تفسير سورة هود

جهود ابن عبد البر في التفسير

تفسير سورة سورة هود من كتاب جهود ابن عبد البر في التفسير
لمؤلفه ابن عبد البر . المتوفي سنة 463 هـ

٢٦٢- قال الله تعالى :﴿ فما لبث أن جاء بعجل حنيذ ﴾، أي مشوي. ( س : ٢٧/١٨٩ )
٢٦٣- أخبرني خلف بن القاسم قال : حدثنا أحمد بن صالح عن عمر المقري، حدثنا أحمد بن جعفر المنادي، حدثنا العباس بن محمد بن حاتم الدوري، حدثنا سفيان الثوري عن ليث عن مجاهد، في قوله- عز وجل- :﴿ هؤلاء بناتي ﴾، قال : كل نبي أبو أمته.
وذكر الفريابي عن سفيان، عن طلحة، عن عطاء، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ هذه الآية :﴿ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم-وهو أب لهم- وأزواجه أمهاتهم ﴾١.
وأخبرنا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا ابن وضاح، حدثنا موسى بن معاوية، حدثنا وكيع عن سفيان، عن ليث عن مجاهد، في قوله :﴿ هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ﴾، قال : لم يكن بناته، ولكن نساء أمته وكل نبي هو أبو أمته٢. ( ت : ١١/١٧١ )
١ سورة الأحزاب: ٦..
٢ كذلك أخرجه ابن جرير بسنده إلى مجاهد. انظر جامع البيان: ١٢/٨٤..
٢٦٤- روي عن زيد بن أسلم في قول الله- عز وجل- :﴿ قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن تترك ما يعبد ءاباؤنا وأن تفعل في أموالنا ما تشاء ﴾، قال : كان ذلك قطع الدراهم والدنانير١.
وروى ابن القاسم، وابن وهب، وأشهب، عن مالك، أنه سئل عن قطع الدنانير والدراهم، فقرأ :﴿ قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن تترك ما يعبد ءاباؤنا وأن تفعل في أموالنا ما تشاء ﴾ يعني أن هذه الآية يراد بها نهي شعيب- عليه السلام- قومه عن قطع الدنانير والدراهم.
قال مالك : وهو من الفساد في الأرض، وفيه العقوبة من السلطان لمن قدر عليه، وهو قول الليث. ( س : ١٩/٢٢٤-٢٢٥ )
١ انظر جامع البيان: ١٢/١٠٢..
٢٦٥- الركون عند أهل اللغة السكون إلى الشيء والمحبة له، والإنصات إليه، ونقيضه النفور عنه، ومن ذلك قوله تعالى :﴿ ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ﴾. ( س : ١٦/١٤ )
٢٦٦- عن مجاهد :﴿ ولا يزالون مختلفين ﴾، قال : أهل الباطل.
﴿ إلا من رحم ربك ﴾، قال : أهل الحق ليس بينهم اختلاف. ( جامع بيان العلم وفضله : ٢/١٠٩ )
سورة هود
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورةُ (هُودٍ) من السُّوَر المكية، وقد افتُتِحت بتعظيمِ الكتاب ووصفِه بالإحكام والتفصيل، واشتملت على حقائقِ العقيدة وأصولِ الدعوة إلى الله، مرغِّبةً ومرهِّبةً، واصفةً أهوالَ ومشاهد يوم القيامة التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ كما جاء في الأثر، وقد جاء في السورةِ كثيرٌ من قصص الأنبياء؛ تسليةً للنبي صلى الله عليه وسلم، ولأخذِ العِبَر من حال الأنبياء، ودعوتِهم مع أقوامهم.

ترتيبها المصحفي
11
نوعها
مكية
ألفاظها
1946
ترتيب نزولها
52
العد المدني الأول
122
العد المدني الأخير
121
العد البصري
121
العد الكوفي
123
العد الشامي
122

* قوله تعالى: {أَلَآ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُۚ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ اْلصُّدُورِ} [هود: 5]:

عن محمَّدِ بن عبَّادِ بن جعفرٍ: أنَّه سَمِعَ ابنَ عباسٍ يَقرأُ: {أَلَآ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} [هود: 5]، قال: سألتُه عنها، فقال: «أناسٌ كانوا يَستحيُون أن يَتخلَّوْا فيُفضُوا إلى السماءِ، وأن يُجامِعوا نساءَهم فيُفضُوا إلى السماءِ؛ فنزَلَ ذلك فيهم». أخرجه البخاري (4681).

* قوله تعالى: {وَأَقِمِ اْلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ اْلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ اْلَّيْلِۚ إِنَّ اْلْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ اْلسَّيِّـَٔاتِۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّٰكِرِينَ} [هود: 114]:

عن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه: «أنَّ رجُلًا أصابَ مِن امرأةٍ قُبْلةً، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأخبَرَه؛ فأنزَلَ اللهُ عز وجل: {أَقِمِ اْلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ اْلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ اْلَّيْلِۚ إِنَّ اْلْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ اْلسَّيِّـَٔاتِۚ} [هود: ١١٤]، فقال الرَّجُلُ: يا رسولَ اللهِ، أَلِي هذا؟ قال: «لجميعِ أُمَّتي كلِّهم»». أخرجه البخاري (526).

وفي روايةٍ عنه رضي الله عنه، قال: «جاء رجُلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي أصَبْتُ مِن امرأةٍ كلَّ شيءٍ، إلا أنِّي لم أُجامِعْها، قال: فأنزَلَ اللهُ: {أَقِمِ اْلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ اْلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ اْلَّيْلِۚ إِنَّ اْلْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ اْلسَّيِّـَٔاتِۚ} [هود: ١١٤]». أخرجه أحمد (3854).

سُمِّيتْ سورةُ (هُودٍ) بهذا الاسمِ؛ لتكرُّرِ اسمه فيها خمسَ مرَّات، ولأنَّ ما حُكِي عنه فيها أطوَلُ مما حُكِي عنه في غيرها.

جاء في فضلِ سورة (هُودٍ): أنها السُّورة التي شيَّبتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم:

عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: يا رسولَ اللهِ، قد شِبْتَ! قال: «شيَّبتْني هُودٌ وأخواتُها». أخرجه البزار (٩٢).

جاءت موضوعاتُ سورةِ (هُودٍ) على النحو الآتي:

1. حقائق العقيدة (١-٢٤).

2. أصول الدعوة الإسلامية (١-٤).

3. مشهدٌ فريد ترجُفُ له القلوب (٥-٦).

4. اضطراب نفوس الكافرين (٧-١١).

5. تسلية الرسول (١٢-١٧).

6. حال الفريقين: الكافرين، والمؤمنين (١٨-٢٤).

7. حركة حقائقِ العقيدة (٢٥-٩٩).

8. قصة نوح مع قومه (٢٥-٤٩).

9. قصة هود مع قومه (٥٠-٦٠).

10. قصة صالح مع قومه (٦١-٦٨).

11. تبشير الملائكةِ لإبراهيم عليه السلام (٦٩-٧٦).

12. إجرام قوم لوط (٧٧-٨٣).

13. قصة شُعَيب مع قومه (٨٤-٩٥).

14. مُوجَز قصة موسى مع فِرْعون (٩٦-٩٩).

15. التعقيب على حقيقة العقيدة (١٠٠-١٢٣).

16. العِبْرة فيما قص الله علينا دنيا وآخرة (١٠٠-١٠٩).

17. الاختلاف في الحق، والركون إلى الظَّلمة (١١٠- ١١٥).

18. الفتنة تعُمُّ بسكوت الصالحين (١١٦-١١٩).

19. في القصص تثبيتٌ وتسلية للقلب (١٢٠-١٢٣).

ينظر: "التفسير الموضوعي للقرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (3 /445).

أشارت بدايةُ السُّورة بافتتاحها بـ(الأحرُفِ المقطَّعة: {الٓر}) إلى أن مقصدَها تعظيمُ هذا الكتاب، ووصفُ الكتاب بالإحكامِ والتفصيل، في حالتَيِ البِشارة والنِّذارة، المقتضي لوضعِ كلِّ شيء في أتَمِّ مَحالِّه، وإنفاذه - مهما أريدَ -، المُوجِب للقدرة على كل شيء، وفي ذلك تسليةُ النبي صلى الله عليه وسلم، وتثبيتٌ له على الحق: {فَاْصْبِرْۖ إِنَّ اْلْعَٰقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود: 49].

ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (2 /175).