَ: إِنَّ الْجُودِيَّ اسْمٌ لِكُلِّ جَبَلٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ:
سبحانه ثم سبحانا يعود له | وَقَبْلَنَا سَبَّحَ الْجُودِيُّ وَالْجُمُدُ |
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: فَعَلَيَّ إِجْرامِي قَالَ: عَمَلِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ أَيْ: مِمَّا تَعْمَلُونَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ وَذَلِكَ حِينَ دَعَا عَلَيْهِمْ نُوحٌ قَالَ: لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً «١».
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إِنَّ نُوحًا لَمْ يَدْعُ عَلَى قَوْمِهِ حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ هَذِهِ، فَانْقَطَعَ عِنْدَ ذَلِكَ رَجَاؤُهُ مِنْهُمْ فَدَعَا عَلَيْهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَلا تَبْتَئِسْ قَالَ: فَلَا تَحْزَنْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا قَالَ: بِعَيْنِ اللَّهِ وَوَحْيِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: لَمْ يَعْلَمْ نُوحٌ كَيْفَ يصنع الفلك، فأوحى إِلَيْهِ أَنْ يَصْنَعَهَا مِثْلَ جُؤْجُؤِ الطَّائِرِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ نُوحٌ مَكَثَ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا يَدْعُوهُمْ، حَتَّى كَانَ آخِرَ زَمَانِهِ غَرَسَ شَجَرَةً فَعَظُمَتْ وَذَهَبَتْ كُلَّ مَذْهَبٍ، ثُمَّ قَطَعَهَا ثُمَّ جَعَلَ يَعْمَلُهَا سَفِينَةً يمرّون فيسألونه فيقول
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ نَحْوُ هَذَا مِنْ طُرُقٍ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أبي حاتم وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: التَّنُّورُ: وَجْهُ الْأَرْضِ، قِيلَ لَهُ: إِذَا رَأَيْتَ الْمَاءَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَارْكَبْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي وَجْهَ الْأَرْضِ تَنُّورَ الْأَرْضِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَلِيِّ وَفارَ التَّنُّورُ قَالَ: طَلَعَ الْفَجْرُ قِيلَ لَهُ: إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَارْكَبْ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ. وَقَدْ رُوِيَ فِي تَفْسِيرِ التَّنُّورِ غَيْرُ هَذَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْإِشَارَةَ إِلَى ذَلِكَ. وَرُوِيَ فِي صِفَةِ الْقِصَّةِ وَمَا حَمَلَهُ نُوحٌ فِي السَّفِينَةِ، وَكَيْفَ كَانَ الْغَرَقُ، وَكَمْ بَقِيَتِ السَّفِينَةُ عَلَى ظَهْرِ الْمَاءِ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي تَفْسِيرِ كَلَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها قَالَ: حِينَ يَرْكَبُونَ وَيَجْرُونَ وَيُرْسُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ تَرْسِيَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَأَرْسَتْ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ تَجْرِيَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَجَرَتْ.
وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ السُّنِّيِّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَانٌ لِأُمَّتِي مِنَ الْغَرَقِ إِذَا رَكِبُوا الْفُلْكَ أَنْ يَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ الْمَلِكِ الرَّحْمَنِ. بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا. إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِلَى آخَرِ الْآيَةِ». وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ مَرْفُوعًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ اسْمُ ابْنِ نُوحٍ الَّذِي غَرِقَ كَنْعَانَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ ابْنُهُ غَيْرَ أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي النِّيَّةِ وَالْعَمَلِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ لَا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ قَالَ:
لَا نَاجٍ إِلَّا أَهْلُ السَّفِينَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَرَّةَ فِي قَوْلِهِ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ قَالَ: بَيْنَ ابْنِ نُوحٍ وَالْجَبَلِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ يا أَرْضُ ابْلَعِي قَالَ:
هُوَ بِالْحَبَشِيَّةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فِي ابْلَعِي قَالَ بِالْحَبَشِيَّةِ: أَيِ ازْدَرِدِيهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَعْنَاهُ: اشْرَبِي، بِلُغَةِ الْهِنْدِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ
وكم من خليل أو حميم رُزِئته | فلم أبتئس والرزءُ فيه جليلُ |
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
والتنور : اختلف في تفسيرها على أحوال : الأوّل : أنها وجه الأرض، والعرب تسمي وجه الأرض تنوراً، روي ذلك عن ابن عباس، وعكرمة، والزهري، وابن عيينة. الثاني : أنه تنور الخبز الذي يخبزونه فيه، وبه قال مجاهد وعطية والحسن، وروي عن ابن عباس أيضاً. الثالث : أنه موضع اجتماع الماء في السفينة، روي عن الحسن. الرابع : أنه طلوع الفجر، من قولهم تنّور الفجر، روي عن عليّ بن أبي طالب.
الخامس : أنه مسجد الكوفة، روي عن عليّ أيضاً ومجاهد. قال مجاهد : كان ناحية التنّور بالكوفة. السادس : أنه أعالي الأرض، والمواضع المرتفعة، قاله قتادة. السابع : أنه العين التي بالجزيرة المسماة عين الوردة، روي ذلك عن عكرمة. الثامن : أنه موضع بالهند. قال ابن عباس : كان تنور آدم بالهند. قال النحاس : وهذه الأقوال ليست بمتناقضة، لأن الله سبحانه قد أخبر بأن الماء قد جاء من السماء والأرض، قال :﴿ فَفَتَحْنَا أبواب السماء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ. وَفَجَّرْنَا الأرض عُيُوناً ﴾ فهذه الأقوال تجتمع في أن ذلك كان علامة. هكذا قال، وفيه نظر، فإن القول الرابع ينافي هذا الجمع، ولا يستقيم عليه التفسير بنبع الماء. إلا إذا كان المراد مجرد العلامة، كما ذكره آخراً. وقد ذكر أهل اللغة أن الفور : الغليان، والتنور : اسم عجمي عرّبته العرب. وقيل : معنى فار التنور : التمثيل بحضور العذاب كقولهم : حَمي الوطيس : إذا اشتدّ الحرب، ومنه قول الشاعر :
تركتم قدركم لا شيء فيها | وقِدرُ القوم حامية تفورُ |
قوله :﴿ قُلْنَا احمل فِيهَا مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾ أي : قلنا : يا نوح، احمل في السفينة من كل زوجين مما في الأرض من الحيوانات اثنين ذكراً وأثنى. وقرأ حفص :﴿ من كلّ ﴾ بتنوين كل : أي : من كل شيء زوجين، والزوجان للاثنين اللذين لا يستغني أحدهما عن الآخر، ويطلق على كل واحد منهما زوج، كما يقال للرجال زوج، وللمرأة زوج، ويطلق الزوج على الاثنين إذا استعمل مقابلاً للفرد، ويطلق الزوج على الضرب والصنف، ومثله قوله تعالى :﴿ وَأَنبَتَتْ مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾، ومثله قول الأعشى :
وكل ضرب من الديباج يلبسه | أبو حذافة مخبوّ بذاك معا |
وقيل : كانوا عشرة. وقيل : سبعة، وقيل : كانوا اثنين وسبعين. وقيل : غير ذلك.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
قوله :﴿ يا بني اركب مَعَنَا ﴾ قرأ عاصم بفتح الياء، والباقون بكسرها، فأما الكسر فلجعله بدلاً من ياء الإضافة، لأن الأصل يا بنيّ، وأما الفتح فلقلب ياء الإضافة ألفاً لخفة الألف، ثم حذف الألف وبقيت الفتحة لتدلّ عليه. قال النحاس : وقراءة عاصم مشكلة. وقال أبو حاتم : أصله يا بنياه ثم تحذف، وقد جعل الزجاج للفتح وجهين، وللكسر وجهين. أما الفتح بالوجه الأوّل ما ذكرناه، والوجه الثاني : أن تحذف الألف لالتقاء الساكنين. وأما الكسر، فالوجه الأوّل ما ذكرناه، والثاني : أن تحذف لالتقاء الساكنين، كذا حكى عنه النحاس. وقرأ أبو عمرو، والكسائي، وحفص ﴿ اركب مَعَنَا ﴾ بإدغام الباء في الميم لتقاربهما في المخرج. وقرأ الباقون بعدم الإدغام ﴿ وَلاَ تَكُن مَعَ الكافرين ﴾ نهاه عن الكون مع الكافرين : أي خارج السفينة، ويمكن أن يراد بالكون معهم الكون على دينهم.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
دع المكارم لا تنهض لبغيتها | واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي |
وقرئ «إلا من رحم » على البناء للمفعول ﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ أي : حال بين نوح وابنه فتعذر خلاصه من الغرق. وقيل : بين ابن نوح، وبين الجبل، والأوّل : أولى، لأن تفرّع ﴿ فَكَانَ مِنَ المغرقين ﴾ عليه يدل على الأوّل لا على الثاني، لأن الجبل ليس بعاصم.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
سبحانه ثم سبحانا نعوذ به | وقبلنا سبح الجوديّ والجمد |
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ فَلاَ تَبْتَئِسْ ﴾ قال : فلا تحزن.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عنه، في قوله :﴿ واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ قال : بعين الله ووحيه. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال : لم يعلم نوح كيف يصنع الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، عن عائشة، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كان نوح مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم، حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب، ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة، ويمرّون فيسألونه، فيقول : أعملها سفينة، فيسخرون منه، ويقولون : يعمل سفينة في البرّ، وكيف تجري ؟ قال : سوف تعلمون، فلما فرغ منها وفار التنور، وكثر الماء في السكك خشيته أمّ الصبي عليه، وكانت تحبه حباً شديداً، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبته رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحداً لرحم أمّ الصبيّ» وقد ضعفه الذهبي في مستدركه على مستدرك الحاكم. وقد روي في صفة السفينة وقدرها أحاديث، وآثار ليس في ذكرها هنا كثير فائدة.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَاب يُخْزِيهِ ﴾ قال : هو : الغرق ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَاب مُّقِيم ﴾ قال : هو الخلود في النار. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، عنه، قال : كان بين دعوة نوح وبين هلاك قومه ثلثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعاً. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أيضاً قال : التنور : العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، قال : فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وقد روي عنه نحو هذا من طرق. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : التنور : وجه الأرض، قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت ومن معك. والعرب تسمى وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ ﴿ وَفَارَ التنور ﴾ قال : طلع الفجر، قيل له : إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وقد روي في تفسير التنور غير هذا، وقد قدّمنا الإشارة إلى ذلك. وروي في صفة القصة، وما حمله نوح في السفينة، وكيف كان الغرق، وكم بقيت السفينة على ظهر الماء روايات كثيرة، لا مدخل لها في تفسير كلام الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قال حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك قال : كان إذا أراد أن ترسي قال : بسم الله، فأرست، وإذا أراد أن تجري قال : بسم الله، فجرت. وأخرج أبو يعلى، والطبراني، وابن السني، وابن عديّ، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن الحسن بن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الملك الرحمن، بسم الله مجراها ومرساها، إن ربي لغفور رحيم، وما قدروا الله حق قدره إلى آخر الآية» وأخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، عن ابن عباس، عن النبيّ. وأخرجه أيضاً أبو الشيخ، عنه، مرفوعاً من طريق أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة، قال : كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال : هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن عكرمة، في قوله :﴿ لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إلا مَن رَّحِمَ ﴾ قال : لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن القاسم بن أبي برّة، في قوله :﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج ﴾ قال : بين ابن نوح والجبل. وأخرج ابن المنذر، وعن عكرمة في قوله :﴿ يا أرض ابلعي ﴾ قال : هو بالحبشية. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه، في ابلعي قال بالحبشية : أي ازدرديه. وأخرج أبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال : معناه : اشربي، بلغة الهند. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس مثله. أقول : وثبوت لفظ البلع وما يشتق منه في لغة العرب : ظاهر مكشوف، فما لنا وللحبشة والهند.
[سورة هود (١١) : الآيات ٤٥ الى ٤٩]
وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ (٤٥) قالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٤٦) قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٤٧) قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (٤٨) تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩)
ومعنى: وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ دَعَاهُ، وَالْمُرَادُ: أَرَادَ دُعَاءَهُ، بِدَلِيلِ الْفَاءِ فِي: فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَعَطْفُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ غَيْرُ سَائِغٍ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي أَنَّهُ مِنَ الْأَهْلِ الَّذِينَ وَعَدْتَنِي بِتَنْجِيَتِهِمْ بِقَوْلِكَ: وَأَهْلَكَ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ طَلَبَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْجَازَ مَا وَعَدَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: وَأَهْلَكَ وَهُوَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَتَرَكَ مَا يُفِيدُهُ الِاسْتِثْنَاءُ، وَهُوَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ؟ فَيُجَابُ: بِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ إِذْ ذَاكَ أَنَّهُ مِمَّنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ، فَإِنَّهُ كَانَ يَظُنُّهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ الَّذِي لَا خُلْفَ فِيهِ، وَهَذَا مِنْهُ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ أَيْ: أَتْقَنُ الْمُتْقِنِينَ لِمَا يَكُونُ بِهِ الْحُكْمُ، فَلَا يَتَطَرَّقُ إِلَى حُكْمِكَ نَقْضٌ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، أَعْلَمَهُمْ وَأَعْدَلَهُمْ، أَيْ: أَنْتَ أَكْثَرُ عِلْمًا وَعَدْلًا مِنْ ذَوِي الْحُكْمِ وَقِيلَ: إِنَّ الْحَاكِمَ بِمَعْنَى: ذِي الْحِكْمَةِ كَدَارِعٍ، ثُمَّ أَجَابَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ نُوحٍ بِبَيَانِ أَنَّ ابْنَهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي عُمُومِ الْأَهْلِ، وَأَنَّهُ خَارِجٌ بِقَيْدِ الِاسْتِثْنَاءِ فِ قالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الَّذِينَ آمَنُوا بِكَ وَتَابَعُوكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِكَ بِاعْتِبَارِ الْقَرَابَةِ ثُمَّ صَرَّحَ بِالْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِخُرُوجِهِ مِنْ عُمُومِ الْأَهْلِ الْمُبَيِّنَةِ لَهُ، بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرَابَةِ: قَرَابَةُ الدِّينِ لَا قَرَابَةُ النَّسَبِ وَحْدَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ قَرَأَ الْجُمْهُورُ: عَمَلٌ، عَلَى لَفْظِ الْمَصْدَرِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَيَعْقُوبُ: عَمِلَ، عَلَى لَفْظِ الْفِعْلِ وَمَعْنَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى الْمُبَالَغَةُ فِي ذَمِّهِ كَأَنَّهُ جُعِلَ نَفْسَ الْعَمَلِ، وَأَصْلُهُ ذُو عَمَلٍ غَيْرِ صَالِحٍ ثُمَّ حَذَفَ الْمُضَافَ وَجُعِلَ نَفْسَ الْعَمَلِ، كَذَا قَالَ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ. وَمَعْنَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ ظَاهِرٌ، أَيْ: إِنَّهُ عَمِلَ عَمَلًا غَيْرَ صَالِحٍ، وَهُوَ كُفْرُهُ وَتَرْكُهُ لِمُتَابَعَةِ أَبِيهِ، ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ مِثْلِ هَذَا السُّؤَالِ، فَقَالَ: فَلا تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ لَمَّا بَيَّنَ لَهُ بُطْلَانَ مَا اعْتَقَدَهُ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِهِ فَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ النَّهْيَ عَنِ السُّؤَالِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ نَهْيًا عَامَّا بِحَيْثُ يَشْمَلُ كُلَّ سُؤَالٍ لَا يَعْلَمُ صَاحِبُهُ أَنَّ حُصُولَ مَطْلُوبِهِ مِنْهُ صَوَابٌ، فَهُوَ يَدْخُلُ تَحْتَهُ سُؤَالُهُ هَذَا دُخُولًا أَوَّلِيًّا، وَفِيهِ عَدَمُ جَوَازِ الدُّعَاءِ بِمَا لَا يَعْلَمُ الْإِنْسَانُ مُطَابَقَتَهُ لِلشَّرْعِ، وَسُمِّيَ دُعَاءُهُ سُؤَالًا لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى السُّؤَالِ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ أَيْ: أُحَذِّرُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ، كَقَوْلِهِ: يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً «١» وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَرْفَعُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذِهِ زِيَادَةٌ مِنَ اللَّهِ
قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ أَيِ: انْزِلْ مِنَ السَّفِينَةِ إِلَى الْأَرْضِ، أَوْ مِنَ الْجَبَلِ إِلَى الْمُنْخَفَضِ مِنَ الْأَرْضِ، فَقَدْ بَلَعَتِ الْأَرْضُ مَاءَهَا وَجَفَّتْ بِسَلامٍ مِنَّا أَيْ: بِسَلَامَةٍ وَأَمْنٍ، وَقِيلَ: بِتَحِيَّةٍ وَبَرَكاتٍ أَيْ: نِعَمٍ ثَابِتَةٍ، مُشْتَقٌّ مِنْ بُرُوكِ الْجَمَلِ، وَهُوَ ثُبُوتُهُ، وَمِنْهُ الْبَرَكَةُ لِثُبُوتِ الْمَاءِ فِيهَا، وَفِي هَذَا الْخِطَابِ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِ تَوْبَتِهِ وَمَغْفِرَةِ زَلَّتِهِ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ أَيْ: نَاشِئَةٍ مِمَّنْ مَعَكَ، وَهُمُ الْمُتَشَعِّبُونَ مِنْ ذُرِّيَّةِ مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ وَقِيلَ: أَرَادَ مَنْ فِي السَّفِينَةِ، فَإِنَّهُمْ أُمَمٌ مُخْتَلِفَةٌ وَأَنْوَاعٌ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ مُتَبَايِنَةٌ. قِيلَ: أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهَؤُلَاءِ الْأُمَمِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مَنْ صَارَ مُؤْمِنًا مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ مَنْ صَارَ كَافِرًا مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَارْتِفَاعُ أُمَمٌ فِي قَوْلِهِ: وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ: وَمِنْهُمْ أُمَمٌ وَقِيلَ: عَلَى تَقْدِيرِ: وَيَكُونُ أُمَمٌ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ كَمَا تَقُولُ: كَلَّمْتُ زَيْدًا وَعَمْرٌو جَالِسٌ، وَأَجَازَ الْفَرَّاءُ فِي غَيْرِ الْقِرَاءَةِ: وَأُمَمًا سَنُمَتِّعُهُمْ: أَيْ وَنُمَتِّعُ أُمَمًا وَمَعْنَى الْآيَةِ: وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ فِي الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا مِنَ الْمَتَاعِ، وَنُعْطِيهِمْ مِنْهَا مَا يَعِيشُونَ بِهِ، ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَقِيلَ: يَمَسُّهُمْ إِمَّا فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الْآخِرَةِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: تِلْكَ إِلَى قِصَّةِ نُوحٍ، وَهِيَ مُبْتَدَأٌ، وَالْجُمَلُ بَعْدَهُ أَخْبَارٌ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ مِنْ جِنْسِ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ، وَالْأَنْبَاءُ: جَمْعُ نَبَأٍ وَهُوَ الْخَبَرُ، أَيْ: مِنْ أَخْبَارِ الْغَيْبِ الَّتِي مَرَّتْ بِكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَالضَّمِيرُ فِي: نُوحِيها إِلَيْكَ رَاجِعٌ إِلَى الْقِصَّةِ، وَالْمَجِيءُ بِالْمُضَارِعِ لِاسْتِحْضَارِ الصُّورَةِ مَا كُنْتَ يَا مُحَمَّدُ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا يَعْلَمُهَا قَوْمُكَ بَلْ هِيَ مَجْهُولَةٌ عِنْدَكُمْ مِنْ قَبْلِ الْوَحْيِ، أَوْ مِنْ قَبْلِ هَذَا الْوَقْتِ فَاصْبِرْ عَلَى مَا تُلَاقِيهِ مِنْ كُفَّارِ زَمَانِكَ، وَالْفَاءُ لِتَفْرِيعِ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا إِنَّ الْعاقِبَةَ الْمَحْمُودَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِلْمُتَّقِينَ لِلَّهِ، الْمُؤْمِنِينَ بِمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُهُ، وَفِي هَذَا تَسْلِيَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبْشِيرٌ لَهُ بِأَنَّ الظَّفَرَ لِلْمُتَّقِينَ فِي عَاقِبَةِ الْأَمْرِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَبَادِيهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: نَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي، وَإِنَّكَ قَدْ وَعَدْتِنِي أَنْ تُنْجِيَ لِي أَهْلِي، وَإِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَا بَغَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ»، وَقَوْلُهُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ يَقُولُ: لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الَّذِينَ وَعَدْتُكَ أَنْ أُنْجِيَهُمْ مَعَكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ نِسَاءَ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَزْنِينَ، وَكَانَ يَقْرَؤُهَا إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ يَقُولُ: مَسْأَلَتُكَ إِيَّايَ يَا نُوحُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ لَا أَرْضَاهُ لَكَ. وَأَخْرُجُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ في قوله: فَلا تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ قَالَ: بَيَّنَ اللَّهُ لِنُوحٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِابْنِهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشيخ عن ابن زيد في قوله: يا نُوحُ اهْبِطْ
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن ابن عباس، قال :" ما بغت امرأة نبيّ قط ". وقوله :﴿ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ يقول : ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، قال : إن نساء الأنبياء لا يزنين، وكان يقرؤها ﴿ إِنَّهُ عَمَل غَيْرُ صالح ﴾ يقول : مسألتك إياي يا نوح عمل غير صالح لا أرضاه لك. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم ﴾ قال : بين الله لنوح أنه ليس بابنه.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن زيد، في قوله :﴿ يا نوح اهبط بسلام منَّا ﴾ قال : أهبطوا والله عنهم راض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن محمد بن كعب القرظي، قال : دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة. ودخل في ذلك العذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك ﴿ وعلى أُمَمٍ من مَعَكَ ﴾ يعني : ممن لم يولد، أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة ﴿ وَأُمَم سَنُمَتّعُهُمْ ﴾ يعني : متاع الحياة الدنيا ﴿ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ منَّا عَذَاب أَلِيم ﴾ لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة. وأخرج أبو الشيخ قال : ثم رجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال :﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الغيب نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ﴾ يعني : العرب ﴿ مّن قَبْلِ هذا ﴾ القرآن.
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن ابن عباس، قال :" ما بغت امرأة نبيّ قط ". وقوله :﴿ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ يقول : ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، قال : إن نساء الأنبياء لا يزنين، وكان يقرؤها ﴿ إِنَّهُ عَمَل غَيْرُ صالح ﴾ يقول : مسألتك إياي يا نوح عمل غير صالح لا أرضاه لك. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم ﴾ قال : بين الله لنوح أنه ليس بابنه.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن زيد، في قوله :﴿ يا نوح اهبط بسلام منَّا ﴾ قال : أهبطوا والله عنهم راض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن محمد بن كعب القرظي، قال : دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة. ودخل في ذلك العذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك ﴿ وعلى أُمَمٍ من مَعَكَ ﴾ يعني : ممن لم يولد، أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة ﴿ وَأُمَم سَنُمَتّعُهُمْ ﴾ يعني : متاع الحياة الدنيا ﴿ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ منَّا عَذَاب أَلِيم ﴾ لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة. وأخرج أبو الشيخ قال : ثم رجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال :﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الغيب نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ﴾ يعني : العرب ﴿ مّن قَبْلِ هذا ﴾ القرآن.
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن ابن عباس، قال :" ما بغت امرأة نبيّ قط ". وقوله :﴿ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ يقول : ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، قال : إن نساء الأنبياء لا يزنين، وكان يقرؤها ﴿ إِنَّهُ عَمَل غَيْرُ صالح ﴾ يقول : مسألتك إياي يا نوح عمل غير صالح لا أرضاه لك. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم ﴾ قال : بين الله لنوح أنه ليس بابنه.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن زيد، في قوله :﴿ يا نوح اهبط بسلام منَّا ﴾ قال : أهبطوا والله عنهم راض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن محمد بن كعب القرظي، قال : دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة. ودخل في ذلك العذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك ﴿ وعلى أُمَمٍ من مَعَكَ ﴾ يعني : ممن لم يولد، أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة ﴿ وَأُمَم سَنُمَتّعُهُمْ ﴾ يعني : متاع الحياة الدنيا ﴿ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ منَّا عَذَاب أَلِيم ﴾ لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة. وأخرج أبو الشيخ قال : ثم رجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال :﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الغيب نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ﴾ يعني : العرب ﴿ مّن قَبْلِ هذا ﴾ القرآن.
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر، عن ابن عباس، قال :" ما بغت امرأة نبيّ قط ". وقوله :﴿ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ يقول : ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، قال : إن نساء الأنبياء لا يزنين، وكان يقرؤها ﴿ إِنَّهُ عَمَل غَيْرُ صالح ﴾ يقول : مسألتك إياي يا نوح عمل غير صالح لا أرضاه لك. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلاَ تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم ﴾ قال : بين الله لنوح أنه ليس بابنه.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن زيد، في قوله :﴿ يا نوح اهبط بسلام منَّا ﴾ قال : أهبطوا والله عنهم راض. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن محمد بن كعب القرظي، قال : دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة. ودخل في ذلك العذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، عن الضحاك ﴿ وعلى أُمَمٍ من مَعَكَ ﴾ يعني : ممن لم يولد، أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة ﴿ وَأُمَم سَنُمَتّعُهُمْ ﴾ يعني : متاع الحياة الدنيا ﴿ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ منَّا عَذَاب أَلِيم ﴾ لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة. وأخرج أبو الشيخ قال : ثم رجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال :﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الغيب نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ﴾ يعني : العرب ﴿ مّن قَبْلِ هذا ﴾ القرآن.
قَالَ: أُهْبِطُوا وَاللَّهُ عَنْهُمْ رَاضٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: دَخَلَ فِي ذَلِكَ السَّلَامِ وَالْبَرَكَاتِ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ كُلُّ كَافِرٍ وَكَافِرَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ الضَّحَّاكِ: وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ يَعْنِي مِمَّنْ لَمْ يُولَدُ، أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُمُ الْبَرَكَاتُ لِمَا سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنَ السَّعَادَةِ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ يَعْنِي: مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ لِمَا سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنَ الشَّقَاوَةِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فَقَالَ: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ يعني العرب مِنْ قَبْلِ هذا القرآن.
[سورة هود (١١) : الآيات ٥٠ الى ٦٠]
وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ (٥٠) يَا قَوْمِ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ (٥١) وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (٥٢) قالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣) إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤)
مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٥٧) وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٨) وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (٥٩)
وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ (٦٠)
قَوْلُهُ: وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً مَعْطُوفٌ عَلَى وَأَرْسَلْنَا نُوحًا أَيْ: وَأَرْسَلْنَا إِلَى عاد أخاهم أي:
واحدا منهم، وهودا عَطْفُ بَيَانٍ، وَقَوْمُ عَادٍ كَانُوا عَبَدَةَ أَوْثَانٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلَ هَذَا فِي الْأَعْرَافِ. وَقِيلَ:
هُمْ عَادٌ الْأُولَى وَعَادٌ الْأُخْرَى، فَهَؤُلَاءِ هُمْ عَادٌ الْأُولَى، وَعَادٌ الْأُخْرَى: هُمْ شَدَّادُ وَلُقْمَانُ وَقَوْمُهُمَا الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْلِهِ: إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ «١»، وَأَصْلُ عَادٍ: اسْمُ رَجُلٍ ثُمَّ صَارَ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ كَتَمِيمٍ وَبَكْرٍ وَنَحْوِهِمَا: مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قُرِئَ غَيْرُهُ بِالْجَرِّ عَلَى اللَّفْظِ، وَبِالرَّفْعِ عَلَى مَحَلِّ مِنْ إِلَهٍ، وَقُرِئَ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ:
إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ أَيْ: مَا أَنْتُمْ بِاتِّخَاذِ إِلَهٍ غَيْرِ اللَّهِ إِلَّا كَاذِبُونَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ خَاطَبَهُمْ فقال:
يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً أَيْ: لَا أَطْلُبُ مِنْكُمْ أَجْرًا عَلَى مَا أُبَلِّغُهُ إِلَيْكُمْ، وَأَنْصَحُكُمْ بِهِ مِنَ الْإِرْشَادِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ لَكُمْ سِوَاهُ، فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى مَضْمُونِ هَذَا الْكَلَامِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى هَذَا فِي قِصَّةِ نُوحٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَيْ: مَا أَجْرِيَ الَّذِي أَطْلُبُ إِلَّا مِنَ الَّذِي فَطَرَنِي، أَيْ:
خَلَقَنِي فَهُوَ الَّذِي يُثِيبُنِي عَلَى ذَلِكَ أَفَلا تَعْقِلُونَ أَنَّ أَجْرَ النَّاصِحِينَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قِيلَ: إنما
وَقَدْ تَقَدَّمَ زِيَادَةُ بَيَانٍ لِمِثْلِ هَذَا فِي قِصَّةِ نُوحٍ، ثُمَّ رَغَّبَهُمْ فِي الْإِيمَانِ بِالْخَيْرِ الْعَاجِلِ، فَقَالَ يُرْسِلِ السَّماءَ أَيِ: الْمَطَرَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً أَيْ: كَثِيرَ الدُّرُورِ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، دَرَّتِ السَّمَاءُ تُدِرُّ وَتَدُرُّ فَهِيَ مِدْرَارٌ، وَكَانَ قَوْمُ هُودٍ أَهْلَ بَسَاتِينَ وَزَرْعٍ وَعِمَارَةٍ، وَكَانَتْ مَسَاكِنُهُمُ الرِّمَالَ الَّتِي بَيْنَ الشَّامِ وَالْيَمَنِ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ مَعْطُوفٌ عَلَى يُرْسِلِ، أَيْ: شِدَّةً مُضَافَةً إِلَى شِدَّتِكُمْ، أَوْ: خِصْبًا إِلَى خِصْبِكُمْ، أَوْ:
عِزًّا إِلَى عِزِّكُمْ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى يَزِدْكُمْ قُوَّةً فِي النِّعَمِ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ أَيْ: لَا تُعْرِضُوا عَمَّا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ، وَتُقِيمُوا عَلَى الْكُفْرِ مُصِرِّينَ عَلَيْهِ، وَالْإِجْرَامُ: الْآثَامُ كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ أَجَابَهُ قَوْمُهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى فَرْطِ جَهَالَتِهِمْ، وَعَظِيمِ غَبَاوَتِهِمْ، ف قالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ أَيْ: بِحُجَّةٍ وَاضِحَةٍ نَعْمَلُ عَلَيْهَا، وَنُؤْمِنُ لَكَ بِهَا غير معترفين بما جاءهم به مِنْ حُجَجِ اللَّهِ وَبَرَاهِينِهِ عِنَادًا وَبُعْدًا عَنِ الْحَقِّ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا الَّتِي نَعْبُدُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ. وَمَعْنَى عَنْ قَوْلِكَ صَادِرِينَ عَنْ قَوْلِكَ، فَالظَّرْفُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ أَيْ: بِمُصَدِّقِينَ فِي شَيْءٍ مِمَّا جِئْتَ بِهِ إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ أَيْ: مَا نَقُولُ إِلَّا أَنَّهُ أَصَابَكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا الَّتِي تَعِيبُهَا وَتُسَفِّهُ رَأْيَنَا فِي عِبَادَتِهَا بِسُوءٍ: بِجُنُونٍ، حَتَّى نَشَأَ عَنْ جُنُونِكَ مَا تَقُولُهُ لَنَا وَتَكَرِّرُهُ عَلَيْنَا مِنَ التَّنْفِيرِ عَنْهَا، يُقَالُ عَرَاهُ الْأَمْرُ وَاعْتَرَاهُ: إِذَا أَلَمَّ بِهِ، فَأَجَابَهُمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ مُبَالَاتِهِ بِهِمْ وَعَلَى وُثُوقِهِ بِرَبِّهِ وَتَوَكُّلِهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شيء مما يرده الْكُفَّارُ بِهِ، بَلِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الضَّارُّ النَّافِعُ فَ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنْتُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ بِهِ مِنْ دُونِهِ أَيْ: مِنْ إِشْرَاكِكِمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنَزِّلَ بِهِ سُلْطَانًا فَكِيدُونِي جَمِيعاً أَنْتُمْ وَآلِهَتُكُمْ إِنْ كَانَتْ كَمَا تَزْعُمُونَ مِنْ أَنَّهَا تَقْدِرُ عَلَى الْإِضْرَارِ بِي وَأَنَّهَا اعترتني بسوء ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ أَيْ: لَا تُمْهِلُونِي، بَلْ عَاجِلُونِي وَاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ وَفِي هَذَا مِنْ إِظْهَارِ عَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِهِمْ وَبِأَصْنَامِهِمُ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا مَا يَصُكُّ مَسَامِعَهُمْ، وَيُوَضِّحُ عَجْزَهُمْ وَعَدَمَ قُدْرَتِهِمْ عَلَى شَيْءٍ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ فَهُوَ يَعْصِمُنِي مِنْ كَيْدِكُمْ، وَإِنْ بَلَغْتُمْ فِي تَطَلُّبِ وُجُوهِ الْإِضْرَارِ بِي كُلَّ مَبْلَغٍ، فَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ كَفَاهُ. ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ لَهُمْ تَوَكُّلَهُ عَلَى اللَّهِ، وَثِقَتَهُ بِحِفْظِهِ وَكَلَاءَتِهِ وَصَفَهُ بِمَا يُوجِبُ التَّوَكُّلَ عَلَيْهِ، وَالتَّفْوِيضَ إِلَيْهِ مِنِ اشْتِمَالِ رُبُوبِيَّتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ مَالِكٌ لِلْجَمِيعِ، وَأَنَّ نَاصِيَةَ كُلِّ دَابَّةٍ مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ بِيَدِهِ، وَفِي قَبْضَتِهِ وَتَحْتَ قَهْرِهِ، وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِغَايَةِ التَّسْخِيرِ وَنِهَايَةِ التَّذْلِيلِ، وَكَانُوا إِذَا أَسَرُوا الْأَسِيرَ وَأَرَادُوا إِطْلَاقَهُ، وَالْمَنَّ عَلَيْهِ جَزُّوا نَاصِيَتَهُ فَجَعَلُوا ذَلِكَ عَلَامَةً لِقَهْرِهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَى آخذ بناصيتها: مالكها والقادر عليها، وقال القتبي: قَاهِرُهَا لِأَنَّ مَنْ أَخَذْتَ بِنَاصِيَتِهِ فَقَدْ قَهَرْتَهُ، وَالنَّاصِيَةُ قُصَاصُ الشَّعْرِ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ، ثُمَّ عَلَّلَ مَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أَيْ: هُوَ عَلَى الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فَلَا يَكَادُ يُسَلِّطُكُمْ عَلَيَّ فَإِنْ تَوَلَّوْا أَيْ: تَتَوَلَّوْا فَحُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، وَالْمَعْنَى فَإِنْ تَسْتَمِرُّوا عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنِ الْإِجَابَةِ، وَالتَّصْمِيمِ عَلَى مَا أَنْتَمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ لَيْسَ عَلَيَّ إِلَّا ذَلِكَ، وَقَدْ لَزِمَتْكُمُ الْحُجَّةُ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِتَقْرِيرِ الْوَعِيدِ بِالْهَلَاكِ، أَيْ:
أَيْ: بِرَحْمَةٍ عَظِيمَةٍ كَائِنَةٍ مِنَّا لِأَنَّهُ لَا يَنْجُو أَحَدٌ إِلَّا بِرَحْمَةِ اللَّهِ، وَقِيلَ: هِيَ الْإِيمَانُ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ أَيْ: شَدِيدٍ، قيل: وَهُوَ السَّمُومُ الَّتِي كَانَتْ تَدْخُلُ أُنُوفَهُمْ وَتِلْكَ عادٌ مبتدأ وخبر، وأنت الْإِشَارَةَ اعْتِبَارًا بِالْقَبِيلَةِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: إِنَّ مِنَ العرب من لا يصرف عاد وَيَجْعَلُهُ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ أَيْ: كَفَرُوا بِهَا وَكَذَّبُوهَا وَأَنْكَرُوا الْمُعْجِزَاتِ وَعَصَوْا رُسُلَهُ أَيْ: هُودًا وَحْدَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِهِ رَسُولٌ سِوَاهُ، وَإِنَّمَا جَمَعَ هُنَا لِأَنَّ مِنْ كَذَّبَ رَسُولًا فَقَدْ كَذَّبَ جَمِيعَ الرُّسُلِ وَقِيلَ: إِنَّهُمْ عَصَوْا هُودًا وَمَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ، أَوْ كَانُوا بِحَيْثُ لَوْ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ رُسُلًا مُتَعَدِّدِينَ لَكَذَّبُوهُمْ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ، وَالْعَنِيدُ: الطَّاغِي الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْحَقَّ وَلَا يُذْعِنُ لَهُ. قال أبو عبيدة: العنيد والعنود وَالْعَانِدُ وَالْمُعَانِدُ، وَهُوَ الْمُعَارِضُ بِالْخِلَافِ مِنْهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْعِرْقِ الَّذِي
يَتَفَجَّرُ بِالدَّمِ عَانِدٌ. قَالَ الرَّاجِزُ:
إِنِّي كَبِيرٌ لَا أُطِيقُ الْعُنَّدَا
وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً أَيْ: أُلْحِقُوهَا، وَهِيَ الْإِبْعَادُ مِنَ الرَّحْمَةِ، وَالطَّرْدُ مِنَ الْخَيْرِ، وَالْمَعْنَى:
أَنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُمْ لَا تُفَارِقُهُمْ مَا دَامُوا في الدنيا وَأتبعوها يَوْمَ الْقِيامَةِ فَلُعِنُوا هُنَالِكَ كَمَا لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَيْ: بِرَبِّهِمْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: كَفَرُوا نِعْمَةَ رَبِّهِمْ، يُقَالُ: كَفَرْتُهُ، وَكَفَرَتُ بِهِ: مِثْلَ: شَكَرْتُهُ وَشَكَرْتُ لَهُ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ أَيْ: لَا زَالُوا مُبْعَدِينَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْبُعْدُ:
الْهَلَاكُ، وَالْبُعْدُ: التَّبَاعُدُ مِنَ الْخَيْرِ، يُقَالُ: بَعُدَ يَبْعُدُ بُعْدًا: إِذَا تَأَخَّرَ وَتَبَاعَدَ، وَبَعُدَ يَبْعُدُ بُعْدًا: إِذَا هَلَكَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَا يَبْعَدَنَّ قَوْمَيِ الَّذِينَ هُمْ | سُمُّ الْعُدَاةِ وَآفَةُ الْجُزُرِ |
فَلَا تَبْعُدَنَّ إِنَّ الْمَنِيَّةَ مَنْهَلٌ | وَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمًا بِهِ الْحَالُ زَائِلُ |
مَا كَانَ يَنْفَعُنِي مَقَالُ نِسَائِهِمْ | وَقُتِلْتُ دُونَ رِجَالِهِمْ لَا تَبْعَدِ |
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ: إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
إني كبير لا أطيق العندا ***. . .
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
لا يبعدن قومي الذين هم | سم العداة وآفة الجزر |
فلا تبعدن إنّ المنية منهل | وكل امرئ يوماً به الحال زائل |
ما كان ينفعني مقال نسائهم | وقتلت دون رجالهم لا تبعد |
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله :﴿ إِن نَقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوء ﴾ قال : أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال : ما من أحد يخاف لصاً عادياً، أو سبعاً ضارياً، أو شيطاناً مارداً فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ إِنَّ رَبّي على صراط مُسْتَقِيمٍ ﴾ قال : الحق. وأخرج ابن أبي حاتم، عن أبي مالك، في قوله :﴿ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ قال : شديد. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ قال : المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، قال : العنيد المشاقّ. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، في قوله :﴿ وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً ﴾ قال : لم يبعث نبيّ بعد عاد إلا لعنت على لسانه. وأخرج ابن المنذر، عن قتادة، في الآية قال : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا، ولعنة في الآخرة.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ قَالَ: وَلَدَ الْوَلَدِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قَالَ: أَصَابَتْكَ بِالْجُنُونِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَخَافُ لِصًّا عَادِيًا، أَوْ سَبُعًا ضَارِيًا أَوْ شَيْطَانًا مَارِدًا فَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ إِلَّا صَرَفَهُ اللَّهُ عَنْهُ. وَأَخْرُجُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ: إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ قَالَ: الْحَقِّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: عَذابٍ غَلِيظٍ قَالَ:
شَدِيدٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ قَالَ: الْمُشْرِكُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: الْعَنِيدُ: الْمُشَاقُّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ:
وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً قَالَ: لَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ بَعْدَ عَادٍ إِلَّا لُعِنَتْ عَلَى لِسَانِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: تَتَابَعَتْ عَلَيْهِمْ لَعْنَتَانِ مِنَ اللَّهِ: لَعْنَةٌ فِي الدنيا، ولعنة في الآخرة.
[سورة هود (١١) : الآيات ٦١ الى ٦٨]
وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (٦١) قالُوا يَا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢) قالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (٦٣) وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ (٦٤) فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (٦٥)
فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٦٧) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ (٦٨)
قَوْلُهُ: وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَالتَّقْدِيرُ: وَأَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صالحا، والكلام فيه وفي قوله: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ هُودٍ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ: وَإِلَى ثَمُودٍ بِالتَّنْوِينِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ. وَاخْتَلَفَ سَائِرُ الْقُرَّاءِ فِيهِ فَصَرَفُوهُ فِي مَوْضِعٍ وَلَمْ يَصْرِفُوهُ فِي مَوْضِعٍ. فَالصَّرْفُ بِاعْتِبَارِ التَّأْوِيلِ بِالْحَيِّ، وَالْمَنْعُ بِاعْتِبَارِ التَّأْوِيلِ بِالْقَبِيلَةِ، وَهَكَذَا سَائِرُ مَا يَصِحُّ فِيهِ التَّأْوِيلَانِ، وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ فِي التَّأْنِيثِ بِاعْتِبَارِ التَّأْوِيلِ بالقبيلة:
إِذَا فَعَلْتُ بِهِ فِعْلًا يُوجِبُ لَهُ الرِّيبَةَ، وَهِيَ: قَلَقُ النَّفْسِ وَانْتِفَاءُ الطُّمَأْنِينَةِ، أَوْ مِنْ أَرَابَ الرَّجُلُ: إِذَا كَانَ ذَا رِيبَةٍ، وَالْمَعْنَى: إِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَتَرْكُ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مُوقِعٌ في الريب قالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي أَيْ: حُجَّةٍ ظَاهِرَةٍ، وَبُرْهَانٍ صَحِيحٍ وَآتانِي مِنْهُ أَيْ: مِنْ جِهَتِهِ رَحْمَةً أَيْ: نُبُوَّةً، وَهَذِهِ الْأُمُورُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَحَقِّقَةَ الْوُقُوعِ، لَكِنَّهَا صُدِّرَتْ بِكَلِمَةِ الشَّكِّ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْمُخَاطَبِينَ، لِأَنَّهُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا وَصَفُوهُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ النَّفْيُ، أَيْ: لَا نَاصِرَ لِي يَمْنَعُنِي مِنْ عَذَابِ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، وَرَاقَبْتُكُمْ، وَفَتَرْتُ عَمَّا يَجِبُ عَلَيَّ مِنَ الْبَلَاغِ فَما تَزِيدُونَنِي بِتَثْبِيطِكُمْ إِيَّايَ غَيْرَ تَخْسِيرٍ بِأَنْ تَجْعَلُونِي خَاسِرًا بِإِبْطَالِ عَمَلِي، وَالتَّعَرُّضِ لِعُقُوبَةِ اللَّهِ لِي. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَيْ: تَضْلِيلٍ وَإِبْعَادٍ مِنَ الْخَيْرِ وَقِيلَ الْمَعْنَى: فَمَا تَزِيدُونَنِي باحتجاجكم بِدِينِ آبَائِكُمْ غَيْرَ بَصِيرَةٍ بِخَسَارَتِكُمْ. قَوْلُهُ: وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً قَدْ مَرَّ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْأَعْرَافِ، وَمَعْنَى لَكُمْ آيَةً: مُعْجِزَةً ظَاهِرَةً، وَهِيَ مُنْتَصِبَةٌ عَلَى الحال، ولكم فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ آيَةٍ مُقَدَّمَةٍ عَلَيْهَا، وَلَوْ تَأَخَّرَتْ لَكَانَتْ صِفَةً لَهَا وَقِيلَ: إِنَّ نَاقَةَ: اللَّهِ بَدَلٌ مِنْ هَذِهِ، وَالْخَبَرُ لَكُمْ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَإِنَّمَا قَالَ: ناقَةُ اللَّهِ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا لَهُمْ مِنْ جَبَلٍ عَلَى حَسَبِ اقْتِرَاحِهِمْ وَقِيلَ: مِنْ صَخْرَةٍ صَمَّاءَ فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ أَيْ: دَعُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ مِمَّا فِيهَا مِنَ الْمَرَاعِي الَّتِي تَأْكُلُهَا الْحَيَوَانَاتُ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ: وَيَجُوزُ رَفْعُ تَأْكُلْ عَلَى الْحَالِ وَالِاسْتِئْنَافِ، وَلَعَلَّهُ يَعْنِي فِي الْأَصْلِ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ لُغَةُ الْعَرَبِ لَا فِي الْآيَةِ، فَالْمُعْتَمَدُ الْقِرَاءَاتُ الْمَرْوِيَّةُ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ قَالَ الْفَرَّاءُ: بِعَقْرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّهْيَ عَمَّا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ جَوَابُ النَّهْيِ، أَيْ: قَرِيبٌ مِنْ عَقْرِهَا، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَعَقَرُوها أَيْ: فَلَمْ يَمْتَثِلُوا الْأَمْرَ مِنْ صَالِحٍ وَلَا النَّهْيَ، بَلْ خَالَفُوا كُلَّ ذَلِكَ فوقع منهم
قال الفراء : أي تضليل وإبعاد من الخير. وقيل : المعنى : فما تزيدونني باحتجاجكم بدين آبائكم غير بصيرة بخسارتكم.
قيل : إنهم عقروها يوم الأربعاء، فأقاموا الخميس والجمعة والسبت، وأتاهم العذاب يوم الأحد، والإشارة بقوله :﴿ ذلك ﴾ إلى ما يدل عليه الأمر بالتمتع ثلاثة أيام ﴿ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ﴾ أي : غير مكذوب فيه، فحذف الجارّ اتساعاً، أو من باب المجاز، كأن الوعد إذا وفى به صدق ولم يكذب، ويجوز أن يكون مصدراً : أي وعد غير كذب.
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ قَالَ: خَلَقَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها قَالَ: أَعْمَرَكُمْ فِيهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها قَالَ: اسْتَخْلَفَكُمْ فِيهَا. وَأَخْرُجُ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ يَقُولُ: مَا تَزْدَادُونَ أَنْتُمْ إِلَّا خَسَارًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ قَالَ:
مَيِّتِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها قَالَ: كَأَنْ لَمْ يَعِيشُوا فِيهَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ، قَالَ: كَأَنْ لَمْ يَعْمُرُوا فِيهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَأَنْ لَمْ يَنْعَمُوا فيها.
[سورة هود (١١) : الآيات ٦٩ الى ٧٦]
وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩) فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ (٧٠) وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (٧١) قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (٧٣)
فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (٧٤) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥) يَا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦)
غلب المساميح الوليد سماحة | وَكَفَى قُرَيْشَ الْمُعْضِلَاتِ وَسَادَهَا |
فَأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ | مِنَ الْحَوَادِثِ إِلَّا الشَّيْبُ وَالصَّلَعَا |
إِذَا أَنْكَرَتْنِي بَلْدَةٌ أَوْ نَكِرْتُهَا | خَرَجْتُ مَعَ الْبَازِي عَلَيَّ سَوَادُ |
جَاءَ البريد بقرطاس يخبّ به | فأوجس القلب من قرطاسه جزعا |
وَإِنِّي لَآتِي الْعِرْسَ عِنْدَ طَهُورِهَا | وَأَهْجُرُهَا يَوْمًا إِذَا تَكُ ضَاحِكَا |
وضحك الأرانب فوق الصّفا | كمثل دم الجوف يوم اللقا |
الرَّفْعُ بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: وَيَحْدُثُ لَهَا، أَوْ وَثَبَتَ لَهَا. وَقَدْ وَقَعَ التَّبْشِيرُ هُنَا لَهَا، وَوَقَعَ لِإِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ «٢» - وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ «٣»، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَحِقٌّ لِلْبِشَارَةِ بِهِ لكونه منهما، وجملة قالَتْ يا وَيْلَتى مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَاذَا قَالَتْ؟ قَالَ الزَّجَّاجُ:
أَصْلُهَا يَا وَيْلَتِي، فَأُبْدِلَ مِنَ الْيَاءِ أَلِفٌ لِأَنَّهَا أَخَفُّ مِنَ الْيَاءِ وَالْكَسْرَةِ، وَهِيَ لَمْ تُرِدِ الدُّعَاءَ عَلَى نَفْسِهَا بِالْوَيْلِ، وَلَكِنَّهَا كَلِمَةٌ تَقَعُ كَثِيرًا عَلَى أَفْوَاهِ النِّسَاءِ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِنَّ مَا يَعْجَبْنَ مِنْهُ، وَأَصْلُ الْوَيْلِ: الْخِزْيُ، ثُمَّ شَاعَ فِي كُلِّ أَمْرٍ فَظِيعٍ، وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهَا: أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ لِلتَّعَجُّبِ، أَيْ: كَيْفَ أَلِدُ وَأَنَا شَيْخَةٌ قَدْ طَعَنْتُ فِي السِّنِّ، يُقَالُ: عَجَزَتْ تَعْجَزُ مُخَفَّفًا وَمُثَقَّلًا عَجْزًا وَتَعْجِيزًا، أَيْ: طَعَنَتْ فِي السِّنِّ، وَيُقَالُ عَجُوزٌ وَعَجُوزَةٌ، وَأَمَّا عَجِزَتْ بِكَسْرِ الْجِيمِ: فَمَعْنَاهُ عَظُمَتْ عَجِيزَتُهَا، قِيلَ: كَانَتْ بِنْتَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ:
بِنْتَ تِسْعِينَ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً أَيْ: وَهَذَا زَوْجِي إِبْرَاهِيمُ شَيْخًا لَا تحبل من مثله النساء، وشيخا: منتصب
(٢). الصافات: ١٠١.
(٣). الذاريات: ٢٨.
كَانَ إِبْرَاهِيمُ ابْنَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَقِيلَ: ابْنَ مِائَةٍ، وَهَذِهِ الْمُبَشَّرَةُ هِيَ: سَارَةُ امْرَأَةُ إِبْرَاهِيمَ. وَقَدْ كَانَ وُلِدَ لِإِبْرَاهِيمَ مِنْ هَاجَرَ أَمَتِهِ إِسْمَاعِيلُ، فَتَمَنَّتْ سَارَةُ أَنْ يَكُونَ لَهَا ابْنٌ وَأَيِسَتْ مِنْهُ لِكِبَرِ سِنِّهَا، فَبَشَّرَهَا اللَّهُ بِهِ عَلَى لِسَانِ مَلَائِكَتِهِ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ أَيْ: مَا ذَكَرَتْهُ الْمَلَائِكَةُ مِنَ التَّبْشِيرِ بِحُصُولِ الْوَلَدِ- مَعَ كَوْنِهَا فِي هَذِهِ السِّنِّ الْعَالِيَةِ الَّتِي لَا يُولَدُ لِمِثْلِهَا- شَيْءٌ يُقْضَى مِنْهُ الْعَجَبُ، وَجُمْلَةُ قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، وَالِاسْتِفْهَامُ فِيهَا لِلْإِنْكَارِ، أَيْ: كَيْفَ تَعْجَبِينَ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، وَهُوَ لَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهَا مَعَ كَوْنِ مَا تَعَجَّبَتْ مِنْهُ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَةِ لِأَنَّهَا مِنْ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَلَا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهَا أَنَّ هَذَا من مقدوراته سبحانه، ولهذا قالوا: رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ أَيْ:
الرَّحْمَةُ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَالْبَرَكَاتُ وَهِيَ النُّمُوُّ والزيادة وقيل الرَّحْمَةُ: النُّبُوَّةُ، وَالْبَرَكَاتُ: الْأَسْبَاطُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِمَا فِيهِمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَانْتِصَابُ: أَهْلَ الْبَيْتِ، عَلَى الْمَدْحِ أَوِ الِاخْتِصَاصِ، وَصَرْفُ الْخِطَابِ مِنْ صِيغَةِ الْوَاحِدَةِ إِلَى الْجَمْعِ لِقَصْدِ التَّعْمِيمِ إِنَّهُ حَمِيدٌ أَيْ: يَفْعَلُ مُوجِبَاتِ حَمْدِهِ مِنْ عِبَادِهِ عَلَى سَبِيلِ الْكَثْرَةِ مَجِيدٌ كَثِيرُ الْإِحْسَانِ إِلَى عِبَادِهِ بِمَا يَفِيضُهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْخَيْرَاتِ، وَالْجُمْلَةُ تعليل لقوله: رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ. قَوْلُهُ: فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ أَيْ: الْخِيفَةُ الَّتِي أَوْجَسَهَا فِي نَفْسِهِ، يُقَالُ ارْتَاعَ مِنْ كَذَا: إِذَا خَافَ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
فَارْتَاعَ مِنْ صَوْتِ كَلَّابٍ فَبَاتَ لَهُ | طَوْعَ الشَّوَامِتِ مِنْ خوف ومن صرد |
إِنَّهُ لَمَّا سمع قولهم: إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ فِيهِمْ خَمْسُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَتُهْلِكُونَهُمْ؟
قَالُوا: لَا، قَالَ: فَأَرْبَعُونَ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَعِشْرُونَ؟ قَالُوا: لَا، ثُمَّ قَالَ: فَعَشَرَةٌ، فَخَمْسَةٌ؟ قَالُوا لَا. قَالَ: فَوَاحِدٌ؟ قَالُوا: لَا، قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ الْآيَةَ، فَهَذَا مَعْنَى مُجَادَلَتِهِ فِي قَوْمِ لُوطٍ: أَيْ: فِي شَأْنِهِمْ وَأَمْرِهِمْ. ثُمَّ أَثْنَوْا عَلَى إِبْرَاهِيمَ، أَوْ أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَيْ لَيْسَ بِعَجُولٍ فِي الْأُمُورِ، وَلَا بِمُوقِعٍ لَهَا عَلَى غَيْرِ مَا يَنْبَغِي. وَالْأَوَّاهُ: كَثِيرُ التَّأَوُّهِ، وَالْمُنِيبُ: الرَّاجِعُ إِلَى اللَّهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَرَاءَةَ الْكَلَامُ عَلَى الْأَوَّاهِ. قوله: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا هَذَا قَوْلُ الْمَلَائِكَةِ لَهُ، أَيْ: أَعْرَضْ عَنْ هَذَا الْجِدَالِ فِي أَمْرٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، وَجَفَّ بِهِ الْقَلَمُ، وَحَقَّ بِهِ الْقَضَاءُ إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ الضَّمِيرُ لِلشَّأْنِ، وَمَعْنَى مَجِيءِ أَمْرِ اللَّهِ: مَجِيءُ عَذَابِهِ الَّذِي قَدَّرَهُ عَلَيْهِمْ، وَسَبَقَ بِهِ قَضَاؤُهُ وَإِنَّهُمْ
أَيْ: لَا يَرُدُّهُ دُعَاءٌ وَلَا جِدَالٌ، بَلْ هُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ لَا مَحَالَةَ، وَنَازِلٌ بِهِمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ، لَيْسَ بِمَصْرُوفٍ وَلَا مَدْفُوعٍ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مِحْصَنٍ فِي ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا أَرْبَعَةً: جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، وَرَافَائِيلَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: بِعِجْلٍ حَنِيذٍ قَالَ:
نَضِيجٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ قَالَ: مَشْوِيٌّ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: سَمِيطٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: الْحَنِيذُ الَّذِي أُنْضِجَ بِالْحِجَارَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عن يزيد ابن أَبِي يَزِيدٍ الْبَصْرِيِّ فِي قَوْلِهِ: فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ قَالَ: لَمْ يَرَ لَهُمْ أَيْدِيًا فَنَكِرَهُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: نَكِرَهُمْ قَالَ: كَانُوا إِذَا نَزَلَ بِهِمْ ضَيْفٌ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ طَعَامِهِمْ ظَنُّوا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِخَيْرٍ، وَأَنَّهُ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِشَرٍّ، ثُمَّ حَدَّثُوهُ عِنْدَ ذَلِكَ بِمَا جَاءُوا فِيهِ، فَضَحِكَتِ امْرَأَتُهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ وَهُوَ جَالِسٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ قَالَ: فِي خِدْمَةِ أَضْيَافِ إِبْرَاهِيمَ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا أَوْجَسَ إِبْرَاهِيمُ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً حَدَّثُوهُ عِنْدَ ذَلِكَ بِمَا جَاءُوا فِيهِ، فَضَحِكَتِ امْرَأَتُهُ تَعَجُّبًا مِمَّا فِيهِ قَوْمُ لُوطٍ مِنَ الْغَفْلَةِ، وَمِمَّا أَتَاهُمْ مِنَ الْعَذَابِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
فَضَحِكَتْ قَالَ: فَحَاضَتْ وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ:
فَضَحِكَتْ قَالَ: حَاضَتْ وَكَانَتِ ابْنَةُ بِضْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ مِائَةِ سَنَةٍ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: حَاضَتْ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ قَالَ: هُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ عَنْ حَسَّانَ بْنِ أَبْجَرَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ قَالَ: مَاتَ وَتَرَكَ أَرْبَعَةً مِنَ الْوَلَدِ وَثَلَاثَةً مِنَ الْوَرَاءِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ قَالَ: وَلَدُ الْوَلَدِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ أَنْ يُزَادَ فِي جَوَابِ التَّحِيَّةِ عَلَى قَوْلِهِمْ: عَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَيَتْلُو هَذِهِ الآية رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ قَالَ: الْفَرَقُ. يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ قَالَ:
يُخَاصِمُنَا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي تَفْسِيرِ الْمُجَادَلَةِ قَالَ: إِنَّهُ قَالَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ فِيهِمْ خَمْسُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالُوا: إِنْ كَانَ فِيهِمْ خَمْسُونَ لَمْ نُعَذِّبْهُمْ، قَالَ: أَرْبَعُونَ؟ قَالُوا: وَأَرْبَعُونَ، قَالَ: ثَلَاثُونَ؟ قَالُوا: وَثَلَاثُونَ، حَتَّى بَلَغُوا عَشَرَةً، قَالُوا: إِنْ كَانَ فِيهِمْ عَشَرَةٌ لَمْ نُعَذِّبْهُمْ، قَالَ: مَا قَوْمٌ لَا يَكُونُ فِيهِمْ عَشَرَةٌ فِيهِمْ خَيْرٌ؟ قَالَ قَتَادَةُ: إِنَّهُ كَانَ فِي قَرْيَةِ لُوطٍ أَرْبَعَةُ آلَافِ أَلْفِ إِنْسَانٍ، أو ما
فأنكرتني وما كان الذي نكرت | من الحوادث إلا الشيب والصلعا |
إذا أنكرتني بلدة أو نكرتها | خرجت مع البازي عليّ سواد |
جاء البريد بقرطاس يحث به | فأوجس القلب من قرطاسه فزعا |
﴿ قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ ﴾، ولم يذكر ذلك ها هنا اكتفاء بما هنالك، ثم علّلوا نهيه عن الخوف بقولهم :﴿ إِنَّا أرْسلْنَا إلى قَوْمِ لُوطٍ ﴾ أي : أرسلنا إليهم خاصة، ويمكن أن يكون إبراهيم عليه السلام قد قال قولاً يكون هذا جواباً عنه ﴿ قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا المرسلون. قَالُواْ إِنَّا أرْسلْنَا إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد ﴿ وامرأته قَائِمَة ﴾ قال : في خدمة أضياف إبراهيم. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة قال : لما أوجس إبراهيم في نفسه خيفة حدّثوه عند ذلك بما جاءوا فيه، فضحكت امرأته تعجباً مما فيه قوم لوط من الغفلة، ومما أتاهم من العذاب. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ قال : فحاضت وهي : بنت ثمان وتسعين سنة. وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ قال : حاضت، وكانت ابنة بضع وتسعين سنة، وكان إبراهيم ابن مائة سنة.
وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة قال : حاضت. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ ﴾ قال : هو ولد الولد. وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء، عن حسان بن أبجر قال : كنت عند ابن عباس، فجاء رجل من هذيل، فقال له ابن عباس : ما فعل فلان ؟ قال : مات وترك أربعة من الولد وثلاثة من الوراء، فقال ابن عباس :﴿ فبشرناها بإسحاق وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ ﴾ قال : ولد الولد. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم، وأبو الشيخ، والبيهقي في الشعب من طرق، عن ابن عباس أنه كان ينهى عن أن يزاد في جواب التحية على قولهم : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ويتلو هذه الآية ﴿ رَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البيت ﴾. وأخرج البيهقي عن ابن عمر نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إبراهيم الروع ﴾ قال : الفرق ﴿ يجادلنا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴾ قال : يخاصمنا. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة في تفسير المجادلة قال : إنه قال لهم يومئذ : أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين ؟ قالوا : إن كان فيهم خمسون لم نعذبهم، قال : أربعون ؟ قالوا : وأربعون. قال : ثلاثون ؟ قالوا : وثلاثون، حتى بلغوا عشرة، قالوا : إن كان فيهم عشرة لم نعذبهم، قال : ما قوم لا يكون فيهم عشرة فيهم خير ؟ قال قتادة : إنه كان في قرية لوط أربعة آلاف ألف إنسان، أو ما شاء الله من ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس قال : لما جاءت الملائكة إلى إبراهيم قالوا لإبراهيم : إن كان فيها خمسة يصلون رفع عنهم العذاب. وأخرج أبو الشيخ، عن عمر بن ميمون قال : الأوّاه : الرحيم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال : المنيب، المقبل إلى طاعة الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : المنيب المخلص.
وإني لآتي العرس عند طهورها | وأهجرها يوماً إذا تك ضاحكاً |
وضحك الأرانب فوق الصفا | كمثل دم الخوف يوم اللقا |
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد ﴿ وامرأته قَائِمَة ﴾ قال : في خدمة أضياف إبراهيم. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة قال : لما أوجس إبراهيم في نفسه خيفة حدّثوه عند ذلك بما جاءوا فيه، فضحكت امرأته تعجباً مما فيه قوم لوط من الغفلة، ومما أتاهم من العذاب. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ قال : فحاضت وهي : بنت ثمان وتسعين سنة. وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ قال : حاضت، وكانت ابنة بضع وتسعين سنة، وكان إبراهيم ابن مائة سنة.
وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة قال : حاضت. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ ﴾ قال : هو ولد الولد. وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء، عن حسان بن أبجر قال : كنت عند ابن عباس، فجاء رجل من هذيل، فقال له ابن عباس : ما فعل فلان ؟ قال : مات وترك أربعة من الولد وثلاثة من الوراء، فقال ابن عباس :﴿ فبشرناها بإسحاق وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ ﴾ قال : ولد الولد. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم، وأبو الشيخ، والبيهقي في الشعب من طرق، عن ابن عباس أنه كان ينهى عن أن يزاد في جواب التحية على قولهم : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ويتلو هذه الآية ﴿ رَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البيت ﴾. وأخرج البيهقي عن ابن عمر نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إبراهيم الروع ﴾ قال : الفرق ﴿ يجادلنا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴾ قال : يخاصمنا. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة في تفسير المجادلة قال : إنه قال لهم يومئذ : أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين ؟ قالوا : إن كان فيهم خمسون لم نعذبهم، قال : أربعون ؟ قالوا : وأربعون. قال : ثلاثون ؟ قالوا : وثلاثون، حتى بلغوا عشرة، قالوا : إن كان فيهم عشرة لم نعذبهم، قال : ما قوم لا يكون فيهم عشرة فيهم خير ؟ قال قتادة : إنه كان في قرية لوط أربعة آلاف ألف إنسان، أو ما شاء الله من ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس قال : لما جاءت الملائكة إلى إبراهيم قالوا لإبراهيم : إن كان فيها خمسة يصلون رفع عنهم العذاب. وأخرج أبو الشيخ، عن عمر بن ميمون قال : الأوّاه : الرحيم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال : المنيب، المقبل إلى طاعة الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : المنيب المخلص.
ويقال : عجوز وعجوزة، وأما عجزت بكسر الجيم : فمعناه عظمت عجيزتها. قيل : كانت بنت تسع وتسعين، وقيل : بنت تسعين ﴿ وهذا بَعْلِي شَيْخًا ﴾ أي : وهذا زوجي إبراهيم شيخاً لا تحبل من مثله النساء، وشيخاً منتصب على الحال، والعامل فيه معنى الإشارة. قال النحاس : وفي قراءة أبيّ وابن مسعود «شيخ » بالرفع على أنه خبر المبتدأ، أو خبر بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف، وعلى الأول يكون " بعلي " بدلاً من اسم الإشارة. قيل : كان إبراهيم ابن مائة وعشرين سنة. وقيل : ابن مائة، وهذه المبشرة هي سارة امرأة إبراهيم. وقد كان ولد لإبراهيم من هاجر أمته إسماعيل، فتمنت سارة أن يكون لها ابن، وأيست منه لكبر سنها، فبشرها الله به على لسان ملائكته ﴿ إِنَّ هذا لَشَيْء عَجِيب ﴾ أي : ما ذكرته الملائكة من التبشير بحصول الولد، مع كونها في هذه السنّ العالية التي لا يولد لمثلها شيء يقضي منه العجب.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد ﴿ وامرأته قَائِمَة ﴾ قال : في خدمة أضياف إبراهيم. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة قال : لما أوجس إبراهيم في نفسه خيفة حدّثوه عند ذلك بما جاءوا فيه، فضحكت امرأته تعجباً مما فيه قوم لوط من الغفلة، ومما أتاهم من العذاب. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ قال : فحاضت وهي : بنت ثمان وتسعين سنة. وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ قال : حاضت، وكانت ابنة بضع وتسعين سنة، وكان إبراهيم ابن مائة سنة.
وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة قال : حاضت. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ ﴾ قال : هو ولد الولد. وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء، عن حسان بن أبجر قال : كنت عند ابن عباس، فجاء رجل من هذيل، فقال له ابن عباس : ما فعل فلان ؟ قال : مات وترك أربعة من الولد وثلاثة من الوراء، فقال ابن عباس :﴿ فبشرناها بإسحاق وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ ﴾ قال : ولد الولد. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم، وأبو الشيخ، والبيهقي في الشعب من طرق، عن ابن عباس أنه كان ينهى عن أن يزاد في جواب التحية على قولهم : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ويتلو هذه الآية ﴿ رَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البيت ﴾. وأخرج البيهقي عن ابن عمر نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إبراهيم الروع ﴾ قال : الفرق ﴿ يجادلنا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴾ قال : يخاصمنا. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة في تفسير المجادلة قال : إنه قال لهم يومئذ : أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين ؟ قالوا : إن كان فيهم خمسون لم نعذبهم، قال : أربعون ؟ قالوا : وأربعون. قال : ثلاثون ؟ قالوا : وثلاثون، حتى بلغوا عشرة، قالوا : إن كان فيهم عشرة لم نعذبهم، قال : ما قوم لا يكون فيهم عشرة فيهم خير ؟ قال قتادة : إنه كان في قرية لوط أربعة آلاف ألف إنسان، أو ما شاء الله من ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس قال : لما جاءت الملائكة إلى إبراهيم قالوا لإبراهيم : إن كان فيها خمسة يصلون رفع عنهم العذاب. وأخرج أبو الشيخ، عن عمر بن ميمون قال : الأوّاه : الرحيم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال : المنيب، المقبل إلى طاعة الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : المنيب المخلص.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد ﴿ وامرأته قَائِمَة ﴾ قال : في خدمة أضياف إبراهيم. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة قال : لما أوجس إبراهيم في نفسه خيفة حدّثوه عند ذلك بما جاءوا فيه، فضحكت امرأته تعجباً مما فيه قوم لوط من الغفلة، ومما أتاهم من العذاب. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ قال : فحاضت وهي : بنت ثمان وتسعين سنة. وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ قال : حاضت، وكانت ابنة بضع وتسعين سنة، وكان إبراهيم ابن مائة سنة.
وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة قال : حاضت. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ ﴾ قال : هو ولد الولد. وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء، عن حسان بن أبجر قال : كنت عند ابن عباس، فجاء رجل من هذيل، فقال له ابن عباس : ما فعل فلان ؟ قال : مات وترك أربعة من الولد وثلاثة من الوراء، فقال ابن عباس :﴿ فبشرناها بإسحاق وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ ﴾ قال : ولد الولد. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم، وأبو الشيخ، والبيهقي في الشعب من طرق، عن ابن عباس أنه كان ينهى عن أن يزاد في جواب التحية على قولهم : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ويتلو هذه الآية ﴿ رَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البيت ﴾. وأخرج البيهقي عن ابن عمر نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إبراهيم الروع ﴾ قال : الفرق ﴿ يجادلنا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴾ قال : يخاصمنا. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة في تفسير المجادلة قال : إنه قال لهم يومئذ : أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين ؟ قالوا : إن كان فيهم خمسون لم نعذبهم، قال : أربعون ؟ قالوا : وأربعون. قال : ثلاثون ؟ قالوا : وثلاثون، حتى بلغوا عشرة، قالوا : إن كان فيهم عشرة لم نعذبهم، قال : ما قوم لا يكون فيهم عشرة فيهم خير ؟ قال قتادة : إنه كان في قرية لوط أربعة آلاف ألف إنسان، أو ما شاء الله من ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس قال : لما جاءت الملائكة إلى إبراهيم قالوا لإبراهيم : إن كان فيها خمسة يصلون رفع عنهم العذاب. وأخرج أبو الشيخ، عن عمر بن ميمون قال : الأوّاه : الرحيم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال : المنيب، المقبل إلى طاعة الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : المنيب المخلص.
فارتاع من صوت كلاب فبات له | طوع الشوامت من خوف ومن حذر |
﴿ إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هذه القرية ﴾ قال : أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين أتهلكونهم ؟ قالوا : لا، قال : فأربعون ؟ قالوا : لا، قال : فعشرون ؟ قالوا : لا، ثم قال : فعشرة، فخمسة ؟ قالوا : لا. قال : فواحد ؟ قالوا : لا ﴿ قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ ﴾ الآية، فهذا معنى مجادلته في قوم لوط، أي في شأنهم وأمرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد ﴿ وامرأته قَائِمَة ﴾ قال : في خدمة أضياف إبراهيم. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة قال : لما أوجس إبراهيم في نفسه خيفة حدّثوه عند ذلك بما جاءوا فيه، فضحكت امرأته تعجباً مما فيه قوم لوط من الغفلة، ومما أتاهم من العذاب. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ قال : فحاضت وهي : بنت ثمان وتسعين سنة. وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ قال : حاضت، وكانت ابنة بضع وتسعين سنة، وكان إبراهيم ابن مائة سنة.
وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة قال : حاضت. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ ﴾ قال : هو ولد الولد. وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء، عن حسان بن أبجر قال : كنت عند ابن عباس، فجاء رجل من هذيل، فقال له ابن عباس : ما فعل فلان ؟ قال : مات وترك أربعة من الولد وثلاثة من الوراء، فقال ابن عباس :﴿ فبشرناها بإسحاق وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ ﴾ قال : ولد الولد. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم، وأبو الشيخ، والبيهقي في الشعب من طرق، عن ابن عباس أنه كان ينهى عن أن يزاد في جواب التحية على قولهم : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ويتلو هذه الآية ﴿ رَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البيت ﴾. وأخرج البيهقي عن ابن عمر نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إبراهيم الروع ﴾ قال : الفرق ﴿ يجادلنا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴾ قال : يخاصمنا. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة في تفسير المجادلة قال : إنه قال لهم يومئذ : أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين ؟ قالوا : إن كان فيهم خمسون لم نعذبهم، قال : أربعون ؟ قالوا : وأربعون. قال : ثلاثون ؟ قالوا : وثلاثون، حتى بلغوا عشرة، قالوا : إن كان فيهم عشرة لم نعذبهم، قال : ما قوم لا يكون فيهم عشرة فيهم خير ؟ قال قتادة : إنه كان في قرية لوط أربعة آلاف ألف إنسان، أو ما شاء الله من ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس قال : لما جاءت الملائكة إلى إبراهيم قالوا لإبراهيم : إن كان فيها خمسة يصلون رفع عنهم العذاب. وأخرج أبو الشيخ، عن عمر بن ميمون قال : الأوّاه : الرحيم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال : المنيب، المقبل إلى طاعة الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : المنيب المخلص.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد ﴿ وامرأته قَائِمَة ﴾ قال : في خدمة أضياف إبراهيم. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة قال : لما أوجس إبراهيم في نفسه خيفة حدّثوه عند ذلك بما جاءوا فيه، فضحكت امرأته تعجباً مما فيه قوم لوط من الغفلة، ومما أتاهم من العذاب. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ قال : فحاضت وهي : بنت ثمان وتسعين سنة. وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ قال : حاضت، وكانت ابنة بضع وتسعين سنة، وكان إبراهيم ابن مائة سنة.
وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة قال : حاضت. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ ﴾ قال : هو ولد الولد. وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء، عن حسان بن أبجر قال : كنت عند ابن عباس، فجاء رجل من هذيل، فقال له ابن عباس : ما فعل فلان ؟ قال : مات وترك أربعة من الولد وثلاثة من الوراء، فقال ابن عباس :﴿ فبشرناها بإسحاق وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ ﴾ قال : ولد الولد. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم، وأبو الشيخ، والبيهقي في الشعب من طرق، عن ابن عباس أنه كان ينهى عن أن يزاد في جواب التحية على قولهم : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ويتلو هذه الآية ﴿ رَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البيت ﴾. وأخرج البيهقي عن ابن عمر نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إبراهيم الروع ﴾ قال : الفرق ﴿ يجادلنا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴾ قال : يخاصمنا. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة في تفسير المجادلة قال : إنه قال لهم يومئذ : أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين ؟ قالوا : إن كان فيهم خمسون لم نعذبهم، قال : أربعون ؟ قالوا : وأربعون. قال : ثلاثون ؟ قالوا : وثلاثون، حتى بلغوا عشرة، قالوا : إن كان فيهم عشرة لم نعذبهم، قال : ما قوم لا يكون فيهم عشرة فيهم خير ؟ قال قتادة : إنه كان في قرية لوط أربعة آلاف ألف إنسان، أو ما شاء الله من ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس قال : لما جاءت الملائكة إلى إبراهيم قالوا لإبراهيم : إن كان فيها خمسة يصلون رفع عنهم العذاب. وأخرج أبو الشيخ، عن عمر بن ميمون قال : الأوّاه : الرحيم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال : المنيب، المقبل إلى طاعة الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : المنيب المخلص.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد ﴿ وامرأته قَائِمَة ﴾ قال : في خدمة أضياف إبراهيم. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة قال : لما أوجس إبراهيم في نفسه خيفة حدّثوه عند ذلك بما جاءوا فيه، فضحكت امرأته تعجباً مما فيه قوم لوط من الغفلة، ومما أتاهم من العذاب. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ قال : فحاضت وهي : بنت ثمان وتسعين سنة. وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَضَحِكَتْ ﴾ قال : حاضت، وكانت ابنة بضع وتسعين سنة، وكان إبراهيم ابن مائة سنة.
وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة قال : حاضت. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ ﴾ قال : هو ولد الولد. وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء، عن حسان بن أبجر قال : كنت عند ابن عباس، فجاء رجل من هذيل، فقال له ابن عباس : ما فعل فلان ؟ قال : مات وترك أربعة من الولد وثلاثة من الوراء، فقال ابن عباس :﴿ فبشرناها بإسحاق وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ ﴾ قال : ولد الولد. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم، وأبو الشيخ، والبيهقي في الشعب من طرق، عن ابن عباس أنه كان ينهى عن أن يزاد في جواب التحية على قولهم : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ويتلو هذه الآية ﴿ رَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البيت ﴾. وأخرج البيهقي عن ابن عمر نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إبراهيم الروع ﴾ قال : الفرق ﴿ يجادلنا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴾ قال : يخاصمنا. وأخرج عبد الرزاق، وأبو الشيخ، عن قتادة في تفسير المجادلة قال : إنه قال لهم يومئذ : أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين ؟ قالوا : إن كان فيهم خمسون لم نعذبهم، قال : أربعون ؟ قالوا : وأربعون. قال : ثلاثون ؟ قالوا : وثلاثون، حتى بلغوا عشرة، قالوا : إن كان فيهم عشرة لم نعذبهم، قال : ما قوم لا يكون فيهم عشرة فيهم خير ؟ قال قتادة : إنه كان في قرية لوط أربعة آلاف ألف إنسان، أو ما شاء الله من ذلك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس قال : لما جاءت الملائكة إلى إبراهيم قالوا لإبراهيم : إن كان فيها خمسة يصلون رفع عنهم العذاب. وأخرج أبو الشيخ، عن عمر بن ميمون قال : الأوّاه : الرحيم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، قال : المنيب، المقبل إلى طاعة الله. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : المنيب المخلص.
الرَّحِيمُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمُنِيبُ: الْمُقْبِلُ إِلَى طَاعَةَ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ قَتَادَةَ قال: المنيب: المخلص.
[سورة هود (١١) : الآيات ٧٧ الى ٨٣]
وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧) وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يَا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨) قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (٧٩) قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (٨٠) قالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها مَا أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (٨١)
فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣)
لَمَّا خَرَجَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ عِنْدِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَقَرْيَةِ لُوطٍ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ، جَاءُوا إِلَى لُوطٍ، فَلَمَّا رَآهُمْ لُوطٌ، وَكَانُوا فِي صُورَةِ غِلْمَانٍ حِسَانٍ مُرْدٍ سِيءَ بِهِمْ أَيْ: سَاءَهُ مَجِيئُهُمْ، يُقَالُ: سَاءَهُ يسوءه، وأصل سيئ بِهِمْ: سُوِئَ بِهِمْ، نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْوَاوِ إِلَى السِّينِ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً، وَلَمَّا خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ أُلْقِيَتْ حَرَكَتُهَا عَلَى الْيَاءِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَالْكِسَائِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بِإِشْمَامِ السِّينِ الضَّمَّ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الذَّرْعُ يُوضَعُ مَوْضِعَ الطَّاقَةِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْبَعِيرَ يَذْرَعُ بِيَدِهِ فِي سَيْرِهِ عَلَى قَدْرِ سِعَةِ خَطْوِهِ: أَيْ:
يَبْسُطُهَا، فَإِذَا حُمِلَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ طَاقَتِهِ ضَاقَ ذَرْعُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَجُعِلَ ضِيقُ الذَّرْعِ كِنَايَةً عَنْ قِلَّةِ الْوُسْعِ وَالطَّاقَةِ وَشِدَّةِ الْأَمْرِ وقيل: هو من: ذرعه القيء: إذا غلب وَضَاقَ عَنْ حَبْسِهِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ ضَاقَ صَدْرُهُ لَمَّا رَأَى الْمَلَائِكَةَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ خَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْمِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ فِسْقِهِمْ وَارْتِكَابِهِمْ لِفَاحِشَةِ اللِّوَاطِ وَقالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ أي: شديد. قال الشاعر:
وإنّك إلّا تَرْضَ بَكْرَ بْنَ وَائِلٍ | يَكُنْ لَكَ يَوْمٌ بالعراق عصيب |
جَاءُوا لُوطًا، الْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ. وَمَعْنَى يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ: يُسْرِعُونَ إِلَيْهِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ: لَا يَكُونُ الْإِهْرَاعُ إلا إسراع مَعَ رِعْدَةٍ، يُقَالُ أَهْرَعَ الرَّجُلُ إِهْرَاعًا: أَيْ أَسْرَعَ فِي رِعْدَةٍ مِنْ بَرْدٍ أَوْ غَضَبٍ أو حمى، قال مهلهل:
وَمَعْنَى: هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ أَيْ: أَحَلُّ وَأَنْزَهُ وَالتَّطَهُّرُ: التَّنَزُّهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ، وَلَيْسَ فِي صِيغَةِ أَطْهَرُ دَلَالَةً عَلَى التَّفْضِيلِ، بَلْ هِيَ مِثْلُ «اللَّهُ أَكْبَرُ». وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ بِنَصْبِ أَطْهَرُ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ وَوَجْهُ النَّصْبِ أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْإِشَارَةِ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ بناتي، وهنّ ضمير فصل، وأطهر حَالٌ. وَقَدْ مَنَعَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ وَالْأَخْفَشُ مِثْلَ هَذَا، لِأَنَّ ضَمِيرَ الْفَصْلِ الَّذِي يُسَمَّى عِمَادًا إِنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ كَلَامَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتِمُّ الْكَلَامُ إِلَّا بِمَا بَعْدَهَا، نَحْوَ كَانَ زَيْدٌ هو أخاك فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَيِ: اتَّقَوُا اللَّهَ بِتَرْكِ مَا تُرِيدُونَ مِنَ الْفَاحِشَةِ بِهِمْ، وَلَا تُذِلُّونِي وَتَجْلِبُوا عَلَيَّ الْعَارَ فِي ضَيْفِي، وَالضَّيْفُ: يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمَاعَةِ، لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فجاؤوا يهرعون وهم أسارى | نقودهم عَلَى رَغْمِ الْأُنُوفِ |
لَا تَعْدَمِي الدَّهْرَ شِفَارَ الْجَازِرِ | لِلضَّيْفِ وَالضَّيْفُ أَحَقُّ زَائِرِ |
أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يُرْشِدُكُمْ إِلَى تَرْكِ هَذَا الْعَمَلِ الْقَبِيحِ. وَيَمْنَعُكُمْ مِنْهُ، فَأَجَابُوا عَلَيْهِ مُعْرِضِينَ عَمَّا نَصَحَهُمْ بِهِ، وَأَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ: مَا لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ أَيْ مَا لَنَا فِيهِمْ مِنْ شَهْوَةٍ وَلَا حَاجَةٍ، لِأَنَّ مَنِ احْتَاجَ إِلَى شَيْءٍ فَكَأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ فِيهِ نَوْعُ حَقٍّ. وَمَعْنَى مَا نَسَبُوهُ إِلَيْهِ مِنَ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ مِنْهُمُ الْمُكَالَبَةَ عَلَى إِتْيَانِ الذُّكُورِ وَشِدَّةِ الشَّهْوَةِ إِلَيْهِمْ، فَهُمْ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ كَأَنَّهُمْ لَا حَاجَةَ لَهُمْ إِلَى النِّسَاءِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرِيدُوا:
أَنَّهُ لَا حَقَّ لَنَا فِي نِكَاحِهِنَّ، لِأَنَّهُ لَا يَنْكِحُهُنَّ وَيَتَزَوَّجُ بِهِنَّ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَنَحْنُ لَا نُؤْمِنُ أَبَدًا، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ كَانُوا قَدْ خَطَبُوا بَنَاتَهُ مِنْ قَبْلُ فَرَدَّهُمْ، وَكَانَ مِنْ سُنَّتِهِمْ أَنَّ مَنْ خَطَبَ فَرُدَّ فَلَا تَحِلُّ الْمَخْطُوبَةُ أَبَدًا وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ مِنْ إِتْيَانِ الذُّكُورِ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا عَلِمَ تَصْمِيمَهُمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ وَأَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ مَا قَدْ طَلَبُوهُ قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً وَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: لَدَافَعْتُكُمْ عَنْهُمْ وَمَنَعْتُكُمْ مِنْهُمْ، وَهَذَا مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى طَرِيقِ التَّمَنِّي: أَيْ: لَوْ وَجَدْتُ مُعِينًا وَنَاصِرًا، فَسَمَّى مَا يُتَقَوَّى بِهِ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ عَطْفٌ عَلَى مَا بَعْدَ لَوْ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ، وَالتَّقْدِيرُ: لَوْ قَوِيتُ عَلَى دَفْعِكُمْ أَوْ آوَيْتُ إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ.
وَقُرِئَ أَوْ آوِي بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى قُوَّةً كَأَنَّهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ إِيوَاءً إِلَى رُكْنٍ شديد ومراده
مَنْ يَنْصُرُهُ مِنْ غَيْرِ وَلَدِهِ وَقِيلَ أَرَادَ بِالْقُوَّةِ: قَوَّتَهُ فِي نَفْسِهِ. وَلَمَّا سَمِعَتْهُ الْمَلَائِكَةُ يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَوَجَدُوا قَوْمَهُ قد غلبوه وعجز عن مدافعتهم قالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ أَخْبَرُوهُ أَوَّلًا أَنَّهُمْ رُسُلُ رَبِّهِ ثم بشروه بقولهم: لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ وهذه الجملة موضّحة لما قَبْلَهَا، لِأَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا مُرْسَلِينَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِلَيْهِ لَمْ يَصِلْ عَدُوُّهُ إِلَيْهِ وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ ثُمَّ أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُمْ فَقَالُوا لَهُ: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ بِالْوَصْلِ، وَقَرَأَ غَيْرُهُمَا بِالْقَطْعِ، وَهُمَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ وقال سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى وَقَدْ جَمَعَ الشَّاعِرُ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ فَقَالَ:
حَيُّ النّضيرة ربّة الخدر | أسرت إليك وَلَمْ تَكُنْ تَسْرِي |
قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ: بِسَاعَةٍ مِنْهُ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: بِجُنْحٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: بِظُلْمَةٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: بَعْدَ هُدُوٍّ مِنَ اللَّيْلِ. قِيلَ: إِنَّ السُّرَى لَا يَكُونُ إِلَّا فِي اللَّيْلِ، فَمَا وَجْهُ زِيَادَةِ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ؟ قِيلَ:
لَوْ لَمْ يَقُلْ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ لَجَازَ أَنْ يَكُونَ فِي أَوَّلِهِ قَبْلَ اجْتِمَاعِ الظُّلْمَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُرَادٍ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَيْ: لَا يَنْظُرْ إِلَى مَا وَرَاءَهُ، أَوْ يَشْتَغِلْ بِمَا خَلْفَهُ مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ. قِيلَ: وَجْهُ النَّهْيِ عَنِ الِالْتِفَاتِ أَنْ لَا يَرَوْا عَذَابَ قَوْمِهِمْ، وَهَوْلَ مَا نَزَلَ بِهِمْ فَيَرْحَمُوهُمْ وَيَرِقُّوا لَهُمْ، أَوْ لِئَلَّا يَنْقَطِعُوا عَنِ السَّيْرِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُمْ بِمَا يَقَعُ مِنَ الِالْتِفَاتِ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمُلْتَفِتِ مِنْ فَتْرَةٍ فِي سَيْرِهِ إِلَّا امْرَأَتَكَ بِالنَّصْبِ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ بِالرَّفْعِ عَلَى الْبَدَلِ، فَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى امْرَأَتُهُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ
أَيْ: أَسْرِ بِأَهْلِكَ جَمِيعًا إِلَّا امْرَأَتَكَ فَلَا تَسْرِ بِهَا، فَ إِنَّهُ مُصِيبُها مَا أَصابَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ، وَهُوَ رَمْيُهُمْ بِالْحِجَارَةِ لِكَوْنِهَا كَانَتْ كَافِرَةً وَأَنْكَرَ قِرَاءَةَ الرَّفْعِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ: لَا يَصِحُّ ذَلِكَ إِلَّا بِرَفْعِ يَلْتَفِتْ وَيَكُونُ نَعْتًا، لِأَنَّ الْمَعْنَى يَصِيرُ إِذَا أَبْدَلْتَ وَجَزَمْتَ أَنَّ الْمَرْأَةَ أُبِيحَ لَهَا الِالْتِفَاتُ وَلَيْسَ الْمَعْنَى كَذَلِكَ. قَالَ النَّحَّاسُ:
وَهَذَا الْعَمَلُ مِنْ أَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِ عَلَى مِثْلِ أَبِي عَمْرٍو مَعَ جَلَالَتِهِ وَمَحَلِّهِ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ، وَالرَّفْعُ عَلَى الْبَدَلِ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مِنَ النَّهْيِ عَنِ الِالْتِفَاتِ أَيْ: لَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتُكَ فَإِنَّهَا تَلْتَفِتُ وَتَهْلَكُ وَقِيلَ: إِنَّ الرَّفْعَ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ أَحَدٌ، وَيَكُونُ الِالْتِفَاتُ بِمَعْنَى التَّخَلُّفِ لَا بِمَعْنَى النَّظَرِ إِلَى الْخَلْفِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا يَتَخَلَّفْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتُكَ، فَإِنَّهَا تَتَخَلَّفُ، وَالْمُلْجِئُ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ الْفِرَارُ مِنْ تُنَاقِضِ الْقِرَاءَتَيْنِ، وَالضَّمِيرُ فِي: إِنَّهُ مُصِيبُها مَا أَصابَهُمْ لِلشَّأْنِ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ إِنَّ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ تَقْلِيلٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَمْرِ بِالْإِسْرَاءِ وَالنَّهْيِ عَنِ الِالْتِفَاتِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَوْعِدَ عَذَابِهِمُ الصُّبْحُ الْمُسْفِرُ عَنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَالِاسْتِفْهَامُ فِي أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ لِلْإِنْكَارِ التَّقْرِيرِيِّ، وَالْجُمْلَةُ تَأْكِيدٌ لِلتَّعْلِيلِ. وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَهِيَ لُغَةٌ، وَلَعَلَّ جَعْلَ الصُّبْحِ مِيقَاتًا لِهَلَاكِهِمْ لِكَوْنِ النُّفُوسِ فِيهِ أَسْكَنَ وَالنَّاسُ فِيهِ مُجْتَمِعُونَ لَمْ يَتَفَرَّقُوا إِلَى أَعْمَالِهِمْ فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا أَيْ: الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ لِوُقُوعِ الْعَذَابِ فِيهِ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ: نَفْسُ الْعَذَابِ جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها أَيْ: عَالِيَ قُرَى لوط سافلها،
السِّجِّيلُ: الْكَثِيرُ وَقِيلَ: إِنَّ السِّجِّيلَ لَفْظَةٌ غَيْرُ عَرَبِيَّةٍ، أَصْلُهُ سِجْ وَجِيلْ، وَهَمَّا بِالْفَارِسِيَّةِ حَجَرٌ وَطِينٌ عَرَّبَتْهُمَا الْعَرَبُ فَجَعَلَتْهُمَا اسْمًا وَاحِدًا وَقِيلَ: هُوَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ. وَذَكَرَ الْهَرَوِيُّ: أَنَّ السِّجِّيلَ اسْمٌ لِسَمَاءِ الدُّنْيَا.
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ يَرُدُّهُ وَصْفُهُ بِمَنْضُودٍ وَقِيلَ هُوَ بَحْرٌ مُعَلَّقٌ فِي الْهَوَاءِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقِيلَ هِيَ جِبَالٌ فِي السَّمَاءِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ مِنَ التَّسْجِيلِ لَهُمْ: أَيْ مَا كُتِبَ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ فَهُوَ فِي مَعْنَى سِجِّينٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما أَدْراكَ مَا سِجِّينٌ- كِتابٌ مَرْقُومٌ «١» وَقِيلَ: هُوَ مَنْ أَسْجَلْتُهُ إِذَا أَعْطَيْتُهُ، فَكَأَنَّهُ عَذَابٌ أُعْطُوهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
مَنْ يُسَاجِلْنِي يساجل ما جدا | يَمْلَأُ الدَّلْوَ إِلَى عَقْدِ الْكَرَبْ |
إِذَا جَعَلْتُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَهُوَ مَنْضُودٌ وَنَضِيدٌ، وَالْمُسَوَّمَةُ: الْمُعَلَّمَةُ، أَيِ: الَّتِي لَهَا عَلَامَةٌ، قِيلَ: كَانَ عَلَيْهَا أَمْثَالُ الْخَوَاتِيمِ وَقِيلَ: مَكْتُوبٌ عَلَى كُلِّ حَجَرٍ اسْمُ مَنْ رُمِيَ بِهِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: زَعَمُوا أَنَّهَا كَانَتْ مُخَطَّطَةً بِحُمْرَةٍ وَسَوَادٍ فِي بَيَاضٍ. فَذَلِكَ تَسْوِيمُهَا وَمَعْنَى: عِنْدَ رَبِّكَ فِي خَزَائِنِهِ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ أَيْ: وَمَا هَذِهِ الْحِجَارَةُ الْمَوْصُوفَةُ مِنَ الظَّالِمِينَ وَهُمْ قَوْمُ لُوطٍ بِبَعِيدٍ، أَوْ مَا هِيَ مِنْ كُلِّ ظَالِمٍ مِنَ الظَّلَمَةِ وَمِنْهُمْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ وَمَنْ عَاضَدَهُمْ عَلَى الْكُفْرِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بِبَعِيدٍ، فَهُمْ لِظُلْمِهِمْ مُسْتَحِقُّونَ لَهَا. وَقِيلَ: وَما هِيَ أَيْ: قُرَى مِنَ الظَّالِمِينَ مَنْ كفر بالنبيّ بِبَعِيدٍ فَإِنَّهَا بَيْنَ الشَّامِ وَالْمَدِينَةِ. وَفِي إِمْطَارِ الْحِجَارَةِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا أُمْطِرَتْ عَلَى الْمُدُنِ حِينَ رَفَعَهَا جِبْرِيلُ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا أُمْطِرَتْ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُدُنِ مِنْ أَهْلِهَا وَكَانَ خَارِجًا عَنْهَا. وَتَذْكِيرُ الْبَعِيدِ: عَلَى تَأْوِيلِ الْحِجَارَةِ بِالْحَجَرِ، أَوْ إِجْرَاءً لَهُ عَلَى مَوْصُوفٍ مُذَكَّرٍ، أَيْ:
شَيْءٍ بَعِيدٍ، أَوْ مَكَانٍ بَعِيدٍ، أَوْ لِكَوْنِهِ مَصْدَرًا، كَالزَّفِيرِ وَالصَّهِيلِ، وَالْمَصَادِرُ يَسْتَوِي فِي الْوَصْفِ بِهَا الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً قَالَ: سَاءَ ظَنًّا بِقَوْمِهِ، وَضَاقَ ذَرْعًا بِأَضْيَافِهِ وَقالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ يَقُولُ: شَدِيدٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ قَالَ: يُسْرِعُونَ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قَالَ: يَأْتُونَ الرِّجَالَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ:
يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: هؤُلاءِ بَناتِي قَالَ: مَا عَرَضَ لُوطٌ بَنَاتَهُ عَلَى قَوْمِهِ لَا سِفَاحًا وَلَا نِكَاحًا، إِنَّمَا قَالَ هَؤُلَاءِ نِسَاؤُكُمْ، لِأَنَّ النَّبِيَّ إِذَا كَانَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ فَهُوَ أَبُوهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي القرآن: «وأزواجه أمّهاتهم وَهُوَ أَبُوهُمْ» فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جرير، وابن
يَقُولُ: إِلَى جُنْدٍ شَدِيدٍ لِمُقَاتَلَتِكُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ قَالَ: عَشِيرَةٍ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَغْفِرُ اللَّهُ لِلُوطٍ إِنْ «١» كَانَ ليأوي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ».
وَهُوَ مَرْوِيٌّ فِي غَيْرِ الصَّحِيحِ مِنْ طَرِيقِ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: جَوْفِ اللَّيْلِ. وَأَخْرَجَا عَنْهُ قَالَ: بِسَوَادِ اللَّيْلِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: بِطَائِفَةٍ مِنَ اللَّيْلِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَالَ: لَا يَتَخَلَّفُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَالَ: لَا يَنْظُرُ وَرَاءَهُ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ. وَأَخْرَجَ أَبُو عَبِيدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ هَارُونَ قَالَ:
فِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ «فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا امْرَأَتَكَ». وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ:
فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها قَالَ: لَمَّا أَصْبَحُوا عَدَا جِبْرِيلُ عَلَى قَرْيَتِهِمْ فَقَلَعَهَا مِنْ أَرْكَانِهَا، ثُمَّ أَدْخَلَ جَنَاحَهُ، ثُمَّ حَمَلَهَا عَلَى خَوَافِي جَنَاحِهِ بِمَا فِيهَا ثُمَّ صَعِدَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ نُبَاحَ كِلَابِهِمْ، ثُمَّ قَلَبَهَا، فَكَانَ أَوَّلَ مَا سَقَطَ مِنْهَا سُرَادِقُهَا، فَلَمْ يُصِبْ قَوْمًا مَا أَصَابَهُمْ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ طَمَسَ عَلَى أَعْيُنِهِمْ، ثُمَّ قُلِبَتْ قَرْيَتُهُمْ، وَأُمْطِرَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةٌ مِنْ سِجِّيلٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ رِوَايَاتٍ وَقَصَصًا فِي كَيْفِيَّةِ هَلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ طَوِيلَةً مُتَخَالِفَةً، وَلَيْسَ فِي ذِكْرِهَا فَائِدَةٌ، لَا سِيَّمَا وَبَيْنَ مَنْ قَالَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَبَيْنَ هَلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ دَهْرٌ طَوِيلٌ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ فِي مِثْلِهِ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَغَالِبُ ذَلِكَ مَأْخُوذٌ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَحَالُهُمْ فِي الرِّوَايَةِ مَعْرُوفٌ.
وَقَدْ أُمِرْنَا بِأَنَّا لَا نُصَدِّقُهُمْ وَلَا نُكَذِّبُهُمْ، فَاعْرِفْ هَذَا، فَهُوَ الْوَجْهُ فِي حَذْفِنَا لِكَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الْكَائِنَةِ فِي قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ وَقَوْمِهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ:
وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ قال: يرهب بها قريش أَنْ يُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَ الْقَوْمَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي الْآيَةِ قَالَ: مِنْ ظَلَمَةِ الْعَرَبِ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا فَيُعَذَّبُوا بِهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مِنْ ظَالِمِي هذه الأمة.
فجاؤوا يهرعون وهم أسارى | نهودهم على رغم الأنوف |
والتطهر : التنزه عما لا يحلّ، وليس في صيغة أطهر دلالة على التفضيل، بل هي مثل «الله أكبر ». وقرأ الحسن، وعيسى بن عمر بنصب أطهر، وقرأ الباقون بالرفع ؛ ووجه النصب أن يكون اسم الإشارة مبتدأ، وخبره بناتي، وهنّ ضمير فصل، وأطهر حال. وقد منع الخليل، وسيبويه، والأخفش مثل هذا، لأن ضمير الفصل الذي يسمى عماداً إنما يكون بين كلامين بحيث لا يتمّ الكلام إلا بما بعدها، نحو كان زيد هو أخاك ﴿ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ﴾ أي : اتقوا الله بترك ما تريدون من الفاحشة بهم، ولا تذلوني وتجلبوا عليّ العار في ضيفي، والضيف يطلق على الواحد والاثنين والجماعة، لأنه في الأصل مصدر، ومنه قول الشاعر :
لا تعدمي الدهر شفار الجازر | للضيف والضيف أحق زائر |
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السديّ ﴿ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ﴾ قال : إنما نريد الرجال ﴿ قَالَ ﴾ لوط ﴿ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِى إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ يقول : إلى جند شديد لمقاتلتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، ﴿ أو آوي إلى ركن شديد ﴾ قال : عشيرة. وقد ثبت في البخاري وغيره من حديث أبي هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :«يغفر الله للوط إن كان يأوي إلى ركن شديد» وهو مرويّ في غير الصحيح من طريق غيره من الصحابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ بِقِطْعٍ مّنَ الليل ﴾ قال : جوف الليل.
وأخرجا عنه قال : بسواد الليل. وأخرج عبد الرزاق، عن قتادة، قال : بطائفة من الليل. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَد ﴾ قال : لا يتخلف. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَد ﴾ قال : لا ينظر وراءه أحد ﴿ إِلاَّ امرأتك ﴾. وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، عن هارون قال : في حرف ابن مسعود :«فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك».
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عاليها سَافِلَهَا ﴾ قال : لما أصبحوا عدا جبريل على قريتهم، فقلعها من أركانها، ثم أدخل جناحه ثم حملها على خوافي جناحه بما فيها، ثم صعد بها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم، ثم قلبها، فكان أوّل ما سقط منها سرادقها، فلم يصب قوماً ما أصابهم، ثم إن الله طمس على أعينهم، ثم قلبت قريتهم، وأمطر عليهم حجارة من سجيل. وقد ذكر المفسرون روايات وقصصاً في كيفية هلاك قوم لوط طويلة متخالفة، وليس في ذكرها فائدة لا سيما وبين من قال بشيء من ذلك، وبين هلاك قوم لوط دهر طويل لا يتيسر له في مثله إسناد صحيح، وغالب ذلك مأخوذ عن أهل الكتاب، وحالهم في الرواية معروف. وقد أمرنا بأنا لا نصدّقهم ولا نكذبهم، فاعرف هذا، فهو الوجه في حذفنا لكثير من هذه الروايات الكائنة في قصص الأنبياء وقومهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا هِي مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ ﴾ قال : يرهب بها قريش أن يصيبهم ما أصاب القوم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في الآية قال : من ظلمة العرب إن لم يؤمنوا فيعذبوا بها. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن أبي حاتم، عن قتادة قال : من ظالمي هذه الأمة.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السديّ ﴿ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ﴾ قال : إنما نريد الرجال ﴿ قَالَ ﴾ لوط ﴿ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِى إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ يقول : إلى جند شديد لمقاتلتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، ﴿ أو آوي إلى ركن شديد ﴾ قال : عشيرة. وقد ثبت في البخاري وغيره من حديث أبي هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :«يغفر الله للوط إن كان يأوي إلى ركن شديد» وهو مرويّ في غير الصحيح من طريق غيره من الصحابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ بِقِطْعٍ مّنَ الليل ﴾ قال : جوف الليل.
وأخرجا عنه قال : بسواد الليل. وأخرج عبد الرزاق، عن قتادة، قال : بطائفة من الليل. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَد ﴾ قال : لا يتخلف. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَد ﴾ قال : لا ينظر وراءه أحد ﴿ إِلاَّ امرأتك ﴾. وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، عن هارون قال : في حرف ابن مسعود :«فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك».
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عاليها سَافِلَهَا ﴾ قال : لما أصبحوا عدا جبريل على قريتهم، فقلعها من أركانها، ثم أدخل جناحه ثم حملها على خوافي جناحه بما فيها، ثم صعد بها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم، ثم قلبها، فكان أوّل ما سقط منها سرادقها، فلم يصب قوماً ما أصابهم، ثم إن الله طمس على أعينهم، ثم قلبت قريتهم، وأمطر عليهم حجارة من سجيل. وقد ذكر المفسرون روايات وقصصاً في كيفية هلاك قوم لوط طويلة متخالفة، وليس في ذكرها فائدة لا سيما وبين من قال بشيء من ذلك، وبين هلاك قوم لوط دهر طويل لا يتيسر له في مثله إسناد صحيح، وغالب ذلك مأخوذ عن أهل الكتاب، وحالهم في الرواية معروف. وقد أمرنا بأنا لا نصدّقهم ولا نكذبهم، فاعرف هذا، فهو الوجه في حذفنا لكثير من هذه الروايات الكائنة في قصص الأنبياء وقومهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا هِي مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ ﴾ قال : يرهب بها قريش أن يصيبهم ما أصاب القوم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في الآية قال : من ظلمة العرب إن لم يؤمنوا فيعذبوا بها. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن أبي حاتم، عن قتادة قال : من ظالمي هذه الأمة.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السديّ ﴿ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ﴾ قال : إنما نريد الرجال ﴿ قَالَ ﴾ لوط ﴿ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِى إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ يقول : إلى جند شديد لمقاتلتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، ﴿ أو آوي إلى ركن شديد ﴾ قال : عشيرة. وقد ثبت في البخاري وغيره من حديث أبي هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :«يغفر الله للوط إن كان يأوي إلى ركن شديد» وهو مرويّ في غير الصحيح من طريق غيره من الصحابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ بِقِطْعٍ مّنَ الليل ﴾ قال : جوف الليل.
وأخرجا عنه قال : بسواد الليل. وأخرج عبد الرزاق، عن قتادة، قال : بطائفة من الليل. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَد ﴾ قال : لا يتخلف. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَد ﴾ قال : لا ينظر وراءه أحد ﴿ إِلاَّ امرأتك ﴾. وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، عن هارون قال : في حرف ابن مسعود :«فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك».
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عاليها سَافِلَهَا ﴾ قال : لما أصبحوا عدا جبريل على قريتهم، فقلعها من أركانها، ثم أدخل جناحه ثم حملها على خوافي جناحه بما فيها، ثم صعد بها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم، ثم قلبها، فكان أوّل ما سقط منها سرادقها، فلم يصب قوماً ما أصابهم، ثم إن الله طمس على أعينهم، ثم قلبت قريتهم، وأمطر عليهم حجارة من سجيل. وقد ذكر المفسرون روايات وقصصاً في كيفية هلاك قوم لوط طويلة متخالفة، وليس في ذكرها فائدة لا سيما وبين من قال بشيء من ذلك، وبين هلاك قوم لوط دهر طويل لا يتيسر له في مثله إسناد صحيح، وغالب ذلك مأخوذ عن أهل الكتاب، وحالهم في الرواية معروف. وقد أمرنا بأنا لا نصدّقهم ولا نكذبهم، فاعرف هذا، فهو الوجه في حذفنا لكثير من هذه الروايات الكائنة في قصص الأنبياء وقومهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا هِي مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ ﴾ قال : يرهب بها قريش أن يصيبهم ما أصاب القوم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في الآية قال : من ظلمة العرب إن لم يؤمنوا فيعذبوا بها. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن أبي حاتم، عن قتادة قال : من ظالمي هذه الأمة.
حي النضير وربة الخدر | أسرت عليه ولم تكن تسري |
وقرأ عيسى بن عمر «أليس الصبح » بضم الباء وهي لغة، ولعلّ جعل الصبح ميقاتاً لهلاكهم لكون النفوس فيه أسكن، والناس فيه مجتمعون لم يتفرّقوا إلى أعمالهم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السديّ ﴿ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ﴾ قال : إنما نريد الرجال ﴿ قَالَ ﴾ لوط ﴿ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِى إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ يقول : إلى جند شديد لمقاتلتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، ﴿ أو آوي إلى ركن شديد ﴾ قال : عشيرة. وقد ثبت في البخاري وغيره من حديث أبي هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :«يغفر الله للوط إن كان يأوي إلى ركن شديد» وهو مرويّ في غير الصحيح من طريق غيره من الصحابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ بِقِطْعٍ مّنَ الليل ﴾ قال : جوف الليل.
وأخرجا عنه قال : بسواد الليل. وأخرج عبد الرزاق، عن قتادة، قال : بطائفة من الليل. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَد ﴾ قال : لا يتخلف. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَد ﴾ قال : لا ينظر وراءه أحد ﴿ إِلاَّ امرأتك ﴾. وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، عن هارون قال : في حرف ابن مسعود :«فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك».
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عاليها سَافِلَهَا ﴾ قال : لما أصبحوا عدا جبريل على قريتهم، فقلعها من أركانها، ثم أدخل جناحه ثم حملها على خوافي جناحه بما فيها، ثم صعد بها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم، ثم قلبها، فكان أوّل ما سقط منها سرادقها، فلم يصب قوماً ما أصابهم، ثم إن الله طمس على أعينهم، ثم قلبت قريتهم، وأمطر عليهم حجارة من سجيل. وقد ذكر المفسرون روايات وقصصاً في كيفية هلاك قوم لوط طويلة متخالفة، وليس في ذكرها فائدة لا سيما وبين من قال بشيء من ذلك، وبين هلاك قوم لوط دهر طويل لا يتيسر له في مثله إسناد صحيح، وغالب ذلك مأخوذ عن أهل الكتاب، وحالهم في الرواية معروف. وقد أمرنا بأنا لا نصدّقهم ولا نكذبهم، فاعرف هذا، فهو الوجه في حذفنا لكثير من هذه الروايات الكائنة في قصص الأنبياء وقومهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا هِي مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ ﴾ قال : يرهب بها قريش أن يصيبهم ما أصاب القوم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في الآية قال : من ظلمة العرب إن لم يؤمنوا فيعذبوا بها. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن أبي حاتم، عن قتادة قال : من ظالمي هذه الأمة.
من يساجلني يساجل ماجدا | يملأ الدلو إلى عقد الكرب |
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السديّ ﴿ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ﴾ قال : إنما نريد الرجال ﴿ قَالَ ﴾ لوط ﴿ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِى إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ يقول : إلى جند شديد لمقاتلتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، ﴿ أو آوي إلى ركن شديد ﴾ قال : عشيرة. وقد ثبت في البخاري وغيره من حديث أبي هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :«يغفر الله للوط إن كان يأوي إلى ركن شديد» وهو مرويّ في غير الصحيح من طريق غيره من الصحابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ بِقِطْعٍ مّنَ الليل ﴾ قال : جوف الليل.
وأخرجا عنه قال : بسواد الليل. وأخرج عبد الرزاق، عن قتادة، قال : بطائفة من الليل. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَد ﴾ قال : لا يتخلف. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَد ﴾ قال : لا ينظر وراءه أحد ﴿ إِلاَّ امرأتك ﴾. وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، عن هارون قال : في حرف ابن مسعود :«فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك».
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عاليها سَافِلَهَا ﴾ قال : لما أصبحوا عدا جبريل على قريتهم، فقلعها من أركانها، ثم أدخل جناحه ثم حملها على خوافي جناحه بما فيها، ثم صعد بها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم، ثم قلبها، فكان أوّل ما سقط منها سرادقها، فلم يصب قوماً ما أصابهم، ثم إن الله طمس على أعينهم، ثم قلبت قريتهم، وأمطر عليهم حجارة من سجيل. وقد ذكر المفسرون روايات وقصصاً في كيفية هلاك قوم لوط طويلة متخالفة، وليس في ذكرها فائدة لا سيما وبين من قال بشيء من ذلك، وبين هلاك قوم لوط دهر طويل لا يتيسر له في مثله إسناد صحيح، وغالب ذلك مأخوذ عن أهل الكتاب، وحالهم في الرواية معروف. وقد أمرنا بأنا لا نصدّقهم ولا نكذبهم، فاعرف هذا، فهو الوجه في حذفنا لكثير من هذه الروايات الكائنة في قصص الأنبياء وقومهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا هِي مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ ﴾ قال : يرهب بها قريش أن يصيبهم ما أصاب القوم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في الآية قال : من ظلمة العرب إن لم يؤمنوا فيعذبوا بها. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن أبي حاتم، عن قتادة قال : من ظالمي هذه الأمة.
وتذكير البعيد على تأويل الحجارة بالحجر، أو إجراء له على موصوف مذكر : أي شيء بعيد، أو مكان بعيد، أو لكونه مصدراً كالزفير والصهيل، والمصادر يستوي في الوصف بها المذكر والمؤنث.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السديّ ﴿ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ﴾ قال : إنما نريد الرجال ﴿ قَالَ ﴾ لوط ﴿ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِى إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ ﴾ يقول : إلى جند شديد لمقاتلتكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، ﴿ أو آوي إلى ركن شديد ﴾ قال : عشيرة. وقد ثبت في البخاري وغيره من حديث أبي هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :«يغفر الله للوط إن كان يأوي إلى ركن شديد» وهو مرويّ في غير الصحيح من طريق غيره من الصحابة. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ بِقِطْعٍ مّنَ الليل ﴾ قال : جوف الليل.
وأخرجا عنه قال : بسواد الليل. وأخرج عبد الرزاق، عن قتادة، قال : بطائفة من الليل. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَد ﴾ قال : لا يتخلف. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَد ﴾ قال : لا ينظر وراءه أحد ﴿ إِلاَّ امرأتك ﴾. وأخرج أبو عبيد، وابن جرير، عن هارون قال : في حرف ابن مسعود :«فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك».
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد، في قوله :﴿ فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عاليها سَافِلَهَا ﴾ قال : لما أصبحوا عدا جبريل على قريتهم، فقلعها من أركانها، ثم أدخل جناحه ثم حملها على خوافي جناحه بما فيها، ثم صعد بها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم، ثم قلبها، فكان أوّل ما سقط منها سرادقها، فلم يصب قوماً ما أصابهم، ثم إن الله طمس على أعينهم، ثم قلبت قريتهم، وأمطر عليهم حجارة من سجيل. وقد ذكر المفسرون روايات وقصصاً في كيفية هلاك قوم لوط طويلة متخالفة، وليس في ذكرها فائدة لا سيما وبين من قال بشيء من ذلك، وبين هلاك قوم لوط دهر طويل لا يتيسر له في مثله إسناد صحيح، وغالب ذلك مأخوذ عن أهل الكتاب، وحالهم في الرواية معروف. وقد أمرنا بأنا لا نصدّقهم ولا نكذبهم، فاعرف هذا، فهو الوجه في حذفنا لكثير من هذه الروايات الكائنة في قصص الأنبياء وقومهم. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَمَا هِي مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ ﴾ قال : يرهب بها قريش أن يصيبهم ما أصاب القوم. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السديّ، في الآية قال : من ظلمة العرب إن لم يؤمنوا فيعذبوا بها. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن أبي حاتم، عن قتادة قال : من ظالمي هذه الأمة.
[سورة هود (١١) : الآيات ٨٤ الى ٩٥]
وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (٨٤) وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٨٥) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (٨٦) قالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (٨٧) قالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى مَا أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)وَيا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (٨٩) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (٩٠) قالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ (٩١) قالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٩٢) وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (٩٣)
وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٩٤) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥)
أَيْ: وَأَرْسَلَنَا إِلَى مَدْيَنَ- وَهُمْ قَوْمُ شُعَيْبٍ- أَخَاهُمْ فِي النَّسَبِ شُعَيْبًا، وَسُمُّوا مَدْيَنَ: بِاسْمِ أَبِيهِمْ، وَهُوَ مَدْيَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَقِيلَ: بِاسْمِ مَدِينَتِهِمْ. قَالَ النَّحَّاسُ: لَا يَنْصَرِفُ مَدِينُ لِأَنَّهُ اسْمُ مَدِينَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي الْأَعْرَافِ بِأَبْسَطِ مِمَّا هُنَا، وَقَدْ تقدّم تفسير: قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ كَأَنَّهُ قِيلَ: مَاذَا قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ لَمَّا أَرْسَلَهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ؟ وَقَدْ كَانَ شُعَيْبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُسَمَّى خَطِيبَ الْأَنْبِيَاءِ لِحُسْنِ مُرَاجَعَتِهِ لِقَوْمِهِ، أَمَرَهُمْ أَوَّلًا بِعِبَادَةِ الِلَّهِ سُبْحَانَهُ الَّذِي هُوَ الْإِلَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، ثُمَّ نَهَاهُمْ عَنْ أَنْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ كُفْرِهِمْ أَهْلَ تَطْفِيفٍ، كَانُوا إِذَا جَاءَهُمُ الْبَائِعُ بِالطَّعَامِ أَخَذُوا بِكَيْلٍ زَائِدٍ وَكَذَلِكَ إِذَا وَصَلَ إِلَيْهِمُ الْمَوْزُونُ أَخَذُوا بِوَزْنٍ زَائِدٍ، وَإِذَا بَاعُوا بَاعُوا بِكَيْلٍ نَاقِصٍ وَوَزْنٍ نَاقِصٍ وَجُمْلَةُ: إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ، أَيْ: لَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ لِأَنِّي أَرَاكُمْ بخير، أي: بثروة واسعة فِي الرِّزْقِ فَلَا تُغَيِّرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بِمَعْصِيَتِهِ وَالْإِضْرَارِ بِعِبَادِهِ، فَفِي هَذِهِ النِّعْمَةِ مَا يُغْنِيكُمْ عَنْ أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقِّهَا، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ هَذِهِ الْعِلَّةِ عِلَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ فَهَذِهِ الْعِلَّةُ فِيهَا الْإِذْكَارُ لَهُمْ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ كَمَا أَنَّ الْعِلَّةَ الْأُولَى فِيهَا الْإِذْكَارُ لَهُمْ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا وَوَصَفَ الْيَوْمَ بِالْإِحَاطَةِ وَالْمُرَادُ: الْعَذَابُ، لِأَنَّ الْعَذَابَ وَاقِعٌ فِي الْيَوْمِ وَمَعْنَى إِحَاطَةِ عَذَابِ الْيَوْمِ بِهِمْ أَنَّهُ لَا يَشِذُّ مِنْهُمْ أَحَدٌ عَنْهُ وَلَا يَجِدُونَ مِنْهُ مَلْجَأً وَلَا مَهْرَبًا، وَالْيَوْمُ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: هُوَ يوم
مَا يُبْقِيهِ لَكُمْ مِنَ الْحَلَالِ بَعْدَ إِيفَاءِ الْحُقُوقِ بِالْقِسْطِ أَكْثَرُ خَيْرًا وَبَرَكَةً مِمَّا تُبْقُونَهُ لِأَنْفُسِكُمْ مِنَ التَّطْفِيفِ وَالْبَخْسِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، ذَكَرَ مَعْنَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: بَقِيَّةُ اللَّهِ: طَاعَتُهُ. وَقَالَ الرَّبِيعُ:
وَصِيَّتُهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مُرَاقَبَتُهُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُؤْمِنُ لَا الْكَافِرُ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ هُنَا: الْمُصَدِّقُونَ لِشُعَيْبٍ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ أَحْفَظُكُمْ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمَعَاصِي مِنَ التَّطْفِيفِ وَالْبَخْسِ وَغَيْرِهِمَا، أَوْ أَحْفَظُ عَلَيْكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَأُحَاسِبُكُمْ بِهَا وَأُجَازِيكُمْ عليها، وجملة:
قالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آباؤُنا مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ:
فَمَاذَا قَالُوا لِشُعَيْبٍ؟ وَقُرِئَ أَصَلاتُكَ من غير جمع، وأن نَتْرُكَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ:
مَوْضِعُهَا خَفْضٌ عَلَى إِضْمَارِ الْبَاءِ، وَمُرَادُهُمْ بِمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنَ الْأَوْثَانِ، وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِهِ، لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ عِنْدَهُمْ لَيْسَتْ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي يُقَالُ لِفَاعِلِهِ عِنْدَ إِرَادَةِ تَلْيِينِ قَلْبِهِ وَتَذْلِيلِ صُعُوبَتِهِ كَمَا يُقَالُ لِمَنْ كَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ إِذَا فَعَلَ مَا لَا يُنَاسِبُ الصَّوَابَ: أَصْدَقَتُكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ هُنَا الْقِرَاءَةُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا الدِّينُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالصَّلَوَاتِ أَتْبَاعُهُ، وَمِنْهُ الْمُصَلِّي الَّذِي يَتْلُو السَّابِقَ وَهَذَا مِنْهُمْ جَوَابٌ لِشُعَيْبٍ عَنْ أَمْرِهِ لَهُمْ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ، وَقَوْلِهِمْ: أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا جَوَابٌ لَهُ عَنْ أَمْرِهِمْ بِإِيفَاءِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، وَنَهْيِهِمْ عَنْ نَقْصِهِمَا وَعَنْ بَخْسِ النَّاسِ وَعَنِ الْعُثِيِّ فِي الْأَرْضِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مَا فِي مَا يَعْبُدُ آباؤُنا. وَالْمَعْنَى: أَصَلَوَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا، وَتَأْمُرُكَ أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء من الأخذ والإعطاء والزيادة والنقص. وقرئ تفعل ما تشاء بِالْفَوْقِيَّةِ فِيهِمَا. قَالَ النَّحَّاسُ: فَتَكُونُ أَوْ: عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ لِلْعَطْفِ عَلَى: أَنِ، الْأُولَى، وَالتَّقْدِيرُ: أَصَلَوَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ تَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا تَشَاءُ. وَقُرِئَ نَفْعَلَ بِالنُّونِ وَمَا تَشَاءُ بِالْفَوْقِيَّةِ، وَمَعْنَاهُ: أَصَلَوَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَفْعَلَ نَحْنُ فِي أَمْوَالِنَا مَا تَشَاؤُهُ أَنْتَ وَنَدَعُ مَا نَشَاؤُهُ نَحْنُ وَمَا يَجْرِي بِهِ التَّرَاضِي بَيْنَنَا ثُمَّ وَصَفُوهُ بِوَصْفَيْنِ عَظِيمَيْنِ فَقَالُوا: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ عَلَى طَرِيقَةِ التَّهَكُّمِ بِهِ، لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِهِمَا، أَوْ يُرِيدُونَ إِنَّكَ لَأَنْتَ الحليم الرشيد عند نَفْسِكَ وَفِي اعْتِقَادِكَ، وَمَعْنَاهُمْ: أَنَّ هَذَا الَّذِي نَهَيْتَنَا عَنْهُ وَأَمَرْتَنَا بِهِ يُخَالِفُ مَا
مَا صِرْتُ مُوَفَّقًا هَادِيًا نَبِيًّا مُرْشِدًا إِلَّا بِتَأْيِيدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَإِقْدَارِي عَلَيْهِ وَمَنْحِي إِيَّاهُ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ فِي جَمِيعِ أُمُورِي الَّتِي مِنْهَا أَمْرُكُمْ وَنَهْيُكُمْ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ أَيْ: أَرْجِعُ فِي كُلِّ مَا نَابَنِي مِنَ الْأُمُورِ وَأُفَوِّضُ جَمِيعَ أُمُورِي إِلَى مَا يَخْتَارُهُ لِي مِنْ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: وَإِلَيْهِ أَرْجِعُ فِي الْآخِرَةِ وَقِيلَ: إِنَّ الْإِنَابَةَ: الدُّعَاءُ، وَمَعْنَاهُ:
وَلَهُ أَدْعُو. قَوْلُهُ: وَيا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ لَا يُكْسِبَنَّكُمْ شِقَاقِي إِصَابَةَ الْعَذَابِ إِيَّاكُمْ كَمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ: لَا يَحْمِلَنَّكُمْ شِقَاقِي، وَالشِّقَاقُ: الْعَدَاوَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَخْطَلِ:
أَلَا مَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي رَسُولًا | فَكَيْفَ وَجَدْتُمُ طَعْمَ الشّقاق |
الشِّقَاقِ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ: لَيْسَ مَكَانُهُمْ بِبَعِيدٍ مِنْ مَكَانِكُمْ، أَوْ لَيْسَ زَمَانُهُمْ بِبَعِيدٍ مِنْ زَمَانِكُمْ، أَوْ لَيْسُوا بِبَعِيدٍ مِنْكُمْ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِعُقُوبَتِهِمْ، وَهُوَ مُطْلَقُ الْكُفْرِ، وَأَفْرَدَ لَفْظَ بَعِيدٍ لِمِثْلِ مَا سَبَقَ فِي وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ثُمَّ بَعْدَ تَرْهِيبِهِمْ بِالْعَذَابِ أَمَرَهُمْ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ فَقَالَ: وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ: الِاسْتِغْفَارِ مَعَ تَرْتِيبِ التَّوْبَةِ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ: الرَّحِيمِ، وَالْمُرَادُ هُنَا: أَنَّهُ عَظِيمُ الرَّحْمَةِ لِلتَّائِبِينَ. وَالْوَدُودُ: الْمُحِبُّ.
قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَدِدْتُ الرَّجُلَ أَوَدُّهُ وُدًّا: إِذَا أَحْبَبْتُهُ، وَالْوَدُودُ: الْمُحِبُّ، وَالْوِدُّ وَالْوُدُّ وَالْوَدُّ: الْمَحَبَّةُ وَالْمَعْنَى هُنَا: أَنَّهُ يَفْعَلُ بِعِبَادِهِ مَا يَفْعَلُهُ مَنْ هُوَ بَلِيغُ الْمَوَدَّةِ بِمَنْ يَوَدُّهُ مِنَ اللُّطْفِ بِهِ، وَسَوْقِ الْخَيْرِ إِلَيْهِ، وَدَفْعِ الشَّرِّ عَنْهُ.
وَفِي هَذَا تَعْلِيلٌ لِمَا قبله من الأمر بالاستغفار والتوبة. وجملة: قالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ مُسْتَأْنَفَةٌ كَالْجُمَلِ السَّابِقَةِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّكَ تَأْتِينَا بِمَا لَا عَهْدَ لَنَا بِهِ: مِنَ الْإِخْبَارِ بِالْأُمُورِ الْغَيْبِيَّةِ كَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَلَا نَفْقَهُ ذَلِكَ: أَيْ: نَفْهَمُهُ كَمَا نَفْهَمُ الْأُمُورَ الْحَاضِرَةَ الْمُشَاهَدَةَ. فَيَكُونُ نَفْيُ الْفِقْهِ عَلَى هَذَا حَقِيقَةً لَا مجازا
ضَرِيرٌ، أَيْ: قَدْ ضُرَّ بِذَهَابِ بَصَرِهِ وَقِيلَ: الضَّعِيفُ: الْمَهِينُ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ رَهْطُ الرَّجُلِ: عَشِيرَتُهُ الَّذِينَ يَسْتَنِدُ إِلَيْهِمْ وَيَتَقَوَّى بِهِمْ، وَمِنْهُ: الرَّاهِطُ: لِجُحْرِ الْيَرْبُوعِ، لِأَنَّهُ يَتَوَثَّقُ بِهِ وَيُخَبَّأُ فِيهِ وَلَدُهُ، وَالرَّهْطُ يَقَعُ عَلَى الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ، وَإِنَّمَا جَعَلُوا رَهْطَهُ مَانِعًا مِنْ إِنْزَالِ الضَّرَرِ بِهِ، مَعَ كَوْنِهِمْ فِي قِلَّةٍ، وَالْكُفَّارُ أُلُوفٌ مُؤَلَّفَةٌ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى دِينِهِمْ، فَتَرَكُوهُ احْتِرَامًا لَهُمْ لَا خَوْفًا مِنْهُمْ، ثُمَّ أَكَّدُوا مَا وَصَفُوهُ بِهِ مِنَ الضعف بقولهم: وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ حَتَّى نَكُفَّ عَنْكَ لِأَجْلِ عِزَّتِكَ عِنْدَنَا، بَلْ تَرَكْنَا رَجْمَكَ لِعِزَّةِ رَهْطِكَ عَلَيْنَا، وَمَعْنَى لَرَجَمْنَاكَ: لَقَتَلْنَاكَ بِالرَّجْمِ وَكَانُوا إِذَا قَتَلُوا إِنْسَانًا رَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَى لَرَجَمْنَاكَ: لَشَتَمْنَاكَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
تَرَاجَمْنَا بِمُرِّ الْقَوْلِ حَتَّى | نَصِيرَ كَأَنَّنَا فَرَسَا رِهَانِ |
وَالْمَعْنَى: وَاتَّخَذْتُمُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِسَبَبِ عَدَمِ اعْتِدَادِكُمْ بِنَبِيِّهِ الَّذِي أَرْسَلَهُ إِلَيْكُمْ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا أَيْ: مَنْبُوذًا وَرَاءَ الظَّهْرِ لَا تُبَالُونَ بِهِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَاتَّخَذْتُمْ أَمْرَ اللَّهِ الَّذِي أَمَرَنِي بِإِبْلَاغِهِ إِلَيْكُمْ، وَهُوَ مَا جِئْتُكُمْ بِهِ، وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، يُقَالُ: جَعَلْتُ أَمْرَهُ بِظَهْرٍ: إِذَا قَصَّرْتُ فيه، وظهريا، مَنْسُوبٌ إِلَى الظَّهْرِ، وَالْكَسْرُ لِتَغْيِيرِ النَّسَبِ إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَقْوَالِكُمْ وَأَفْعَالِكُمْ وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ لَمَّا رَأَى إِصْرَارَهُمْ عَلَى الْكُفْرِ وَتَصْمِيمَهُمْ عَلَى دِينِ آبَائِهِمْ، وَعَدَمِ تَأْثِيرِ الْمَوْعِظَةِ فِيهِمْ تَوَعَّدَهُمْ بِأَنْ يَعْمَلُوا عَلَى غَايَةِ تَمَكُّنِهِمْ وَنِهَايَةِ اسْتِطَاعَتِهِمْ، يُقَالُ: مَكُنَ مَكَانَةً: إِذَا تَمَكَّنَ أَبْلَغَ تَمَكُّنٍ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ عَامِلٌ عَلَى حَسَبِ مَا يُمْكِنُهُ وَيُقَدِّرُ اللَّهُ لَهُ ثُمَّ بَالَغَ فِي التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ بِقَوْلِهِ: سَوْفَ تَعْلَمُونَ أَيْ: عَاقِبَةَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ وَالْإِضْرَارِ بِعِبَادِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الْأَنْعَامِ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ من: في محل نصب بتعلمون، أَيْ: سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ الَّذِي يَأْتِيهِ الْعَذَابُ الْمُخْزِي الَّذِي يَتَأَثَّرُ عَنْهُ الذُّلُّ وَالْفَضِيحَةُ وَالْعَارُ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى: مَنْ يَأْتِيهِ وَالْمَعْنَى: سَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ الْمُعَذَّبُ وَمَنْ
إِنَّ: مَنْ، مُبْتَدَأٌ، وَمَا بَعْدَهَا صِلَتُهَا، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: مَنْ هُوَ كَاذِبٌ فَسَيَعْلَمُ كَذِبَهُ وَيَذُوقُ وَبَالَ أَمْرِهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّمَا جَاءَ بِ: هُوَ فِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ لِأَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ مَنْ قَائِمٌ: إِنَّمَا يَقُولُونَ مَنْ قَامَ، وَمَنْ يَقُومُ، وَمَنِ الْقَائِمُ، فَزَادُوا هُوَ لِيَكُونَ جُمْلَةً تَقُومُ مَقَامَ فَعَلَ وَيَفْعَلُ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَيَدُلُّ عَلَى خِلَافِ هَذَا قَوْلُ الشَّاعِرِ:
من رسولي إلى الثريّا بأنّي | ضِقْتُ ذَرْعًا بِهَجْرِهَا وَالْكِتَابِ |
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ قَالَ: رُخْصُ السِّعْرِ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ قَالَ: غَلَاءُ السِّعْرِ. وَأَخْرَجَ ابن جرير عنه بَقِيَّتُ اللَّهِ قَالَ:
رِزْقُ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عن قتادة: بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ يَقُولُ: حَظُّكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: طَاعَةُ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عن الْأَعْمَشِ فِي قَوْلِهِ:
أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ قَالَ: أَقِرَاءَتُكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ الْأَحْنَفِ: أَنَّ شُعَيْبًا كَانَ أَكْثَرَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَاةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا قَالَ:
نَهَاهُمْ عَنْ قَطْعِ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَقَالُوا: إِنَّمَا هِيَ أَمْوَالُنَا نَفْعَلُ فِيهَا مَا نَشَاءُ، إِنْ شِئْنَا قَطَعْنَاهَا، وَإِنْ شِئْنَا أَحْرَقْنَاهَا، وَإِنْ شِئْنَا طَرَحْنَاهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ نَحْوَهُ. وأخرجنا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ نَحْوَهُ أيْضًا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ نَحْوَهُ أَيْضًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ قَالَ: يَقُولُونَ إِنَّكَ لَسْتَ بِحَلِيمٍ وَلَا رَشِيدٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: اسْتِهْزَاءٌ بِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً قَالَ: الحلال.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك، في قوله :﴿ وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ﴾ قال : الحلال. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَا أنهاكم عَنْهُ ﴾ قال : يقول لم أكن لأنهاكم عن أمر وأركبه. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ قال : إليه أرجع. وأخرج أبو نعيم في الحلية، عن عليّ، قال : قلت : يا رسول، الله أوصني، قال :" قل الله ربي ثم استقم "، قلت : ربي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، قال :" ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً " وفي إسناده محمد بن يوسف الكديمي. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي ﴾ لا يحملنكم فراقي. وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد، قال : شقاقي عداوتي. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ قال : لا تحملنكم عداوتي. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مّنكُم بِبَعِيدٍ ﴾ قال : إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود.
وأخرج أبو الشيخ، وابن عساكر، عن سعيد بن جبير ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وإنما عمي من بكائه من حبّ الله عزّ وجلّ.
وأخرج الواحدي، وابن عساكر، عن شدّاد بن أوس، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بكى شعيب عليه السلام من حبّ الله حتى عمي» وأخرج ابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والخطيب، وابن عساكر من طرق، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان ضرير البصر. وأخرج أبو الشيخ، عن أبي صالح، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن سفيان في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وكان يقال له خطيب الأنبياء. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، قال : معناه إنما أنت واحد. وأخرج أبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان مكفوفاً، فنسبوه إلى الضعف ﴿ وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لرجمناك ﴾ قال عليّ : فوالله الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم ما هابوا إلا العشيرة. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال في الآية : لا تخافونه. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال : تهاونتم به.
وقال مجاهد : بقية الله : طاعته. وقال الربيع : وصيته. وقال الفراء : مراقبته، وإنما قيد ذلك بقوله :﴿ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ لأن ذلك إنما ينتفع به المؤمن لا الكافر، أو المراد بالمؤمنين هنا : المصدّقون لشعيب ﴿ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ أحفظكم من الوقوع في المعاصي من التطفيف والبخس وغيرهما، أو أحفظ عليكم أعمالكم، وأحاسبكم بها وأجازيكم عليها.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك، في قوله :﴿ وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ﴾ قال : الحلال. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَا أنهاكم عَنْهُ ﴾ قال : يقول لم أكن لأنهاكم عن أمر وأركبه. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ قال : إليه أرجع. وأخرج أبو نعيم في الحلية، عن عليّ، قال : قلت : يا رسول، الله أوصني، قال :" قل الله ربي ثم استقم "، قلت : ربي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، قال :" ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً " وفي إسناده محمد بن يوسف الكديمي. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي ﴾ لا يحملنكم فراقي. وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد، قال : شقاقي عداوتي. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ قال : لا تحملنكم عداوتي. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مّنكُم بِبَعِيدٍ ﴾ قال : إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود.
وأخرج أبو الشيخ، وابن عساكر، عن سعيد بن جبير ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وإنما عمي من بكائه من حبّ الله عزّ وجلّ.
وأخرج الواحدي، وابن عساكر، عن شدّاد بن أوس، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بكى شعيب عليه السلام من حبّ الله حتى عمي» وأخرج ابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والخطيب، وابن عساكر من طرق، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان ضرير البصر. وأخرج أبو الشيخ، عن أبي صالح، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن سفيان في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وكان يقال له خطيب الأنبياء. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، قال : معناه إنما أنت واحد. وأخرج أبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان مكفوفاً، فنسبوه إلى الضعف ﴿ وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لرجمناك ﴾ قال عليّ : فوالله الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم ما هابوا إلا العشيرة. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال في الآية : لا تخافونه. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال : تهاونتم به.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك، في قوله :﴿ وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ﴾ قال : الحلال. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَا أنهاكم عَنْهُ ﴾ قال : يقول لم أكن لأنهاكم عن أمر وأركبه. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ قال : إليه أرجع. وأخرج أبو نعيم في الحلية، عن عليّ، قال : قلت : يا رسول، الله أوصني، قال :" قل الله ربي ثم استقم "، قلت : ربي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، قال :" ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً " وفي إسناده محمد بن يوسف الكديمي. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي ﴾ لا يحملنكم فراقي. وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد، قال : شقاقي عداوتي. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ قال : لا تحملنكم عداوتي. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مّنكُم بِبَعِيدٍ ﴾ قال : إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود.
وأخرج أبو الشيخ، وابن عساكر، عن سعيد بن جبير ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وإنما عمي من بكائه من حبّ الله عزّ وجلّ.
وأخرج الواحدي، وابن عساكر، عن شدّاد بن أوس، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بكى شعيب عليه السلام من حبّ الله حتى عمي» وأخرج ابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والخطيب، وابن عساكر من طرق، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان ضرير البصر. وأخرج أبو الشيخ، عن أبي صالح، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن سفيان في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وكان يقال له خطيب الأنبياء. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، قال : معناه إنما أنت واحد. وأخرج أبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان مكفوفاً، فنسبوه إلى الضعف ﴿ وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لرجمناك ﴾ قال عليّ : فوالله الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم ما هابوا إلا العشيرة. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال في الآية : لا تخافونه. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال : تهاونتم به.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك، في قوله :﴿ وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ﴾ قال : الحلال. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَا أنهاكم عَنْهُ ﴾ قال : يقول لم أكن لأنهاكم عن أمر وأركبه. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ قال : إليه أرجع. وأخرج أبو نعيم في الحلية، عن عليّ، قال : قلت : يا رسول، الله أوصني، قال :" قل الله ربي ثم استقم "، قلت : ربي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، قال :" ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً " وفي إسناده محمد بن يوسف الكديمي. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي ﴾ لا يحملنكم فراقي. وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد، قال : شقاقي عداوتي. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ قال : لا تحملنكم عداوتي. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مّنكُم بِبَعِيدٍ ﴾ قال : إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود.
وأخرج أبو الشيخ، وابن عساكر، عن سعيد بن جبير ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وإنما عمي من بكائه من حبّ الله عزّ وجلّ.
وأخرج الواحدي، وابن عساكر، عن شدّاد بن أوس، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بكى شعيب عليه السلام من حبّ الله حتى عمي» وأخرج ابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والخطيب، وابن عساكر من طرق، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان ضرير البصر. وأخرج أبو الشيخ، عن أبي صالح، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن سفيان في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وكان يقال له خطيب الأنبياء. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، قال : معناه إنما أنت واحد. وأخرج أبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان مكفوفاً، فنسبوه إلى الضعف ﴿ وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لرجمناك ﴾ قال عليّ : فوالله الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم ما هابوا إلا العشيرة. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال في الآية : لا تخافونه. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال : تهاونتم به.
ألا من مبلغ عني رسولا | فكيف وجدتم طعم الشقاق |
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك، في قوله :﴿ وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ﴾ قال : الحلال. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَا أنهاكم عَنْهُ ﴾ قال : يقول لم أكن لأنهاكم عن أمر وأركبه. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ قال : إليه أرجع. وأخرج أبو نعيم في الحلية، عن عليّ، قال : قلت : يا رسول، الله أوصني، قال :" قل الله ربي ثم استقم "، قلت : ربي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، قال :" ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً " وفي إسناده محمد بن يوسف الكديمي. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي ﴾ لا يحملنكم فراقي. وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد، قال : شقاقي عداوتي. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ قال : لا تحملنكم عداوتي. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مّنكُم بِبَعِيدٍ ﴾ قال : إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود.
وأخرج أبو الشيخ، وابن عساكر، عن سعيد بن جبير ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وإنما عمي من بكائه من حبّ الله عزّ وجلّ.
وأخرج الواحدي، وابن عساكر، عن شدّاد بن أوس، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بكى شعيب عليه السلام من حبّ الله حتى عمي» وأخرج ابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والخطيب، وابن عساكر من طرق، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان ضرير البصر. وأخرج أبو الشيخ، عن أبي صالح، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن سفيان في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وكان يقال له خطيب الأنبياء. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، قال : معناه إنما أنت واحد. وأخرج أبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان مكفوفاً، فنسبوه إلى الضعف ﴿ وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لرجمناك ﴾ قال عليّ : فوالله الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم ما هابوا إلا العشيرة. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال في الآية : لا تخافونه. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال : تهاونتم به.
وفي هذا تعليل لما قبله من الأمر بالاستغفار والتوبة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك، في قوله :﴿ وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ﴾ قال : الحلال. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَا أنهاكم عَنْهُ ﴾ قال : يقول لم أكن لأنهاكم عن أمر وأركبه. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ قال : إليه أرجع. وأخرج أبو نعيم في الحلية، عن عليّ، قال : قلت : يا رسول، الله أوصني، قال :" قل الله ربي ثم استقم "، قلت : ربي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، قال :" ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً " وفي إسناده محمد بن يوسف الكديمي. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي ﴾ لا يحملنكم فراقي. وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد، قال : شقاقي عداوتي. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ قال : لا تحملنكم عداوتي. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مّنكُم بِبَعِيدٍ ﴾ قال : إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود.
وأخرج أبو الشيخ، وابن عساكر، عن سعيد بن جبير ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وإنما عمي من بكائه من حبّ الله عزّ وجلّ.
وأخرج الواحدي، وابن عساكر، عن شدّاد بن أوس، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بكى شعيب عليه السلام من حبّ الله حتى عمي» وأخرج ابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والخطيب، وابن عساكر من طرق، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان ضرير البصر. وأخرج أبو الشيخ، عن أبي صالح، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن سفيان في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وكان يقال له خطيب الأنبياء. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، قال : معناه إنما أنت واحد. وأخرج أبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان مكفوفاً، فنسبوه إلى الضعف ﴿ وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لرجمناك ﴾ قال عليّ : فوالله الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم ما هابوا إلا العشيرة. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال في الآية : لا تخافونه. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال : تهاونتم به.
تراجمنا بمرّ القول حتى | نصير كأننا فرسا رهان |
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك، في قوله :﴿ وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ﴾ قال : الحلال. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَا أنهاكم عَنْهُ ﴾ قال : يقول لم أكن لأنهاكم عن أمر وأركبه. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ قال : إليه أرجع. وأخرج أبو نعيم في الحلية، عن عليّ، قال : قلت : يا رسول، الله أوصني، قال :" قل الله ربي ثم استقم "، قلت : ربي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، قال :" ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً " وفي إسناده محمد بن يوسف الكديمي. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي ﴾ لا يحملنكم فراقي. وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد، قال : شقاقي عداوتي. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ قال : لا تحملنكم عداوتي. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مّنكُم بِبَعِيدٍ ﴾ قال : إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود.
وأخرج أبو الشيخ، وابن عساكر، عن سعيد بن جبير ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وإنما عمي من بكائه من حبّ الله عزّ وجلّ.
وأخرج الواحدي، وابن عساكر، عن شدّاد بن أوس، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بكى شعيب عليه السلام من حبّ الله حتى عمي» وأخرج ابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والخطيب، وابن عساكر من طرق، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان ضرير البصر. وأخرج أبو الشيخ، عن أبي صالح، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن سفيان في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وكان يقال له خطيب الأنبياء. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، قال : معناه إنما أنت واحد. وأخرج أبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان مكفوفاً، فنسبوه إلى الضعف ﴿ وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لرجمناك ﴾ قال عليّ : فوالله الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم ما هابوا إلا العشيرة. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال في الآية : لا تخافونه. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال : تهاونتم به.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك، في قوله :﴿ وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ﴾ قال : الحلال. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَا أنهاكم عَنْهُ ﴾ قال : يقول لم أكن لأنهاكم عن أمر وأركبه. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ قال : إليه أرجع. وأخرج أبو نعيم في الحلية، عن عليّ، قال : قلت : يا رسول، الله أوصني، قال :" قل الله ربي ثم استقم "، قلت : ربي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، قال :" ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً " وفي إسناده محمد بن يوسف الكديمي. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي ﴾ لا يحملنكم فراقي. وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد، قال : شقاقي عداوتي. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ قال : لا تحملنكم عداوتي. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مّنكُم بِبَعِيدٍ ﴾ قال : إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود.
وأخرج أبو الشيخ، وابن عساكر، عن سعيد بن جبير ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وإنما عمي من بكائه من حبّ الله عزّ وجلّ.
وأخرج الواحدي، وابن عساكر، عن شدّاد بن أوس، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بكى شعيب عليه السلام من حبّ الله حتى عمي» وأخرج ابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والخطيب، وابن عساكر من طرق، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان ضرير البصر. وأخرج أبو الشيخ، عن أبي صالح، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن سفيان في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وكان يقال له خطيب الأنبياء. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، قال : معناه إنما أنت واحد. وأخرج أبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان مكفوفاً، فنسبوه إلى الضعف ﴿ وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لرجمناك ﴾ قال عليّ : فوالله الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم ما هابوا إلا العشيرة. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال في الآية : لا تخافونه. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال : تهاونتم به.
من رسولي إلى الثريا فإني | ضقت ذرعاً بهجرها والكتاب |
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك، في قوله :﴿ وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ﴾ قال : الحلال. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَا أنهاكم عَنْهُ ﴾ قال : يقول لم أكن لأنهاكم عن أمر وأركبه. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ قال : إليه أرجع. وأخرج أبو نعيم في الحلية، عن عليّ، قال : قلت : يا رسول، الله أوصني، قال :" قل الله ربي ثم استقم "، قلت : ربي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، قال :" ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً " وفي إسناده محمد بن يوسف الكديمي. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي ﴾ لا يحملنكم فراقي. وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد، قال : شقاقي عداوتي. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ قال : لا تحملنكم عداوتي. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مّنكُم بِبَعِيدٍ ﴾ قال : إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود.
وأخرج أبو الشيخ، وابن عساكر، عن سعيد بن جبير ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وإنما عمي من بكائه من حبّ الله عزّ وجلّ.
وأخرج الواحدي، وابن عساكر، عن شدّاد بن أوس، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بكى شعيب عليه السلام من حبّ الله حتى عمي» وأخرج ابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والخطيب، وابن عساكر من طرق، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان ضرير البصر. وأخرج أبو الشيخ، عن أبي صالح، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن سفيان في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وكان يقال له خطيب الأنبياء. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، قال : معناه إنما أنت واحد. وأخرج أبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان مكفوفاً، فنسبوه إلى الضعف ﴿ وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لرجمناك ﴾ قال عليّ : فوالله الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم ما هابوا إلا العشيرة. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال في الآية : لا تخافونه. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال : تهاونتم به.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك، في قوله :﴿ وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ﴾ قال : الحلال. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَا أنهاكم عَنْهُ ﴾ قال : يقول لم أكن لأنهاكم عن أمر وأركبه. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ قال : إليه أرجع. وأخرج أبو نعيم في الحلية، عن عليّ، قال : قلت : يا رسول، الله أوصني، قال :" قل الله ربي ثم استقم "، قلت : ربي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، قال :" ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً " وفي إسناده محمد بن يوسف الكديمي. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي ﴾ لا يحملنكم فراقي. وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد، قال : شقاقي عداوتي. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ قال : لا تحملنكم عداوتي. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مّنكُم بِبَعِيدٍ ﴾ قال : إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود.
وأخرج أبو الشيخ، وابن عساكر، عن سعيد بن جبير ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وإنما عمي من بكائه من حبّ الله عزّ وجلّ.
وأخرج الواحدي، وابن عساكر، عن شدّاد بن أوس، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بكى شعيب عليه السلام من حبّ الله حتى عمي» وأخرج ابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والخطيب، وابن عساكر من طرق، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان ضرير البصر. وأخرج أبو الشيخ، عن أبي صالح، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن سفيان في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وكان يقال له خطيب الأنبياء. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، قال : معناه إنما أنت واحد. وأخرج أبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان مكفوفاً، فنسبوه إلى الضعف ﴿ وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لرجمناك ﴾ قال عليّ : فوالله الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم ما هابوا إلا العشيرة. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال في الآية : لا تخافونه. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال : تهاونتم به.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك، في قوله :﴿ وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ﴾ قال : الحلال. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَا أنهاكم عَنْهُ ﴾ قال : يقول لم أكن لأنهاكم عن أمر وأركبه. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ قال : إليه أرجع. وأخرج أبو نعيم في الحلية، عن عليّ، قال : قلت : يا رسول، الله أوصني، قال :" قل الله ربي ثم استقم "، قلت : ربي الله وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، قال :" ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شرباً ونهلته نهلاً " وفي إسناده محمد بن يوسف الكديمي. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي ﴾ لا يحملنكم فراقي. وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد، قال : شقاقي عداوتي. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ قال : لا تحملنكم عداوتي. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، عن قتادة، في قوله :﴿ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مّنكُم بِبَعِيدٍ ﴾ قال : إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود.
وأخرج أبو الشيخ، وابن عساكر، عن سعيد بن جبير ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وإنما عمي من بكائه من حبّ الله عزّ وجلّ.
وأخرج الواحدي، وابن عساكر، عن شدّاد بن أوس، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بكى شعيب عليه السلام من حبّ الله حتى عمي» وأخرج ابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والخطيب، وابن عساكر من طرق، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان ضرير البصر. وأخرج أبو الشيخ، عن أبي صالح، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن سفيان في قوله :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان أعمى، وكان يقال له خطيب الأنبياء. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، قال : معناه إنما أنت واحد. وأخرج أبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب، أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب ﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ﴾ قال : كان مكفوفاً، فنسبوه إلى الضعف ﴿ وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لرجمناك ﴾ قال عليّ : فوالله الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم ما هابوا إلا العشيرة. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، قال في الآية : لا تخافونه. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال : تهاونتم به.
يَقُولُ لَمْ أَكُنْ لِأَنْهَاكُمْ عَنْ أَمْرٍ وَأَرْكَبَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشيخ عن مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ:
وَإِلَيْهِ أُنِيبُ قَالَ: إِلَيْهِ أَرْجِعُ. وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي، قَالَ: قُلِ اللَّهُ رَبِّي ثُمَّ اسْتَقِمْ، قُلْتُ: رَبِّيَ اللَّهُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلَتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ، قَالَ: لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْحَسَنِ، لَقَدْ شَرِبْتَ الْعِلْمَ شُرْبًا وَنَهِلْتَهُ نَهَلًا، وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْكُدَيْمِيُّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ: لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي لَا يَحْمِلَنَّكُمْ فِرَاقِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: شِقَاقِي عَدَاوَتِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ السُّدِّيِّ قَالَ: لَا تَحْمِلَنَّكُمْ عَدَاوَتِي. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ قَالَ: إِنَّمَا كَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ قَرِيبٍ بَعْدَ نُوحٍ وَثَمُودَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً قَالَ: كَانَ أَعْمَى، وَإِنَّمَا عَمِيَ مِنْ بُكَائِهِ مِنْ حُبِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَأَخْرَجَ الْوَاحِدِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بَكَى شُعَيْبٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حُبِّ اللَّهِ حَتَّى عَمِيَ». وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَالْخَطِيبُ، وَابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً قَالَ: كَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ سُفْيَانَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً قَالَ: كَانَ أَعْمَى، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ خَطِيبُ الْأَنْبِيَاءِ.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: مَعْنَاهُ إِنَّمَا أَنْتَ وَاحِدٌ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ خَطَبَ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ فِي شُعَيْبٍ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً قَالَ: كَانَ مَكْفُوفًا، فَنَسَبُوهُ إِلَى الضَّعْفِ وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ قال عليّ: فو الله الذي لا إله غَيْرُهُ مَا هَابُوا جَلَالَ رَبِّهِمْ مَا هَابُوا إِلَّا الْعَشِيرَةَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا قَالَ: نَبَذْتُمْ أَمْرَهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ فِي الْآيَةِ: لَا تَخَافُونَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ الضحاك قال:
تهاونتم به.
[سورة هود (١١) : الآيات ٩٦ الى ١٠٨]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٩٦) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (٩٩) ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ (١٠٠)
وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (١٠١) وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣) وَما نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (١٠٤) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥)
فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ مَا شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (١٠٧) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ مَا شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨)
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَلَأَ أَشْرَافُ الْقَوْمِ، وَإِنَّمَا خَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ دُونَ سَائِرِ الْقَوْمِ، لِأَنَّهُمْ أَتْبَاعٌ لَهُمْ فِي الْإِصْدَارِ وَالْإِيرَادِ، وَخَصَّ هَؤُلَاءِ الْمَلَأَ دُونَ فِرْعَوْنَ بقوله: فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ أي: أمره لَهُمْ بِالْكُفْرِ، لِأَنَّ حَالَ فِرْعَوْنَ فِي الْكُفْرِ أَمْرٌ وَاضِحٌ، إِذْ كُفْرُ قَوْمِهِ مِنَ الْأَشْرَافِ وَغَيْرِهِمْ إِنَّمَا هُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى كُفْرِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِأَمْرِ فِرْعَوْنَ:
شَأْنُهُ وَطَرِيقَتُهُ، فَيَعُمَّ الْكُفْرَ وَغَيْرَهُ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ أَيْ: لَيْسَ فِيهِ رُشْدٌ قَطُّ، بَلْ هُوَ غَيٌّ وَضَلَالٌ، وَالرَّشِيدُ بِمَعْنَى: الْمُرْشِدِ، وَالْإِسْنَادُ مَجَازِيٌّ، أَوْ بِمَعْنَى ذِي رُشْدٍ، وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ الرُّشْدَ فِي أَمْرِ مُوسَى يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنْ قَدِمَهُ بِمَعْنَى تَقَدَّمَهُ، أَيْ: يَصِيرُ مُتَقَدِّمًا لهم يوم القيامة سابقا لهم إِلَى عَذَابِ النَّارِ كَمَا كَانَ يَتَقَدَّمُهُمْ فِي الدُّنْيَا فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ أَيْ: إِنَّهُ لَا يَزَالُ مُتَقَدِّمًا لَهُمْ وَهُمْ يَتْبَعُونَهُ حَتَّى يُورِدَهُمُ النَّارَ وَعَبَّرَ بِالْمَاضِي: تَنْبِيهًا عَلَى تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ، ثُمَّ ذَمَّ الْوِرْدَ الَّذِي أَوْرَدَهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ لِأَنَّ الْوَارِدَ إِلَى الْمَاءِ الَّذِي يقال له: الورد، إنما يرده ليطفىء حَرَّ الْعَطَشِ، وَيُذْهِبَ ظَمَأَهُ، وَالنَّارُ عَلَى ضِدِّ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَمَّهُمْ بَعْدَ ذَمِّ الْمَكَانِ الَّذِي يَرِدُونَهُ، فَقَالَ: وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً
أَيْ: أُتْبِعَ قَوْمُ فِرْعَوْنَ مُطْلَقًا، أَوِ الْمَلَأُ خَاصَّةً، أَوْ هُمْ وَفِرْعَوْنُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً عَظِيمَةً، أَيْ: طَرْدًا وَإِبْعَادًا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَيْ: وَأُتْبِعُوا لَعْنَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَلْعَنُهُمْ أَهْلُ الْمَحْشَرِ جَمِيعًا، ثُمَّ إِنَّهُ جَعَلَ اللَّعْنَةَ رِفْدًا لَهُمْ، عَلَى طَرِيقَةِ التَّهَكُّمِ، فَقَالَ: بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ. قَالَ الْكِسَائِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: رَفَدْتُهُ، أَرْفِدُهُ، رِفْدًا: أَمَّنْتُهُ وَأَعْطَيْتُهُ، وَاسْمُ الْعَطِيَّةِ: الرِّفْدُ، أَيْ: بِئْسَ الْعَطَاءُ وَالْإِعَانَةُ مَا أَعْطَوْهُمْ إِيَّاهُ، وَأَعَانُوهُمْ بِهِ، وَالْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ، أَيْ: رِفْدُهُمْ، وَهُوَ اللَّعْنَةُ الَّتِي أُتْبِعُوهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَأَنَّهَا لَعْنَةٌ بَعْدَ لَعْنَةٍ تَمُدُّ الْأُخْرَى الْأُولَى وَتُؤَبِّدُهَا. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ حِكَايَةً عَنِ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّ الرَّفْدَ بِالْفَتْحِ: الْقَدَحُ، وَبِالْكَسْرِ: مَا فِيهِ مِنَ الشَّرَابِ فَكَأَنَّهُ ذَمَّ مَا يَسْتَقُونَهُ فِي النَّارِ، وَهَذَا أَنْسَبُ بِالْمَقَامِ، وَقِيلَ: إِنَّ الرِّفْدَ: الزِّيَادَةُ، أَيْ: بِئْسَ مَا يُرْفَدُونَ بِهِ بَعْدَ الْغَرَقِ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ أَيْ: مَا قَصَّهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَمَا فَعَلُوهُ مَعَ أَنْبِيَائِهِمْ، أَيْ: هُوَ مقصوص عليك خبر بَعْدَ خَبَرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ مَعْنَى الْقَصَصِ، وَالضَّمِيرُ فِي: مِنْهَا، عَائِدٌ إِلَى الْقُرَى، أَيْ: مِنَ الْقُرَى قَائِمٌ، وَمِنْهَا حَصِيدٌ، وَالْقَائِمُ: مَا كَانَ قَائِمًا عَلَى عُرُوشِهِ، وَالْحَصِيدُ: مَا لَا أَثَرَ لَهُ وَقِيلَ: الْقَائِمُ: الْعَامِرُ، وَالْحَصِيدُ: الْخَرَابُ وقيل: القائم: القرى الخاوية على عُرُوشِهَا، وَالْحَصِيدُ: الْمُسْتَأْصَلُ بِمَعْنَى مَحْصُودٍ، شَبَّهَ الْقُرَى بِالزَّرْعِ الْقَائِمِ عَلَى سَاقِهِ وَالْمَقْطُوعِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَالنَّاسُ فِي قِسْمِ الْمَنِيَّةِ بَيْنَهُمْ | كَالزَّرْعِ مِنْهُ قَائِمٌ وَحَصِيدُ |
ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بذكر الآخرة، أي: يَجْمَعَ فِيهِ النَّاسَ لِلْمُحَاسَبَةِ وَالْمُجَازَاةِ وَذلِكَ أَيْ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَوْمٌ مَشْهُودٌ أَيْ: يَشْهَدُهُ أَهْلُ الْمَحْشَرِ، أَوْ مَشْهُودٌ فِيهِ الْخَلَائِقُ، فَاتَّسَعَ فِي الظَّرْفِ بِإِجْرَائِهِ مُجْرَى الْمَفْعُولِ وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ أَيْ: وَمَا نُؤَخِّرُ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَّا لِانْتِهَاءِ أَجَلٍ مَعْدُودٍ مَعْلُومٍ بِالْعَدَدِ، قَدْ عَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وُقُوعَ الْجَزَاءِ بَعْدَهُ يَوْمَ يَأْتِ قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الدَّرَجِ، وَحَذْفِهَا فِي الْوَقْفِ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ بِإِثْبَاتِهَا وَصْلًا وَوَقْفًا.
وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ بِحَذْفِهَا فِيهِمَا، وَوَجْهُ حَذْفِ الْيَاءِ مَعَ الْوَقْفِ مَا قَالَهُ الْكِسَائِيُّ أَنَّ الْفِعْلَ السَّالِمَ يُوقَفُ عَلَيْهِ كَالْمَجْزُومِ، فَحُذِفَتِ الْيَاءُ كَمَا تُحْذَفُ الضَّمَّةُ. وَوَجْهُ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِحَذْفِ الْيَاءِ مَعَ الْوَصْلِ أَنَّهُمْ رَأَوْا رَسْمَ الْمُصْحَفِ كَذَلِكَ.
وَحَكَى الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ لَا أَدْرِ، فَتَحْذِفُ الْيَاءَ وَتَجْتَزِئُ بِالْكَسْرِ. وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ فِي حَذْفِ الْيَاءِ:
كَفَّاكَ كَفٌّ مَا تُلِيقُ دِرْهَمًا | جُودًا وَأُخْرَى تُعْطِ بِالسَّيْفِ الدَّمَا |
لَا تَتَكَلَّمُ، حُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا، أَيْ: لَا تَتَكَلَّمُ فِيهِ نَفْسٌ إِلَّا بِمَا أُذِنَ لَهَا مِنَ الْكَلَامِ وَقِيلَ: لَا تَكَلَّمُ بِحُجَّةٍ وَلَا شَفَاعَةٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ- سُبْحَانَهُ- لَهَا فِي التَّكَلُّمِ بِذَلِكَ، وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ- وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ «١» بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ بِاخْتِلَافِ مَوَاقِفِ الْقِيَامَةِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ مِثْلُ هَذَا الْجَمْعِ فِي مَوَاضِعَ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ أَيْ: مِنَ الْأَنْفُسِ شَقِيٌّ، وَمِنْهُمْ سَعِيدٌ فَالشَّقِيُّ مَنْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ الشَّقَاوَةُ، وَالسَّعِيدُ مَنْ كُتِبَتْ لَهُ السَّعَادَةُ، وَتَقْدِيمُ الشَّقِيِّ عَلَى السَّعِيدِ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ تَحْذِيرٍ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ أَيْ: فأما الذين سَبَقَتْ لَهُمُ الشَّقَاوَةُ فَمُسْتَقِرُّونَ فِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الزَّفِيرُ مِنْ شِدَّةِ الْأَنِينِ، وَهُوَ الْمُرْتَفِعُ جِدًّا، قَالَ: وَزَعَمَ أَهْلُ اللُّغَةِ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ أَنَّ الزَّفِيرَ: بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ صَوْتِ الْحَمِيرِ. وَالشَّهِيقَ: بِمَنْزِلَةِ آخِرِهِ وَقِيلَ الزَّفِيرُ: الصَّوْتُ الشَّدِيدُ، وَالشَّهِيقُ: الصَّوْتُ الضَّعِيفُ وَقِيلَ: الزَّفِيرُ: إِخْرَاجُ النَّفَسِ، وَالشَّهِيقُ: رَدُّ النَّفَسِ وقيل: الزفير من
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي بَيَانِ مَعْنَى هَذَا التَّوْقِيتِ، لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ بالأدلة القطعية تأييد عَذَابِ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ، وَعَدَمِ انْقِطَاعِهِ عَنْهُمْ، وثبت أيضا أن السموات وَالْأَرْضَ تَذْهَبُ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَيَّامِ الدُّنْيَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّ هَذَا الْإِخْبَارَ جَارٍ عَلَى مَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْتَادُهُ إِذَا أَرَادُوا الْمُبَالَغَةَ فِي دوام الشيء، قالوا: هو دائم ما دامت السموات والأرض، ومنه قولهم: لَا آتِيكَ مَا جَنَّ لَيْلٌ، وَمَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَمَا نَاحَ الْحَمَّامُ وَنَحْوَ ذَلِكَ. فَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُمْ خَالِدُونَ فِيهَا أَبَدًا لَا انْقِطَاعَ لِذَلِكَ وَلَا انْتِهَاءَ لَهُ وَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ سَمَوَاتُ الْآخِرَةِ وَأَرْضُهَا، فَقَدْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْآخِرَةِ سَمَوَاتٍ وَأَرْضًا غَيْرَ هَذِهِ الْمَوْجُودَةِ فِي الدُّنْيَا، وَهِيَ دَائِمَةٌ بِدَوَامِ دَارِ الْآخِرَةِ، وَأَيْضًا لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ مَوْضِعٍ يُقِلُّهُمْ، وَآخَرَ يُظِلُّهُمْ، وَهُمَا أَرْضٌ وَسَمَاءٌ. قَوْلُهُ: إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِهِ: فَفِي النَّارِ كَأَنَّهُ قَالَ: إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ مِنْ تَأْخِيرِ قَوْمٍ عَنْ ذَلِكَ. رَوَى هَذَا أَبُو نَضْرَةٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. الثَّانِي: في الِاسْتِثْنَاءَ إِنَّمَا هُوَ لِلْعُصَاةِ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، وَأَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنَ النَّارِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا عَامًّا فِي الْكَفَرَةِ وَالْعُصَاةِ، وَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ خَالِدِينَ، وَتَكُونُ مَا بِمَعْنَى مَنْ، وَبِهَذَا قَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَأَبُو سِنَانٍ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدْ ثَبَتَ بِالْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَةِ تَوَاتُرًا يُفِيدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ بِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ أَهْلُ التَّوْحِيدِ، فَكَانَ ذَلِكَ مُخَصِّصًا لِكُلِّ عُمُومٍ. الثَّالِثُ: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ الزَّفِيرِ وَالشَّهِيقِ، أَيْ: لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ غَيْرِ الزَّفِيرِ وَالشَّهِيقِ، قَالَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ. الرَّابِعُ: أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ: أَنَّهُمْ خَالِدُونَ فِيهَا مَا دَامَتِ السموات وَالْأَرْضُ لَا يَمُوتُونَ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ، فَإِنَّهُ يَأْمُرُ النَّارَ فَتَأْكُلُهُمْ حَتَّى يَفْنَوْا، ثُمَّ يُجَدِّدُ اللَّهُ خَلْقَهُمْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. الْخَامِسُ: أَنَّ إِلَّا بِمَعْنَى سِوَى. وَالْمَعْنَى ما دامت السموات وَالْأَرْضُ سِوَى مَا يَتَجَاوَزُ ذَلِكَ مِنَ الْخُلُودِ، كَأَنَّهُ ذَكَرَ فِي خُلُودِهِمْ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْعَرَبِ أَطْوَلُ مِنْهُ، ثُمَّ زَادَ عَلَيْهِ الدَّوَامَ الَّذِي لَا آخِرَ لَهُ حَكَاهُ الزَّجَّاجُ. السَّادِسُ: مَا رُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ وَابْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَابْنِ قُتَيْبَةَ مِنْ أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي عَدَمَ الْمَشِيئَةِ كَقَوْلِكَ: وَاللَّهِ لِأَضْرِبَنَّهُ إِلَّا أَنَّ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ، وَنُوقِشَ هَذَا بِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ الْحُكْمُ بِخُلُودِهِمْ إِلَّا الْمُدَّةَ الَّتِي شَاءَ اللَّهُ، فَالْمَشِيئَةُ قَدْ حَصَلَتْ جَزْمًا، وَقَدْ حَكَى هَذَا الْقَوْلَ الزَّجَّاجُ أَيْضًا. السَّابِعُ:
أَنَّ الْمَعْنَى خَالِدِينَ فيها ما دامت السموات وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ مِنْ مِقْدَارِ مَوْقِفِهِمْ فِي قُبُورِهِمْ وَلِلْحِسَابِ، حَكَاهُ الزَّجَّاجُ أَيْضًا. الثَّامِنُ: أَنَّ الْمَعْنَى: خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ مِنْ زِيَادَةِ النَّعِيمِ لِأَهْلِ النَّعِيمِ، وَزِيَادَةِ الْعَذَابِ لِأَهْلِ الْجَحِيمِ حَكَاهُ أَيْضًا الزَّجَّاجُ، وَاخْتَارَهُ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ. التَّاسِعُ أَنَّ إِلَّا بِمَعْنَى الْوَاوِ قَالَهُ الْفَرَّاءُ، وَالْمَعْنَى وَمَا شَاءَ رَبُّكَ مِنَ الزِّيَادَةِ، قَالَ مَكِّيٌّ: وَهَذَا الْقَوْلُ بَعِيدٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ أَنْ تَكُونَ إِلَّا بِمَعْنَى الْوَاوِ.
الْعَاشِرُ: أَنَّ إِلَّا بِمَعْنَى الْكَافِ. وَالتَّقْدِيرُ: كَمَا شَاءَ رَبُّكَ، وَمِنْهُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ «١» أَيْ كَمَا قَدْ سَلَفَ، الْحَادِي عَشَرَ: أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَقُولُ: أَضَلَّهُمْ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ:
فِرْعَوْنُ يَمْضِي بَيْنَ أَيْدِي قَوْمِهِ حَتَّى يَهْجُمَ بِهِمْ عَلَى النَّارِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ قَالَ: الْوُرُودُ: الدُّخُولُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ قَالَ: لَعْنَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ: مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ يَعْنِي قُرًى عَامِرَةٌ، وَقُرًى خَامِدَةٌ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ:
مِنْهَا قَائِمٌ يُرَى مَكَانَهُ، وَحَصِيدٌ لَا يُرَى لَهُ أَثَرٌ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: مِنْهَا قَائِمٌ خَاوٍ عَلَى عُرُوشِهِ، وَحَصِيدٌ مُلْصَقٌ بِالْأَرْضِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ: فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ قَالَ: مَا نَفَعَتْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ أَيْ: هَلَكَةٍ.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قَالَ: تَخْسِيرٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ مَعْنَاهُ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ يَقُولُ:
إِنَّا سَوْفَ نَفِي لَهُمْ بِمَا وَعَدْنَاهُمْ فِي الْآخِرَةِ كَمَا وَفَّيْنَا لِلْأَنْبِيَاءِ أَنَّا نَنْصُرُهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ قَالَ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ. وَأَخْرُجُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: يَوْمَ يَأْتِ قَالَ:
ذَلِكَ اليوم. وأخرجه التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَعَلَامَ نَعْمَلُ عَلَى شَيْءٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ، أَوْ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يُفْرَغْ مِنْهُ؟ قَالَ: بَلْ عَلَى شَيْءٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ وجرت
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ، وَلَا نَقُولُ كَمَا قَالَ أَهْلُ حَرُورَاءَ: إِنَّ مَنْ دَخَلَهَا بَقِيَ فِيهَا».
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا إِلَى قَوْلِهِ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُخْرِجَ أُنَاسًا مِنَ الَّذِينَ شَقُوا مِنَ النَّارِ فَيُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ فَعَلَ». وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ قَالَ: إِنَّهَا فِي التَّوْحِيدِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ الضُّرَيْسِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَوْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ قَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ قَاضِيَةٌ عَلَى الْقُرْآنِ كُلِّهِ، يَقُولُ:
حَيْثُ كَانَ فِي الْقُرْآنِ خَالِدِينَ فِيهَا: تَأْتِي عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: يَنْتَهِي الْقُرْآنُ كُلُّهُ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ: إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ قَالَ: لِكُلِّ جَنَّةٍ سَمَاءٌ وَأَرْضٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ السُّدِّيِّ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ الْحَسَنِ نَحْوَهُ أَيْضًا. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ قَالَ: فَقَدْ شَاءَ رَبُّكَ أَنْ يَخْلُدَ هَؤُلَاءِ فِي النَّارِ، وَأَنْ يَخْلُدَ هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا مَا شاءَ رَبُّكَ قَالَ: اسْتَثْنَى اللَّهُ مِنَ النَّارِ أَنْ تَأْكُلَهُمْ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ فِي الْآيَةِ قَالَ: فَجَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ مَا نَسَخَهَا، فَأُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَى آخَرِ الْآيَةِ، فَذَهَبَ الرَّجَاءُ لِأَهْلِ النَّارِ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا، وَأَوْجَبَ لَهُمْ خُلُودَ الْأَبَدِ. وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا الْآيَةَ: قَالَ: فَجَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ مَا نَسَخَهَا، فَأُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ إلى قوله: ظِلًّا ظَلِيلًا «١» فَأَوْجَبَ لَهُمْ خُلُودَ الْأَبَدِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لَوْ لَبِثَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ كَقَدْرِ رَمْلٍ عَالِجٍ، لَكَانَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ يَوْمٌ يَخْرُجُونَ فِيهِ. وَأَخْرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «سَيَأْتِي عَلَى جَهَنَّمَ يَوْمٌ لَا يَبْقَى فيها أحد، وقرأ
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد، في قوله :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخرة ﴾ يقول : إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الآخرة كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ ذلك يَوْم مَجْمُوع لَهُ الناس وذلك يَوْم مَشْهُود ﴾ قال : يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ يَوْمَ يَأْتِ ﴾ قال : ذلك اليوم. وأخرج الترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن عمر بن الخطاب، قال : لما نزلت ﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾ قلت : يا رسول الله، فعلام نعمل، على شيء قد فرغ منه، أو على شيء لم يفرغ منه ؟ قال :«بل على شيء قد فرغ منه، وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كلّ ميسر لما خلق له» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس قال : هاتان من المخبآت، قول الله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾ و﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا ﴾ أما قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيد ﴾ فهم قوم من أهل الكتاب من أهل هذه القبلة يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم، ثم يأذن في الشفاعة لهم، فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة، فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ حين أذن في الشفاعة لهم، وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة وهم هم ﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه ﴿ فَفِي الجنة خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ يعني : الذين كانوا في النار.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن قتادة أنه تلا هذه الآية :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ فقال : حدّثنا أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«يخرج قوم من النار ولا نقول كما قال أهل حروراء : إن من دخلها بقي فيها» وأخرج ابن مردويه، عن جابر، قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ إلى قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن شاء الله أن يخرج أناساً من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل» وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن خالد بن معدان في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : إنها في التوحيد من أهل القبلة. وأخرج عبد الرزاق، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله، أو عن أبي سعيد الخدري، أو رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : هذه الآية قاضية على القرآن كله، يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عن أبي نضرة، قال : ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية :﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّال لمَا يُرِيدُ ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَا دَامَتِ السموات والأرض ﴾ قال : لكل جنة سماء وأرض. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، نحوه أيضاً. وأخرج البيهقي في البعث والنشور، عن ابن عباس في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار، وأن يخلد هؤلاء في الجنة.
وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : استثنى الله من النار أن تأكلهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في الآية قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ﴾ إلى آخر الآية، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها، وأوجب لهم خلود الأبد. وقوله :﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ الآية. قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ جنات ﴾ إلى قوله :﴿ ظِلاًّ ظَلِيلاً ﴾ فأوجب لهم خلود الأبد.
وأخرج ابن المنذر، عن الحسن، قال : قال عمر : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج، لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه. وأخرج إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة قال :" سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ الآية ". وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن إبراهيم، قال :" ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية ﴿ خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ ". قال : وقال ابن مسعود :" ليأتينّ عليها زمان تخفق أبوابها ". وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال :" جهنم أسرع الدارين عمراناً وأسرعهما خراباً. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : الله أعلم بتثنيته على ما وقعت. وقد روي عن جماعة من السلف مثل ما ذكره عمر، وأبو هريرة، وابن مسعود، كابن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبي سعيد من الصحابة، وعن أبي مجلز وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهما من التابعين. وورد في ذلك حديث في معجم الطبراني الكبير عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي، وإسناده ضعيف. ولقد تكلم صاحب الكشاف في هذا الموضع بما كان له في تركه سعة، وفي السكوت عنه غنى، فقال : ولا يخدعنك قول المجبرة إن المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار، فإن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم، وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روي لهم بعض الثوابت عن ابن عمرو : ليأتينّ على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد. ثم قال : وأقول : ما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث. انتهى.
وأقول : أما الطعن على من قال بخروج أهل الكبائر من النار، فالقائل بذلك يا مسكين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صح عنه في دواوين الإسلام التي هي دفاتر السنة المطهرة، وكما صحّ عنه في غيرها من طريق جماعة من الصحابة يبلغون عدد التواتر ؛ فمالك والطعن على قوم عرفوا ما جهلته، وعملوا بما أنت عنه في مسافة بعيدة، وأيّ مانع من حمل الاستثناء على هذا الذي جاءت به الأدلة الصحيحة الكثيرة، كما ذهب إلى ذلك وقال به جمهور العلماء من السلف والخلف.
وأما ما ظننته من أن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم، ويسجل بافترائهم، فلا مناداة ولا مخالفة، وأيّ : مانع من حمل الاستثناء في الموضعين على العصاة من هذه الأمة، فالاستثناء الأوّل : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من خروج العصاة من هذه الأمة من النار، والاستثناء الثاني : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من عدم خلودهم في الجنة كما يخلد غيرهم، وذلك لتأخر خلودهم إليها مقدار المدّة التي لبثوا فيها في النار. وقد قال بهذا من أهل العلم من قدّمنا ذكره، وبه قال ابن عباس حبر الأمة. وأما الطعن على صاحب رسول الله، وحافظ سنته، وعابد الصحابة، عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، فإلى أين يا محمود، أتدري ما صنعت، وفي أيّ واد وقعت، وعلى أي جنب سقطت ؟ ومن أنت حتى تصعد إلى هذا المكان، وتتناول نجوم السماء بيديك القصيرة، ورجلك العرجاء، أما كان لك في مكسري طلبتك من أهل النحو واللغة ما يردك عن الدخول فيما لا تعرف، والتكلم بما لا تدري، فيا لله العجب ما يفعل القصور في علم الرواية، والبعد عن معرفتها إلى أبعد مكان من الفضيحة لمن لم يعرف قدر نفسه، ولا أوقفها حيث أوقفها الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد، في قوله :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخرة ﴾ يقول : إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الآخرة كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ ذلك يَوْم مَجْمُوع لَهُ الناس وذلك يَوْم مَشْهُود ﴾ قال : يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ يَوْمَ يَأْتِ ﴾ قال : ذلك اليوم. وأخرج الترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن عمر بن الخطاب، قال : لما نزلت ﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾ قلت : يا رسول الله، فعلام نعمل، على شيء قد فرغ منه، أو على شيء لم يفرغ منه ؟ قال :«بل على شيء قد فرغ منه، وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كلّ ميسر لما خلق له» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس قال : هاتان من المخبآت، قول الله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾ و﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا ﴾ أما قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيد ﴾ فهم قوم من أهل الكتاب من أهل هذه القبلة يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم، ثم يأذن في الشفاعة لهم، فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة، فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ حين أذن في الشفاعة لهم، وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة وهم هم ﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه ﴿ فَفِي الجنة خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ يعني : الذين كانوا في النار.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن قتادة أنه تلا هذه الآية :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ فقال : حدّثنا أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«يخرج قوم من النار ولا نقول كما قال أهل حروراء : إن من دخلها بقي فيها» وأخرج ابن مردويه، عن جابر، قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ إلى قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن شاء الله أن يخرج أناساً من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل» وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن خالد بن معدان في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : إنها في التوحيد من أهل القبلة. وأخرج عبد الرزاق، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله، أو عن أبي سعيد الخدري، أو رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : هذه الآية قاضية على القرآن كله، يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عن أبي نضرة، قال : ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية :﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّال لمَا يُرِيدُ ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَا دَامَتِ السموات والأرض ﴾ قال : لكل جنة سماء وأرض. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، نحوه أيضاً. وأخرج البيهقي في البعث والنشور، عن ابن عباس في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار، وأن يخلد هؤلاء في الجنة.
وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : استثنى الله من النار أن تأكلهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في الآية قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ﴾ إلى آخر الآية، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها، وأوجب لهم خلود الأبد. وقوله :﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ الآية. قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ جنات ﴾ إلى قوله :﴿ ظِلاًّ ظَلِيلاً ﴾ فأوجب لهم خلود الأبد.
وأخرج ابن المنذر، عن الحسن، قال : قال عمر : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج، لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه. وأخرج إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة قال :" سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ الآية ". وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن إبراهيم، قال :" ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية ﴿ خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ ". قال : وقال ابن مسعود :" ليأتينّ عليها زمان تخفق أبوابها ". وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال :" جهنم أسرع الدارين عمراناً وأسرعهما خراباً. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : الله أعلم بتثنيته على ما وقعت. وقد روي عن جماعة من السلف مثل ما ذكره عمر، وأبو هريرة، وابن مسعود، كابن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبي سعيد من الصحابة، وعن أبي مجلز وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهما من التابعين. وورد في ذلك حديث في معجم الطبراني الكبير عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي، وإسناده ضعيف. ولقد تكلم صاحب الكشاف في هذا الموضع بما كان له في تركه سعة، وفي السكوت عنه غنى، فقال : ولا يخدعنك قول المجبرة إن المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار، فإن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم، وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روي لهم بعض الثوابت عن ابن عمرو : ليأتينّ على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد. ثم قال : وأقول : ما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث. انتهى.
وأقول : أما الطعن على من قال بخروج أهل الكبائر من النار، فالقائل بذلك يا مسكين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صح عنه في دواوين الإسلام التي هي دفاتر السنة المطهرة، وكما صحّ عنه في غيرها من طريق جماعة من الصحابة يبلغون عدد التواتر ؛ فمالك والطعن على قوم عرفوا ما جهلته، وعملوا بما أنت عنه في مسافة بعيدة، وأيّ مانع من حمل الاستثناء على هذا الذي جاءت به الأدلة الصحيحة الكثيرة، كما ذهب إلى ذلك وقال به جمهور العلماء من السلف والخلف.
وأما ما ظننته من أن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم، ويسجل بافترائهم، فلا مناداة ولا مخالفة، وأيّ : مانع من حمل الاستثناء في الموضعين على العصاة من هذه الأمة، فالاستثناء الأوّل : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من خروج العصاة من هذه الأمة من النار، والاستثناء الثاني : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من عدم خلودهم في الجنة كما يخلد غيرهم، وذلك لتأخر خلودهم إليها مقدار المدّة التي لبثوا فيها في النار. وقد قال بهذا من أهل العلم من قدّمنا ذكره، وبه قال ابن عباس حبر الأمة. وأما الطعن على صاحب رسول الله، وحافظ سنته، وعابد الصحابة، عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، فإلى أين يا محمود، أتدري ما صنعت، وفي أيّ واد وقعت، وعلى أي جنب سقطت ؟ ومن أنت حتى تصعد إلى هذا المكان، وتتناول نجوم السماء بيديك القصيرة، ورجلك العرجاء، أما كان لك في مكسري طلبتك من أهل النحو واللغة ما يردك عن الدخول فيما لا تعرف، والتكلم بما لا تدري، فيا لله العجب ما يفعل القصور في علم الرواية، والبعد عن معرفتها إلى أبعد مكان من الفضيحة لمن لم يعرف قدر نفسه، ولا أوقفها حيث أوقفها الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد، في قوله :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخرة ﴾ يقول : إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الآخرة كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ ذلك يَوْم مَجْمُوع لَهُ الناس وذلك يَوْم مَشْهُود ﴾ قال : يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ يَوْمَ يَأْتِ ﴾ قال : ذلك اليوم. وأخرج الترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن عمر بن الخطاب، قال : لما نزلت ﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾ قلت : يا رسول الله، فعلام نعمل، على شيء قد فرغ منه، أو على شيء لم يفرغ منه ؟ قال :«بل على شيء قد فرغ منه، وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كلّ ميسر لما خلق له» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس قال : هاتان من المخبآت، قول الله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾ و﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا ﴾ أما قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيد ﴾ فهم قوم من أهل الكتاب من أهل هذه القبلة يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم، ثم يأذن في الشفاعة لهم، فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة، فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ حين أذن في الشفاعة لهم، وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة وهم هم ﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه ﴿ فَفِي الجنة خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ يعني : الذين كانوا في النار.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن قتادة أنه تلا هذه الآية :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ فقال : حدّثنا أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«يخرج قوم من النار ولا نقول كما قال أهل حروراء : إن من دخلها بقي فيها» وأخرج ابن مردويه، عن جابر، قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ إلى قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن شاء الله أن يخرج أناساً من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل» وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن خالد بن معدان في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : إنها في التوحيد من أهل القبلة. وأخرج عبد الرزاق، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله، أو عن أبي سعيد الخدري، أو رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : هذه الآية قاضية على القرآن كله، يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عن أبي نضرة، قال : ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية :﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّال لمَا يُرِيدُ ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَا دَامَتِ السموات والأرض ﴾ قال : لكل جنة سماء وأرض. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، نحوه أيضاً. وأخرج البيهقي في البعث والنشور، عن ابن عباس في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار، وأن يخلد هؤلاء في الجنة.
وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : استثنى الله من النار أن تأكلهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في الآية قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ﴾ إلى آخر الآية، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها، وأوجب لهم خلود الأبد. وقوله :﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ الآية. قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ جنات ﴾ إلى قوله :﴿ ظِلاًّ ظَلِيلاً ﴾ فأوجب لهم خلود الأبد.
وأخرج ابن المنذر، عن الحسن، قال : قال عمر : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج، لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه. وأخرج إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة قال :" سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ الآية ". وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن إبراهيم، قال :" ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية ﴿ خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ ". قال : وقال ابن مسعود :" ليأتينّ عليها زمان تخفق أبوابها ". وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال :" جهنم أسرع الدارين عمراناً وأسرعهما خراباً. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : الله أعلم بتثنيته على ما وقعت. وقد روي عن جماعة من السلف مثل ما ذكره عمر، وأبو هريرة، وابن مسعود، كابن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبي سعيد من الصحابة، وعن أبي مجلز وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهما من التابعين. وورد في ذلك حديث في معجم الطبراني الكبير عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي، وإسناده ضعيف. ولقد تكلم صاحب الكشاف في هذا الموضع بما كان له في تركه سعة، وفي السكوت عنه غنى، فقال : ولا يخدعنك قول المجبرة إن المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار، فإن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم، وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روي لهم بعض الثوابت عن ابن عمرو : ليأتينّ على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد. ثم قال : وأقول : ما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث. انتهى.
وأقول : أما الطعن على من قال بخروج أهل الكبائر من النار، فالقائل بذلك يا مسكين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صح عنه في دواوين الإسلام التي هي دفاتر السنة المطهرة، وكما صحّ عنه في غيرها من طريق جماعة من الصحابة يبلغون عدد التواتر ؛ فمالك والطعن على قوم عرفوا ما جهلته، وعملوا بما أنت عنه في مسافة بعيدة، وأيّ مانع من حمل الاستثناء على هذا الذي جاءت به الأدلة الصحيحة الكثيرة، كما ذهب إلى ذلك وقال به جمهور العلماء من السلف والخلف.
وأما ما ظننته من أن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم، ويسجل بافترائهم، فلا مناداة ولا مخالفة، وأيّ : مانع من حمل الاستثناء في الموضعين على العصاة من هذه الأمة، فالاستثناء الأوّل : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من خروج العصاة من هذه الأمة من النار، والاستثناء الثاني : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من عدم خلودهم في الجنة كما يخلد غيرهم، وذلك لتأخر خلودهم إليها مقدار المدّة التي لبثوا فيها في النار. وقد قال بهذا من أهل العلم من قدّمنا ذكره، وبه قال ابن عباس حبر الأمة. وأما الطعن على صاحب رسول الله، وحافظ سنته، وعابد الصحابة، عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، فإلى أين يا محمود، أتدري ما صنعت، وفي أيّ واد وقعت، وعلى أي جنب سقطت ؟ ومن أنت حتى تصعد إلى هذا المكان، وتتناول نجوم السماء بيديك القصيرة، ورجلك العرجاء، أما كان لك في مكسري طلبتك من أهل النحو واللغة ما يردك عن الدخول فيما لا تعرف، والتكلم بما لا تدري، فيا لله العجب ما يفعل القصور في علم الرواية، والبعد عن معرفتها إلى أبعد مكان من الفضيحة لمن لم يعرف قدر نفسه، ولا أوقفها حيث أوقفها الله سبحانه.
والناس في قسم المنية بينهم | كالزرع منه قائم وحصيد |
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد، في قوله :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخرة ﴾ يقول : إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الآخرة كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ ذلك يَوْم مَجْمُوع لَهُ الناس وذلك يَوْم مَشْهُود ﴾ قال : يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ يَوْمَ يَأْتِ ﴾ قال : ذلك اليوم. وأخرج الترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن عمر بن الخطاب، قال : لما نزلت ﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾ قلت : يا رسول الله، فعلام نعمل، على شيء قد فرغ منه، أو على شيء لم يفرغ منه ؟ قال :«بل على شيء قد فرغ منه، وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كلّ ميسر لما خلق له» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس قال : هاتان من المخبآت، قول الله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾ و﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا ﴾ أما قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيد ﴾ فهم قوم من أهل الكتاب من أهل هذه القبلة يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم، ثم يأذن في الشفاعة لهم، فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة، فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ حين أذن في الشفاعة لهم، وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة وهم هم ﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه ﴿ فَفِي الجنة خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ يعني : الذين كانوا في النار.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن قتادة أنه تلا هذه الآية :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ فقال : حدّثنا أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«يخرج قوم من النار ولا نقول كما قال أهل حروراء : إن من دخلها بقي فيها» وأخرج ابن مردويه، عن جابر، قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ إلى قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن شاء الله أن يخرج أناساً من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل» وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن خالد بن معدان في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : إنها في التوحيد من أهل القبلة. وأخرج عبد الرزاق، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله، أو عن أبي سعيد الخدري، أو رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : هذه الآية قاضية على القرآن كله، يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عن أبي نضرة، قال : ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية :﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّال لمَا يُرِيدُ ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَا دَامَتِ السموات والأرض ﴾ قال : لكل جنة سماء وأرض. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، نحوه أيضاً. وأخرج البيهقي في البعث والنشور، عن ابن عباس في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار، وأن يخلد هؤلاء في الجنة.
وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : استثنى الله من النار أن تأكلهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في الآية قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ﴾ إلى آخر الآية، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها، وأوجب لهم خلود الأبد. وقوله :﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ الآية. قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ جنات ﴾ إلى قوله :﴿ ظِلاًّ ظَلِيلاً ﴾ فأوجب لهم خلود الأبد.
وأخرج ابن المنذر، عن الحسن، قال : قال عمر : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج، لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه. وأخرج إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة قال :" سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ الآية ". وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن إبراهيم، قال :" ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية ﴿ خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ ". قال : وقال ابن مسعود :" ليأتينّ عليها زمان تخفق أبوابها ". وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال :" جهنم أسرع الدارين عمراناً وأسرعهما خراباً. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : الله أعلم بتثنيته على ما وقعت. وقد روي عن جماعة من السلف مثل ما ذكره عمر، وأبو هريرة، وابن مسعود، كابن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبي سعيد من الصحابة، وعن أبي مجلز وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهما من التابعين. وورد في ذلك حديث في معجم الطبراني الكبير عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي، وإسناده ضعيف. ولقد تكلم صاحب الكشاف في هذا الموضع بما كان له في تركه سعة، وفي السكوت عنه غنى، فقال : ولا يخدعنك قول المجبرة إن المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار، فإن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم، وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روي لهم بعض الثوابت عن ابن عمرو : ليأتينّ على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد. ثم قال : وأقول : ما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث. انتهى.
وأقول : أما الطعن على من قال بخروج أهل الكبائر من النار، فالقائل بذلك يا مسكين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صح عنه في دواوين الإسلام التي هي دفاتر السنة المطهرة، وكما صحّ عنه في غيرها من طريق جماعة من الصحابة يبلغون عدد التواتر ؛ فمالك والطعن على قوم عرفوا ما جهلته، وعملوا بما أنت عنه في مسافة بعيدة، وأيّ مانع من حمل الاستثناء على هذا الذي جاءت به الأدلة الصحيحة الكثيرة، كما ذهب إلى ذلك وقال به جمهور العلماء من السلف والخلف.
وأما ما ظننته من أن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم، ويسجل بافترائهم، فلا مناداة ولا مخالفة، وأيّ : مانع من حمل الاستثناء في الموضعين على العصاة من هذه الأمة، فالاستثناء الأوّل : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من خروج العصاة من هذه الأمة من النار، والاستثناء الثاني : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من عدم خلودهم في الجنة كما يخلد غيرهم، وذلك لتأخر خلودهم إليها مقدار المدّة التي لبثوا فيها في النار. وقد قال بهذا من أهل العلم من قدّمنا ذكره، وبه قال ابن عباس حبر الأمة. وأما الطعن على صاحب رسول الله، وحافظ سنته، وعابد الصحابة، عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، فإلى أين يا محمود، أتدري ما صنعت، وفي أيّ واد وقعت، وعلى أي جنب سقطت ؟ ومن أنت حتى تصعد إلى هذا المكان، وتتناول نجوم السماء بيديك القصيرة، ورجلك العرجاء، أما كان لك في مكسري طلبتك من أهل النحو واللغة ما يردك عن الدخول فيما لا تعرف، والتكلم بما لا تدري، فيا لله العجب ما يفعل القصور في علم الرواية، والبعد عن معرفتها إلى أبعد مكان من الفضيحة لمن لم يعرف قدر نفسه، ولا أوقفها حيث أوقفها الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد، في قوله :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخرة ﴾ يقول : إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الآخرة كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ ذلك يَوْم مَجْمُوع لَهُ الناس وذلك يَوْم مَشْهُود ﴾ قال : يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ يَوْمَ يَأْتِ ﴾ قال : ذلك اليوم. وأخرج الترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن عمر بن الخطاب، قال : لما نزلت ﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾ قلت : يا رسول الله، فعلام نعمل، على شيء قد فرغ منه، أو على شيء لم يفرغ منه ؟ قال :«بل على شيء قد فرغ منه، وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كلّ ميسر لما خلق له» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس قال : هاتان من المخبآت، قول الله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾ و﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا ﴾ أما قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيد ﴾ فهم قوم من أهل الكتاب من أهل هذه القبلة يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم، ثم يأذن في الشفاعة لهم، فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة، فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ حين أذن في الشفاعة لهم، وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة وهم هم ﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه ﴿ فَفِي الجنة خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ يعني : الذين كانوا في النار.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن قتادة أنه تلا هذه الآية :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ فقال : حدّثنا أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«يخرج قوم من النار ولا نقول كما قال أهل حروراء : إن من دخلها بقي فيها» وأخرج ابن مردويه، عن جابر، قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ إلى قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن شاء الله أن يخرج أناساً من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل» وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن خالد بن معدان في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : إنها في التوحيد من أهل القبلة. وأخرج عبد الرزاق، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله، أو عن أبي سعيد الخدري، أو رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : هذه الآية قاضية على القرآن كله، يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عن أبي نضرة، قال : ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية :﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّال لمَا يُرِيدُ ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَا دَامَتِ السموات والأرض ﴾ قال : لكل جنة سماء وأرض. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، نحوه أيضاً. وأخرج البيهقي في البعث والنشور، عن ابن عباس في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار، وأن يخلد هؤلاء في الجنة.
وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : استثنى الله من النار أن تأكلهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في الآية قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ﴾ إلى آخر الآية، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها، وأوجب لهم خلود الأبد. وقوله :﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ الآية. قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ جنات ﴾ إلى قوله :﴿ ظِلاًّ ظَلِيلاً ﴾ فأوجب لهم خلود الأبد.
وأخرج ابن المنذر، عن الحسن، قال : قال عمر : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج، لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه. وأخرج إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة قال :" سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ الآية ". وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن إبراهيم، قال :" ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية ﴿ خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ ". قال : وقال ابن مسعود :" ليأتينّ عليها زمان تخفق أبوابها ". وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال :" جهنم أسرع الدارين عمراناً وأسرعهما خراباً. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : الله أعلم بتثنيته على ما وقعت. وقد روي عن جماعة من السلف مثل ما ذكره عمر، وأبو هريرة، وابن مسعود، كابن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبي سعيد من الصحابة، وعن أبي مجلز وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهما من التابعين. وورد في ذلك حديث في معجم الطبراني الكبير عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي، وإسناده ضعيف. ولقد تكلم صاحب الكشاف في هذا الموضع بما كان له في تركه سعة، وفي السكوت عنه غنى، فقال : ولا يخدعنك قول المجبرة إن المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار، فإن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم، وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روي لهم بعض الثوابت عن ابن عمرو : ليأتينّ على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد. ثم قال : وأقول : ما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث. انتهى.
وأقول : أما الطعن على من قال بخروج أهل الكبائر من النار، فالقائل بذلك يا مسكين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صح عنه في دواوين الإسلام التي هي دفاتر السنة المطهرة، وكما صحّ عنه في غيرها من طريق جماعة من الصحابة يبلغون عدد التواتر ؛ فمالك والطعن على قوم عرفوا ما جهلته، وعملوا بما أنت عنه في مسافة بعيدة، وأيّ مانع من حمل الاستثناء على هذا الذي جاءت به الأدلة الصحيحة الكثيرة، كما ذهب إلى ذلك وقال به جمهور العلماء من السلف والخلف.
وأما ما ظننته من أن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم، ويسجل بافترائهم، فلا مناداة ولا مخالفة، وأيّ : مانع من حمل الاستثناء في الموضعين على العصاة من هذه الأمة، فالاستثناء الأوّل : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من خروج العصاة من هذه الأمة من النار، والاستثناء الثاني : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من عدم خلودهم في الجنة كما يخلد غيرهم، وذلك لتأخر خلودهم إليها مقدار المدّة التي لبثوا فيها في النار. وقد قال بهذا من أهل العلم من قدّمنا ذكره، وبه قال ابن عباس حبر الأمة. وأما الطعن على صاحب رسول الله، وحافظ سنته، وعابد الصحابة، عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، فإلى أين يا محمود، أتدري ما صنعت، وفي أيّ واد وقعت، وعلى أي جنب سقطت ؟ ومن أنت حتى تصعد إلى هذا المكان، وتتناول نجوم السماء بيديك القصيرة، ورجلك العرجاء، أما كان لك في مكسري طلبتك من أهل النحو واللغة ما يردك عن الدخول فيما لا تعرف، والتكلم بما لا تدري، فيا لله العجب ما يفعل القصور في علم الرواية، والبعد عن معرفتها إلى أبعد مكان من الفضيحة لمن لم يعرف قدر نفسه، ولا أوقفها حيث أوقفها الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد، في قوله :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخرة ﴾ يقول : إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الآخرة كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ ذلك يَوْم مَجْمُوع لَهُ الناس وذلك يَوْم مَشْهُود ﴾ قال : يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ يَوْمَ يَأْتِ ﴾ قال : ذلك اليوم. وأخرج الترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن عمر بن الخطاب، قال : لما نزلت ﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾ قلت : يا رسول الله، فعلام نعمل، على شيء قد فرغ منه، أو على شيء لم يفرغ منه ؟ قال :«بل على شيء قد فرغ منه، وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كلّ ميسر لما خلق له» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس قال : هاتان من المخبآت، قول الله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾ و﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا ﴾ أما قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيد ﴾ فهم قوم من أهل الكتاب من أهل هذه القبلة يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم، ثم يأذن في الشفاعة لهم، فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة، فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ حين أذن في الشفاعة لهم، وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة وهم هم ﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه ﴿ فَفِي الجنة خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ يعني : الذين كانوا في النار.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن قتادة أنه تلا هذه الآية :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ فقال : حدّثنا أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«يخرج قوم من النار ولا نقول كما قال أهل حروراء : إن من دخلها بقي فيها» وأخرج ابن مردويه، عن جابر، قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ إلى قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن شاء الله أن يخرج أناساً من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل» وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن خالد بن معدان في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : إنها في التوحيد من أهل القبلة. وأخرج عبد الرزاق، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله، أو عن أبي سعيد الخدري، أو رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : هذه الآية قاضية على القرآن كله، يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عن أبي نضرة، قال : ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية :﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّال لمَا يُرِيدُ ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَا دَامَتِ السموات والأرض ﴾ قال : لكل جنة سماء وأرض. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، نحوه أيضاً. وأخرج البيهقي في البعث والنشور، عن ابن عباس في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار، وأن يخلد هؤلاء في الجنة.
وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : استثنى الله من النار أن تأكلهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في الآية قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ﴾ إلى آخر الآية، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها، وأوجب لهم خلود الأبد. وقوله :﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ الآية. قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ جنات ﴾ إلى قوله :﴿ ظِلاًّ ظَلِيلاً ﴾ فأوجب لهم خلود الأبد.
وأخرج ابن المنذر، عن الحسن، قال : قال عمر : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج، لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه. وأخرج إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة قال :" سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ الآية ". وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن إبراهيم، قال :" ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية ﴿ خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ ". قال : وقال ابن مسعود :" ليأتينّ عليها زمان تخفق أبوابها ". وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال :" جهنم أسرع الدارين عمراناً وأسرعهما خراباً. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : الله أعلم بتثنيته على ما وقعت. وقد روي عن جماعة من السلف مثل ما ذكره عمر، وأبو هريرة، وابن مسعود، كابن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبي سعيد من الصحابة، وعن أبي مجلز وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهما من التابعين. وورد في ذلك حديث في معجم الطبراني الكبير عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي، وإسناده ضعيف. ولقد تكلم صاحب الكشاف في هذا الموضع بما كان له في تركه سعة، وفي السكوت عنه غنى، فقال : ولا يخدعنك قول المجبرة إن المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار، فإن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم، وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روي لهم بعض الثوابت عن ابن عمرو : ليأتينّ على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد. ثم قال : وأقول : ما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث. انتهى.
وأقول : أما الطعن على من قال بخروج أهل الكبائر من النار، فالقائل بذلك يا مسكين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صح عنه في دواوين الإسلام التي هي دفاتر السنة المطهرة، وكما صحّ عنه في غيرها من طريق جماعة من الصحابة يبلغون عدد التواتر ؛ فمالك والطعن على قوم عرفوا ما جهلته، وعملوا بما أنت عنه في مسافة بعيدة، وأيّ مانع من حمل الاستثناء على هذا الذي جاءت به الأدلة الصحيحة الكثيرة، كما ذهب إلى ذلك وقال به جمهور العلماء من السلف والخلف.
وأما ما ظننته من أن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم، ويسجل بافترائهم، فلا مناداة ولا مخالفة، وأيّ : مانع من حمل الاستثناء في الموضعين على العصاة من هذه الأمة، فالاستثناء الأوّل : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من خروج العصاة من هذه الأمة من النار، والاستثناء الثاني : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من عدم خلودهم في الجنة كما يخلد غيرهم، وذلك لتأخر خلودهم إليها مقدار المدّة التي لبثوا فيها في النار. وقد قال بهذا من أهل العلم من قدّمنا ذكره، وبه قال ابن عباس حبر الأمة. وأما الطعن على صاحب رسول الله، وحافظ سنته، وعابد الصحابة، عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، فإلى أين يا محمود، أتدري ما صنعت، وفي أيّ واد وقعت، وعلى أي جنب سقطت ؟ ومن أنت حتى تصعد إلى هذا المكان، وتتناول نجوم السماء بيديك القصيرة، ورجلك العرجاء، أما كان لك في مكسري طلبتك من أهل النحو واللغة ما يردك عن الدخول فيما لا تعرف، والتكلم بما لا تدري، فيا لله العجب ما يفعل القصور في علم الرواية، والبعد عن معرفتها إلى أبعد مكان من الفضيحة لمن لم يعرف قدر نفسه، ولا أوقفها حيث أوقفها الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد، في قوله :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخرة ﴾ يقول : إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الآخرة كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ ذلك يَوْم مَجْمُوع لَهُ الناس وذلك يَوْم مَشْهُود ﴾ قال : يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ يَوْمَ يَأْتِ ﴾ قال : ذلك اليوم. وأخرج الترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن عمر بن الخطاب، قال : لما نزلت ﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾ قلت : يا رسول الله، فعلام نعمل، على شيء قد فرغ منه، أو على شيء لم يفرغ منه ؟ قال :«بل على شيء قد فرغ منه، وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كلّ ميسر لما خلق له» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس قال : هاتان من المخبآت، قول الله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾ و﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا ﴾ أما قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيد ﴾ فهم قوم من أهل الكتاب من أهل هذه القبلة يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم، ثم يأذن في الشفاعة لهم، فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة، فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ حين أذن في الشفاعة لهم، وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة وهم هم ﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه ﴿ فَفِي الجنة خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ يعني : الذين كانوا في النار.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن قتادة أنه تلا هذه الآية :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ فقال : حدّثنا أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«يخرج قوم من النار ولا نقول كما قال أهل حروراء : إن من دخلها بقي فيها» وأخرج ابن مردويه، عن جابر، قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ إلى قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن شاء الله أن يخرج أناساً من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل» وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن خالد بن معدان في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : إنها في التوحيد من أهل القبلة. وأخرج عبد الرزاق، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله، أو عن أبي سعيد الخدري، أو رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : هذه الآية قاضية على القرآن كله، يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عن أبي نضرة، قال : ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية :﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّال لمَا يُرِيدُ ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَا دَامَتِ السموات والأرض ﴾ قال : لكل جنة سماء وأرض. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، نحوه أيضاً. وأخرج البيهقي في البعث والنشور، عن ابن عباس في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار، وأن يخلد هؤلاء في الجنة.
وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : استثنى الله من النار أن تأكلهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في الآية قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ﴾ إلى آخر الآية، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها، وأوجب لهم خلود الأبد. وقوله :﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ الآية. قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ جنات ﴾ إلى قوله :﴿ ظِلاًّ ظَلِيلاً ﴾ فأوجب لهم خلود الأبد.
وأخرج ابن المنذر، عن الحسن، قال : قال عمر : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج، لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه. وأخرج إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة قال :" سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ الآية ". وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن إبراهيم، قال :" ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية ﴿ خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ ". قال : وقال ابن مسعود :" ليأتينّ عليها زمان تخفق أبوابها ". وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال :" جهنم أسرع الدارين عمراناً وأسرعهما خراباً. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : الله أعلم بتثنيته على ما وقعت. وقد روي عن جماعة من السلف مثل ما ذكره عمر، وأبو هريرة، وابن مسعود، كابن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبي سعيد من الصحابة، وعن أبي مجلز وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهما من التابعين. وورد في ذلك حديث في معجم الطبراني الكبير عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي، وإسناده ضعيف. ولقد تكلم صاحب الكشاف في هذا الموضع بما كان له في تركه سعة، وفي السكوت عنه غنى، فقال : ولا يخدعنك قول المجبرة إن المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار، فإن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم، وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روي لهم بعض الثوابت عن ابن عمرو : ليأتينّ على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد. ثم قال : وأقول : ما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث. انتهى.
وأقول : أما الطعن على من قال بخروج أهل الكبائر من النار، فالقائل بذلك يا مسكين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صح عنه في دواوين الإسلام التي هي دفاتر السنة المطهرة، وكما صحّ عنه في غيرها من طريق جماعة من الصحابة يبلغون عدد التواتر ؛ فمالك والطعن على قوم عرفوا ما جهلته، وعملوا بما أنت عنه في مسافة بعيدة، وأيّ مانع من حمل الاستثناء على هذا الذي جاءت به الأدلة الصحيحة الكثيرة، كما ذهب إلى ذلك وقال به جمهور العلماء من السلف والخلف.
وأما ما ظننته من أن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم، ويسجل بافترائهم، فلا مناداة ولا مخالفة، وأيّ : مانع من حمل الاستثناء في الموضعين على العصاة من هذه الأمة، فالاستثناء الأوّل : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من خروج العصاة من هذه الأمة من النار، والاستثناء الثاني : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من عدم خلودهم في الجنة كما يخلد غيرهم، وذلك لتأخر خلودهم إليها مقدار المدّة التي لبثوا فيها في النار. وقد قال بهذا من أهل العلم من قدّمنا ذكره، وبه قال ابن عباس حبر الأمة. وأما الطعن على صاحب رسول الله، وحافظ سنته، وعابد الصحابة، عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، فإلى أين يا محمود، أتدري ما صنعت، وفي أيّ واد وقعت، وعلى أي جنب سقطت ؟ ومن أنت حتى تصعد إلى هذا المكان، وتتناول نجوم السماء بيديك القصيرة، ورجلك العرجاء، أما كان لك في مكسري طلبتك من أهل النحو واللغة ما يردك عن الدخول فيما لا تعرف، والتكلم بما لا تدري، فيا لله العجب ما يفعل القصور في علم الرواية، والبعد عن معرفتها إلى أبعد مكان من الفضيحة لمن لم يعرف قدر نفسه، ولا أوقفها حيث أوقفها الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد، في قوله :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخرة ﴾ يقول : إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الآخرة كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ ذلك يَوْم مَجْمُوع لَهُ الناس وذلك يَوْم مَشْهُود ﴾ قال : يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ يَوْمَ يَأْتِ ﴾ قال : ذلك اليوم. وأخرج الترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن عمر بن الخطاب، قال : لما نزلت ﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾ قلت : يا رسول الله، فعلام نعمل، على شيء قد فرغ منه، أو على شيء لم يفرغ منه ؟ قال :«بل على شيء قد فرغ منه، وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كلّ ميسر لما خلق له» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس قال : هاتان من المخبآت، قول الله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾ و﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا ﴾ أما قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيد ﴾ فهم قوم من أهل الكتاب من أهل هذه القبلة يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم، ثم يأذن في الشفاعة لهم، فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة، فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ حين أذن في الشفاعة لهم، وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة وهم هم ﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه ﴿ فَفِي الجنة خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ يعني : الذين كانوا في النار.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن قتادة أنه تلا هذه الآية :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ فقال : حدّثنا أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«يخرج قوم من النار ولا نقول كما قال أهل حروراء : إن من دخلها بقي فيها» وأخرج ابن مردويه، عن جابر، قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ إلى قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن شاء الله أن يخرج أناساً من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل» وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن خالد بن معدان في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : إنها في التوحيد من أهل القبلة. وأخرج عبد الرزاق، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله، أو عن أبي سعيد الخدري، أو رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : هذه الآية قاضية على القرآن كله، يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عن أبي نضرة، قال : ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية :﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّال لمَا يُرِيدُ ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَا دَامَتِ السموات والأرض ﴾ قال : لكل جنة سماء وأرض. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، نحوه أيضاً. وأخرج البيهقي في البعث والنشور، عن ابن عباس في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار، وأن يخلد هؤلاء في الجنة.
وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : استثنى الله من النار أن تأكلهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في الآية قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ﴾ إلى آخر الآية، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها، وأوجب لهم خلود الأبد. وقوله :﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ الآية. قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ جنات ﴾ إلى قوله :﴿ ظِلاًّ ظَلِيلاً ﴾ فأوجب لهم خلود الأبد.
وأخرج ابن المنذر، عن الحسن، قال : قال عمر : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج، لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه. وأخرج إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة قال :" سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ الآية ". وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن إبراهيم، قال :" ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية ﴿ خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ ". قال : وقال ابن مسعود :" ليأتينّ عليها زمان تخفق أبوابها ". وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال :" جهنم أسرع الدارين عمراناً وأسرعهما خراباً. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : الله أعلم بتثنيته على ما وقعت. وقد روي عن جماعة من السلف مثل ما ذكره عمر، وأبو هريرة، وابن مسعود، كابن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبي سعيد من الصحابة، وعن أبي مجلز وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهما من التابعين. وورد في ذلك حديث في معجم الطبراني الكبير عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي، وإسناده ضعيف. ولقد تكلم صاحب الكشاف في هذا الموضع بما كان له في تركه سعة، وفي السكوت عنه غنى، فقال : ولا يخدعنك قول المجبرة إن المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار، فإن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم، وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روي لهم بعض الثوابت عن ابن عمرو : ليأتينّ على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد. ثم قال : وأقول : ما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث. انتهى.
وأقول : أما الطعن على من قال بخروج أهل الكبائر من النار، فالقائل بذلك يا مسكين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صح عنه في دواوين الإسلام التي هي دفاتر السنة المطهرة، وكما صحّ عنه في غيرها من طريق جماعة من الصحابة يبلغون عدد التواتر ؛ فمالك والطعن على قوم عرفوا ما جهلته، وعملوا بما أنت عنه في مسافة بعيدة، وأيّ مانع من حمل الاستثناء على هذا الذي جاءت به الأدلة الصحيحة الكثيرة، كما ذهب إلى ذلك وقال به جمهور العلماء من السلف والخلف.
وأما ما ظننته من أن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم، ويسجل بافترائهم، فلا مناداة ولا مخالفة، وأيّ : مانع من حمل الاستثناء في الموضعين على العصاة من هذه الأمة، فالاستثناء الأوّل : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من خروج العصاة من هذه الأمة من النار، والاستثناء الثاني : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من عدم خلودهم في الجنة كما يخلد غيرهم، وذلك لتأخر خلودهم إليها مقدار المدّة التي لبثوا فيها في النار. وقد قال بهذا من أهل العلم من قدّمنا ذكره، وبه قال ابن عباس حبر الأمة. وأما الطعن على صاحب رسول الله، وحافظ سنته، وعابد الصحابة، عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، فإلى أين يا محمود، أتدري ما صنعت، وفي أيّ واد وقعت، وعلى أي جنب سقطت ؟ ومن أنت حتى تصعد إلى هذا المكان، وتتناول نجوم السماء بيديك القصيرة، ورجلك العرجاء، أما كان لك في مكسري طلبتك من أهل النحو واللغة ما يردك عن الدخول فيما لا تعرف، والتكلم بما لا تدري، فيا لله العجب ما يفعل القصور في علم الرواية، والبعد عن معرفتها إلى أبعد مكان من الفضيحة لمن لم يعرف قدر نفسه، ولا أوقفها حيث أوقفها الله سبحانه.
كفاك كف ما تليق درهما | جوداً وأخرى تعط بالسيف الدما |
وقيل : لا تكلم بحجة ولا شفاعة ﴿ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ﴾ سبحانه لها في التكلم بذلك، وقد جمع بين هذا وبين قوله :﴿ هذا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾ باختلاف أحوالهم باختلاف مواقف القيامة. وقد تكرّر مثل هذا الجمع في مواضع ﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾ أي : من الأنفس شقيّ، ومنهم سعيد. فالشقيّ : من كتبت عليه الشقاوة، والسعيد : من كتبت له السعادة، وتقديم الشقيّ على السعيد لأن المقام مقام تحذير.
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد، في قوله :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخرة ﴾ يقول : إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الآخرة كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ ذلك يَوْم مَجْمُوع لَهُ الناس وذلك يَوْم مَشْهُود ﴾ قال : يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ يَوْمَ يَأْتِ ﴾ قال : ذلك اليوم. وأخرج الترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن عمر بن الخطاب، قال : لما نزلت ﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾ قلت : يا رسول الله، فعلام نعمل، على شيء قد فرغ منه، أو على شيء لم يفرغ منه ؟ قال :«بل على شيء قد فرغ منه، وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كلّ ميسر لما خلق له» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس قال : هاتان من المخبآت، قول الله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾ و﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا ﴾ أما قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيد ﴾ فهم قوم من أهل الكتاب من أهل هذه القبلة يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم، ثم يأذن في الشفاعة لهم، فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة، فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ حين أذن في الشفاعة لهم، وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة وهم هم ﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه ﴿ فَفِي الجنة خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ يعني : الذين كانوا في النار.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن قتادة أنه تلا هذه الآية :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ فقال : حدّثنا أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«يخرج قوم من النار ولا نقول كما قال أهل حروراء : إن من دخلها بقي فيها» وأخرج ابن مردويه، عن جابر، قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ إلى قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن شاء الله أن يخرج أناساً من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل» وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن خالد بن معدان في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : إنها في التوحيد من أهل القبلة. وأخرج عبد الرزاق، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله، أو عن أبي سعيد الخدري، أو رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : هذه الآية قاضية على القرآن كله، يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عن أبي نضرة، قال : ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية :﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّال لمَا يُرِيدُ ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَا دَامَتِ السموات والأرض ﴾ قال : لكل جنة سماء وأرض. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، نحوه أيضاً. وأخرج البيهقي في البعث والنشور، عن ابن عباس في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار، وأن يخلد هؤلاء في الجنة.
وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : استثنى الله من النار أن تأكلهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في الآية قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ﴾ إلى آخر الآية، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها، وأوجب لهم خلود الأبد. وقوله :﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ الآية. قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ جنات ﴾ إلى قوله :﴿ ظِلاًّ ظَلِيلاً ﴾ فأوجب لهم خلود الأبد.
وأخرج ابن المنذر، عن الحسن، قال : قال عمر : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج، لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه. وأخرج إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة قال :" سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ الآية ". وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن إبراهيم، قال :" ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية ﴿ خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ ". قال : وقال ابن مسعود :" ليأتينّ عليها زمان تخفق أبوابها ". وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال :" جهنم أسرع الدارين عمراناً وأسرعهما خراباً. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : الله أعلم بتثنيته على ما وقعت. وقد روي عن جماعة من السلف مثل ما ذكره عمر، وأبو هريرة، وابن مسعود، كابن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبي سعيد من الصحابة، وعن أبي مجلز وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهما من التابعين. وورد في ذلك حديث في معجم الطبراني الكبير عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي، وإسناده ضعيف. ولقد تكلم صاحب الكشاف في هذا الموضع بما كان له في تركه سعة، وفي السكوت عنه غنى، فقال : ولا يخدعنك قول المجبرة إن المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار، فإن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم، وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روي لهم بعض الثوابت عن ابن عمرو : ليأتينّ على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد. ثم قال : وأقول : ما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث. انتهى.
وأقول : أما الطعن على من قال بخروج أهل الكبائر من النار، فالقائل بذلك يا مسكين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صح عنه في دواوين الإسلام التي هي دفاتر السنة المطهرة، وكما صحّ عنه في غيرها من طريق جماعة من الصحابة يبلغون عدد التواتر ؛ فمالك والطعن على قوم عرفوا ما جهلته، وعملوا بما أنت عنه في مسافة بعيدة، وأيّ مانع من حمل الاستثناء على هذا الذي جاءت به الأدلة الصحيحة الكثيرة، كما ذهب إلى ذلك وقال به جمهور العلماء من السلف والخلف.
وأما ما ظننته من أن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم، ويسجل بافترائهم، فلا مناداة ولا مخالفة، وأيّ : مانع من حمل الاستثناء في الموضعين على العصاة من هذه الأمة، فالاستثناء الأوّل : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من خروج العصاة من هذه الأمة من النار، والاستثناء الثاني : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من عدم خلودهم في الجنة كما يخلد غيرهم، وذلك لتأخر خلودهم إليها مقدار المدّة التي لبثوا فيها في النار. وقد قال بهذا من أهل العلم من قدّمنا ذكره، وبه قال ابن عباس حبر الأمة. وأما الطعن على صاحب رسول الله، وحافظ سنته، وعابد الصحابة، عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، فإلى أين يا محمود، أتدري ما صنعت، وفي أيّ واد وقعت، وعلى أي جنب سقطت ؟ ومن أنت حتى تصعد إلى هذا المكان، وتتناول نجوم السماء بيديك القصيرة، ورجلك العرجاء، أما كان لك في مكسري طلبتك من أهل النحو واللغة ما يردك عن الدخول فيما لا تعرف، والتكلم بما لا تدري، فيا لله العجب ما يفعل القصور في علم الرواية، والبعد عن معرفتها إلى أبعد مكان من الفضيحة لمن لم يعرف قدر نفسه، ولا أوقفها حيث أوقفها الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد، في قوله :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخرة ﴾ يقول : إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الآخرة كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ ذلك يَوْم مَجْمُوع لَهُ الناس وذلك يَوْم مَشْهُود ﴾ قال : يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ يَوْمَ يَأْتِ ﴾ قال : ذلك اليوم. وأخرج الترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن عمر بن الخطاب، قال : لما نزلت ﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾ قلت : يا رسول الله، فعلام نعمل، على شيء قد فرغ منه، أو على شيء لم يفرغ منه ؟ قال :«بل على شيء قد فرغ منه، وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كلّ ميسر لما خلق له» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس قال : هاتان من المخبآت، قول الله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾ و﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا ﴾ أما قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيد ﴾ فهم قوم من أهل الكتاب من أهل هذه القبلة يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم، ثم يأذن في الشفاعة لهم، فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة، فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ حين أذن في الشفاعة لهم، وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة وهم هم ﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه ﴿ فَفِي الجنة خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ يعني : الذين كانوا في النار.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن قتادة أنه تلا هذه الآية :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ فقال : حدّثنا أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«يخرج قوم من النار ولا نقول كما قال أهل حروراء : إن من دخلها بقي فيها» وأخرج ابن مردويه، عن جابر، قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ إلى قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن شاء الله أن يخرج أناساً من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل» وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن خالد بن معدان في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : إنها في التوحيد من أهل القبلة. وأخرج عبد الرزاق، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله، أو عن أبي سعيد الخدري، أو رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : هذه الآية قاضية على القرآن كله، يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عن أبي نضرة، قال : ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية :﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّال لمَا يُرِيدُ ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَا دَامَتِ السموات والأرض ﴾ قال : لكل جنة سماء وأرض. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، نحوه أيضاً. وأخرج البيهقي في البعث والنشور، عن ابن عباس في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار، وأن يخلد هؤلاء في الجنة.
وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : استثنى الله من النار أن تأكلهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في الآية قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ﴾ إلى آخر الآية، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها، وأوجب لهم خلود الأبد. وقوله :﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ الآية. قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ جنات ﴾ إلى قوله :﴿ ظِلاًّ ظَلِيلاً ﴾ فأوجب لهم خلود الأبد.
وأخرج ابن المنذر، عن الحسن، قال : قال عمر : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج، لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه. وأخرج إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة قال :" سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ الآية ". وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن إبراهيم، قال :" ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية ﴿ خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ ". قال : وقال ابن مسعود :" ليأتينّ عليها زمان تخفق أبوابها ". وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال :" جهنم أسرع الدارين عمراناً وأسرعهما خراباً. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : الله أعلم بتثنيته على ما وقعت. وقد روي عن جماعة من السلف مثل ما ذكره عمر، وأبو هريرة، وابن مسعود، كابن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبي سعيد من الصحابة، وعن أبي مجلز وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهما من التابعين. وورد في ذلك حديث في معجم الطبراني الكبير عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي، وإسناده ضعيف. ولقد تكلم صاحب الكشاف في هذا الموضع بما كان له في تركه سعة، وفي السكوت عنه غنى، فقال : ولا يخدعنك قول المجبرة إن المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار، فإن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم، وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روي لهم بعض الثوابت عن ابن عمرو : ليأتينّ على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد. ثم قال : وأقول : ما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث. انتهى.
وأقول : أما الطعن على من قال بخروج أهل الكبائر من النار، فالقائل بذلك يا مسكين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صح عنه في دواوين الإسلام التي هي دفاتر السنة المطهرة، وكما صحّ عنه في غيرها من طريق جماعة من الصحابة يبلغون عدد التواتر ؛ فمالك والطعن على قوم عرفوا ما جهلته، وعملوا بما أنت عنه في مسافة بعيدة، وأيّ مانع من حمل الاستثناء على هذا الذي جاءت به الأدلة الصحيحة الكثيرة، كما ذهب إلى ذلك وقال به جمهور العلماء من السلف والخلف.
وأما ما ظننته من أن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم، ويسجل بافترائهم، فلا مناداة ولا مخالفة، وأيّ : مانع من حمل الاستثناء في الموضعين على العصاة من هذه الأمة، فالاستثناء الأوّل : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من خروج العصاة من هذه الأمة من النار، والاستثناء الثاني : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من عدم خلودهم في الجنة كما يخلد غيرهم، وذلك لتأخر خلودهم إليها مقدار المدّة التي لبثوا فيها في النار. وقد قال بهذا من أهل العلم من قدّمنا ذكره، وبه قال ابن عباس حبر الأمة. وأما الطعن على صاحب رسول الله، وحافظ سنته، وعابد الصحابة، عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، فإلى أين يا محمود، أتدري ما صنعت، وفي أيّ واد وقعت، وعلى أي جنب سقطت ؟ ومن أنت حتى تصعد إلى هذا المكان، وتتناول نجوم السماء بيديك القصيرة، ورجلك العرجاء، أما كان لك في مكسري طلبتك من أهل النحو واللغة ما يردك عن الدخول فيما لا تعرف، والتكلم بما لا تدري، فيا لله العجب ما يفعل القصور في علم الرواية، والبعد عن معرفتها إلى أبعد مكان من الفضيحة لمن لم يعرف قدر نفسه، ولا أوقفها حيث أوقفها الله سبحانه.
وقد اختلف العلماء في بيان معنى هذا التوقيت، لأنه قد علم بالأدلة القطعية تأييد عذاب الكفار في النار، وعدم انقطاعه عنهم، وثبت أيضاً أن السموات والأرض تذهب عند انقضاء أيام الدنيا، فقالت طائفة : إن هذا الإخبار جار على ما كانت العرب تعتاده إذا أرادوا المبالغة في دوام الشيء، قالوا : هو دائم ما دامت السموات والأرض، ومنه قولهم : لا آتيك ما جنّ ليل، وما اختلف الليل والنهار، وما ناح الحمام ونحو ذلك. فيكون معنى الآية : أنهم خالدون فيها أبداً لا انقطاع لذلك ولا انتهاء له. وقيل : إن المراد : سموات الآخرة وأرضها، فقد ورد ما يدل على أن للآخرة سموات وأرضاً غير هذه الموجودة في الدنيا، وهي دائمة بدوام دار الآخرة، وأيضاً لا بدّ لهم من موضع يقلهم وآخر يظلهم، وهما أرض وسماء.
قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قد اختلف أهل العلم في معنى هذا الاستثناء على أقوال : الأوّل : أنه من قوله :﴿ فَفِي النار ﴾ كأنه قال : إلا ما شاء ربك من تأخير قوم عن ذلك. روى هذا أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري. الثاني : أن الاستثناء إنما هو للعصاة من الموحدين، وأنهم يخرجون بعد مدّة من النار، وعلى هذا يكون قوله سبحانه :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ عاماً في الكفرة والعصاة، ويكون الاستثناء من خالدين، وتكون ما بمعنى من، وبهذا قال قتادة، والضحاك، وأبو سنان، وغيرهم.
وقد ثبت بالأحاديث المتواترة تواتراً يفيد العلم الضروري بأنه يخرج من النار أهل التوحيد، فكان ذلك مخصصاً لكل عموم. الثالث : أن الاستثناء من الزفير والشهيق : أي لهم فيها زفير وشهيق ﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ من أنواع العذاب غير الزفير والشهيق، قاله ابن الأنباري. الرابع أن معنى الاستثناء : أنهم خالدون فيها ما دامت السموات والأرض، لا يموتون إلا ما شاء ربك، فإنه يأمر النار فتأكلهم حتى يفنوا، ثم يجدّد الله خلقهم، روي ذلك عن ابن مسعود. الخامس : أن إلا بمعنى سوى، والمعنى : ما دامت السموات والأرض سوى ما يتجاوز ذلك من الخلود، كأنه ذكر في خلودهم ما ليس عند العرب أطول منه، ثم زاد عليه الدوام الذي لا آخر له حكاه الزجاج. السادس : ما روي عن الفراء وابن الأنباري وابن قتيبة من أن هذا لا ينافي عدم المشيئة كقولك : والله لأضربنه إلا أن أرى غير ذلك، ونوقش هذا بأن معنى الآية الحكم بخلودهم إلا المدة التي شاء الله، فالمشيئة قد حصلت جزماً ؛ وقد حكي هذا القول الزجاج أيضاً. السابع : أن المعنى : خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك من مقدار موقفهم في [ قبورهم ] وللحساب، حكاه الزجاج أيضاً. الثامن : أن المعنى : خالدين فيها إلا ما شاء ربك من زيادة النعيم لأهل النعيم وزيادة العذاب لأهل الجحيم ؛ حكاه أيضاً الزجاج، واختاره الحكيم الترمذي. التاسع : أن إلا بمعنى الواو، قاله الفراء ؛ والمعنى : وما شاء ربك من الزيادة، قال مكي : وهذا القول بعيد عند البصريين أن تكون إلا بمعنى الواو. العاشر : أن إلا بمعنى الكاف، والتقدير : كما شاء ربك، ومنه قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مّنَ النساء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ ﴾ أي : كما قد سلف. الحادي عشر : أن هذا الاستثناء إنما هو على سبيل الاستثناء الذي ندب إليه الشارع في كل كلام، فهو على حدّ قوله :﴿ لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام إِن شَاء الله آمِنِينَ ﴾ روي نحو هذا عن أبي عبيد، وهذه الأقوال هي جملة ما وقفنا عليه من أقوال أهل العلم. وقد نوقش بعضها بمناقشات، ودفعت بدفوعات. وقد أوضحت ذلك في رسالة مستقلة جمعتها في جواب سؤال ورد من بعض الأعلام.
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد، في قوله :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخرة ﴾ يقول : إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الآخرة كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ ذلك يَوْم مَجْمُوع لَهُ الناس وذلك يَوْم مَشْهُود ﴾ قال : يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ يَوْمَ يَأْتِ ﴾ قال : ذلك اليوم. وأخرج الترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن عمر بن الخطاب، قال : لما نزلت ﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾ قلت : يا رسول الله، فعلام نعمل، على شيء قد فرغ منه، أو على شيء لم يفرغ منه ؟ قال :«بل على شيء قد فرغ منه، وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كلّ ميسر لما خلق له» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس قال : هاتان من المخبآت، قول الله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾ و﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا ﴾ أما قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيد ﴾ فهم قوم من أهل الكتاب من أهل هذه القبلة يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم، ثم يأذن في الشفاعة لهم، فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة، فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ حين أذن في الشفاعة لهم، وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة وهم هم ﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه ﴿ فَفِي الجنة خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ يعني : الذين كانوا في النار.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن قتادة أنه تلا هذه الآية :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ فقال : حدّثنا أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«يخرج قوم من النار ولا نقول كما قال أهل حروراء : إن من دخلها بقي فيها» وأخرج ابن مردويه، عن جابر، قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ إلى قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن شاء الله أن يخرج أناساً من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل» وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن خالد بن معدان في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : إنها في التوحيد من أهل القبلة. وأخرج عبد الرزاق، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله، أو عن أبي سعيد الخدري، أو رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : هذه الآية قاضية على القرآن كله، يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عن أبي نضرة، قال : ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية :﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّال لمَا يُرِيدُ ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَا دَامَتِ السموات والأرض ﴾ قال : لكل جنة سماء وأرض. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، نحوه أيضاً. وأخرج البيهقي في البعث والنشور، عن ابن عباس في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار، وأن يخلد هؤلاء في الجنة.
وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : استثنى الله من النار أن تأكلهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في الآية قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ﴾ إلى آخر الآية، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها، وأوجب لهم خلود الأبد. وقوله :﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ الآية. قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ جنات ﴾ إلى قوله :﴿ ظِلاًّ ظَلِيلاً ﴾ فأوجب لهم خلود الأبد.
وأخرج ابن المنذر، عن الحسن، قال : قال عمر : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج، لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه. وأخرج إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة قال :" سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ الآية ". وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن إبراهيم، قال :" ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية ﴿ خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ ". قال : وقال ابن مسعود :" ليأتينّ عليها زمان تخفق أبوابها ". وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال :" جهنم أسرع الدارين عمراناً وأسرعهما خراباً. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : الله أعلم بتثنيته على ما وقعت. وقد روي عن جماعة من السلف مثل ما ذكره عمر، وأبو هريرة، وابن مسعود، كابن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبي سعيد من الصحابة، وعن أبي مجلز وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهما من التابعين. وورد في ذلك حديث في معجم الطبراني الكبير عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي، وإسناده ضعيف. ولقد تكلم صاحب الكشاف في هذا الموضع بما كان له في تركه سعة، وفي السكوت عنه غنى، فقال : ولا يخدعنك قول المجبرة إن المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار، فإن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم، وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روي لهم بعض الثوابت عن ابن عمرو : ليأتينّ على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد. ثم قال : وأقول : ما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث. انتهى.
وأقول : أما الطعن على من قال بخروج أهل الكبائر من النار، فالقائل بذلك يا مسكين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صح عنه في دواوين الإسلام التي هي دفاتر السنة المطهرة، وكما صحّ عنه في غيرها من طريق جماعة من الصحابة يبلغون عدد التواتر ؛ فمالك والطعن على قوم عرفوا ما جهلته، وعملوا بما أنت عنه في مسافة بعيدة، وأيّ مانع من حمل الاستثناء على هذا الذي جاءت به الأدلة الصحيحة الكثيرة، كما ذهب إلى ذلك وقال به جمهور العلماء من السلف والخلف.
وأما ما ظننته من أن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم، ويسجل بافترائهم، فلا مناداة ولا مخالفة، وأيّ : مانع من حمل الاستثناء في الموضعين على العصاة من هذه الأمة، فالاستثناء الأوّل : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من خروج العصاة من هذه الأمة من النار، والاستثناء الثاني : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من عدم خلودهم في الجنة كما يخلد غيرهم، وذلك لتأخر خلودهم إليها مقدار المدّة التي لبثوا فيها في النار. وقد قال بهذا من أهل العلم من قدّمنا ذكره، وبه قال ابن عباس حبر الأمة. وأما الطعن على صاحب رسول الله، وحافظ سنته، وعابد الصحابة، عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، فإلى أين يا محمود، أتدري ما صنعت، وفي أيّ واد وقعت، وعلى أي جنب سقطت ؟ ومن أنت حتى تصعد إلى هذا المكان، وتتناول نجوم السماء بيديك القصيرة، ورجلك العرجاء، أما كان لك في مكسري طلبتك من أهل النحو واللغة ما يردك عن الدخول فيما لا تعرف، والتكلم بما لا تدري، فيا لله العجب ما يفعل القصور في علم الرواية، والبعد عن معرفتها إلى أبعد مكان من الفضيحة لمن لم يعرف قدر نفسه، ولا أوقفها حيث أوقفها الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد، في قوله :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخرة ﴾ يقول : إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الآخرة كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم. وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله :﴿ ذلك يَوْم مَجْمُوع لَهُ الناس وذلك يَوْم مَشْهُود ﴾ قال : يوم القيامة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد، مثله. وأخرج أبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ يَوْمَ يَأْتِ ﴾ قال : ذلك اليوم. وأخرج الترمذي وحسنه، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن عمر بن الخطاب، قال : لما نزلت ﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾ قلت : يا رسول الله، فعلام نعمل، على شيء قد فرغ منه، أو على شيء لم يفرغ منه ؟ قال :«بل على شيء قد فرغ منه، وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كلّ ميسر لما خلق له» وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس قال : هاتان من المخبآت، قول الله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾ و﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا ﴾ أما قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيد ﴾ فهم قوم من أهل الكتاب من أهل هذه القبلة يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم، ثم يأذن في الشفاعة لهم، فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة، فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ حين أذن في الشفاعة لهم، وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة وهم هم ﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه ﴿ فَفِي الجنة خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ يعني : الذين كانوا في النار.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن قتادة أنه تلا هذه الآية :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ فقال : حدّثنا أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«يخرج قوم من النار ولا نقول كما قال أهل حروراء : إن من دخلها بقي فيها» وأخرج ابن مردويه، عن جابر، قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ إلى قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن شاء الله أن يخرج أناساً من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل» وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن خالد بن معدان في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : إنها في التوحيد من أهل القبلة. وأخرج عبد الرزاق، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله، أو عن أبي سعيد الخدري، أو رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : هذه الآية قاضية على القرآن كله، يقول حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي عن أبي نضرة، قال : ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية :﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّال لمَا يُرِيدُ ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ مَا دَامَتِ السموات والأرض ﴾ قال : لكل جنة سماء وأرض. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ، نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الحسن، نحوه أيضاً. وأخرج البيهقي في البعث والنشور، عن ابن عباس في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار، وأن يخلد هؤلاء في الجنة.
وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : استثنى الله من النار أن تأكلهم. وأخرج أبو الشيخ، عن السديّ، في الآية قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ﴾ إلى آخر الآية، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها، وأوجب لهم خلود الأبد. وقوله :﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ الآية. قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل بالمدينة :﴿ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ جنات ﴾ إلى قوله :﴿ ظِلاًّ ظَلِيلاً ﴾ فأوجب لهم خلود الأبد.
وأخرج ابن المنذر، عن الحسن، قال : قال عمر : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج، لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه. وأخرج إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة قال :" سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ ﴿ فَأَمَّا الذين شَقُواْ ﴾ الآية ". وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن إبراهيم، قال :" ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية ﴿ خالدين فِيهَا مَا دَامَتِ السموات والأرض إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ ". قال : وقال ابن مسعود :" ليأتينّ عليها زمان تخفق أبوابها ". وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال :" جهنم أسرع الدارين عمراناً وأسرعهما خراباً. وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله :﴿ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ ﴾ قال : الله أعلم بتثنيته على ما وقعت. وقد روي عن جماعة من السلف مثل ما ذكره عمر، وأبو هريرة، وابن مسعود، كابن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبي سعيد من الصحابة، وعن أبي مجلز وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهما من التابعين. وورد في ذلك حديث في معجم الطبراني الكبير عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي، وإسناده ضعيف. ولقد تكلم صاحب الكشاف في هذا الموضع بما كان له في تركه سعة، وفي السكوت عنه غنى، فقال : ولا يخدعنك قول المجبرة إن المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار، فإن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم، وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روي لهم بعض الثوابت عن ابن عمرو : ليأتينّ على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد. ثم قال : وأقول : ما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث. انتهى.
وأقول : أما الطعن على من قال بخروج أهل الكبائر من النار، فالقائل بذلك يا مسكين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صح عنه في دواوين الإسلام التي هي دفاتر السنة المطهرة، وكما صحّ عنه في غيرها من طريق جماعة من الصحابة يبلغون عدد التواتر ؛ فمالك والطعن على قوم عرفوا ما جهلته، وعملوا بما أنت عنه في مسافة بعيدة، وأيّ مانع من حمل الاستثناء على هذا الذي جاءت به الأدلة الصحيحة الكثيرة، كما ذهب إلى ذلك وقال به جمهور العلماء من السلف والخلف.
وأما ما ظننته من أن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم، ويسجل بافترائهم، فلا مناداة ولا مخالفة، وأيّ : مانع من حمل الاستثناء في الموضعين على العصاة من هذه الأمة، فالاستثناء الأوّل : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من خروج العصاة من هذه الأمة من النار، والاستثناء الثاني : يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من عدم خلودهم في الجنة كما يخلد غيرهم، وذلك لتأخر خلودهم إليها مقدار المدّة التي لبثوا فيها في النار. وقد قال بهذا من أهل العلم من قدّمنا ذكره، وبه قال ابن عباس حبر الأمة. وأما الطعن على صاحب رسول الله، وحافظ سنته، وعابد الصحابة، عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، فإلى أين يا محمود، أتدري ما صنعت، وفي أيّ واد وقعت، وعلى أي جنب سقطت ؟ ومن أنت حتى تصعد إلى هذا المكان، وتتناول نجوم السماء بيديك القصيرة، ورجلك العرجاء، أما كان لك في مكسري طلبتك من أهل النحو واللغة ما يردك عن الدخول فيما لا تعرف، والتكلم بما لا تدري، فيا لله العجب ما يفعل القصور في علم الرواية، والبعد عن معرفتها إلى أبعد مكان من الفضيحة لمن لم يعرف قدر نفسه، ولا أوقفها حيث أوقفها الله سبحانه.
وَأَقُولُ: أَمَّا الطَّعْنُ عَلَى مَنْ قَالَ بِخُرُوجِ أَهِلِ الْكَبَائِرِ مِنَ النَّارِ، فَالْقَائِلُ بِذَلِكَ- يَا مسكين- رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا صَحَّ عَنْهُ فِي دَوَاوِينِ الْإِسْلَامِ الَّتِي هِيَ دَفَاتِرُ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَكَمَا صَحَّ عَنْهُ فِي غَيْرِهَا مِنْ طَرِيقِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصحابة يبلغون عدد التواتر فمالك وَالطَّعْنَ عَلَى قَوْمٍ عَرَفُوا مَا جَهِلْتَهُ وَعَمِلُوا بِمَا أَنْتَ عَنْهُ فِي مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ وَأَيُّ مَانِعٍ مِنْ حَمْلِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى هَذَا الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْأَدِلَّةُ الصَّحِيحَةُ الْكَثِيرَةُ كَمَا ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ وَقَالَ بِهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَأَمَّا مَا ظَنَنْتَهُ مِنْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ يُنَادِي عَلَى تَكْذِيبِهِمْ وَيُسَجِّلُ بِافْتِرَائِهِمْ فَلَا مُنَادَاةَ وَلَا مُخَالَفَةَ، وَأَيُّ مَانِعٍ مِنْ حَمْلِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى الْعُصَاةِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ. فَالِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَى إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ مِنْ خُرُوجِ الْعُصَاةِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ النَّارِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ الثَّانِي يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَى: إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ مِنْ عَدَمِ خُلُودِهِمْ فِي الْجَنَّةِ كَمَا يَخْلُدُ غَيْرُهُمْ، وَذَلِكَ لِتَأَخُّرِ خُلُودِهِمْ إِلَيْهَا مِقْدَارَ الْمُدَّةِ الَّتِي لَبِثُوا فِيهَا فِي النَّارِ وَقَدْ قَالَ بِهَذَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَبْرُ الْأُمَّةِ. وَأَمَّا الطَّعْنُ عَلَى صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ وَحَافِظِ سُنَّتِهِ وَعَابِدِ الصَّحَابَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِلَى أَيْنَ يَا مَحْمُودُ، أَتَدْرِي مَا صَنَعْتَ، وَفِي أَيِّ وَادٍ وَقَعْتَ، وَعَلَى أَيِّ جَنْبٍ سَقَطْتَ؟ وَمَنْ أَنْتَ حَتَّى تَصْعَدَ إلى هذا المكان وتتناول نجوم السماء بيدك الْقَصِيرَةِ وَرِجْلِكَ الْعَرْجَاءِ، أَمَا كَانَ لَكَ فِي مُكَسَّرِي طَلَبَتِكَ مِنْ أَهْلِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ مَا يَرُدُّكَ عَنِ الدُّخُولِ فِيمَا لَا تَعْرِفُ وَالتَّكَلُّمِ بِمَا لَا تَدْرِي، فَيَا لَلَّهِ الْعَجَبَ مَا يَفْعَلُ الْقُصُورُ فِي عِلْمِ الرِّوَايَةِ وَالْبُعْدُ عَنْ مَعْرِفَتِهَا إِلَى أَبْعَدِ مَكَانٍ مِنَ الْفَضِيحَةِ لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَ نَفْسِهِ وَلَا أَوْقَفَهَا حَيْثُ أوقفها الله سبحانه.
[سورة هود (١١) : الآيات ١٠٩ الى ١١٥]
فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (١٠٩) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١١٠) وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١١) فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (١١٣)
وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١١٥)
مِنَ الْقُرْآنِ إِنْ حُمِلَ عَلَى قَوْمِ محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، أَوْ مِنَ التَّوْرَاةِ إِنْ حُمِلَ عَلَى قَوْمِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالْمُرِيبُ: الْمُوقِعُ فِي الرِّيبَةِ. ثُمَّ جَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ فِي حُكْمِ تَوْفِيَةِ الْعَذَابِ لَهُمْ، أَوْ هُوَ وَالثَّوَابُ فَقَالَ: وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَإِنْ بِالتَّخْفِيفِ عَلَى أَنَّهَا إِنِ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ وَعَمِلَتْ فِي «كُلًّا»، النَّصْبَ، وَقَدْ جَوَّزَ عَمَلَهَا الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ، وَقَدْ جَوَّزَ الْبَصْرِيُّونَ تَخْفِيفَ إِنَّ مَعَ إِعْمَالِهَا، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْكِسَائِيُّ وَقَالَ: مَا أَدْرِي عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قُرِئَ وَإِنَّ كُلًّا؟ وَزَعَمَ الْفَرَّاءُ أَنَّ انْتِصَابَ كُلًّا بِقَوْلِهِ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ، وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ كُلًّا، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ جَمِيعُ النَّحْوِيِّينَ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِتَشْدِيدِ إِنَّ وَنَصَبُوا بِهَا كُلًّا. وَعَلَى كِلَا الْقِرَاءَتَيْنِ: فَالتَّنْوِينُ فِي كُلًّا عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، أَيْ: وَإِنَّ كُلَّ الْمُخْتَلِفِينَ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَابْنُ عَامِرٍ لَمَّا بِالتَّشْدِيدِ، وَخَفَّفَهَا الْبَاقُونَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: لَامُ لَمَّا لَامُ إِنَّ، وَمَا: زَائِدَةٌ مُؤَكِّدَةٌ،
لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ بَلْ هِيَ اسْمٌ دَخَلَتْ عَلَيْهَا لَامُ التَّوْكِيدِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنَّ كُلًّا لَمَنْ خَلَقَ. قِيلَ: وَهِيَ مُرَكَّبَةٌ، وَأَصْلُهَا: لَمَنْ مَا، فَقُلِبَتِ النُّونُ مِيمًا وَاجْتَمَعَتْ ثَلَاثُ مِيمَاتٍ فَحُذِفَتِ الْوُسْطَى، حَكَى ذَلِكَ النَّحَّاسُ عَنِ النَّحْوِيِّينَ. وَزَيَّفَ الزَّجَّاجُ هَذَا وَقَالَ: مَنِ اسْمٌ عَلَى حَرْفَيْنِ فَلَا يَجُوزُ حَذْفُ النُّونِ. وَذَهَبَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ إِلَى أَنَّ لَمَّا هَذِهِ بِمَعْنَى إِلَّا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ «٢» وَقَالَ الْمَازِنِيُّ: الْأَصْلُ لَمَا الْمُخَفَّفَةُ ثُمَّ ثُقِّلَتْ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهَذَا خَطَأٌ، إِنَّمَا يُخَفَّفُ الْمُثَقَّلُ وَلَا يُثَقَّلُ الْمُخَفَّفُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ:
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّشْدِيدُ مِنْ قَوْلِهِمْ لَمَمْتُ الشَّيْءَ أَلُمُّهُ: إِذَا جَمَعْتَهُ، ثُمَّ بَنَى مِنْهُ فَعْلَى كَمَا قُرِئَ ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا «٣» وَأَحْسَنُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّهَا بِمَعْنَى إِلَّا الِاسْتِثْنَائِيَّةِ. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَجَمِيعِ الْبَصْرِيِّينَ وَرَجَّحَهُ الزَّجَّاجُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي حَرْفِ أُبَيٍّ وَإِنَّ كُلًّا إِلَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ كَمَا حَكَاهُ أَبُو حَاتِمٍ عَنْهُ. وَقُرِئَ بِالتَّنْوِينِ:
أَيْ جَمِيعًا. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا بِتَخْفِيفِ إِنْ وَرَفْعِ كُلٌّ وَتَشْدِيدِ لَمَّا، وَتَكُونُ: إِنْ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ نَافِيَةً إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ أَيُّهَا الْمُخْتَلِفُونَ خَبِيرٌ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَالْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهَا، ثُمَّ أَمَرَ سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلِمَةٍ جَامِعَةٍ لِأَنْوَاعِ الطَّاعَةِ لَهُ سُبْحَانَهُ فَقَالَ فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ أَيْ: كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ، فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ جَمِيعُ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَجَمِيعُ مَا نَهَاهُ عَنْهُ، لِأَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُ بِتَجَنُّبِ مَا نَهَاهُ عَنْهُ، كَمَا أَمَرَهُ بِفِعْلِ مَا تَعَبَّدَهُ بِفِعْلِهِ، وَأُمَّتُهُ أُسْوَتُهُ فِي ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ: وَمَنْ تابَ مَعَكَ أَيْ: رَجَعَ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِسْلَامِ وَشَارَكَكَ فِي الْإِيمَانِ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي فَاسْتَقِمْ، لِأَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ يَقُومُ مَقَامَ التَّأْكِيدِ، أَيْ: وَلْيَسْتَقِمْ مَنْ تَابَ مَعَكَ وَمَا أَعْظَمَ مَوْقِعَ هَذِهِ الْآيَةِ وَأَشَدَّ أَمْرَهَا، فَإِنَّ الِاسْتِقَامَةَ- كَمَا أَمَرَ اللَّهُ- لَا تَقُومُ بِهَا إِلَّا الْأَنْفُسُ الْمُطَهَّرَةُ وَالذَّوَاتُ الْمُقَدَّسَةُ، وَلِهَذَا يَقُولُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «شَيَّبَتْنِي هُودٌ» كَمَا تَقَدَّمَ وَلا تَطْغَوْا الطُّغْيَانُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالِاسْتِقَامَةِ الْمَذْكُورَةِ بَيَّنَ أَنَّ الْغُلُوَّ فِي الْعِبَادَةِ وَالْإِفْرَاطَ فِي الطَّاعَةِ عَلَى وَجْهٍ تَخْرُجُ بِهِ عَنِ الْحَدِّ الَّذِي حَدَّهُ وَالْمِقْدَارِ الَّذِي قَدَّرَهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَذَلِكَ كَمَنْ يَصُومُ وَلَا يُفْطِرُ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ وَلَا يَنَامُ، وَيَتْرُكُ الْحَلَالَ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ بِهِ، وَرَغَّبَ فِيهِ، وَلِهَذَا يَقُولُ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ فِيمَا صَحَّ عَنْهُ «أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَقُومُ وَأَنَامُ، وَأَنْكِحُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»، والخطاب للنبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَلِأُمَّتِهِ تَغْلِيبًا لِحَالِهِمْ عَلَى حَالِهِ، أَوِ النَّهْيُ عَنِ الطُّغْيَانِ خَاصٌّ بِالْأُمَّةِ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ يُجَازِيكُمْ عَلَى حَسَبِ مَا تَسْتَحِقُّونَ، وَالْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهَا. قَوْلُهُ وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا. قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْكَافِ، وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا تَرْكَنُوا بِضَمِّ الْكَافِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ وَقَيْسٍ، قَالَ أَبُو عَمْرٍو: وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ هِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، قَالَ: وَلُغَةُ تَمِيمٍ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِ الْكَافِ، وَهُمْ يَكْسِرُونَ حَرْفَ الْمُضَارَعَةِ فِي كُلِّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ عَلِمَ يَعْلَمُ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْكَافِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنْ أَرْكَنَهُ. قَالَ فِي الصِّحَاحِ: رَكَنَ إِلَيْهِ يَرْكُنُ بِالضَّمِّ. وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ رَكِنَ إِلَيْهِ بِالْكَسْرِ يَرْكِنُ رُكُونًا فِيهِمَا، أَيْ: مَالَ إِلَيْهِ وَسَكَنَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَمَّا مَا حَكَى أَبُو زَيْدٍ رَكَنَ يَرْكَنُ بالفتح فيهما فإنما هو على الجمع
(٢). الطارق: ٤.
(٣). المؤمنون: ٤٤.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَيْضًا الْأَئِمَّةُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هَلْ هِيَ خَاصَّةٌ بِالْمُشْرِكِينَ أَوْ عَامَّةٌ؟ فَقِيلَ خَاصَّةٌ، وَإِنَّ مَعْنَى الْآيَةِ النَّهْيُ عَنِ الرُّكُونِ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، وَأَنَّهُمُ الْمُرَادُونَ بِالَّذِينِ ظَلَمُوا، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقِيلَ: إِنَّهَا عَامَّةٌ فِي الظَّلَمَةِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْآيَةِ: وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ سَبَبَ النُّزُولِ هُمُ الْمُشْرِكُونَ لَكَانَ الِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ. فَإِنْ قُلْتَ: وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَدِلَّةُ الصَّحِيحَةُ الْبَالِغَةُ عَدَدَ التَّوَاتُرِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُبُوتًا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى تَمَسُّكٍ بِالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ بِوُجُوبِ طَاعَةِ الْأَئِمَّةِ وَالسَّلَاطِينِ وَالْأُمَرَاءِ حَتَّى وَرَدَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الصَّحِيحِ: «أَطِيعُوا السُّلْطَانَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًا رَأْسُهُ كَالزَّبِيبَةِ». وَوَرَدَ وُجُوبُ طَاعَتِهِمْ مَا أَقَامُوا الصَّلَاةَ، وَمَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمُ الْكُفْرُ الْبَوَاحُ، وَمَا لَمْ يَأْمُرُوا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ. وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ وَإِنْ بَلَغُوا فِي الظُّلْمِ إِلَى أَعْلَى مَرَاتِبِهِ، وَفَعَلُوا أَعْظَمَ أَنْوَاعِهِ مِمَّا لَمْ يَخْرُجُوا بِهِ إِلَى الْكُفْرِ الْبَوَاحِ، فَإِنَّ طَاعَتَهُمْ وَاجِبَةٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَا أَمَرُوا بِهِ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْمُرُونَ بِهِ تَوَلِّي الْأَعْمَالِ لَهُمْ، وَالدُّخُولِ فِي الْمَنَاصِبِ الدِّينِيَّةِ الَّتِي لَيْسَ الدُّخُولُ فِيهَا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْمُرُونَ بِهِ الْجِهَادُ، وَأَخْذُ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ مِنَ الرَّعَايَا، وَإِقَامَةُ الشَّرِيعَةِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ مِنْهُمْ، وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَطَاعَتُهُمْ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ صَارَ تَحْتَ أَمْرِهِمْ وَنَهْيِهِمْ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُونَ بِهِ مِمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا بُدَّ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مِنَ الْمُخَالَطَةِ لَهُمْ وَالدُّخُولِ عَلَيْهِمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَا مَحِيصَ عَنْ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، مِنْ وُجُوبِ طَاعَتِهِمْ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ، لتواتر الأدلة الواردة به، بَلْ قَدْ وَرَدَ بِهِ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ «١» بَلْ وَرَدَ: أَنَّهُمْ يُعْطُونَ الَّذِي لَهُمْ مِنَ الطَّاعَةِ، وَإِنْ مَنَعُوا مَا هُوَ عَلَيْهِمْ لِلرَّعَايَا، كَمَا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ «أَعْطُوهُمُ الَّذِي لَهُمْ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ» بَلْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِطَاعَةِ السُّلْطَانِ، وَبَالَغَ فِي ذَلِكَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ حَتَّى قَالَ: «وَإِنْ أَخَذَ مَالَكَ وَضَرَبَ ظَهْرَكَ». فَإِنِ اعْتَبَرْنَا مُطْلَقَ الْمَيْلِ وَالسُّكُونِ فَمُجَرَّدُ هَذِهِ الطَّاعَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا مَعَ مَا تَسْتَلْزِمُهُ مِنَ الْمُخَالَطَةِ، هِيَ مَيْلٌ وَسُكُونٌ وَإِنِ اعْتَبَرْنَا الْمَيْلَ وَالسُّكُونَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَلَا يَتَنَاوَلُ النَّهْيُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَنْ مَالَ إِلَيْهِمْ فِي الظَّاهِرِ لِأَمْرٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ شَرْعًا كَالطَّاعَةِ، أَوْ لِلتَّقِيَّةِ وَمَخَافَةَ الضَّرَرِ مِنْهُمْ، أَوْ لِجَلْبِ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ أَوْ خَاصَّةٍ، أَوْ دَفْعِ مَفْسَدَةٍ عَامَّةٍ أو خاصة،
يَا مَالِكَ يَوْمِ الدِّينِ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، اجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ الْآمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ، النَّاهِينَ عَنِ الْمُنْكَرِ، الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ فِيكَ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَقَوِّنَا عَلَى ذَلِكَ وَيَسِّرْهُ لَنَا، وَأَعِنَّا عَلَيْهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ:
وَصُحْبَةُ الظَّالِمِ عَلَى التَّقِيَّةِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنَ النَّهْيِ بِحَالِ الِاضْطِرَارِ. انْتَهَى. وَقَالَ النَّيْسَابُورِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: الرُّكُونُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ الرِّضَا بِمَا عَلَيْهِ الظَّلَمَةُ، أَوْ تَحْسِينُ الطَّرِيقَةِ وَتَزْيِينِهَا عِنْدَ غَيْرِهِمْ، وَمُشَارَكَتِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ، فَأَمَّا مُدَاخَلَتُهُمْ لِرَفْعِ ضَرَرٍ وَاجْتِلَابِ مَنْفَعَةٍ عَاجِلَةٍ، فَغَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الرُّكُونِ. قَالَ:
وَأَقُولُ هَذَا مِنْ طَرِيقِ الْمَعَاشِ وَالرُّخْصَةِ، وَمُقْتَضَى التَّقْوَى هُوَ الِاجْتِنَابُ عَنْهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ «١» انْتَهَى.
قَوْلُهُ: فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ بِسَبَبِ الرُّكُونِ إِلَيْهِمْ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الظَّلَمَةَ أَهْلُ النَّارِ، أَوْ كَالنَّارِ، وَمُصَاحَبَةُ النَّارِ تُوجِبُ لَا مَحَالَةَ مَسَّ النَّارِ، وَجُمْلَةُ: وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ قَوْلِهِ: فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهَا تَمَسَّكُمُ النَّارُ حَالَ عَدَمِ وُجُودِ مَنْ يَنْصُرُكُمْ وَيُنْقِذُكُمْ مِنْهَا ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، إِذْ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ يُعَذِّبُكُمْ بِسَبَبِ الرُّكُونِ الَّذِي نُهِيتُمْ عَنْهُ فَلَمْ تَنْتَهُوا عِنَادًا وَتَمَرُّدًا. قَوْلُهُ: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الِاسْتِقَامَةَ خَصَّ مِنْ أَنْوَاعِهَا إِقَامَةَ الصَّلَاةِ لِكَوْنِهَا رَأْسَ الْإِيمَانِ، وَانْتِصَابُ: طَرَفَيِ النَّهَارِ، عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، وَالْمُرَادُ: صَلَاةُ الْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، وَهُمَا:
الْفَجْرُ وَالْعَصْرُ، وَقِيلَ: الظُّهْرُ مَوْضِعُ الْعَصْرِ، وَقِيلَ: الطَّرَفَانِ الصُّبْحُ وَالْمَغْرِبُ، وَقِيلَ: هُمَا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ.
وَرَجَّحَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّهُمَا الصُّبْحُ وَالْمَغْرِبُ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ الصُّبْحُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الطَّرَفَ الْآخَرَ الْمَغْرِبُ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ أَيْ: فِي زُلَفٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَالزُّلَفُ: الساعات القريبة
قَالَ الْأَخْفَشُ: مَعْنَى زُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ: صَلَاةُ اللَّيْلِ. إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ أَيْ: إِنَّ الْحَسَنَاتِ عَلَى الْعُمُومِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا بَلْ عِمَادُهَا الصَّلَاةُ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ عَلَى الْعُمُومِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالسَّيِّئَاتِ: الصغائر، ومعنى يذهبن السيئات: يكفرونها حَتَّى كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ إِلَى قَوْلِهِ: فَاسْتَقِمْ وَمَا بَعْدَهُ. وَقِيلَ: إِلَى الْقُرْآنِ. ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ: أَيْ: مَوْعِظَةً لِلْمُتَّعِظِينَ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أُمِرْتَ بِهِ مِنَ الِاسْتِقَامَةِ وَعَدَمِ الطُّغْيَانِ وَالرُّكُونِ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا، وَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ الصَّبْرُ:
عَلَى مَا أُمِرَ بِهِ دُونَ مَا نُهِيَ عَنْهُ، لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِي اجْتِنَابِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمَشَقَّةَ فِي اجْتِنَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَائِنَةٌ، وَعَلَى فَرْضِ كَوْنِهَا دُونَ مَشَقَّةِ امْتِثَالِ الْأَمْرِ، فَذَلِكَ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ مُطْلَقِ الْمَشَقَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ أَيْ: يُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ، وَلَا يُضِيعُ مِنْهَا شَيْئًا، فَلَا يُهْمِلُهُ، وَلَا يَبْخَسُهُ بِنَقْصٍ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ قَالَ: مَا قُدِّرَ لَهُمْ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ زَيْدٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: مِنَ الْعَذَابِ. وَأَخْرَجَا عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ. قَالَ: مِنَ الرِّزْقِ. وَأَخْرَجَا أَيْضًا عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ قَالَ: أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَسْتَقِيمَ عَلَى أَمْرِهِ، وَلَا يَطْغَى فِي نِعْمَتِهِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ سُفْيَانَ فِي الْآيَةِ قَالَ: اسْتَقِمْ عَلَى الْقُرْآنِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ:
لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ قَالَ: شَمِّرُوا، شَمِّرُوا، فَمَا رُؤِيَ ضَاحِكًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَمَنْ تابَ مَعَكَ قَالَ: آمَنَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ الْعَلَاءِ بن عبد الله ابن بَدْرٍ فِي قَوْلِهِ: وَلا تَطْغَوْا قَالَ: لَمْ يرد أصحاب النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ إِنَّمَا عَنَى: الَّذِينَ يَجِيئُونَ مِنْ بَعْدِهِمْ.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلا تَطْغَوْا يَقُولُ: لَا تَظْلِمُوا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قَالَ: الطُّغْيَانُ: خِلَافُ أَمْرِهِ، وَارْتِكَابُ مَعْصِيَتِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:
وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا قَالَ: يَعْنِي الرُّكُونَ إِلَى الشِّرْكِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ وَلا تَرْكَنُوا قَالَ: لَا تَمِيلُوا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: وَلا تَرْكَنُوا لَا تُدْهِنُوا.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: أَنْ تُطِيعُوهُمْ أَوْ تَوَدُّوهُمْ أَوْ تَصْطَنِعُوهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ قَالَ: صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْغَدَاةِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: صَلَاةَ الْعَتَمَةِ. وَأَخْرَجَا عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: هُمَا زُلْفَتَانِ: صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَصَلَاةُ الْعِشَاءِ. قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «هُمَا زُلْفَتَا اللَّيْلِ». وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الطَّرَفَيْنِ قَالَ: صَلَاةَ الْفَجْرِ، وصلاتي العشيّ:
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ وَلاَ تَطْغَوْا ﴾ يقول : لا تظلموا. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد، قال : الطغيان : خلاف أمره وارتكاب معصيته. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الذين ظَلَمُواْ ﴾ قال : يعني الركون إلى الشرك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه ﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ ﴾ قال : لا تميلوا. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال :﴿ وَلاَ تَرْكَنُوا ﴾ لا تدهنوا. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، في الآية قال : أن تطيعوهم أو تودّوهم أو تصطنعوهم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَي النهار ﴾ قال : صلاة المغرب والغداة ﴿ وَزُلَفاً منَ الليل ﴾ قال : صلاة العتمة. وأخرجا عن الحسن قال : الفجر والعصر ﴿ وَزُلَفاً منَ الليل ﴾ قال : هما زلفتان : صلاة المغرب وصلاة العشاء. قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«هما زلفتا الليل». وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد في الطرفين قال : صلاة الفجر، وصلاتي العشيّ : يعني الظهر والعصر ﴿ وَزُلَفاً مِنَ الليل ﴾ قال : المغرب والعشاء. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَزُلَفاً مِنَ الليل ﴾ قال : ساعة بعد ساعة، يعني صلاة العشاء الآخرة. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في سننه، عن ابن عباس أنه كان يستحبّ تأخير العشاء، ويقرأ ﴿ زلفاً من الليل ﴾.
وأخرج ابن جرير، ومحمد بن نصر، وابن مردويه، عن ابن مسعود، في قوله :﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ قال : الصلوات الخمس. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، ومحمد بن نصر، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ قال : الصلوات الخمس، والباقيات الصالحات : الصلوات الخمس. وأخرج البخاري ومسلم، وأهل السنن وغيرهم عن ابن مسعود : أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له كأنه يسأل عن كفارتها، فأنزلت عليه :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَي النهار وَزُلَفاً مِنَ الليل إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ فقال الرجل : يا رسول الله ألي هذه ؟ قال : هي لمن عمل بها من أمتي وأخرج أحمد، ومسلم، وأبو داود وغيرهم عن أبي أمامة : أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، أقم فيّ حدّ الله مرّة أو مرّتين، فأعرض عنه، ثم أقيمت الصلاة، فلما فرغ قال :" أين الرجل ؟ " قال : أنا ذا، قال " أتممت الوضوء وصليت معنا آنفاً ؟ " قال : نعم. قال : فإنك من خطيئتك كيوم ولدتك أمك فلا تعد "، وأنزل الله حينئذ على رسوله :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار ﴾. وفي الباب أحاديث كثيرة بألفاظ مختلفة، ووردت أحاديث أيضاً :" إن الصلوات الخمس كفارات لما بينهنّ " وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن، في قوله :﴿ ذلك ذكرى لِلذّاكِرِينَ ﴾ قال : هم الذين يذكرون الله في السرّاء والضرّاء، والشدّة والرخاء، والعافية والبلاء. وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج قال : لما نزع الذي قبل المرأة تذكر، فذلك قوله :﴿ ذكرى لِلذّاكِرِينَ ﴾.
وقرأ الباقون بتشديد ﴿ إن ﴾ ونصبوا بها كلا. وعلى كلا القراءتين فالتنوين في ﴿ كلا ﴾ عوض عن المضاف إليه : أي وإن كل المختلفين. وقرأ عاصم وحمزة وابن عامر ﴿ لما ﴾ بالتشديد، وخففها الباقون. قال الزجاج : لام لما لام إن، و ما زائدة مؤكدة، وقال الفراء : ما بمعنى من كقوله :﴿ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَيُبَطئَنَّ ﴾ أي : وإن كلاً لمن ليوفينهم ! وقيل : ليست بزائدة بل هي اسم دخلت عليها لام التوكيد، والتقدير : وإن كلاً لمن خلق. قيل : وهي مركبة، وأصلها لمن ما، فقلبت النون ميماً واجتمعت ثلاث ميمات، فحذفت الوسطى حكي ذلك النحاس عن النحويين. وزيف الزجاج هذا وقال : من اسم على حرفين فلا يجوز حذف النون. وذهب بعض النحويين إلى أن لما هذه بمعنى إلا، ومنه قوله تعالى :﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَمَا عَلَيْهَا حَافِظ ﴾ وقال المازني : الأصل لما المخففة ثم ثقلت. قال الزجاج : وهذا خطأ، إنما يخفف المثقل ولا يثقل المخفف. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : يجوز أن يكون التشديد من قولهم : لممت الشيء ألمه : إذا جمعته، ثم بنى منه فعلى كما قرئ :﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى ﴾ وأحسن هذه الأقوال أنها بمعنى إلا الاستثنائية. وقد روي ذلك عن الخليل، وسيبويه، وجميع البصريين، ورجحه الزجاج ويؤيده أن في حرف أبيّ «وإن كلا إلا ليوفينهم » كما حكاه أبو حاتم عنه. وقرئ بالتنوين : أي جميعاً. وقرأ الأعمش «وإن كل لما » بتخفيف إن ورفع كل وتشديد لما، وتكون إن على هذه القراءة نافية ﴿ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ أيها المختلفون ﴿ خَبِير ﴾ لا يخفى عليه منه شيء، والجملة تعليل لما قبلها.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ وَلاَ تَطْغَوْا ﴾ يقول : لا تظلموا. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد، قال : الطغيان : خلاف أمره وارتكاب معصيته. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الذين ظَلَمُواْ ﴾ قال : يعني الركون إلى الشرك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه ﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ ﴾ قال : لا تميلوا. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال :﴿ وَلاَ تَرْكَنُوا ﴾ لا تدهنوا. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، في الآية قال : أن تطيعوهم أو تودّوهم أو تصطنعوهم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَي النهار ﴾ قال : صلاة المغرب والغداة ﴿ وَزُلَفاً منَ الليل ﴾ قال : صلاة العتمة. وأخرجا عن الحسن قال : الفجر والعصر ﴿ وَزُلَفاً منَ الليل ﴾ قال : هما زلفتان : صلاة المغرب وصلاة العشاء. قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«هما زلفتا الليل». وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد في الطرفين قال : صلاة الفجر، وصلاتي العشيّ : يعني الظهر والعصر ﴿ وَزُلَفاً مِنَ الليل ﴾ قال : المغرب والعشاء. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَزُلَفاً مِنَ الليل ﴾ قال : ساعة بعد ساعة، يعني صلاة العشاء الآخرة. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في سننه، عن ابن عباس أنه كان يستحبّ تأخير العشاء، ويقرأ ﴿ زلفاً من الليل ﴾.
وأخرج ابن جرير، ومحمد بن نصر، وابن مردويه، عن ابن مسعود، في قوله :﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ قال : الصلوات الخمس. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، ومحمد بن نصر، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ قال : الصلوات الخمس، والباقيات الصالحات : الصلوات الخمس. وأخرج البخاري ومسلم، وأهل السنن وغيرهم عن ابن مسعود : أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له كأنه يسأل عن كفارتها، فأنزلت عليه :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَي النهار وَزُلَفاً مِنَ الليل إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ فقال الرجل : يا رسول الله ألي هذه ؟ قال : هي لمن عمل بها من أمتي وأخرج أحمد، ومسلم، وأبو داود وغيرهم عن أبي أمامة : أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، أقم فيّ حدّ الله مرّة أو مرّتين، فأعرض عنه، ثم أقيمت الصلاة، فلما فرغ قال :" أين الرجل ؟ " قال : أنا ذا، قال " أتممت الوضوء وصليت معنا آنفاً ؟ " قال : نعم. قال : فإنك من خطيئتك كيوم ولدتك أمك فلا تعد "، وأنزل الله حينئذ على رسوله :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار ﴾. وفي الباب أحاديث كثيرة بألفاظ مختلفة، ووردت أحاديث أيضاً :" إن الصلوات الخمس كفارات لما بينهنّ " وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن، في قوله :﴿ ذلك ذكرى لِلذّاكِرِينَ ﴾ قال : هم الذين يذكرون الله في السرّاء والضرّاء، والشدّة والرخاء، والعافية والبلاء. وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج قال : لما نزع الذي قبل المرأة تذكر، فذلك قوله :﴿ ذكرى لِلذّاكِرِينَ ﴾.
«أما أنا فأصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأنكح النساء ؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني » والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته تغليباً لحالهم على حاله، أو النهي عن الطغيان خاص بالأمة ﴿ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ يجازيكم على حسب ما تستحقون، والجملة تعليل لما قبلها.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ وَلاَ تَطْغَوْا ﴾ يقول : لا تظلموا. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد، قال : الطغيان : خلاف أمره وارتكاب معصيته. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الذين ظَلَمُواْ ﴾ قال : يعني الركون إلى الشرك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه ﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ ﴾ قال : لا تميلوا. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال :﴿ وَلاَ تَرْكَنُوا ﴾ لا تدهنوا. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، في الآية قال : أن تطيعوهم أو تودّوهم أو تصطنعوهم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَي النهار ﴾ قال : صلاة المغرب والغداة ﴿ وَزُلَفاً منَ الليل ﴾ قال : صلاة العتمة. وأخرجا عن الحسن قال : الفجر والعصر ﴿ وَزُلَفاً منَ الليل ﴾ قال : هما زلفتان : صلاة المغرب وصلاة العشاء. قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«هما زلفتا الليل». وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد في الطرفين قال : صلاة الفجر، وصلاتي العشيّ : يعني الظهر والعصر ﴿ وَزُلَفاً مِنَ الليل ﴾ قال : المغرب والعشاء. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَزُلَفاً مِنَ الليل ﴾ قال : ساعة بعد ساعة، يعني صلاة العشاء الآخرة. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في سننه، عن ابن عباس أنه كان يستحبّ تأخير العشاء، ويقرأ ﴿ زلفاً من الليل ﴾.
وأخرج ابن جرير، ومحمد بن نصر، وابن مردويه، عن ابن مسعود، في قوله :﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ قال : الصلوات الخمس. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، ومحمد بن نصر، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ قال : الصلوات الخمس، والباقيات الصالحات : الصلوات الخمس. وأخرج البخاري ومسلم، وأهل السنن وغيرهم عن ابن مسعود : أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له كأنه يسأل عن كفارتها، فأنزلت عليه :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَي النهار وَزُلَفاً مِنَ الليل إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ فقال الرجل : يا رسول الله ألي هذه ؟ قال : هي لمن عمل بها من أمتي وأخرج أحمد، ومسلم، وأبو داود وغيرهم عن أبي أمامة : أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، أقم فيّ حدّ الله مرّة أو مرّتين، فأعرض عنه، ثم أقيمت الصلاة، فلما فرغ قال :" أين الرجل ؟ " قال : أنا ذا، قال " أتممت الوضوء وصليت معنا آنفاً ؟ " قال : نعم. قال : فإنك من خطيئتك كيوم ولدتك أمك فلا تعد "، وأنزل الله حينئذ على رسوله :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار ﴾. وفي الباب أحاديث كثيرة بألفاظ مختلفة، ووردت أحاديث أيضاً :" إن الصلوات الخمس كفارات لما بينهنّ " وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن، في قوله :﴿ ذلك ذكرى لِلذّاكِرِينَ ﴾ قال : هم الذين يذكرون الله في السرّاء والضرّاء، والشدّة والرخاء، والعافية والبلاء. وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج قال : لما نزع الذي قبل المرأة تذكر، فذلك قوله :﴿ ذكرى لِلذّاكِرِينَ ﴾.
وقد اختلف أيضاً الأئمة من المفسرين في هذه الآية هل هي خاصة بالمشركين أو عامة ؟ فقيل خاصة، وإن معنى الآية النهي عن الركون إلى المشركين، وأنهم المرادون بالذين ظلموا، وقد روي ذلك عن ابن عباس.
وقيل : إنها عامة في الظلمة من غير فرق بين كافر ومسلم، وهذا هو الظاهر من الآية، ولو فرضنا أن سبب النزول هم المشركون، لكان الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. فإن قلت : وقد وردت الأدلة الصحيحة البالغة عدد التواتر الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبوتاً لا يخفى على من له أدنى تمسك بالسنة المطهرة، بوجوب طاعة الأئمة والسلاطين والأمراء حتى ورد في بعض ألفاظ الصحيح :«أطيعوا السلطان وإن كان عبداً حبشياً رأسه كالزبيبة ». وورد وجوب طاعتهم ما أقاموا الصلاة، وما لم يظهر منهم الكفر البواح، وما لم يأمروا بمعصية الله. وظاهر ذلك أنهم وإن بلغوا في الظلم إلى أعلى مراتبه، وفعلوا أعظم أنواعه مما لم يخرجوا به إلى الكفر البواح، فإن طاعتهم واجبة حيث لم يكن ما أمروا به من معصية الله ؛ ومن جملة ما يأمرون به تولي الأعمال لهم. والدخول في المناصب الدينية التي ليس الدخول فيها من معصية الله ؛ ومن جملة ما يأمرون به : الجهاد، وأخذ الحقوق الواجبة من الرعايا، وإقامة الشريعة بين المتخاصمين منهم، وإقامة الحدود على من وجبت عليه. وبالجملة، فطاعتهم واجبة على كل من صار تحت أمرهم ونهيهم في كل ما يأمرون به مما لم يكن من معصية الله، ولا بدّ في مثل ذلك من المخالطة لهم والدخول عليهم، ونحو ذلك مما لا بدّ منه، ولا محيص عن هذا الذي ذكرناه من وجوب طاعتهم بالقيود المذكورة، لتواتر الأدلة الواردة به، بل قد ورد به الكتاب العزيز :﴿ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول وَأُوْلِي الأمر مِنْكُمْ ﴾ بل ورد أنهم يعطون الذي لهم من الطاعة، وإن منعوا ما هو عليهم للرعايا كما في بعض الأحاديث الصحيحة :«أعطوهم الذي لهم، واسألوا الله الذي لكم » بل ورد الأمر بطاعة السلطان، وبالغ في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال :«وإن أخذ مالك وضرب ظهرك » فإن اعتبرنا مطلق الميل والسكون، فمجرّد هذه الطاعة المأمور بها مع ما تستلزمه من المخالطة هي ميل وسكون، وإن اعتبرنا الميل والسكون ظاهراً وباطناً فلا يتناول النهي في هذه الآية من مال إليهم في الظاهر، لأمر يقتضي ذلك شرعاً كالطاعة، أو للتقية ومخافة الضرر منهم، أو لجلب مصلحة عامة أو خاصة، أو دفع مفسدة عامة أو خاصة، إذا لم يكن له ميل إليهم في الباطن، ولا محبة، ولا رضا بأفعالهم. قلت : أما الطاعة على عمومها بجميع أقسامها حيث لم تكن في معصية الله، فهي على فرض صدق مسمى الركون عليها، مخصصة لعموم النهي عنه بأدلتها التي قدّمنا الإشارة إليها، ولا شك في هذا ولا ريب، فكل من أمروه ابتداء أن يدخل في شيء من الأعمال التي أمرها إليهم مما لم يكن من معصية الله، كالمناصب الدينية، ونحوها إذا وثق من نفسه بالقيام بما وكل إليه، فذلك واجب عليه فضلاً عن أن يقال جائز له.
وأما ما ورد من النهي عن الدخول في الإمارة، فذلك مقيد بعدم وقوع الأمر ممن تجب طاعته من الأئمة والسلاطين، والأمراء جمعاً بين الأدلة، أو مع ضعف المأمور عن القيام بما أمر به، كما ورد تعليل النهي عن الدخول في الإمارة بذلك في بعض الأحاديث الصحيحة، وأما مخالطتهم والدخول عليهم لجلب مصلحة عامة أو خاصة، أو دفع مفسدة عامة أو خاصة، مع كراهة ما هم عليه من الظلم، وعدم ميل النفس إليهم ومحبتها لهم، وكراهة المواصلة لهم لولا جلب تلك المصلحة أو دفع تلك المفسدة، فعلى فرض صدق مسمى الركون على هذا، فهو مخصص بالأدلة الدالة على مشروعية جلب المصالح ودفع المفاسد، والأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، ولا تخفى على الله خافية ؛ وبالجملة فمن ابتلي بمخالطة من فيه ظلم، فعليه أن يزن أقواله وأفعاله، وما يأتي وما يذر بميزان الشرع، فإن زاغ عن ذلك :«فعلى نفسها براقش تجني » ومن قدر على الفرار منهم قبل أن يؤمر من جهتهم بأمر يجب عليه طاعته، فهو الأولى له، والأليق به.
يا مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين، اجعلنا من عبادك الصالحين الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر الذين لا يخافون فيك لومة لائم، وقوّنا على ذلك ويسره لنا، وأعنا عليه. قال القرطبي في تفسيره : وصحبة الظالم على التقية مستثناة من النهي بحال الاضطرار. انتهى. وقال النيسابوري في تفسيره : قال المحققون : الركون المنهي عنه هو الرضا بما عليه الظلمة. أو تحسين الطريقة وتزيينها عند غيرهم، ومشاركتهم في شيء من تلك الأبواب ؛ فأما مداخلتهم لرفع ضرر واجتلاب منفعة عاجلة، فغير داخلة في الركون. قال : وأقول هذا من طريق المعاش والرخصة، ومقتضى التقوى هو الاجتناب عنهم بالكلية ﴿ أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ انتهى.
قوله :﴿ فَتَمَسَّكُمُ النار ﴾ بسبب الركون إليهم، وفيه إشارة إلى أن الظلمة أهل النار، أو كالنار، ومصاحبة النار توجب لا محالة مسّ النار، وجملة :﴿ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ الله مِنْ أَوْلِيَاء ﴾ في محل نصب على الحال من قوله : فتمسكم النار. والمعنى : أنها تمسكم النار حال عدم وجود من ينصركم، وينقذكم منها ﴿ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ﴾ من جهة الله سبحانه، إذ قد سبق في علمه أنه يعذبكم بسبب الركون الذي نهيتم عنه، فلم تنتهوا عناداً وتمرّداً.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ وَلاَ تَطْغَوْا ﴾ يقول : لا تظلموا. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد، قال : الطغيان : خلاف أمره وارتكاب معصيته. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الذين ظَلَمُواْ ﴾ قال : يعني الركون إلى الشرك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه ﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ ﴾ قال : لا تميلوا. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال :﴿ وَلاَ تَرْكَنُوا ﴾ لا تدهنوا. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، في الآية قال : أن تطيعوهم أو تودّوهم أو تصطنعوهم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَي النهار ﴾ قال : صلاة المغرب والغداة ﴿ وَزُلَفاً منَ الليل ﴾ قال : صلاة العتمة. وأخرجا عن الحسن قال : الفجر والعصر ﴿ وَزُلَفاً منَ الليل ﴾ قال : هما زلفتان : صلاة المغرب وصلاة العشاء. قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«هما زلفتا الليل». وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد في الطرفين قال : صلاة الفجر، وصلاتي العشيّ : يعني الظهر والعصر ﴿ وَزُلَفاً مِنَ الليل ﴾ قال : المغرب والعشاء. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَزُلَفاً مِنَ الليل ﴾ قال : ساعة بعد ساعة، يعني صلاة العشاء الآخرة. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في سننه، عن ابن عباس أنه كان يستحبّ تأخير العشاء، ويقرأ ﴿ زلفاً من الليل ﴾.
وأخرج ابن جرير، ومحمد بن نصر، وابن مردويه، عن ابن مسعود، في قوله :﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ قال : الصلوات الخمس. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، ومحمد بن نصر، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ قال : الصلوات الخمس، والباقيات الصالحات : الصلوات الخمس. وأخرج البخاري ومسلم، وأهل السنن وغيرهم عن ابن مسعود : أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له كأنه يسأل عن كفارتها، فأنزلت عليه :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَي النهار وَزُلَفاً مِنَ الليل إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ فقال الرجل : يا رسول الله ألي هذه ؟ قال : هي لمن عمل بها من أمتي وأخرج أحمد، ومسلم، وأبو داود وغيرهم عن أبي أمامة : أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، أقم فيّ حدّ الله مرّة أو مرّتين، فأعرض عنه، ثم أقيمت الصلاة، فلما فرغ قال :" أين الرجل ؟ " قال : أنا ذا، قال " أتممت الوضوء وصليت معنا آنفاً ؟ " قال : نعم. قال : فإنك من خطيئتك كيوم ولدتك أمك فلا تعد "، وأنزل الله حينئذ على رسوله :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار ﴾. وفي الباب أحاديث كثيرة بألفاظ مختلفة، ووردت أحاديث أيضاً :" إن الصلوات الخمس كفارات لما بينهنّ " وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن، في قوله :﴿ ذلك ذكرى لِلذّاكِرِينَ ﴾ قال : هم الذين يذكرون الله في السرّاء والضرّاء، والشدّة والرخاء، والعافية والبلاء. وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج قال : لما نزع الذي قبل المرأة تذكر، فذلك قوله :﴿ ذكرى لِلذّاكِرِينَ ﴾.
وقيل : الظهر موضع العصر، وقيل : الطرفان الصبح والمغرب. وقيل : هما الظهر والعصر. ورجح ابن جرير أنهما الصبح والمغرب، قال : والدليل عليه إجماع الجميع على أن أحد الطرفين الصبح، فدلّ على أن الطرف الآخر المغرب ﴿ وَزُلَفاً مِنَ الليل ﴾ أي : في زلف من الليل، والزلف : الساعات القريبة بعضها من بعض، ومنه سميت المزدلفة لأنها منزل بعد عرفة بقرب مكة، وقرأ ابن القعقاع وأبو إسحاق وغيرهما «زلفاً » بضم اللام جمع زليف، ويجوز أن يكون واحده زلفة. وقرأ ابن محيصن بإسكان اللام. وقرأ مجاهد :«نفي » مثل فعلي. وقرأ الباقون :«زلفاً » بفتح اللام كغرفة وغرف. قال ابن الأعرابي : الزلف الساعات واحدتها زلفة. وقال قوم : الزلفة أوّل ساعة من الليل بعد مغيب الشمس. قال الأخفش : معنى زلفاً من الليل : صلاة الليل ﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ أي : إن الحسنات على العموم، ومن جملتها بل عمادها الصلاة يذهبن السيئات على العموم. وقيل : المراد بالسيئات : الصغائر، ومعنى يذهبن السيئات : يكفرنها حتى كأنها لم تكن، والإشارة بقوله :﴿ ذلك ذكرى لِلذكِرِينَ ﴾ إلى قوله :﴿ فاستقم ﴾ وما بعده. وقيل : إلى القرآن ذكرى للذاكرين أي : موعظة للمتعظين.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ وَلاَ تَطْغَوْا ﴾ يقول : لا تظلموا. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد، قال : الطغيان : خلاف أمره وارتكاب معصيته. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الذين ظَلَمُواْ ﴾ قال : يعني الركون إلى الشرك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه ﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ ﴾ قال : لا تميلوا. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال :﴿ وَلاَ تَرْكَنُوا ﴾ لا تدهنوا. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، في الآية قال : أن تطيعوهم أو تودّوهم أو تصطنعوهم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَي النهار ﴾ قال : صلاة المغرب والغداة ﴿ وَزُلَفاً منَ الليل ﴾ قال : صلاة العتمة. وأخرجا عن الحسن قال : الفجر والعصر ﴿ وَزُلَفاً منَ الليل ﴾ قال : هما زلفتان : صلاة المغرب وصلاة العشاء. قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«هما زلفتا الليل». وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد في الطرفين قال : صلاة الفجر، وصلاتي العشيّ : يعني الظهر والعصر ﴿ وَزُلَفاً مِنَ الليل ﴾ قال : المغرب والعشاء. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَزُلَفاً مِنَ الليل ﴾ قال : ساعة بعد ساعة، يعني صلاة العشاء الآخرة. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في سننه، عن ابن عباس أنه كان يستحبّ تأخير العشاء، ويقرأ ﴿ زلفاً من الليل ﴾.
وأخرج ابن جرير، ومحمد بن نصر، وابن مردويه، عن ابن مسعود، في قوله :﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ قال : الصلوات الخمس. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، ومحمد بن نصر، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ قال : الصلوات الخمس، والباقيات الصالحات : الصلوات الخمس. وأخرج البخاري ومسلم، وأهل السنن وغيرهم عن ابن مسعود : أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له كأنه يسأل عن كفارتها، فأنزلت عليه :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَي النهار وَزُلَفاً مِنَ الليل إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ فقال الرجل : يا رسول الله ألي هذه ؟ قال : هي لمن عمل بها من أمتي وأخرج أحمد، ومسلم، وأبو داود وغيرهم عن أبي أمامة : أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، أقم فيّ حدّ الله مرّة أو مرّتين، فأعرض عنه، ثم أقيمت الصلاة، فلما فرغ قال :" أين الرجل ؟ " قال : أنا ذا، قال " أتممت الوضوء وصليت معنا آنفاً ؟ " قال : نعم. قال : فإنك من خطيئتك كيوم ولدتك أمك فلا تعد "، وأنزل الله حينئذ على رسوله :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار ﴾. وفي الباب أحاديث كثيرة بألفاظ مختلفة، ووردت أحاديث أيضاً :" إن الصلوات الخمس كفارات لما بينهنّ " وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن، في قوله :﴿ ذلك ذكرى لِلذّاكِرِينَ ﴾ قال : هم الذين يذكرون الله في السرّاء والضرّاء، والشدّة والرخاء، والعافية والبلاء. وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج قال : لما نزع الذي قبل المرأة تذكر، فذلك قوله :﴿ ذكرى لِلذّاكِرِينَ ﴾.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ وَلاَ تَطْغَوْا ﴾ يقول : لا تظلموا. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد، قال : الطغيان : خلاف أمره وارتكاب معصيته. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الذين ظَلَمُواْ ﴾ قال : يعني الركون إلى الشرك. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه ﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ ﴾ قال : لا تميلوا. وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عنه، أيضاً قال :﴿ وَلاَ تَرْكَنُوا ﴾ لا تدهنوا. وأخرج أبو الشيخ، عن عكرمة، في الآية قال : أن تطيعوهم أو تودّوهم أو تصطنعوهم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَي النهار ﴾ قال : صلاة المغرب والغداة ﴿ وَزُلَفاً منَ الليل ﴾ قال : صلاة العتمة. وأخرجا عن الحسن قال : الفجر والعصر ﴿ وَزُلَفاً منَ الليل ﴾ قال : هما زلفتان : صلاة المغرب وصلاة العشاء. قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«هما زلفتا الليل». وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد في الطرفين قال : صلاة الفجر، وصلاتي العشيّ : يعني الظهر والعصر ﴿ وَزُلَفاً مِنَ الليل ﴾ قال : المغرب والعشاء. وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله :﴿ وَزُلَفاً مِنَ الليل ﴾ قال : ساعة بعد ساعة، يعني صلاة العشاء الآخرة. وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في سننه، عن ابن عباس أنه كان يستحبّ تأخير العشاء، ويقرأ ﴿ زلفاً من الليل ﴾.
وأخرج ابن جرير، ومحمد بن نصر، وابن مردويه، عن ابن مسعود، في قوله :﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ قال : الصلوات الخمس. وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، ومحمد بن نصر، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس ﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ قال : الصلوات الخمس، والباقيات الصالحات : الصلوات الخمس. وأخرج البخاري ومسلم، وأهل السنن وغيرهم عن ابن مسعود : أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له كأنه يسأل عن كفارتها، فأنزلت عليه :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَي النهار وَزُلَفاً مِنَ الليل إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ فقال الرجل : يا رسول الله ألي هذه ؟ قال : هي لمن عمل بها من أمتي وأخرج أحمد، ومسلم، وأبو داود وغيرهم عن أبي أمامة : أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، أقم فيّ حدّ الله مرّة أو مرّتين، فأعرض عنه، ثم أقيمت الصلاة، فلما فرغ قال :" أين الرجل ؟ " قال : أنا ذا، قال " أتممت الوضوء وصليت معنا آنفاً ؟ " قال : نعم. قال : فإنك من خطيئتك كيوم ولدتك أمك فلا تعد "، وأنزل الله حينئذ على رسوله :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار ﴾. وفي الباب أحاديث كثيرة بألفاظ مختلفة، ووردت أحاديث أيضاً :" إن الصلوات الخمس كفارات لما بينهنّ " وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن، في قوله :﴿ ذلك ذكرى لِلذّاكِرِينَ ﴾ قال : هم الذين يذكرون الله في السرّاء والضرّاء، والشدّة والرخاء، والعافية والبلاء. وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج قال : لما نزع الذي قبل المرأة تذكر، فذلك قوله :﴿ ذكرى لِلذّاكِرِينَ ﴾.
وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ». وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَوَرَدَتْ أَحَادِيثُ أَيْضًا «إِنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ». وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ قَالَ: هُمُ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَالْعَافِيَةِ وَالْبَلَاءِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: لَمَّا نَزَعَ الَّذِي قَبَّلَ الْمَرْأَةَ تَذَّكَّرَ فَذَلِكَ قوله ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ.
[سورة هود (١١) : الآيات ١١٦ الى ١٢٣]
فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦) وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (١١٧) وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩) وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (١٢٠)
وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ (١٢١) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٢٢) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٢٣)
هَذَا عَوْدٌ إِلَى أَحْوَالِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ لِبَيَانِ أَنَّ سَبَبَ حُلُولِ عَذَابِ الِاسْتِئْصَالِ بِهِمْ: أَنَّهُ مَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَنْهَى عَنِ الْفَسَادِ وَيَأْمُرُ بالرشاد، فقال: فَلَوْلا أَيْ: فَهَلَّا كانَ مِنَ الْقُرُونِ الْكَائِنَةِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ مِنَ الرَّأْيِ وَالْعَقْلِ وَالدِّينِ يَنْهَوْنَ قَوْمَهُمْ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ وَيَمْنَعُونَهُمْ مِنْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ مِمَّنْ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ بَيْنَ جَوْدَةِ الْعَقْلِ، وَقُوَّةِ الدِّينِ، وَفِي هَذَا مِنَ التَّوْبِيخِ لِلْكُفَّارِ مَا لَا يَخْفَى، وَالْبَقِيَّةُ فِي الْأَصْلِ
هُوَ مُتَّصِلٌ، لِأَنَّ فِي حَرْفِ التَّحْضِيضِ مَعْنَى النَّفْيِ، فكأنه قال: ما كان في القرون أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ، وَمَنْ فِي مِمَّنْ أَنْجَيْنَا، بَيَانِيَّةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُنَجَّ إِلَّا النَّاهُونَ قِيلَ: هَؤُلَاءِ الْقَلِيلُ هُمْ قَوْمُ يُونُسَ لقوله فيما مر: إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ وَقِيلَ: هُمْ أَتْبَاعُ الْأَنْبِيَاءِ وَأَهْلُ الْحَقِّ مِنَ الْأُمَمِ عَلَى الْعُمُومِ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ معطوف على مقدّر الْكَلَامُ، تَقْدِيرُهُ: إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ نَهَوْا عَنِ الْفَسَادِ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا- بِسَبَبِ مُبَاشَرَتِهِمُ الْفَسَادَ وَتَرْكِهِمْ لِلنَّهْيِ عَنْهُ- مَا أُتْرِفُوا فِيهِ.
وَالْمُتْرَفُ: الَّذِي أَبْطَرَتْهُ النِّعْمَةُ، يُقَالُ صَبِيٌّ مُتْرَفٌ: مُنَعَّمُ الْبَدَنِ، أَيْ: صَارُوا تَابِعِينَ لِلنِّعَمِ الَّتِي صَارُوا بِهَا مُتْرَفِينَ مِنْ خِصْبِ الْعَيْشِ وَرَفَاهِيَةِ الْحَالِ وَسِعَةِ الرِّزْقِ، وَآثَرُوا ذَلِكَ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِأَعْمَالِ الْآخِرَةِ وَاسْتَغْرَقُوا أَعْمَارَهُمْ فِي الشَّهَوَاتِ النَّفْسَانِيَّةِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالَّذِينِ ظَلَمُوا تَارِكُو النَّهْيِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ خُرُوجَ مُبَاشِرِي الْفَسَادِ عَنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَهُمْ أَشَدُّ ظُلْمًا مِمَّنْ لَمْ يُبَاشِرْ، وَكَانَ ذَنْبُهُ تَرْكَ النَّهْيِ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَمَعْنَاهُ: أُتْبِعُوا جَزَاءَ مَا أُتْرِفُوا فِيهِ، وَجُمْلَةُ: وَكانُوا مُجْرِمِينَ مُتَضَمِّنَةٌ لِبَيَانِ سَبَبِ إِهْلَاكِهِمْ، وَهِيَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى أُتْرِفُوا، أَيْ: وَكَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أُتْبِعُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ مُجْرِمِينَ، وَالْإِجْرَامُ: الْأَثَامُ. وَالْمَعْنَى: إِنَّهُمْ أهل إجرام بسبب اتباعهم الشهوات بِهَا عَنِ الْأُمُورِ الَّتِي يَحِقُّ الِاشْتِغَالُ بِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ: وَكانُوا مُجْرِمِينَ مَعْطُوفَةً عَلَى وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيِ: اتَّبَعُوا شَهَوَاتِهِمْ وَكَانُوا بِذَلِكَ الِاتِّبَاعِ مُجْرِمِينَ وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ أَيْ: مَا صَحَّ وَلَا اسْتَقَامَ أَنْ يُهْلِكَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَهْلَ الْقُرَى بِظُلْمٍ يَتَلَبَّسُونَ بِهِ وَهُوَ الشِّرْكُ، وَالْحَالُ أَنَّ أَهْلَهَا مُصْلِحُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي تَعَاطِي الْحُقُوقِ لَا يَظْلِمُونَ النَّاسَ شَيْئًا، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَا يُهْلِكُهُمْ بِمُجَرَّدِ الشِّرْكِ وَحْدَهُ حَتَّى يَنْضَمَّ إِلَيْهِ الْفَسَادُ فِي الْأَرْضِ، كَمَا أَهْلَكَ قَوْمَ شُعَيْبٍ بِنَقْصِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ وَبَخْسِ النَّاسِ أَشْيَاءَهُمْ، وَأَهْلَكَ قَوْمَ لُوطٍ بِسَبَبِ ارْتِكَابِهِمْ لِلْفَاحِشَةِ الشَّنْعَاءِ وَقِيلَ: إِنَّ قَوْلَهُ: بِظُلْمٍ حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ. وَالْمَعْنَى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُهْلِكَ الْقُرَى ظَالِمًا لَهُمْ حَالَ كَوْنِهِمْ مُصْلِحِينَ غَيْرَ مُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ. وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ تَنْزِيهَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ صُدُورِ ذَلِكَ مِنْهُ بِلَا سَبَبٍ يُوجِبُهُ عَلَى تَصْوِيرِ ذَلِكَ بِصُورَةِ مَا يَسْتَحِيلُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَكَلُّ أَفْعَالِهِ كَائِنَةً مَا كَانَتْ لَا ظُلْمَ فِيهَا، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ أَحَدًا وَهُوَ يَظْلِمُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى نِهَايَةِ الصَّلَاحِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي مُلْكِهِ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً «١» وَقِيلَ الْمَعْنَى: وَمَا كَانَ لِيُهْلِكَهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَهُمْ مُصْلِحُونَ: أَيْ مُخْلِصُونَ فِي الْإِيمَانِ، فَالظُّلْمُ الْمَعَاصِي عَلَى هَذَا. وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً أَيْ: أَهْلَ دِينٍ وَاحِدٍ، إِمَّا أَهْلَ ضَلَالَةٍ، أَوْ أَهْلَ هُدًى وَقِيلَ مَعْنَاهُ: جَعَلَهُمْ مُجْتَمِعِينَ عَلَى الْحَقِّ غَيْرَ مُخْتَلِفِينَ فِيهِ، أَوْ مُجْتَمِعِينَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ دُونَ سَائِرِ الْأَدْيَانِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَشَأْ ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ، وَلِهَذَا قَالَ وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ فِي ذَاتِ بَيْنِهِمْ عَلَى أَدْيَانٍ شَتَّى، أَوْ لَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ فِي الْحَقِّ أَوْ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ: مُخْتَلِفِينَ فِي الرِّزْقِ: فَهَذَا غَنِيٌّ، وَهَذَا فَقِيرٌ.
كُلًّا ضَرَبْتُ الْقَوْمَ، وَالْأَنْبَاءُ: الْأَخْبَارُ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ أَيْ: مَا نَجْعَلُ بِهِ فُؤَادَكَ مُثَبَّتًا بِزِيَادَةِ يَقِينِهِ بِمَا قَصَصْنَاهُ عَلَيْكَ وَوُفُورِ طُمَأْنِينَتِهِ، لِأَنَّ تَكَاثُرَ الْأَدِلَّةِ أَثْبَتُ لِلْقَلْبِ وَأَرْسَخُ فِي النَّفْسِ وَأَقْوَى لِلْعِلْمِ، وَجُمْلَةُ مَا نُثَبِّتُ بَدَلٌ من أنباء الرسل، وهو بيان لكلا، ويجوز أن يكون ما نُثَبِّتُ مفعولا لنقصّ، وَيَكُونَ كُلًّا مَفْعُولًا مُطْلَقًا، وَالتَّقْدِيرُ: كُلُّ أُسْلُوبٍ مِنْ أَسَالِيبِ الِاقْتِصَاصِ نَقُصُّ عَلَيْكَ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ أَيْ: جَاءَكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، أَوْ فِي هَذِهِ الْأَنْبَاءِ الْبَرَاهِينُ الْقَاطِعَةُ الدَّالَّةُ عَلَى صِحَّةِ الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ وَمَوْعِظَةٌ يَتَّعِظُ بِهَا الْوَاقِفُ عَلَيْهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَذِكْرى يَتَذَكَّرُ بِهَا مَنْ تَفَكَّرَ فِيهَا مِنْهُمْ، وَخَصَّ الْمُؤْمِنِينَ لِكَوْنِهِمُ الْمُتَأَهِّلِينَ لِلِاتِّعَاظِ وَالتَّذَكُّرِ وَقِيلَ الْمَعْنَى: وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا الْحَقُّ، وَهُوَ النُّبُوَّةُ وَعَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ يَكُونُ تَخْصِيصُ هَذِهِ السُّورَةِ بِمَجِيءِ الْحَقِّ فِيهَا مَعَ كَوْنِهِ قَدْ جَاءَ فِي غَيْرِهَا مِنَ السُّورِ لِقَصْدِ بَيَانِ اشْتِمَالِهَا عَلَى ذَلِكَ، لَا بَيَانِ كَوْنِهِ مَوْجُودًا فِيهَا دُونَ غَيْرِهَا وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَذَا الْحَقِّ وَلَا يَتَّعِظُونَ وَلَا يَتَذَكَّرُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ عَلَى تَمَكُّنِكُمْ وَحَالِكُمْ وَجِهَتِكُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ إِنَّا عامِلُونَ عَلَى مَكَانَتِنَا وَحَالِنَا وَجِهَتِنَا مِنَ الْإِيمَانِ بِالْحَقِّ وَالِاتِّعَاظِ وَالتَّذَكُّرِ، وَفِي هَذَا تَشْدِيدٌ لِلْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ مَا لَا يَخْفَى. وَالْمَعْنَى: انْتَظِرُوا عَاقِبَةَ أَمْرِنَا فَإِنَّا مُنْتَظِرُونَ عَاقِبَةَ أَمْرِكُمْ وَمَا يَحُلُّ بِكُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَيْ عِلْمُ جَمِيعِ مَا هُوَ غَائِبٌ عَنِ الْعِبَادِ فِيهِمَا وَخَصَّ الْغَيْبَ مِنْ كَوْنِهِ يَعْلَمُ بِمَا هُوَ مَشْهُودٌ، كَمَا يَعْلَمُ بِمَا هُوَ مَغِيبٌ، لِكَوْنِهِ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَقِيلَ: إِنَّ غَيْبَ السموات وَالْأَرْضِ: نُزُولُ الْعَذَابِ مِنَ السَّمَاءِ، وَطُلُوعُهُ مِنَ الْأَرْضِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَضَافَ الْغَيْبَ إِلَى الْمَفْعُولِ تَوَسُّعًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجَازِي كُلًّا بِعَمَلِهِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَحَفَصٌ يُرْجَعُ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ كَافِيكَ كُلَّ ما تكره، ومعطيك كل ما تحبّ،
(٢). الإسراء: ١١٠.
(٣). يونس: ٥٨.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن مالك في قوله فَلَوْ قَالَ: فَهَلَّا. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أولو بَقِيَّةٍ وَأَحْلَامٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ يَسْتَقِلُّهُمْ اللَّهُ مِنْ كُلِّ قَوْمٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ قَالَ: فِي مُلْكِهِمْ وَتَجَبُّرِهِمْ وَتَرْكِهِمُ الْحَقَّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُتْرِفُوا فِيهِ أُبْطِرُوا فِيهِ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ وابن مردويه والديلمي عن جرير قَالَ:
«سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَهْلُهَا يُنْصِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا». وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْخَرَائِطِيُّ فِي مَسَاوِئِ الْأَخْلَاقِ مَوْقُوفًا عَلَى جَرِيرٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الضَّحَّاكِ وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً قَالَ: أَهْلَ دِينٍ وَاحِدٍ، أَهْلَ ضَلَالَةٍ، أَوْ أَهْلَ هُدًى. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ قَالَ: أَهْلُ الْحَقِّ وَأَهْلُ الْبَاطِلِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ قَالَ: أَهْلَ الْحَقِّ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ قَالَ: لِلرَّحْمَةِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ قَالَ: إِلَّا أَهْلَ رَحْمَتِهِ فإنهم لا يختلفون. وأخرج ابن أبي حَاتِمٍ عَنْهُ قَالَ: لَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ فِي الْأَهْوَاءِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ أَيِ: الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسُ وَالْحَنِيفِيَّةُ، وَهُمُ الَّذِينَ رَحِمَ رَبُّكَ الْحَنِيفِيَّةُ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ عَنِ الْحَسَنِ فِي الْآيَةِ قَالَ: النَّاسُ مُخْتَلِفُونَ عَلَى أَدْيَانٍ شَتَّى إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ، فَمَنْ رَحِمَ رَبُّكَ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ قَالَ: لِلِاخْتِلَافِ. وَأَخْرُجُ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ قَالَ: أَهْلُ الْبَاطِلِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ قَالَ: أَهْلَ الْحَقِّ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ قَالَ: لِلرَّحْمَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَا عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ فِي الرِّزْقِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ قَالَ: خَلَقَهُمْ فَرِيقَيْنِ فَرِيقًا يُرْحَمُ فَلَا يَخْتَلِفُ، وَفَرِيقًا لَا يُرْحَمُ يَخْتَلِفُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ. وأخرج جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ لِتَعْلَمَ يَا مُحَمَّدُ مَا لَقِيَتِ الرُّسُلُ قَبْلَكَ مِنْ أممهم. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد ابن مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ قَالَ: فِي هَذِهِ السُّورَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلَهُ أَيْضًا. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: فِي هَذِهِ الدُّنْيَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ
بحمد الله تعالى تمّ طبع الجزء الثاني، ويليه الجزء الثالث وأوّله: تفسير سورة يوسف عليه السلام
(بسم الله الرّحمن الرّحيم) تنبيه:
جرى المفسّر- رحمه الله- في ضبط ألفاظ القرآن الكريم في تفسيره هذا على رواية نافع مع تعرّضه للقراءات السّبع، وأثبتنا القرآن الكريم طبق رسم المصحف العثماني.
(بسم الله الرحمن الرحيم)
سورة يوسفوَهِيَ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا، وَقِيلَ: نَزَلَتْ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَقْتَ الْهِجْرَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَقَتَادَةُ:
إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ. وَأَخْرَجَ النَّحَّاسُ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ يُوسُفَ بِمَكَّةَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ: أَنَّهُ خَرَجَ هُوَ وَابْنُ خَالَتِهِ مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ حَتَّى قَدِمَا مَكَّةَ، وَذَكَرَ قِصَّةً، وَفِي آخِرِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علّمهما سورة يوسف، واقرأ باسم ربك، ثم رجعا. وأخرج البيهقي في الدلائل عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ حَبْرًا مِنَ الْيَهُودِ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَوَافَقَهُ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ يُوسُفَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ عَلَّمَكَهَا؟ قَالَ: اللَّهُ عَلَّمَنِيهَا، فَعَجِبَ الْحَبْرُ لِمَا سَمِعَ مِنْهُ، فَرَجَعَ إِلَى الْيَهُودِ، فَقَالَ لَهُمْ: وَاللَّهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَا أُنْزِلَ فِي التَّوْرَاةِ، فَانْطَلَقَ بِنَفَرٍ مِنْهُمْ حَتَّى دَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفُوهُ بِالصِّفَةِ، وَنَظَرُوا إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَجَعَلُوا سَمْعَهُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِ لِسُورَةِ يُوسُفَ فَتَعَجَّبُوا مِنْهُ، وَأَسْلَمُوا عِنْدَ ذَلِكَ». وَأَخْرَجَ الثَّعْلَبِيُّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «وعلّموا أَقَارِبَكُمْ سُورَةَ يُوسُفَ، فَإِنَّهُ أَيُّمَا مُسْلِمٌ تَلَاهَا، أَوْ عَلَّمَهَا أَهْلَهُ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَكَرَاتَ الْمَوْتِ، وَأَعْطَاهُ الْقُوَّةَ أَنْ لَا يَحْسُدَ مُسْلِمًا». وَفِي إِسْنَادِهِ سَلَامُ بْنُ سَالِمٍ، وَيُقَالُ ابْنُ سُلَيْمٍ الْمَدَائِنِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، عَنْ هَارُونَ بْنِ كَثِيرٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ، وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ مُتَابِعًا مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ كَثِيرٍ، وَمِنْ طَرِيقِ شَبَابَةَ عَنْ مجلز ابن عبد الواحد، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَهُوَ مُنْكَرٌ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلَاهُ عَلَيْهِمْ زَمَانًا، فَقَالُوا: لَوْ حَدَّثْتَنَا، فَنَزَلَ قوله تعالى- اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ «١» «٢» - قَالَ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَذَكَرَ اللَّهُ أَقَاصِيصَ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْقُرْآنِ، وَكَرَّرَهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ بِأَلْفَاظٍ مُتَبَايِنَةٍ عَلَى دَرَجَاتِ الْبَلَاغَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ قِصَّةَ يُوسُفَ وَلَمْ يُكَرِّرْهَا، فَلَمْ يَقْدِرْ مُخَالِفٌ عَلَى مُعَارَضَةِ مَا تَكَرَّرَ، وَلَا عَلَى معارضة غير المتكرّر.
(٢). الزمر: ٢٣.
وقيل : إن قوله :﴿ بِظُلْمٍ ﴾ حال من الفاعل. والمعنى : وما كان الله ليهلك القرى ظالماً هم حال كونهم مصلحين غير مفسدين في الأرض، ويكون المراد بالآية تنزيهه سبحانه وتعالى عن صدور ذلك منه بلا سبب يوجبه، على تصوير ذلك بصورة ما يستحيل منه، وإلا فكل أفعاله كائنة ما كانت لا ظلم فيها، فإنه سبحانه ليس بظلام للعبيد. قال الزجاج : يجوز أن يكون المعنى : وما كان ربك ليهلك أحداً وهو يظلمه، وإن كان على نهاية الصلاح، لأن تصرفه في ملكه، دليله قوله تعالى :﴿ إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ الناس شَيْئًا ﴾ وقيل : المعنى : وما كان ليهلكهم بذنوبهم وهم مصلحون : أي مخلصون في الإيمان، فالظلم المعاصي على هذا.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد ﴿ واتبع الذين ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ ﴾ قال : في ملكهم وتجبرهم، وتركهم الحق. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ من طريق ابن جريج، قال : قال ابن عباس : أترفوا فيه : أبطروا فيه.
وأخرج الطبراني، وأبو الشيخ، وابن مردويه، والديلمي عن جرير، قال :«سمعت رسول الله يسأل عن تفسير هذه الآية ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" وأهلها ينصف بعضهم بعضاً " وأخرجه ابن أبي حاتم، والخرائطي في مساوئ الأخلاق موقوفاً على جرير. وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك ﴿ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ قال : أهل دين واحد أهل ضلالة أو أهل هدى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ قال : أهل الحق وأهل الباطل ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : أهل الحق ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للرحمة. وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، عنه ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : إلا أهل رحمته فإنهم لا يختلفون. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، قال : لا يزالون مختلفين في الأهواء. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عطاء بن أبي رباح ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ أي : اليهود والنصارى والمجوس والحنيفية، وهم الذين رحم ربك الحنيفية. وأخرج هؤلاء عن الحسن في الآية قال : الناس مختلفون على أديان شتى إلا من رحم ربك، فمن رحم ربك غير مختلف ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للاختلاف. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ قال : أهل الباطل ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : أهل الحق ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للرحمة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة نحوه. وأخرجا عن الحسن قال : لا يزالون مختلفين في الرزق. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، ولذلك خلقهم قال : خلقهم فريقين : فريقاً يرحم فلا يختلف، وفريقاً لا يرحم يختلف، فذلك قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاء الرسل مَا نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ لتعلم يا محمد ما لقيت الرسل قبلك من أممهم. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال :﴿ وَجَاءكَ فِي هذه الحق ﴾ قال : في هذه السورة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أبي موسى الأشعري مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن سعيد بن جبير مثله أيضاً.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة، قال : في هذه الدنيا.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ اعملوا على مَكَانَتِكُمْ ﴾ أي : منازلكم. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج ﴿ وانتظروا إِنَّا مُنتَظِرينَ ﴾ قال : يقول انتظروا مواعيد الشيطان إياكم على ما يزين لكم، وفي قوله :﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمر كُلُّهُ ﴾ قال : فيقضي بينهم بحكم العدل. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن الضريس في فضائل القرآن، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن كعب قال : فاتحة التوراة فاتحة الأنعام، وخاتمة التوراة خاتمة هود ﴿ وَللَّهِ غَيْبُ السموات والأرض ﴾ إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد ﴿ واتبع الذين ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ ﴾ قال : في ملكهم وتجبرهم، وتركهم الحق. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ من طريق ابن جريج، قال : قال ابن عباس : أترفوا فيه : أبطروا فيه.
وأخرج الطبراني، وأبو الشيخ، وابن مردويه، والديلمي عن جرير، قال :«سمعت رسول الله يسأل عن تفسير هذه الآية ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" وأهلها ينصف بعضهم بعضاً " وأخرجه ابن أبي حاتم، والخرائطي في مساوئ الأخلاق موقوفاً على جرير. وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك ﴿ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ قال : أهل دين واحد أهل ضلالة أو أهل هدى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ قال : أهل الحق وأهل الباطل ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : أهل الحق ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للرحمة. وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، عنه ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : إلا أهل رحمته فإنهم لا يختلفون. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، قال : لا يزالون مختلفين في الأهواء. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عطاء بن أبي رباح ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ أي : اليهود والنصارى والمجوس والحنيفية، وهم الذين رحم ربك الحنيفية. وأخرج هؤلاء عن الحسن في الآية قال : الناس مختلفون على أديان شتى إلا من رحم ربك، فمن رحم ربك غير مختلف ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للاختلاف. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ قال : أهل الباطل ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : أهل الحق ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للرحمة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة نحوه. وأخرجا عن الحسن قال : لا يزالون مختلفين في الرزق. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، ولذلك خلقهم قال : خلقهم فريقين : فريقاً يرحم فلا يختلف، وفريقاً لا يرحم يختلف، فذلك قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاء الرسل مَا نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ لتعلم يا محمد ما لقيت الرسل قبلك من أممهم. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال :﴿ وَجَاءكَ فِي هذه الحق ﴾ قال : في هذه السورة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أبي موسى الأشعري مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن سعيد بن جبير مثله أيضاً.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة، قال : في هذه الدنيا.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ اعملوا على مَكَانَتِكُمْ ﴾ أي : منازلكم. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج ﴿ وانتظروا إِنَّا مُنتَظِرينَ ﴾ قال : يقول انتظروا مواعيد الشيطان إياكم على ما يزين لكم، وفي قوله :﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمر كُلُّهُ ﴾ قال : فيقضي بينهم بحكم العدل. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن الضريس في فضائل القرآن، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن كعب قال : فاتحة التوراة فاتحة الأنعام، وخاتمة التوراة خاتمة هود ﴿ وَللَّهِ غَيْبُ السموات والأرض ﴾ إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد ﴿ واتبع الذين ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ ﴾ قال : في ملكهم وتجبرهم، وتركهم الحق. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ من طريق ابن جريج، قال : قال ابن عباس : أترفوا فيه : أبطروا فيه.
وأخرج الطبراني، وأبو الشيخ، وابن مردويه، والديلمي عن جرير، قال :«سمعت رسول الله يسأل عن تفسير هذه الآية ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" وأهلها ينصف بعضهم بعضاً " وأخرجه ابن أبي حاتم، والخرائطي في مساوئ الأخلاق موقوفاً على جرير. وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك ﴿ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ قال : أهل دين واحد أهل ضلالة أو أهل هدى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ قال : أهل الحق وأهل الباطل ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : أهل الحق ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للرحمة. وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، عنه ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : إلا أهل رحمته فإنهم لا يختلفون. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، قال : لا يزالون مختلفين في الأهواء. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عطاء بن أبي رباح ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ أي : اليهود والنصارى والمجوس والحنيفية، وهم الذين رحم ربك الحنيفية. وأخرج هؤلاء عن الحسن في الآية قال : الناس مختلفون على أديان شتى إلا من رحم ربك، فمن رحم ربك غير مختلف ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للاختلاف. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ قال : أهل الباطل ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : أهل الحق ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للرحمة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة نحوه. وأخرجا عن الحسن قال : لا يزالون مختلفين في الرزق. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، ولذلك خلقهم قال : خلقهم فريقين : فريقاً يرحم فلا يختلف، وفريقاً لا يرحم يختلف، فذلك قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاء الرسل مَا نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ لتعلم يا محمد ما لقيت الرسل قبلك من أممهم. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال :﴿ وَجَاءكَ فِي هذه الحق ﴾ قال : في هذه السورة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أبي موسى الأشعري مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن سعيد بن جبير مثله أيضاً.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة، قال : في هذه الدنيا.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ اعملوا على مَكَانَتِكُمْ ﴾ أي : منازلكم. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج ﴿ وانتظروا إِنَّا مُنتَظِرينَ ﴾ قال : يقول انتظروا مواعيد الشيطان إياكم على ما يزين لكم، وفي قوله :﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمر كُلُّهُ ﴾ قال : فيقضي بينهم بحكم العدل. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن الضريس في فضائل القرآن، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن كعب قال : فاتحة التوراة فاتحة الأنعام، وخاتمة التوراة خاتمة هود ﴿ وَللَّهِ غَيْبُ السموات والأرض ﴾ إلى آخر الآية.
وقيل : المعنى : وجاءك في هذه الدنيا الحق، وهو النبوّة، وعلى التفسير الأوّل، يكون تخصص هذه السورة بمجيء الحق فيها مع كونه قد جاء في غيرها من السور، لقصد بيان اشتمالها على ذلك، لا بيان كونه موجوداً فيها دون غيرها.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد ﴿ واتبع الذين ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ ﴾ قال : في ملكهم وتجبرهم، وتركهم الحق. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ من طريق ابن جريج، قال : قال ابن عباس : أترفوا فيه : أبطروا فيه.
وأخرج الطبراني، وأبو الشيخ، وابن مردويه، والديلمي عن جرير، قال :«سمعت رسول الله يسأل عن تفسير هذه الآية ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" وأهلها ينصف بعضهم بعضاً " وأخرجه ابن أبي حاتم، والخرائطي في مساوئ الأخلاق موقوفاً على جرير. وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك ﴿ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ قال : أهل دين واحد أهل ضلالة أو أهل هدى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ قال : أهل الحق وأهل الباطل ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : أهل الحق ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للرحمة. وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، عنه ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : إلا أهل رحمته فإنهم لا يختلفون. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، قال : لا يزالون مختلفين في الأهواء. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عطاء بن أبي رباح ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ أي : اليهود والنصارى والمجوس والحنيفية، وهم الذين رحم ربك الحنيفية. وأخرج هؤلاء عن الحسن في الآية قال : الناس مختلفون على أديان شتى إلا من رحم ربك، فمن رحم ربك غير مختلف ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للاختلاف. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ قال : أهل الباطل ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : أهل الحق ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للرحمة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة نحوه. وأخرجا عن الحسن قال : لا يزالون مختلفين في الرزق. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، ولذلك خلقهم قال : خلقهم فريقين : فريقاً يرحم فلا يختلف، وفريقاً لا يرحم يختلف، فذلك قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاء الرسل مَا نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ لتعلم يا محمد ما لقيت الرسل قبلك من أممهم. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال :﴿ وَجَاءكَ فِي هذه الحق ﴾ قال : في هذه السورة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أبي موسى الأشعري مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن سعيد بن جبير مثله أيضاً.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة، قال : في هذه الدنيا.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ اعملوا على مَكَانَتِكُمْ ﴾ أي : منازلكم. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج ﴿ وانتظروا إِنَّا مُنتَظِرينَ ﴾ قال : يقول انتظروا مواعيد الشيطان إياكم على ما يزين لكم، وفي قوله :﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمر كُلُّهُ ﴾ قال : فيقضي بينهم بحكم العدل. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن الضريس في فضائل القرآن، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن كعب قال : فاتحة التوراة فاتحة الأنعام، وخاتمة التوراة خاتمة هود ﴿ وَللَّهِ غَيْبُ السموات والأرض ﴾ إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد ﴿ واتبع الذين ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ ﴾ قال : في ملكهم وتجبرهم، وتركهم الحق. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ من طريق ابن جريج، قال : قال ابن عباس : أترفوا فيه : أبطروا فيه.
وأخرج الطبراني، وأبو الشيخ، وابن مردويه، والديلمي عن جرير، قال :«سمعت رسول الله يسأل عن تفسير هذه الآية ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" وأهلها ينصف بعضهم بعضاً " وأخرجه ابن أبي حاتم، والخرائطي في مساوئ الأخلاق موقوفاً على جرير. وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك ﴿ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ قال : أهل دين واحد أهل ضلالة أو أهل هدى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ قال : أهل الحق وأهل الباطل ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : أهل الحق ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للرحمة. وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، عنه ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : إلا أهل رحمته فإنهم لا يختلفون. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، قال : لا يزالون مختلفين في الأهواء. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عطاء بن أبي رباح ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ أي : اليهود والنصارى والمجوس والحنيفية، وهم الذين رحم ربك الحنيفية. وأخرج هؤلاء عن الحسن في الآية قال : الناس مختلفون على أديان شتى إلا من رحم ربك، فمن رحم ربك غير مختلف ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للاختلاف. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ قال : أهل الباطل ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : أهل الحق ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للرحمة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة نحوه. وأخرجا عن الحسن قال : لا يزالون مختلفين في الرزق. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، ولذلك خلقهم قال : خلقهم فريقين : فريقاً يرحم فلا يختلف، وفريقاً لا يرحم يختلف، فذلك قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاء الرسل مَا نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ لتعلم يا محمد ما لقيت الرسل قبلك من أممهم. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال :﴿ وَجَاءكَ فِي هذه الحق ﴾ قال : في هذه السورة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أبي موسى الأشعري مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن سعيد بن جبير مثله أيضاً.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة، قال : في هذه الدنيا.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ اعملوا على مَكَانَتِكُمْ ﴾ أي : منازلكم. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج ﴿ وانتظروا إِنَّا مُنتَظِرينَ ﴾ قال : يقول انتظروا مواعيد الشيطان إياكم على ما يزين لكم، وفي قوله :﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمر كُلُّهُ ﴾ قال : فيقضي بينهم بحكم العدل. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن الضريس في فضائل القرآن، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن كعب قال : فاتحة التوراة فاتحة الأنعام، وخاتمة التوراة خاتمة هود ﴿ وَللَّهِ غَيْبُ السموات والأرض ﴾ إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد ﴿ واتبع الذين ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ ﴾ قال : في ملكهم وتجبرهم، وتركهم الحق. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ من طريق ابن جريج، قال : قال ابن عباس : أترفوا فيه : أبطروا فيه.
وأخرج الطبراني، وأبو الشيخ، وابن مردويه، والديلمي عن جرير، قال :«سمعت رسول الله يسأل عن تفسير هذه الآية ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" وأهلها ينصف بعضهم بعضاً " وأخرجه ابن أبي حاتم، والخرائطي في مساوئ الأخلاق موقوفاً على جرير. وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك ﴿ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ قال : أهل دين واحد أهل ضلالة أو أهل هدى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ قال : أهل الحق وأهل الباطل ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : أهل الحق ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للرحمة. وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، عنه ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : إلا أهل رحمته فإنهم لا يختلفون. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، قال : لا يزالون مختلفين في الأهواء. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عطاء بن أبي رباح ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ أي : اليهود والنصارى والمجوس والحنيفية، وهم الذين رحم ربك الحنيفية. وأخرج هؤلاء عن الحسن في الآية قال : الناس مختلفون على أديان شتى إلا من رحم ربك، فمن رحم ربك غير مختلف ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للاختلاف. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ قال : أهل الباطل ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : أهل الحق ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للرحمة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة نحوه. وأخرجا عن الحسن قال : لا يزالون مختلفين في الرزق. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، ولذلك خلقهم قال : خلقهم فريقين : فريقاً يرحم فلا يختلف، وفريقاً لا يرحم يختلف، فذلك قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاء الرسل مَا نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ لتعلم يا محمد ما لقيت الرسل قبلك من أممهم. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال :﴿ وَجَاءكَ فِي هذه الحق ﴾ قال : في هذه السورة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أبي موسى الأشعري مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن سعيد بن جبير مثله أيضاً.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة، قال : في هذه الدنيا.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ اعملوا على مَكَانَتِكُمْ ﴾ أي : منازلكم. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج ﴿ وانتظروا إِنَّا مُنتَظِرينَ ﴾ قال : يقول انتظروا مواعيد الشيطان إياكم على ما يزين لكم، وفي قوله :﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمر كُلُّهُ ﴾ قال : فيقضي بينهم بحكم العدل. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن الضريس في فضائل القرآن، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن كعب قال : فاتحة التوراة فاتحة الأنعام، وخاتمة التوراة خاتمة هود ﴿ وَللَّهِ غَيْبُ السموات والأرض ﴾ إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد ﴿ واتبع الذين ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ ﴾ قال : في ملكهم وتجبرهم، وتركهم الحق. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ من طريق ابن جريج، قال : قال ابن عباس : أترفوا فيه : أبطروا فيه.
وأخرج الطبراني، وأبو الشيخ، وابن مردويه، والديلمي عن جرير، قال :«سمعت رسول الله يسأل عن تفسير هذه الآية ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" وأهلها ينصف بعضهم بعضاً " وأخرجه ابن أبي حاتم، والخرائطي في مساوئ الأخلاق موقوفاً على جرير. وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك ﴿ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ قال : أهل دين واحد أهل ضلالة أو أهل هدى. وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ قال : أهل الحق وأهل الباطل ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : أهل الحق ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للرحمة. وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، عنه ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : إلا أهل رحمته فإنهم لا يختلفون. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، قال : لا يزالون مختلفين في الأهواء. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عطاء بن أبي رباح ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ أي : اليهود والنصارى والمجوس والحنيفية، وهم الذين رحم ربك الحنيفية. وأخرج هؤلاء عن الحسن في الآية قال : الناس مختلفون على أديان شتى إلا من رحم ربك، فمن رحم ربك غير مختلف ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للاختلاف. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن مجاهد ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ قال : أهل الباطل ﴿ إِلاَّ مَن رَحِمَ رَبُّكَ ﴾ قال : أهل الحق ﴿ ولذلك خَلَقَهُمْ ﴾ قال : للرحمة. وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة نحوه. وأخرجا عن الحسن قال : لا يزالون مختلفين في الرزق. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، ولذلك خلقهم قال : خلقهم فريقين : فريقاً يرحم فلا يختلف، وفريقاً لا يرحم يختلف، فذلك قوله :﴿ فَمِنْهُمْ شَقِيٌ وَسَعِيد ﴾. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، عن ابن جريج، في قوله :﴿ وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاء الرسل مَا نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ لتعلم يا محمد ما لقيت الرسل قبلك من أممهم. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال :﴿ وَجَاءكَ فِي هذه الحق ﴾ قال : في هذه السورة. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن أبي موسى الأشعري مثله. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن سعيد بن جبير مثله أيضاً.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة، قال : في هذه الدنيا.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ﴿ اعملوا على مَكَانَتِكُمْ ﴾ أي : منازلكم. وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن جريج ﴿ وانتظروا إِنَّا مُنتَظِرينَ ﴾ قال : يقول انتظروا مواعيد الشيطان إياكم على ما يزين لكم، وفي قوله :﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمر كُلُّهُ ﴾ قال : فيقضي بينهم بحكم العدل. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن الضريس في فضائل القرآن، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن كعب قال : فاتحة التوراة فاتحة الأنعام، وخاتمة التوراة خاتمة هود ﴿ وَللَّهِ غَيْبُ السموات والأرض ﴾ إلى آخر الآية.